بسم الله الرحمن الرحيم
نزل إلى الأسواق كتاب ((العلامة إبراهيم بن علي السمنودي سيرته وجهوده في علم القراءات))
تأليف : د.عبدالله بن محمد بن سليمان الجارالله
طبعة : دار الصحابة – طنطا
ويتألف الكتاب من 290 صفحة
وقد قرظ الكتاب المشايخ :
الشيخ إبراهيم الأخضر بن علي القيم شيخ القراء بالمسجد النبوي
الشيخ الدكتور علي بن عبدالرحمن الحذيفي إمام وخطيب المسجد النبوي
الشيخ محمد كريم راجح شيخ القراء بالديار الشامية
الشيخ أبو الحسن محي الدين الكردي شيخ مقارئ زيد بن ثابت بدمشق الشام
الشيخ أ.د أحمد بن عيسى المعصراوي شيخ عموم المقارئ المصرية.
قال المؤلف د.عبدالله بن محمد الجارالله في المقدمة مانصه :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أنزل القرآن كلامَه ويَسَّرَه، وسهَّل نشره لمن رامه وقدَّره، ووفق للقيام به من اختاره وبصَّره، وأقام لحفظه خيرته من بريته الخيَّرة. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة مقرٍ بأنها للنجاة مقرِّرَة، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله القائل: =الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة+ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين جمعوا القرآن في صدورهم السليمة وصحفه المطهَّرة، وسلَّم وشرَّف وكرَّم، ورضي الله عن أئمة القراءة المهَرَة، خصوصًا القراء العشرة، الذين تجرّد كل منهم لكتاب الله فجوَّده وحرَّره، ورتّله كما أنزل وعمل به وتدبَّره، وزيّنه بصوته وتغنّى به وحبَّره، ورحم الله السادة المشايخ الذين جمعوا في اختلاف حروفه ورواياته الكتب المبسوطة والمختصرة، فمنهم من جعل تيسيره فيها عنوانًا وتذكرة، ومنهم من أوضح مصباحه إرشادًا وتبصرة، ومنهم من أبرز المعاني في حرز الأماني مفيدة وخيّرة، أثابهم الله تعالى أجمعين، وجمع بيننا وبينهم في دار كرامته في عليين، بمنه وكرمه، أمّا بعد:
فإن الإنسان لا يشرف إلا بما يعرف، ولا يفضل إلا بما يعقل، ولا ينجْبُ إلا بمن يصحب، ولما كان القرآن العظيم أعظمَ كتاب أنزل، كان المنْزل عليه أفضلَ نبي أرسل، وكانت أمته من العرب والعجم أفضلَ أمة أخرجت للناس من الأمم، وكان حملته أشرفَ هذه الأمة، وقرّاؤه ومقرؤوه أفضلَ هذه الملة.
ولما تكفل تعالى بحفظه خصّ به من شاء من بريته، وأورثه من اصطفاه من خليقته، قال تعالى: ﭽﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩﭼ وقال": =إن لله أهلين من الناس، قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: أهل القرآن هم أهل الله وخاصته+ رواه ابن ماجه وأحمد والدارميّ وغيرهم من حديث أنس بإسناد رجاله ثقات( ).
فقيض لهذا الحفظ رجالاً نذروا حياتهم _جيلاً فجيلاً وعلى مدار مئات السنين_ لخدمة الوحي الجليل، يصدّون عنه بعلمهم أيَّ محاولة للتحريف أو التبديل، فيظلّ القرآن العظيم كلام الله الذي لا يشوبه شك ولا تحريف ولا تأويل.
ومن هؤلاء الذين سخرهم الله وخصهم وقيضهم بعنايته لهذه الخدمة الجليلة الشيخُ العلامةُ الكبير إبراهيم بن علي السمنوديّ متع الله به على طاعته وأحسن خاتمته, وقد بذلت جهدي لعرض شيء من سيرته العطرة؛ لتكون تذكارًا للمنتهي، ونبراسًا للمبتدي، ومحبة ووفاء لعالم من علماء الأمة الكبار، وأداء للواجب في نشر علمه، وبيان سيرته وبعض مناقبه، مما هو أقل الواجب جزاء ما قدمه؛ خدمة للقرآن وأهل القرآن، جعلنا الله منهم، وحشرنا في زمرتهم، إنه سميع مجيب.
وقد دعاني إلى الكتابة في هذا الموضوع عدد من الأسباب، من أهمها :
_ مكانة الشيخ إبراهيم السمنوديّ العلمية التي شهد بها القاصي والداني في علم القراءات، وقد غلب عليه التأليف في علم التحريرات, بما لا يستطيعه إلا من هو على شاكلته من العلماء الكبار؛ فهو ليس اسمًا عاديًا في محيط علم القراءة والإقراء, بل هو من آخر العمالقة الذين كتبوا في هذا العلم وأبدعوا وبرزوا فيه.
2_ جهوده الكبيرة في علم القراءات إقراءً وتأليفًا, فقد بلغت مصنفاته أكثر من ثلاثين مؤلفا منها المنظوم ومنها المنثور.
3_ أنّ جُلّ تلاميذه من كبار المقرئين المدققين والمتخصِّصين المحقِّقين, منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر, غفر الله للأموات ونفع بالأحياء منهم طلاب العلم وطالبيه, وجمعنا بهم جميعا في جنات النعيم.
4_ بيان الجوانب المشرقة من سيرته, والتنويه بما له من الأعمال الجليلة, والأيادي البيضاء؛ لإيقاظ الهمم وحفزها, وتزويد المتخصص بشيء من تجربة هذا العالم الكبير وفضائله.
5_ أنَّ هذا الشيخ الكبير لم يأخذ حقه من التعريف به والترجمة له بين طلاب العلم وعامة المسلمين, فمع تفوقه وعلو كعبه في علم القراءات ورحلة الناس إليه من كل مكان للأخذ عنه والتلقي عليه, ومع سمات الغزارة والتنوع والشمول والأصالة التي طبعت شخصيته فاصطبغت بها آثاره وأعماله _ فإنّ ما صُرف له من عناية الباحثين وجهود الدارسين لا يكاد يفي بمعشار مايستحق, بل لا يكاد يُعرف في بلده سمنود وفي وطنه مصر إلا من خاصة المتخصصين، ناهيك عن خارج البلاد والوطن.
خطة البحث: قمت بتقسيم البحث بعد مقدمته إلى تمهيد وستة مباحث وخاتمة, وذلك على الترتيب التالي:
التمهيد: وقد ضمّنته نَبذة مختصرة عن تاريخ علم القراءات في مصر؛ ذلك أنّ الشيخ وليد بيئته التي نشأ وترعرع فيها؛ فكان من المناسب الإلمام بهذا الجانب قبل الدخول إلى المباحث التفصيلية.
المبحث الأول: التعريف بالعلامة السمنّوديّ؛ من خلال بيان اسمه ونسبه، ومولده ونشأته، وصفاته الشخصية، والعلمية.
المبحث الثاني: حياة العلامة السمنودي العلمية والعملية؛ مشيرًا فيه إلى رحلته في طلب العلم، والمناصب التي تولاها، وأبرز شيوخه وتلامذته، وثناء العلماء والمتخصصين عليه.
المبحث الثالث: مؤلفات العلامة السمنودي، وقد صنفتها إلى مؤلفاته في القراءات، ومؤلفاته في علوم التجويد، ومؤلفاته في التحريرات.
المبحث الرابع: أسانيد العلامة السمنودي في علم القراءات، مصنفًا لها حسب تصنيف القراءات.
المبحث الخامس: متفرقات، حيث ضمّ بعض الفوائد التي لا تشملها المباحث السابقة.
وقد كتبت هذه الترجمة المختصرة عن حياته وسيرته وجهوده في علم القراءات بما عرفته عنه من خلال تشرفي بالتلمذة والقراءة عليه, وما أمدّني به ابنه البار الأستاذ أسامة الفاتح من معلومات قيمة كان قد كتبها وقيدها, ثم بالرجوع إلى كتبه المخطوطة والمطبوعة, ومشافهة كبار تلاميذه ومن تلقى عنه وتتلمذ عليه.
وأخيراً:
تِيْهِي عَلَى الدَّهْرِ تِيْهِي ياسَمَنُّودُ
قَدْ حَلَّ فِيْكِ الْهُدَى والنُّورُ والْجُودُ
ثم أتقدم بالشكر لله تعالى إلى ما وفقني إليه من الكتابة عن هذا العَلَم الكبير الشيخ إبراهيم بن علي السمنوديّ، كما أتقدّم بالشكر الجزيل لمشايخي الكرام الذين تكرموا بقراءة هذا الكتاب، وتقريظه، وإبداء المشورة فيه، وأسأل الله لهم الصحة، والعون، والبركة في كل ما أوتوه.
وبعد؛ فإنّ الهمم لتخمد, وإنّ الرياح لتسكن, وإنّ النفوس ليعتريها الملل, وينتابها الفتور, وإنّ سِيرَ العظماء والعلماء لمن أعظم ما يُذْكِي الأُوار, ويبعث الهمم, ويرتقي بالعقول، ويوحي بالاقتداء.
وما هذه السطور إلا جهد المقل من الوفاء لعالم من علماء الأمة الكبار, فما كان فيها من صواب فمن الله وحده، وما كان فيها من خطأ أو قصور فمن نفسي والشيطان، وأستغفر الله, والله المستعان.
وآمل من كل قارئ لهذا الكتاب أن يمدني بملحوظاته؛ أو ما يعرفه عن الشيخ السمنودي؛ حتى يخرج الكتاب في طبعاته القادمة بصورة أكمل وأجمل، والحمد لله أولاً وآخراً.
د. عبدالله بن محمد بن سليمان الجارالله
المدينة المنورة 20/6/1429هـ