إذا أرادت المرأة أن تخرج إلى المسجد لصلاة فريضة أو نافلة فلا تمنع من ذلك إذا أُمنت الفتنة منها وبها ، لقول النبي e : " لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللهِ " متفق عليه من حديث ابن عمر . ولأن هذا من عمل السلف الصالح , لكن يجب أن تخرج متسترة متحجبة ، غير متبرجة ولا متطيبة ، ولا رافعة صوتًا ، ولا مبدية زينة ، لقوله تعالى : ] وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا [ ( النور : 31 ) ، أي : لكن ما ظهر منها فلا يمكن إخفاؤه ، وذلك الجلباب والعباءة ونحوهما ، وروى أحمد وأهل السنن إلا ابن ماجة عَنْ أَبِي مُوسَى t عَنِ النَّبِيِّ e قَالَ : " إِذَا اسْتَعْطَرَتِ الْمَرْأَةُ فَمَرَّتْ عَلَى الْقَوْمِ لِيَجِدُوا رِيحَهَا فَهِيَ كَذَا وَكَذَا " قَالَ قَوْلًا شَدِيدًا ، وفي رواية الترمذي : يَعْنِي : زَانِيَةً . وروى أحمد وأبو داود عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t أنه لَقِيَتْهُ امْرَأَةٌ وَجَدَ مِنْهَا رِيحَ الطِّيبِ يَنْفَحُ وَلِذَيْلِهَا إِعْصَارٌ ، فَقَالَ : يَا أَمَةَ الْجَبَّارِ جِئْتِ مِنَ الْمَسْجِدِ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، قَالَ : وَلَهُ تَطَيَّبْتِ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، قَالَ : إِنِّي سَمِعْتُ حِبِّي أَبَا الْقَاسِمِ e يَقُولُ : " لَا تُقْبَلُ صَلَاةٌ لِامْرَأَةٍ تَطَيَّبَتْ لِهَذَا الْمَسْجِدِ حَتَّى تَرْجِعَ فَتَغْتَسِلَ غُسْلَهَا مِنَ الْجَنَابَةِ " ؛ وعند أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ e : " أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَصَابَتْ بَخُورًا فَلَا تَشْهَدْ مَعَنَا الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ " .
وإنما أوجب الشرع ذلك حفاظًا على المرأة ذاتها ، وعلى المجتمع من الفتنة بها ؛ فإن كان ذلك في زمن الطهر والعفاف والحشمة ، فلا ريب أنه في زماننا أولى ؛ فلتتقي الله المرأةُ المسلمة ، ولا تخرج لحاجة ولا لصلاة متطيبة متعطرة ، وهي تعلم أنها لابد أن تمر برجال ، وأنهم بلا ريب سيشموا منها ريحها ، وفق الله نساءنا لطاعته ؛ وهدانا والمسلمين سواء السبيل .. آمين .