سالم محمود كامل
New member
[FONT="]شهادة ام انتحار
بسم1[/FONT]
[FONT="]يقول الله تعالى:[/FONT]بسم1[/FONT]
[FONT="](..الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا..)الاية 3 من سورة المائدة.[/FONT]
[FONT="]ويقول رسولنا الكريم:[/FONT]
[FONT="](عن عبد الله، قال: قال رسول الله [/FONT]صلى الله عليه وسلم[FONT="]: «أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء»)صحيح مسلم[/FONT]
[FONT="]اذا كان سفك الدماء(سواءاً الانتحار أو القتل) اول ما يقضى به يوم القيامة فهل يمكن لمسلم ان يعتقد بأن الشرع لم يحسم هذه القضية وانها تحتاج الى اجتهادات وقياسات لاستنباط احكامه الشرعية.[/FONT]
[FONT="]في السطور التالية سنحاول طرح هذه القضية (العمليات الانتحارية)بشكل واضح لالبس فيه،وانَّ من يحاول اخراج النصوص عن حكمها الشرعي فيجب عليه الاتيان بنصوص صحيحة تعارض ماذهبنا اليه في طرح هذه القضية خدمة لامتنا الاسلامية وشبابنا المسلم.[/FONT]
[FONT="]ماهو الانتحار[/FONT]
[FONT="]التَّعْرِيفُ:[/FONT]
[FONT="]1 - الاِنْتِحَارُ فِي اللُّغَةِ: مَصْدَرُ انْتَحَرَ الرَّجُل،بِمَعْنَى نَحَرَ نَفْسَهُ، أَيْ قَتَلَهَا. وَلَمْ يَسْتَعْمِلْهُ الْفُقَهَاءُ بِهَذَا الْمَعْنَى. لَكِنَّهُمْ عَبَّرُوا عَنْهُ بِقَتْل الإْنْسَانِ نَفْسَهُ ([/FONT][1][FONT="])[/FONT]
[FONT="]وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَجُلاً قَاتَل فِي سَبِيل اللَّهِ أَشَدَّ الْقِتَال، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّهُ مِنْ أَهْل النَّارِ، فَبَيْنَمَا هُوَ عَلَى ذَلِكَ إِذْ وَجَدَ الرَّجُل أَلَمَ الْجُرْحِ، فَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى كِنَانَتِهِ، فَانْتَزَعَ مِنْهَا سَهْمًا فَانْتَحَرَ بِهَا.[/FONT]
[FONT="]وَفِي الْحَدِيثِ نَفْسِهِ: انْتَحَرَ فُلاَنٌ فَقَتَل نَفْسَهُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ([/FONT][2][FONT="])[/FONT]
[FONT="]بِمَ يَتَحَقَّقُ الاِنْتِحَارُ:[/FONT]
[FONT="]3 - الاِنْتِحَارُ نَوْعٌ مِنَ الْقَتْل فَيَتَحَقَّقُ بِوَسَائِل مُخْتَلِفَةٍ. وَيَتَنَوَّعُ بِأَنْوَاعٍ مُتَعَدِّدَةٍ كَالْقَتْل.[/FONT]
[FONT="]فَإِذَا كَانَ إِزْهَاقُ الشَّخْصِ نَفْسَهُ بِإِتْيَانِ فِعْلٍ مَنْهِيٍّ عَنْهُ، كَاسْتِعْمَال السَّيْفِ أَوِ الرُّمْحِ أَوِ الْبُنْدُقِيَّةِ أَوْ أَكْل السُّمِّ أَوْ إِلْقَاءِ نَفْسِهِ مِنْ شَاهِقٍ أَوْ فِي النَّارِ " لِيَحْتَرِقَ أَوْ فِي الْمَاءِ لِيَغْرَقَ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْوَسَائِل، فَهُوَ انْتِحَارٌ بِطَرِيقِ الإْيجَابِ.[/FONT]
[FONT="]وَإِذَا كَانَ الإْزْهَاقُ بِالاِمْتِنَاعِ عَنِ الْوَاجِبِ، كَالاِمْتِنَاعِ مِنَ الأْكْل وَالشُّرْبِ وَتَرْكِ عِلاَجِ الْجُرْحِ الْمَوْثُوقِ بِبُرْئِهِ بِمَا فِيهِ مِنْ خِلاَفٍ سَيَأْتِي، أَوْ عَدَمِ الْحَرَكَةِ فِي الْمَاءِ أَوْ فِي النَّارِ أَوْ عَدَمِ التَّخَلُّصِ مِنَ السَّبُعِ الَّذِي يُمْكِنُ النَّجَاةُ مِنْهُ، فَهُوَ انْتِحَارٌ بِطَرِيقِ السَّلْبِ ([/FONT][3][FONT="])[/FONT]
[FONT="]الموسوعة الفقهية الكويتية.انتهى[/FONT]
[FONT="]وقد ذُكر في الموسوعة الفقهية الكويتية كثير من التفصيل عن الانتحار يمكن الرجوع اليه.[/FONT]
[FONT="]ونقول هنا بان اهم شرط من شروط الانتحار هو نية المنتحر بازهاق روحه (اي الموت).[/FONT]
[FONT="]أمّا عند فقدان هذه الحرية في اتمام هذا الفعل مثل الاكراه على قتل النفس فقد اختلف فيه الفقهاء ويمكن الرجوع الى تفصيل ذلك في كتب الفقه.[/FONT]
[FONT="]وحيث ان الانتحار هو فعل فانه يحتاج الى مكان وزمان وطريقة لاتمام هذا الفعل وهي ليست شروطا ثابتة.فيمكن للمنتحر ان يقوم بتغيير المكان او الزمان اوطريقة موته في اي وقت؛وهذا هو اهم مايميز الانتحار بوجود حرية تامة لاتمام هذا الفعل.[/FONT]
[FONT="]أمّا عند فقدان هذه الحرية في اتمام هذا الفعل مثل الاكراه على قتل النفس فقد اختلف فيه الفقهاء ويمكن الرجوع الى تفصيل ذلك في كتب الفقه.[/FONT]
[FONT="]والان لنتكلم بشكل موجز عن مصطلح فقهي له علاقة وثيقة بما سنتكلم عنه بصدد معالجة مسألة القتل في القران الكريم الاوهو (التكليف الشرعي).[/FONT]
[FONT="]التَّكْلِيفِ:[/FONT]
[FONT="]وَهُوَ لُغَةً: إِلْزَامُ مَا فِيهِ كُلْفَةٌ، أَيْ مَشَقَّةٌ.[/FONT]
[FONT="]وَشَرْعًا: قِيلَ: الْخِطَابُ بِأَمْرٍ أَوْ نَهْيٍ، وَهُوَ صَحِيحٌ. إِلَّا أَنْ نَقُولَ: الْإِبَاحَةُ تَكْلِيفٌ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ، فَتَرِدُ عَلَيْهِ طَرْدًا وَعَكْسًا. فَهُوَ إِذَنْ إِلْزَامُ مُقْتَضَى خِطَابِ الشَّرْعِ. وَلَهُ شُرُوطٌ، يَتَعَلَّقُ بَعْضُهَا بِالْمُكَلَّفِ، وَبَعْضُهَا بِالْمُكَلَّفِ بِهِ.[/FONT]
[FONT="]الكتاب : شرح مختصر الروضة[/FONT]
[FONT="]المؤلف : سليمان بن عبد القوي بن الكريم الطوفي الصرصري، أبو الربيع، نجم الدين (المتوفى : 716هـ)[/FONT]
[FONT="]المحقق : عبد الله بن عبد المحسن التركي.[/FONT]
[FONT="]والان لنتامل في ثلاث مواضع في القران ورد فيها قتل النفس:[/FONT]
[FONT="]الموضع الاول:[/FONT]
[FONT="]((وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (54)البقرة))[/FONT]
[FONT="]وقد اجمعت امهات التفاسير على ان القتل كان بأن يقتل احدهم الاخر.[/FONT]
[FONT="]ويروى أن يوشع بن نون خرج عليهم وهم محتبون فقال ملعون من حل حبوته أو مد طرفه إلى قاتله أو اتقاه بيد أو رجل فما حل أحد منهم حبوته حتى قتل منهم يعني من قتل وأقبل الرجل يقتل من يليه. ذكره النحاس وغيره. (تفسير القرطبي)[/FONT]
[FONT="]وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ الْهَيْثَمِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّار، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ: قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ: [/FONT]{[FONT="]فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ[/FONT]}[FONT="] قَالَ: أَمَرَ مُوسَى قَوْمَهُ -مِنْ أَمْرِ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ -أَنْ يَقْتُلُوا أَنْفُسَهُمْ قَالَ: وَاحْتَبَى الَّذِينَ عَبَدُوا (4) الْعِجْلَ فَجَلَسُوا، وَقَامَ الَّذِينَ لَمْ يَعْكُفُوا عَلَى الْعِجْلِ، فَأَخَذُوا الْخَنَاجِرَ بِأَيْدِيهِمْ، وَأَصَابَتْهُمْ ظُلَّة شَدِيدَةٌ، فَجَعَلَ يَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَانْجَلَتِ الظلَّة عَنْهُمْ، وَقَدْ أَجْلَوْا عَنْ سَبْعِينَ أَلْفَ قَتِيلٍ، كُلُّ مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ كَانَتْ لَهُ تَوْبَةٌ، وَكُلُّ مَنْ بَقِيَ كَانَتْ لَهُ تَوْبَةٌ.(تفسير ابن كثير)[/FONT]
[FONT="]ويتبين من القولين السابقين بان بني اسرائيل كان عليهم الاستسلام التام للقتل دون مجاهدة القاتل وهذا صورة من صور الانتحار.[/FONT]
[FONT="]وهنا مسألتين[/FONT]
[FONT="]الاولى: ماالذي جعل هذه الصورة من صور الانتحار تكتب على انها شهادة لميتهم وتوبة لحيِّهم؟ انها( التكليف من الله عزوجل) وإذعان بني اسرائيل لهذا التكليف.[/FONT]
[FONT="]والثانية:هل يمكن القياس على هذه المسألة في معاقبة المشرك؟والجواب لايجوز لان هذه المسألة كانت خاصة بمجموعة معينة وفي وقت معين وبتكليف خاص من الله تعالى انتهى مع نهاية هذا التكليف.[/FONT]
[FONT="]الموضع الثاني:[/FONT]
[FONT="](وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (7)القصص).[/FONT]
[FONT="]يقول ابن كثير:[/FONT]
[FONT="](فَلَمَّا ضَاقَتْ ذَرْعًا بِهِ أُلْهِمَتْ فِي سِرِّهَا، وَأُلْقِي فِي خَلَدِهَا، وَنُفِثَ فِي رَوْعِهَا، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: [/FONT]{[FONT="]وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ[/FONT]}[FONT="] .تفسير ابن كثير[/FONT]
[FONT="]وكما يتبن من هذه الاية بان موسى [/FONT]عليه السلام[FONT="] لوسقط في الماء وتوفي لكان هذا صورة من صور القتل العمد.[/FONT]
[FONT="]وهنا مسألتين[/FONT]
[FONT="]الاولى:مالذي يجعل من هذا العمل الذي هو صورة من صور القتل العمد يكون طاعة ومقربة من الله؟انه التكليف من الله عزوجل والطاعة من أم موسى [/FONT]عليه السلام[FONT="].[/FONT]
[FONT="]الثانية:هل يمكن القياس على هذه المسألة للنجاة من مواقف مشابهة؟الجواب :كلا،لان هذه المسألة تكليف من الله تعالى للقيام بعمل معين في وقت معين انتهى مع نهاية هذا التكليف.[/FONT]
[FONT="]الموضع الثالث:[/FONT]
[FONT="]فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا (74)الكهف[/FONT]
[FONT="]يقول القرطبي في تفسيره:[/FONT]
[FONT="](وكان الخضر قتله لما علم من سيره، وأنه طبع كافرا كما في صحيح الحديث، وأنه لو أدرك لأ رهق أبويه كفرا، وقتل الصغير غير مستحيل إذا أذن الله في ذلك، فإن الله تعالى الفعال لما يريد، القادر على ما يشاء)[/FONT]
[FONT="]وهنا نورد نفس المسألتين[/FONT]
[FONT="]الاولى: ان ماقام به العبد الصالح هو قتل عمد ولكن لكونه تكليفا من الله [/FONT]سبحانه وتعالى[FONT="] فيعتبر طاعة وقربى من الله.والشاهد على انه تكليف قول العبد الصالح في نفس السورة(وما فعلته عن أمري ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا (82)الكهف)[/FONT]
[FONT="]والثانية: لايمكن القياس على هذه المسألة في اصلاح المجتمع واللجوء للقتل بهذه الطريقة.[/FONT]
[FONT="]الموضع الرابع:[/FONT]
[FONT="]فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102)الصافات.[/FONT]
[FONT="]وكما يتبن لنا من هذه الاية بأنَّ فعل ابراهيم [/FONT]عليه السلام[FONT="] كان شروعا في القتل ولكن لكونه تكليفا خاصا من الله [/FONT]سبحانه وتعالى[FONT="] اصبح الشروع في القتل طاعة لله وقربى .يقول الله تعالى(وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105)الصافات)[/FONT]
[FONT="]ولا يمكن القياس على هذه االحالة ،اي لايمكن الشروع في قتل اي شخص مجرد رؤيا في المنام والا كان قتلاً عمدا.[/FONT]
[FONT="]اما لماذا صدَّق ابراهيم [/FONT]عليه السلام[FONT="] الرؤيا ،فقد شهد مواقف ايمانية عديدة قبل هذه الرؤيا جعلته يوقن بان هذه ليست رؤيا عادية انما هي تكليف من الله [/FONT]سبحانه وتعالى[FONT="] للقيام بهذه المهمة.[/FONT]
[FONT="]الموضع الخامس:[/FONT]
[FONT="]قصة أصحاب الأخدود والساحر والراهب والغلام[/FONT]
[FONT="]يمكن مراجعة هذا الحديث بتفاصيله في صحيح مسلم-7621- [73-3005] [/FONT]
[FONT="]سنتوقف قليلاً عند هذا الموضع وذلك لكثرة القياس عليه والاستشهاد به عند من افتى بالقيام بالعمليات الانتحارية.[/FONT]
[FONT="]مما اوردنا سابقاً تبين لنا بأنَّ القيام بالتكاليف الخاصة هي في معزل عن النية،فجميع التكاليف التي سبق ذكرها كانت تتطلب القيام باعمال محرمة ولايمكن لانسان صالح مؤمن ان يفعل ذلك.[/FONT]
[FONT="]سنورد هنا جزء من الحديث:[/FONT]
[FONT="](فَقَالَ لِلْمَلِكِ : إِنَّكَ لَسْتَ بِقَاتِلِي حَتَّى تَفْعَلَ مَا آمُرُكَ بِهِ ، قَالَ : وَمَا هُوَ ؟ قَالَ : تَجْمَعُ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ ، وَتَصْلُبُنِي عَلَى جِذْعٍ ، ثُمَّ خُذْ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِي ، ثُمَّ ضَعِ السَّهْمَ فِي كَبِدِ الْقَوْسِ ،ثُمَّ قُلْ : بِاسْمِ اللهِ رَبِّ الْغُلاَمِ ، ثُمَّ ارْمِنِي ، فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ قَتَلْتَنِي .)صحيح مسلم.[/FONT]
[FONT="]وعليه يمكن ان نتاول حديث الغلام من ثلاثة اوجه مهمة:[/FONT]
[FONT="]الوجه الاول:[/FONT]
[FONT="]الانتحار:فالغلام قد دلَّ الملك على طريقة قتله وطلب الموت وهذا يعتبر صورة من صور الانتحار.ولان الانتحار محرم وانَّ هذا الشخص هو شخص صالح لايمكن له القيام بهذا الفعل، فإنَّ هذا قد اوجب الاستعانة بالوجه الثاني.[/FONT]
[FONT="]الوجه الثاني:[/FONT]
[FONT="]النية:كثير ممن تناول شرح الحديث فقد برر هذا العمل(الانتحار) بالنية الصالحة في هداية الناس.[/FONT]
[FONT="]من هذا الوجه بدأ قياس العمليات الانتحارية .فاصبحت القاعدة الفقهية وفقاً لهذا القياس:اذا توفرت النية للقيام بعمل صالح فيمكن القيام بعمل مُحَّرم مثل الانتحار.[/FONT]
[FONT="]الوجه الثالث:[/FONT]
[FONT="]التكليف :وهذا الوجه هو الذي نعتقده الاقرب وحسب سياق الحديث.ويمكن ان نوضح ماذهبنا اليه باختصار:[/FONT]
[FONT="]1.وقوع كثير من الايات والدلالات لهذا الشاب تدل على انه شخص مجتبى وملهم ومنها:قتل الدابة بحجر،الدعاء المستجاب،ارتجاف الجبل،سقوط القارب،وشفاء الاعمى.[/FONT]
[FONT="]2.دعاء هذا الشاب لتخليصه من الموت،فلايمكن لانسان مؤمن صالح ان يطلب الحياة حباً فيها ولكن هذه الوقائع تؤكد ان اعداد هذا الشاب لمهمة اعظم وهي اسلام نفر من الكفار على يديه.وهذا لايمكن ان يكون اجتهاداً شخصيا من هذا الشاب.[/FONT]
[FONT="]3.دلالة الملك على طريقة قتله ،فان كانت هذه الكلمات هي اجتهاد شخصي فإنها تحتمل الصواب والخطأ.فان كانت صوابا فقد تم المراد ولكن ماذا لو كانت خطأً؟فبهذه الحالة سيزداد الناس اشراكا وذلك لانه لايوجد رب لهذا الغلام يسهل قتله.[/FONT]
[FONT="]4.لايمكن لهذا الشاب ان يستمر بالحياة فلو حصل هذا فسيكون فتنة للناس على انَّه خالد لايموت وبهذا فسيتخذه الناس الها.[/FONT]
[FONT="]يتبين مما سبق بان هذا الشاب قد اختاره الله لاداء مهمة معينة في وقت معين وان هذا التكليف سينتهي بنهاية هذه المهمة.[/FONT]
[FONT="]وعليه فإنَّ ما اقدم عليه الشاب هو انتحار ولكن ماجعله طاعة وقربى من الله هو التكليف من الله ([/FONT]سبحانه وتعالى[FONT="]).وبهذا يمككنا القول بانه لايجوز القياس على هذه الواقعة للافتاء بجواز الانتحار.[/FONT]
[FONT="]تحريم قتل النفس (الانتحار) فسنتاولها في اربعة مواضع من القران الكريم:[/FONT]
[FONT="]قبل البدأ بتناول هذا الموضوع يجب ان نذكر مسألة مهمة في عملية الانتحار الا وهي انَّ [/FONT][FONT="]القاتل والمقتول هو نفس الشخص اي انَّ المنتحر يتحمَّل احكام المنتحر واحكام قتل النفس[/FONT][FONT="] وسنبين ماذهبنا اليه في الايات التالية.[/FONT]
[FONT="]الموضع الاول:[/FONT]
[FONT="](يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29)النساء)[/FONT]
[FONT="]قال الامام بن كثير:[/FONT]
[FONT="]عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:[/FONT]
[FONT="]قَالَ: فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، ذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ «يَا عَمْرُو صَلَّيْتَ بِأَصْحَابِكَ وَأَنْتَ جُنُبٌ» قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي احْتَلَمْتُ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ شَدِيدَةِ الْبَرْدِ، فَأَشْفَقْتُ إِنِ اغْتَسَلْتُ أَنْ أَهْلِكَ، فَذَكَرْتُ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً فَتَيَمَّمْتُ ثُمَّ صَلَّيْتُ.[/FONT]
[FONT="]ثم قال بن كثير [/FONT]رحمه الله[FONT="]:[/FONT]
[FONT="]وَهَذَا- وَاللَّهُ أَعْلَمُ- أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ.انتهى[وهذا هو جزء من الحديث][/FONT]
[FONT="]ونقول ان الصحابي قد فهم من هذه الاية هو النهي عن قتل النفس(الانتحار) وذلك بسلوك الاسباب التي تؤدي الى الموت.[/FONT]
[FONT="]وفي الموسوعة الفقهية الكويتية:[/FONT]
[FONT="]تحريم الانتحار وقتل المرء نفسه في القران الكريم:[/FONT]
[FONT="]قال الله -تعالى-: [/FONT]{[FONT="]ولا تقتلوا أنفسكم إِنّ الله كان بكم رحيماً[/FONT]}[FONT="] ([/FONT][4][FONT="]).[/FONT]
[FONT="]عن أبي هريرة -[/FONT]رضي الله عنه[FONT="]- عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "مَن تَرَدّى من جبل فقتلَ نفسَه فهو في نار جهنم يتردّى فيه خالداً مُخلداً فيها أبداً.[/FONT]
[FONT="]ومن تحسّى سماً فقَتلَ نفسه فسمُّهُ في يده، يَتحساه في نار جهنم خالداً مُخلداً فيها أبداً.[/FONT]
[FONT="]ومن قتل نفسه بحديدة فحديدتهُ في يده يَجأُ بِها ([/FONT][5][FONT="]) في بطنه في نار جهنم خالداً مُخلداً فيها أبداً" ([/FONT][6][FONT="]).انتهى من الموسوعة الفقهية الكويتية.[/FONT]
[FONT="]الموضع الثاني:[/FONT]
[FONT="](مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ (32)المائده)[/FONT]
[FONT="]قَالَ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً، يَقُولُ: مَنْ قَتَلَ نَفْسًا وَاحِدَةً حَرَّمَهَا اللَّهُ، فَهُوَ مِثْلُ مَنْ قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: مَنِ اسْتَحَلَّ دَمَ مُسْلِمٍ فَكَأَنَّمَا اسْتَحَلَّ دِمَاءَ النَّاسِ جَمِيعًا، وَمَنْ حَرَّمَ دَمَ مُسْلِمٍ فَكَأَنَّمَا حَرَّمَ دِمَاءَ النَّاسِ جَمِيعًا، هَذَا قَوْلٌ وَهُوَ الْأَظْهَرُ.(تفسير بن كثير)[/FONT]
[FONT="]وفي هذا الموضع نعود الى ماقلناه سابقا بانَّ المنتحر قد قتل نفسه(نفساً بغير نفس) وعليه فإنَّه محكوم باحكام هذه الاية (فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا).[/FONT]
[FONT="]الموضع الثالث:[/FONT]
[FONT="]وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93)(النساء)[/FONT]
[FONT="]يقول بن كثير في تفسيره[/FONT]
[FONT="]يَقُولُ تَعَالَى: لَيْسَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ أَخَاهُ الْمُؤْمِنَ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: النَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ" ([/FONT][7][FONT="]) .[/FONT]
[FONT="]ثُمَّ إِذَا وَقَعَ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثِ، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ آحَادِ الرَّعِيَّةَ أَنْ يَقْتُلَهُ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ إِلَى الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ.انتهى[/FONT]
[FONT="]ونقول بأنَّ جميع من يقوم بالاعمال الانتحارية يعتقدون في انفسهم الايمان(اي يمتلكون نفسا مؤمنة)ومن ثم يقوم هذا الانتحاري بقتل هذه النفس المؤمنة متعمدا .[/FONT]
[FONT="]الموضع الرابع:[/FONT]
[FONT="](وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (66)النساء)[/FONT]
[FONT="]يقول الامام القرطبي:[/FONT]
[FONT="](و (لو) حرف يدل على امتناع الشيء لامتناع غيره، فأخبر الله سبحانه أنه لم يكتب ذلك علينا رفقا بنا لئلا تظهر معصيتنا. فكم من أمر قصرنا عنه مع خفته فكيف بهذا الأمر مع ثقله!).[/FONT]
[FONT="]ونقول بأنَّ بني اسرائيل قد كتب عليهم قتل انفسهم فاستجابوا طائعين مذعنين فكتب انتحارهم شهادة.[/FONT]
[FONT="]والامة الاسلامية قد كتب عليها عدم قتل هذه النفس المؤمنة والحفاظ عليها، وتجاوز هذا الحد من حدود الله فستكون:[/FONT]
[FONT="]الشهادة انتحاراً[/FONT]
[FONT="]والله اعلم[/FONT]
[FONT="]جعلني الله واياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه .[/FONT]
[FONT="]واخر دعوانا ان احمد لله رب العالمين[/FONT]
[FONT="]والصلاة والسلام على النبي الأمي محمد [/FONT]صلى الله عليه وسلم[FONT="].[/FONT]
[1][FONT="] لسان العرب وتاج العروس مادة: (نحر)[/FONT]
[2][FONT="] حديث أبي هريرة: " أن رجلا قاتل في سبيل الله. . . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 11 / 498 ط السلفية)[/FONT]
[3][FONT="] أحكام القرآن للجصاص 1 / 149، ونهاية المحتاج 7 / 243، ومواهب الجليل 3 / 233، والمغني 9 / 326[/FONT]
[4][FONT="] النساء: 29.[/FONT]
[5][FONT="] يجأ بها: أي يضرب بها.[/FONT]
[6][FONT="] أخرجه البخاري (5778) ومسلم (109).[/FONT]
[7][FONT="] صحيح البخاري برقم (6878) وصحيح مسلم برقم (1676) .[/FONT]