محب القراءات
New member
صدر حديثا 1431 في العدد 151 من مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية بحث بعنوان :
[align=center]اختياراتُ الإمامِ أبي عمرو الدَّاني _ رحمه الله_ في أبوابِ الأصولِ من الأُرْجُوْزَةِ المُنَبِّهَةِ (جَمْعاً ودِرَاسَة)
لفضيلة الدكتور / أحمد بن علي السديس ( رئيس قسم القراءات بالجامعة الإسلامية ) [/align]قال في مقدمته :
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد...
فإنه لا يخفى أن جهود العلماء في خدمة كتاب الله تعالى والعناية به تربو على الحصر في القديم والحديث، وما زالت تلك الجهود العلمية والعملية، لعلماء القراءة متواصلة في هذا الميدان المبارك، بيد أن العلماء السابقين كان لهم الحظُّ الأوفى، والنصيب الأسنى، لسبق زمانهم، وشرف كلامهم، فحازوا بذلك التفضيل، واستوجبوا الثناءَ الجميل، فاستفاد منهم مَنْ جاء بعدهم، ونحا نحوهم، ولا زالت مآثر المتقدمين مناراً للسائرين، وَقَبَساً للطالبين، ولهذا أضحت مؤلفاتهم محل عناية وتوقير، وإجلال وتقدير.
ومن علماء القراءة، وأئمة الرواية والدراية؛ الإمام أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني تـ (444) هـ؛ مؤلف كتاب جامع البيان، والتيسير، وغيرهما من التصانيف النافعة، والأجزاء الماتعة، التي هي عمدة في أبوابها، ومنار لقُصَّادِها، ولا يخفى شرف مصنفاته، ومكانة مؤلفاته، على ناظر فيما كُتِبَ في هذا الفن وسُطِّرَ فيه.
ومن مصنفاته البديعة: الأرجوزةُ المُنَبِّهَةُ على أسماءِ القراءِ والرواةِ، وأصولِ القراءاتِ وعقدِ الدياناتِ بالتجويدِ والدلالات، وهذه الأرجوزة حَوَتْ جماً من الفوائدَ، وبدائع الفرائد، مع تقريراتٍ لطيفة، واختياراتٍ ظاهرة بديعة، إلا أن المعتني بها من الناس -ولا سيما من المتأخرين منهم- قليلٌ، ولأجل ذلك لم تحظَ بشهرة واسعة، وعناية تامة، مع اشتمالها على دواعي العناية، وأسباب الرعاية؛ وَوَجْهُ ذلك أن عناية الناس بالكتب والمصنفات؛ إما لشرف موضوعها، وإما لعلوِّ قدر مصنفها، وإما لأهمية الفن الذي تتناوله، وكلُّ هذه الأمور حاصلة بيقين في أرجوزة الإمام أبي عمرو الداني، يضاف إلى ذلك أنه سلك فيها مسلك النظم، وهو محبب إلى النفوس أكثر من النثر، وهذا متقرر عند أرباب التصانيف والتآليف، ولذلك يعمدون إليه متى ما أمكنهم ذلك، كما قرَّر هذا الإمام الحصري هذا المعنى في رائيته بقوله:
رَأَيْتُ الوَرَى فِيْ دَرْسِ عِلْمِيْ تَزَهَّدُوا
فَقُلْتُ لَعَلَّ النَّظْمَ أَحْرَى مِنَ النَّثْرِ
ومثلُه قول الإمام السَّفَّارِيْنِي في منظومته الدُّرة المضيَّة في عِقْدِ الفرقة المرضيَّة:
وَصَارَ مِنْ عَادَةِ أَهْلِ العِلْمِ
أَنْ يَعْتَنُوا فِيْ سَبْرِ ذَا بِالنَّظْمِ
لأَنَّهُ يَسْهُلُ لِلْحِفْظِ كَمَا
يَرُوْقُ لِلسَّمْعِ وَيَشْفِيْ مِنْ ظَمَا
ولما رأيت ما تقرَّر من عدم شهرتها، وتمام العناية بها، قصدت في هذا البحث المختصر الدِّلالةَ على بعض ما فيها مما يهم المشتغلين بهذا العلم المبارك، لعلَّ ذلك أن يكون فاتحة أعمال تجلي حسن مبانيها، وباكورة نتاج تبين لطائف معانيها، لا سيما وكلام أبي عمرو في هذا الفن معتبرٌ ذو شأن، فهو رأس في هذا العلم بإجماع أهله، وشاهد العيان في ذلك من اعتبار مصنفاته يغني عن البرهان.
وقد جعلت البحث في أبواب الأصول من قصيدته؛ لأهمية ذلك لطالب علم القراءات، ولأن الأصل ينبني عليه غيره، فإتقان الأصول، وضبط دلالاتها من أهم المقاصد وألزمها، ثم إن القصيدة طويلة، على ما سيتبين عند الحديث عنها، واستقصاء ترجيحاته في القصيدة كاملة فيه تطويل لا يحتمله هذا البحث، وتقرَّر في أمثلة الأدباء قولهم: يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق، فأسأل الله تعالى بمنِّه وكرمه أن يجزيه على ذلك الجزاء الأوفى، وأن يغفر له ولجميع المسلمين، كما أني أستغفر الله ابتداءً مما طغى به القلم، أو زلَّتْ في بعض ميادينه القدم، والعذرُ المسلَّمُ به عند ذوي البصائر والعرفان، أن الإنسان محلُّ السهو والنسيان، والحمد لله رب العالمين . اهـ
وإليكم نسخة من هذا البحث , أسأل الله أن ينفع به ويجزي الشيخ د / أحمد السديس خير الجزاء
[align=center]اختياراتُ الإمامِ أبي عمرو الدَّاني _ رحمه الله_ في أبوابِ الأصولِ من الأُرْجُوْزَةِ المُنَبِّهَةِ (جَمْعاً ودِرَاسَة)
لفضيلة الدكتور / أحمد بن علي السديس ( رئيس قسم القراءات بالجامعة الإسلامية ) [/align]قال في مقدمته :
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد...
فإنه لا يخفى أن جهود العلماء في خدمة كتاب الله تعالى والعناية به تربو على الحصر في القديم والحديث، وما زالت تلك الجهود العلمية والعملية، لعلماء القراءة متواصلة في هذا الميدان المبارك، بيد أن العلماء السابقين كان لهم الحظُّ الأوفى، والنصيب الأسنى، لسبق زمانهم، وشرف كلامهم، فحازوا بذلك التفضيل، واستوجبوا الثناءَ الجميل، فاستفاد منهم مَنْ جاء بعدهم، ونحا نحوهم، ولا زالت مآثر المتقدمين مناراً للسائرين، وَقَبَساً للطالبين، ولهذا أضحت مؤلفاتهم محل عناية وتوقير، وإجلال وتقدير.
ومن علماء القراءة، وأئمة الرواية والدراية؛ الإمام أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني تـ (444) هـ؛ مؤلف كتاب جامع البيان، والتيسير، وغيرهما من التصانيف النافعة، والأجزاء الماتعة، التي هي عمدة في أبوابها، ومنار لقُصَّادِها، ولا يخفى شرف مصنفاته، ومكانة مؤلفاته، على ناظر فيما كُتِبَ في هذا الفن وسُطِّرَ فيه.
ومن مصنفاته البديعة: الأرجوزةُ المُنَبِّهَةُ على أسماءِ القراءِ والرواةِ، وأصولِ القراءاتِ وعقدِ الدياناتِ بالتجويدِ والدلالات، وهذه الأرجوزة حَوَتْ جماً من الفوائدَ، وبدائع الفرائد، مع تقريراتٍ لطيفة، واختياراتٍ ظاهرة بديعة، إلا أن المعتني بها من الناس -ولا سيما من المتأخرين منهم- قليلٌ، ولأجل ذلك لم تحظَ بشهرة واسعة، وعناية تامة، مع اشتمالها على دواعي العناية، وأسباب الرعاية؛ وَوَجْهُ ذلك أن عناية الناس بالكتب والمصنفات؛ إما لشرف موضوعها، وإما لعلوِّ قدر مصنفها، وإما لأهمية الفن الذي تتناوله، وكلُّ هذه الأمور حاصلة بيقين في أرجوزة الإمام أبي عمرو الداني، يضاف إلى ذلك أنه سلك فيها مسلك النظم، وهو محبب إلى النفوس أكثر من النثر، وهذا متقرر عند أرباب التصانيف والتآليف، ولذلك يعمدون إليه متى ما أمكنهم ذلك، كما قرَّر هذا الإمام الحصري هذا المعنى في رائيته بقوله:
رَأَيْتُ الوَرَى فِيْ دَرْسِ عِلْمِيْ تَزَهَّدُوا
فَقُلْتُ لَعَلَّ النَّظْمَ أَحْرَى مِنَ النَّثْرِ
ومثلُه قول الإمام السَّفَّارِيْنِي في منظومته الدُّرة المضيَّة في عِقْدِ الفرقة المرضيَّة:
وَصَارَ مِنْ عَادَةِ أَهْلِ العِلْمِ
أَنْ يَعْتَنُوا فِيْ سَبْرِ ذَا بِالنَّظْمِ
لأَنَّهُ يَسْهُلُ لِلْحِفْظِ كَمَا
يَرُوْقُ لِلسَّمْعِ وَيَشْفِيْ مِنْ ظَمَا
ولما رأيت ما تقرَّر من عدم شهرتها، وتمام العناية بها، قصدت في هذا البحث المختصر الدِّلالةَ على بعض ما فيها مما يهم المشتغلين بهذا العلم المبارك، لعلَّ ذلك أن يكون فاتحة أعمال تجلي حسن مبانيها، وباكورة نتاج تبين لطائف معانيها، لا سيما وكلام أبي عمرو في هذا الفن معتبرٌ ذو شأن، فهو رأس في هذا العلم بإجماع أهله، وشاهد العيان في ذلك من اعتبار مصنفاته يغني عن البرهان.
وقد جعلت البحث في أبواب الأصول من قصيدته؛ لأهمية ذلك لطالب علم القراءات، ولأن الأصل ينبني عليه غيره، فإتقان الأصول، وضبط دلالاتها من أهم المقاصد وألزمها، ثم إن القصيدة طويلة، على ما سيتبين عند الحديث عنها، واستقصاء ترجيحاته في القصيدة كاملة فيه تطويل لا يحتمله هذا البحث، وتقرَّر في أمثلة الأدباء قولهم: يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق، فأسأل الله تعالى بمنِّه وكرمه أن يجزيه على ذلك الجزاء الأوفى، وأن يغفر له ولجميع المسلمين، كما أني أستغفر الله ابتداءً مما طغى به القلم، أو زلَّتْ في بعض ميادينه القدم، والعذرُ المسلَّمُ به عند ذوي البصائر والعرفان، أن الإنسان محلُّ السهو والنسيان، والحمد لله رب العالمين . اهـ
وإليكم نسخة من هذا البحث , أسأل الله أن ينفع به ويجزي الشيخ د / أحمد السديس خير الجزاء