صفوة الأمة -بعد الأنبياء -41

إنضم
19/09/2004
المشاركات
85
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
صفوة الأمة -بعد الأنبياء -41
الحلقة الواحدة والأربعون

الفاروق البطل

( إيها يا ابن الخطاب والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكا فجا قط إلا سلك فجا غير فجك)

النبي صلى الله عليه وسلم

[الصحابة والعلماء هم حملة ديننا إلى أن تقوم الساعة ، من حاول النيل منهم فهو يسهم في هدم الدين ، و ذلك دليل على أنه يمارس ما يمارسه بدون روية ولا تفكير ، ،ويهرف بما لا يعرف ، وتخفى عليه غاية

ونتيجة ممارسته ، أو أنه مغرض وعدو لهذا الدين العظيم وإلا فما فائدة النيل من أولئك العظماء الأفذاذ المصلحين ، الذين ضحوا بالغالي والرخيص من أجل هذا الدين حتى أوصلوه ويوصلوه إلينا نقيا صافيا ] .





سأنتقي بعض المواقف التي تشهد بشجاعة الفاروق رضي الله عنه ومنها:إعلان إسلامه يوم أن أسلم ؛ فقد تخير أشد أعداء الإسلام ليعلن له إسلامه ؛ وهو أبو جهل وأخبره بل انتقى شخصية عرفت بسرعة نشرها لما وصل إليها من أخبار بل صرخ بالقوم المجتمعين حول الكعبة ؛ يخبرهم بذلك واستمر يقاتلهم حتى طلعت الشمس :

حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان قال عمرو بن دينار سمعته قال قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما لما أسلم عمر اجتمع الناس عند داره وقالوا صبأ عمر وأنا غلام فوق ظهر بيتي فجاء رجل عليه قباء من ديباج فقال قد صبأ عمر فما ذاك فأنا له جار قال فرأيت الناس تصدعوا عنه فقلت من هذا قالوا العاص بن وائل .[1]

وأخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا وهب بن جرير حدثنا أبي قال سمعت محمد بن إسحاق يقول حدثنا نافع عن بن عمر قال لما أسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه لم تعلم قريش بإسلامه فقال(أي عمر) أي أهل مكة أنشأ للحديث؟ (أي أسرع نشرا لها) فقالوا جميل بن معمر الجمحي فخرج إليه وأنا معه أتبع أثره أعقل ما أرى وأسمع فأتاه فقال يا جميل إني قد أسلمت قال فوالله ما رد عليه كلمة حتى قام عامدا إلى المسجد فنادى أندية قريش فقال يا معشر قريش إن بن الخطاب قد صبأ فقال عمر كذب ولكني أسلمت وآمنت بالله وصدقت رسوله فثاوروه فقاتلهم حتى ركدت الشمس على رؤوسهم حتى فتر عمر وجلس فقاموا على رأسه فقال عمر افعلوا ما بدا لكم فوالله لو كنا ثلاث مائة رجل لقد تركتموها لنا أو تركناها لكم فبينما هم كذلك قيام عليه إذ جاء رجل عليه حلة حرير وقميص قومسي فقال ما بالكم فقالوا إن بن الخطاب قد صبأ قال : فمه امرؤ اختار دينا لنفسه أفتظنون أن بني عدي تسلم إليكم صاحبهم قال فكأنما كانوا ثوبا انكشف عنه فقلت له بعد بالمدينة يا أبت من الرجل الذي رد عنك القوم يومئذ فقال يا بني ذاك العاص بن وائل . [2]

قال ابن إسحاق : وحدثني نافع مولى عبد الله بن عمر ، عن ابن عمر قال (لما أسلم أبي عمر قال أي قريش أنقل للحديث ؟ فقيل له جميل بن معمر الجمحي . قال فغدا عليه قال عبد الله بن عمر : فعدوت أتبع أثره وأنظر ما يفعل وأنا غلام أعقل كل ما رأيت ، حتى جاءه فقال له أعلمت يا جميل أني قد أسلمت : ودخلت في دين محمد ؟ قال فوالله ما راجعه حتى قام يجر رداءه واتبعه عمر واتبعت أبي ، حتى إذا قام على باب المسجد صرخ بأعلى صوته يا معشر قريش ، وهم في أنديتهم حول باب الكعبة ، ألا إن عمر بن الخطاب قد صبأ قال يقول عمر من خلفه كذب ولكني قد أسلمت ، وشهدت أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله . وثاروا إليه فما برح يقاتلهم ويقاتلونه حتى قامت الشمس على رءوسهم . قال وطلح فقعد وقاموا على رأسه وهو يقول افعلوا ما بدا لكم فأحلف بالله أن لو قد كنا ثلثمائة رجل لتركناها لكم أو لتركتموها لنا ، قال فبينما هم على ذلك إذ أقبل شيخ من قريش ، عليه حلة حبرة وقميص موشى ، حتى وقف عليهم فقال ما شأنكم ؟ قالوا : صبأ عمر فقال فمه رجل اختار لنفسه أمرا ، فماذا تريدون ؟ أترون بني عدي بن كعب يسلمون لكم صاحبهم هكذا ؟ خلوا عن الرجل . قال فوالله لكأنما كانوا ثوبا كشط عنه . قال فقلت لأبي بعد أن هاجر إلى المدينة : يا أبت من الرجل الذي زجر القوم عنك بمكة يوم أسلمت ، وهم يقاتلونك ؟ فقال ذلك أي بني العاص بن وائل السهمي )

قال ابن هشام : حدثني بعض أهل العلم أنه قال يا أبت من الرجل الذي زجر القوم عنك يوم أسلمت ، وهم يقاتلونك ، جزاه الله خيرا ؟ قال يا بني ذاك العاص بن وائل لا جزاه الله خيرا .

وذكر قول عمر لجميل بن معمر الجمحي إني قد أسلمت ، وبايعت محمدا ، فصرخ جميل بأعلى صوته ألا إن عمر قد صبأ . [3]

جميل هذا هو الذي كان يقال له ذو القلبين وفيه نزلت في أحد الأقوال [4]قوله تعالى {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (4)}[5]

قال القرطبي : نزلت في جميل بن معمر الفهري، وكان رجلا حافظا لما يسمع. فقالت قريش: ما يحفظ هذه الأشياء إلا وله قلبان. وكان يقول: لي قلبان أعقل بهما أفضل من عقل محمد. فلما هزم المشركون يوم بدر ومعهم جميل بن معمر، رآه أبو سفيان في العير وهو معلق إحدى نعليه في يده والأخرى في رجله؛ فقال أبو سفيان: ما حال الناس؟ قال انهزموا. قال: فما بال إحدى نعليك في يدك والأخرى في رجلك؟ قال: ما شعرت إلا أنهما في رجلي؛ فعرفوا يومئذ أنه لو كان له قلبان لما نسي نعله في يده. وقال السهيلّي: كان جميل بن معمر الجمحّي، وهو ابن معمر بن حبيب بن وهب ابن حذافة بن جمح، واسم جمح: تيم؛ وكان يدعى ذا القلبين فنزلت فيه الآية، وفيه يقول الشاعر:
وكيف ثوائي بالمدينة بعد ما قضى وطرا منها جميل بن معمر.[6]

وحدثنا عبد الله قثنا أحمد بن محمد بن أيوب قثنا إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن الحارث عن بعض آل عمر أو عن بعض أهله قال قال عمر لما أسلمت تلك الليلة تذكرت أي أهل مكة أشد لرسول الله e عداوة حتى آتيه فأخبره أني قد أسلمت قال قلت أبو جهل بن هشام وكان من أخوال أم عمر حنتمة بنت هشام بن المغيرة فأقبلت حين أصبحت حتى ضربت عليه بابه فخرج إلي فقال مرحبا وأهلا يا بن أختي ما جاء بك قال قلت جئت أخبرك أني قد آمنت بالله ورسوله محمد e وصدقته بما جاء به قال فضرب بالباب في وجهي وقال قبحك الله وقبح ما جئت به فزعموا أن عمر بن الخطاب قال في إسلامه حين أسلم يذكر بدء إسلامه وما كان بينه وبين أخته فاطمة بنت الخطاب حين كان أمره وأمرها ما كان

الحمد لله ذي الفضل الذي وجبت

منه علينا اياد ما لها غير

وقد بدأنا فكذبنا فقال لنا

صدق الحديث نبي عنده الخبر



وقد ظلمت ابنة الخطاب ثم هدى

ربي عشية قالوا قد صبا عمر



وقد ندمت على ما كان من زللي

وظلمها حين تتلى عندها السور



لما دعت ربها ذا العرش جاهدة

والدمع من عينها عجلان ينحدر



ايقنت ان الذي تدعو لخالقها

وكاد يسبقني من عبرة درر



فقلت اشهد ان الله خالقنا

وان أحمد فينا اليوم مشتهر



نبي صدق أتى بالصدق من ثقة

وافى الأمانة ما في عوده خور



من هاشم في الذرى والأنف حيث ربت

منها الذوائب والأسماع والبصر



وحيث يلجأ ذو خوف ومفتقر

وحيث يسمو إذا ما فاخرت مضر



يتلو من الله آيات منزلة

يظل يسجد منها النجم والشجر



به هدى الله قوما من ضلالتهم

وقد أعدت لهم إذ ابلسوا سقر [7]

اللهم احشرنا مع نبيك صلى الله عليه وسلم وصحبه ؛ فإنك تعلم أننا إنما أحببناهم من أجلك ، ونكتب عنهم تقربا إليك .

وصل على حبيبك وآله وصحبه ما ذكرك الذاكرون آناء الليل وأطراف النهار .



--------------------------------------------------------------------------------

[1] - البخاري 3/1403 . رقم 3652 .

[2] - صحيح ابن حبان 15/ 302 . رقم 6879 .

[3] - أصله في البخاري

[4] - تفسير القرطبي عند تفسير الآية

[5] - سورة الأحزاب

[6] - القرطبي ( المرجع السابق )



[7] - فضائل الصحابة 1/ 284 . رقم 375 .
 
عودة
أعلى