محمد محمود إبراهيم عطية
Member
الطعام نعمة ، وتنوعه نعمة ، والحصول عليه نعمة ، واستساغته نعمة ، والتلذذ به نعمة ، وتحويله بعد أكله إلى عناصر مختلفة يستفيد منها جسم الإنسان على اختلاف حاجاته : نعمة ، ثم إخراج فضلاته من الجسم نعمة ، ولذا ورد في الأثر أن نوحًا - عليه السلام - كان يقول بعد الخلاء : ( الحمد لله الذي أذاقني لذته ، وأبقى في قوته ، وأذهب عني أذاه ) [1] .
فكم من نعمة يغفل الإنسان عن شكرها ؟ وصدق ربي ذو الجلال : { إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ } [ غافر : 61 ] .
وقد أمر الله عباده بشكر نعمته من طيبات الرزق ؛ فقال عز وجل : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ } [ البقرة : 172 ] ؛ وقال جل جلاله : { فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالاً طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ } [ النحل : 114] ؛ وقال سبحانه حاثًّا لعباده على شكر نعمته : { لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ } [ يـس : 35 ] .
والشُّكْرُ : الثناء على المحسن بما أولاكه من المعروف ، فهو عِرْفانُ الإِحسان ونَشْرُه ، ولا يكون إِلا عن يَدٍ ، أي : نعمة ؛ وقال ابن الأثير في ( النهاية ) : الشكرُ مُقابَلةُ النِّعمَة بالقَول والفِعل والنيَّة ؛ فيُثْنِي على المُنْعم بلِسانه ، ويُذِيب نفْسِه في طاعتِه ، ويَعْتَقِد أنه مُولِيها [2] .
وروى مسلم عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم : " إِنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنِ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا ، أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا " [3] ؛ والأَكْلَةُ : هي المرة الواحدة من الأكل ، كالغداء والعشاء .
قال المناوي – رحمه الله - في ( فيض القدير ) : وهذا تنويه عظيم بمقام الشكر ، حيث رتب هذا الجزء العظيم الذي هو أكبر أنواع الجزاء ، كما قال سبحانه وتعالى : ] وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ [ [ التوبة : 72 ] ، في مقابلة شكره بالحمد ؛ وعبر بالمرة إشعارًا بأن الأكل والشرب يستحق الحمد عليه وإن قل جدًّا ، أو أنه يتعين علينا أن لا نحتقر من الله شيئًا وإن قلَّ ( [4] ) .
وروى عبد الرزاق عن إبراهيم ( هو النخعي ) : شكر الطعام : أن تسمي إذا أكلت ، وتحمده إذا فرغت ( [5] ) ؛ وروى البيهقي – رحمه الله – في ( شعب الإيمان ) عن ابن أعبد قال : قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : يا ابن أعبد ، ما حق الطعام ؟ قلت : ما هو يا ابن أبي طالب ؟ قال : حق الطعام إذا وضع من بين يديك أن تقنع ، وتقول : بسم الله ، اللهم بارك لنا فيما رزقتنا ؛ يا ابن أعبد ، هل تدري ما شكر الطعام ؟ قلت : ما هو ؟ قال : شكر الطعام أن تقول إذا أطعمت : الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا [6] ؛ بل كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إتمامًا لشكر نعمة ربه يحمده إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ يقُولُ : " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا ، وَسَقَانَا ، وَكَفَانَا ، وَآوَانَا ، فَكَمْ مِمَّنْ لاَ كَافِيَ لَهُ وَلاَ مُئْوِيَ " [7] .
---------------------------------------------------------
[1] روى ابن أبي شيبة (9) عن العوام قال : حدثت أن نوحًا كان يقول : الحمد لله الذي أذاقني لذته ، وأبقى فيَّ منفعته ، وأذهب عني أذاه ؛ وقد رواه البيهقي في شعب الإيمان ( 4469 ) عن عائشة - رضي الله عنها - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن نوحًا عليه السلام لم يقم عن خلاء قط إلا قال : الحمد لله الذي أذاقني لذته ، و أبقى منفعته في جسدي ، و أخرج عني أذاه " ، وفي إسناده مقال ، ورواه الطبراني في الدعاء ( 370) عن ابن عمر بإسناد ضعيف أيضًا .
[2] انظر لسان العرب باب الراء فصل الشين ؛ والنهاية في غريب الحديث والأثر ( مادة ش ك ر ) .
[3] مسلم ( 2734 ) .
[4] انظر ( فيض القدير ) : 2 / 262 .
[5] انظر مصنف عبد الرزاق ( 19577 ) ، وإسناده صحيح إلى إبراهيم رحمه الله .
[6] شعب الإيمان ( 6040 ) .
[7] رواه مسلم ( 2715 ) ، عن أنس رضي الله عنه .
فكم من نعمة يغفل الإنسان عن شكرها ؟ وصدق ربي ذو الجلال : { إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ } [ غافر : 61 ] .
وقد أمر الله عباده بشكر نعمته من طيبات الرزق ؛ فقال عز وجل : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ } [ البقرة : 172 ] ؛ وقال جل جلاله : { فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالاً طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ } [ النحل : 114] ؛ وقال سبحانه حاثًّا لعباده على شكر نعمته : { لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ } [ يـس : 35 ] .
والشُّكْرُ : الثناء على المحسن بما أولاكه من المعروف ، فهو عِرْفانُ الإِحسان ونَشْرُه ، ولا يكون إِلا عن يَدٍ ، أي : نعمة ؛ وقال ابن الأثير في ( النهاية ) : الشكرُ مُقابَلةُ النِّعمَة بالقَول والفِعل والنيَّة ؛ فيُثْنِي على المُنْعم بلِسانه ، ويُذِيب نفْسِه في طاعتِه ، ويَعْتَقِد أنه مُولِيها [2] .
وروى مسلم عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم : " إِنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنِ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا ، أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا " [3] ؛ والأَكْلَةُ : هي المرة الواحدة من الأكل ، كالغداء والعشاء .
قال المناوي – رحمه الله - في ( فيض القدير ) : وهذا تنويه عظيم بمقام الشكر ، حيث رتب هذا الجزء العظيم الذي هو أكبر أنواع الجزاء ، كما قال سبحانه وتعالى : ] وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ [ [ التوبة : 72 ] ، في مقابلة شكره بالحمد ؛ وعبر بالمرة إشعارًا بأن الأكل والشرب يستحق الحمد عليه وإن قل جدًّا ، أو أنه يتعين علينا أن لا نحتقر من الله شيئًا وإن قلَّ ( [4] ) .
وروى عبد الرزاق عن إبراهيم ( هو النخعي ) : شكر الطعام : أن تسمي إذا أكلت ، وتحمده إذا فرغت ( [5] ) ؛ وروى البيهقي – رحمه الله – في ( شعب الإيمان ) عن ابن أعبد قال : قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : يا ابن أعبد ، ما حق الطعام ؟ قلت : ما هو يا ابن أبي طالب ؟ قال : حق الطعام إذا وضع من بين يديك أن تقنع ، وتقول : بسم الله ، اللهم بارك لنا فيما رزقتنا ؛ يا ابن أعبد ، هل تدري ما شكر الطعام ؟ قلت : ما هو ؟ قال : شكر الطعام أن تقول إذا أطعمت : الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا [6] ؛ بل كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إتمامًا لشكر نعمة ربه يحمده إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ يقُولُ : " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا ، وَسَقَانَا ، وَكَفَانَا ، وَآوَانَا ، فَكَمْ مِمَّنْ لاَ كَافِيَ لَهُ وَلاَ مُئْوِيَ " [7] .
---------------------------------------------------------
[1] روى ابن أبي شيبة (9) عن العوام قال : حدثت أن نوحًا كان يقول : الحمد لله الذي أذاقني لذته ، وأبقى فيَّ منفعته ، وأذهب عني أذاه ؛ وقد رواه البيهقي في شعب الإيمان ( 4469 ) عن عائشة - رضي الله عنها - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن نوحًا عليه السلام لم يقم عن خلاء قط إلا قال : الحمد لله الذي أذاقني لذته ، و أبقى منفعته في جسدي ، و أخرج عني أذاه " ، وفي إسناده مقال ، ورواه الطبراني في الدعاء ( 370) عن ابن عمر بإسناد ضعيف أيضًا .
[2] انظر لسان العرب باب الراء فصل الشين ؛ والنهاية في غريب الحديث والأثر ( مادة ش ك ر ) .
[3] مسلم ( 2734 ) .
[4] انظر ( فيض القدير ) : 2 / 262 .
[5] انظر مصنف عبد الرزاق ( 19577 ) ، وإسناده صحيح إلى إبراهيم رحمه الله .
[6] شعب الإيمان ( 6040 ) .
[7] رواه مسلم ( 2715 ) ، عن أنس رضي الله عنه .