صدر حديثاً (تفسير منسوب لعبد القادر الجيلاني)

إنضم
03/02/2005
المشاركات
100
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
الأحساء
صدر عن مركز الجيلاني للبحوث العلمية في اسطنبول تفسير الشيخ عبد القادر الجيلاني (ت:561هـ) في طبعته الأُولى الواقع (1430هـ-2009م) وذلك في (6) مجلدات, بتحقيق الدكتور: محمد فاضل جيلاني, وقد قابله على ثلاث نسخ خطية.
[align=center]
64b4056944c2ab.jpg
[/align]


وبعد النظر والتأمل في ثناياه, وسؤال الإخوة اتضح لي أنَّ نسبة هذا التفسير للجيلاني هي نسبة خاطئة وذلك لأمور:
أولاً: ذَكَر مؤلف التفسير في نهاية مقدمته (1/34) عنوان تفسيره فقال: "ثُمَّ لمَّا كان ما ظهر فيه من الفتوحات التي فتحها الله الحق, ووهبها من محض جوده سمَّى من عنده (بالفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية الموضحة للكلم القرآنية والحكم الفرقانية)", وهذا العنوان قد نسبه حاجي خليفة في كشف الظنون (2/1292), والزركلي في الأعلام (8/39), وكحالة في معجم المؤلفين (4/37) لنعمة الله بن محمود النخجواني (ت:920هـ), المعروف بعلوان الآقشهري, متصوف, نسبته إلى "نخجوان" من بلاد القفقاس, رحل إلى الأناضول.
قال عنه صاحب الشقائق النعمانية (1/46): "كان يُخفي نفسه, وكان مُتبحرا في العلوم الربانية, وغريقاً في بحر الأسرار الإلهية, وقد كتب تفسيراً للقرآن العظيم بلا مراجعة للتفاسير, وأدرج فيه من الحقائق والدقائق ما يعجز عن إدراكها كثير من الناس, مع الفصاحة في عبارته, وهو تفسير على لسان القوم" أي المتصوفة.
ثانياً: لم أجد من وصف الشيخ عبد القادر الجيلاني بالمفسر, أو أنَّ من مؤلفاته كتاب في التفسير, حيث ذكر الدكتور سعيد بن مفسر القحطاني في رسالته: "الشيخ عبد القادر الجيلاني وآراؤه الإعتقادية والصوفية" (ص:54) أنَّ مؤلفاته تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: وهو ما صنَّفه وكتبه بنفسه وهذا قام بتصنيفه استجابة لإلحاح إخوانه وتلاميذه وتكمن في الكتب الثلاثة:
(1) الغنية لطالبي الحق عز وجل.
(2) فتوح الغيب: وهو كتاب يحتوي على العديد من المقالات والنصائح المفيدة والأفكار والآراء التي تتحدث عن كثير من القضايا كبيان حال الدنيا وأحوال النفس, وبيان مقامات التوكل والخوف والرجاء..
(3) الفتح الرباني والفيض الرحماني: وهو كتاب يحتوي على وصايا وتوجيهات ومواعظ في (62) مجلساً, من مجالس الوعظ والتعليم.
القسم الثاني: وهي الكتب التي لم يقم بتأليفها, وإنما قام بعض طلاَّبه ومحبيه بجمعها وترتيبها من أقواله وأوراده وأذكاره ثُمَّ نُسبت إليه كالأوراد القادرية, والسفينة القادرية, والفيوضات الربانية.
وإني لأستغرب من محقق الكتاب كيف تغيب عنه قضية نسبة الكتاب إلى مؤلفه التي تعتبر من أبجديات التحقيق!!
ويبدو أنه قد اعتمد على حديث النُسَّاخ الذين قاموا بنسخ هذا التفسير, ففي النسخة التي أشار لها المحقق (أ) كتب الناسخ في نهاية الجزء الثالث من المخطوط: "تم الجزء الثالث من تفسير سلطان العارفين سيدي عبد القادر الجيلاني قدَّس الله سره العزيز آمين".
وفي النسخة (ج) كتب في الصفحة الأُولى من الجزء الأول من المخطوط "الجزء الأول من تفسير القرآن العظيم لمولانا ذي النور الرباني, والهيكل الصمداني, فذلكة طروس الدفتر النوراني, إمام العارفين تاج الدين القطب الكامل السيد عبد القادر الكيلاني أعاد الله علينا وعلى المسلمين من بركاته وبركات معاني سره العرفاني".
 
بارك الله فيكم على هذه الفائدة العلمية .
حجم التفسير كبير حقاً ، وسيكون إضافة جيدة لمعرفة منهج الصوفية في التفسير والتطورات التي حدثت لتفاسير الصوفية عبر العصور .
 
بارك الله فيكم على تلك الفائدة العلمية بأدلتها القوية
 
بارك الله فيك اخي ضامر على هذا العرض ، ولقد وصلتني رسالتك على بريدي وقد اجبتك عليها فورا ، ولكن لا اعلم هل وصلتك ؟
 
شكراً لكم جميعاً.
أخي الشيخ إياد وصلتك رسالتك شاكراً على تواصلك.
الكتاب جدير بالنظر ودراسة آراء صاحبه, لا سيما أنه لا يمت إلى مصادر بل هو من رأيه.
 
طُبع الكتاب منسوبًا لمؤلفه الحقيقي، وهو موجود في المكتبة الشاملة، وهذه معلوماته:
الكتاب: الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية الموضحة للكلم القرآنية والحكم الفرقانية

المؤلف:​
نعمة الله بن محمود النخجواني، ويعرف بالشيخ علوان (المتوفى: 920هـ)

الناشر:​
دار ركابي للنشر - الغورية، مصر

الطبعة:​
الأولى، 1419 هـ - 1999 م

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع، وهو ضمن خدمة مقارنة التفاسير]
 
كتب د. محمد سعيد رمضان البوطي مقالة عن هذا التفسير هذا نصها :

كتلة من الزندقه يلصقها مجهولون بنصير القرآن والسنة العالم الرباني
الشيخ عبد القادر الجيلاني قدس الله روحه
زنادقة هذا العصر، والعصور الغابرة، يعلمون أن التصوف الأخرق الدخيل على العقيدة الإسلامية وأحكام الشريعة الإسلامية، هو السلاح الأمضى لاختراق حصن القرآن والسنة، اللذين إليهما يعود حماية دين الله عز وجل من الزيف والدجل والدخيل.
ويعلم زنادقة هذا العصر والعصور السابقة أن العالم الرباني الجليل الذي شهد باستقامته على الحق وحراسته لدين الله من أفانين المخرقة وأنواع البدع، والعمل على تطهير القلب من رعونات النفس وأهوائها. ثم جعله وعاء لحقائق الشرع وأحكامه، وتنقية التصوف من الزيف والبدع والشطط والأوهام والمخرقات التي ألصقت به، هو ذاك الذي أجمع العالم الإسلامي على غزارة علمه وشهد باستقامته على الحق، وإخضاع ما استبطن من الحقائق لما تجلى وظهر من الشرائع، وإخضاعهما معاً لكتاب الله وسنة رسوله، وهو الشيخ عبد القادر الجيلاني قدس الله روحه.
علم الزنادقة المفتونون بنشر زندقتهم، هذا .. فلم يجدوا سبيلاً لنشرها وإدخالها في قناعات الناس، أقصر ولا أيسر من لصقها بسيدي الشيخ عبد القادر الجيلاني، من خلال مؤلَّف يختلقونه في علم من أهم العلوم الإسلامية، ثم ينسبونه زوراً وبهتاناً إلى هذا العالم الرباني الذي وثق بعلمه واستقامته علماء الأجيال على اختلاف مشاربهم وبقاعهم ومذاهبم. ظناً منهم أن هذا الكيد سيبلغ مداه المأمول لديهم، فتلقى زندقتهم وأفكارهم الكفرية القبول لدي محبي الشيخ والواثقين بعلمه وإخلاصه واستقامته، .. فكان الموضوع الذي وقعوا على اختياره تفسير القرآن، وكان الكتاب الذي أخرجوه مخلاةً لزندقتهم هو ما سموه بـ (تفسير الجيلاني)، وأخرجوه للناس بأبهى مظهر، وراحوا ينشرونه على أنه من أهم مؤلفات الشيخ عبد القادر الجيلاني. وما علموا أن ما يعرفه القاصي والداني من ترجمة الشيخ قدس الله روحه (تمسكاً بأهداب الكتاب والسنة، وحرباً لا تني ولا هوادة فيها لكل أشكال البدع) سيمزق هذا الكيد شرّ ممزق، ولسوف يعرّي هذه الجريمة الرخيصة النكراء.
وإليك خلاصة سريعة لترجمة الشيخ قدس الله روحه، (من الجانب الذي نحن بصدده) بين يدي تعرية هذه الجريمة الشنعاء التي انحطت إليها رعونات أصحاب الأهواء ودعاة الدجل والبهتان.
ولد الشيخ سنة 470 للهجرة في جيلان من بلاد فارس. قرأ العلوم الإسلامية كلها على الشيوخ الموثوقين الكبار، وعني -بعد أن أتم دراسته العلمية- بالتربية والإصلاح وإرشاد الخلق إلى الحق، وعرف بالتواضع الجم وسكونه إلى الفقراء والمعوزين والضعفاء يخدمهم ويرعى شؤونهم.. أخذ يجمع بين تربية النفوس، ونشر العلم ونصر السنة والعقيدة الصحيحة ومحاربة البدع.. وقد كان متبعاً لمذهب الإمام أحمد بن حنبل، ومذهب المحدثين والسلف- وكان يفتي على مذهب الإمام أحمد وغيره.. وقف حياته على إخضاع الطريقة للشريعة. كان يقول لأصحابه مكرراً [اتبعوا ولا تبتدعوا وأطيعوا ولا تخالفوا] ويقول [إن انخرم فيك شيء من الحدود فاعلم أنك مفتون، قد لعب بك الشيطان، فارجع إلى حكم الشرع والزمه، ودع عنك الهوى لأن كل حقيقة لا تشهد لها الشريعة فهي باطلة] وكان يقول حاثاً على التمسك بالكتاب والسنة: [كل حقيقة لا تشهد لها الشريعة فهي زندقة. طر إلى الحق عز وجل بجناحي الكتاب والسنة، أدخل عليه ويدك في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم، اجعله وزيرك ومعلمك][1] وكان بليغاً في بيانه، فصيحاً في لسانه، ضليعاً في علوم العربية وآدابها.
والآن، سأضعك أمام نماذج لهرطقة هذه الزندقة التي ألصقتها أيد خفية في الظلام بنصير الكتاب والسنة، سيد من أخضع بواطن الشريعة لظاهرها، بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولن نحتاج إلى تبين هذا الزيف وجريمة الكذب على هذا العالم الرباني الجليل، إلى أكثر من وضع هذه النماذج تحت ناظريك، فإن ما قد علمته الآن من ترجمة الشيخ تبّرئه من كل ما ستراه من أعاجيب الأكاذيب على الله.
لا حاجة إلى أن أضعك أمام المئات لا العشرات من السقطات والترهات وعقائد الزندقة، التي حشي بها هذا الكتاب. فلا أنت بحاجة إلى ذلك، ولا وقتي ووقتك يتسع لذلك، وحسبك لتعلم قيمة الزيت أن ترى الدُّرديَّ في أعلاه.

1- يقول في تفسير الجنة من قوله تعالى ((وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ..)) [هي منتزها من العلم والعين والحق التي هي المعارف الكلية المخلَصة عن جميع القيود المنافية للتوحيد] ويقول في تفسير الأنهار الواردة في الآية [هي أنهار المعارف الجزئية المترتبة على تلك المعارف الكلية] ويقول عن الأزواج المطهرة الواردة في الآية ذاتها [هي أعمال صالحة ونيات خاصة "مطهرة" أي عن شوائب الأغبار المانعة عن الوصول إلى دار القرار] ص56 و57 ج1.
وهو يكرر هذا التأويل للجنة وما فيها، كلما ورد ذكر الجنة في القرآن فهو يقول في تفسيرها في قوله تعالى ((وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِـلاًّ ظَلِيلاً)): [جنات: أي منتزها من العلم والعين والحق تجري من تحتها الأنهار: أنهار اللذات الروحانية المترتبة على التجليات الرحمانية.. لهم فيها أزواج: أي صواحب من الصفات والأسماء يؤانسهم] ص405 ج1 وهذا هو شأنه كلما ورد ذكر الجنة وما فيها، إنكار لها وتأويل بل إبطال لمضامينها. أنظر مثلاً ص277 ج2 / ص286 ج2 / ص293 ج2 / ص318 ج2 / ص509 ج1.
2- يقول في تأويل جهنم كالذي يقوله في تأويل الجنة من الإنكار لها وتأويلها بالطرد والخذلان، ومن جرّ للكلمة إلى معنى أو معان لا تمت إلى الكلمة بأي صلة. يقول في تفسير قوله تعالى: ((فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)) [أي نار البعد والخذلان] ص93 ج1 ويقول في تفسير العذاب في قوله تعالى ((أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ)) [((فَذُوقُواْ الْعَذَابَ)) أي الطرد والحرمان] ص309 ج1 ويقول [((وَمَأْوَاهُمُ )) أي مرجعهم ومنقلبهم في النشأة الأخرى ((جَهَنَّمُ)) أي الطرد والخذلان] ص290 ج2 ويقول [((ثُمَّ يُرَدُّونَ)) بعد انقضاء النشأة الأولى ((إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ)) هو حرمانهم وانحطاطهم عن المرتبة الكاملة الإنسانية التي هي مرتبة الخلافة] ص293 ج2 ويقول في تفسيره للعذاب العظيم في قوله تعالى ((خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ)) [هو عذاب الطرد والبعد، إذ لا عذاب أعظم منه، أولئك الأشقياء البعداء عن ساحة الحضور، هم الضالون في تيه الحرمان، الباقون في ظلمة الإمكان] ص47 ج1 أرأيت إلى هذه الهرطقة التي تفوح منها رائحة الباطنية المتزندقة.
3- وإليك الآن طائفة من التأويلات التي يقصد منها تمييع حقائق القرآن ونصوصه ودلالاته القاطعة لزجّ القارئ في متاهات من الكفران والزندقة:
· يقول في تفسير قوله تعالى ((خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ)) [هي المرتبة الفعالة المحيطة بجميع المراتب الكونية والكيانية، وهي المرتبة الجامعة المحمدية المسماة بالعقل الكلي والقلم الأعلى] ص363 ج1
· ألصق الباطني بقول الله تعالى ((مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً)) أوهاماً من الترهات التي تبصق عليها العقول وتشمئز منها الأذواق، فقال [أي منذا الذي يفوض ويسلم هوية الإمكان وماهية الكوني والكياني إلى الله المقسط للهويات مطلقاً، تفويضاً سلساً نشطاً فرحاناً بلا مضايقة ولا مماطلة] ص206 ج1
· وانظر في هذا التأويل لكل من كلمتي عرضها والأرض من قوله تعالى ((وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ)) يقول [أي الأسماء والصفات الإلهية القائمة بذات الله والأرض أي طبيعة العدم المقابل لانعكاس أشعّة تلك الأسماء والصفات] ص322 ج1
· أما كلمة ((الْمُلْكَ)) في قوله تعالى ((تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء)) فمعناه فيما يقول [التوحيد الذاتي] ومعنى ((مَن تَشَاء)) [من خواص مظاهر صفاتك وأسمائك]
4- أما مظاهر جهالة هذا الزنديق المفتري ورِكّتهُ في التعبير وأخطائه في الصياغة، فكثيرة لا مجال ولا خير في استقصائها. يقول الجاهل في تفسير قوله تعالى ((إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ)) [وأفضل الوصية وأولاها الوصية للوالدين والأقربين] دون أن يعلم أن الوصية للورثة منسوخة كما يقول كل المفسرين عند هذه الآية. ص156 ج1
· ويقول في الصفحة 167 من الجزء الأول [وبعدما قاتل المشركون مع المؤمنين عام الحديبية في ذي القعدة..] دون أن يعلم ما لا يخفى على أي بصير بسيرة رسول الله أن عام الحديبية هذا لم يشهد أي حرب بين من المسلمين والمشركين وإنما شهد الصلح الذي كان مقدمة للفتح، وانظر ركة وفساد التعبير في قوله ((قاتل المشركون مع المؤمنين))
· يؤكد ويكرر أن الأديان التي بعث بها الرسل والأنبياء متعددة كما يظن العوام، وكأنه لم يقرأ قوله تعالى ((إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ)) وقوله تعالى ((شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ..)) الشورى 13
· يفسر الجاهل ((الصَّيِّب)) من قوله تعالى ((أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ)) فيقول [أي نازل] والصيّب هو السحاب وهو الشيء الذي يصيب. ص52 ج1
· وانظر إلى هذه الركة التي تبرأ منها البلاغة العليا والفصاحة التامة اللتين أوتيهما سيدي الشيخ عبد القادر الجيلاني يقول في تفسيره لقوله تعالى ((وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ)) [((وَ)) عند عروجها ((إِيَّايَ)) لا إلى غيري ((فَارْهَبُونِ)) فارجعون لأوانس معكم وأزيل رهبتكم] ص70 ج1
· وانظر إلى هذه الصياغة في قوله وهو يفسر قوله تعالى ((بِمَا رَحُبَتْ)) [أي مع وسعتها، فلم تجدوا فيها مقرّاً تمكثون عليها من غاية رهبتكم] ص249 ج2
· ويقول في ص212 ج2 في تفسير قوله تعالى ((إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا)) [أي على شفير الوادي التي هي أقرب للمدينة ولا ماء فيها، ورِمالُها تسوخ أرجلكم وأنتم راحلون]
· ويقول في تفسير ((إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ)) [أي يسطرونها لتضليل ضعفاء العوام].
5- وأما الآيات التي يقحم فيها عقيدة وحدة الوجود الحلولية التي كان يحذر سيدي الشيخ عبد القادر الجيلاني منها أي تحذير، فكثيرة جداً. منها قوله في تفسير قوله تعالى ((لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ)) [أي المتوجهون نحو توحيد الذات الطالبون إفتاء ذواتهم في ذات الله، ليخوضوا لجج بحر التوحيد] ص263 ج1
6- ومن أخطر ما تضمنته هذه الزندقة التي جُمعت في كتاب، الافتئات على كثير ممن شهدت لهم القرون بالاستقامة على الحق ومجانبة البدع، منهم الجنيد البغدادي الذي يفتئت عليه ويلصق به هذا الكلام الباطل الذي يبرأ منه الجنيد [لو أن ما لا يتناهى وجوده قدّر انتهاء وجوده مع العين الموجدة له في زاوية من زوايا قلب العارف، ما أحس بذلك في علمه] أستغفر الله من كتابة هذا اللغو.
7- ثم إني لأعجب من هذا الذي أقام من نفسه محققاً لهذا الكتاب، كيف لم ينتبه (أثناء تحقيقه) إلى الطامات التي حُشي بها هذا الكتاب مما لم أذكر إلا نماذج يسيرة منه، ليعلم أن هذا الكتاب لا يمكن أن تخطّه يد مسلم فضلاً عن أن ينسب إلى سيدي الشيخ عبد القادر الجيلاني!!..
ثم ما قيمة المخطوط الذي وثّق به تحقيقه هذا، ومن المعلوم لدى كل من له دراية بتاريخ الخطوط وتطوراتها، أن هذا المخطوط الذي يعتمده لا يعود إلى أكثر من مائة وخمسين عاماً. إن نوع الخط فارسي حديث، والنظام الفارسي في تاريخ الخطوط ليس له من العمر أكثر من القدر الذي ذكرت. فما قيمة هذا المخطوط إذن بالنسبة لتاريخ قصيّ هو القرن الخامس الهجري؟ وهلا رجع هذا المحقق إلى كتب التراجم والببلوغرافيا من أمثال كشف الظنون للحاجي خليفه، ليعلم أن الجيلاني قدس الله روحه لم يترك وراءه أي مؤلف في التفسير، وأن هذا الذي أتعب نفسه في إخراجه، إنما هو لبعض الباطنيين الزنادقة، وليس لنصير الكتاب والسنة الوقّاف في وجه البدع، سيدي الشيخ عبد القادر الجيلاني قدس الله روحه.
بقي أن عليّ أن أحمد الله عز وجل أن وفقني للكشف عن هذا الزيف، الذي سعى من سعى لإلصاقه بهذا العالم الرباني المجدد العظيم الذي له أيادٍ كثيرة في عنقي منذ صدر حياتي، والذي غرس الله في قلبي حبه وتعظيمه.
فأسألك اللهم القبول، وأسألك اللهم أن تقبلها صفحات من الغَيْرة والحب أهديها إلى مقام صاحب الفضل (بعد الله) في حمايتي من نفسي وأعدائي وردّ غائلة السوء عني، سيدي العارف بالله حقاً، والمدافع عن شريعة الله صدقاً، الشيخ عبد القادر الجيلاني قدس الله روحه. والحمد لله رب العالمين.
محمد سعيد رمضان البوطي
المصدر
 
عودة
أعلى