صحيح الكلام في خلاف الصحابة الكرام

إنضم
05/04/2013
المشاركات
31
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
العمر
64
الإقامة
مصر
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا رسول الله اللهم صلي علي محمد وال محمد
صحيح الكلام للفصل في خلاف الصحابة الكرام
ماكنت لاتكلم عن هذا الموضوع لولا ان هناك من تكلم عنه بجهل واتخذ منه اساسا لاثارة الصراع والتكفير
يجب ان يكون الكلام عن هذا الموضوع محصورا في اطار ان ماوقع بين الصحابة رضي الله عنهم هو حدث تاريخي والغاية من الكلام عنه هي معرفة الصواب من الخطأ لاخذ العبرة وليس لاصدارالاحكام والتفريق والتكفير
وابدأ اولا بتعريف الصحابي :-
الصحابي هو من كان من الذين آمنوا وصحب النبي صلى الله عليه وسلم وليس الصحابي من رأى النبي صلى الله عليه وسلم وآمن به ومات وهو على ذلك
وافصل هذا فيما يلي :-
ابين اولا ماهو الايمان وماهو الاسلام :-
الايمان هو قبول الشيئ بالاطمئنان له فيسقر في العقل او القلب بلا اضطراب فالايمان ايمانان ايمان عقلي وايمان قلبي
واول مايقع في الانسان الايمان العقلي ويتححق هذا الايمان عند الانسان باسباب عديدة يكون لها تأثير على الفطرة التي خلق الله تبارك وتعالى عليها الانسان واعني بالفطرة الصفحة البيضاء الخالية التي يخلق الله عز وجل الانسان عليها
ومن هذه الاسباب ان ينظر الانسان الى الكون فيرى فيه الدقة والابداع فيقول في نفسه لابد لهذا الكون من خالق ومدبرولابد ان يكون هذا الخالق حيا وواحدا والا لاضطرب الكون ولم يستقم فمن هو هذا الخالق الواحد ؟ فيظل هذا التفكير في عقله لايجد له جوابا شافيا فأذا جاءته الرسالة من الله سبحانه وتعالى امن بالله ورسوله وهذا هو الايمان العقلي او انه يسمع القران الكريم فيعلم ان هذا الكلام لايمكن ان يقوله الا اله لما فيه من الاخبارعن الغيب وما فيه من البلاغة والفصاحة فيؤمن بالله ورسوله عقلا او انه يرى مافي هذه الشريعة من احترام لانسانية الانسان والامر بمكارم الاخلاق والبر والاحسان والنهي عن الرذائل والفواحش والظلم والبغي فيؤمن بالله ورسوله عقلا او يرى المعجزات واسباب كثيرة اخرى وبمثل هذه الاسباب امن الصحابة ولكن منهم من صدق فاسلم نفسه لله ورسوله الذي امن بهما عقلا ومنهم من كفر او نافق ولم يسلم نفسه لله ورسوله صدقا
فالاسلام هو ان يسلم المرء نفسه لله ورسوله الذي امن بهما عقلا فيسمع لهما ويطيع بلا تردد حتى وان لم يقتنع بما جاءه منهما طالما انه آمن بالله ورسوله
فاذا اسلم الانسان نفسه لله ورسوله واتبع الهدى الذي جاءه منهما دخل الايمان قلبه وشعر بحلاوته فكان من المؤمنين عقلا وقلبا
ولذك يقول الله تبارك وتعالى ( ياأيها الذين آمنوا ) اي الذين آمنوا عقلا ليكون الخطاب موجها لمن اسلم صدقا او كان منافقا
ومثال من كفر او آمن عقلا ولم يسلم صدقا من المنافقين قول الله عز وجل :-
{ إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ لَن يَضُرُّواْ اللّهَ شَيْئاً وَلهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }آل عمران177
{ مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَـكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }النحل106
{ أَمْ تُرِيدُونَ أَن تَسْأَلُواْ رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِن قَبْلُ وَمَن يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ }البقرة108
{ الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ }المائدة5
ومثال من امن عقلا واسلم ولم يدخل الايمان قلبه بعد’ :-
{ قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }الحجرات14
اما اذا تكلم الله عز وجل عن الذين اسلموا بصدق ودخل الايمان قلوبهم فيقول ( المؤمنون ) وليس ( الذين آمنوا ) :-
{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ }الحجرات15
{ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ }البقرة285
{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ }الأنفال2
{ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ }الأنفال4
{ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }التوبة71
{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَن لِّمَن شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }النور62
وبناءا على هذا فمن الصحابة من آمن واسلم صدقا ومنهم من كان منافقا
واذا اخرجنا المنافقين فبقية الصحابة رضي الله عنهم على الصدق والنصح والامانة ولكنهم يتفاضلون في قوة الايمان والعلم والحكمة والزهد والورع وفي حب الله ورسوله وفي الشجاعة والسخاء والعبادة والعدل والصبروفي اخلاص النية لله الى آخره
وافضل الامة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم ابو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ثم بقية العشرة المبشرين ثم بقية السابقين الاولين من المهاجرين والانصار ثم بقية الصحابة
لقد أخطأ من نعت الخلافة بالاحقية لانه لا يعين الخليفة استنادا الى حقوق شرعية سوى انه من قريش والامر شورى بين المسلمين فالصواب ان يقال فلان اولى بالخلافة من فلان وليس فلان احق بالخلافة من فلان وذلك عائد الى رأي المسلمين حيث يقوم المسلمون باختيار مجموعة ممن يرون فيهم التقوى والحق والعدل والحكمة من كل ولاية او مدينة او قرية وتسمى هذه المجموعة اهل الحل والعقد ويلقى على عاتقها اختيار الخليفة ومتابعة تصرفاته وتقويمه وعزله اذا ظلم او تجاوز حكم الله عز وجل
اهم الصفاة التي يجب ان يتمتع بها ولي الامر هي الحكمة لان الحكمة ام الصفاة فقد يكون المرء عالما او عادلا او حليما لكنه ليس حكيما اما ان كان حكيما فلابد ان يكون عادلا وعالما وحليما فليس كل عادل او عالم او حليم حكيما ولكن كل حكيم عادل وعالم وحليم ولذلك قال الله تبارك وتعالى { يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ }البقرة269
بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم اجتمع الانصار رضي الله عنهم في السقيفة لاختيار خليفة وهذه اول الاخطاء التي وقع بها المسلمون بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم لانه ليس من الحكمة مافعله الانصار رضي الله عنهم حيث كان عليهم ان يؤجلوا الكلام بهذا الشان حتى الانتهاء مما يلزم من وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة وان الامة الاسلامية اصيبت بامر جلل في وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ولم تكن هناك حاجة ضرورية للاسراع بتعيين الخليفة ككون المسلمين في حالة حرب او غيرها فكان من الاولى ان يؤجل الكلام في هذا الامر الى عدة ايام حتى يجتمع كل كبار الصحابة ويتشاوروا في الامر . فما قام به الانصار رضي الله عنهم من تصرف مفتقر الى الحكمة كاد يؤدي الى فتنة ونزاع بين المسلمين لولا ان تداركته حكمة ابي بكر وعمر رضي الله عنهما عندما ذهبوا الى السقيفة وحسموا الامر معهم لان الخلافة في قريش كما اخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم ولو عين الانصار خليفة منهم لكان احد امرين اما مخالفة النبي صلى الله عليه وسلم بجعل الخليفة من غير قريش او تكون فتنة ونزاع . فلم يكن ابو بكر وعمر رضي الله عنهما هما من تكلم بهذا الامر ابتداءا ولكن الانصار رضي الله عنهم هم الذين ابتدأوا الكلام وكان ابو بكر وعمر رضي الله عنهما مشغولين بامر وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ولما جاءهم خبر اجتماع الانصار ذهبوا اليهم لتدارك الامر ودفع الفتنة .
وبعد هذه الحادثة حصل ان عليا ومعه بعض الصحابة رضي الله عنهم اجتمعوا في بيت فاطمة رضي الله عنها ولم يبايعوا ابا بكر رضي الله عنه وكان موقف علي رضي الله عنه يفتقر الى الحكمة حيث كان الاولى بعلي ان يقدر حكمة ابي بكر رضي الله عنهما في صنيعه ويؤيده على مافعل ولكن عليا رضي الله عنه اخطأ وكاد فعله ان يؤدي الى فتنة ونزاع بين المسلمين لولا ان تداركها ابو بكر وعمر رضي الله عنهما بحكمتيهما عندما ارسل ابو بكر رضي الله عنه الى الصحابة الذين اجتمعوا في بيت فاطمة رضي الله عنهم وعرض عليهم البيعة فبايعوا الا عليا رضي الله عنه فأخطأ لسببين :-
اولا :- بعد ان بايع اكثر اهل الشورى من الصحابة ابا بكر رضي الله عنهم اصبحت البيعة شرعية لانه لايلزم رضى جميع اهل الشورى من الصحابة على اختيار الخليفة ولكن بالاكثرية فكان من المستحسن ان يرضى علي بما رضي به اكثر الصحابة رضي الله عنهم
ثانيا :- اخطأ علي رضي الله عنه عندما راى انه اولى بالخلافة من غيره لقربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم لان الدين للامة وليس وراثة وكان علي رضي الله عنه يرغب بالخلافة وما يؤكد هذا هو جوابه للعباس رضي الله عنه حين طلب العباس من علي رضي الله عنهما في مرض النبي صلى الله عليه وسلم الذي توفي فيه ان يساله فيمن يكون الامر ففي صحيح البخاري :-
5911 - حدثنا إسحق أخبرنا بشر بن شعيب حدثني أبي عن الزهري قال أخبرني عبد الله بن كعب أن عبد الله بن عباس أخبره أن عليا - يعني - ابن أبي طالب خرج من عند النبي صلى الله عليه وسلم . وحدثنا أحمد بن صالح حدثنا عنبسة حدثنا يونس عن ابن شهاب قال أخبرني عبد الله بن كعب بن مالك أن عبد الله بن عباس أخبره أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه خرج من عند النبي صلى الله عليه وسلم في وجعه الذي توفي فيه فقال الناس يا أبا حسن كيف أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال أصبح بحمد الله بارئا فأخذ بيده العباس فقال ألا تراه أنت والله بعد ثلاث عبد العصا والله إني لأرى رسول الله صلى الله عليه وسلم سيتوفى في وجعه وإني لأعرف في وجوه بني عبد المطلب الموت فاذهب بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنسأله فيمن يكون الأمر فإن كان فينا علمنا ذلك وإن كان في غيرنا أمرناه فأوصى بنا قال علي والله لئن سألناها رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعناها لا يعطيناها الناس أبدا وإني لا أسألها رسول الله صلى الله عليه وسلم أبدا .
فكان جواب علي للعباس رضي الله عنه يدل على انه يرغب بالخلافة ولم يكن جوابه من الحكمة بقدر حكمة ابي بكر حين اجاب عمر رضي الله عنهما في اعتراضه على صلح الحديبية ففي صحيح مسلم :-
1785 ) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبدالله بن نمير ح وحدثنا ابن نمير ( وتقاربا في اللفظ ) حدثنا أبي حدثنا عبدالعزيز بن سياه حدثنا حبيب بن أبي ثابت عن أبي وائل قال قام سهل بن حنيف يوم صفين فقال أيها الناس اتهموا أنفسكم لقد كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية ولو نرى قتالا لقاتلنا وذلك في الصلح الذي كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين المشركين فجاء عمر بن الخطاب فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ألسنا على حق وهم على باطل ؟ قالا ( بلى ) قال أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار ؟ قال ( بلى ) قال ففيم نعطي الدنية في ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم ؟ فقال ( يا ابن الخطاب إني رسول الله ولن يضيعني الله أبدا ) قال فانطلق عمر فلم يصبر متغيظا فأتى أبا بكر فقال يا أبا بكر ألسنا على حق وهم على باطل ؟ قال بلى قال أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار ؟ قال بلى قال فعلام نعطي الدنية في ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم ؟ فقال يا ابن الخطاب إنه رسول الله ولن يضيعه الله أبدا قال فنزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفتح فأرسل إلى عمر فأقرأه إياه فقال يا رسول الله أو فتح هو ؟ قال ( نعم ) فطابت نفسه ورجع .
فكان جواب ابي بكرلعمر رضي الله عنهما يدل على الحكمة حيث انه لم ينظر الى الامر من وجه دلالة معاني ماجاء في الاتفاقية ولكن نظر اليه من وجه ان الامر يعود الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه فلا بد ان يكون فيه الصلاح ولكن جواب علي للعباس رضي الله عنهما لم يكن بهذا القدر من الحكمة حيث ان عليا رضي الله عنه نظر الى الامر من وجه تعلقه بالناس ولم ينظر اليه من وجه انه يعود الى رسول الله صلى الله عليه وسلم والا لاجاب العباس رضي الله عنه كما اجاب ابو بكر عمر رضي الله عنهما .
فكان موقف علي من خلافة ابي بكر رضي الله عنهما بعيدا عن الحكمة وتداركته حكمة ابي بكر عندما ذهب ابو بكر وهو الخليفة الى بيت علي رضي الله عنهما لان القضية قضية امة وليست قضية شخصية وانتهى الامربمبايعة علي رضي الله عنه .
وبعدها استقام امر الامة وحدثت حروب الردة وانتصر فيها المسلمون ومن اجل ان لايتكرر ماحدث بشان خلافة ابي بكر رضي الله عنه استشار ابو بكر كبار الصحابة في استخلاف عمر بن الخطاب رضي الله عنهم وحصلت الموافقة فاوصى ابو بكر بالخلافة من بعده لعمر رضي الله عنهما . وقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالامر خير قيام ففي عهده فتح الله عز وجل على المسلمين البلاد وانتشر العدل والصلاح واوصى عمر بن الخطاب رضي الله عنه بان الامر يكون من بعده في ستة من كبار الصحابة رضي الله عنهم شورى بينهم وعلل هذا بقوله رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي وهو راض عنهم .
وآل الامر الى عثمان بن عفان رضي الله عنه بعد ان قبل باتباع سنة ابي بكر وعمر رضي الله عنهما ولم يقبل بها علي رضي الله عنه فاحسن عثمان رضي الله عنه ادارة شؤون المسلمين الا انه لم يكن امره من الحزم بقدر حزم عمر بن الخطاب رضي الله عنه فاستطاع اصحاب النوايا الشريرة من المنافقين الذين اسلموا من اليهود والفرس من التأثيرعلى شؤون الدولة مما ادى الى خلق الفتنة بين المسلمين ادت في النهاية الى مقتل عثمان رضي الله عنه .
وبعد مقتل عثمان رضي الله عنه بايع المسلمون علي بن ابي طالب رضي الله عنه وقبل الكلام عن هذه المرحلة اقول انني لا أترضى على معاوية ولكنني احفظ له مقامه واقول اللهم اغفر لنا وللذين سبقونا بالايمان ولا أنكرعلى من يترضى عنه وافسق من يسبه اما يزيد ابن معاوية فلا أترضى عنه وأنكرعلى من يترضى عنه ولا أفسق من يسبه .
وابين نقطة مهمة وهي ان كثيرا من المسلمين لايعرف معنى السب والشتم فيعتبر ذكر اخطاء الصحابة سبا وشتما وهذا غير صحيح لان ذكر اخطاء الصحابة لايعد سبا وشتما ولكن التنقص من قدرهم ذاك هو السب والشتم وذكر خطأ من أخطأ منهم لايعد تنقصا منه فكل ابن آدم خطاء ولكن الاولى ترك الكلام عما حصل بينهم .
هناك عدة حوادث وقعت قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته لم يكن رأي علي بن ابي طالب رضي الله عنه فيها موافقا للحكمة وكان لها اثرا سلبيا في الخلافات التي وقعت في عهده ومنها في حادثة الافك حين استشاره رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها . ففي صحيح مسلم :-
( 2770 ) حدثنا حبان بن موسى أخبرنا عبدالله بن المبارك أخبرنا يونس بن يزيد الأيلي ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ومحمد بن رافع وعبد بن حميد ( قال ابن رافع حدثنا وقال الآخران أخبرنا ) عبدالرزاق أخبرنا معمر والسياق حديث معمر من رواية عبد وابن رافع قال يونس ومعمر جميعا عن الزهري أخبرني سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وعلقمة بن وقاص وعبيدالله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود عن حديث عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين قال لها أهل الإفك ما قالوا فبرأها الله مما قالوا وكلهم حدثني طائفة من حديثها وبعضهم كان أوعى لحديثها من بعض وأثبت اقتصاصا وقد وعيت عن كل واحد منهم الحديث الذي حدثني وبعض حديثهم يصدق بعضا ذكروا أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج سفرا أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم معه قالت عائشة فأقرع بيننا في غزوة غزاها فخرج سهمي فخرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك بعدما أنزل الحجاب فأنا أحمل هودجي وأنزل فيه مسيرنا حتى إذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوه وقفل ودنونا من المدينة آذن ليلة بالرحيل فقمت حين آذنوا بالرحيل فمشيت حتى جاوزت الجيش فلما قضيت من شأني أقبلت إلى الرحل فلمست صدري فإذا عقدي من جزع ظفار قد انقطع فرجعت فالتمست عقدي فحبسني ابتغاؤه وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلون لي فحملوا هودجي فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب وهم يحسبون أني فيه قالت وكانت النساء إذ ذاك خفافا لم يهبلن ولم يغشهن اللحم إنما يأكلن العلقة من الطعام فلم يستنكر القوم ثقل الهودج حين رحلوه ورفعوه وكنت جارية حديثة السن فبعثوا الجمل وساروا ووجدت عقدي بعد ما استمر الجيش فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب فتيممت منزلي الذي كنت فيه وظننت أن القوم سيفقدوني فيرجعون إلي فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني قد عرس من وراء الجيش فادلج فأصبح عند منزلي فرأى سواد إنسان نائم فأتاني فعرفني حين رآني وقد كان يراني قبل أن يضرب الحجاب علي فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني فخمرت وجهي بجلبابي ووالله ما يكلمني كلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه حتى أناخ راحلته فوطئ على يدها فركبتها فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعد ما نزلوا موغرين في نحر الظهيرة فهلك من هلك في شأني وكان الذي تولى كبره عبدالله بن أبي بن سلول فقدمنا المدينة فاشتكيت حين قدمنا المدينة شهرا والناس يفيضون في قول أهل الإفك ولا أشعر بشيء من ذلك وهو يريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله صلى الله عليه وسلم اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي إنما يدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسلم ثم يقول كيف تيكم ؟ فذاك يريبني ولا أشعر بالشر حتى خرجت بعدما نقهت وخرجت معي أم مسطح قبل المناصع وهو متبرزنا ولا نخرج إلا ليلا إلى ليل وذلك قبل أن نتخذ الكنف قريبا من بيوتنا وأمرنا أمر العرب الأول في التنزه وكنا نتأذى بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا فانطلقت أنا وأم مسطح وهي بنت أبي رهم بن المطلب بن عبد مناف وأمها ابنة صخر بن عامر خالة أبي بكر الصديق وابنها مسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب فأقبلت أنا وبنت أبي رهم قبل بيتي حين فرغنا من شأننا فعثرت أم مسطح في مرطها فقالت تعس مسطح فقلت لها بئس ما قلت أتسبين رجلا قد شهد بدرا قالت أي هنتاه أو لم تسمعي ما قال ؟ قلت وماذا قال ؟ قالت فأخبرتني بقول أهل الإفك فازددت مرضا إلى مرضي فلما رجعت إلى بيتي فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم ثم قال كيف تيكم ؟ قلت أتأذن لي أن آتي أبوي ؟ قالت وأنا حينئذ أريد أن أتيقن الخبر من قبلهما فأذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئت أبوي فقلت لأمي يا أمتاه ما يتحدث الناس ؟ فقالت يا بنية هوني عليك فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا كثرن عليها قالت قلت سبحان الله وقد تحدث الناس بهذا
قالت فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم ثم أصبحت أبكي ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد حين استلبث الوحي يستشيرهما في فراق أهله قالت فأما أسامة بن زيد فأشار على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي يعلم من براءة أهله وبالذي يعلم في نفسه لهم من الود فقال يا رسول الله هم أهلك ولا نعلم إلا خيرا وأما علي بن أبي طالب فقال لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير وإن تسأل الجارية تصدقك قالت فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة فقال أي بريرة هل رأيت من شيء يريبك من عائشة ؟ قالت له بريرة والذي بعثك بالحق إن رأيت عليها أمرا قط أغمصه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فتأتي الداجن فتأكله قالت فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فاستعذر من عبدالله بن أبي ابن سلول قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغ أذاه في أهل بيتي فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا وما كان يدخل على أهلي إلا معي فقام سعد بن معاذ الأنصاري فقال أنا أعذرك منه يا رسول الله إن كان في الأوس ضربنا عنقه وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك قالت فقام سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج وكان رجلا صالحا ولكن اجتهلته الحمية فقال لسعد بن معاذ كذبت لعمر الله لا تقتله ولا تقدر على قتله فقام أسيد بن حضير وهو ابن عم سعد بن معاذ فقال لسعد بن عبادة كذبت لعمر الله لنقتلنه فإنك منافق تجادل عن المنافقين فثار الحيان الأوس والخزرج حتى هموا أن يقتتلوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكتوا وسكت
قالت وبكيت يومي ذلك لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم ثم بكيت ليلتي المقبلة لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم وأبواي يظنان أن البكاء فالق كبدي فبينما هما جالسان عندي وأنا أبكي استأذنت علي امرأة من الأنصار فأذنت لها فجلست تبكي قالت فبينا نحن على ذلك دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم ثم جلس قالت ولم يجلس عندي منذ قيل لي ما قيل وقد لبث شهرا لا يوحى إليه في شأني بشيء قالت فتشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جلس ثم قال أما بعد يا عائشة فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا فإن كنت بريئة فسيبرئك الله وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه فإن العبد إذا اعترف بذنب ثم تاب تاب الله عليه قالت فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة فقلت لأبي أجب عني رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال فقال والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت لأمي أجيبي عني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ كثيرا من القرآن إني والله لقد عرفت أنكم قد سمعتم بهذا حتى استقر في نفوسكم وصدقتم به فإن قلت لكم إني بريئة والله يعلم أني بريئة لا تصدقوني بذلك ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أني بريئة لتصدقونني وإني والله ما أجد لي ولكم مثلا إلا كما قال أبو يوسف فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون
قالت ثم تحولت فاضطجعت على فراشي قالت وأنا والله حينئذ أعلم أني بريئة وأن الله مبرئي ببراءتي ولكن والله ما كنت أظن أن ينزل في شأني وحي يتلى ولشأني كان أحقر في نفسي من أن يتكلم الله عز وجل في بأمر يتلى ولكني كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا يبرئني الله بها قالت فوالله ما رام رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه ولا خرج من أهل البيت أحد حتى أنزل الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء عند الوحي حتى إنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق في اليوم الشات من ثقل القول الذي أنزل عليه قالت فلما سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يضحك فكان أول كلمة تكلم بها أن قال أبشري يا عائشة أما الله فقد برأك فقالت لي أمي قومي إليه فقلت والله لا أقوم إليه ولا أحمد إلا الله هو الذي أنزل براءتي قالت فأنزل الله عز وجل { إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم } [ 24 / النور / 11 ] عشر آيات فأنزل الله عز وجل هؤلاء الآيات براءتي قالت فقال أبو بكر وكان ينفق على مسطح لقرابته منه وفقره والله لا أنفق عليه شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة فأنزل الله عز وجل { ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى } [ 24 / النور / 22 ] إلى قوله { ألا تحبون أن يغفر الله لكم }
قال حبان بن موسى قال عبدالله بن المبارك هذه أرجى آية في كتاب الله
فقال أبو بكر والله إني لأحب أن يغفر الله لي فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه وقال لا أنزعها منه أبدا
قالت عائشة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن أمري ما علمت ؟ أو ما رأيت ؟ فقالت يا رسول الله أحمي سمعي وبصري والله ما علمت إلا خيرا
قالت عائشة وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فعصمها الله بالورع وطفقت أختها حمنة بنت حجش تحارب لها فهلكت فيمن هلك .
فكان جواب علي رضي الله عنه بعيدا عن الحكمة حيث انه نظر الى الامر من وجه علاقة رجل بزوجته ولم ينظر اليه من وجه تبعاته وتعلقه بمنزلة وحرمة بيت النبي صلى الله عليه وسلم ونزلت الاية الكريمة منكرة لمثل هذا الكلام عن بيت النبي صلى الله عليه وسلم . { وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ }النور16
وكان جواب علي رضي الله عنه يدل على عدم ثقته بعائشة رضي الله عنها وفي بيت النبي صلى الله عليه وسلم بالدرجة التي يحبها الله عز وجل وكان له اثر سيئ على نفس عائشة رضي الله عنها .
وبعد مبايعة علي رضي الله عنه ارسل كتابا بعزل معاوية ولكن معاوية عصى امر الخليفة واحتج بعدم مشاورته في امر الخلافة ووضع شرطا لمبايعة علي رضي الله عنه وقد اخطأ معاوية في هذا من وجهين :-
اولا :- ليس بالضرورة مشاورته بعد مابايع اكثراهل الشورى من الصحابة عليا رضي الله عنهم لانه لايلزم رضى كل اهل الشورى من الصحابة في استخلاف الخليفة ولكن بالاكثرية .
ثانيا :- ربطه لقضية القصاص من قتلة عثمان رضي الله عنه بقضية المبايعة حيث ان قضية القصاص من قتلة عثمان رضي الله عنه لاعلاقة لها بامر المبايعة ولا تلازم بين القضيتين ولكنه كان يطمع في بقائه على ولاية الشام بدليل نقضه العهد الذي قطعه مع الحسن رضي الله عنه ومخالفته لتعاليم الشريعة الاسلامية في قهر المسلمين على مبايعة يزيد بالخلافة من بعده ولذلك اتخذ من قضية القصاص من قتلة عثمان رضي الله عنه ذريعة لمخالفة امرالخليفة وما يؤكد هذا ان معاوية لم يقتص من قتلة عثمان رضي الله عنه بعد ما استتب له امر الخلافة بعد المصالحة مع الحسن رضي الله عنه وقد طالبته عائشة بنت عثمان رضي الله عنهما بالثأر لوالدها حيث انه تكلم معها بمعزل عن الناس وشدد عليها الكلام ونهرها عن المطالبة بالقصاص بحجة ان هذا الامر يثير الفتنة وربما يكون هذا هو نفس السبب الذي جعل عليا لم يقتص من قتلة عثمان رضي الله عنهما .
واود ان اشير هنا الى انه ليس في الاسلام ثأر وانما قصاص .
وكان طلحة والزبيروعائشة رضي الله عنهم يؤيدون معاوية في المطالبة بالقصاص من قتلة عثمان رضي الله عنه فلما رأى طلحة والزبير رضي الله عنهما موقف علي رضي الله عنه في القضية خرجوا الى مكة وفي العام الذي خرج فيه ازواج النبي صلى الله عليه وسلم للحج حصل ان اتفق طلحة والزبير وعائشة رضي الله عنهم على الخروج الى البصرة لحشد الناس على القصاص من قتلة عثمان رضي الله عنه وقد أخطأوا في هذا لان هذا الفعل هو خروج على طاعة الخليفة وكان من الاقرب الى الحكمة ان يتشاوروا مع علي وبقية الصحابة رضي الله عنهم في الامر حتى يتوصلوا الى احد ثلاثة امور اما اقناع علي بالقصاص من قتلة عثمان رضي الله عنهما واما الاقتناع برأي علي رضي الله عنه واما عزله ان كان اكثرية الصحابة رضي الله عنهم يخالفونه الراي .
وكان افتقار رأي علي رضي الله عنه الى الحكمة وقلة استشارته للصحابة رضي الله عنهم في امور الدولة له اثر كبير في وقوع الخلاف بينه وبين من خالفه من الصحابة رضي الله عنهم ففي شان معاوية كان من الاقرب الى الحكمة عدم معاداته لان معاوية قد احسن ادارة شؤون البلاد لمدة طويلة وكان رعيته يحبونه ويوالونه وكان حليما ولم يكن ظالما وان كان يطمع في الامارة فمن الحكمة ان يبعث علي رضي الله عنه بقدوم معاوية الى المدينة والتشاور معه بحضور كبار الصحابة حتى يكون احد اربعة امور اما اقناع معاوية بمبايعة علي رضي الله عنه وعزله واما اخذ البيعة منه مع ابقاءه على امارة الشام وترك امر القصاص الى الخليفة واما اقتناع علي رضي الله عنه بالقصاص من القتلة واما تخلي علي رضي الله عنه عن الخلافة اذا كان اكثر الصحابة رضي الله عنهم مخالفين له واذا لم يأت معاوية الى المدينة يذهب علي وكبار الصحابة رضي الله عنهم اليه الى الشام والتشاور معه في الامر كما ذهب ابو بكر وهو الخليفة الى بيت علي رضي الله عنهما لان القضية قضية امة وليست قضية شخصية فذهاب علي رضي الله عنه الى معاوية خير من مقاتلته حيث ان التشاور معه سيؤدي الى دفع الفتنة والتوصل اما الى اتفاق يرضي الجميع او اثبات واظهار خطأ معاوية لاهل الشام ليكون موقف علي رضي الله عنه عندهم هو الصائب والراجح مما يؤدي الى اضعاف مكانة معاوية بين اهل الشام وقد يؤدي الى رفضهم له ويؤدي بالنهاية الى عزله خاصة وان معاوية لم يكن فاسقا مما يستوجب عزله بل على العكس كانت ولايته هي الولاية المستقرة الوحيدة والاقوى بين ولايات المسلمين .
وكذلك كان رأي علي رضي الله عنه يفتقر الى الحكمة حيث انه لم يحسن تقييم اهل العراق حين كتبوا له يعاهدونه على السمع والطاعة ويستقدمونه اليهم فاجابهم ونقل مقرالخلافة من المدينة الى الكوفة وتبين فيما بعد ان اكثرهم منافقون ولم يقفوا مع علي رضي الله عنه وقفة صادقة وكانوا يعارضونه في كثير من الامور مما ادى الى حدوث الفرقة بين المسلمين
خرجت عائشة وطلحة والزبير رضي الله عنهم ومن معهم الى البصرة وفي الطريق نبحت عليهم كلاب الحوأب وتذكرت عائشة رضي الله عنها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وعزمت على الرجوع لولا ان الزبير رضي الله عنه اثناها عنه لانه يرى مخطأ انهم على صواب وان عائشة رضي الله عنها ليست هي المقصودة في الحديث واكملوا مسيرهم الى البصرة وخرج علي رضي الله عنه بجيشه الى البصرة ولم تكن الفئتان راغبتين في الاقتتال فحدث حوار بين علي وطلحة رضي الله عنهما ادت الى رجوع طلحة رضي الله عنه عن القتال وهم بالرجوع الى المدينة ولكن مجموعة من اصحاب الفتنة والمنافقين التي اشتركت في اثارة الفتنة وقتل عثمان رضي الله عنه والتي كانت مدسوسة في جيش علي رضي الله عنه قامت بقتل طلحة رضي الله عنه في طريق عودته الى المدينة . وحدثت محاورات بين مبعوثين من كلا الفئتين كادت تؤدي الى الاتفاق وفض النزاع بينهما لولا ان نفس اصحاب الفتنة دسوا جماعة منهم في جيش عائشة رضي الله عنها فقامت بالاعتداء على جيش علي ليلا وقام اصحاب الفتنة في جيش علي بالاعتداء على جيش عائشة فظنت كل فئة ان اختها قد غدرت بها فثار الجيشان ونشبت الحرب بينهما وغلب الامر على علي رضي الله عنه ولم يستطع السيطرة على الجيش وكان كل همه هو ضرب جمل عائشة رضي الله عنها من اجل اطفاء الفتنة والمحافظة على قدر عائشة رضي الله عنها ومكانتها وانتهت المعركة بهزيمة جيش عائشة رضي الله عنها فاكرمها علي رضي الله عنه وارسلها بصحبة حراس الى المدينة وبعدها ادركت عائشة رضي الله عنها خطأها وتابت .
وبعد ان رجع علي رضي الله عنه الى الكوفة سار بجيشة الى الشام لمقاتلة معاوية وقد اشار الحسن على علي رضي الله عنهما بعدم مقاتلة معاوية ولكن عليا رضي الله عنه لم يأخذ برأي الحسن رضي الله عنه وقد اخطأ علي رضي الله عنه في هذا كما ذكرت حيث ان بقاء معاوية واليا على الشام خير واقل ضررا من اقتتال المسلمين بينهم فمن الحكمة معالجة الامر بغير الاقتتال ولكن مشيئة الله هي الغالبة ووقعت معركة صفين وبعد ايام كاد جيش معاوية ان يهزم وكان عمرو ابن العاص رضي الله عنه مع معاوية اجتهادا منه ان معاوية على الحق وقد اخطأ في هذا وكان داهية من دواهي العرب فاشار الى معاوية برفع المصاحف دفعا لهزيمة جيش معاوية فقبل جيش علي رضي الله عنه تحكيم كتاب الله عز وجل بينهم الا ان عليا رضي الله عنه عرف ان هذه خديعة فلم يوافق الا ان نفس اصحاب الفتنة اصروا على قبول التحكيم فاضطر علي رضي الله عنه على قبول التحكيم وانتدب معاوية حكما من جهته وهو عمرو ابن العاص رضي الله عنه واراد علي ان ينتدب ابن عباس رضي الله عنهم من جهته الا ان اصحاب الفتنة رفضوا وطلبوا من علي رضي الله عنه ان يبعث ابا موسى الاشعري رضي الله عنه فتنزل علي رضي الله عنه لطلبهم واجتمع الحكمان وتشاورا في الامر واقترح عمرو ابن العاص رضي الله عنه على ابي موسى الاشعري ان يخلع كل واحد منهما صاحبه وبعدها يختار المسلمون خليفة لهم وكان ابو موسى الاشعري رضي الله عنه زاهدا وورعا فوافق على هذا الحل فضا للنزاع وحقنا لدماء المسلمين ولم يعلم ان هذا مكرا من عمرو ابن العاص رضي الله عنه وبعد اتفاقهما وارادا ان يعلنا هذا الاتفاق للمسلمين طلب عمرو ابن العاص من ابي موسى الاشعري ان يقوم اولا ويخلع عليا رضي الله عنه فقام ابو موسى الاشعري رضي الله عنه وخطب بالناس وبلغهم بالاتفاق الذي توصلا اليه وخلع عليا رضي الله عنه وقام بعده عمرو ابن العاص رضي الله عنه وخطب بالناس وقال ان ابا موسى خلع صاحبه وانا اثبت صاحبي ولم يستطع علي رضي الله عنه معالجة الموقف فرجع الى الكوفة واخذ اصحاب الفتنة انفسهم يلومون عليا رضي الله عنه على موافقته على التحكيم ويقولون لاحكم الا لله مع انهم هم من اصروا على الموافقة على التحكيم وخرجوا على علي رضي الله عنه فبعث اليهم ابن عباس رضي الله عنهما وحاججهم حتى رجع كثير منهم وقضى علي رضي الله عنه على الباقين في معركة النهروان الا من هرب منهم وبعدها اتفق اصحاب الفتنة انفسهم على قتل معاوية وعلي وععمرو بن العاص رضي الله عنهما بحجة تخليص المسلمين من فتنتهم وانتدبوا لكل مهمة رجلا وفشل الرجلان المكلفان بقتل معاوية وعمرو بن العاص رضي الله عنه ونجح عبد الرحمن بن ملجم بقتل علي ليفوزعلي رضي الله عنه ورب الكعبة وبايع المسلمون الحسن بن علي رضي الله عنه وتصالح مع معاوية بشروط احدها ان تكون الخلافة بعد معاوية للحسن رضي الله عنه وصدق حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال عن الحسن رضي الله عنه ان ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين ولكن اصحاب الفتنة لم يعجبهم هذا فأخذو يلومون الحسن رضي الله عنه على صنيعه ونعتوه بمذل المؤمنين اذلهم الله وبعدها عاد الحسن رضي الله عنه الى المدينة المنورة حتى توفي فيها وقبل ان يتوفى اوصى الحسن اخاه الحسين رضي الله عنهما ان يترك هذا الامر وقال له اني ارى ان لايجمع الله فينا النبوة والخلافة وبعد ان توفي الحسن رضي الله عنه نكث معاوية العهد الذي قطعه مع الحسن رضي الله عنه بحجة ان الحسن توفي واوصى بالخلافة لابنه يزيد واكره المسلمين على مبايعته فبايعوه الا عبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمر رحمهما الله والحسين رضي الله عنه وبعد وفاة معاوية تولى يزيد الخلافة وأخذ يضايق على عبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمر والحسين رضي الله عنه ليكرههم على البيعة فخرجوا الى مكة المكرمة هربا من بطشه وكتب اصحاب الفتنة انفسهم الى الحسين رضي الله عنه يبايعونه ويستقدمونه الى الكوفة فخرج الى الكوفة ولم يكن هذا الفعل حكيما من عدة وجوه :-
اولا :- لم يعتبر الحسين رضي الله عنه مما فعل اهل الكوفة بعلي والحسن رضي الله عنهما
ثانيا :- لم يلتزم بوصية الحسن رضي الله عنه
ثالثا :- لم يأخذ بنصيحة ابن عباس رضي الله عنهما وخيرة التابعين حين اشاروا عليه بعدم الخروج
رابعا :- لم يترك آل محمد صلى الله عليه وسلم من النساء والاطفال في مكة لابعادهم عن شر الحرب خاصة وقد اشار عليه ابن عباس رضي الله عنهما وخيرة التابعين بهذا بعد ان يئسوا من ثنيه عن عزمه على الخروج
وكان من الحكمة ان يقوم الحسين رضي الله عنه باحد امرين :-
اما السعي لحشد كل المسلمين في الولايات الاسلامية ضد يزيد لعزله او الخروج الى اليمن للابتعاد عن مضايقة يزيد له كما اشار عليه اصحابه من التابعين
ولكن الحسين رضي الله عنه اصر على الخروج بآل محمد صلى الله عليه وسلم الى الكوفة وعندما وقعت المعركة نكث اهل الكوفة بيعتهم له كما هو عهدهم وبقي وحيدا فطلب من جيش يزيد ان يخلوا سبيله ليعود الى المدينة او يخرج الى اليمن ولكنهم رفضوا وخيروه بين اثنتين اما المبايعة ليزيد واما القتال فاختار القتال وقتل هو ومن معه من آل محمد صلى الله عليه وسلم الا قليل وكان هذا الفعل جريمة من يزيد وجيشه
الخلاصة
ان معاوية اخطأ وان عليا وعائشة وطلحة والزبير وعمرو بن العاص والحسين رضي الله عنهم أخطأوا ولم يصب الا الحسن رضي الله عنه
وان يزيدا لم يجتهد ويخطئ خطأ ولكنه اجرم اجراما بقتله الحسين رضي الله عنه وآل محمد صلى الله عليه وسلم واستباحته المدينة المنورة
والواجب علينا ان نحفظ للصحابة مقامهم لاننا لو انفقنا بقدر جبل احد لم نبلغ مد احدهم ولا نصيفه ولكن نستغفرلمن أخطأ منهم ونأخذ العبرة مما وقع بينهم ولا يجوز ان يتخذ ما وقع بينهم اساسا لتكفيرالاخرين
اللهم اغفر لنا وللذين سبقونا بالايمان وارحمنا انك انت الغفورالرحيم
والحمد لله رب العالمين

 
عودة
أعلى