صفة الاستعلاء عند القدمى والمحدثين دراسة صوتية

إنضم
28/07/2012
المشاركات
116
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
العمر
37
الإقامة
العراق
صفة الاستعلاء عند القدمى والمحدثين
دراسة صوتية

8- الاستعلاء :-
الاستعلاء لغة : من علا الشيء علوا فهو علي [SUP]([1])[/SUP] .
الاستعلاء اصطلاحا :- ( ان يستعلي اقصى اللسان عند النطق بالحرف إلى جهة الحنك الاعلى ) [SUP]([2])[/SUP].
ذكر الازهري ان الحروف المستعلية عن الخليل هي خمسة ، إذ قال : ( منها خمسة شواخص وهي ( الطاء ، والضاد ، والصاد ، والظاء ، والقاف ) ) [SUP]([3])[/SUP] .
وذكر سيبويه صفة الاستعلاء في باب ما يمتنع من الامالة من الالفات ، إذ قال : ( فالحروف التي تمنعها الامالة هذه السبعة : الصاد ، والضاد ، والطاء ، والظاء ، والغين ، والقاف ، والخاء ... وانما منعت هذه الحروف الامالة لانها حروف مستعلية إلى الحنك الاعلى ) [SUP]([4])[/SUP] . ثم قال بعد ذلك : ( فكان الانحدار اخف عليهم من الاستعلاء من ان يصعدوا من حال التسفل ) [SUP]([5])[/SUP] .
ولم يقدم سيبويه تعريفا للاستعلاء والاستفال ؛ لكن علماء العربية الذين جاءوا بعده وضعوا تعريفا لهما في ضوء كلامه عنها قال المبرد :- ( انما قيل مستعلية لانها حروف استعلت إلى الحنك الاعلى ، وهي الحروف التي تمنع الامالة ) [SUP]([6])[/SUP] . وقال ابن جني : ( ومعنى الاستعلاء ان تتصعد في الحنك الاعلى ) [SUP]([7])[/SUP] . ووصفوا الاصوات المستفلة بانها ماعدا الاصوات المستعلية المذكورة وعملية النطق تكون خلاف الاولى ، وذلك بنزول مؤخرة اللسان إلى قاع الفم [SUP]([8])[/SUP] .
وعلى الرغم من استخدام مصطلح الاستفال والمستفلة مقابلا لمصطلح الاستعلاء والمستعلية فان صفة الاستعلاء تظل ادخل في الصفات المحسنة ، خاصة بالنسبة إلى الاصوات الثلاثة : ( الغين ، والخاء ، والقاف ) [SUP]([9])[/SUP] .
وتابع جمهور علماء التجويد القدماء في صفة الاستعلاء ، قال مكي : ( حروف الاستعلاء : سبعة منها الاربعة الاحرف التي هي حروف الاطباق المذكورة ، والغين ، والخاء ، والقاف ، وانما سميت بالاستعلاء لان الصوت يعلو عند النطق بها إلى الحنك فينطبق الصوت مستعليا بالريح مع طائفة من اللسان مع الحنك مع حروف الاطباق المذكورة ... ولا ينطبق مع الغين والخاء والقاف ، إنما يستعلي الصوت غير منطبق بالحنك ) [SUP]([10])[/SUP] .
وقال الداني : ( والمستعلية سبعة احرف يجمعها قولك : ضغط خص قظ ، الخاء والغين والقاف والصاد والضاد والظاء والطاء سميت مستعلية لان اللسان يعلو بها إلى جهة الحنك ، ولذلك تمنع الامالة)[SUP]([11])[/SUP]، ثم فرق بين ما يستعلي ثم ينطبق وما يستعلي ولا ينطبق ، إذ قال : ( انها على ضربين : منها ما يعلو اللسان به وينطبق ، وهي حروف الاطباق الاربعة ، ومنها ما يعلو ولا ينطبق ، وهي الثلاثة : الغين والخاء والقاف ، والمستفلة ما عدا هذه المستعلية ، سميت مستفلة لان اللسان لا يعلو بها إلى جهة الحنك)[SUP]([12])[/SUP].
وذكر الاندرابي ان قسما من القراء دون النحاة قد اضافوا العين والحاء إلى حروف الاستعلاء ولم ينسب هذا الرأي إلى أحد [SUP]([13])[/SUP] .
وقد علل سبب هذه الاضافة احد المحدثين ، إذ قال : ( ولما كانت جميع حروف الاستعلاء من المانعة للامالة فربما الحق بها بعضهم الحاء والعين لمشاركتها حروف الاستعلاء في انها تمنع الامالة )[SUP]([14])[/SUP].
ووصف محمد بن الجزري الاصوات المستعلية بانها اصوات قوية ومفخمة ، إذ قال : ( والاستعلاء من صفات القوة وهي سبعة يجمعها قولك : قظ خص ضغط . وهي حروف التفخيم على الصواب وأعلاها الطاء ... وقيل حروف التفخيم هي حروف الاطباق ، ولا شك أنها اقواها تفخيما ) [SUP]([15])[/SUP] .
وادرك علماء التجويد العلاقة بين صفة الاستعلاء والتفخيم ، قال المرعشي : ( ان التفخيم لازم لاستعلاء ، فما كان استعلاءه ابلغ كان تفخيمه ابلغ ، فحروف الاطباق ابلغ في التفخيم من باقي حروف الاستعلاء ... ) [SUP]([16])[/SUP] . وقال عبد الوهاب القرطبي : ( ان التفخيم والاطباق والاستعلاء من واد واحد ) [SUP]([17])[/SUP] .
اما المحدثون فيرى قسم منهم اضافة اللام والراء المفخمتين إلى حروف الاستعلاء ، لان مؤخرة اللسان فيهما ترتفع ايضا [SUP]([18])[/SUP] .
والحقيقة ان هذه الاشارة لم يغفل عنها علماء التجويد فقد ذكرها المرعشي ، حيث بين ان الذي يعلو من اللسان إلى جهة الحنك أثناء نطق الاصوات المستعلية هو اقصى اللسان [SUP]([19])[/SUP] . كما عد الراء واللام في حالتي تفخيمهما من الحروف المستعلية [SUP]([20])[/SUP] .
وبذلك اتفق المحدثون مع علماء التجويد في عد اللام والراء في حالة التفخيم من الاصوات المستعلية ، قال ابراهيم انيس : ( اما الفرق بين اللام المرققة والمغلظة فهو في وضع اللسان مع كل منهما لان اللسان مع الغلظة يتخذ شكلا مقعرا كما هو الحال مع اصوات الاطباق ، فالفرق بين اللام المرققة والمغلظة هو نفس الفرق الصوتي بين الدال والضاد ، أو التاء والطاء ، ولكن الرسم العربي لم يرمز إلى اللام المغلظة برمز خاص تختلف باختلافه الكلمة ، ولهذا نعد نوعي اللام صوتا واحد او فونيما واحدا ، ولكن ( التاء ) صوت مستقل عن الطاء تختلف الكلمة في معناها مع كل منهما . ولذا يعد كل منهما فونيما مستقلا ) [SUP]([21])[/SUP] .
وقال متحدثا عن نوعي الراء : ( والفرق بين الراء المرققة والمفخمة يشبة الفرق بين اللام المرققة والمغلظة أي ان الراء المفخمة تعد من الناحية الصوتية احد اصوات الاطباق ، ولكن الرسم العربي لم يرمز لها برمز خاص يتغير بتغيره معنى الكلمة . ولهذا نعد كلا النوعين صوتا واحدا او فونيما واحدا)[SUP]([22])[/SUP].



[SUP]([1])[/SUP] ظ : لسان العرب ، مادة ( علا ) ، 19 / 315 .

[SUP]([2])[/SUP] جهد المقل ، ص 65 .

[SUP]([3])[/SUP] تهذيب اللغة ، 1 / 51 .

[SUP]([4])[/SUP] الكتاب ، 4 / 128 ـ 129 .

[SUP]([5])[/SUP] المصدر نفسه ، 4 / 130 .

[SUP]([6])[/SUP] المقتضب ، 1 / 225 .

[SUP]([7])[/SUP] سر صناعة الاعراب ، 1 / 71 .

[SUP]([8])[/SUP] ظ : المقتضب ، 1 / 225 ؛ الاصول في النحو ، 3 / 167 .

[SUP]([9])[/SUP] ظ : المدخل إلى علم اصوات العربية ، ص 136 .

[SUP]([10])[/SUP] الرعاية ، ص 62 .

[SUP]([11])[/SUP] التحديد ، ص 106 .

[SUP]([12])[/SUP] المصدر نفسه ، ص 106 .

[SUP]([13])[/SUP] ظ : الايضاح ، ص 318 ؛ الجهود الصوتية للانداربي ، ص 30 .

[SUP]([14])[/SUP] الدراسات الصوتية عند علماء التجويد ، ص 292 .

[SUP]([15])[/SUP] النشر ، 1 / 228 .

[SUP]([16])[/SUP] جهد المقل ، ص 70 .

[SUP]([17])[/SUP] الموضح في التجويد ، ص 207 .

[SUP]([18])[/SUP] ظ : في البحث الصوتي عند العرب ، ص 58 .

[SUP]([19])[/SUP] ظ : جهد المقل ، ص 66 .

[SUP]([20])[/SUP] ظ : المصدر نفسه ، ص 66 .

[SUP]([21])[/SUP] الاصوات اللغوية ، ص 64 ـ 65 .

[SUP]([22])[/SUP] المصدر نفسه ، ص 65 .
 
عودة
أعلى