د. محمد مشرح
New member
- إنضم
- 19/09/2004
- المشاركات
- 85
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 6
الحلقة العاشرة
مبشرون بالجنة
[الصحابة والعلماء إلى أن تقوم الساعة هم حملة ديننا ، من حاول النيل منهم فهو يسهم في هدم الدين ، و ذلك دليل على أنه يمارس ما يمارسه بدون تفكير ولا روية، ،ويهرف بما لا يعرف ، وتخفى عليه غاية ونتيجة ممارسته ، أو أنه مغرض وعدو لهذا الدين العظيم وإلا فما فائدة النيل من أولئك العظماء الأفذاذ المصلحين ، الذين ضحوا بالغالي والرخيص من أجل هذا الدين حتى أوصلوه ويوصلوه إلينا نقيا صافيا ]
وفي الحديث الصحيح الآتي بيان لبطلان ما يدعي البعض من أنه لم يبق على النهج بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا بضعة منهم فأهل بدر قد بشروا بالجنة وبقي منهم عدد كبير أولهم الصديق رضي الله عنه وعن جميع الصحابة ، وأهل الحديبية كذلك وهذه الأحاديث وصلت إلينا بالطرق العلمية للنقل لا يتطرق إليها شك ... ولقد بقي جميع الأصحاب يناصرون هذا الدين حتى بلغ مشارق الأرض ومغاربها فتلك قبورهم في أقاصي الدنيا لم يخرجهم مال ولا جاه ولا شيء من متعلقات الدنيا الفانية ودليل صدق ذلك دخول البلاد المفتوحة الإسلام وبقائه فيهم إلى اليوم ... ولو كانوا يريدون مصالح آنية من الدنيا لانتهوا كما انتهى وينتهي أصحاب المصالح الآنية ولما بقي للإسلام بقية ...لقد ورّثوا الإسلام وبقي الإسلام القرون الطويلة المتعددة وهذا سر بقاء هذا الدين العظيم فلم تكن فتوحاته لمصالح آنية ولتطبيق رغبات أشخاص تنتهي آثارها بموتهم أو بدحرهم وخروجهم ولكنها فتوحاتأسست على تقوى من الله تعالى وإخلاص أولئك البررة الذين تشربوا تربيتهم من كتاب الله تعالى بتزكية رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم وبقيت حية في جميع المراحل والعصور إلى يومنا هذا لا يضرها من خالفها أو وقف تجاهها ... يقول الإمام العظيم الإمام البخاري راويا قصة حاطب والتي كان من نتائجها الجميلة بيان فضيلة أهل بدر وكانت سببا في تعضيد القاعدة العظيمة (حق أهل السابقة ) :
حدثنا يوسف بن بهلول حدثنا بن إدريس قال حدثني حصين بن عبد الرحمن عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي رضي الله عنه قال :
بعثني رسول الله والزبير بن العوام وأبا مرثد الغنوي وكلنا فارس فقال انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها امرأة من المشركين معها صحيفة من حاطب بن أبي بلتعة إلى المشركين قال فأدركناها تسير على جمل لها حيث قال لنا رسول الله قال قلنا أين الكتاب الذي معك قالت ما معي كتاب فأنخنا بها فابتغينا في رحلها فما وجدنا شيئا قال صاحباي ما نرى كتابا قال قلت لقد علمت ما كذب رسول الله والذي يحلف به لتخرجن الكتاب أو لأجردنك قال فلما رأت الجد مني أهوت بيدها إلى حجزتها وهي محتجزة بكساء فأخرجت الكتاب قال فانطلقنا به إلى رسول الله فقال ما حملك يا حاطب على ما صنعت قال ما بي إلا أن أكون مؤمنا بالله ورسوله وما غيرت ولا بدلت أردت أن تكون لي عند القوم يد يدفع الله بها عن أهلي ومالي وليس من أصحابك هناك إلا وله من يدفع الله به عن أهله وماله قال صدق فلا تقولوا له الا خيرا قال فقال عمر بن الخطاب إنه قد خان الله ورسوله والمؤمنين فدعني فأضرب عنقه قال فقال يا عمر وما يدريك لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة قال فدمعت عينا عمر وقال الله ورسوله أعلم
شرح ابن حجر
قوله باب إذا اضطر الرجل إلى النظر في شعور أهل الذمة والمؤمنات إذا عصين الله وتجريدهن أورد فيه حديث علي في قصة المرأة التي كتب معها حاطب إلى أهل مكة ومناسبته للترجمة ظاهرة في رؤية الشعر من قوله في الرواية الأخرى فأخرجته من عقاصها وهي ذوائبها المضفورة وفي التجريد من قول علي لأجردنك وقد تقدم في باب الجاسوس من وجه آخر عن علي ويأتي شرحه في تفسير سورة الممتحنة وقوله في الإسناد عن أبي عبد الرحمن هو السلمي وقوله وكان عثمانيا أي يقدم عثمان على علي في الفضل وقوله فقال لابن عطية هو حبان بكسر المهملة وبالموحدة على الصحيح كما سيأتي في استتابة المرتدين وقوله وكان علويا أي يقدم عليا في الفضل على عثمان وهو مذهب مشهور لجماعة من أهل السنة بالكوفة قال بن المنير ليس في الحديث بيان هل كانت المرأة مسلمة أو ذمية لكن لما استوى حكمهما في تحريم النظر لغير حاجة شملهما الدليل وقال بن التين أن كانت مشركة لم توافق الترجمة وأجيب بأنها كانت ذات عهد فحكمها حكم أهل الذمة وقوله فأخرجت من حجزتها كذا هنا بحذف المفعول وفي الأخرى فأخرجته والحجزة بضم المهملة وسكون الجيم بعدها زاي معقد الإزار والسراويل ووقع في رواية القابسي من حزتها بحذف الجيم قيل هي لغة عامية وتقدم في باب الجاسوس أنها أخرجته من عقاصها وجمع بينهما بأنها أخرجته من حجزتها فاخفته في عقاصها ثم اضطرت إلى إخراجه أو بالعكس أو بان تكون عقيصتها طويلة بحيث تصل إلى حجزتها فربطته في عقيصتها وغرزته بحجزتها وهذا الاحتمال أرجح وأجاب بعضهم باحتمال أن يكون معها كتابان إلى طائفتين أو المراد بالحجزة العقدة مطلقا وتكون رواية العقيصة أوضح من رواية الحجزة أو المراد بالحجزة الحبل لأن الحجز هو شد وسط يدي البعير بحبل ثم يخالف فتعقد رجلاه ثم يشد طرفاه إلى حقويه ويسمى أيضا الحجاز .
الحلقة الحادية عشرة
الخطأ وارد
ومن الذي لم يخط قط ومن له الحسنى فقط
[الصحابة والعلماء إلى أن تقوم الساعة هم حملة ديننا ، من حاول النيل منهم فهو يسهم في هدم الدين ، و ذلك دليل على أنه يمارس ما يمارسه بدون تفكير ولا روية، ،ويهرف بما لا يعرف ، وتخفى عليه غاية ونتيجة ممارسته ، أو أنه مغرض وعدو لهذا الدين العظيم وإلا فما فائدة النيل من أولئك العظماء الأفذاذ المصلحين ، الذين ضحوا بالغالي والرخيص من أجل هذا الدين حتى أوصلوه ويوصلوه إلينا نقيا صافيا ]
من المسلمات في النهج السوي الذي يتواءم مع الفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها أن الإنسان معرض لأخطاء تعتوره في سيرته في هذه الحياة فهو مركب من جسم وروح ويحمل شهوة ورغبات ناتجة عنها ، ويمر بلحظات تتراوح بين القوة والضعف ، والصعود والهبوط ، فيعلو الإنسان بالروح إلى مصاف الملائكة ، في أوقات تتجلى فيها مرحلة الصفاء ، وتهبط إلى الأرض عندما تنتابه فيها مراحل ضعف . فكان أن تضمن المنهج مراعاة ذلك وفتح باب التوبة على مصراعيه للأوبة ومراجعة النفس ، ولا تغلق أبواب التوبة حتى تقوم الساعة ، والوقوع في الخطاء تتفق مع قاعدة التوبة وإلا لما كان لوجود التوبة معنى ؛ هذا ألمنطلق في ذهن المؤمن السوي يقيه التيه التطبيقي العملي الذي ينحرف به عن النظرة السوية إلى الأمور فيقع في مضيعات الإفراط والتفريط والتبديع والتفسيق والشطط الذي يخرج عن الجادة ؛ فالصحابة الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم ليسوا معصومين من الخطأ الذي لا يسلم منه أحد ولكنه خطأ يختلف عن خطأ غيرهم ممن أتى بعدهم لقربهم من النبي صلى الله عليه وسلم الذي جعلهم خير القرون ... ولقد كان يحدث أخطاء في عصر النبوة وكان عليه الصلاة والسلام يعالجه ويسدد ما يبدر من أصحابه لكنه لم يكفر أحدا ولم يطرد أحدا ، ولم يبغض أحدا ولم ينتقص أحدا بل ورد النهي عن تناول العاصي بما يعين عليه الشيطان بل الأمر أكبر من ذلك حيث جاء النص بميزة الخطأ والتوبة منه ولو لم يكن ذلك لذهب بمن ليسوا كذلك وأتى بقوم يخطئون ويتوبون ... والعصمة من الخطأ فيما يتعلق بالدين للأنبياء عليهم السلام - فقط – ليبقى المنهج المنطلق من الوحي معصوما وأما غيرهم فليس أحد معصوما منه ، ومن انطلق من عصمة غيرهم فإنه يبني أحكامه وتصرفاته على انحراف عن النهج السوي والفطر السوية على أن الخليفة الأول الصديق خطأه نادر في سيرته الصحيحة والمواقف المتعددة . والأخطاء الواردة على سيرته رضي الله عنه تأويلات اجتهادية متعسفة من أصحاب الأهواء لا تثبت أمام البحث العلمي . وتصيد الأخطاء باب ولوجه سهل وميسور لمن ابتلي بهذا نسأل الله أن يحفظنا والمسلمين من ذلك .
قال الحاكم فيما رواه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله { كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون } هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه
(قوله كل بن آدم خطاء أي كثير الخطأ أفرد نظرا إلى لفظ الكل وفي رواية خطاؤون نظرا إلى معنى الكل قيل أراد الكل من حديث هو كل أو كل واحد
وأما الأنبياء صلوات الله عليهم فإما مخصوصون عن ذلك وإما أنهم أصحاب صغائر والأول أولى فإن ما صدر عنهم من باب ترك الأولى أو يقال الزلات المنقولة عن بعضهم محمولة على الخطأ والنسيان من غير أن يكون لهم قصد إلى العصيان قاله القارىء وخير الخطائين التوابون أي الرجاعون إلى الله بالتوبة من المعصية إلى الطاعة )
وقد سبق أن الخطأ الجائز على الأنبياء إن وجد لا تعلق له الوحي .
مبشرون بالجنة
[الصحابة والعلماء إلى أن تقوم الساعة هم حملة ديننا ، من حاول النيل منهم فهو يسهم في هدم الدين ، و ذلك دليل على أنه يمارس ما يمارسه بدون تفكير ولا روية، ،ويهرف بما لا يعرف ، وتخفى عليه غاية ونتيجة ممارسته ، أو أنه مغرض وعدو لهذا الدين العظيم وإلا فما فائدة النيل من أولئك العظماء الأفذاذ المصلحين ، الذين ضحوا بالغالي والرخيص من أجل هذا الدين حتى أوصلوه ويوصلوه إلينا نقيا صافيا ]
وفي الحديث الصحيح الآتي بيان لبطلان ما يدعي البعض من أنه لم يبق على النهج بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا بضعة منهم فأهل بدر قد بشروا بالجنة وبقي منهم عدد كبير أولهم الصديق رضي الله عنه وعن جميع الصحابة ، وأهل الحديبية كذلك وهذه الأحاديث وصلت إلينا بالطرق العلمية للنقل لا يتطرق إليها شك ... ولقد بقي جميع الأصحاب يناصرون هذا الدين حتى بلغ مشارق الأرض ومغاربها فتلك قبورهم في أقاصي الدنيا لم يخرجهم مال ولا جاه ولا شيء من متعلقات الدنيا الفانية ودليل صدق ذلك دخول البلاد المفتوحة الإسلام وبقائه فيهم إلى اليوم ... ولو كانوا يريدون مصالح آنية من الدنيا لانتهوا كما انتهى وينتهي أصحاب المصالح الآنية ولما بقي للإسلام بقية ...لقد ورّثوا الإسلام وبقي الإسلام القرون الطويلة المتعددة وهذا سر بقاء هذا الدين العظيم فلم تكن فتوحاته لمصالح آنية ولتطبيق رغبات أشخاص تنتهي آثارها بموتهم أو بدحرهم وخروجهم ولكنها فتوحاتأسست على تقوى من الله تعالى وإخلاص أولئك البررة الذين تشربوا تربيتهم من كتاب الله تعالى بتزكية رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم وبقيت حية في جميع المراحل والعصور إلى يومنا هذا لا يضرها من خالفها أو وقف تجاهها ... يقول الإمام العظيم الإمام البخاري راويا قصة حاطب والتي كان من نتائجها الجميلة بيان فضيلة أهل بدر وكانت سببا في تعضيد القاعدة العظيمة (حق أهل السابقة ) :
حدثنا يوسف بن بهلول حدثنا بن إدريس قال حدثني حصين بن عبد الرحمن عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي رضي الله عنه قال :
بعثني رسول الله والزبير بن العوام وأبا مرثد الغنوي وكلنا فارس فقال انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها امرأة من المشركين معها صحيفة من حاطب بن أبي بلتعة إلى المشركين قال فأدركناها تسير على جمل لها حيث قال لنا رسول الله قال قلنا أين الكتاب الذي معك قالت ما معي كتاب فأنخنا بها فابتغينا في رحلها فما وجدنا شيئا قال صاحباي ما نرى كتابا قال قلت لقد علمت ما كذب رسول الله والذي يحلف به لتخرجن الكتاب أو لأجردنك قال فلما رأت الجد مني أهوت بيدها إلى حجزتها وهي محتجزة بكساء فأخرجت الكتاب قال فانطلقنا به إلى رسول الله فقال ما حملك يا حاطب على ما صنعت قال ما بي إلا أن أكون مؤمنا بالله ورسوله وما غيرت ولا بدلت أردت أن تكون لي عند القوم يد يدفع الله بها عن أهلي ومالي وليس من أصحابك هناك إلا وله من يدفع الله به عن أهله وماله قال صدق فلا تقولوا له الا خيرا قال فقال عمر بن الخطاب إنه قد خان الله ورسوله والمؤمنين فدعني فأضرب عنقه قال فقال يا عمر وما يدريك لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة قال فدمعت عينا عمر وقال الله ورسوله أعلم
شرح ابن حجر
قوله باب إذا اضطر الرجل إلى النظر في شعور أهل الذمة والمؤمنات إذا عصين الله وتجريدهن أورد فيه حديث علي في قصة المرأة التي كتب معها حاطب إلى أهل مكة ومناسبته للترجمة ظاهرة في رؤية الشعر من قوله في الرواية الأخرى فأخرجته من عقاصها وهي ذوائبها المضفورة وفي التجريد من قول علي لأجردنك وقد تقدم في باب الجاسوس من وجه آخر عن علي ويأتي شرحه في تفسير سورة الممتحنة وقوله في الإسناد عن أبي عبد الرحمن هو السلمي وقوله وكان عثمانيا أي يقدم عثمان على علي في الفضل وقوله فقال لابن عطية هو حبان بكسر المهملة وبالموحدة على الصحيح كما سيأتي في استتابة المرتدين وقوله وكان علويا أي يقدم عليا في الفضل على عثمان وهو مذهب مشهور لجماعة من أهل السنة بالكوفة قال بن المنير ليس في الحديث بيان هل كانت المرأة مسلمة أو ذمية لكن لما استوى حكمهما في تحريم النظر لغير حاجة شملهما الدليل وقال بن التين أن كانت مشركة لم توافق الترجمة وأجيب بأنها كانت ذات عهد فحكمها حكم أهل الذمة وقوله فأخرجت من حجزتها كذا هنا بحذف المفعول وفي الأخرى فأخرجته والحجزة بضم المهملة وسكون الجيم بعدها زاي معقد الإزار والسراويل ووقع في رواية القابسي من حزتها بحذف الجيم قيل هي لغة عامية وتقدم في باب الجاسوس أنها أخرجته من عقاصها وجمع بينهما بأنها أخرجته من حجزتها فاخفته في عقاصها ثم اضطرت إلى إخراجه أو بالعكس أو بان تكون عقيصتها طويلة بحيث تصل إلى حجزتها فربطته في عقيصتها وغرزته بحجزتها وهذا الاحتمال أرجح وأجاب بعضهم باحتمال أن يكون معها كتابان إلى طائفتين أو المراد بالحجزة العقدة مطلقا وتكون رواية العقيصة أوضح من رواية الحجزة أو المراد بالحجزة الحبل لأن الحجز هو شد وسط يدي البعير بحبل ثم يخالف فتعقد رجلاه ثم يشد طرفاه إلى حقويه ويسمى أيضا الحجاز .
الحلقة الحادية عشرة
الخطأ وارد
ومن الذي لم يخط قط ومن له الحسنى فقط
[الصحابة والعلماء إلى أن تقوم الساعة هم حملة ديننا ، من حاول النيل منهم فهو يسهم في هدم الدين ، و ذلك دليل على أنه يمارس ما يمارسه بدون تفكير ولا روية، ،ويهرف بما لا يعرف ، وتخفى عليه غاية ونتيجة ممارسته ، أو أنه مغرض وعدو لهذا الدين العظيم وإلا فما فائدة النيل من أولئك العظماء الأفذاذ المصلحين ، الذين ضحوا بالغالي والرخيص من أجل هذا الدين حتى أوصلوه ويوصلوه إلينا نقيا صافيا ]
من المسلمات في النهج السوي الذي يتواءم مع الفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها أن الإنسان معرض لأخطاء تعتوره في سيرته في هذه الحياة فهو مركب من جسم وروح ويحمل شهوة ورغبات ناتجة عنها ، ويمر بلحظات تتراوح بين القوة والضعف ، والصعود والهبوط ، فيعلو الإنسان بالروح إلى مصاف الملائكة ، في أوقات تتجلى فيها مرحلة الصفاء ، وتهبط إلى الأرض عندما تنتابه فيها مراحل ضعف . فكان أن تضمن المنهج مراعاة ذلك وفتح باب التوبة على مصراعيه للأوبة ومراجعة النفس ، ولا تغلق أبواب التوبة حتى تقوم الساعة ، والوقوع في الخطاء تتفق مع قاعدة التوبة وإلا لما كان لوجود التوبة معنى ؛ هذا ألمنطلق في ذهن المؤمن السوي يقيه التيه التطبيقي العملي الذي ينحرف به عن النظرة السوية إلى الأمور فيقع في مضيعات الإفراط والتفريط والتبديع والتفسيق والشطط الذي يخرج عن الجادة ؛ فالصحابة الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم ليسوا معصومين من الخطأ الذي لا يسلم منه أحد ولكنه خطأ يختلف عن خطأ غيرهم ممن أتى بعدهم لقربهم من النبي صلى الله عليه وسلم الذي جعلهم خير القرون ... ولقد كان يحدث أخطاء في عصر النبوة وكان عليه الصلاة والسلام يعالجه ويسدد ما يبدر من أصحابه لكنه لم يكفر أحدا ولم يطرد أحدا ، ولم يبغض أحدا ولم ينتقص أحدا بل ورد النهي عن تناول العاصي بما يعين عليه الشيطان بل الأمر أكبر من ذلك حيث جاء النص بميزة الخطأ والتوبة منه ولو لم يكن ذلك لذهب بمن ليسوا كذلك وأتى بقوم يخطئون ويتوبون ... والعصمة من الخطأ فيما يتعلق بالدين للأنبياء عليهم السلام - فقط – ليبقى المنهج المنطلق من الوحي معصوما وأما غيرهم فليس أحد معصوما منه ، ومن انطلق من عصمة غيرهم فإنه يبني أحكامه وتصرفاته على انحراف عن النهج السوي والفطر السوية على أن الخليفة الأول الصديق خطأه نادر في سيرته الصحيحة والمواقف المتعددة . والأخطاء الواردة على سيرته رضي الله عنه تأويلات اجتهادية متعسفة من أصحاب الأهواء لا تثبت أمام البحث العلمي . وتصيد الأخطاء باب ولوجه سهل وميسور لمن ابتلي بهذا نسأل الله أن يحفظنا والمسلمين من ذلك .
قال الحاكم فيما رواه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله { كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون } هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه
(قوله كل بن آدم خطاء أي كثير الخطأ أفرد نظرا إلى لفظ الكل وفي رواية خطاؤون نظرا إلى معنى الكل قيل أراد الكل من حديث هو كل أو كل واحد
وأما الأنبياء صلوات الله عليهم فإما مخصوصون عن ذلك وإما أنهم أصحاب صغائر والأول أولى فإن ما صدر عنهم من باب ترك الأولى أو يقال الزلات المنقولة عن بعضهم محمولة على الخطأ والنسيان من غير أن يكون لهم قصد إلى العصيان قاله القارىء وخير الخطائين التوابون أي الرجاعون إلى الله بالتوبة من المعصية إلى الطاعة )
وقد سبق أن الخطأ الجائز على الأنبياء إن وجد لا تعلق له الوحي .