صفوة الأمة بعد الأنبياء 28 تتمة

إنضم
19/09/2004
المشاركات
85
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
صفوة الأمة بعد الأنبياء 28 تتمة
11- ومن مناقبه تصديقه المطلق للنبي صلى الله عليه وسلم حتى في ظهر الغيب وحين تتجه الجموع لتكذيبه وخذلانه ما يدل على مكانة التصديق في نفسه فإنه شهد له بتصديقه حين كذبه الناس وواساه بماله ونفسه عند ما خذله الناس ...
12- دعاء النبي صلى الله عليه وسلم له بالمغفرة ثلاثا ... وهذا ثابت في كلما سبق وفيما يأتي بنصوص صحيحة مبنى هذه الصحة على نظام علمي لا يستطيع أحد ممن يحترم العلم والعقل أن يرده ...
13- ومنها صفاء قلبه على المسلمين وسرعة إعادة الصفا إلى ما كان إذا حدث ما يؤثر عليه .
ومما يدل على ذلك ما حدث به هشام بن عمار حدثنا صدقة بن خالد حدثنا زيد بن واقد عن بسر بن عبيد الله عن عائذ الله أبي إدريس عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال كنت جالسا عند النبي  إذ أقبل أبو بكر آخذا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته فقال النبي  أما صاحبكم فقد غامر فسلم وقال إني كان بيني وبين بن الخطاب شيء فأسرعت إليه ثم ندمت فسألته أن يغفر لي فأبى علي فأقبلت إليك فقال يغفر الله لك يا أبا بكر ثلاثا ثم إن عمر ندم فأتى منزل أبي بكر فسأل أثم أبو بكر فقالوا لا فأتى إلى النبي  فسلم فجعل وجه النبي  يتمعر حتى أشفق أبو بكر فجثا على ركبتيه فقال يا رسول الله والله أنا كنت أظلم مرتين فقال النبي  إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت وقال أبو بكر صدق وواساني بنفسه وماله فهل أنتم تاركو لي صاحبي مرتين فما أوذي بعدها (

14- ترتيبه في حب النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي الحديث الآتي ما يظهر مكانته في الحب بين الأصحاب في سؤال عمرو بن العاص رضي الله عنه أي الناس أحب إليك فقال :عائشة قال من الرجال قال أبوها وقد جاء في سبب سؤال عمرو أنه قال لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبش في وجهي حتى ظننت أني أحب الناس إليه فسألته طمعا وتأكدا مما أجده في الناس فما يزال يذكر غيري حتى سكت خوفا لئلا أجد نفسي في مؤخرة الركب في هذا . وهو يدل على ترتيب الصديق في نفس النبي صلى الله عليه :
وما حدث به إسحاق أخبرنا خالد بن عبد الله عن خالد الحذاء عن أبي عثمان أن رسول الله  بعث عمرو بن العاص على جيش ذات السلاسل قال فأتيته فقلت أي الناس أحب إليك قال عائشة قلت من الرجال قال أبوها قلت ثم من قال عمر فعد رجالا فسكت مخافة أن يجعلني في آخرهم
15- أنه مبشر بالجنة ومما يدل على ذلك كثير من الأدلة منها :حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه والذي رواه البخاري وغيره وقد تضمن بشارة النبي صلى الله عليه وسلم لجملة من الصحابة الكرام بالجنة وأولهم الخليفة الأول الصديق رضي الله عنه وفيه – هذا الحديث – كما قال سعيد بن المسيب – تأويل مواقع قبورهم أي النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم حيث جلس أبوبكر عن يمين النبي صلى الله عليه وسلم وعمر عن يساره وجلس عثمان أمامه فقد كانت قبورهم كأماكنهم على البئر فأبو بكر وعمر دفنا بجانبي النبي صلى الله عليه وسلم ودفن عثمان في البقيع أمامهم وهي صورة تقريبية تدل على أن التأويل في مكانه وقد يدل أيضا على مستقبل أماكنهم في الجنة والله أعلم .
وحديث سعيد بن المسيب قال أخبرني أبو موسى الأشعري أنه توضأ في بيته ثم خرج فقلت لألزمن رسول الله  ولأكونن معه يومي هذا قال فجاء المسجد فسأل عن النبي  فقالوا خرج ووجه ها هنا فخرجت على إثره أسأل عنه حتى دخل بئر أريس فجلست عند الباب وبابها من جريد حتى قضى رسول الله  حاجته فتوضأ فقمت إليه فإذا هو جالس على بئر أريس وتوسط قفها وكشف عن ساقيه ودلاهما في البئر فسلمت عليه ثم انصرفت فجلست عند الباب فقلت لأكونن بواب رسول الله  اليوم فجاء أبو بكر فدفع الباب فقلت من هذا فقال أبو بكر فقلت على رسلك ثم ذهبت فقلت يا رسول الله هذا أبو بكر يستأذن فقال ائذن له وبشره بالجنة فأقبلت حتى قلت لأبي بكر ادخل ورسول الله  يبشرك بالجنة فدخل أبو بكر فجلس عن يمين رسول الله  معه في القف ودلى رجليه في البئر كما صنع النبي  وكشف عن ساقيه ثم رجعت فجلست وقد تركت أخي يتوضأ ويلحقني فقلت إن يرد الله بفلان خيرا يريد أخاه يأت به فإذا إنسان يحرك الباب فقلت من هذا فقال عمر بن الخطاب فقلت على رسلك ثم جئت إلى رسول الله  فسلمت عليه فقلت هذا عمر بن الخطاب يستأذن فقال ائذن له وبشره بالجنة فجئت فقلت ادخل وبشرك رسول الله  بالجنة فدخل فجلس مع رسول الله  في القف عن يساره ودلى رجليه في البئر ثم رجعت فجلست فقلت إن يرد الله بفلان خيرا يأت به فجاء إنسان يحرك الباب فقلت من هذا فقال عثمان بن عفان فقلت على رسلك فجئت إلى رسول الله  فأخبرته فقال ائذن له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه فجئته فقلت له ادخل وبشرك رسول الله  بالجنة على بلوى تصيبك فدخل فوجد القف قد ملئ فجلس وجاهه من الشق الآخر قال شريك قال سعيد بن المسيب فأولتها قبورهم}
16- إشادة النبي صلى الله عليه وسلم بأبي بكر رضي الله عنه
فالنبي صلى الله عليه وسلم يشيد بأبي بكر في موقف بمكانه وزمانه وأحداثه التي لا تخفى أهميته على من له عقل راجح وذهن حي وهو يحترم الحقيقة والحق معا ولو كان هذا الذي هذه مواصفاته عدوا ... هؤلاء هم الذين يتوجه إليهم الخطاب ، ويرتجى منهم أن يستفيدوا منه لهؤلاء نكتب ونرجو لمن قصر عن هذه الصفات أن يرقى إليها ليستفيد مما يُكتَب ، ويقال ويُرى...
يقول الإمام العظيم البخاري :حدثنا مسدد حدثنا يزيد بن زريع حدثنا سعيد بن أبي عروبة وقال لي خليفة حدثنا محمد بن سواء وكهمس بن المنهال قالا حدثنا سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : صعد النبي  أحدا ومعه أبو بكر وعمر وعثمان فرجف بهم فضربه برجله( وقال اثبت أحد فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيدان(
17- مكانة الصديق عند الأصحاب ومكانة الصديق عند الله وعند رسوله صلى الله عليه وسلم معلومة ؛ في كتاب الله تعالى وفي سنة النبي صلى الله عليه وسلم وأما مكانته بين الأصحاب فنذكر هنا بعض الأمثلة أحدهما للإمام علي والثاني لأنس رضي الله عنهما وأرضاهما ليتبين مكانة الصديق عند صفوة الأمة بعد الأنبياء ، ومن لم يكفه كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عاليه وسلم وصفوة الأمة قلا شيء يكفيه .
قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى : حدثني الوليد بن صالح حدثنا عيسى بن يونس حدثنا عمر بن سعيد بن أبي الحسين المكي عن بن أبي مليكة عن بن عباس رضي الله عنهما قال إني لواقف في قوم فدعوا الله لعمر بن الخطاب وقد وضع على سريره إذا رجل من خلفي قد وضع مرفقه على منكبي يقول رحمك الله إن كنت لأرجو أن يجعلك الله مع صاحبيك لأني كثيرا مما كنت أسمع رسول الله  يقول كنت وأبو بكر وعمر وفعلت وأبو بكر وعمر وانطلقت وأبو بكر وعمر فإن كنت لأرجو أن يجعلك الله معهما فالتفت فإذا هو علي بن أبي طالب ي الله عنه ( )

18- خير أهل الأرض
حدثنا علي حدثنا سفيان قال عمرو سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال قال لنا رسول الله  يوم الحديبية أنتم خير أهل الأرض وكنا ألفا وأربعمائة ولو كنت أبصر اليوم لأريتكم مكان الشجرة تابعه الأعمش سمع سالما سمع جابرا ألفا وأربعمائة
هذا النص يدل على أن الصديق رضي الله عنه خير أهل الأرض مع جميع من حضر الحديبية وكان معهم ؛ وعددهم ألف وأربعمائة بل الأصحاب جميعا كما أوضحت روايات أخرى وبعض الشروح
19- وقد انتقل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى وهو عنهم راض وبخاصة الصديق فقد بقيت خوخة أبي بكر مفتوحة بأمر النبي صلى الله عليه وسلم عندما سدت بقيتها بأمر النبي صلى الله عليه وسلم وذلك في مرض موته صلى الله عليه وسلم وهذا يرد على من يرى غير هذا ...
يقول ابن حجر في شرح حديث الشجرة (هذا صريح في فضل أصحاب الشجرة فقد كان من المسلمين إذ ذاك جماعة بمكة وبالمدينة وبغيرهما وعند أحمد بإسناد حسن عن أبي سعيد الخدري قال لما كان بالحديبية قال النبي  لا توقدوا نارا بليل فلما كان بعد ذلك قال أوقدوا واصطنعوا فإنه لا يدرك قوم بعدكم صاعكم ولا مدكم وعند مسلم من حديث جابر مرفوعا لا يدخل النار من شهد بدرا والحديبية وروى مسلم أيضا من حديث أم مبشر أنها سمعت النبي  يقول لا يدخل النار أحد من أصحاب الشجرة وتمسك به بعض الشيعة في تفضيل علي على عثمان لأن عليا كان من جملة من خوطب بذلك وممن بايع تحت الشجرة وكان عثمان حينئذ غائبا كما تقدم في المناقب من حديث بن عمر لكن تقدم في حديث بن عمر المذكور أن النبي  بايع عنه فاستوى معهم عثمان في الخيرية المذكورة ولم يقصد في الحديث إلى تفضيل بعضهم على بعض واستدل به أيضا على أن الخضر ليس بحي لأنه لو كان حيا مع ثبوت كونه نبيا للزم تفضيل غير النبي على النبي وهو باطل فدل على أنه ليس بحي حينئذ وأجاب من زعم أنه حي باحتمال أن يكون حينئذ حاضرا معهم ولم يقصد إلى تفضيل بعضهم على بعض أو لم يكن على وجه الأرض بل كان في البحر والثاني جواب ساقط وعكس بن التين فاستدل به على أن الخضر ليس بنبي فبنى الأمر على أنه حي وأنه دخل في عموم من فضل النبي  أهل الشجرة عليهم وقد قدمنا الأدلة الواضحة على ثبوت نبوة الخضر في أحاديث الأنبياء وأغرب بن التين فجزم أن إلياس ليس بنبي وبناه على قول من زعم أنه أيضا حي وهو ضعيف أعني كونه حيا وأما كونه ليس بنبي فنفى باطل ففي القرآن العظيم وان إلياس لمن المرسلين فكيف يكون أحد من بني آدم مرسلا وليس بنبي قوله ولو كنت أبصر اليوم يعني أنه كان عمى في آخر عمره قوله تابعه الأعمش سمع سالما يعني بن أبي الجعد سمع جابرا ألفا وأربعمائة أي في قوله ألفا وأربعمائة وهذه الطريق وصلها المؤلف في آخر كتاب الأشربة وساق الحديث أتم مما هنا وبين في آخره الاختلاف فيه على سالم ثم على جابر في العدد المذكور وقد بينت وجه الجمع قريبا وقيل إنما عدل الصحابي عن قوله ألف وأربعمائة إلى قوله أربع عشرة مائة للإشارة إلى أن الجيش كان منقسما إلى المئات وكانت كل مائة ممتازة عن الأخرى إما بالنسبة إلى القبائل وإما بالنسبة إلى الصفات قال بن دحية الاختلاف في عددهم دال على أنه قيل بالتخمين وتعقب بإمكان الجمع كما تقدم .
وينبغي التنبه إلى القاعدة المعروفة في تقدير الناس لسابقتهم ولما قدموه ولو فرضنا جدلا أنه حدث أخطاء للبعض فإنهم غير معصومين وغيرخاف الأدلة على هذا والتي حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله  كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه

20- ومن الذي لم يخط قط ومن له الحسنى فقط
من المسلمات في النهج السوي الذي يتواءم مع الفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها أن الإنسان معرض لأخطاء تعتوره في سيرته في هذه الحياة فهو مركب من جسم وروح ويحمل شهوة ورغبات ناتجة عنها ، ويمر بلحظات تتراوح بين القوة والضعف ، والصعود والهبوط ، فيعلو الإنسان بالروح إلى مصاف الملائكة ، في أوقات تتجلى فيها مرحلة الصفاء ، وتهبط إلى الأرض عندما تنتابه فيها مراحل ضعف . فكان أن تضمن المنهج مراعاة ذلك وفتح باب التوبة على مصراعيه للأوبة ومراجعة النفس ، ولا تغلق أبواب التوبة حتى تقوم الساعة ، والوقوع في الخطاء تتفق مع قاعدة التوبة وإلا لما كان لوجود التوبة معنى ؛ هذا ألمنطلق في ذهن المؤمن السوي يقيه التيه التطبيقي العملي الذي ينحرف به عن النظرة السوية إلى الأمور فيقع في مضيعات الإفراط والتفريط والتبديع والتفسيق والشطط الذي يخرج عن الجادة ؛ فالصحابة الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم ليسوا معصومين من الخطأ الذي لا يسلم منه أحد ولكنه خطأ يختلف عن خطأ غيرهم ممن أتى بعدهم لقربهم من النبي صلى الله عليه وسلم الذي جعلهم خير القرون ... ولقد كان يحدث أخطاء في عصر النبوة وكان عليه الصلاة والسلام يعالجه ويسدد ما يبدر من أصحابه لكنه لم يكفر أحدا ولم يطرد أحدا ، ولم يبغض أحدا ولم ينتقص أحدا بل ورد النهي عن تناول العاصي بما يعين عليه الشيطان بل الأمر أكبر من ذلك حيث جاء النص بميزة الخطأ والتوبة منه ولو لم يكن ذلك لذهب بمن ليسوا كذلك وأتى بقوم يخطئون ويتوبون ... والعصمة من الخطأ فيما يتعلق بالدين للأنبياء عليهم السلام - فقط – ليبقى المنهج المنطلق من الوحي معصوما وأما غيرهم فليس أحد معصوما منه ، ومن انطلق من عصمة غيرهم فإنه يبني أحكامه وتصرفاته على انحراف عن النهج السوي والفطر السوية على أن الخليفة الأول الصديق خطأه نادر في سيرته الصحيحة والمواقف المتعددة . والأخطاء الواردة على سيرته رضي الله عنه تأويلات اجتهادية متعسفة من أصحاب الأهواء لا تثبت أمام البحث العلمي . وتصيد الأخطاء باب ولوجه سهل وميسور لمن ابتلي بهذا نسأل الله أن يحفظنا والمسلمين من ذلك .
قال الحاكم فيما رواه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله { كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون } هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه
21- منزلته من النبي صلى الله عليه وسلم في عمر الإسلام منذ أن بزغ فجره بمبعث النبي صلى الله عليه وسلم ، إلى أن كانت التهيئة للقاء الحبيب لربه سبحانه وتعالى ... فهاهو الحبيب الذي لا يمكن أن ينسى معروف أحد ؛لم ينس معروف أبي بكر وحاشاه أن ينسى فمن يرقى إلى درجته صلى الله عليه وسلم في ميادين الوفاء والمعروف إلى من أسداه كما هو شأنه في جميع الصفات الحميدة ؛ يضرب فيها أروع مثل وأوفى مكيال ؛ هاهو يذكر ذلك لصاحبه مكانته في آخر لحظة له في هذه الحياة وهذا دليل على أنه صلى الله عليه وسلم لقي الله تعالى وهو راض عن صاحبه الصديق ... وقد سد كل خوخة توصل إلى بيته عليه الصلاة والسلام ، غير خوخة الصديق رضي الله عنه مما يدل على علو منزلته ومرتبته وفي هذا وأمثاله إشارة إلى استحقاقه لتولي الخلافة من بعد النبي صلى الله عليه وسلم...
قال الإمام البخاري : حدثنا عبد الله بن محمد الجعفي قال حدثنا وهب بن جرير قال حدثنا أبي قال سمعت يعلى بن حكيم عن عكرمة عن بن عباس قال خرج رسول الله  في مرضه الذي مات فيه عاصبا رأسه بخرقة فقعد على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إنه ليس من الناس أحد أمن علي في نفسه وماله من أبي بكر بن أبي قحافة ولو كنت متخذا من الناس خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن خلة الإسلام أفضل سدوا عني كل خوخة في هذا المسجد غير خوخة أبي بكر )
22- فقهه وسرعة فهمه وبديهته قال الإمام البخاري : حدثنا إسماعيل بن عبد الله قال حدثني مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن عبيد يعني بن حنين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله  جلس على المنبر فقال إن عبدا خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء وبين ما عنده فاختار ما عنده فبكى أبو بكر وقال فديناك بآبائنا وأمهاتنا فعجبنا له وقال الناس انظروا إلى هذا الشيخ يخبر رسول الله  عن عبد خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا وبين ما عنده وهو يقول فديناك بآبائنا وأمهاتنا فكان رسول الله  هو المخير وكان أبو بكر هو أعلمنا به وقال رسول الله  إن من أمن الناس علي في صحبته وماله أبا بكر ولو كنت متخذا خليلا من أمتي لاتخذت أبا بكر إلا خلة الإسلام لا يبقين في المسجد خوخة إلا خوخة أبي بكر )

23- موافقة رأيه لرأي النبي صلى الله عليه وسلم كما هو في وقائع كثيرة منها في صلح الحديبية ؛ عند ما كان عمر يراجع النبي صلى الله عليه وسلم ويراجع أبا بكر بعده وكل واحد وحده فيأتي رأي أبي بكر مطابقا لرأي النبي صلى الله عليه وسلم .
24- ثباته ودلائل ذلك كثيرة منها ثباته على الحق حتى توفاه الله تعالى : ومما يشير إلى ذلك قول الصديق رضي الله عنه لعروة (أمصص ببظر اللات أنحن نفر عنه وندعه؟ فقال من ذا ؟قالوا أبو بكر. قال أما والذي نفسي بيده لولا يد كانت لك عندي لم أجزك بها لأجبتك) دلالته بينة فقد كان إيمانه رضي الله عنه قويا ارتقى إلى درجة اليقين ولهذا استبعد التخلي عن نصرة الله ورسوله صلى الله عليه في أي حال من الأحوال ؛ مهما تكن الظروف بل الأمر بالنسبة له من المستحيلات التي لا يتطرق إليه شك البتة ... وقد وفى فلم يتخلى عن ذلك في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولا بعد أن لحق في الرفيق الأعلى إلى أن لقي الله تعالى وهو قائم بما وعد به وكانت الفتوحات الإسلامية تخوض غمار المعارك مع أكبر دولتين في ذك الوقت بعد أن خمد الفتن الداخلية في حربه للردة رضي الله عنه وأرضاه ... فمن مثل الصديق –بعد الأنبياء -!وأي عقلية تلك التي تسعى لانتقاصه ! وأي ظلام يستطيع حجب الشمس في رابعة النهار ؟! اللهم ثبت على الحق من هم قائمون فيه ، ورد ضال المسلمين إليه ردا جميلا...
25- إشادة النبي صلى الله عليه وسلم بإيمان الصديق والفاروق ؛ ومما يدل على ذلك النص الآتي :
( بينما راع في غنمه عدا عليه الذئب الحديث لم اقف على اسم هذا الراعي وقد اورد المصنف الحديث في ذكر بني إسرائيل وهو مشعر بأنه عنده ممن كان قبل الإسلام وقد وقع كلام الذئب لبعض الصحابة في نحو هذه القصة فروى أبو نعيم في الدلائل من طريق ربيعة بن أوس عن أنيس بن عمرو عن اهبان بن أوس قال كنت في غنم لي فشد الذئب على شاة منها فصحت عليه فأقعى الذئب على ذنبه يخاطبني وقال من لها يوم تشتغل عنها تمنعني رزقا رزقنيه الله تعالى فصفقت بيدي وقلت والله ما رأيت شيئا أعجب من هذا فقال أعجب من هذا هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين هذه النخلات يدعو إلى الله قال فأتى اهبان إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره واسلم فيحتمل ان يكون اهبان لما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك كان أبو بكر وعمر حاضرين ثم أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك وأبو بكر وعمر غائبين فلذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم فاني أومن بذلك وأبو بكر وعمر وقد تقدمت هذه الزيادة في هذه القصة من وجه آخر عن أبي سلمة في المزارعة وفيه قال أبو سلمة وما هما يومئذ في القوم أي عند حكاية النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ويحتمل أن يكون صلى الله عليه وسلم قال ذلك لما اطلع عليه من غلبة صدق إيمانهما وقوة يقينهما وهذا أليق بدخوله في مناقبهما قوله يوم السبع قال عياض يجوز ضم الموحدة وسكونها ألا أن الرواية بالضم وقال الحربي هو بالضم والسكون وجزم بان المراد به الحيوان المعروف وقال بن العربي هو بالإسكان والضم تصحيف كذا قال وقال بن الجوزي هو بالسكون والمحدثون يروونه بالضم وعلى هذا أي الضم فالمعنى إذا اخذها السبع لم يقدر على خلاصها منه فلا يرعاها حينئذ غيري أي انك تهرب منه وأكون أنا قريبا منه أرعى ما يفضل لي منها وقال الداودي معناه من لها يوم يطرقها السبع أي الأسد فتفر أنت منه فيأخذ منها حاجته وأتخلف إنا لا راعي لها حينئذ غيري وقيل إنما يكون ذلك عند الاشتغال بالفتن فتصير الغنم هملا فتنهبها السباع فيصير الذئب كالراعي لها لانفراده بها وأما بالسكون فاختلف في المراد به فقيل هو اسم الموضع الذي يقع فيه الحشر يوم القيامة وهذا نقله الأزهري في تهذيب اللغة عن بن الأعرابي ويؤيده انه وقع في بعض طرقه عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة يوم القيامة وقد تعقب هذا بان الذئب حينئذ لا يكون راعيا للغنم ولا تعلق له بها وقيل هو اسم يوم عيد كان لهم في الجاهلية يشتغلون فيه باللهو واللعب فيغفل الراعي عن غنمه فيتمكن الذئب من الغنم وانما قال ليس لها راع غيري مبالغة في تمكنه منها وهذا نقله الإسماعيلي عن أبي عبيدة وقيل هو من سبعت الرجل إذا ذعرته أي من لها يوم الفزع أو من اسبعته إذا اهملته أي من لها يوم الاهمال قال الأصمعي السبع الهمل واسبع الرجل اغنامه إذا تركها تصنع ما تشاء ورجح هذا القول النووي وقيل يوم الأكل يقال سبع الذئب الشاة إذا اكلها وحكى صاحب المطالع انه روي بسكون التحتانية اخر الحروف وفسره بيوم الضياع يقال اسبعت وأضيعت بمعنى وهذا نقله بن دحية عن إسماعيل القاضي عن علي بن المديني عن معمر بن المثنى وقيل المراد بيوم السبع يوم الشدة كما روي عن بن عباس انه سئل عن مسألة فقال اجرأ من سبع يريد انها من المسائل الشداد التي يشتد فيها الخطب على المفتي والله اعلم قوله وبينما رجل يسوق بقرة تقدم الكلام عليه في المزارعة ووقع عند بن حبان من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة في اخره في القصتين فقال الناس امنا بما امن به رسول الله  وفي الحديث جواز التعجب من خوارق العادات وتفاوت الناس في المعارف .
هذه شهادة من لا ينطق عن الهوى شهادة للعمرين لا تزنها مثاقيل الجبال من الذهب والفظة بل لا نزنها الدنيا بما تتضمنه من متاع الحياة ؛ شهادة يفخر بها العمران وأهل الحق الذين ينظرون إلى الأمور بمنظار الحق الواضح الذي لا يقف أمام رؤيته هوى ولا جهل ، ولا حسد ولا ولا ... ولا شيء من معكرات الرؤية فالحمد لله على نعمته نسأل الله ألا يسلبنا هذه النعمة ...

26- سابقة الإنسان المشرقة ينبغي أن تحسب له ، وهو مبدأ إسلامي ثابت في كتاب الله تعالى ، وفي سنة نبيه عليه الصلاة والسلام . والنصوص في هذا معلومة . والصحابة رضوان الله عليهم سابقتهم معلومة أشاد بها الله تعالى في كتابه وأشاد بها نبيه صلى الله عليه وسلم في سنته . والقرآن الكريم لم يمدح أحدا ثم انتكس ، أو بدل أو غير ، والذي علم الله أنه سيهلك على مجانبة الصواب ذكره بالاسم ... وهي[فضل السبق] سنة معمول بها حتى في القوانين التي لا تستند إلى وحي في تقدير صاحب السابقة ؛ وإن حدث له شيء ؛ فليس هناك أحد معصوم من الخطأ . أفيليق بالمسلم أن يعترض على الله تعالى أو على رسوله صلى الله عليه وسلم فيما قد قُرر في الكتاب المعصوم ، والسنة المطهرة ، والسيرة العطرة ، وينقض قواعد ومبادئ أعظم ثبوتا من الجبال الرواسي ...! ويتجهم بوجهه تجاه كل الأعراف والمسلمات ...
ومن الأدلة على اعتبار السابقة مبدأ وقاعدة ثابتة قول الله تعالى ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم )
وهي شهادة من الله للصحابة الكرام والبشارة لهم بالجنة والذين اتبعوهم من صغار الصحابة ومن سار على النهج إلى يوم الدين .
وقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام البخاري في عدد من الروايات حيث قال رحمه الله تعالى :
(حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان حدثنا عمرو بن دينار سمعته منه مرتين قال أخبرني حسن بن محمد قال أخبرني عبيد الله بن أبي رافع قال سمعت عليا رضي الله عنه يقول بعثني رسول الله  أنا والزبير والمقداد بن الأسود قال انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة ومعها كتاب فخذوه منها فانطلقنا تعادى بنا خيلنا حتى انتهينا إلى الروضة فإذا نحن بالظعينة فقلنا أخرجي الكتاب فقالت ما معي من كتاب فقلنا لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب فأخرجته من عقاصها فأتينا به رسول الله  فإذا فيه من حاطب بن أبي بلتعة إلى أناس من المشركين من أهل مكة يخبرهم ببعض أمر رسول الله  فقال رسول الله  يا حاطب ما هذا قال يا رسول الله لا تعجل علي إني كنت امرأ ملصقا في قريش ولم أكن من أنفسها وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات بمكة يحمون بها أهليهم وأموالهم فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ عندهم يدا يحمون بها قرابتي وما فعلت كفرا ولا ارتدادا ولا رضا بالكفر بعد الإسلام فقال رسول الله  لقد صدقكم قال عمر يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق قال إنه قد شهد بدرا وما يدريك لعل الله أن يكون قد اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم )
وحدثني محمد بن عبد الله بن حوشب الطائفي حدثنا هشيم أخبرنا حصين عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن وكان عثمانيا فقال لابن عطية وكان علويا إني لأعلم ما الذي جرأ صاحبك على الدماء سمعته يقول بعثني النبي صلى الله عليه وسلم والزبير فقال ائتوا روضة كذا وتجدون بها امرأة أعطاها حاطب كتابا فأتينا الروضة فقلنا الكتاب قالت لم يعطني فقلنا لتخرجن أو لأجردنك فأخرجت من حجزتها فأرسل إلى حاطب فقال لا تعجل والله ما كفرت ولا ازددت للإسلام إلا حبا ولم يكن أحد من أصحابك إلا وله بمكة من يدفع الله به عن أهله وماله ولم يكن لي أحد فأحببت أن اتخذ عندهم يدا فصدقه النبي صلى الله عليه وسلم قال عمر دعني أضرب عنقه فإنه قد نافق فقال ما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فهذا الذي جرأه )
وحدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار قال أخبرني الحسن بن محمد أنه سمع عبيد الله بن أبي رافع يقول سمعت عليا رضي الله عنه يقول بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد فقال انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها قال فانطلقنا تعادى بنا خيلنا حتى أتينا الروضة فإذا نحن بالظعينة قلنا لها أخرجي الكتاب قالت ما معي كتاب فقلنا لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب قال فأخرجته من عقاصها فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا فيه من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس بمكة من المشركين يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا حاطب ما هذا قال يا رسول الله لا تعجل علي إني كنت امرأ ملصقا في قريش يقول كنت حليفا ولم أكن من أنفسها وكان من معك من المهاجرين من لهم قرابات يحمون أهليهم وأموالهم فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ عندهم يدا يحمون قرابتي ولم أفعله ارتدادا عن ديني ولا رضا بالكفر بعد الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما إنه قد صدقكم فقال عمر يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق فقال إنه قد شهد بدرا وما يدريك لعل الله اطلع على من شهد بدرا فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم فأنزل الله السورة  يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق  إلى قوله  فقد ضل سواء السبيل )
و حدثنا الحميدي حدثنا سفيان حدثنا عمرو بن دينار قال حدثني الحسن بن محمد بن علي أنه سمع عبيد الله بن أبي رافع كاتب علي يقول سمعت عليا رضي الله عنه يقول بعثني رسول الله  أنا والزبير والمقداد فقال انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها فذهبنا تعادى بنا خيلنا حتى أتينا الروضة فإذا نحن بالظعينة فقلنا أخرجي الكتاب فقالت ما معي من كتاب فقلنا لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب فأخرجته من عقاصها فأتينا به النبي  فإذا فيه من حاطب بن أبي بلتعة إلى أناس من المشركين ممن بمكة يخبرهم ببعض أمر النبي  فقال النبي  ما هذا يا حاطب قال لا تعجل علي يا رسول الله إني كنت امرأ من قريش ولم أكن من أنفسهم وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها أهليهم وأموالهم بمكة فأحببت إذ فاتني من النسب فيهم أن أصطنع إليهم يدا يحمون قرابتي وما فعلت ذلك كفرا ولا ارتدادا عن ديني فقال النبي  إنه قد صدقكم فقال عمر دعني يا رسول الله فأضرب عنقه فقال إنه شهد بدرا وما يدريك لعل الله عز وجل اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم قال عمرو ونزلت فيه  يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء )

27-ومن مزايا الصديق رضي الله عنه وأرضاه، وعن جميع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قوة إيمانه التي ترجح في الميزان على إيمان الأمة ، وهي مسألة كالمشاهدة في الحياة العملية التطبيقية للصديق ؛ في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، وبعد أن لحق بالرفيق الأعلى صلى الله عليه وسلم .والأمثلة الواضحة الصحيحة تشهد على صحة قوة إيمان الصديق أبي بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فأما في حياته عليه الصلاة والسلام فقد صدقه وآمن به من أول لحظة ، لم يتلكأ عليه رضوان الله تعالى؛ في أي موقف من المواقف ، وصبيحة أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم صدقه وآمن بما حصل للنبي صلى الله عليه وسلم بقوله : إن قال ذلك فقد صدق ! فلما قيل له في ذلك ؟ قال : إني لأصدقه بأكبر من ذلك ؛ إني لأصدقه بخبر السماء ، وكذلك في صلح الحديبية رأينا كيف كان موقفه إزاء ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم وكان رأيه يتوافق مع رأي النبي صلى الله عليه وسلم ، وسواها من المواقف ؛ فلم تسجل لنا النصوص أي موقف يناقض هذا ... وأما بعد أن لحق النبي صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى فإن مواقف الصديق الصلبة في المدلهمات العظام تجلت بقوة إيمانه ، وفهمه الصحيح والدقيق للإسلام والإيمان ومتطلباتهما فوقف تلك المواقف المشرفة وواجه الفتن حتى خرج بالأمة –بفضل من الله تعالى إلى بر الآمان وقاد السفينة والأمواج هوج فخرج بها سالمة معافاه تدق أبواب فارس والروم بل وصلت إليها وبدأت الدولتان تتهاوي قواها تباعا حيث واصل من حيث وانتهى الفاروق وكذا ذو النورين وأبو السبطين رضي الله عن الجميع . وبنى للأمة أسسا على ضوء بناء النبي صلى الله عليه وسلم كانت منطلقا لها تسير في في مشارق الأرض ومغاربها على ضوئها . فمن ذا الذي يفعل كأبي بكر الصديق صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام ورفيقه في الغار ، وملازمه في جميع غزواته وجهاده وفي الحرب والسلم ، وحامل دفة الدولة الإسلامية بعده عليه الصلاة والسلام في وقت حرج إلى الغاية ...
أولائك آبائي فجئني بمثلهم إذا جمعتنا يا جرير المجامع .
28- كفته راجحة بعد النبي صلى الله عليه وسلم والنصان الآتيان يشيران إلى ذلك كما يشيران إلى عقد الخلفاء وسير الخلافة بعد النبي صلى الله عليه وسلم وتحددان الخلافة الراشدة بثلاثين عاما . قال الحاكم في المستدرك :
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا حميد بن عياش الرملي ثنا المؤمل بن إسماعيل ثنا حماد بن سلمة عن سعيد بن جمهان عن سفينة مولى أم سلمة رضي الله عنها قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى الصبح ثم أقبل على أصحابه فقال أيكم رأى الليلة رؤيا قال فصلى ذات يوم فقال أيكم رأى رؤيا فقال رجل أنا رأيت يا رسول الله كأن ميزانا دلي به من السماء فوضعت في كفة ووضع أبو بكر من كفة أخرى فرجحت بأبي بكر فرفعت وترك أبو بكر مكانه فجيىء بعمر بن الخطاب فوضع في الكفة الأخرى فرجح به أبو بكر فرفع أبو بكر وجيىء بعثمان فوضع في الكفة الأخرى فرجح عمر بعثمان ثم رفع عمر وعثمان ورفع الميزان قال فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال خلافة النبوة ثلاثون عاما ثم تكون ملك قال سعيد بن جمهان فقال لي سفينة أمسك سنتي أبي بكر وعشر عمر واثنتي عشرة عثمان وست علي رضي الله عنهم أجمعين وقد أسندت هذه الروايات بإسناد صحيح مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم
وأخبرناه أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار ثنا أحمد بن مهدي بن رستم ثنا موسى بن هارون البردي ثنا محمد بن حرب حدثني الزبيدي عن الزهري عن عمرو بن أبان بن عثمان بن عفان عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله  قال أري الليلة رجل صالح أن أبا بكر رضي الله عنه نيط برسول الله  ونيط عمر بأبي بكر ونيط عثمان بعمر قال جابر فلما قمنا من عند النبي  قلنا الرجل الصالح النبي  وأما ما ذكر من نوط بعضهم بعضا فهم ولاة هذا الأمر الذي بعث الله به نبيه  ولعاقبة هذا الحديث إسناد صحيح عن أبي هريرة ولم يخرجاه .

29-أمانته وخوفه من الله تعالى فيما ولي عليه حيث دعى إلى مراقبة سيره في قيادة الأمة دعوة صادقة بفقه وفهم ؛ في تسديده فيما أصاب ، وتقويمه فيما أخطأ فإن ذلك أساس كل حكم صالح نافع للراعي والرعية ...
30- وثمة ملحظ في الخطبة في ورعه من أخذ الأجرة على انشغاله بالخلافة عن كفاية بيته وولده فقد أوصى بردها إلى بيت المال . رضي الله عنه وعن جميع الصحابه الكرام ...
فمن مثل أبي بكر الصديق بعد الأنبياء يوم أن كان مسئولا عليه ، ويوم أن أصبح مسئولا وخليفة ورضي الله عنه في الأولين والآخرين .

لقد كان ذا عقل راجح ، وأعتذر من قصور تعبيري عن أعظم شخصية بعد الأنبياء سائلا الله تعالى أن يعفو عني فيما قصرت وأن يحفظ مكانة هذا القائد العظيم في نفوس المسلمين ، وأن يخرس ألسنا تنال منه ، وقلوبا مريضة تحمل الحقد عليه ... وأختم بأبيات ذكرت الصديق في ثناياها
للأديب موسى بن بهيج الأندلسي على لسان أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهم حيث قال :

مَنْ ذا يُفاخِرُني وينْكِرُ صُحبتـي""ومُحَمَّدٌ فـي حِجْـره رَبَّانـي؟
وأذختُ عن أبوي ديـنَ محمـدٍ""وهُما على الإسلامِ مُصطَحِبانـيِ
وأبي أقـامَ الدِّيـن بَعْـدَ مُحمـدٍ""فالنَّصْلُ نصلي والسِّنان سِنانـي
والفَخرُ فخري والخلافةُ في أبي""حَسبي بهـذا مَفْخَـراً وكَفانـي
وأنا ابْنَةُ الصِّديقِ صاحبِ أحمـدٍ""وحَبيبهِ فـي السِّـرِّ والإعـلانِ
نصـرَ النبـيَّ بمالـهِ وفِعالـه""وخُروجهِ مَعَـهُ مـن الأوطـانِ
ثانيه في الغارِِ الذي سَدَّ الكُـوَى""بِردائـهِ أكـرِم بِـهِ مـنْ ثـانِ
وجفا الغِنى حتى تَخلـل بالعبـا""زُهـداُ وأذعن أيَّمـا إذعـانِ
وتخللتْ مَعَـهُ ملائكـةُ السمـا""وأتتهُ بُشـرى الـهِ بالرضـوانِ
وهو الذي لم يخشَ لَومـةً لائـمٍ""في قتلِ أهلِ البَغْـيِ والعُـدوانِ
قتلَ الأُلى مَنَعوا الزكاة بكُفْرهـم"" وأذل أهـلَ الكُفـر والطُّغيـانِ
سَبقَ الصَّحابةَ والقَرابـةَ للهدى""هو شَيْخُهُم في الفضلِ والإحسانِ
واللهِ ما استبَقُوا لنيـلِ فضيلـةٍ""مَثلَ استباقِ الخيل يـومَ رهـانِ
إلا وطارَ أبـي إلـي عليائِهـا""فمكانُـه منهـا أجـلُّ مـكـانِ
ويـلٌ لِعبـدٍ خـانَ آلَ مُحمـدٍ"" بعَـداوةِ الأزواجِ والأخـتـانِ
طُُوبى لمن والى جماعةَ صحبـهِ""ويكون مِـن أحبابـه الحسنـانِ
بينَ الصحابـةِ والقرابـةِ أُلْفَـةٌ"" لا تستحيلُ بنزغَـةِ الشيطـانِ
هُمْ كالأَصابعِ في اليدينِ تواصُلاً""هل يستوي كَفٌ بغيـر بَنـانِ؟
حصرتْ صُدورُ الكافرين بوالدي""وقُلوبُهُمْ مُلِئَتْ مـن الأضغـانِ
حُبُّ البتولِ وبعلها لـم يختلِـفْ""مِن مِلَّـة الإسـلامِ فيـه اثنـانِ
أكـرم بأربعـةٍ أئمـةِ شرعنـا""فهُـمُ لبيـتِ الديـنِ كالأركـانِ
نُسجتْ مودتهم سدىٍ في لُحمـةٍ""فبناؤهـا مـن أثبـتِ البُنيـانِ
اللهُ ألـفَ بـيـن وُدِّ قلوبـهـم""ليغيـظَ كُـلَّ مُنافـق طـعـانِ
رُحماء بينهمُ صفـت أخلاقُهُـمْ""وخلـت قُلُوبهـمُ مـن الشنـآن
فدُخولهـم بيـن الأحبـة كُلفـةٌ""وسبابهم سبـبٌ إلـي الحرمـان
جمع الإلهُ المسلمين علـى أبـي""واستُبدلوا مـن خوفهـم بأمـان
وإذا أراد اللهُ نُصـرة عـبـده""من ذا يُطيقُ لـهُ علـى خـذلانِ
من حبني فليجتنب مـن سبنـي""إن كانَ صان محبتي ورعانـي
وإذا محبي قـد ألـظَّ بمُبغضـي""فكلاهما في البُغـض مُستويـانِ
إنـي لطيبـةُ خُلقـتُ لطـيـب""ونساءُ أحمـدَ أطيـبُ النِّسـوان
إني لأمُ المؤمنيـن فمـن أبـى""حُبي فسوف يبُـوءُ بالخسـران
اللهُ حببـنـي لِقـلـبِ نبـيـه""وإلي الصراطِ المستقيـمِ هدانـي
واللهُ يُكـرمُ مـن أراد كرامتـي""ويُهين ربي مـن أراد هوانـي
والله أسألُـهُ زيــادة فضـلـه""وحَمِدْتُـهُ شمـراً لِمـا أولانـي
يا من يلوذُ بأهل بيـت مُحمـد"" يرجو بذلك رحمـةَ الرحمـان
صل أمهاتِ المؤمنين ولا تَحُـدْ""عنَّـا فتُسلـب حُلـت الإيمـان
إني لصادقـة المقـالِ كريمـةٌ""أي والـذي ذلـتْ لـه الثقـلانِ
خُذها إليكَ فإنما هـي روضـةٌ""محفوفـة بالـروح والريحـان
صلَّى الإلهُ علـى النبـي وآلـه""فبهـمْ تُشـمُّ أزهـرُ البُسـتـانِ

في الحلقة الآتية –إن شاء الله – بداية الحديث عن الفاروق رضي الله عنه .
 
عودة
أعلى