صفوة الأمة بعد الأنبياء 22

إنضم
19/09/2004
المشاركات
85
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الحلقة الثانية والعشرون

شهادة أبي الحسن

[الصحابة والعلماء الربانيون هم حملة ديننا إلى أن تقوم الساعة ، من حاول النيل منهم فهو يسهم في هدم الدين ، و ذلك دليل على أنه يمارس ما يمارسه بدون روية ولا تفكير ، ،ويهرف بما لا يعرف ، وتخفى عليه غاية ونتيجة ممارسته ، أو أنه مغرض وعدو لهذا الدين العظيم وإلا فما فائدة النيل من أولئك العظماء الأفذاذ المصلحين ، الذين ضحوا بالغالي والرخيص من أجل هذا الدين حتى أوصلوه ويوصلوه إلينا نقيا صافيا وقد أفضى من مات إلى ما قدم والله يتولى أمره ]

هذه شهادة من أبي الحسن الخليفة الرابع للصديق رضي الله عنهم جميعا ، وقيمة هذه الشهادة أنها من الإمام علي رضي الله عنه ، والذي يبني البعض كرههم للصديق على محبتة ؛ فإذا صدقت المحبة صدق الاتباع ... وهي قاعدة قرآنية معلومة يشهد لها قوله تعالى (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31))[1] قال القرطبي (هذه الآية الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة اللّه، وليس هو على الطريقة المحمدية، فإنه كاذب في دعواه في نفس الأمر، حتى يتبع الشرع المحمدي والدين النبوي في جميع أقواله وأفعاله، كما ثبت في الصحيح عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"، ولهذا قال: {إن كنتم تحبون اللّه فاتبعوني يحببكم اللّه} أي يحصل لكم فوق ما طلبتم من محبتكم إياه، وهو محبته إياكم وهو أعظم من الأول، كما قال بعض العلماء الحكماء: ليس الشان أن تُحِب إنما الشأن أن تُحَب، وقال الحسن البصري: زعم قوم أنهم يحبون اللّه فابتلاهم اللّه بهذه الآية فقال: {قل إن كنتم تحبون اللّه فاتبعوني يحببكم اللّه}[2] وهي قاعدة ترتاح لها النفس ، ويطمئن لها القلب ، وتمجدها الحكمة، (إن المحب لمن يحب مطيع) حتى ولو لم ترد في الوحي فكيف وقد قررها ... إن طبائع النفوس السوية تأبى الإساءة إلى العظماء الذين قدموا خيرا وعملوا خيرا ، ونفعوا غيرهم حتى ولو لم يرتبط ذلك بتأصيل من الوحي فكيف بمن ارتبط قوله وعمله بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى :

(حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان حدثنا جامع بن أبي راشد حدثنا أبو يعلى عن محمد بن الحنفية قال قلت لأبي أي الناس خير بعد رسول الله e قال أبو بكر قلت ثم من قال ثم عمر وخشيت أن يقول عثمان قلت ثم أنت قال ما أنا إلا رجل من المسلمين[3](

( قوله حدثنا أبو يعلى هو منذر بن يعلى الكوفي الثوري وهو ممن وافقت كنيته اسم أبيه والإسناد كله كوفيون ومحمد بن الحنفية هو بن علي بن أبي طالب واسم الحنفية خولة بنت جعفر كما تقدم قوله قلت لأبي أي الناس خير في رواية محمد بن سوقة عن منذر عن محمد بن علي قلت لأبي يا أبتي من خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أو ما تعلم يا بني قلت لا قال أبو بكر أخرجه الدارقطني وفي رواية الحسن بن محمد بن الحنفية عن أبيه قال سبحان الله يا بني أبو بكر وفي رواية بن جحيفة عند احمد قال لي علي يا أبا جحيفة الا أخبرك بأفضل هذه الأمة بعد نبيها قلت بلى قال ولم أكن أرى ان أحدا أفضل منه وقال في آخره وبعدهما آخر ثالث لم يسمه وفي رواية للدارقطني في الفضائل من طريق أبي الضحى عن أبي جحيفة وان شئتم اخبرتكم بخير الناس بعد عمر فلا أدري استحي ان يذكر نفسه أو شغله الحديث قوله وخشيت أن يقول عثمان قلت ثم أنت قال ما إنا الا رجل من المسلمين في رواية محمد بن سوقة ثم عجلت للحداثة فقلت ثم أنت يا أبتي فقال أبوك رجل من المسلمين زاد في رواية الحسن بن محمد لي ما لهم وعلي ما عليهم وهذا قاله علي تواضعا مع معرفته حين المسألة المذكورة انه خير الناس يومئذ لان ذلك كان بعد قتل عثمان وإما خشية محمد بن الحنفية أن يقول عثمان فلأن محمدا كان يعتقد أن أباه أفضل فخشي أن عليا يقول عثمان على سبيل التواضع منه والهضم لنفسه فيضطرب حال اعتقاده ولا سيما وهو في سن الحداثة كما أشار إليه في الرواية المذكورة وروى خيثمة في فضائل الصحابة من طريق عبيد بن أبي الجعد عن أبيه أن عليا قال فذكر هذا الحديث وزاد ثم قال الا أخبركم بخير أمتكم بعد عمر ثم سكت فظننا انه يعني نفسه وفي رواية عبيد خبر عن علي انه قال ذلك بعد وقعة النهروان وكانت في سنة ثمان وثلاثين وزاد في اخر حديثه أحدثنا أمورا يفعل الله فيها ما يشاء واخرج بن عساكر في ترجمة عثمان من طريق ضعيفة في هذا الحديث ان عليا قال ان الثالث ثمان ومن طريق أخرى إن أبا جحيفة قال فرجعت الموالي يقولون كنى عن عثمان والعرب تقول كنى عن نفسه وهذا يبين انه لم يصرح بأحد وقد سبق بيان الاختلاف في أي الرجلين أفضل بعد أبي بكر وعمر عثمان أو علي وان الإجماع انعقد بآخرة بين أهل السنة إن ترتيبهم في الفضل كترتيبهم في الخلافة رضي الله عنهم أجمعين قال القرطبي في المفهم ما ملخصه الفضائل جمع فضيلة وهي الخصلة الجميلة التي يحصل لصاحبها بسببها شرف وعلو منزلة إما عند الحق وإما عند الخلق والثاني لا عبرة به إلا أن أوصل إلى الأول فإذا قلنا فلان فاضل فمعناه أن له منزلة عند الله وهذا لا توصل إليه الا بالنقل عن الرسول فإذا جاء ذلك عنه إن كان قطعيا قطعنا به أو ظنيا عملنا به وإذا لم نجد الخبر فلا خفاء إنا إذا رأينا من أعانه الله على الخير ويسر له أسبابه إنا نرجو حصول تلك المنزلة له لما جاء في الشريعة من ذلك قال وإذا تقرر ذلك فالمقطوع به بين أهل السنة بأفضلية أبي بكر ثم عمر ثم اختلفوا فيمن بعدهما فالجمهور على تقديم عثمان وعن مالك التوقف والمسالة اجتهادية ومستندها إن هؤلاء الأربعة اختارهم الله تعالى لخلافة نبيه وإقامة دينه فمنزلتهم عنده بحسب ترتيبهم في الخلافة والله اعلم الحديث الخامس عشر حديث عائشة في نزول اية التيمم وقد تقدم شرحه مستوفى في كتاب التيمم والغرض منه قول أسيد بن الحضير في آخره ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر وقد تقدم هناك ذكر ألفاظ أخرى تدل على فضلهم الحديث السادس عشر حديث أبي سعيد [4].



--------------------------------------------------------------------------------

[1] - سورة آل عمران

[2] - تفسير القرطبي

[3] - البخاري 3/ 1342رقم 3468.

[4] 0الفتح 7/33-34 .
 
عودة
أعلى