(صحبه) من دون ألف ... و(صاحبه) بالألف ] في قصة صاحب الجنتين من سورة الكهف

د محمد الجبالي

Well-known member
إنضم
24/12/2014
المشاركات
400
مستوى التفاعل
48
النقاط
28
الإقامة
مصر
[(لِصَحِبِهِ) من دون ألف ... و(صَاحِبُهُ) بالألف ]
في قصة صاحب الجنتين
من سورة الكهف

كنت رئيسا لجلسة في المؤتمر العالمي السنوي [مُقَدَّس] الخامس الذي تقوم عليه وتعقده أكاديمية الدراسات الإسلامية في جامعة ملايا، كوالالمبور، ماليزيا، وكان ذلك يوم الثلاثاء الموافق 5 / 6 / 2015
وكان من بين الباحثين أحد الأساتذة المصريين ، جاء نائبا عن ابنه المسافر لعرض بحث الابن ومناقشته ، وكان الرجل ذا علم وخبرة وحُسْنِ عَرْضٍ أخذ بِأَلْبَابِ الحضور.
ودخل بقضية بحثه إلى القول بالإعجاز في الرسم العثماني، وتَعَرَّضَ لقِصَّةِ صاحب الجنتين في سورة الكهف فقال: تأملوا الإعجاز الرائع في كلمة [صاحب] لقد ذُكِرَتْ في القصة مرتين:

- الأولى:يُقْصَدُ بها الكافرُ فَحُذِفَ منها الألف في الرسم العثماني [لِصَاحِبِهِ] احْتِقَارا له.
- الثانية:يُقْصَدُ بها الْمُؤْمِنُ، فَثَبَتَ فيها الألف [صَاحِبُهُ] ولم يُحْذَفْ، تَكْرِيما للْمُؤْمِن.

فَتَأَمَّلْتُ الآيتين في ذِهْنِي سَرِيعًا، فَوَجَدْتُ أنَّ لَفْظَ [صاحب] في كِلْتا الآيتين يَعُودُ علَى الْمُؤْمِن، في الآيتين كِلْتَيْهِما - التي حُذِفَ منها الألف والتي ثبت فيها الألف- وجدت أنَّ الْمَقْصُود بها الْمُؤْمِن.

وانتظرْتُ لَعَلَّ أَحَدَ الْحُضُورِ يَلْتَفِتَ لها فَيُنَاقِشُهُ فيها بَعْدَ انْتِهَاءِ اسْتِعْرَاضِ الْبُحُوثِ - إذ ليس لأحد الْمُقَاطَعَة أو الْمُنَاقَشَةَ أثناء عرض البحث بل يتاح ذلك بعده - وللأسف لم يحدث.

إلا أنّه قد وُجِّهَتْ لهذا الأستاذ خَاصَّة أسئلة عِدَّة أَكْثَرَ مِنْ غيره مِنَ الباحثين الْمُشَارِكين في الجلسة ؛ وذلك لأنَّ بَحْثَهُ كان قَيِّمًا، ولِحُسْنِ عَرْضِهِ الذي كَشَفَ عَنْ سِعَةِ عِلْمِه - وسُبْحَانَ اللهِ - أَثْنَاءَ جَوَابِهِ عَنْ أَحَدِ الأسْئِلَةِ تَطَرَّقَ مَرَّةً أُخْرَى إلى قِصَّةِ صَاحِبِ الْجَنَّتَيْنِ وإِثْبَاتِ الألف وحَذْفِها في كلمة [صاحب] وهُنَا قَاطَعْتُهُ بِأَدَبٍ:

- اسْمِحْ لي أُسْتَاذَنا الفاضل: إنَّ لَفْظَ [صَاحِب] في الآيتين يَرْجِعُ ويُقْصَدُ به [الْمُؤْمِن].
فقال : لا.
فقلتُ: بل نعم ، يُقْصَدُ به الْمُؤْمِن.
فقال أَحَدُ الْحُضُور: لا، غير صحيح.
فقلتُ: بل نعم، صحيح، اقْرَأْ مَعِي الآيتين وتَأَمَّلْ:
قال الله تعالى: { وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا (34) } الكهف
وقال تعالى: { قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا (37)}الكهف.
فانْتَبَهَ الْجَمِيعُ لذلك، وَوَافَقُوني.
فَدُهِشَ الرجلُ وقال: لَعَلَّ ذلك الاختلاف لأنَّ الْمُتَحَدِّثَ في الأُولى كافر، وفي الثانية مؤمن، وانْتَهَتْ الْمُنَاقَشَةُ على ذلك.

- لكن هذا التَّوْجِيهَ غير مَقْبُول، وغير صحيح ؛ لأنَّ القائل والقاصَّ في الآيتين هو الله عز وجل.

- ومررتُ اليوم بقِصَّةِ صاحب الجنتين ، فَتَذَكَّرْتُ ما حدث في الْجِلْسَةِ بالْمُؤْتَمر، وتَأَمَّلْتُ فَوَفَّقَني الله لِتَوْجِيه هذا الاختلاف في رَسْمِ لفظ [صاحب] في الآيتين، وأَسْأَلُ الله ربي التوفيق والسداد:
أولا: الآية (34) التي حُذِفَ فيها الألفُ مِنْ [Ïلِصَاحِبِهِ]:
إنَّ الكلامَ وإنَّ الْمُتَحَدِّثَ في الآية [34] التي حُذِفَ فيها الألف من لفظ [Ïلِصَاحِبِهِ] هو صاحب الجنتين، وقد كَشَفَتْ الآيةُ عن اسْتِخْفَافِهِ، واحْتِقَارِهِ، واسْتِهْزَائِهِ، وتَكَبُّرِهِ، وتَعَالِيهِ على صاحبه المؤمن الفقير، كما كَشَفَتْ عن غُرُورٍ واغْتِرَارٍ فَاحِش، اسمع لقول الله تعالى: {وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا (34)}
- فكان حَذْفُ الألف هُنَا من لفظ [Ïلِصَاحِبِهِ] مُنَاسِبًا لِحَالِ الاسْتِخْفَاف والاحتقار والاستهزاء.

ثانيا: الآية (37) التي ثَبَتَ فيها الألفُ في [صَاحِبُهُ]:

- إنَّ الْمُتَحَدِّثَ في الآية هو الْمُؤْمِن، ومِنْ حِوَارِهِ نَلْمَسُ عَظِيمَ إيمانه، واعْتِزَازِه بِنَفْسِه، وثِقَتِهِ بِرَبِّه، كما نَرَى إِنْكَارَه على صَاحِبِهِ الْكَافِر وشِدَّتَهُ عليه، اسمع:
{ قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا (37) لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا (38) وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا (39) فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا (40) أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا (41)}.

- فَلَمَّا كان الْمَوْطِنُ مَوْطِنَ اعْتِزَازٍ بالنَّفْسِ وثِقَةٍ ووقُوَّةٍ وعَزْمٍ وإيمان ويَقِينٍ بالله اسْتَوْفَتْ الْكَلِمَةُ كُلَّ حُرُوفِهَا تَكْرِيما لِصَاحِبِها.

وعذرا لقد كتبت هذه الخاطرة في ملف ورد والايات بالخط العثماني والذي لا ترسم فيه ألف [صاحبه] في آية الكهف 34 ، ولكن الخط العثماني ما قبل هنا.

هذا ، والله أعلم.
أخوكم د. محمد الجبالي.
 
هنالك من حملها على قوة الصحبة بينهما

آية 34 تتحدث عن مرحلة
قبل أن يتبين له كفر صاحبه: كان = ( صحبه)
فبينهما حينئذ تلاصق ومحبة وقوة صحبة

أما في آية 37
تبيَّن له كفر صاحبه حين قال: " وما أظن الساعة قائمة "
فحصل تباعد بينهما (والألف المرسومة هي علامة هذا التباعد والشقاق) = (صاحبه)
أي: البراء منه
 
إذا سمحتم لي أن أضيف ،

فيظهر أن رسم (صحبه) دون ألف إشارة إلى أنها تحتمل المعنين (صاحبه) و (صحبه) ، وهذا لا يخل بالمعنى في الآية في سورة الكهف ، فهو يقول لصحبه وهو يحاور الرجل المؤمن -أي يكلم جماعة حوله- مغتراً بما عنده من مال ونفر..
وكذلك الآيتان في سورة الجن: (وَأَنَّهُ تَعَالَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا) ، وسورة الأنعام: (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ ۖ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) جميعها يستقيم المعنى إذا قرأت صحبة ، وفي كليهما أيضاً إشارة إلى جعل الجن شركاء مع الله ، (وجعلوا لله شركاء الجن...) في الآية التي تسبقها.

والله أعلم ، وجزاكم الله خيراً
 
أختنا الباحثة : بارك الله فيك
وجزاك الله خيرا

إن لفظ (صحبه) وإن حذف منه الالف رسما لكن نطقه قائم لم يسقط
والدليل على ذلك الألف القصيرة المرسومة بين حرفي الصاد والحاء.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وسلم تسليما

أما عن كلمة صاحب بالألف وبدونها فقد كتبنا موضوعا فيه في هذا الملتقى وقلنا أن الألف زيادتها وحذفها في كلمة صاحب يترجمه ذكر في الآية لما يفرق وما يجمع فإن كان ما يفرق خطت الألف وإن ذكر ما يجمع حذفت وأتينا على جميع الآيات كما هي مرسومة في مصحف المدينة وتأكد لنا ذلك..
أما حين كتبنا عن الموضوع فظهر جدال من يذهب إلى أن الكتابة ليست توقيفا.. فقدمنا مثالا ثان كلمة شاهد.. وكلمة باسم... الخ
والله أعلم

يغر الله لي ولكم
عمارة سعد شندول
 
أخانا الفاضل الأستاذ : عمارة سعد
السلام عليكم ورحمة الله

ظني أن صاحبنا الذي ناقش بحثه في المؤتمر لو كان - كما تقول - وقف واطلع على الموضوع الذي كتبتموه وناقشتموه هنا في الملتقى ما سقط في هذا الخطأ.

اللهم إلا أن تكونوا قد بنيتم موضوعكم على أن (صاحب) الأولى تعود على الكافر والثانية للمؤمن.

وأرجو أن ترشدنا إلى رابط موضوعكم وتنسخه هنا لنطلع عليه.
وجزاكم الله خيرا
 
عودة
أعلى