الخاتمة
الخاتمة
عرضتُ في الفصول الستة التي تألفت منها هذه الدراسة لظواهر الرسم في مصحف جامع الحسين في القاهرة، ودرستها دراسة لغوية موازنة بكتب رسم المصحف والمصاحف المخطوطة القديمة، فتناولتُ في الفصل الأول الجانب التاريخي والوصفي لمصحف جامع الحسين، وتناولتُ في الفصل الثاني ظواهر الحذف والإثبات، ثم الفصل الثالث ظواهر الزيادة في هذا المصحف، وجاء الفصل الرابع في ظواهر الإبدال، ثم تناولتُ في الفصل الخامس ظواهر الهمزة، ثم ختمت هذه الدراسة بالفصل السادس عن ظواهر المقطوع والموصول،
ويمكن أن أُجمِلَ ما جاء في هذه الفصول من نتائج بالنقاط الآتية:
1- للمصاحف المخطوطة أهمية كبيرة جداً، وهي تقدم معارف متنوعة، منها ما هو خاص بتاريخ الخط العربي وتطوره، ومنها ما هو خاص بعلم الرسم والضبط، وقد قدمتِ المصاحف المخطوطة القديمة مادة كبيرة اعتمد عليها علماء الرسم في مؤلفاتهم، منها ما هو خاص بالظواهر اللغوية التي احتفظت بها المصاحف المخطوطة، ومنها ما هو خاص بالتكميلات التي أدخلت على المصاحف الأولى كعلامات الخموس والعشور والأحزاب والأجزاء، وعلامات الوقف والابتداء وغيرها، فهي مادة مهمة وقيمة تُكَمِّلُ ما موجود في المصادر المتخصصة بهذا الموضوع.
2- بينت تأريخ مصحف جامع الحسين، وكيف وصل إلى القاهرة، وعرضت الآراء حول نسبة هذا المصحف إلى مصاحف سيدنا عثمان رضي الله عنه، وأيدت الآراء التي تنفي نسبة هذا المصحف إلى مصاحف سيدنا عثمان رضي الله عنه، واجتهدت في تحديد تأريخ نسخ هذا المصحف بالاعتماد على جملة من الأدلة المادية والتاريخية، وقد ترجح لدي أنَّه كُتِبَ في نهاية القرن الهجري الأول أو في أوائل القرن الهجري الثاني.
ثم قدمتُ وصفاً دقيقاً للمصحف تضمن ذكر عدد الأوراق ونوعها، وحجم المصحف وطريقة الكتابة ونوع الخط المستعمل، والتكميلات التي أُدخِلَتْ على المصحف، وحاولت تحديد المصحف الذي نُسِخَ منه هذا المصحف، وقد ترجح لدي أنَّ خصائص الرسم في هذا المصحف تقرب من المصحف الكوفي، والمصحف المدني.
3- إنَّ أغلب ما جاء في المصحف الحسيني من ظواهر الحذف والإثبات له ما يؤيده في كتب رسم المصحف، والمصاحف المخطوطة القديمة، وانفرد المصحف الحسيني بظواهر في الحذف والإثبات لم أجد ما يؤيدها في كتب رسم المصحف، وهي قليلة جدًّا إذا ما قيست بحجم ظاهرة الحذف والإثبات في رسم المصحف، نحو حذف الألف من:
[FONT=QCF_BSML]ﭽ[/FONT][FONT=QCF_P361]ﭢ[/FONT][FONT=QCF_BSML]ﭼ[/FONT] في الفرقان [ 13 ]، والأحزاب [ 11 ]، وإثباتها في نحو:
[FONT=QCF_BSML]ﭽ[/FONT][FONT=QCF_P315]ﯯ[/FONT][FONT=QCF_BSML]ﭼ[/FONT] في طه [ 63 ]، و
[FONT=QCF_BSML]ﭽ[/FONT][FONT=QCF_P558]ﯪ[/FONT][FONT=QCF_BSML]ﭼ[/FONT]في الطلاق [ 4 ]، و
[FONT=QCF_BSML]ﭽ[/FONT][FONT=QCF_P151]ﮰ[/FONT][FONT=QCF_BSML]ﭼ[/FONT] في الأعراف [ 10 ]، و
[FONT=QCF_BSML]ﭽ [/FONT][FONT=QCF_P388]ﯝ[/FONT][FONT=QCF_BSML]ﭼ[/FONT][FONT="] [/FONT] في القصص [ 27 ]، و
[FONT=QCF_BSML]ﭽ[/FONT][FONT=QCF_P007]ﭰ[/FONT][FONT=QCF_BSML]ﭼ[/FONT] في البقرة [40]، وحذف واو الرفع من كلمة
[FONT=QCF_BSML]ﭽ[/FONT][FONT=QCF_P045]ﯴ [/FONT][FONT=QCF_BSML]ﭼ[/FONT]، ولكن نجد ما يؤيد هذه الرسوم في عدد من المصاحف المخطوطة القديمة، مما يؤكد أنَّ هذه الظواهر قديمة معروفة في الكتابة العربية.
4- قدم علماء الرسم والعربية جهوداً كبيرة اجتهدوا فيها لتقديم تفسير مقنع حول ظواهر الحذف والإثبات، وتركزت جلَّ تعليلاتهم لتفسير حذف الألف بأنها حذفت لكثرة الاستعمال أو الدَّور أو الاختصار، أو لضعف الألف وأنها الأكثر في الكلام لهذا تعرضت للحذف، أو الاكتفاء بحركة ما قبل الألف للدلالة على حذفها، وهي تعليلات لا تقدم تفسيراً مقنعاً لهذه الظاهرة، لذا حاول عدد من العلماء تلمس تفسيرات أخرى لتعليل هذه الظاهرة، ولعل من أبرزها الاعتماد على الجانب التاريخي للكتابة العربية ورصد التطور الذي شهدته في تفسير حذف الألف وإثباتها في رسم المصحف، مع مقارنتها بالنقوش الكتابية التي تعود إلى الحقبة التي سبقت كتابة المصحف أو عاصرته، وهو من التعليلات المهمة التي تفسر لنا ظاهرة حذف الألف وإثباتها في رسم المصاحف، ويمكن على أساسه تقديم فهم صحيح لهذه الظاهرة في المصاحف، وكان لعامل حجم الكلمة أثر في تفسير عدد من ظواهر الحذف والإثبات في المصحف، فكلما كثرت حروف الكلمة كانت أكثر عرضة للحذف من غيرها، وأنَّ اضطرار الكاتب للالتزام بالنسق الكتابي للمصحف له دور كبير في ظاهرة إثبات الألف، ولاسيما المصاحف المخطوطة القديمة، فورود كثير من الكلمات في المصاحف المخطوطة القديمة موزعة على سطرين أسهم في إثبات ألفها، فلما جاءت الكلمة في نهاية السطر اضطر الكاتب لتقسيمها على سطرين، فكتب الألف في نهاية السطر، ثم أكمل بقية الكلمة في أول السطر اللاحق، ولهذا جاءت كثير من الكلمات في المصحف الحسيني والمصاحف المخطوطة القديمة بإثبات الألف.
5- ينبغي عند محاولة تقديم تفسير لظواهر الرسم في مصاحف كُتِبَتْ قبل استقرار قواعد الرسم الإملائي أن يؤخذ بنظر الاعتبار علاقة هذه الظواهر بالكتابات القديمة الأخرى، فهذا المنهج المقارن يساعد كثيراً في تقديم تفسيرٍ صحيحٍ لظواهر الرسم، لأنَّ الكتابة العربية التي دُوِّنَ بها القرآن – في الرأي الراجح – متطورة عن الكتابة النبطية، التي هي أحد فروع الكتابة الآرامية، وهي تفيد فائدة عظيمة في فهم كثير من ظواهر الرسم إذا نظرنا إلى ظواهر الرسم على أساس علاقة العربية بغيرها من الكتابات في اللغات الجزرية ( السامية ) التي تُكَوَّن مع العربية مجموعة أو أسرة لها صفاتها المعينة التي تميزها عن غيرها من المجاميع اللغوية، وبهذا نستطيع فهم كثير من الظواهر مما استغلق على علماء العربية أو الرسم الأوائل، أو مما تباينت فيه أقوالهم وتباعدت، ولمسنا هذا في تفسير عدد من ظواهر الحذف والإثبات، منها حذف الألف في وسط الكلمة، وحذف الواو، وحذف الياء من ( إبراهيم )، وعدد من ظواهر الإبدال وغيرها، وهو منهج يجب أن يؤخذ به ويعتمد عليه في تفسير ظواهر الرسم إلى جانب الاتجاه اللغوي في التعليل.
وكذلك ساعدت النقوش النبطية والعربية التي يعود تأريخها إلى ما قبل الإسلام وبعده – مع قلتها – على تقديم تفسير لعدد من ظواهر الرسم، وقد استندنا إلى عدد منها في محاولة تفسير ظواهر الرسم في المصحف الحسيني.
6- تركزت تعليلات أغلب علماء الرسم والإملاء الأوائل في تفسير ظواهر الزيادة حول الفرق بين المتشابه من الكلمات، وهو تفسير لا تؤيده الوقائع اللغوية والتاريخية للكتابة العربية، لأنَّ هناك كثيراً من الكلمات المتشابهة التي لم يعمد إلى الزيادة للتفريق بينها، وقدم المصحف الحسيني والمصاحف المخطوطة القديمة أمثلة كثيرة لا يمكن عد الفرق سبباً للزيادة فيها، وقد بينت التفسير الراجح فيها.
7- قَدَّمَ علماء الرسم والعربية جهوداً كبيرة حاولوا فيها تعليل زيادة الألف بعد اللام ألف في ( لااوضعوا، ولااذبحنه ) وأمثالها، ولكنها ربما تكون بعيدة عن مراد كُتَّاب المصاحف، وقد قدمتُ تفسيراً لعله يكون أقرب للواقع اللغوي والتاريخي للكتابة العربية في ذلك العصر، وهو أنَّ زيادتها في هذه المواضع قد يكون للتأكيد على تحقيق الهمزة، وأنها لا يعرض لها التسهيل بسبب توسطها بدخول اللام عليها، وقدمت جملة من نصوص العلماء مما يؤكد هذا التفسير.
8- ورد في المصحف الحسيني إثبات ظاهرة قديمة، وهي زيادة الألف في كلمة ( شايء ) في مواطن متعددة، ولم يقتصر الأمر على موطن سورة الكهف فقط التي نصت عليها أغلب كتب الرسم، وأكدتُّ على هذه الظاهرة بوجودها في المصاحف المخطوطة القديمة، والبرديات العربية المتقدمة، بل ولم تقتصر الزيادة على كلمة ( شيء ) فقط، بل جاءت في المصحف الحسيني في كلمات مشابهة، مما يؤكد أنَّ هذا الشكل الهجائي للكلمة كان شائعاً على أيدي الكُتَّاب الأوائل وعرفته المصاحف المخطوطة القديمة.
9- قَدَّمَ المصحف الحسيني والمصاحف المخطوطة القديمة ظاهرة بارزة لا توجد في المصاحف المطبوعة اليوم، ذكر علماء الرسم أنهم رأوها في بعض المصاحف، وهي زيادة الياء بعد الباء خاصة في:
[FONT=QCF_BSML]ﭽ[/FONT][FONT=QCF_P056]ﮀ [/FONT][FONT="]، و[/FONT][FONT=QCF_P009]ﯰ [/FONT][FONT="]، و[/FONT][FONT=QCF_P174]ﯞ[/FONT][FONT=QCF_BSML]ﭼ[/FONT] وأمثالها، وبهذا تكون المصاحف الخطية وضعت بين أيدينا أمثلة واقعية عملية لظواهر كتابية وصفها علماء الرسم في مؤلفاتهم وشاهدوها ولم تشهدها مصاحفنا المطبوعة اليوم.
10- مثلت زيادة الألف بعد الواو المتطرفة في آخر الكلمة أو عدم زيادتها في المصحف الحسيني ظاهرة قديمة عرفها الكُتَّاب الأوائل واعتادتها أقلامهم، فظاهرة إثبات الألف في آخر الكلمة غير مستقرة عند الكُتَّاب الأوائل، وأكد علماء العربية ذلك، وما قدمته المصاحف المخطوطة القديمة من هذه الظاهرة هو انعكاس لواقع لغوي معروف لدى الكُتَّاب الأوائل، وبهذا الاتجاه يمكن أن نفسر مجيء عدد من الكلمات في المصحف الحسيني والمصاحف المخطوطة القديمة مرة بزيادة الألف، لأنَّه مظهر قديم عرفه الكُتَّاب قديماً، ومرة أخرى بعدم زيادة الألف، لأنَّ الكاتب يتجه للاستجابة للفظ الكلمة فيحذف الألف من هذه الكلمات، وتبقى التفسيرات الأخرى وجهات نظر محتملة، ولكن ليست هي التفسيرات الراجحة.
11- إنَّ ما جاء في المصحف الحسيني من ظواهر الإبدال له ما يؤيده في كتب رسم المصحف، والمصاحف المخطوطة القديمة، وقد أوردتُ جملة من الشواهد تؤكد حضور هذه الظاهرة في كتب رسم المصحف والمصاحف المخطوطة القديمة.
وقَدَّمَ علماء الرسم والعربية جهوداً كبيرة حاولوا فيها تعليل ظواهر الإبدال في رسم المصحف، وهي محاولات تعتمد في أغلبها على اتخاذ اتجاه الجانب اللغوي في تفسير هذه الظواهر، نحو تعليلهم رسم الألف ياءً بسبب الإمالة أو تغليب الأصل والدلالة على أصل بناء الكلمة، أو أنها تقلب ياءً عند الإضافة، أو للفرق بينها وبين ما يشركها في الصورة إذا ما رُسِمَتْ بالألف، أو كتابة هاء التأنيث تاءً من أجل الوصل ومراعاة اللفظ لكثرة اصطحابها مع هذه الأسماء فصارت كالحرف الواحد لا ينفصل عنه، أو بسبب التأثر اللهجي، أو للفرق بين التاء الأصلية وغيرها.
ومع سلامة هذا الاتجاه في تفسير ظواهر الرسم إلاَّ أنه لا يعطي تصوراً مقنعاً وكاملاً لكل أمثلة هذه الظاهرة، لذا كان الأسلم والأوفق الاعتماد على اتخاذ اتجاه الجانب التاريخي ورصد التطور الذي شهدته كتابة الكلمات العربية إلى جانب الاتجاه اللغوي في تفسير هذه الظواهر، وهو ما يتوافق مع الواقع اللغوي والتاريخي للكتابة العربية في عصر كتابة المصاحف.
12- ورد رسم الهمزة في المصحف الحسيني على نحو ما رُسِمَتْ في المصاحف العثمانية، وجاءت مواضع إما وافقت روايات غير مشهورة عن المصاحف العثمانية، وإما خالفت ما هو معروف من الرسم، مما شكل تعدداً في صور كتابة الهمزة،
وأهم العوامل التي ساهمت في تعدد صور كتابة الهمزة في المصاحف هي:
أ - أَثَرُ الوصل والوقف في رسم الهمزة، فإنَّ الهمزة قد يختلف رسمها تبعاً لهذا الأساس الذي تقوم عليه الكتابة من وصلها بغيرها أو الوقوف عليها، فقد يراعي الكُتَّاب رسم الكلمة مبدوءاً بها وموقوفاً عليها حيناً، وقد يراعي رسم الكلمة موصولة بما بعدها حيناً آخر، فتتعدد بذلك رسوم بعض الكلمات المهموزة نظراً لتعدد جهة الاعتبار.
ب - أَثَرُ اتصال السوابق واللواحق بأصول الكلمة، مما يؤدي إلى تغير حكم الهمزة المبتدأة أو المتطرفة إلى المتوسطة، فيعرض لها حكم جديد غير الابتداء والتطرف، وينعكس التوسط العارض على رسم الكلمة، وقد لا يعتد بعض الكُتَّاب بهذا التوسط العارض، لذا تنوع رسم الهمزة في المصاحف بسبب هذا العامل.
ج - قضية التسهيل والتحقيق من القضايا التي أثرت بشكل كبير على تنوع صور تمثيل الهمزة في المصاحف.
د - الالتزام بصور هجائية قديمة معروفة عند العرب في رسم الهمزة، وهي رسمها بالألف حيث وقعت، وعليه جاءت رسم الكلمات ( السيا =
[FONT="]= [/FONT][FONT=QCF_P439]ﯡ [/FONT][FONT="]و[/FONT][FONT=QCF_P439]ﯦ[/FONT]، وهيا =
[FONT=QCF_P294]ﮙ[/FONT]، ويهيا =
[FONT=QCF_P295]ﭟ[/FONT]) في المصحف الحسيني، وعدد من المصاحف المخطوطة القديمة ليمثل هذا الاتجاه الموروث عن بعض العرب في تمثيل الهمزة.
13- إنَّ توزيع الكلمة على سطرين من الظواهر الكتابية التي تميزت بها كتابة المصحف الشريف قديماً، والكتابة العربية المبكرة عموماً، وهي من الظواهر التي غابت في الكتابة العربية منذ وقت متقدم، وقد أشار العلماء الأوائل إلى هذه الظاهرة، وأنَّها نمط معروف في الكتابة العربية الأولى، ومع أننا لا نملك شواهد على هذه الظاهرة في النصوص العربية القديمة قبل تدوين المصحف – لقلتها وقصر كلماتها – إلاّ أننا نلمس هذه الظاهرة بشكل كبير في المصاحف المخطوطة القديمة، ومنها المصحف الحسيني، وهي تعكس أمثلة واقعية عملية لظواهر كتابية وصفها العلماء الأوائل ولم تشهدها كتابتنا اليوم.
14- قد يستجيب كاتب المصحف للواقع النطقي للكلمتين، والتأثر الصوتي لآخر الكلمة الأولى بأول الكلمة الثانية فيصلهما رسماً، والأثر الصوتي في تجاور الحروف عامل مهم في تنوع ظواهر المقطوع والموصول في المصحف، فقد يُبنى الرسم على اللفظ بسبب أثر الإدغام في تجاور الأصوات فَتُرْسَم الكلمتان موصولتين، وقد لا يعتمد الكاتب بهذا التأثر بين الأصوات فيُبنَى الرسم على الأصل فيفصل الكلمتين، ولهذا تنوعت الكلمات في المصاحف بين الوصل والقطع بسبب هذا التأثر، وقد عرضتُ من نصوص العلماء ما يؤيد ذلك، وأنَّ هذا الأثر استمر في تنوع ظواهر المقطوع والموصول في الكتابة العربية حتى بعد التقعيد الإملائي، ولم يقتصر على رسم المصحف.
15- تنوعت تعليلات علماء الرسم في وصل الكلمتين من غير وجود إدغام، فتارة عُلِّلَ وصل الكلمتين بكثرة الاستعمال والاختصار والاستخفاف، وتارة أخرى بمراعاة الوقف والابتداء على الكلمة، وتارة يكون للمعنى أو الموقع النحوي دور في قضية المقطوع والموصول، وقد يكون لعدد مقاطع الكلمات دور في وصل الكلمتين، فكلما قَلَّ عدد مقاطع الكلمة مالت نحو الاتصال بغيرها، وقد يكون التقليل من عدد الوحدات والحروف سبباً في وصل الكلمتين.
وتبقى هذه التعليلات وجهات نظر محتملة، سعى العلماء من خلالها لتقديم تفسير صحيح لظاهرة تنوع المقطوع والموصول في المصاحف والله أعلم.
وأخيراً يبقى ما قدمته في هذه الدراسة هي محاولة أرجو فيها أن أكون قد قاربت الصواب، وأن تكون هذه الدراسة لبنة جديدة في صرح الدراسات القرآنية اللغوية، فإن أحسنت فذاك من فضل الله تعالى عليَّ وتوفيقه، وإن أخطأت فمن تقصيري وعجزي، وحسبي أني اجتهدت.
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين.