صدر حديثاً (مفهوم الأمر في القرآن الكريم : دراسة مصطلحية وتفسير موضوعي) لجميلة زيان

عبدالرحمن الشهري

المشرف العام
إنضم
29/03/2003
المشاركات
19,338
مستوى التفاعل
142
النقاط
63
الإقامة
الرياض
الموقع الالكتروني
www.amshehri.com
بسم الله الرحمن الرحيم
صدر حديثاً عن دار ابن حزم في بيروت الطبعة الأولى (1431هـ) من كتاب :​
مفهوم الأمر في القرآن الكريم
دراسة مصطلحية وتفسير موضوعي

للدكتورة جميلة زيان​

alamr.jpg

[align=justify]
وقد صدر الكتاب في مجلدين من القطع العادي، بلغت صفحاتهما 842 صفحة . وأصل الكتاب رسالة علمية تقدمت بها الباحثة لنيل درجة دكتوراه الدولة في الدراسات الإسلامية .
والمقصود بموضوع البحث هو دراسة مفهوم الأمر في القرآن الكريم ، دراسة وصفية تحليلية تكشف عن ستر معانيه اللغوية والشرعية القرآنية، وما يعتريه من خصائص وصفات، وما يربطه بغيره من علاقات، وما ينشأ عنه من ضمائم وتركيبات، وما ينتمي إليه من مشتقات، وما يتصل به من قضايا وموضوعات، وذلك تبعاً لما يرسمه منهج الدراسة المصطلحية من قواعد وإجراءات في التبين والبيان.
وقد بذلت الباحثةُ في دراسة هذا الموضوع جهداً مشكوراً، وهو جدير بتعريف واسع لعله يتاح لاحقاً إن شاء الله .​
وقد طلبتُ من المؤلفة الكريمة الدكتورة جميلة المشاركة في بيان منهجية البحث، وأبرز النتائج والتوصيات التي خرجت بها في هذا المشروع العلمي الموفق ، وأرجو أن تتمكن من ذلك .[/align]
 
تقرير موجز
عن كتاب مفهوم الأمر في القرآن الكريم: دراسة مصطلحية وتفسير موضوعي
المؤلف : د. جميلة زيان
أستاذة التعليم العالي
تخصص التفسير وعلوم القرآن
جامعة سيدي محمد بن عبد الله
كلية الآداب سايس- فاس
المملكة المغربية
الناشر: دار ابن حزم، بيروت الطبعة الأولى1431 هـ


المقصود بموضوع الكتاب
هذا الكتاب، كما يَدل عليه عنوانه، دراسة لمفهوم "الأمر" في القرآن الكريم؛ دراسةً وصفية تحليلية تكشف عن ستر معانيه اللغوية والشرعية القرآنية، وما يعتريه من خصائص وصفات، وما يربطه بغيره من علاقات، وما ينشأ عنه من ضمائم وتركيبات، وما ينتمي إليه من مشتقات، وما يتصل به من قضايا وموضوعات، وذلك تبعا لما يرسمه منهج الدراسة المصطلحية من قواعد وإجراءات في التَّبين والبيان


دواعيه
1- الحاجة الضاغطة في هذا الزمان، الذي قل فيه العلم، وفشا الجهل، وضعف اللسان، وطغى شياطين الفكر الغربي في الأرض، وأكثروا فيها الفساد؛ إلى قراءة القرآن الكريم القراءة الكاملة الشاملة، التي أعطت المسلمين في زمن الشهود الحضاري العلم والعمل والحال؛ القراءة التي تجمع مدلولات آيات القرآن، وتضبط مشمولاتها، وتنفي الاختلاف في فهمها والاحتمال عن تأويلها، ولا سبيل إلى ذلك بغير فهم مدلولات ألفاظها الشريفة، المروية من ماء البيان، والمبنية على الحق المحض والعدل التام، والمستعصية على التبديل والانقسام والمكتنزة لكليات الإسلام، والمثمرة لجلائل الأقوال والأعمال: ( واتل ما أوحي إليك من ربك لا مبدل لكلماته)
ومن هنا، كان من أوجب الواجبات على أهل العلم في الدراسات القرآنية، والمفكرين في نقطة انطلاق لحلول جذرية لأمر هذه الأمة الإسلامية، أن يولوا وجوههم شطر قراءة القرآن الكريم، ويقلبوا النظر في دراسة ألفاظه بمنهاج ينبني في الأساس على تذوق لسان العرب، واستقراء استعمال القرآن ثم السنة البيان لتلك الألفاظ في جميع الموارد والمقامات؛ وذلك لبناء صورة صحيحة كاملة لهذا الدين القويم، تنفي عن مفاهيمه المتناسقة انتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، وتحريف الغالين، وتلبيس الشياطين، وبغير ذلك ليس من سبيل إلى تجديد فهم، وإصلاح عمل، وتغيير حال، وارتقاء إلى مقام الشهادة على الناس أجمعين.
2- الحاجة الماسة لدراسة جادة لمفهوم الأمر خاصة؛ دراسة منهجية علمية تصله بأصله الأصيل: القرآن الكريم ثم بصحيح الحديث الشريف، ثم بالنافع من جهود علماء المسلمين، وذلك:
*لأنه مصطلح عظيم خطير، ارتبط بكلام الله ذي الجلال، وبكلام الإنسان، ووحي الشيطان، وندت عنه أمور وأشياء...، لها تعلقات بكل خير وصلاح، وكل شر وفساد، وكل ثواب وعقاب، ولها تنزلات في كل مكان وزمان وكيان؛ ولا غرو فإن الأمر لشريعة الأكوان كالمفتاح للشفْرات، ولدين الإسلام كالأس للبناء، وللشيطان أصل الإغواء ، وللإنسان في الامتثال أو العصيان سبيل النجاة أو الهلاك...
ومن هنا، تتجلى أهمية مفهوم الأمر وخطورته في فتح باب نوراني يوصل إلى العلم بالله وكلامه وكمالاته، والعلم بالكون ووظائفه وأعماله، والعلم بالإنسان وأقواله وأفعاله وأحواله، والعلم بالشيطان ووساوسه وخطراته. ومن ثم تتبين الحاجة الشديدة إلى تَبيُّن عناصر هذا المفهوم وضبط مكوناته، وتحليل المفاهيم المرتبطة به، المجلية لسماته ومقوماته وامتداداته؛ "كالقضاء"، و"القدر"، و"الإرادة"، و"التكليف"، و"الوحي"، و"الدين"، و"الوسوسة"، و"التزيين"، وغير ذلك...
*لأنه مفهوم هبت عليه أعاصير التغيير والتبديل، وحامت حوله أباطيلُ وأقاويلُ، وكثر فيه التنازع والتفريق، سواء على مستوى التصور، أو على مستوى التطبيق، قبل زمن التنزيل، أو بعد إقصاء شريعة الإسلام عن التنفيذ؛ ومِثل ذلك خلْط أقوام بين دلالة الأمر التكوينية ودلالته التكليفية، وإثارة آخرين لشبهات حول مسألة الأمر التكليفي: هل هو مستلزم للإرادة الكونية أم لا؟
ومن هاهنا، كان لا بد من التشمير لبيان الحق الأصيل في مفهوم الأمر، من أجل هدم الباطل الدخيل من المفاهيم، وكان لا بد من تأسيس هذا البيان على النظر في كل ما في القرآن من الأمر، لا في"بعض الأمر"، ثم النظر فيما يوافقه من السنة والخبر الصحيح، وما يؤيده من البيان العربي الظاهر الصريح. وذلك أقوم قيلا في تصحيح الفهم، ووزنه بميزان الحق، وأهدى سبيلا إلى تجديد الدين، وتنفيذ أوامره كاملة في واقع المسلمين.
*لأني لم أجد - فيما أعلم - من المتقدمين والمتأخرين، وأنا بصدد التمهيد لهذه الدراسة، من وفى هذا المصطلح من البيان والتبيين حقه، فدقق درسه، وبين حده ووصفه، وكشف نظمه ورصفه، واستقصى غوره وعمقه، ومده وجزره. كيف؟ ولم يمتلك مفتاح المفاتيح للدرس المصطلحي العميق، وهو منهج الدراسة المصطلحية... وإن نظرة وجيزة في جل ما أنجز في القديم والحديث حول مفهوم الأمر لتكشف عن غياب هذا المنهج الجديد، وتدعو إلى دراسة علمية منهجية لهذا المفهوم في القرآن الكريم؛ دراسة ترنو إلى استيعاب جهود المتقدمين والمتأخرين، وتقويمها، وتوظيفها توظيفا صالحا لأن يعين على تقديم فهم شامل لهذا المصطلح الجليل
3- محاولة الإسهام في تجريب منهج جديد أصيل، هو منهج الدراسة المصطلحية، المرشح باقتدار لضبط مصطلحات القرآن الضبط التام، وتحقيقِ مقاصده العلمية والعملية بمنتهى الإحسان، ولعل اختيار مفهوم الأمر المتشعب الحجم، والاجتهادَ في تطبيق هذا المنهج على دراسته وعرضه، أن يسهم في التفقيه المنهجي، النظري والعملي في المصطلح عامة، والمصطلح القرآني خاصة، ويعينَ على توضيح خصوصية هذا المفهوم المنهجية، في الدرس والعرض، ويُيسر لمنهجه البكر طورا من النمو والنضج, وقدرا من التداول بين الدارسين بأقل كبد وجهد.


منهجه :
إن المنهج المتبع في هذه الدراسة له أصول إجمالية تُستمد من روح المنهج الوصفي المطعم بالمنهج التاريخي، وله إجراءات تفصيلية تُطبق على كل مصطلح مدروس، و تتلخص هنا في مرحلتين :
الأولى: مرحلة الدراسة، وتنتظم الخطوات التالية:
1- إحصاء المصطلح وما يتصل به، وقد شمل إحصاءَ آياته، وصيغه، وتراكيبه وقضاياه،ثم إحصاء الأحاديث الصحيحة التي ورد بها، والتعاريف والشروح المختلفة التي شُرحت بها نصوصه.
2- تصنيف النصوص، واتجه إلى الآيات والأحاديث المتضمّنة للأمر بحسب الصيغ الصرفية والتركيبية، ثم إلى الشروح اللغوية، والتفسيرية، والحديثية، وغيرها من الكتب الدارسة للمفهوم.
3- دراسة المصطلح في النصوص المحصاة: وقد تناولت دراسةَ معنى المصطلح في اللغة والاصطلاح، اعتمادا على النصوص المستخلصة من المعاجم اللغوية فالاصطلاحية، وما في حكمها من الكتب الدارسة للمفهوم، ثم دراسة المصطلح وما يتصل به بكل آية من آياته،أو بنصوصه الحديثية التي أمكن استخلاصها بهدف التماس المطابقة والموازنة بين وروده فيها ووروده في القرآن الكريم، شكلا وحجما ومعنى.
4- تصنيف النتائج المستخلصة من الدراسة: وقد تم هذا التصنيف عبر التدرج من التصنيف المفهومي الجزئي فالكلي إلى تحصيل التعريف، بشكل يفضي إلى العلم بالمصطلح في صورة متكاملة

الثانية: مرحلة العرض
وقد سارت طريقة العرض وفق الأركان المفهومية التالية:
1- التعريف، وقد تضمن:
التعريف اللغوي للأمر في المعاجم، وانصب فيه الاهتمام على استنباط أصله الدلالي ومأخذه اللغوي.
التعريف الاصطلاحي القرآني : وقد تمهد عرضه بإحصاء عام شامل لموارد المصطلح وأشكاله في القرآن الكريم؛ ثم استُقرئت مختلف معاني المصطلح المصدرية والاسمية، واستُنبط منها تعريف جامع لها.
2- الخصائص والصفات والعلاقات وقد تم عرضها كالآتي:
* تحليل الخصائص والسمات المميِّزة للمصطلح، المبينة لمداه الاصطلاحي، ووظيفتِه في الجهاز المصطلحي، وموقِعه داخل النسق المفهومي،
* عرضُ الصفات الحُكمية التي أُلصقت بالمصطلح، نعتا كانت أم عيبا.
* عرض العلاقات الواصلة للمصطلح بسواه، والفارقة له عن سواه، وذلك باستقراء موارد العلاقة، وذكر أحوالها، وبيان دلالة اللفظ المتعالق مع المصطلح المدروس في اللغة وفي اصطلاح القرآن، وتحليل أوجه العلاقة الرابطة بين المصطلحين، وتحديد نوعها، وبيان ثمراتها.
3- الضمائم والمشتقات
أما الضمائم، فقد شمل عرضها استقراءَ موارد الضميمة ثم تعريفَها، وبيانَ صفاتها وعلاقاتها، وقضاياها إن وجدت، وأما المشتقات، فنظرا لضآلة مواردها وعناصرها؛ تم التفصيل في تعريفها وبيان أركانها بالشكل الذي يتناسب مع موقعها من العرض، وتُوج ذلك بذكر العلاقات المفهومية التي تربطها بالمصطلح الأم، ائتلافا واختلافا..
4- القضايا والموضوعات
وقد تضخم عرضها تبعا لتشعب دلالات المصطلح وسعة موضوعاته وتنوع مجالاته، فاحتيج إلى عقد باب مستقل يتسع لتحليل كل قضية على حدة؛ تحليلا يراعي حجمها وأهميتها وطبيعتها، وصلتها بالنصوص نفسها.

خطته
وفي ضوء ما تحدد من منهج الدراسة والعرض، جاء تخطيط هذا الكتاب في بابين كبيرين وخاتمة.
أما الباب الأول، فقد خُصص للدراسة المصطلحية، ويشمل ثلاثة فصول:
* الفصل الأول: جعلته لتعريف الأمر في القرآن الكريم، وضمنته مبحثين: (أولهما):
التعريف اللغوي للفظ الأمر، و(ثانيهما): التعريف الاصطلاحي القرآني للأمر.
* الفصل الثاني: أفردت فيه بالدراسة خصائص الأمر وصفاته وعلاقاته، ضمن مبحثين: (أولهما): خصائص الأمر وصفاته، و(ثانيهما) علاقاتُه.
* الفصل الثالث: خصصته لدراسة ضمائم الأمر ومشتقاته، ويشمل مبحثين:
(أولهما): ضمائم المصطلح، و(ثانيهما): مشتقاته
وأما الباب الثاني، فقد خُصص للتفسير الموضوعي، ويضم – على غرار سابقه – ثلاثة فصول:
* الفصل الأول: بسطت فيه قضية الأمر الإلهي ضمن مبحثين كبيرين: (أولهما): الأمر الإلهي التكويني، و(ثانيهما): الأمر الإلهي التكليفي.
* الفصل الثاني: حللت فيه قضية الأمر الشيطاني، في خمسة مباحث:
(أولها): حقيقته، و(ثانيها) : متعلقاته، و(ثالثها): أسبابه، و(رابعها): نتائجه، و(خامسها):أبعاده.
* الفصل الثالث: درست فيه قضية الأمر الإنساني الموسومة ب"الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، ويشمل – كسابقه – خمسة مباحث: (أولها): حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، و(ثانيها): شروطه، و(ثالثها): مراتبه، و(رابعها): صفات الآمر والناهي، و(خامسها): القِيم في قضية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
أما الخاتمة، فخُصصت لأبرز الفوائد المنهجية والخلاصات العلمية التي أسفر عنها البحث، وذُيلت بفهارس ميسِّرة للانتفاع به.

ثمراته وتوصياته
Œ- فائدة دراسة المفاهيم القرآنية، طبق منهج الدراسة المصطلحية، في تحقيق الفهم السليم للنص القرآني الكريم، وتحديد مفاهيم مصطلحه؛ تحديدا يحصي آياته، ويجمع مشمولاته ويكشف عمود نظامه، ويبرز سماته ومقوماته، ويغوص على أبعاده وموضوعاته، ويستخرج لطائفه وإيحاءاته، مما يدفع دفعا إلى إجماع الأمر، وإتقان الدرس، وإحكام التدبير، وإحقاق التعبير, ويشرع السبيل أمام تخليص المصطلح الكريم من غلطات المفسرين وشطحات المتأولين, وتقريب مفهومه القرآني من أفهام المتلقين، ليقع العمل به في واقع المسلمين.
ولعمري لوأحسن الدارسون في تطبيق منهج الدراسة المصطلحية على المصطلح القرآني الكريم، وأغنوه بالمحاولات والتجارب، وأوسعوه من حيث الإجراءات والوسائل، وتطلبوا في تنفيذه الغايات والمقاصد، لجعلوه لهم شرعة ومنهاجا، وللدرس المصطلحي قواما وملاكا.
- رسم ضوابط منهجية، أتاحها منهج الدراسة المصطلحية؛ لدراسة نتاج الفهوم في سائر القرون، ولاسيما الفهوم التفسيرية؛ دراسة لا تغيب عنها أصول التفسير السليم : من تفسير القرآن بالقرآن، ورعاية نظم الكلام وظاهر البيان، والأخذ بصحيح الأحاديث وصريح العقائد... وسائر ما من شأنه أن يعين على كشف الحق من أي علم كان، وطرح كل غثاء ببرهان، ومن ثم يعين على تقديم الفهم الشامل الصحيح للمصطلح في القرآن، وتنزيله على واقع البحث بميزان.
Ž- رصد الخصوصيات المنهجية لدراسة مصطلح الأمر في القرآن الكريم على مستوى التحضير والتحرير، وهي خصوصيات نابعة- كما تقدم- من موارد المصطلح الكثيرة ومعانيه المتشعبة وسماته المتميزة وأبعاده الممتدة ومجالاته المتنوعة، وظاهرة في تتبع مسالك مخصوصة؛ كالاستقراء الشامل لموارده، والتركيب الدقيق لمعانيه، وتعضيدها ومقارنتها بنظائرها في نصوص الحديث بالهامش، والوصف والتحليل لسمات المصطلح وصفاته وعلاقاته، والدراسة المصطلحية للكلمات المفاتيح المبينة لحقيقة موضوعاته، والتفسير للمستفادات العلمية ضمن مجالاته، والترتيب لعناصر العرض ومعاقد البحث، وصلا لمدلولاته وجمعا لمشمولاته. وإن الاحتكام إلى هذه الخصوصيات ليشهد شهادة قاطعة على أن المنهج الدارس لن ينضج ويستقيم، والمصطلح المدروس لن يفصح ويبين، إلا إذا اجتهد الدارس في تنزيل قواعد المنهج وإجراءاته على واقع البحث وخصوصياته. وبغير ذلك ، لايمكن أن يستقيم للبحث المصطلحي في المفاهيم سير راشد.

وأما الثمرات العلمية, فنجملها فيما يلي :
Œ- انطلق مصطلح الأمر في اللغة من معان لغوية متآلفة تؤول إلى معنى "الظهور"، وتطور عن مأخذ حسي هو" معالم الطريق الظاهرة"، ولبس في القرآن الكريم حلة جديدة من المعاني المصدرية والاسمية، التي استمدت من مجموع نصوصه، ومختلف سياقاته وصور وروده، وتوجت باستنباط تعريف جامع للمصطلح، وهو الشأن الرباني المتعلق بالخلق تدبيرا وتكليفا.
- تميز مصطلح الأمر في القرآن الكريم بكثرة النصوص وتنوع أحوال الورود, وتعدد الضمائم والعلاقات, وتشعب الدلالات والامتدادات, مما أثمر قوة في اصطلاحيته, وجدة في دلالاته, وسعة في استعمالاته وعلاقاته وامتداداته. وبملحظ من تمايز معانيه المصدرية والاسمية، تنوعت وظائفه في جهازه المصطلحي، فشملت التأسيس لتثبيت شريعتي الفطرة والدين, والدعوة إلى الخير أو الشر، والتحقيق لشؤون التدبير والتكليف. وباعتبار ذلك، احتل المصطلح موقعا عظيما داخل أسرته المفهومية؛ إذ ارتبط من خلال مفاهيمه التكوينية والتكليفية، المصدرية والاسمية، بالمصطلحات المنتمية إلى الكلام الإلاهي، والمؤسسة لبناء الشريعة التكليفية والتكوينية، والمتعلقة بالشؤون الإلاهية والجزاءات الأخروية.
كما ارتبط انطلاقا من مفاهيمه الدعوية، الإصلاحية والتخريبية، بالمفاهيم المجلية لحقيقة الدين الرسالية ووظيفة أتباعه التبليغية، والمفاهيم المعبرة عن وساوس الشيطان وأعمال أوليائه الإفسادية.
Ž- ازدادت وظيفة الأمر الإنجازية وضوحا وموقعه المتميز شموخا بين المفاهيم المتعلقة بالشؤون الربانية والإنسانية، من خلال وروده موصوفا " بالحكمة" و"القضاء" و"الفعل" على سبيل التعظيم للشؤون الإلاهية في المجال التكويني، و"بالمرج" على سبيل الذم لأحوال الكفار المضطربة في المجال النفسي، وبالجامع" و"الأمن " و"الخوف" على سبيل إبراز طبيعة شؤون المسلمين في المجال السياسي والحربي، وهو ما يفيد التأكيد على سمات بارزة في مفهوم الأمر بوصفه نتيجة : سمة التحقق والنفاذ والإيجاد على غاية الإحكام، في بعدها الإلاهي، وسمتي التشاور في أمر التمكين لأمر الله والاضطراب في تناقل أخبار الحرب، في بعدهما الإنساني.
- كشف البحث في علاقات الأمر في القرآن الكريم عن أشكال متنوعة من أوجه الترابط والتغاير، الواصلة للمصطلح بسواه والفارقة له عن سواه؛ فبين أن العلاقة بين "الأمر" و"النهي" مجتمعين ومفترقين في السياق القرآني علاقة متشعبة ، وجهها الأول : الائتلاف الذي تجسده صلات التقابل (العموم والخصوص) والتداخل والتلازم والتناظر، ووجهها الثاني : الاختلاف الذي يرقى إلى درجة التضاد، كما بين أن المصطلح تعالق مع الإرادة والحكم, على وجه العموم والخصوص, ومع الوعظ والوعد على وجه التكامل. وبهذه الأوجه العلائقية, تعزز مفهوم الأمر, كما حدد في التعريف, بما هو طلب يتم به التكليف, ودعاء إنساني إلى الخير, وشيطاني إلى الشر, واتضحت سماته بشكل دقيق من خلال تأكيد موقعه التأسيسي ضمن الخطاب التكليفي الإلاهي, وموقعه الرسالي ضمن الخطاب التبليغي الإنساني, وموقعه التخريبي ضمن الوحي الشيطاني. ولعل أهم ما استفيد في ضوء ذلك: بيان منهج القرآن الكريم في التشريع والدعوة والإرشاد, وتحصيل فوائد علمية وعملية, لها أثر كبير في تصحيح الفهم والعمل, وتحريض الإنسان على الامتثال.
- باستقصاء التراكيب المختلفة التي انضم فيها الأمر إلى غيره من المصطلحات، تكشفت لنا امتدادات المصطلح المفهومية الداخلية, ممثلة في ضميمتي الإضافة : (أمر الله) و(أولو الأمر) وضميمة الإسناد : (الأمر بالمعروف) وضميمتي الوصف "عزم الأمور" و"عاقبة الأمور" وضمائم لغوية أخرى أبرزت اختصاصاته. ولعل أهم ما تحصل من دراسة هذه الضمائم الاصطلاحية :
B أن ضميمة "أمر الله", أشهر ضمائم الأمر في القرآن الكريم وأضخمها, دلت على معنى الشأن الرباني المتعلق بالخلق تدبيرا وتكليفا، وهو ما نمى مفهوم الأمر في مجال التدبير والتكليف, وجلى، بملحظ من حجم الورود وجزئيات المعنى، المكانة العظمى التي يحتلها أمر الله التكويني خاصة في القرآن الكريم, هذه المكانة عززها ورود الضميمة - بهذا المعنى الكوني- موصوفة ب"الفعل" و"القدر المقدور" باعتبار دلالتهما على تحقق أمر الله بمقدار وإحكام, ومقترنة بضميمة إذن الله- بمعناها الكوني- على وجه الترادف والتكامل, في سياق الإنذار بعذاب الله بعد ظهور الآيات، واستعراض أدلة القدرة والنعمة في مجال الكون, وكذا بضميمة "سنة الله" , على وجه العموم والخصوص, في مجال التقدير والتشريع لزواج زينب بالنبي عليه السلام.
B أن انضمام الأمر إلى المعروف أفاد معنى : دعوة هذه الأمة الناس بالقول إلى الأمور المعروفة والمحمودة في العقل والشرع، مما أكسب الأمر قيدا في مفهومه العام، الدال على الطلب، وسعة في هذا المفهوم من جهة دلالة المعروف على مطلق الطاعات التي يستلزمها دين الإسلام، وبذلك احتلت الضميمة موقعا متميزا ضمن تكاليف هذا الدين، وجسدت خصيصة بارزة من خصائص المؤمنين، تثبت خيريتهم وتليق بمقام خلافتهم، وهو ما يزكيه اقترانها بأوثق العرى بمصطلحات ضخمة, شكلت قوام الدين؛ ك"الإيمان", و"إقامة الصلاة" و"الصبر", و"الدعاء إلى الخير", و"إحلال الطيبات", و"النهي عن المنكر"...
B أن ضميمة "أولوا الأمر" جاءت بمعنى: جماعة من المؤمنين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، إليهم يرجع الناس في شؤونهم ومصالحهم، وهو الأمر الذي جعل مفهوم الأمر الدال على الشأن مقيدا بشرط الإيمان, وممتدا إلى كل الأعصار, ومتناولا جميع أهل الحل والعقد من العلماء والأمراء.
B أن انضمام "الأمور" إلى وصف "العزم", الدال على عقد القلب على الأمر, ووصف "العاقبة" المستعمل في معنى آخر الكفر والعصيان, أفاد نوعا من الأمور, وهي الطاعات والخلال الواجبة التي تعقد عليها العزيمة, والأعمال التي تصير إلى الله سبحانه للجزاء عليها في الدنيا والآخرة.
‘- نظرا لما تتسم به مشتقات الأمر في القرآن من قلة الموارد, وضآلة العناصر, لم يكن لها أثر كبير في تقوية دلالة المصطلح وإثراء مفهومه, ورسم تشعبه خارج نصوصه. ولعل أهم ما تحصل من دراستها : تكثيف مفهوم الأمر الشيطاني (الأمارة), وتأكيد اتصاف الكملة من المؤمنين بفضيلة الأمر بالمعروف (الآمرون).
’- انتظمت المعلومات المصطلحية والمستفادات العلمية، المستلهمة من جميع نصوص المصطلح في سلك قضايا ثلاث : قضية الأمر الإلاهي, وقضية الأمر الشيطاني, وقضية الأمر الإنساني. وحاصل دراستها الموضوعية يتمثل في النتائج التالية :
B أن قضية الأمر الإلاهي بشقيها التكويني والتكليفي هي عمود قضايا الأمر في القرآن الكريم، بل هي قطب دعوة القرآن إلى الإيمان والإسلام، ومن ثم كان حشد موضوعاتها على التمام ضرب من المحال, والكلام في تفسيرها ليس كمثله كلام، ولئن طال، فليس على المتكلم تثريب ولا ملام.
B أن الأوامر التكوينية الإلهية, كما كشف عنها مسار البحث الطويل, غيب من الغيب الذي تتقاصر دون إدراكه الأفهام؛ لأنها – كصفات الله الأزلية - تتسم بخاصية الإحاطة بكل شيء, والتجلي في كل شيء؛ ولاغرو فقد تبين أنها نازلة من خزينة الكلام الإلهي الذي لا ينفد, نابعة من صفة الإرادة الإلاهية المطلقة, شاملة للدساتير الكونية؛ الدنيوية والأخروية, نافذة في جميع الأحياء والأشياء والأقدار, بمنتهى اليسر والاطراد؛ متجلية في مجالات متنوعة, تستعصي على الاستقصاء، كمجالات التكوين والتدبير والتسخير والقضاء؛ مجلية لعظمة ربوبيته سبحانه وحقيقة رحمته وحاكميته وقدرته، ممثلة من قبل الأسباب الظاهرة والغيبية, التي تدبر أمور قدر الله في الكون والخلق, وفي عالمي الشهادة والغيب.
وبما أن تلكم الأوامر التكوينية هي مناط القدر والقضاء, فقد أنجز البحث دراسات مصطلحية مركزة لعدد من المفاهيم التي هي منها بسبيل مقيم وعلى سبب متين، منها مفاهيم : الخلق" و"الإحياء" و"التدبير" و"التصريف" و"القضاء"... الأمر الذي يسر الولوج إلى مجالاتها المتشعبة, ورسم أبعادها الممتدة, وعزز حقيقتها القدرية, وبين وجوه الفصل والوصل في علاقاتها بأسرتها المفهومية، ولاسيما بمفهومي: "الخلق" و"القضاء"..., وأكد سماتها البارزة : سمات التحقق , والنفاذ, والثبات, والوحدة والسرعة, والتقدير والتدبير لكل شيء وفق ما سطر في الكتاب.
وبالجملة, فإن هذه الدراسة للأوامر التكوينية أسهمت في رسم صورة مقاربة للكمال عن مفهوم هذه الأوامر وتجلياتها ووسائل امتثالها وتمثيلها؛ صورة فتحت من كل شيء نافذة للعلم بالله وكلامه وكمالاته, والعلم بأقضيته وأقداره, والعلم بالكون وقوانينه وأعماله.
Bباستقراء مسالك البحث في حقيقة الأوامر التكليفية ومجالاتها, يتحصل :
ó أن الدراسة المصطلحية لمفاهيم :"التكليف" و"الدين" و"الوحي" أسهمت في توسيع مفهوم الأمر التكليفي, وتبيين أبرز خصائصه وعلاقاته, التي تعزز موقعه الأصيل, المؤسس لتثبيت دين الإسلام, وتنظيم حياة الإنسان؛ كصلات الأمر ب"الدين" و"الدين" ب"الفطرة"، وسمات : الثبات والاستقامة, والحق, واليسر, والإحياء...
كما ذللت هذه الدراسة سبيل الكشف عن مصدره السامي ومقامه العالي, من خلال تجلية حقيقة الوحي المنزل على الأنبياء, وعلو موقعه ضمن سائر الكلام الإلهي, وعادت بالبيان على وسائطه الغيبية والبشرية، مما نفى عنهم دعوى الربوبية وعزز وظيفتهم التبليغية.
ó أن الدراسة الموضوعية لمفاهيم الأوامر التكليفية - مادة وصيغا وأساليب - ضمن مجالات الحياة الإنسانية, الفكرية والخلقية والعملية, بينت بوضوح أن تلكم الأوامر ركزت الاهتمام على ترسيخ أصول الإيمان, وتشريع أركان الإسلام, وما تعبدنا الله به من الدعاء وتلاوة القرآن, وتثبيت محاسن الخلال، ولاسيما الاستقامة, والعدل, والإحسان , وصلة الأرحام , وتأسيس قواعد المعاملات في شتى مناحي الحياة, وخاصة المشاورة في الأمر, وأداء الأمانات في الولايات والأموال, والعدل بين الناس في الأحكام, والاستيثاق في الدين, والتعاون بين الأفراد والجماعات في الحرب والسلم, والمودة والرحمة بين الأزواج...
ومن خلال عرض تلكم الأوامر، أبرزت الدراسة وحدتها وتكاملها، بشكل يدعو الإنسان إلى امتثالها جميعا؛ لبلوغ كماله المادي والمعنوي, ورصدت تنوع صيغها وأساليبها, واختلاف مكيها عن مدنيها من حيث التفصيل والإجمال, وذلك وفق أهمية المأمور به, وظروف التنزيل, وأحوال المخاطبين في مكة والمدينة, وفي كل مكان وزمان.
وبالجملة، فإن الدراسة قد أسهمت في الكشف عن أعظم مظاهر وحدانية الألوهية, ورحمتها بالإنسان, وحكمتها في تشريع الأحكام, وعرفت بأوجب واجبات عبودية هذا الإنسان اتجاه تجلي ربوبية مولاه.
بتحليل موضوع الأمر الشيطاني, تم تشريح سمات المفهوم الدلالية بدراسة مصطلحية لمفاهيم لها وثيق الصلة بمفهومه؛ ك"الوسوسة", و"التزيين", و"التمنية", و"السلطان", فتبينت علاقته بها، وتعزز موقعه منها, وخلص البحث إلى تأكيد مفهوم أمر الشيطان, وتوسيعه, والتركيز على عدميته, ونفي تأثيره. وبمقتضى هذا النظر المفهومي, تم تحليل متعلقاته داخل النصوص؛ ك"السوء", و"الفحشاء", و"القول على الله بلا علم", و"تغيير خلق الله", وتجلية الأسباب الكامنة وراء الأمر بذلك؛ حيث تحددت في : عصيان إبليس للأمر الإلهي, وفي كبره وحسده, وفي حقده وعداوته, مما أثبت أن الإنسان مخلوق كريم, والشيطان له عدو مبين, وأمره ناضح بالكيد والتصميم, ونافذ على كل غافل ضعيف. وبتحليل مظاهر نفاذه, بين البحث أن أولياء إبليس هم المشركون والمنافقون واليهود, وأن جماع الشرور التي يأمرون بها نيابة عنه هي الكفر والشرك, والبخل, والزنا, والتحاكم إلى شريعة الشيطان عوضا عن شريعة الله. ثم ختم ذلك بتحليل الأبعاد المختلفة التي تكتسيها نصوص الأمر الشيطاني في واقع الأمة وغدها, علاجا لما لحقها من ضعف في عقيدتها, وتحريف في شريعتها, وفساد في أوضاعها.
كشف البحث عن الأبعاد الموضوعية لمفهوم الأمر الدال على الدعاء إلى الخير, ضمن تحليل قضية الأمر الإنساني الموسومة بقضية "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر", حيث أثبت فرضية الأمر والنهي على جميع المسلمين, كل بحسب علمه وطاقته وجهته, ودحض شبهة إهمالهما, وبين أهم شروطهما, وهي : الإيمان, والولاية، والعلم, وتدرج في بسط مراتبهما من مرتبة الدعوة والتبليغ إلى مرتبة التربية والتنظيم, وتناول من صفات الآمرين والناهين : إقامة الصلاة, والائتمار بالمعروف والانتهاء عن المنكر, والصبر, والعفو والإعراض, وجلى, ضمن قيمه المختلفة, أهمية الدعوة وضرورتها في حفظ الحياة الإنسانية من المنكر وإقامتها على المعروف, والارتقاء بها إلى ذروة الكمال الإنساني والرقي الحضاري.
وكان من أهم نتائج البحث في هذه القضية : بناء رؤية قرآنية متكاملة لمفهوم الأمر الإنساني في جانبه الإيجابي, وتقرير وظيفته الدعوية الإصلاحية, والتعرف على عدد من المصطلحات المنتمية إلى أسرته المفهومية.
وبعد، فهذا حظي من اجتلاء مفهوم الأمر واتباع مسالكه, واجتناء ثمراته, ولست أدعي أنني حققت تغلغلا في آياته, واستيفاء في فهمه, واستيلاء على شامل دلالته. كيف؟ وذلك مما تفنى دونه الأعمار, وتجف عنده الأقلام. ولو "استقبلت من أمري ما استدبرت" لعدت إلى كتابة البحث مرة أخرى, متعهدة قلبي, ومنيبة إلى أمر ربي, رجاء أن يهيئ الله لي رشدا من أمري, ويفتح لي طريقا إلى كتابه, أصيب فيه مزيدا من معاني هذا المصطلح الجليل ونفحاته؛ إذ من القطعي أن مصطلحات القرآن لا تتفتح عن أسرارها, ولا تعطي خيراتها, إلا لمن يستقبل أنوارها بقلب سليم, ويحقق مفاهيمها بغاية التسليم, لا لمن يقرؤها لمجرد الدراسة الفنية أو العلمية, ولا لمن يدرسها لمجرد إحصائها ووصف مفرداتها, وتتبع سياقاتها وأوضاعها, وضبط مدلولاتها ونسق مشمولاتها...
فلعل هذه الدراسة أن لا تكون مجرد دراسة علمية لهذا المفهوم, وفق المنهج المعلوم, وأن تكون قراءة هادفة لتحريك الجوارح وتوجيه القلوب :
… إلى الإيمان بخلق الله وأمره.
… إلى فعل المأمور وترك المحظور والتسليم بالمقدور في كل الأمور، لا في بعض الأمور.
… إلى مجاهدة أوامر إبليس ومواجهة تآمر حزبه على تغيير الدين.
… إلى دعوة الناس إلى عبادة الله وحده في أمرهم كله...
ولعلي بعد ذلك أكون قد يسرت سبيلا إلى فقه هذا المفهوم, قد لا يكون واضحا كل الوضوح, بل قد يكون آهلا بالهنات والعيوب , ولكن سداده وصوابه أنه شق أكثر من طريق إلى إنجاز دراسات في مفاهيم ستلقي مزيدا من الأضواء الكاشفة على كثير من حقائق المفهوم المجملة, وعلى علائقه المفهومية خارج النصوص وداخلها, وعلى قضاياه الموضوعية, ومن ذلك :
بحث مفاهيم " الكلمة" و"الكتب" و"الوصية" و"الفرض" و"الخلق" و"الموت" و"النصر" و"البعث"...
بحث علاقة الأمر بمفاهيم" الخلق" و"القضاء" و"القدر", وغيرها من العلاقات التي نالها ضيم وهضم بسبب ضيق الوقت؛ ك"قطع ما أمر الله به أن يوصل" و"نقض عهد الله" و"الفساد في الأرض", و"وصل ما أمر الله به أن يوصل" و"خشية الله"، و"الإضلال" و"الأمر"، و"تدبير الأمر" و"تفصيل الآيات"...
دراسة سنن الله في التقدير والتشريع؛ لفهم أعمق وأوسع لقضية الأوامر التكوينية والتكليفية.
دراسة أوامر القرآن التكليفية وفق ترتيب النزول وأحداث السيرة؛ لتبين معالم المنهاج الأول كيف سار, وكيف رسم وفقا لحاجات المسلمين الأول, ومن ثم استلهام هذا المنهاج في فقه أوامر ديننا المفصلة, وتنزيل أوامره المجملة على واقعنا المتجدد؛ لتحقيق عودة صحيحة إلى التاريخ.
وعلاوة على ما تقدم، فإن هذا البحث بما أثمره منهجه وخطته، يوصي الدارسين للقرآن الكريم ومصطلحاته بأمرين رئيسين:
أولهما: العناية بعلم نظام القرآن؛ لتحصيل التدبر الأمثل في كتاب الله، وتحقيق النظرة الشاملة إلى معانيه، والاهتداء إلى اتساق مبانيه، وفقه كليات الدين ونظام أموره، وتعلم الحكمة والارتقاء في سلمها إلى درجة " أولو العزم" من العلماء والباحثين الربانيين: (ومن يوت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا): البقرة/ من الآية 269.
إن هذا الفهم الحكيم المتكامل الذي يحققه العلم بنظام القرآن الباهر، بات مطلبا ملحا على العلماء في هذا الزمان، الذي تبعض فيه الفهم، واقتصر النظر على ظواهر الأمور، واختلت الموازين وتغيرت المفاهيم، وضاقت الأرض بما رحبت على أمة هذا الدين...
ثانيهما: تجديد البحث في التفسير الموضوعي، بإضافة مفهوم جديد إلى معناه، وهو توظيف المعلومات المصطلحية والمستفادات العلمية، المستلهمة من النظر المصطلحي في جميع النصوص، وتحريرها ضمن قضايا مترابطة متكاملة، تأخذ عناوينها من المادة القرآنية نفسها، وتنتظم النصوص في أكنافها على صعيد واحد، لتفسح المجال إلى تدبر أعمق في دقائق المفهوم وحقائقه، وإحاطة أشمل بأسراره ولطائفه، ونظرة أبعد في شعابه وطرائقه.
ولعمري إن هذا الدرس المصطلحي، بما يحققه من صحة في الفهم، وتكامل في الرؤية؛ لهو الوسيلة الإجرائية المثلى لتحقيق ذلكم التجديد المطلوب، الذي به يتجدد الفهم، ويصح العمل، ويصلح الحال.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ..
 
عودة
أعلى