شرح موجز لمعنى (القراءات العشر الكبرى) و(القراءات العشر الصغرى)

إنضم
29/10/2023
المشاركات
71
مستوى التفاعل
11
النقاط
8
الإقامة
ليبيا
القراءات العشر الصغرى والقراءات العشر الكبرى
القراءات العشر هي: قراءة نافع، وقراءة ابن كثير، وقراءة أبي عمرو، وقراءة ابن عامر، وقراءة عاصم، وقراءة حمزة، وقراءة الكسائي، وقراءة أبي جعفر، وقراءة يعقوب، وقراءة خَلَفٍ العاشِر(1).
والسبعُ الأُوَلُ يطلق عليها: (القراءات السبع)(2)، والثلاث الأخيرة يطلق عليها: (القراءات الثلاث) أو: (القراءات الثلاث المتممة للعشر).
أما القراءات السبع فمقطوع بتواترها(3) في جملتِها وجمهورِ أفرادها، وأما الثلاث المتممة فمختلَف فيها، والذي تَحَرَّرَ من كلام أهل العلم أنها متواترة برُوَاتِها المشهورين في جمهور أفرادِها.
ومن الكتب التي جَمَعَت القراءات السبع: منظومة: «حرز الأماني ووجه التهاني»(4) لأبي محمد القاسم بن فيرُّه الشاطبي  (ت590هـ)، وهي المعروفة بـ«الشاطبية»، وهي أشهر الكتب التي جمعت السبع، وهي التي يقرأ عامةُ المسلمين بمضَمَّنِها.
ومن الكتب التي جمعت الثلاث المتممة للعشر: منظومة: «الدرة المضية في القراءات الثلاث المرضية»(5) للشمس أبي الخير محمد بن محمد بن محمد ابن الجزري  (ت833هـ)، فكانت هذه المنظومة متممةً لـ«الشاطبية»، بحيث إنهما جمَعتا مجتمعتَيْن القراءاتِ العشرَ.
وكلٌّ من «الشاطبية» و«الدرة» اكتفتَا عن كل قارئ بروايتين، وهذه الروايات على التفصيل هي:
- روايتا قالون وورش عن نافع.
- وروايتا البَزِّي وقُنْبُل عن ابن كثير.
- وروايتا الدُّوري والسُّوسي عن أبي عمرو.
- وروايتا هشام وابن ذَكْوان عن ابن عامر.
- وروايتا شعبة وحفص عن عاصم.
- وروايتا خلف وخلاد عن حمزة.
- وروايتا أبي الحارث والدوري عن الكسائي.
- وروايتا ابن وَرْدان وابن جَمَّاز عن أبي جعفر.
- وروايتا رُوَيْس ورَوْح عن يعقوب.
- وروايتا إسحاق وإدريس عن خلف العاشر.
ثم إن كلا من «الشاطبية» و«الدرة» اكتفتا عن كل راوٍ بطريق واحد، باستثناء طريق إدريس عن خلف العاشر؛ فإن ابن الجزري اختار له طريقين. فصار مجموعُ ما حَوَتْه «الشاطبية»: سبع قراءات، وأربع عشرة رواية(6)، وأربع عشرة طريقا. ومجموع ما حوته «الدرة»: ثلاث قراءات، وست روايات، وسبع طرق. ومجموع ما حوته القصيدتان معا: عشر قراءات، وعشرون رواية، وإحدى وعشرون طريقًا.
والقراءات العشر من طريقي «الشاطبية» و«الدرة» يطلق عليها كثيرون اسم: (القراءات العشر الصغرى)، سمَّوْها بالصغرى مقابلةً بالعشرالكبرى، وإليك توضيح معنى العشر الكبرى:
عندما ألّف ابنُ الجزري كتابَه العظيم: «النشر في القراءات العشر» أورد فيه كلَّ ما صح من القراءات، فلم تتجاوز العشرَ التي سبق سردُها، وأورد المقبولَ مِن مشهورِ منقولِ الروايات، واقتصر عن كل قارئ على روايتين، وهي عينُ ما اقتصرت عليها «الشاطبية» و«الدرة» من الروايات، ثم اختار عن كل رواية طريقين، وعن كل طريق طريقين، فيكون عن كل راو أربعُ طرقٍ غالبا، وحيث لم يتأتَّ له ذلك من رواية خلف وخلاد عن حمزة؛ جعل عن خلف أربعة عن إدريس عنه، وعن خلاد بنفسه أربعة، وفي رواية رويس التمارِ عنه أربعة، وفي رواية إسحاق أربعة (اثنان عن نفسه واثنان عن أبي عمر عنه)، وفي رواية إدريس أربعة عن نفسه؛ ليتم عن كل راو أربعة، ويكون عن الرواة العشرين ثمانون طريقا، ثم تتشعب هذه الطرق بعد ذلك فتبلغ عدةُ الطرق عن القراء العشرة قريبا من ألف طريق(7).
قال  في مقدمة «طيبة النشر»(8):
وهذه الرواةُ عنهم طُرُقُ .. أصحُّها في نشـرنا يُحقَّقُ
باثنين في اثنين وإلا أربعُ .. فهْيَ زُها ألفِ طريقٍ تَجْمَعُ
فمجموع ما حوته «طيبة النشر»: عشر قراءات، وعشرون رواية، وقُرابة ألف طريق.
وهذا أضعافُ أضعافِ ما حَوَتْه طريقَا «الشاطبية» و«الدرة» من الطرق، ولذا أُطلِق على القراءات العشر من طريق «طيبة النشر»: (القراءات العشر الكبرى)(9).
فالقراءات العشر الصغرى هي التي من طريقي «الشاطبية» و«الدرة»، والقراءات العشر الكبرى هي التي من طريق «طيبة النشر».
هنا سؤال: هل الطرق التي حوتها طريقا «الشاطبية» و«الدرة» موجودة ضمن طريق «طيبة النشر»؟
الجواب: نعم.
إذن فمعنى هذا أن القراءات العشر الصغرى جزءٌ من القراءات العشر الكبرى، وبعضٌ منها.
واعلم أن هذه الكتب الثلاثة هي فقط التي يُقرأ بها في زماننا عند المشارقة.
✍️
من كتابي: (شرح قرة العيون بتلخيص أصول رواية قالون)، ص22- 25.
_____________________
([1]) وهو نفسُه راوي حمزة، له رواية عن حمزة، وله قراءة خاصة به، والعلماء عندما يتحدثون عن روايته عن حمزة يقولون: (خلفُ حمزة)، وعندما يتحدثون عن قراءته يقولون: (قراءة خلف العاشر) أو (اختيار خلف).
([2]) وهي غير الأحرف السبعة. وللوقوف على كلام العلماء في الأحرف السبعة ارجع إلى كتب علوم القرآن وإلى الكتب المفردة في ذلك.
([3]) القراءة المتواترة:هي التي رواها جماعة عن جماعة (من غير تعيين عدد -على الصحيح-) إلى منتهاها يمتنع تواطؤهم على الكذب.
والقراءة الآحادية: هي التي لم تبلغ درجة التواتر. وهي قسمان: مشهورة، وغير مشهورة.
فالمشهورة: هي التي صح سندها، ووافقت رسم المصحف -ولو احتمالا-، ووافقت وجها من العربية، واشتهرت عند القراء بالقبول.
وغير المشهورة: هي التي اختل فيها شرط من شروط القراءة الآحادية المشهورة، وهي أنواع بحسب القبول.
([4]) هي منظومة لامية مكونة من 1173 بيتا من البحر الطويل، ضمَّنَها الشاطبيُّ كتابَ: «التيسير في القراءات السبع» للإمام الحافظ المقرئ أبي عمرو عثمان بن سعيد الداني (ت444هـ)، وأضاف إليه بعض الزيادات، وهي ما اصطُلح فيما بعدُ على تسميتها: (زيادات القصيد).
([5]) هي منظومة مكونة من 240 بيتا، جعلها ابن الجزري على مثل بحر «الشاطبية» ورويِّها، واستخدم فيها رموز الشاطبي في العزو للقراء الثلاث بنظام معين.
([6]) وهذه الروايات الأربع عشرة ليست هي ما يطلق عليه: (القراءات الأربعَ عشرة)، فالقراءات الأربع عشرة هي مصطلح يُطلق على القراءات العشر مع القراءات الأربع الشواذ، والقراءات الأربع الشواذ يُطلق عليها أيضا: (القراءات الأربع الزائدة على العشر)، وهي: قراءة ابن محيصن، وقراءة اليزيدي، وقراءة الحسن البصري، وقراءة الأعمش. وهذه القراءات شاذة بالاتفاق -وإن كان فيها ما صح وثبت-؛ وذلك لأنها لم تجتمع فيها شروط القراءة الآحادية غير المشهورة.
([7]) وصفها ابن الجزري بقوله: «هي أصحُّ ما وُجد في الدنيا وأعلاه، ولم نذكر فيها إلا ما ثبت عندنا أو عند مِن تقدمنا من أئمتنا عدالتُه، وصحت معاصرتُه، وهذا التزام لم يقع لغيرنا ممن ألف في هذا العلم».
([8]) هي منظومة على بحر الرجز، مكونة من 1015 بيتا، ضمَّنَها ابنُ الجزري جملةَ المسائلِ الموجودةِ في «النشر». فكل ما فيها موجود في «النشر»، ولا عكس. وقد استخدم فيها رموز الشاطبي وزاد عليها رموزا كثيرة، واستكثر من الرموز في عزو القراءات بطريقة تحتاج إلى شرح وتدقيق وانتباه.
([9]) وليُنتبه إلى أن المغاربة يطلقون مصطلح: (العشر الصغرى) على الطرق العشرية عند الإمام نافع من خلال كتابه: «التعريف باختلاف أصحاب نافع».
 
عودة
أعلى