باب الوضوء
كان ينبغي أن يفتتح هذا الباب بحديث (( لا تقبل صلاة بلا طهور ولا صدقة من غلول )) أخرجه مسلم
وكذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال : (( لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ )) متفق عليه . فكان من اللائق أن يذكرهما هنا لآن هذين الحديثين من أصح ما ورد في هذا الباب
الحديث السادس والثلاثون : عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( لو لا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء )) أخرجه مالك و احمد و النسائي وصححه ابن خزيمة وذكره البخاري تعليقا
ش / هؤلاء الأئمة معروفون تقدمت ترجمتهم .
الإمام مالك الإمام المعروف إمام أهل السنة في زمانه وكان في المدينة المنورة وهو أحد الأئمة الأربعة المشهورين وكانت سنة وفاته 179 هـ
وأحمد معروف الإمام أحمد بن محمد بن حنبل أحد الأئمة الأربعة وتلميذ الشافعي كان معروفا بالإمامة ونشر السنة وقمع البدعة كان مولده 164 هـ وكانت وفاته سنة 241 هـ
والنسائي معروف صاحب السنن هو أبو عبد الرحمن عمرو بن شعيب ..
وكانت مولده سنة 215 هـ وكانت وفاته سنة ( 303 ) هـ وهو من أعيان القرن الثالث وأدرك شيئا من القرن الرابع وهو آخر الأئمة الستة موتاً .
وأولهم موتا البخاري 256 وآخر هم موتا النسائي .
وابن خزيمة معروف أبو بكر محمد ابن إسحاق ويلقب بإمام الأئمة وله مؤلفات كثيرة منها الصحيح وكتاب التوحيد كان مولده سنة 223 أو 224 وكانت وفاته سنة310أو 311 هـ .
هذا الحديث حديث جيد صحيح وعلقه البخاري رحمه الله في الصحيح
(( لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك )) يعني أمر إيجاب هو الذي انتفى لأجل المشقة وأما الاستحباب فهو موجود مأمور به استحبابا . لأن المستحب لا يشق لأنه إن استطاع فعله وإلا تركه فلا يشق
وإنما الذي يشق أمر الإيجاب الذي لا بد من فعله وإلا يأثم
هذا هو الذي انتفى لأجل المشقة (( لولا أن اشق على أمتي لأمرتهم بالسواك)) أمر إيجاب ولكن هذا انتفى ولكن أمر الاستحباب باقي فيستحب السواك عند كل وضوء لأنه من باب النظافة للفم وتطييب النكهة .
وثبت عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((السواك مطهرة للفم مرضاة للرب )) أخرجه أحمد والنسائي وغيرهما بسند صحيح .وهذا يدل على فضل السواك
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يستاك عند الصلاة أيضا في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال (( لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة )) أخرجه مسلم . وفي البخاري (( عند كل صلاة )) .
هذا يدل على أنه كان صلى الله عليه وسلم يستاك عند الصلاة لكنه مستحب وليس بواجب .
وكذلك يستحب السواك إذا انتبه من النوم لحديث حذيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من النوم يشوص فاه بالسواك .
وكذلك يستاك عند دخول المنزل لحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل بيته يبدأ بالسواك . رواه مسلم
فالسواك مستحب في هذه المواضع لهذه الرواية عند الوضوء وعند الصلاة وعند دخول المنزل وإذا انتبه من النوم وعند دخول المنزل وهكذا في كل مكان يتغير فيه الفم فيستحب له ويتأكد استعماله لأنه يطيب النكهة وينظف الأسنان ويزيل النعاس ويعين على الخير فالسواك فيه فوائد كثيرة .
وأحسن ذلك ما كان من الأراك وهكذا ما يقوم مقامه مما له القوة على التنظيف من غير جرح .
الحديث السابع والثلاثون : عن حمران مولى عثمان أن عثمان رضي الله عنه دعا بوضوء فغسل كفيه ثلاث مرات ، ثم تمضمض واستنشق واستـنثر ثم غسل وجهه ثلاث مرات ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاث مرات ثم اليسرى مثل ذلك ثم مسح برأسه ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاث مرات ثم اليسرى مثل ذلك ثم قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ نحو وضوئي هذا . متفق عليه .
وحديث عثمان رضي الله عنه فيه الدلالة على صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم وأنه كان يبدأ بغسل كفيه ثلاث مرات وهكذا السنة بعد نية الوضوء يسمي الله للحديث الذي سيأتي في آخر الباب((لاوضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه )
فالسنة أن يسمى الله جل وعلا وإن كان الحديث فيه ضعف ولكن بمجموع الروايات يؤخذ منه أن لهذا الحديث أصلا ولهذا قال مجموعة من الحفاظ بمجموعها يكون الحديث حسنا . كالقاعدة في مثل هذا؛ فالمقصود أنه يستحب التسمية في أول الوضوء مع النية
ثم يغسل كفيه ثلاث مرات لدلالة حديث عثمان وما جاء في معناه ثم يبدأ في الوضوء يتمضمض ويستنشق ثلاث مرات بثلاث غرفات وإن تمضمض مرة واحدة بغرفة واحدة كفى وإن فصلها في عدة غرفات جاز ذلك
ولكن أفضلها أن تكون ثلاثا بثلاث غرفات ـ وإن جعل الثلاثة بغرفة واحدة أجزأ .
ثم يغسل وجهه ثلاثا ويجزئ واحدة كما هو معروف لأن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة وتوضأ مرتين مرتين و توضأ ثلاثا ثلاثا كل هذا ثابت عنه عليه الصلاة والسلام .
فدل ذلك على أنه يجزئ واحدة . والأفضل اثنتان والكمال ثلاثا ثلاثا
ثم غسل يده اليمنى ثلاثا إلى المرفق ، والمرفق داخل في الغسل فإلى بمعنى (( مع )) في الآية الكريمة والأحاديث .
لأنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم أنه كان إذا توضأ وغسل يديه أشرع في العضد .
وإذا غسل رجليه أشرع في الساق
فدل ذلك على أن الكعب في الرجل والمرفق في اليد داخل في الوضوء . فإلى بمعنى (( مع ))
ثم مسح رأسه )) وجاء في أحاديث أخرى وستأتي0
ثم غسل رجليه ثلاثا إذا كان لابسا النعلين .
ثم قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم توضأ نحو وضوئي هذا ))
وفي رواية أخرى في الصحيحين ثم قال : من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر الله له ما تقدم من ذنبه ))
فهذا يدل على فضل الوضوء وأن من فعله وصلى بعده ركعتين غفرالله له. فالوضوء من أسباب المغفرة نفسه وإذا صلى بعده ركعتين فهذا سبب ثاني . فالمتوضئ إذا توضأ كما أمر الله ثم صلى ركعتين فقد أتى بسببين للمغفرة أو لهما الوضوء فهو من أسباب المغفرة فإن الوضوء يحت الذنوب ، والصلاة بعده إذا أخلصها لله وأحضر فيها قلبه من أسباب المغفرة أيضا .
ففي الحديث فوائد جمّة :
أولها : معرفة صفة وضوء الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا هو الوضوء الكامل .
وله وضوءان آخران أو ثلاثة .
توضأ مرة مرة ، وتوضأ مرتين مرتين ، وتوضأ مختلفا بعض الأعضاء مرتين وبعضها أكثر ثلاثا .
فالصفات : واحدة واحدة ، اثنتين اثنتين ، التفرقة بين الأعضاء بعضها كذا وبعضها كذا.. كلها جائزة وأكملها وأفضلها ثلاثا ثلاثا ماعدا مسح الرأس فواحدة .
# وفيه من الفوائد فضل الصحابة ومنهم عثمان رضي الله عنه فقد نقلوا للناس أحواله صلى الله عليه وسلم ووضوءه وأخلاقه وسيرته . فجزاهم الله خيرا وضاعف مثوبتهم
وفيه فضل عثمان رضي الله عنه فمع كونه خليفة المسلمين مشغول بالمهام العظيمة ومع هذا كان يتوضأ للناس ويعلمهم وضوء النبي صلى الله عليه وسلم حتى يأخذوه عنه واضحا بينا .
وفيه من الفوائد : ترتيب الوضوء هكذا يكون مرتبا،
أو لا: غسل الكفين ثم المضمضة والاستنشاق ثم غسل الوجه ثم اليدين ثم مسح الرأس ثم غسل الرجلين .
والترتيب واجب في أصح قولي العلماء فلابد من الترتيب لقوله صلى الله عليه وسلم (( ابدأوا بما بدأ الله به )) فنفعل كما فعل النبي .
وفيه أنه لابد من الموالاة إذا توضأ توضأ جميعا لا يتوضأ ثم يترك ثم يتوضأ البقية بل يتوضأ جميعا يوالي بين أعضائه فالموالاة شرط لابد منه لا بد أن يكون الوضوء متواليا
# وفيه من الفوائد شرعية تعليم الناس وضوء النبي صلى الله عليه وسلم فينبغي لأهل العلم أن يعلموا الناس الوضوء بالفعل لأن بعض الناس قد لا يفهم بالقول لكن إذا توضأت عندهم أمام المسجد أو في الصحراء إذا كنت في السفر حتى يروك كان هذا من باب التعليم الفعلي العملي كما فعله عثمان وفعل علي وغيرهم رضي الله عنهم ..
# وفيه من الفوائد بالنظر إلى الروايات الأخرى لهذا الحديث أن الوضوء يكفر الذنوب وأن الصلاة بعده إذا جمع قلبه فيها ولم يحدث فيها نفسه أن هذا من أسباب المغفرة أيضا .
***
الحديث الثامن والثلاثون : وعن علي رضي الله عنه ـ في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم ـ قال ومسح برأسه واحدة . أخرجه أبو داوود وأخرجه الترمذي والنسائي بإسناد صحيح . بل قال الترمذي إنه أصح شيء في الباب .
***
الحديث التاسع والثلاثون : وعن عبد الله بن زيد بن عاصم رضي الله عنهما في صفة الوضوء قال : ومسح رسول الله صلى الله عليه وسلم برأسه فأقبل بيديه وأدبر )) متفق عليه .
الحديث الأربعون : وفي لفظ لهما : بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه .
الحديث الواحد والأربعون : وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما في صفة الوضوء قال : ثم مسح برأسه و أدخل إصبعيه السباحتين في أذنيه ومسح بإبهاميه ظاهر أذنيه )) أخرجه أبو داوود والنسائي وصححه ابن خزيمة .
ش / هذه الأحاديث الثلاثة كلها تدل على أنه عليه الصلاة والسلام كان يمسح رأسه ولم يكن يكرر مسح الرأس وإنما مرة واحدة هذا هو المحفوظ .
ولما روى أبو داوود أحاديث الوضوء وذكر بعض الروايات التي فيها تكرير مسح الرأس قال : الأحاديث الصحيحة ليس فيها تكرار مسح الرأس وهذا هو المحفوظ عند أهل العلم أن مسح الرأس مرة واحدة فقط و أما التكرير المطلق يرجع إلى بقية الأعضاء دون الرأس
وفي كيفية مسح الرأس بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه .
وجاء أنه مسح بأن أدار يده على رأسه كل هذا ورد فسواء فعل هذا أو فعل هذا فكله حسن ولكن أصح ما جاء في الباب حديث عبد الله بن زيد وفيه بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه .
وفيه حديث عبد الله بن عمرو وعن علي أيضا وفي أحاديث أخرى إدخال السباحتين في الصماخين هكذا .. عند مسح الرأس
وهكذا من تمام مسح الرأس لأن الأذنان من الرأس
وابن مسعود أدخل السباحتين وهما الشاهدان في صماخ الأذنين ومسح بإبهاميه ظاهر أذنيه ولو فعل بغير السباحتين أجزأ ولكن هذا هو الأفضل إدخال السباحتين ومسح ظاهر الأذنين بالإبهامين .
***
الحديث الثاني والأربعون : عن أبي هريرة رضي الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( إذا استيقظ أحدكم من نومه فليستنثر ثلاثا ، فإن الشيطان يبيت على خيشومه )) متفق عليه .
الحديث الثالث والأربعون : وعنه (( إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا فأنه لا يدري أين باتت يده )) متفق عليه وهذا لفظ مسلم .
هذا يدل على شرعية الإستنثار ثلاثا . وظاهره غير الإستنثار في الوضوء فيتأكد الإستنثار ثلاثا قبل الوضوء فأن الإستنثار في الوضوء مستقل .
(( فإن الشيطان يبيت على خيشومه )) هذا من جنس الشيطان ومعلوم أن الشياطين تلتمس المواضع القذرة وهي قذرة وتؤول إلى القذر وتدعوا إلى القذر هذا من فعلها
ولما طرد الله الشيطان عن كل خير وصار داعية لكل باطل صار محل الأقذار هي مأواه ومحله في كل شيء .
فسن للمؤمن وشرع له أن يستنثر ثلاثا بالماء لإزالة الأذى الذي هو محل هذا العدو والشياطين لهم تصرفات ولهم ألوان لهم أحوال .الله الذي يعلم بها سبحانه وتعالى . فإن جنس الشياطين في خلقهم وتصرفاتهم و تلوناتهم في جميع الأحوال لا تشبه ما نحن فيه من حال من بني آدم لهم شأن ولهذا قال (( يجري من ابن آدم مجرى الدم )) مع أن الشياطين تأكل وتشرب وتنكح ولها ذرية هذه الأحوال تدل على أن لهم شأنا غير شأننا ولهم حال غير حالنا
قد يتضاءل ويكون روحا مجردة وقد يكون شيئا لطيفا جداً وقد يكون شيئا كبيرا جدا له أحوال .
ولهذا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم هنا أن الشيطان يبيت على خيشومه ومعلوم أن الخيشوم شيء ضيق لا يتسع لأجرام كثيرة فعلم أن للشياطين تصرفات وألوانا وأحوالا لا يعلم كيفيتها إلا الذي خلقهم سبحانه وتعالى وإنما المؤمن عليه الامتثال والطاعة في كل شيء مع قطع النظر عن حالة الشيء الذي أمر من جهة حكمته ومن جهة تفصيله إنما عليه أن يأخذ بما علم من الشرع المطهر وعليه أن يعمل به لأنه عبد مأمور يعلم يقينا أن الذي أمره ، أمره بما فيه صلاحه وسعادته وإنه حكيم عليم (( إن ربك حكيم عليم ))
فإن ظهر له مع هذا حكم وأسرار لهذه المأمورات وهذه المنهيات فأنه علم إلى علم ونور على نور وهدى إلى هدى وإن لم يظهر شيء فهو مستكف بما عنده من العلم العام بحكمة الله عزوجل وأنه إنما يأمر بما فيه مصلحة عظيمة والعاقبة الحميدة للعباد
وإذا لم يتيسر ذلك عند اليقظة كفى استنثاره عند الوضوء فإنه حاصل به فعل المشروع والسنة أن يكرر ثلاثا وهو أبلغ ومعلوم أنه يكفي واحدة ولكن هنا أمر بالثلاث فيتأكد فعل الثلاث لأنه أبلغ في النظافة وإزالة الأذى .
والأصل في الأوامر الوجوب وذهب بعض العلماء إلى الشرعية والاستحباب والأصل في الأوامر الوجوب لا الاستحباب هذا هو الأصل حتى يجئ شيء يخص الأوامر التي ظاهرها الوجوب بأنها ليست للوجوب .
وهكذا الأصل في النواهي التحريم حتى يأتي ما يخصص ويبين أنه ليس للتحريم . وبهذا تعلم أنه يتأكد على المؤمن أن يستنثر ثلاثا إذا قام من نومه عملا بهذا الحديث الصحيح فإذا لم يتيسر ذلك فعله في الوضوء حتى يحصل هذه الفائدة العظيمة وحتى يمتثل هذا الأمر العظيم .
وهكذا الحديث الثاني (( إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده ))
وكذلك لو يعلم أن اليد في جسمها وفي محلها ولكن هذا الشيء يتعلق بعلم الله سبحانه وتعالى وحكمته عزوجل فهو أعلم بأحوالنا وهو اللطيف بعباده وهو العالم بمصالحهم فعلينا أن نمتثل ولأن اليد- الله علم بها- في هذا النوم وإن كنت تعلم أن يدك عندك وأنها في فراشك لا تذهب بعيدا فكونه يصيبها شيء وكونها تبيت على شيء ويطرأ عليها ويمسها شيء هذا إلى الله عزوجل 0
ويمسها عوارض من المكان الذي أنت فيه لا تعلمها أنت ولا تدري أين باتت هل مسها شيء أم لا 0
حتى قال العلماء ولو كانت في جراب ولو كانت في خرقة فإن السنة الامتثال والطاعة فعليك أن تمتثل وإن كنت تعلم في ظاهر أمرك وظاهر عملك حال يدك 0
ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم أمرك بأمر لك فيه مصلحة ولك فيه خير وهو أعلم وهولا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى 0 فالذي أمر به سبحانه وتعالى فيه الخير لك وإن كنت لا تعلم شيئا يوجب ذلك لكن ربك أحكم وأعلم 0 فعليك أن تغسلها قبل أن تدخلها في الإناء0
وظاهر الأمر الوجوب أيضا فينبغي أن لا تدخلها في إناء وضوئك حتى تغسلها ثلاثا
تسمي الله وتغسلها ثلاثا قبل أن تشرع في المضمضة والاستنشاق 0
وعرفت أن الأصل في الأمر الوجوب وليس هناك صارف فينبغي لك أن تنفذ أمر الله عزوجل في هذا الأمر ولو قدر أن الإنسان أدخل يده فإن الصواب أن الماء لا يفسد، الماء طهور لا ينجسه شيء فإذا أدخل يده ولم يغسلها أساء وخالف الأمر ولكن الوضوء صحيح والماء طهور ليس به شيء0
س / هل هذا عند كل وضوء أم بعد النوم ؟
ج / إذا قام من النوم وأما إذا قام من غير النوم فيستحب ويتأكد كذلك 0
س / هل هو عام في كل نوم من ليل أو نهار ؟
ج/ من العلماء من خصصه بنوم الليل وألحق بعض السلف النهار بذلك لأن العلة في النوم ولكن ( بات ) لا تطلق إلا على نوم الليل وبعض العلماء ألحق بذلك نوم النهار لعموم العلة 0 والأولى بالمؤمن أن يفعل ذلك إذا قام من النوم في ليل أو نهار0
ونوم الليل آكد لأنه محل الحديث 0
س/ ما العلة التي تجمع بين نوم الليل والنهار ؟ :
ج / بجامع العلة وهو أن الإنسان في النوم يفقد شعوره بكل شيء بهذا الجامع يعم نوم الليل ونهار في المعنى 0 وغسل اليد يستحب مطلقاً عند القيام من ليل أو نهار كان يغسل يديه صلى الله عليه وسلم ثلاثاً مطلقاً عند الوضوء لكن إذا قام من النوم تأكد أكثر وإن كانت من نوم الليل تأكد أكثر وأكثر
***
الحديث الأربع والأربعون : وعن لقيط بن صبرة رضي الله عنه قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً ) أخرجه الأربعة وصححه ابن خزيمة
الحديث الخامس والأربعون : ولأبي داوود في رواية ( إذا توضأت فمَضمِض )
ش / لقيط بن صبرة ...... ويقال : لقيط بن عامر......
وقد جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسأل ولينتفع فسأل عن أشياء ــ رضي الله عنه وأرضاه ــ وأمره النبي صلى الله عليه وسلم بأشياء ومن ذلك ما جاء هنا ( أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً ) هذا الحديث الصحيح رواه الأئمة الأربعة وغيرهم و أحمد وإسناده جيد الإسناد صحيح وهو يد على شرعية إسباغ الوضوء 0
وإسباغ الوضوء هو إمرار الماء على أعضاء وهو واجب لأنه لا يكون الوضوء وضوءاً شرعياً إلا بإسباغ الوضوء0
وإسباغ الوضوء هو إتمامه وإكماله .
فلا بد من إسٍباغ الوضوء في أعضائه حتى يفعل ما أمره الله به جلا وعلا 0
( وخلل بين الأصابع ) كذلك كونه يوصل الماء إلى الأعضاء أمر لازم والمبالغة في ذلك حتى يتيقن ذلك أمر مشروع للمؤمن ( وخلل بين الأصابع ) لأن الماء قد ينبو بين الأصابع فإذا عمه الماء صار التخليل مستحباً من باب كمال الإسباغ 0
( وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً ) كذلك يستحب لأن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة ولا يبالغ فدل ذلك على أن المبالغة سنة بدليل الوضوء مرة مرة ومرتين مرتين
فلما علمنا أن المرة تكفي علمنا أن المبالغة سنة وقربة وليست بواجبة لكن من باب الكمال
(إلا أن تكون صائماً ) لأن الماء قد يذهب إلى جوفه من آثار المبالغة فينبغي له التوقي وعدم المبالغة التي يخشى منها هذا الشيء 0
بل السنة له أن يتمضمض ويستنشق ولكن بدون مبالغة لئلا يدخل وينحدر الماء إلى جوفه ومن تمام العناية بالوضوء وكماله المبالغة في المضمضة والاستنشاق وتخليل الأصابع ليكون وضوءك كاملا وتكون قد أسبغت الماء في محله
وهكذا رواية (( إذا توضأت فمضمض )) إسناده جيد عند أبي داوود
وفيها دلالة على أن المضمضة مأمور بها .. وقد جاء في فعله صلى الله عليه وسلم فهو تفسير للأمر الشرعي أمر الله في سورة المائدة في قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا إذا أقمتم إلى الصلوة فاغسلوا وجوهكم ... } الآية 0 فإنها داخلة في غسل الوجه لأن المضمضة والاستنشاق من غسل الوجه ومجيء الأمر بها لتأكيد الوجوب 0
وقد جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الصحيحين (( إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم لينتثر )) هذا كله يدل على وجوب الاستنشاق 0
والاستنشاق والمضمضة كلاهما واجب لكن مرة
والثنتان أفضل والكمال ثلاث مرات
وإذا وجب في الصغرى فالكبرى من باب أولى في غسل الجنابة والحيض .. ولهذا كان صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالكبرى وضوء الصلاة ثم يكمل غسل الجنابة وربما أبقى الرجلين إلى آخر شيء فيكملها تعد ذلك كل هذا ورد عنه صلى الله عليه وسلم .
***
الحديث السادس والأربعون : وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخلل لحيته في الوضوء )) أخرجه الترمذي وصححه ابن خزيمة .
عثمان بن عفان رضي الله عنه ثالث الخلفاء الراشدين وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة كانت وفاته رضي الله عنه في ذي الحجة سنة 35 هـ شهيدا قتيلا على يد الظلمة رضي الله عنه وأرضاه وأكرم مثواه .
الحديث هذا أعله بعضهم بأحد رواته لأن في حفظه شيء وصححه آخرون كابن خزيمة وجماعة وله شواهد من حديث أنس رضي الله عنه وغيره .
والحق أن أحاديث التخليل يشد بعضها بعضا وتدل على شرعية التخليل وأنه سنة وإن لم يكن صلى الله عليه وسلم يفعله دائما بل يفعله بعض الأحيان لأنك إذا نظرت في أحاديث الوضوء فوجدتها دالة على ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم ربما توضأ مرة مرة وأمر الماء على لحيته ولم يخللها فدل ذلك على أن التخليل منه وليس بواجب بل يستحب فعله لأنه صلى الله عليه وسلم فعله تارة وتركه تارة . . .
وإذا فعله الإنسان تارة وتركه تارة كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم كان هذا أقرب إلى فعل السنة والتأسي الكامل حتى يعلم غيره أنه ليس بواجب .
والنفوس إذا تعودت شيئاً قد تلزمه حتى تجعله كالأمر الواجب فالشيء الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم وكان يحافظ عليه نحافظ عليه وما فعله تارة وتركه تارة نفعل مثله
وإذا كان الناس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في حاجه إلى أن يتعلموا ويستفيدوا من فعله وتركه فهكذا الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم وفي كل وقت بحاجة إلى أن يستفيدوا من فعل العلماء من الفعل والترك .وفي حاجة إلى أن يستشعروا أن هذا شيء لازم , أو مستحب يجوز تركه حتى لا تجعل المستحب واجبا . . . . . . . . !
***
انتهى الشريط الثاني
الحديث السابع والأربعون : وعن عبد الله بن زيد رضي الله عنه قال : أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بثلثي مد ، فجعل يدلك ذراعيه )) أخرجه أحمد وصححه ابن خزيمة .
ش / عبد الله زيد بن عاصم المازني الصحابي الجليل المشهور وهو الذي روى أحاديث الوضوء وهو غير عبد الله بن زيد بن عبد ربه الأنصاري صاحب الأذان هذا شخص وهذا شخص
قال ((أتي النبي صلى الله عليه وسلم بثلثي مد فجعل يَدْلُك ذراعيه)) أخرجه أحمد و صححه ابن خزيمة
هذا يدل على اختصاره واقتصاده في الماء فكان صلى الله عليه وسلم يقتصد في الماء ولا يكثر صب الماء جاء أنه توضأ بالمد وهنا بثلثي المد . فهذا يدل على أنه كان يقتصد في الماء هذا هو المشروع للمسلم في الوضوء أن يقتصد وأن لا يكثر صرف الماء ولو كان على نهر جار بل السنة الاقتصاد في ذلك وفعل النبي صلى الله عليه وسلم يدل على هذا .
وفيه شرعية العناية بالوضوء بالدلك وهو مسح الشيء والعناية به وإمرار اليد عليه وهذا مستحب وليس بلازم لأن غالب الأحاديث فيها إمرار الماء على الأعضاء بغير دلك . إمرار الماء على الأعضاء هو الإسباغ إذا مرا الماء على الأعضاء هو الإسباغ فإن دلك العضو بأن مسحه بيده ودعكه بيده فهذا مزيد عناية لإزالة ما قد يكون هناك من الأوساخ ولعل هذا يستحب عند دعاء الحاجة إليه فلعله دلك لدعاء الحاجة إليه فإنه وإن كان قليلا فإن الدلك لا ما نع منه إذا دعت الحاجة إليه وسبق لك أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد يفعل بعض الشيء تارة ويدعه أخرى لبيان الجواز والمهم إسباغ الماء وأن لا يكون مسحا وهو إمرار الماء هذا هو الواجب وإذا دلك بعض الأحيان أو دعت الحاجة إلى الدلك فلا بأس بذلك وهذا سنة وليس بواجب بدليل أنه تركه في كثير من الأحيان ـ عليه الصلاة والسلام .
دلك يدلُك من باب نصر ويحتمل على قاعدة بعض أهل اللغة أنه يجوز فيه الوجهان فإن بعض أئمة اللغة على القاعدة : إذا تجاوزت الأفعال المشهورة بالضم والكسرة مضارعها فما سوى ذلك يكون فيه الضم والكسر يفعِـل ويفعُـلُ .
ورواها صاحب القاموس وغيره من باب نصر دلك يدلك
***
الحديث الثامن والأربعون : أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ لأذنيه ماءا غير الماء الذي أخذه لرأسه . أخرجه البيهقي وهو عند مسلم من هذا الوجه بلفظ : ومسح برأسه بماء غير فضل يديه وهو المحفوظ .
هذا يستدل به إن صح سنده على استحباب أخذ ماء للأذنين غير ماء الرأس ، والمحفوظ عنه صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة مثل حديث عبد الله بن عمرو المتقدم وغيره أنه كان يمسح رأسه بماء واحد مع الأذنين هذا هو المحفوظ في الأحاديث الصحيحة أنه كان يمسحهما بالماء الذي أخذه لرأسه
لكن إن صح حديث البيهقي ـ هذا ـ فيكون من فعله صلى الله عليه وسلم بعض الأحيان يفعله و بعض الأحيان يتركه ولم يتيسر لي مراجعة البيهقي ومن روى هذا الحديث . . . .
لكن ظاهر كلام الحافظ أنه غير محفوظ أخذ ماء للأذنين ولهذا قال بعده : وأصله في مسلم من هذا الوجه بلفظ(( ومسح برأسه بماء غير فضل يديه )) هذا هو المحفوظ
يعني أنه صلى الله عليه وسلم كان يمسح رأسه بماء جديد غير الماء الذي بقي في يديه من غسل ذراعيه
وهذا لا شك أنه ثابت في الأحاديث أنه كان يأخذ ماءا جديدا غير الماء الذي أخذه من أجل الذراعين .
هذا هو الثابت في الأحاديث الصحيحة
هذا هو الواجب أما أخذ ماء للأذنين فهو محل نظر .
وكان ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ يأخذ لأذنيه ماءا جديدا ولا شك في جواز ذلك لا بأس أن يأخذ لهما ماءا جديدا ولا سيما إذا كان الماء الذي في يديه ضعيف استغرقه الرأس ويبست اليدان يأخذ لهما ماءا جديدا أما إذا كانت اليدان رطبتين كفى مسح الأذنين بماء الرأس
أما كون ذلك من السنة في بعض الأحيان وأنه يستحب أن يأخذ ماءا جديدا في بعض الأحيان هذا يحتاج إلى العناية برواية البيهقي وما جاء في معناها فإن ثبتت فإنها الأصل وأن الأذنين تمسحان بماء الرأس هذا هو الأفضل هذا هو المحفوظ المعروف لكن لا مانع من مراجعة رواية البيهقي وما جاء معناها للتثبت في الأمر لان كونه صلى الله عليه وسلم
مسح رأسه بماء مستقل لا يمنع من مسح أذنيه بعض الأحيان بماء جديد إذا ثبت به السند
* وقد سبق لك أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد يخلل لحيته بعض الأحيان ويتركها في بعض الأحيان لبيان السنة وأن التخليل ليس بواجب
وهكذا تخليل أصابع اليدين والرجلين تقدم أنه سنة لأنه لم يكن يخلل في كل الأحاديث وفي ظاهر كثير من الأحاديث أنه يغسل القدمين والذراعين غسلة واحدة من دون ذكر التخليل لبيان الجواز وأن المرة تكفي والثنتان أفضل والثلاث أفضل من ذلك كله
***
الحديث التاسع والأربعون : وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (( إن أمتي يأتون يوم القيامة غرا محجلين من أثر الوضوء فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل )) متفق عليه واللفظ لمسلم .
ش / وفي رواية ( غرته وتحجيله فليفعل )
هذا يدل على فضل الوضوء وأن هذه الأمة تأتي يوم القيامة وعلامتها أنها غر محجلة يعني من آثار الوضوء
لأن الله تعالى قد خصها بهذا الأمر العظيم وجعله علامة عليها . وهذا يدل على فضل الوضوء وأن هذه الأمة لها ميزة ولها علامة يوم القيامة وهي أنها تأتى غرا محجلة بسبب وضوئها الذي شرعه الله لها جل وعلا
أما قوله ( من استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل ) وفي رواية ( وتحجيله فليفعل )
فاختلف الناس في ذلك فقال قوم من أهل الحديث أنه محفوظ وأنه مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم واستحبوا إطالة الغرة والتحجيل 0
* وإطالة الغرة : أن يأخذ بعض الرأس في غسل الوجه
وإطالة التحجيل : أن يأخذ بعض العضدين وبعض الساقين وما زاد من ذلك فهو أفضل وجاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان يمد في غسل ذراعيه إلى الإبطين وفي غسل رجليه إلى الركبة ولا سيما إذا خلا ولا يفعله إذا كان عنده أحد هذا من اجتهاده رضي الله عنه وأرضاه ويتأول هذه الرواية
* وقال آخرون : ليس هذا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم بل هذا مدرج من كلام أبي هريرة رضي الله عنه فهمه من قوله ( غرا محجلين ) فزاد من كلامه ( فمن استطاع منكم ....) إلى آخر الحديث وأن هذا من كلامه الموقوف المدرج وليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم لأن إطالة الغرة غير متيسرة لأن الوجه مستقل والرأس مستقل فإذا أطال وزاد أخذ من الرأس ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحفظ عنه أنه أطال التحجيل ولا الغرة بل كان يغسل الذراعين فقط والمرفقين ثم يشرع في العضد لإدخال المرفق ويشرع في الساقين لإدخال الكعب فقط كما رواه مسلم في الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه 0
كان إذا توضأ غسل ذراعيه حتى يشرع في العضد وإذا غسل الرجلين شرع في الساق
وهذا للدلالة على إدخال المرفقين والكعبين في الوضوء وأنهما مغسولان تبع الذراع وتبع القدم
أما أن يمد الذراع إلى الإبط أو ما حول ذلك فلا وهكذا في الساق لم ينقل عنه أنه كان يمد في غسل الساق فدل ذلك على أنه من كلام أبي هريرة رضي الله عنه وأنه مدرج ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وقد أطال في هذا العلامة ابن القيم رحمه الله وبسط القول وأيد هذا القول0
وفي رواية للإمام أحمد رحمه الله عن نعيم المجمر الراوي لهذا الحديث أنه يشك هل هذه الكلمة من كلام النبي صلى الله عليه وسلم أو من كلام أبي هريرة رضي الله عنه
ورواه عدد وجماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكروا هذه الزيادة ( من استطاع منكم ) بل اقتصروا على قوله ( من آثار الوضوء ) وهذا يؤيد أن الزيادة من كلام أبي هريرة لا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وهذا هو الأرجح والأظهر أنه ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم بل هو من كلام أبي هريرة رضي الله عنه أدرجها في الحديث 0 وأنه لا يستحب أن يطيل في غسل الساق ولا في غسل العضدين ولكن يغسل المرفقين مع الذراع ويغسل الكعبين مع القدم كما ثبت في الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك 0
* ويكون معنى ( إلى ) بمعنى ( مع ) ( إلى المرفقين ) أي مع المرفقين ( إلى الكعبين ) أي مع الكعبين
فالسنة تفسر القرآن وتوضح معنى القرآن الكريم
وهذا مثل قوله جل وعلا ( ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم ) أي مع أموالكم 0
***
الحديث الخمسون : وعن عائشة رضي الله عنهما قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم (( يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله )) متفق عليه وفي رواية أخرى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب التيمن ...... الخ
ش / هذا يدل على شرعية التيامن في الأشياء وعدم البداءة باليسار وأن الأفضل هو التيمن في التنعل فيبدأ باليمنى حين ينتعل ، ويبدأ بالشق الأيمن حينما يترجل يرجل رأسه ، وحين يحلق كما في الصحيح أنه بدا بالشق الأيمن لما حلق في حجة الوداع 0
وهكذا في طهوره يبدأ باليمنى في يديه وفي رجليه وشقه الأيمن في الغسل
( وفي شأنه كله ) وهذا يدل على أن الأفضل البداءة باليمين في كل شيء مقصود له شأن بخلاف غير المقصود المفضول بخلاف المستقذر بخلاف إزالة النجاسات والأوساخ فإنها تبدأ باليسار هذا هو المعروف من سنته علي الصلاة والسلام 0
الشيء الأفضل يكون باليمين كالنعلين والخفين والقميص والسراويل يبدأ بالأيمن عند اللبس وعند الخلع يبدأ بالأيسر حتى تكون اليمنى أول ما تنعل وآخرهما تخلع وهكذا في القميص والسراويل ونحو ذلك وهكذا في دخول المسجد يقدم اليمين بخلاف الخروج0
وعكسه في دخول محل قضاء الحاجة فإنه مستقذر مرذول فيبدأ باليسار وسيأتي هذا في أحاديث كثيرة كون اليمنى لأكله وشربه وطهوره وأخذه وعطائه إلى غير ذلك والطهور كذلك مقصود فيبدأ بالأيمن 0
أما ما يستقذر كالاستنثار يكون باليسار وكإزالة النجاسة تكون باليسار وكالاستنجاء والاستجمار يكون باليسار فإنه مستقذر هذا هو الجمع بين نصوص الباب وهو كون اليمين للأفضل والمقصود، واليسار لغير المقصود ولغير الأفضل وللمستقذر
وإذا جمعت أحاديث الباب وجدتها تدور على هذا 0
والله سبحانه وتعالى أعلم 0
***
الحديث الواحد والخمسون : وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إذا توضأتم فابدأوا بميامنكم ) أخرجه الأربعة وصححه ابن خزيمة
ش / هذا يدل على وجوب البداءة باليمين مما له يسار، في يديه وفي قدميه وهذا هو المعلوم من فعله صلى الله عليه وسلم فإنه صلى الله عليه وسلم كان يبدأ باليمنى في يديه ورجليه قبل اليسرى وهذا هو المحفوظ عنه صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة من حديث عثمان رضي الله عنه ومن حديث عبد الله بن زيد بن عاصم ومن حديث علي رضي الله عنه وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص وغيرهم رضي الله عنهم ـ
وفعله يفسر قوله جل وعلا (( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين )) فكما أنه يفسر الترتيب والموالاة فهو يفسر أيضا الترتيب بين اليدين والقدمين وفعله e مفسر لما أجمل في القرآن الكريم في الوضوء والغسل وغير ذلك مما أجمل في كتاب الله عزوجل في الصلاة والزكاة والحج وغير هذا فكذلك الوضوء وهذا هو الذي عليه أهل العلم وهو ظاهر السنة وظاهر القرآن فإن السنة تفسر القرآن وتبين معناه 0
وذهب بعضهم إلى أن ذلك للسنية فقط وإن الترتيب بين اليمنى واليسار للأفضلية فقط وهو قول مرجوح والصواب الأول وأنه للوجوب وهو ظاهر السنة وهذا هو المستفيض عنه عليه الصلاة والسلام لهذا الحديث وما جاء في معناه 0
وزاد البيهقي وغيره ( إذا توضأتم ولبستم )) وهذا كما تقدم في حديث عائشة رضي الله عنهما أن السنة البداءة باليمين (( كان يعجبه التيمن في تنعله وترجله وفي طهوره وفي شأنه كله )) والسنة فيما له يمين ويسار البداءة باليمين في اللبس والبداءة باليسار في الخلع كالقميص والسراويل والخفين والنعلين وغير ذلك مما له يمين ويسار يبدأ باليمين في اللبس وباليسار في الخلع هذا من سنته صلى الله عليه وسلم والآداب الشرعية التي جاء بها المصطفى صلى الله عليه وسلم كما يبدأ باليمين في الأكل والشرب والمصافحة والأخذ والعطاء ونحو ذلك 0
***
الحديث الثاني والخمسون : وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح بناصيته وعلى العمامة والخفين ) أخرجه مسلم
المغيرة بن شعبة الثقفي رضي الله عنه وأرضاه ( فمسح بناصيته وعلى العمامة والخفين )هذا يدل على شرعية المسح على الخفين وعلى العمامة وهذا سنة قد جاءت بها أحاديث كثيرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم روى المسح عن النبي e جماعة كثيرة من الصحابة رضي الله عنهم من قوله وفعله عليه الصلاة والسلام حتى قال بعضهم أنهم بلغوا سبعين صحابياً ما بين ناقل للفعل وبين ناقل للقول 0
لأن المسح على الخفين قد تواترت به السنة وذكره أهل السنة في العقائد خلافاً للرافضة فإن الرافضة لا يمسحون بالخفين ويمسحون على القدمين خالفوا أهل السنة في الأمرين جميعاً أما أهل السنة والجماعة فقد عملوا بالكتاب والسنة وتابعوا ما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم فعلا وتركا فهم أولى الناس بكل خير خلاف أهل البدع .
والمسح مؤقت وليس مطلقا ، بل هو يوم وليلة للمقيم وثلاثة بلياليها للمسافر .
* وقد احتج بعض الناس بهذا الحديث على الاكتفاء ببعض الرأس والمؤلف ذكره هنا لهذا الغرض وإلا فالمسح على الخفين وعلى العمامة له باب يأتي ولكن لا حجة فيه لمن زعم ذلك كالشافعية والحنفية يرون الاكتفاء ببعض الرأس .
وذهب الإمام مالك رحمه الله وأحمد وجماعة من أهل الحديث والفقهاء إلى وجوب تعميم الرأس بالمسح وهذا هو الصواب كما في حديث عبد الله بن زيد وحديث عثمان وغير هما فإن الرسول صلى الله عليه وسلم مسح الرأس وعمم بدأ بمقدم الرأس ثم ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه وهذا هو المشروع التعميم وعدم الإكتفاء بالبعض .
وأما حديث المغيرة فليس فيه الإكتفاء بالبعض فإنه صلى الله عليه وسلم مسح على الناصية وكمل على العمامة فلم يقتصر على الناصية حتى يحتج به على جواز المسح للبعض . فإذا كان عليه عمامة مسح بعض رأسه وعلى العمامة .
وإذا كان الرأس مكشوفا مسحه كله هكذا جاءت السنة عن الرسول عليه الصلاة والسلام وليس لمن اكتفى بالبعض حجة يحسن المصير إليها .
بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من التعميم لمسح الرأس .
والواجب هو الأخذ بما ثبت من التعميم عن الرسول صلى الله عليه وسلم لمسح الرأس . إلا إذا كان عليه عمامة شرعية فإنه يمسح ما ظهر من الناصية ويكتفي بمسح الباقي فوق العمامة جمعا بين السنتين .
وأما الخفان فيمسح ظاهرهما بيديه اليمنى على اليمنى واليسرى على اليسرى وكيف مسح أجزأ كما سيأتي إن شاء الله .
***
الحديث الثالث والخمسون : وعن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم قال صلى الله عليه وسلم ( ابدأوا بما بدأ الله به) أخرجه النسائي هكذا بلفظ الأمر وهو عند مسلم بلفظ الخبر .
ش / جابر بن عبد الله بن حرام الأنصاري وهو صحابي ، وأبوه صحابي وأبوه قتل يوم أحد شهيدا رضي الله عنه وأرضاه .
وجابر أحد المكثرين من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث الحج روى غالب ما جاء في الحج رضي الله عنه وأرضاه . وحديثه في الحج منسك مستقل وسيأتي في محله في كتاب الحج إن شاء الله
ومن ذلك أنه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( ابدأوا بما بدأ الله ) هكذا رواه النسائي بلفظ الأمر ورواه مسلم بلفظ الخبر ( أبدأ بما بدأ الله به ) لما أتى الصفا رقيها ( إن الصفا و المروة من شعائر الله ) قرأ الآية وأول الآية . ـ ثم قال أبدأ بما بدأ الله به وفي لفظ آخر ( نبدأ بما بدأ الله ) ولفظ النسائي وأبي داوود ( ابدأوا بما بدأ الله ) .
احتج بهذا على أن ما ذكره الله قولا وبدأ به نبدأ به فعلا فكما بدأ في الوضوء بالوجه
( فاغسلوا وجوهكم ) نبدأ بالوجه بالوضوء فعلا
بدأ به ربنا سبحانه وتعالى ذكرا وخبرا وأمرا فنبدأ به فعلا . لولا أنه هو الأهم لما بدأ به في أمره جل وعلا في قوله تعالى ( إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم )) الآية . فنبدأ بما بدأ الله به نغسل الوجه أولا ثم اليدين ثم مسح الرأس ثم الرجلين وهكذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم فإنه رتبها هكذا كما بدأ الله عزوجل فوجب علينا التأسي به صلى الله عليه وسلم والسير على ما سار عليه والترتيب كما رتب عليه الصلاة والسلام 0
***
الحديث الرابع والخمسون : وعنه رضي الله قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم ((إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه )) أخرجه الدارقطني بإسناد ضعيف 0
ش / أخرجه الدارقطني بإسناد ضعيف لأن في إسناده من لا يحتج به 0
والمؤلف ذكره هنا ليعلم حاله وأنه ضعيف لكنه رحمه الله لم يذكر ما يقوم مقامه في الدلالة على أن المرفقين وأن الكعبين داخلان في الغسل فذكر هذا الحديث الضعيف ولم يذكر ما يقوم مقامه في الدلالة على هذا الأمر وقد روى مسلم في الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه أنه توضأ فلما غسل يديه أشرع في العضد ولما غسل رجليه أشرع في الساق وقال هكذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ ـ عليه الصلاة والسلام فهذا يدل على أن المرفق مغسول وأن الكعب مغسول وأن قوله ( إلى الكعبين ) ( إلى المرافق ) بمعنى ( مع ) أي مع المرفقين ومع الكعبين 0 كما في قوله عزوجل ( ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم ) أي مع أموالكم 00
فالسنة تفسر القرآن وتبين أن (إلى) داخل ما بعدها فيما قبلها، والقاعدة أن مابعد (إلى) لا يدخل فيما قبلها بل هي للنهاية، ما بعدها غير داخل فيما قبلها إلا بدليل كما في قوله جل وعلا ( ثم أتموا الصيام إلى الليل ) الليل ليس محلا للصيام إذا جاء الليل أفطر الصائم أما هنا فما بعدها داخل فيما قبلها ( وأيديكم إلى المرافق ) أي مع المرافق , وأرجلكم إلى الكعبين أي مع الكعبين بدليل فعل النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يشرع في العضد وفي الساق فدل على أنها أن الكعبين والمرفقين مغسولان والله سبحانه وتعالى .
***
الحديث الخامس والخمسون : وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه )) أخرجه احمد وأبو داوود و ابن ماجه بإسناد ضعيف .
ش / وهذا الحديث له طرق وألفاظ منها ( لا صلاة إلا بوضوء ولا وضوء لمن يذكر اسم الله ) ولكنها كلها ضعيفة عند أهل العلم وكذلك حديث سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ابن عم عمر بن الخطاب رضي الله تعالى وحديث أبي هريرة رضي الله عنه لكنها كلها مدارها على ضعفاء فلهذا قال أهل العلم رحمهم الله تعالى :
لا يثبت في هذا الباب شيء أي لا يثبت في باب نفي الوضوء لمن يذكر اسم الله عليه شيء ومن أجل هذا ذهب الجمهور إلى أن التسمية لا تجب وإنما تستحب فقط لأن الأحاديث فيها ضعيفة .
وذهب قوم إلى وجوب التسمية مع الذكر وسقوطها مع النسيان أخذا بهذه الأحاديث التي جاءت وإن كان فيها ضعف لكنها كثيرة
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله : مجموعها يقضى بأن لها أصلا وأن الحديث حسن من أجل تعدد الطرق .
وقد قالوا في الضعيف الذي لا تصل درجته إلى السقوط ليس ضعفه من أجل شذوذه ولا من أجل أن فيه كذابين متروكين وإنما ضعفه من أجل سوء حفظ بعض الرواة قالوا : أنه إذا تعددت طرقه يرتفع إلى درجه الحسن والقبول
كما قال الحافظ ابن حجر في النخبة :
ومتى توبع السيء الحفظ بمعتبر وكذا المستور والمرسل والمدلس صار حديثهم حسنا لا لذاته بل بالمجموع
وقال الحافظ العراقي في الألفية :.
فإن يُقل يُحتج بالضعيف فقل إذا كان من الموصوف
رواته بسوء حفظ يجبر بكونه من غير وجه يُذكر
وإن يكن لكذب أو شذا أو قوى الضعف فلم يجبر ذا
فالمقصود أنه إذا كان لسوء لحفظ انجبر بطرق وارتفع إلى درجة المقبول لأن المقبول عند أهل الحديث أربعة أقسام :
القسم الأول : الصحيح لذاته وهو الذي استقامت طرقه لأنه رواية جيدة من طريق الثقات الأثبات مع اتصال السند ومع تمام الحفظ ومع عدم الشذوذ والعلة هذا يقال له الصحيح لذاته لأنه جاء من رواية عدل عن عدل تام الضبط متصل السند غير معلل ولا شاذ
- والثاني : الحسن لذاته وهو مثل الصحيح لذاته إلا أن رواته في الحفظ دون رواة الصحيح يعني حفظهم أقل مع كونهم ضباطا حافظين .
والثالث : الصحيح لغير ذاته وهو الحسن إذا تعددت طرقه فهو الصحيح لغير ذاته بل لغيره
والرابع : الحسن لغير ذاته بل لغيره إذا تعددت الطرق فهي أربعة أقسام وهذا القسم الرابع محل نظر كثير ما تلتبس فيه الآراء لاختلاف الطرق التي تعددت فلهذا تجد بعضهم يحسنه وبعضهم يضعفه بحسب ما وصل إليه من العلم في ضبط الراوي وعدم ضبطه وفي اتصال السند وعدم اتصاله وفي جهالة الراوي وفي عدم جهالته فمن أجل ذلك تختلف آراؤهم رحمة الله عليهم في هذا القسم الرابع .
فهو مما يستشهد به ولكن لا يعتمد عليه في الأصول فهي من قبيل أحاديث الترغيب والترهيب ومن قبيل الإعتضاد والاستشهاد هذا هو أحسن ما قيل فيه .
ولهذا فالوضوء ينبغي فيه التسمية ولكنها وجوبها فيه نظر مع الذكر وذهب أحمد رحمه الله في رواية تجب مع الذكر وتسقط مع النسيان وذهب الجمهور مالك والشافعي وأبو حنيفة وغيرهم إلى أنها لا تجب لضعف هذه الأحاديث كما عرفت وأنها لا تثبت كما قال أحمد بسبب ما اعترى أسانيدها من ضعف وبهذا يكون أعدل الأقوال أن التسمية متأكدة وأما الوجوب فمحل نظر ولكنها متأكدة ولا يحسن تعمد تركها بل يشرع له أن يأتي بها في أول الوضوء هذا هو الأحوط والأولى فإن تركها فالصواب عدم بطلان الوضوء فالوضوء صحيح ولكن ترك ما ينبغي فعله إذا تعمد ذلك .
***
والحديث الثاني : حديث طلحة بن مصرف اليماني
الحديث السابع والخمسون : وعن طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفصل بين المضمضة والاستنشاق أخرجه أبو داوود بإسناد ضعيف .
طلحه إمام معروف ثقة عند الشيخين . لكن مصرفا أبوه مجهول عند أهل العلم لا يعرف ولهذا ضعف الأئمة رواية طلحة عن أبيه عن جده وقالوا إنها رواية منكره مجهولة لا تعرف وهذا السند ليس بشيء عند أهل العلم وإن كان نفس طلحة جيد وثقة معروف لكن روايته عن أبيه وعن جده ليست بشيء عند أهل العلم لأن أباه غير معروف بل هو مجهول فتكون الرواية ضعيفة ولهذا قال المؤلف رحمه الله بإسناد ضعيف . لأجل جهالة مصرف والد طلحة وعدم معرفة أهل العلم له وعدم توثيقهم له فهو حديث ضعيف
وفيه أنه كان يفصل بين المضمضة وبين الاستنشاق يعني النبي صلى الله عليه وسلم . والفصل بينهما أن يأخذ للمضمضة غرفة وللاستنشاق غرفة هذا هو الفصل يعني يمضمض من كف لهذا ومن كف لهذا هذا هو الفصل .
فيكون للمضمضة ثلاث غرف وللاستنشاق ثلاث غرف الجميع ست إذا كمل الغسلات ثلاثا هذا على رواية الفصل .
وإما على رواية علي فإن المتوضئ يمضمض بكف واحدة ويستنشق بكف واحدة بعض الكف للمضمضة وبعضها للاستنشاق
. وفي حديث عبد الله بن زيد صراحة في ذلك . إذا توضأ استنثر ثلاثا بثلاث غرفات هذه واضح في أن كل غرفه بعضها للمضمضة وبعضها للاستنشاق هذا هو معنى حديث عبد الله بن زيد في الصحيحين
وحديث على بمعناه ومن جنسه إلا أن رواية على رضي الله عنه قد يستشعر منها أنها كف واحدة ثلاث مرات وبهذا قال بعض أهل العلم أن تمضمض واستنشق بكف واحدة ثلاث مرات بغرفة واحدة وهذا مستبعد جدا وحمله على هذا المعنى فيه بعد جدا فإن المتوضئ من غير الممكن أن يتمضمض ويستنشق من كف واحدة ثلاث مرات لأن الماء يسقط ويذهب من اليد ولا يبقى للثانية والثالثة 0
فالأقرب والله أعلم أنه في حديث علي من جنس حديث عبد الله بن زيد والمعنى يتمضمض ويستنشق ثلاثا يعني يعيدها يتمضمض ويستنشق بكف واحدة الأولى ثم ثانيا يعيدها ثم ثالثا .
وليس المعنى أنه يستنشق ويتمضمض من كف واحدة يكررها ثلاثا من الكف فإن الماء لا يبقى ولا يستقر .
أما رواية الفصل فقد عرفت أنها ضعيفة وقال صاحب عون المعبود أن أبا يعلى روى في صحاحه الفصل كما في رواية طلحة هذا ينظر فيه فإن ثبت ما رواه أبو يعلى أو غيره من الفصل فتكون صفة ثانيه في المضمضة والاستنشاق وأنه يتمضمض ويستنشق ثلاثا بكل واحدة
يتمضمض ثلاثا بثلاث غرفات وللاستنشاق منها ثلاث غرفات هذا هو الأفضل وأن اكتفى بواحدة أو اثنتين فلا بأس كما تقدم . لأن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة ومرتين مرتين وثلاثا ثلاثا وكله سنة ولكن الكمال ثلاثا هذا هو الكمال . وإن تمضمض واستنشق مرة فقط أو مرتين فقد حصل على السنة وأدى الواجب .
وإن تمضمض تارة مرتين وتارة ثلاثا وتارة مرة فلا بأس كل هذا فعله النبي صلى الله عليه وسلم والله سبحانه أعلم .
***
الحديث الستون : وعن أنس رضي الله عنه قال : رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا وفي قدمه مثل الظفر لم يصبه الماء فقال : أرجع فأحسن وضوءك )) أخرجه أبو داوود النسائي .
أنس بن مالك بن النضر الأنصاري الخزرجى المعروف خادم النبي صلى الله عليه وسلم كانت وفاته سنة 92 أو 93 هـ في آخر القرن الأول ومتعه الله وعمره فوق المائة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في قدم إنسان مثل الظفر لم يصبه الماء فقال: ارجع فأحسن وضوءك )) أخرجه أبو داوود والنسائي بإسناد جيد . وهكذا رواه مسلم
أيضا في صحيحه عن جابر عن عمر رضي الله عنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا في قدمه مثل الظفر لم يصبه الماء فقال ارجع فأحسن وضوءك . فرجع فتوضأ وفي لفظ أن عمر رضي الله عنه نفسه هو الذي رأى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك عليه .
وفي مسند احمد وسنن أبي داوود عن خالد بن معدان عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا في قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء فأمره أن يعيد الصلاة والوضوء هكذا أخرجه أبو داوود / وأخرجه احمد بلفظ أن يعيد الوضوء وسنده جيد عند احمد فإنه من رواية بقية بن الوليد وهو مدلس ولكنه صرح بالسماع عن شيخه بخيت بن سعد عن خالد بن معدان عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم .
هذه الأحاديث الثلاثة وما جاء في معناها عن أنس عند أبي داود والنسائي وحديث عمر عند مسلم وحديث بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عند أحمد وأبي داود كلها تدل على وجوب الموالاة وأن الواجب في الوضوء الموالاة لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر من تخلف بلمعة أن يعيد الوضوء وأن يحسن وضوءه ولم يقل له أغسل هذه اللمعة فقط ويكتفي بذلك فدل على أن الموالاة لا بد منها وأن يكون الوضوء متواليا أعضاؤه متوالية في الغسل ولهذا أمره أن يعيد الوضوء وهذا والله أعلم كان بعد طول المدة كان قد مضى وقت حتى حكم عليه بأنه فاتته الموالاة ولهذا أمر بإعادة الوضوء والصلاة أما لو تنبه في الحال على اللمعة التي في قدمه فإنه يغسلها في الحال ويكفي .. إذا كان الوضوء متواليا كفى لكن إذا طال الأمد ويبست الأعضاء وطال الوقت عرفا فإنه يأتي به من أوله لهذه الأحاديث الثلاثة وما جاء في معناها وهي حجة لقول من قال باشتراط الموالاة في الوضوء وهو القول الصواب كما يشترط الترتيب في الوضوء فهكذا الموالاة بين أعضائه حال الغسل ..
وعنه أيضا رضي الله تعالى عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بمد ويغتسل بالصاع إلى خمسة إمداد متفق عليه .
هذا يدل على اقتصاده صلى الله عليه وسلم في الوضوء والغسل وأنه كان يقتصد والسنة الاقتصاد في الماء وعدم الإسراف والكثرة ولو كان الماء ميسرا ولو كان على ساقية أو نهر فالسنة الاقتصاد وعدم الغرف الكثير الذي لا حاجة إليه بل يقتصد في الوضوء والغسل أيضا هذا هو السنة ولهذا كان يغتسل بالمد . والمد معروف وهو ربع الصاع وهو حفنة اليدين الممتلئتين 0 والإناء الذي يسع حفنة اليدين يقال له مد والإناء الذي يسع أربع حفنات يقال له صاع هـ
وكان يتوضأ بالصاع إلى خمسة أمداد يعني قد يكتفي بالصاع وقد يزيد مدا خمسة أمداد .
جاء عن عائشة رضي الله عنه قالت كنا نغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء يقال له الفرق وهذا يسع ثلاثة آصع ولا يلزم أن يكون ممتلئا .
الحاصل أن غسل النبي صلى الله عليه وسلم كان بهذا المقدار صاع إلى خمسة أمداد أو ما يقارب ذلك و وضوؤه كان بالمد وما يقاربه 0 وتقدم الحديث في الصحيح أنه توضأ بثلثى مد أي مد إلا ثلثا 0
فدل ذلك على أنه كان يقتصد غايةً في الوضوء عليه الصلاة والسلام 0
وسبق لك أنه توضأ مرة مرة ومرتين ومرتين وثلاثا وثلاثا 0 أو مختلفا غسل بعض الأعضاء مرتين وبعضها ثلاثا 0 فدل على التوسعة في ذلك وأنه ينبغي للمؤمن أن يراعي الاقتصاد وعدم الإسراف في وضوئه اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم 0
***
الحديث الثاني والستون : وعن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم يقول : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له 0 وأشهد محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء ))أخرجه مسلم والترمذي 0 0
وزاد ( اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين)
عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمير المؤمنين الخليفة الراشد المعروف الملقب بالفاروق لأنه فرق الله به بين الحق والباطل قال فيه صلى الله عليه وسلم يا ابن الخطاب ما سلكت فجا إلا سلك الشيطان فجا غير فجك 0 وهو أفضل الخلفاء بعد الصديق رضي الله عنه وثاني الخلفاء الراشدين وثاني العشرة المشهود لهم بالجنة رضي الله عنهم وأرضاهم 0
يقول أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول (( ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء أي يبلغ الوضوء و يكمله ثم يقول ( أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له الأبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء ))
هذا يدل على فضل هذه الشهادة وأنه يستحب للمؤمن أن يقول هذه الشهادة وهذا في حق من قالها بصدق وإخلاص وإيمان بمعناها أن الله سبحانه وتعالى هو الواحد لا شريك له جل وعلا وأن محمدا هو رسول الله حقا عليه الصلاة والسلام ومن قال هذه الشهادة بصدق وإخلاص كانت سببا في دخول الجنة ونجاته من النار إذا مات عليها .
وفي قولها صادقا مخلصا تفتح له أبواب الجنة هذا يدل على فضل هذه الشهادة العظمية وأنها من أسباب دخول الجنة لمن أتى بها صادقا مخلصا لأن الصدق فيها يستلزم أداء فرائض الله واجتناب محارم الله والوقوف عند حدود الله . ولأن ذكرها والكلام فيها من أسباب التذكير بالحق وأسباب تحريك القلب إلى طاعة الله ورسوله . فهي أصل الدين وأساس الملة ولهذا رتب الله عليها من الخير مالم يرتب على غيرها . لكونها هي الأساس العظيم الذي متى صلح صلحت الأعمال ومن فسد فسدت الأعمال .
# زاد الترمذي رحمه الله في روايته بعد الشهادتين ( اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين )) وهذه الرواية عند الترمذي سند ها جيد صحيح عند الترمذي . فيستحب أن يقول المؤمن عند فراغه من الوضوء (( أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين ) كما يستحب له ويشرع له التسمية عند أوله . هذا هو الثابت في الوضوء يسمي في أوله ويتشهد في آخره .
أما ما يقوله بعض الناس من الدعوات عند أعضاء الوضوء عند غسل وجهه يقول اللهم بيض وجهي وعند غسل يديه يقول اللهم اجعل كتابي بيميني وعند مسح رأسه يقول اللهم .... وعند غسل قدميه يقول ثبت قدمي عند الصراط هذا لا أصل له هذه الدعوات لا أصل لها من السنة ولم ترد ذكر بعض العلماء كابن القيم وغيره أنها كلها باطلة موضوعة ليس لهذا أصل لهذه الدعوات عند هذه الأعضاء
بل المشروع المحفوظ أن يسمى الله في أول الوضوء ويتشهد في آخره ويقول اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين هذا هو المحفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم
***
الحديث الثامن والستون : وعن ثوبان رضي الله عنه قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم
سرية فأمرهم أن يمسحوا على العصائب يعني العمائم والتساخين يعني الخفاف .
رواه أحمد وأبو داود وصححه الحاكم .
ش / ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم
هذا من دلائل المسح على الخفين والعمائم وأنها من السنة كما تقدم في حديث المغيرة بن شعبة ومن حديث صفوان وحديثي علي رضي الله تعالى عنهم هذه الأحاديث الأربعة المتقدمة كلها تدل على شرعية المسح على الخفاف وتقدم لك أنه قول أهل السنة والجماعة وأنه جاء فيه من السنة من الأقوال والأفعال ما يقارب سبعين أثرا وحديثا وأنه من الأمور المتواترة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي تلقاها أهل السنة بالقبول وعدوها في العقائد من أجل خلاف الشيعة الذين أنكروا المسح وفي هذا يؤيد ما تقدم من شرعية المسح على الخفين وهي التساخين . جمع تسخان مثل تماثيل جمع تمثال والأخفاف لها أسماء : الخفين والموقين والتساخين وغير ذلك ومن الأسماء الجديدة الزرابيل والجرموقين فالمقصود أنها تسمى بعدة أسماء .
وبعضهم يجعل بينها وبين بعضها اختلاف في الصفات بجمع بينها أنها من الجلد . بخلاف الجوارب فإنها من القطن أو الصوف
أما الأخفاف والتساخين والموق فكلها من الجلد ولكن بعضها يكون ظاهر كثيرا وبعضها تغطى الكعبين تختلف في كيفياتها وصفاتها مع كونها مجتمعة في حد ذاتها على أنها تستر القدمين مع الكعبين ويتقى بها برد الأرض وحرها ويتقى بها الأشواك التي في الأرض والوعورة في الأرض 0
والجوربان كذلك تقوم مقامها مع النعلين في اتقاء حر الأرض وبردها ونحو ذلك
وتقدم أنه ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه مسح على الخفين والجوربين ومسح على ذلك جماعة من الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم وهو الحق خلافا لمن أنكر ذلك
# وأما العصائب فهي العمائم سميت عصائب لأنها تدار على الرأس كلما أدرته على شيء فهي عصابة
والمشهور عند العلماء أن العصائب التي تمسح هي التي تحنك تدار على الحنك فهي محنكة بخلاف العصائب التي مثل الطاقية فإنها على الرأس فقط فيقال لها مقعطة هذه لا يمسح عليها لأنها ليست العمائم المعروفة عند العرب ولأنه لا يشق نزعها فإن نزعها أسهل شيء بخلاف التي تدار وتربط على الرأس فإنه قد يشق على صاحبها حلها وتعوقه عن بعض الشيء كما أن خلع الخفين ممكن لكن فيه بعض المشقة فرحم الله عباده وشرع المسح تخفيفا وتيسيرا
والحديث ليس فيه ذكر التوقيت لكن تقدم ذكر التوقيت في حديث علي وصفوان كما تقدم
***
الحديث التاسع والستون : وعن عمر رضي الله عنه ـ موقوفا وعن أنس مرفوعا (( إذا توضأ أحدكم ولبس خفيه فليمسح عليهما وليصل فيهما ولا يخلعهما إن شاء إلا من جنابة )) أخرجه الدارقطني والحاكم وصححه .
ش /
إذا قيل ( موقوف ) فالمراد أنه من كلام الصحابي ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم هذه قاعدة أهل الحديث إذا قيل جاء الخبر عن فلان موقوفا يعني من كلامه ـ عن عمر موقوفا ـ عن أنس موقوفا عن عمر موقوفا أي من كلامه
وإذا قيل مرفوعا أو رواية أو ينميه أو يبلغ به فالمراد به أنه مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم
كما قال الحافظ العراقي رحمه الله وقوله :ـ
وقولهم يرفعه يبلغ به رواية يَنْميه رفعٌ فانتبه
فأهل الحديث ذكروا هذه الألفاظ فإذا قيل موقوفا أو وقفه على فلان أو قصره على فلان فهذا من كلامه (( إذا توضأ أحدكم )) روى هذا اللفظ موقوفا ومرفوعا (( إذا توضأ أحدكم فلبس خفية فليصل فيهما ولا يخلعهما إن شاء إلا من جنابة )
هذا يدل على أن المسح إنما يكون بعد الوضوء بخلاف الذي يلبسهما على طهارة فإنه لا يمسح وقد تقدم هذا لقوله للمغيرة عند ما أراد خلعهما . دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين يشترط للمسح أن يكون لبسها على طهارة فإذا لبسهما على طهارة فإنه يمسح عليهما ويصلى فيها فضلا من الله ورحمة منه وتخفيفا وتسهيلا ولا يخلعهما إن شاء إلا من جنابة
قوله ( إن شاء ) لبيان أنه ليس بواجب لو خلع فلا بأس به لكن إذا أبقاهما مدة المسح فلا بأس من باب التيسير والرفق وإن خلعهما وأحب أن يغسل رجليه قبل أن تتم المدة فلا بأس فلو لبسها مثلا الضحى ومسح عليهما الظهر والعصر ثم أحب أن يخلعها العصر فهو مخير إن شاء كمل المدة وإلا خلع
ولهذا قال
( ولا يخلعهما إن شاء إلا من جنابة) أي لا يخلعهما مدة المسح ( إن شاء ) فالأمر بالخيار أما الجنابة فلابد من الخلع وهكذا الحيض والنفاس لا يمسح الخفين ولا في العمامة للجنابة وتقدم هذا في حديث صفوان بن عسال ( ولكن من غائط وبول ونوم ) يعني من الحدث الأصغر
أما لو تطهرت الحائض والنفساء قبل الحيض وقبل النفاس ولبست خفيها على طهارة ثم حاضت أو ثم نفست ثم طهرت 0
فلا تغتسل والخفان في رجليها . وإن كان هذا لا يقع لأن الحيض يتجاوز المدة في الغالب مدة ثلاث ليال في السفر
والنفاس أكثر وأكثر ولكنه قد يقع هذا في الحيض قد تلبس الخفين على طهارة ثم تحيض لمدة يومين والمدة ثلاث ليال ما تمت
لكن الذي يقع كثيرا الجنابة
ولهذا ذكر الجنابة لأنها هي التي تقع للمسافر وغير المسافر فبين عليه الصلاة والسلام أنه يخلع ولا يمسح من الجنابة
وهذه الأحاديث ليس فيها توقيت ولكنها مطلقه وحديث علي المتقدم وحديث صفوان فيها التقييد والتوقيت
هكذا حديث أبي بكرة الثقفي
***
الحديث السبعون : وعن أبي بكرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم (( أنه رخص للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن ، وللمقيم يوما وليلة إذا تطهر فلبس خفيه أن يمسح عليها )) أخرجه الدار قطني وصححه أبن خزيمة .
أبو بكره الثقفي و إسمه نفيع بن مسروح أو بن الحارث . وهو صحابي جليل أسلم عام الطائف ، لما حاصر النبي صلى الله عليه وسلم الطائف نزل من بعض حصون الطائف فأتى النبي صلى الله عليه وسلم وكان رقيقا فأعتقه النبي صلى الله عليه وسلم . وأسلم وحسن إسلامه وله ذرية وله أولاد صلحاء أخيار علماء
أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للمسافر أن يمسح خفيه ثلاثة أيام وللمقيم يوما وليله إذا أتطهر ولبس خفيه
/ هذا يبين لك أن المسح مؤقت وأنه بعد الطهارة فيقيد ما تقدم من حديث عمرو وثوبان وأنس وما جاء في معناها وأنها مقيدة بالمدة وهذا هو قول جمهور أهل العلم
وذهب مالك وجماعة إلى عدم التوقيت والصواب قول الجمهور وأنه لا بد من التوقيت لأن أحاديث التوقيت صحيحه ليس لها معارض وما جاء مطلق فيقيد بها على القاعدة المعروفة عند أهل العلم في الأصول وفي المصطلح أن المطلق يحمل على المقيد جمعا بين الأخبار
الحديث الواحد والسبعون : وعن أبي بن عمارة رضي الله عنه أنه قال:قلت: يا رسول الله أمسح على الخفين ؟ قال (( نعم )) قال : يوما قال (( نعم )) قال : ويومين ؟ قال (( نعم )) قال وثلاثة أيام قال (( نعم )) وما شئت )) أخرجه أبو داوود وقال ليس بالقوي .
أبي ابن عمارة المدني ثم المصري وهو بكسر العين والمعروف عند أهل العلم في أسماء الرجال عُمارة ، بالضم هذا هو الأكثر في الروايات في الصحابة وغير هم
لكن عمارة بالكسر في هذا الرجل وفي الحسن أبن عمارة القاضي المعروف هذا هو المشهور وماسواهما فهو بالضم
وقيل في هذا بالضم أيضا في أبي هذا وفي الحسن فالحاصل أن المعروف في الروايات بالضم في أسماء الرجال ماعدا هذا فإن الأكثر فيه على كسر العين
أنه قال أمسح يوما . . . . الخ .
الحديث هذا ظاهرة عدم التوقيت وأنه يمسح متى شاء وكيف شاء ولكن حكم عليه بعض أهل العلم بأنه غير صحيح بل هو مضطرب الإسناد مضطرب المتن .
قال أحمد رجاله لا يعرفون ، وقال البخاري رحمه الله وأبن عبد البر والشافعي وجماعة رحمهم الله : بأنه مضطرب الإسناد وهكذا قال الحافظ في التلخيص وغيره حتى بالغ الحافظ أبن الجوزي رحمه الله فعده في الموضوعات وبهذا تعرف أن الحديث مضطرب الإسناد والمتن لا يعول عليه عند أهل العلم في معارضة الأحاديث الصحيحة المثبته للتوقيت في المسح على الخفين
والصواب أن التوقيت ثابت ومحكم وأما أحاديث أبي هذا وما جاء في معناها فهي أحاديث ضعيفة لا يلتفت إليها وما كان مطلقا فهو مقيد بأحاديث التوقيت والله سبحانه وتعالى أعلم . . .
س / من منع المسح على النعلين و الجور بين فما حجته ؟
ج / حجته أن الأحاديث ورد فيها الخف في أحاديث كثيرة والجورب أضعف منها فلا يقاس عليها والجواب عن ذلك من وجهين :
أحدهما : أنه لا اعتراض ولا رأى لأحد مع السنة ما دام ثبت في السنن الأربع ومسند أحمد عن المغيرة بسند جيد أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الجوربين والنعلين فلا كلام ولا معارضة 0 روى هذا وهذا فما المانع رأى النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين وعلى الجوربين 0
الوجه الثاني : أن الحكم معلل ومعروف الحكمة وأن المقصود من ذلك رحمة الإنسان والرفق بالإنسان إذا سار في أرض حارة أو باردة أو وعرة فالخف ينفعه والجورب كذلك إذا لبس الجورب ينفعه بعض النفع وإذا كان مع النعل فنفعه تام 0
فالحكمة التي من أجلها شرع الله المسح على الخفين موجودة في الجوارب 0
ثم هناك وجه ثالث أن الصحابة أعلم الناس بالسنة وأعلمهم بمقاصد الرسول صلى الله عليه وسلم وقد مسحوا على الجوارب كما نقل ذلك أبو داود عن جماعة منهم ابن عمر وجماعة 0
فلما فهموا أن الجورب في حكم الخف وجب الأخذ بفهمهم و تأييدهم في فهمهم مع ما جاءت به السنة ومع ما عرف من المعنى فلم يبق قول لأحد بعد ذلك لهذه الأمور الثلاثة لأن المعارض مخالف للسنة مخالف للقياس الصحيح ومخالف لأكثر الصحابة فلا يلتفت إلى قوله 0
س / لو غسلت رجلا واحدة وأدخلتها في الخف قبل أن أكمل الطهارة ثم غسلت الثانية وأدخلتها 0
ج / فيه خلاف بين أهل العلم :
بعض أهل العلم يرى أنه لا يمسح حتى يخلع اليمنى ثم يعيد لبسها بعد غسل اليسرى حتى يكون لبسها على طهارة كاملة 0 والنبي صلى الله عليه وسلم لبسها على طهارة كاملة هذا حسن احتياط 0
والصواب أنه لو لم يفعله فطهارته صحيحة لأنه لبس اليمنى على طهارة تامة لأن طهارته معلقة على اليسرى وقد طهرت اليسرى وتمت الطهارة وهذا اختيار شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله أنه لا بأس ولا حرج 0
لكن الأولى أنه لا يعجل 0 لا يلبس اليمنى حتى يغسل اليسرى 0 أو أن لبسها لأجل الحاجة إلى لأن المكان لا يتيسر له عدم اللبس فيه فيخلعها ثم يعيدها 0 حتى يكون لبسها على طهارة 0
س / هل ما يقوم مقام الخفين يجوز المسح عليه ؟
ج / نعم ما لم يكن لفائف فاللفائف فيها خلاف كبير فالأحوط عدم مسح اللفائف لكن يمسح شيئا محيطا لأنه أشبه بالخف 0
س / هل يجوز خلع الخف قبل تمام المدة وغسلها ؟
ج / لا بأس لكن لا لاعتقاد أن المسح أفضل فإذا خلعتها لحاجة كما لو مللت من الخفين أو لأسباب أخرى أما إن يخلعها لأجل أن يغسل لاعتقاد أن الغسل أولى فلا 0
س / ....... في أثناء مدة المسح يقول يجوز فسخ هذه الخفاف ؟
ج / هذا قول ضعيف 0 لكن جمهور أهل العلم يرى أنه إذا خلعها بطلت الطهارة إذا خلعها بعد الحدث وأما قياس ذلك على حلق الشعر من الرأس فهذا ليس بشيء فالصواب قول كثير من أهل العلم بل هو كالإجماع من أهل العلم أنه متى خلع الخف بطلت الطهارة 0
وأما قياس على الشعر وأنه يحلق الشعر متى شاء ومع ذلك يمسح فنقول أن مسح الرأس ليس مؤقتا بل يمسح دائما سواء كان عليه شعر أو كان أصلع 0
س / هل المسح في الحضر 0
ج / ظاهر النصوص أنه مسح صلى الله عليه وسلم في الحضر وفي السفر لأنها مطلقة والإتفاق قائم على أنه يجوز المسح في الحضر وفي السفر جميعا 0
س / هل تشترط الطهارة للمسح على الجبيرة ؟ وهل يجمع بين التيمم والغسل ؟
ج / الجواب يمسح على الجبيرة ولا تشترط وضعها على طهارة لأن جرحه ليس بهواه قد يكون بحال ليس بطاهر فيها 0
والصحيح أنه يكفي المسح ولا حاجة إلى التيمم 0 وليس لها أصل الجمع بين الغسل و التيمم وأن ذكره بعض فقهاء الحنابلة وغيرهم ولكن لا أصل لها أما أن يغسل وأما أن يمسح 0 فإن لم يتيسر هذا ولا هذا فالتيمم 0
بإمكانكم قراءة الشرح لماسبق من الدروس في هذا الملتتقى وكذلك من الرابط التالي
http://www.hedayaway.net/vb/showthread.php?t=467
اخوكم أبو يوسف إمداد
كان ينبغي أن يفتتح هذا الباب بحديث (( لا تقبل صلاة بلا طهور ولا صدقة من غلول )) أخرجه مسلم
وكذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال : (( لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ )) متفق عليه . فكان من اللائق أن يذكرهما هنا لآن هذين الحديثين من أصح ما ورد في هذا الباب
الحديث السادس والثلاثون : عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( لو لا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء )) أخرجه مالك و احمد و النسائي وصححه ابن خزيمة وذكره البخاري تعليقا
ش / هؤلاء الأئمة معروفون تقدمت ترجمتهم .
الإمام مالك الإمام المعروف إمام أهل السنة في زمانه وكان في المدينة المنورة وهو أحد الأئمة الأربعة المشهورين وكانت سنة وفاته 179 هـ
وأحمد معروف الإمام أحمد بن محمد بن حنبل أحد الأئمة الأربعة وتلميذ الشافعي كان معروفا بالإمامة ونشر السنة وقمع البدعة كان مولده 164 هـ وكانت وفاته سنة 241 هـ
والنسائي معروف صاحب السنن هو أبو عبد الرحمن عمرو بن شعيب ..
وكانت مولده سنة 215 هـ وكانت وفاته سنة ( 303 ) هـ وهو من أعيان القرن الثالث وأدرك شيئا من القرن الرابع وهو آخر الأئمة الستة موتاً .
وأولهم موتا البخاري 256 وآخر هم موتا النسائي .
وابن خزيمة معروف أبو بكر محمد ابن إسحاق ويلقب بإمام الأئمة وله مؤلفات كثيرة منها الصحيح وكتاب التوحيد كان مولده سنة 223 أو 224 وكانت وفاته سنة310أو 311 هـ .
هذا الحديث حديث جيد صحيح وعلقه البخاري رحمه الله في الصحيح
(( لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك )) يعني أمر إيجاب هو الذي انتفى لأجل المشقة وأما الاستحباب فهو موجود مأمور به استحبابا . لأن المستحب لا يشق لأنه إن استطاع فعله وإلا تركه فلا يشق
وإنما الذي يشق أمر الإيجاب الذي لا بد من فعله وإلا يأثم
هذا هو الذي انتفى لأجل المشقة (( لولا أن اشق على أمتي لأمرتهم بالسواك)) أمر إيجاب ولكن هذا انتفى ولكن أمر الاستحباب باقي فيستحب السواك عند كل وضوء لأنه من باب النظافة للفم وتطييب النكهة .
وثبت عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((السواك مطهرة للفم مرضاة للرب )) أخرجه أحمد والنسائي وغيرهما بسند صحيح .وهذا يدل على فضل السواك
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يستاك عند الصلاة أيضا في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال (( لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة )) أخرجه مسلم . وفي البخاري (( عند كل صلاة )) .
هذا يدل على أنه كان صلى الله عليه وسلم يستاك عند الصلاة لكنه مستحب وليس بواجب .
وكذلك يستحب السواك إذا انتبه من النوم لحديث حذيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من النوم يشوص فاه بالسواك .
وكذلك يستاك عند دخول المنزل لحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل بيته يبدأ بالسواك . رواه مسلم
فالسواك مستحب في هذه المواضع لهذه الرواية عند الوضوء وعند الصلاة وعند دخول المنزل وإذا انتبه من النوم وعند دخول المنزل وهكذا في كل مكان يتغير فيه الفم فيستحب له ويتأكد استعماله لأنه يطيب النكهة وينظف الأسنان ويزيل النعاس ويعين على الخير فالسواك فيه فوائد كثيرة .
وأحسن ذلك ما كان من الأراك وهكذا ما يقوم مقامه مما له القوة على التنظيف من غير جرح .
الحديث السابع والثلاثون : عن حمران مولى عثمان أن عثمان رضي الله عنه دعا بوضوء فغسل كفيه ثلاث مرات ، ثم تمضمض واستنشق واستـنثر ثم غسل وجهه ثلاث مرات ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاث مرات ثم اليسرى مثل ذلك ثم مسح برأسه ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاث مرات ثم اليسرى مثل ذلك ثم قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ نحو وضوئي هذا . متفق عليه .
وحديث عثمان رضي الله عنه فيه الدلالة على صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم وأنه كان يبدأ بغسل كفيه ثلاث مرات وهكذا السنة بعد نية الوضوء يسمي الله للحديث الذي سيأتي في آخر الباب((لاوضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه )
فالسنة أن يسمى الله جل وعلا وإن كان الحديث فيه ضعف ولكن بمجموع الروايات يؤخذ منه أن لهذا الحديث أصلا ولهذا قال مجموعة من الحفاظ بمجموعها يكون الحديث حسنا . كالقاعدة في مثل هذا؛ فالمقصود أنه يستحب التسمية في أول الوضوء مع النية
ثم يغسل كفيه ثلاث مرات لدلالة حديث عثمان وما جاء في معناه ثم يبدأ في الوضوء يتمضمض ويستنشق ثلاث مرات بثلاث غرفات وإن تمضمض مرة واحدة بغرفة واحدة كفى وإن فصلها في عدة غرفات جاز ذلك
ولكن أفضلها أن تكون ثلاثا بثلاث غرفات ـ وإن جعل الثلاثة بغرفة واحدة أجزأ .
ثم يغسل وجهه ثلاثا ويجزئ واحدة كما هو معروف لأن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة وتوضأ مرتين مرتين و توضأ ثلاثا ثلاثا كل هذا ثابت عنه عليه الصلاة والسلام .
فدل ذلك على أنه يجزئ واحدة . والأفضل اثنتان والكمال ثلاثا ثلاثا
ثم غسل يده اليمنى ثلاثا إلى المرفق ، والمرفق داخل في الغسل فإلى بمعنى (( مع )) في الآية الكريمة والأحاديث .
لأنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم أنه كان إذا توضأ وغسل يديه أشرع في العضد .
وإذا غسل رجليه أشرع في الساق
فدل ذلك على أن الكعب في الرجل والمرفق في اليد داخل في الوضوء . فإلى بمعنى (( مع ))
ثم مسح رأسه )) وجاء في أحاديث أخرى وستأتي0
ثم غسل رجليه ثلاثا إذا كان لابسا النعلين .
ثم قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم توضأ نحو وضوئي هذا ))
وفي رواية أخرى في الصحيحين ثم قال : من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر الله له ما تقدم من ذنبه ))
فهذا يدل على فضل الوضوء وأن من فعله وصلى بعده ركعتين غفرالله له. فالوضوء من أسباب المغفرة نفسه وإذا صلى بعده ركعتين فهذا سبب ثاني . فالمتوضئ إذا توضأ كما أمر الله ثم صلى ركعتين فقد أتى بسببين للمغفرة أو لهما الوضوء فهو من أسباب المغفرة فإن الوضوء يحت الذنوب ، والصلاة بعده إذا أخلصها لله وأحضر فيها قلبه من أسباب المغفرة أيضا .
ففي الحديث فوائد جمّة :
أولها : معرفة صفة وضوء الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا هو الوضوء الكامل .
وله وضوءان آخران أو ثلاثة .
توضأ مرة مرة ، وتوضأ مرتين مرتين ، وتوضأ مختلفا بعض الأعضاء مرتين وبعضها أكثر ثلاثا .
فالصفات : واحدة واحدة ، اثنتين اثنتين ، التفرقة بين الأعضاء بعضها كذا وبعضها كذا.. كلها جائزة وأكملها وأفضلها ثلاثا ثلاثا ماعدا مسح الرأس فواحدة .
# وفيه من الفوائد فضل الصحابة ومنهم عثمان رضي الله عنه فقد نقلوا للناس أحواله صلى الله عليه وسلم ووضوءه وأخلاقه وسيرته . فجزاهم الله خيرا وضاعف مثوبتهم
وفيه فضل عثمان رضي الله عنه فمع كونه خليفة المسلمين مشغول بالمهام العظيمة ومع هذا كان يتوضأ للناس ويعلمهم وضوء النبي صلى الله عليه وسلم حتى يأخذوه عنه واضحا بينا .
وفيه من الفوائد : ترتيب الوضوء هكذا يكون مرتبا،
أو لا: غسل الكفين ثم المضمضة والاستنشاق ثم غسل الوجه ثم اليدين ثم مسح الرأس ثم غسل الرجلين .
والترتيب واجب في أصح قولي العلماء فلابد من الترتيب لقوله صلى الله عليه وسلم (( ابدأوا بما بدأ الله به )) فنفعل كما فعل النبي .
وفيه أنه لابد من الموالاة إذا توضأ توضأ جميعا لا يتوضأ ثم يترك ثم يتوضأ البقية بل يتوضأ جميعا يوالي بين أعضائه فالموالاة شرط لابد منه لا بد أن يكون الوضوء متواليا
# وفيه من الفوائد شرعية تعليم الناس وضوء النبي صلى الله عليه وسلم فينبغي لأهل العلم أن يعلموا الناس الوضوء بالفعل لأن بعض الناس قد لا يفهم بالقول لكن إذا توضأت عندهم أمام المسجد أو في الصحراء إذا كنت في السفر حتى يروك كان هذا من باب التعليم الفعلي العملي كما فعله عثمان وفعل علي وغيرهم رضي الله عنهم ..
# وفيه من الفوائد بالنظر إلى الروايات الأخرى لهذا الحديث أن الوضوء يكفر الذنوب وأن الصلاة بعده إذا جمع قلبه فيها ولم يحدث فيها نفسه أن هذا من أسباب المغفرة أيضا .
***
الحديث الثامن والثلاثون : وعن علي رضي الله عنه ـ في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم ـ قال ومسح برأسه واحدة . أخرجه أبو داوود وأخرجه الترمذي والنسائي بإسناد صحيح . بل قال الترمذي إنه أصح شيء في الباب .
***
الحديث التاسع والثلاثون : وعن عبد الله بن زيد بن عاصم رضي الله عنهما في صفة الوضوء قال : ومسح رسول الله صلى الله عليه وسلم برأسه فأقبل بيديه وأدبر )) متفق عليه .
الحديث الأربعون : وفي لفظ لهما : بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه .
الحديث الواحد والأربعون : وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما في صفة الوضوء قال : ثم مسح برأسه و أدخل إصبعيه السباحتين في أذنيه ومسح بإبهاميه ظاهر أذنيه )) أخرجه أبو داوود والنسائي وصححه ابن خزيمة .
ش / هذه الأحاديث الثلاثة كلها تدل على أنه عليه الصلاة والسلام كان يمسح رأسه ولم يكن يكرر مسح الرأس وإنما مرة واحدة هذا هو المحفوظ .
ولما روى أبو داوود أحاديث الوضوء وذكر بعض الروايات التي فيها تكرير مسح الرأس قال : الأحاديث الصحيحة ليس فيها تكرار مسح الرأس وهذا هو المحفوظ عند أهل العلم أن مسح الرأس مرة واحدة فقط و أما التكرير المطلق يرجع إلى بقية الأعضاء دون الرأس
وفي كيفية مسح الرأس بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه .
وجاء أنه مسح بأن أدار يده على رأسه كل هذا ورد فسواء فعل هذا أو فعل هذا فكله حسن ولكن أصح ما جاء في الباب حديث عبد الله بن زيد وفيه بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه .
وفيه حديث عبد الله بن عمرو وعن علي أيضا وفي أحاديث أخرى إدخال السباحتين في الصماخين هكذا .. عند مسح الرأس
وهكذا من تمام مسح الرأس لأن الأذنان من الرأس
وابن مسعود أدخل السباحتين وهما الشاهدان في صماخ الأذنين ومسح بإبهاميه ظاهر أذنيه ولو فعل بغير السباحتين أجزأ ولكن هذا هو الأفضل إدخال السباحتين ومسح ظاهر الأذنين بالإبهامين .
***
الحديث الثاني والأربعون : عن أبي هريرة رضي الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( إذا استيقظ أحدكم من نومه فليستنثر ثلاثا ، فإن الشيطان يبيت على خيشومه )) متفق عليه .
الحديث الثالث والأربعون : وعنه (( إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا فأنه لا يدري أين باتت يده )) متفق عليه وهذا لفظ مسلم .
هذا يدل على شرعية الإستنثار ثلاثا . وظاهره غير الإستنثار في الوضوء فيتأكد الإستنثار ثلاثا قبل الوضوء فأن الإستنثار في الوضوء مستقل .
(( فإن الشيطان يبيت على خيشومه )) هذا من جنس الشيطان ومعلوم أن الشياطين تلتمس المواضع القذرة وهي قذرة وتؤول إلى القذر وتدعوا إلى القذر هذا من فعلها
ولما طرد الله الشيطان عن كل خير وصار داعية لكل باطل صار محل الأقذار هي مأواه ومحله في كل شيء .
فسن للمؤمن وشرع له أن يستنثر ثلاثا بالماء لإزالة الأذى الذي هو محل هذا العدو والشياطين لهم تصرفات ولهم ألوان لهم أحوال .الله الذي يعلم بها سبحانه وتعالى . فإن جنس الشياطين في خلقهم وتصرفاتهم و تلوناتهم في جميع الأحوال لا تشبه ما نحن فيه من حال من بني آدم لهم شأن ولهذا قال (( يجري من ابن آدم مجرى الدم )) مع أن الشياطين تأكل وتشرب وتنكح ولها ذرية هذه الأحوال تدل على أن لهم شأنا غير شأننا ولهم حال غير حالنا
قد يتضاءل ويكون روحا مجردة وقد يكون شيئا لطيفا جداً وقد يكون شيئا كبيرا جدا له أحوال .
ولهذا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم هنا أن الشيطان يبيت على خيشومه ومعلوم أن الخيشوم شيء ضيق لا يتسع لأجرام كثيرة فعلم أن للشياطين تصرفات وألوانا وأحوالا لا يعلم كيفيتها إلا الذي خلقهم سبحانه وتعالى وإنما المؤمن عليه الامتثال والطاعة في كل شيء مع قطع النظر عن حالة الشيء الذي أمر من جهة حكمته ومن جهة تفصيله إنما عليه أن يأخذ بما علم من الشرع المطهر وعليه أن يعمل به لأنه عبد مأمور يعلم يقينا أن الذي أمره ، أمره بما فيه صلاحه وسعادته وإنه حكيم عليم (( إن ربك حكيم عليم ))
فإن ظهر له مع هذا حكم وأسرار لهذه المأمورات وهذه المنهيات فأنه علم إلى علم ونور على نور وهدى إلى هدى وإن لم يظهر شيء فهو مستكف بما عنده من العلم العام بحكمة الله عزوجل وأنه إنما يأمر بما فيه مصلحة عظيمة والعاقبة الحميدة للعباد
وإذا لم يتيسر ذلك عند اليقظة كفى استنثاره عند الوضوء فإنه حاصل به فعل المشروع والسنة أن يكرر ثلاثا وهو أبلغ ومعلوم أنه يكفي واحدة ولكن هنا أمر بالثلاث فيتأكد فعل الثلاث لأنه أبلغ في النظافة وإزالة الأذى .
والأصل في الأوامر الوجوب وذهب بعض العلماء إلى الشرعية والاستحباب والأصل في الأوامر الوجوب لا الاستحباب هذا هو الأصل حتى يجئ شيء يخص الأوامر التي ظاهرها الوجوب بأنها ليست للوجوب .
وهكذا الأصل في النواهي التحريم حتى يأتي ما يخصص ويبين أنه ليس للتحريم . وبهذا تعلم أنه يتأكد على المؤمن أن يستنثر ثلاثا إذا قام من نومه عملا بهذا الحديث الصحيح فإذا لم يتيسر ذلك فعله في الوضوء حتى يحصل هذه الفائدة العظيمة وحتى يمتثل هذا الأمر العظيم .
وهكذا الحديث الثاني (( إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده ))
وكذلك لو يعلم أن اليد في جسمها وفي محلها ولكن هذا الشيء يتعلق بعلم الله سبحانه وتعالى وحكمته عزوجل فهو أعلم بأحوالنا وهو اللطيف بعباده وهو العالم بمصالحهم فعلينا أن نمتثل ولأن اليد- الله علم بها- في هذا النوم وإن كنت تعلم أن يدك عندك وأنها في فراشك لا تذهب بعيدا فكونه يصيبها شيء وكونها تبيت على شيء ويطرأ عليها ويمسها شيء هذا إلى الله عزوجل 0
ويمسها عوارض من المكان الذي أنت فيه لا تعلمها أنت ولا تدري أين باتت هل مسها شيء أم لا 0
حتى قال العلماء ولو كانت في جراب ولو كانت في خرقة فإن السنة الامتثال والطاعة فعليك أن تمتثل وإن كنت تعلم في ظاهر أمرك وظاهر عملك حال يدك 0
ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم أمرك بأمر لك فيه مصلحة ولك فيه خير وهو أعلم وهولا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى 0 فالذي أمر به سبحانه وتعالى فيه الخير لك وإن كنت لا تعلم شيئا يوجب ذلك لكن ربك أحكم وأعلم 0 فعليك أن تغسلها قبل أن تدخلها في الإناء0
وظاهر الأمر الوجوب أيضا فينبغي أن لا تدخلها في إناء وضوئك حتى تغسلها ثلاثا
تسمي الله وتغسلها ثلاثا قبل أن تشرع في المضمضة والاستنشاق 0
وعرفت أن الأصل في الأمر الوجوب وليس هناك صارف فينبغي لك أن تنفذ أمر الله عزوجل في هذا الأمر ولو قدر أن الإنسان أدخل يده فإن الصواب أن الماء لا يفسد، الماء طهور لا ينجسه شيء فإذا أدخل يده ولم يغسلها أساء وخالف الأمر ولكن الوضوء صحيح والماء طهور ليس به شيء0
س / هل هذا عند كل وضوء أم بعد النوم ؟
ج / إذا قام من النوم وأما إذا قام من غير النوم فيستحب ويتأكد كذلك 0
س / هل هو عام في كل نوم من ليل أو نهار ؟
ج/ من العلماء من خصصه بنوم الليل وألحق بعض السلف النهار بذلك لأن العلة في النوم ولكن ( بات ) لا تطلق إلا على نوم الليل وبعض العلماء ألحق بذلك نوم النهار لعموم العلة 0 والأولى بالمؤمن أن يفعل ذلك إذا قام من النوم في ليل أو نهار0
ونوم الليل آكد لأنه محل الحديث 0
س/ ما العلة التي تجمع بين نوم الليل والنهار ؟ :
ج / بجامع العلة وهو أن الإنسان في النوم يفقد شعوره بكل شيء بهذا الجامع يعم نوم الليل ونهار في المعنى 0 وغسل اليد يستحب مطلقاً عند القيام من ليل أو نهار كان يغسل يديه صلى الله عليه وسلم ثلاثاً مطلقاً عند الوضوء لكن إذا قام من النوم تأكد أكثر وإن كانت من نوم الليل تأكد أكثر وأكثر
***
الحديث الأربع والأربعون : وعن لقيط بن صبرة رضي الله عنه قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً ) أخرجه الأربعة وصححه ابن خزيمة
الحديث الخامس والأربعون : ولأبي داوود في رواية ( إذا توضأت فمَضمِض )
ش / لقيط بن صبرة ...... ويقال : لقيط بن عامر......
وقد جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسأل ولينتفع فسأل عن أشياء ــ رضي الله عنه وأرضاه ــ وأمره النبي صلى الله عليه وسلم بأشياء ومن ذلك ما جاء هنا ( أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً ) هذا الحديث الصحيح رواه الأئمة الأربعة وغيرهم و أحمد وإسناده جيد الإسناد صحيح وهو يد على شرعية إسباغ الوضوء 0
وإسباغ الوضوء هو إمرار الماء على أعضاء وهو واجب لأنه لا يكون الوضوء وضوءاً شرعياً إلا بإسباغ الوضوء0
وإسباغ الوضوء هو إتمامه وإكماله .
فلا بد من إسٍباغ الوضوء في أعضائه حتى يفعل ما أمره الله به جلا وعلا 0
( وخلل بين الأصابع ) كذلك كونه يوصل الماء إلى الأعضاء أمر لازم والمبالغة في ذلك حتى يتيقن ذلك أمر مشروع للمؤمن ( وخلل بين الأصابع ) لأن الماء قد ينبو بين الأصابع فإذا عمه الماء صار التخليل مستحباً من باب كمال الإسباغ 0
( وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً ) كذلك يستحب لأن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة ولا يبالغ فدل ذلك على أن المبالغة سنة بدليل الوضوء مرة مرة ومرتين مرتين
فلما علمنا أن المرة تكفي علمنا أن المبالغة سنة وقربة وليست بواجبة لكن من باب الكمال
(إلا أن تكون صائماً ) لأن الماء قد يذهب إلى جوفه من آثار المبالغة فينبغي له التوقي وعدم المبالغة التي يخشى منها هذا الشيء 0
بل السنة له أن يتمضمض ويستنشق ولكن بدون مبالغة لئلا يدخل وينحدر الماء إلى جوفه ومن تمام العناية بالوضوء وكماله المبالغة في المضمضة والاستنشاق وتخليل الأصابع ليكون وضوءك كاملا وتكون قد أسبغت الماء في محله
وهكذا رواية (( إذا توضأت فمضمض )) إسناده جيد عند أبي داوود
وفيها دلالة على أن المضمضة مأمور بها .. وقد جاء في فعله صلى الله عليه وسلم فهو تفسير للأمر الشرعي أمر الله في سورة المائدة في قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا إذا أقمتم إلى الصلوة فاغسلوا وجوهكم ... } الآية 0 فإنها داخلة في غسل الوجه لأن المضمضة والاستنشاق من غسل الوجه ومجيء الأمر بها لتأكيد الوجوب 0
وقد جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الصحيحين (( إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم لينتثر )) هذا كله يدل على وجوب الاستنشاق 0
والاستنشاق والمضمضة كلاهما واجب لكن مرة
والثنتان أفضل والكمال ثلاث مرات
وإذا وجب في الصغرى فالكبرى من باب أولى في غسل الجنابة والحيض .. ولهذا كان صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالكبرى وضوء الصلاة ثم يكمل غسل الجنابة وربما أبقى الرجلين إلى آخر شيء فيكملها تعد ذلك كل هذا ورد عنه صلى الله عليه وسلم .
***
الحديث السادس والأربعون : وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخلل لحيته في الوضوء )) أخرجه الترمذي وصححه ابن خزيمة .
عثمان بن عفان رضي الله عنه ثالث الخلفاء الراشدين وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة كانت وفاته رضي الله عنه في ذي الحجة سنة 35 هـ شهيدا قتيلا على يد الظلمة رضي الله عنه وأرضاه وأكرم مثواه .
الحديث هذا أعله بعضهم بأحد رواته لأن في حفظه شيء وصححه آخرون كابن خزيمة وجماعة وله شواهد من حديث أنس رضي الله عنه وغيره .
والحق أن أحاديث التخليل يشد بعضها بعضا وتدل على شرعية التخليل وأنه سنة وإن لم يكن صلى الله عليه وسلم يفعله دائما بل يفعله بعض الأحيان لأنك إذا نظرت في أحاديث الوضوء فوجدتها دالة على ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم ربما توضأ مرة مرة وأمر الماء على لحيته ولم يخللها فدل ذلك على أن التخليل منه وليس بواجب بل يستحب فعله لأنه صلى الله عليه وسلم فعله تارة وتركه تارة . . .
وإذا فعله الإنسان تارة وتركه تارة كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم كان هذا أقرب إلى فعل السنة والتأسي الكامل حتى يعلم غيره أنه ليس بواجب .
والنفوس إذا تعودت شيئاً قد تلزمه حتى تجعله كالأمر الواجب فالشيء الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم وكان يحافظ عليه نحافظ عليه وما فعله تارة وتركه تارة نفعل مثله
وإذا كان الناس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في حاجه إلى أن يتعلموا ويستفيدوا من فعله وتركه فهكذا الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم وفي كل وقت بحاجة إلى أن يستفيدوا من فعل العلماء من الفعل والترك .وفي حاجة إلى أن يستشعروا أن هذا شيء لازم , أو مستحب يجوز تركه حتى لا تجعل المستحب واجبا . . . . . . . . !
***
انتهى الشريط الثاني
الحديث السابع والأربعون : وعن عبد الله بن زيد رضي الله عنه قال : أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بثلثي مد ، فجعل يدلك ذراعيه )) أخرجه أحمد وصححه ابن خزيمة .
ش / عبد الله زيد بن عاصم المازني الصحابي الجليل المشهور وهو الذي روى أحاديث الوضوء وهو غير عبد الله بن زيد بن عبد ربه الأنصاري صاحب الأذان هذا شخص وهذا شخص
قال ((أتي النبي صلى الله عليه وسلم بثلثي مد فجعل يَدْلُك ذراعيه)) أخرجه أحمد و صححه ابن خزيمة
هذا يدل على اختصاره واقتصاده في الماء فكان صلى الله عليه وسلم يقتصد في الماء ولا يكثر صب الماء جاء أنه توضأ بالمد وهنا بثلثي المد . فهذا يدل على أنه كان يقتصد في الماء هذا هو المشروع للمسلم في الوضوء أن يقتصد وأن لا يكثر صرف الماء ولو كان على نهر جار بل السنة الاقتصاد في ذلك وفعل النبي صلى الله عليه وسلم يدل على هذا .
وفيه شرعية العناية بالوضوء بالدلك وهو مسح الشيء والعناية به وإمرار اليد عليه وهذا مستحب وليس بلازم لأن غالب الأحاديث فيها إمرار الماء على الأعضاء بغير دلك . إمرار الماء على الأعضاء هو الإسباغ إذا مرا الماء على الأعضاء هو الإسباغ فإن دلك العضو بأن مسحه بيده ودعكه بيده فهذا مزيد عناية لإزالة ما قد يكون هناك من الأوساخ ولعل هذا يستحب عند دعاء الحاجة إليه فلعله دلك لدعاء الحاجة إليه فإنه وإن كان قليلا فإن الدلك لا ما نع منه إذا دعت الحاجة إليه وسبق لك أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد يفعل بعض الشيء تارة ويدعه أخرى لبيان الجواز والمهم إسباغ الماء وأن لا يكون مسحا وهو إمرار الماء هذا هو الواجب وإذا دلك بعض الأحيان أو دعت الحاجة إلى الدلك فلا بأس بذلك وهذا سنة وليس بواجب بدليل أنه تركه في كثير من الأحيان ـ عليه الصلاة والسلام .
دلك يدلُك من باب نصر ويحتمل على قاعدة بعض أهل اللغة أنه يجوز فيه الوجهان فإن بعض أئمة اللغة على القاعدة : إذا تجاوزت الأفعال المشهورة بالضم والكسرة مضارعها فما سوى ذلك يكون فيه الضم والكسر يفعِـل ويفعُـلُ .
ورواها صاحب القاموس وغيره من باب نصر دلك يدلك
***
الحديث الثامن والأربعون : أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ لأذنيه ماءا غير الماء الذي أخذه لرأسه . أخرجه البيهقي وهو عند مسلم من هذا الوجه بلفظ : ومسح برأسه بماء غير فضل يديه وهو المحفوظ .
هذا يستدل به إن صح سنده على استحباب أخذ ماء للأذنين غير ماء الرأس ، والمحفوظ عنه صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة مثل حديث عبد الله بن عمرو المتقدم وغيره أنه كان يمسح رأسه بماء واحد مع الأذنين هذا هو المحفوظ في الأحاديث الصحيحة أنه كان يمسحهما بالماء الذي أخذه لرأسه
لكن إن صح حديث البيهقي ـ هذا ـ فيكون من فعله صلى الله عليه وسلم بعض الأحيان يفعله و بعض الأحيان يتركه ولم يتيسر لي مراجعة البيهقي ومن روى هذا الحديث . . . .
لكن ظاهر كلام الحافظ أنه غير محفوظ أخذ ماء للأذنين ولهذا قال بعده : وأصله في مسلم من هذا الوجه بلفظ(( ومسح برأسه بماء غير فضل يديه )) هذا هو المحفوظ
يعني أنه صلى الله عليه وسلم كان يمسح رأسه بماء جديد غير الماء الذي بقي في يديه من غسل ذراعيه
وهذا لا شك أنه ثابت في الأحاديث أنه كان يأخذ ماءا جديدا غير الماء الذي أخذه من أجل الذراعين .
هذا هو الثابت في الأحاديث الصحيحة
هذا هو الواجب أما أخذ ماء للأذنين فهو محل نظر .
وكان ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ يأخذ لأذنيه ماءا جديدا ولا شك في جواز ذلك لا بأس أن يأخذ لهما ماءا جديدا ولا سيما إذا كان الماء الذي في يديه ضعيف استغرقه الرأس ويبست اليدان يأخذ لهما ماءا جديدا أما إذا كانت اليدان رطبتين كفى مسح الأذنين بماء الرأس
أما كون ذلك من السنة في بعض الأحيان وأنه يستحب أن يأخذ ماءا جديدا في بعض الأحيان هذا يحتاج إلى العناية برواية البيهقي وما جاء في معناها فإن ثبتت فإنها الأصل وأن الأذنين تمسحان بماء الرأس هذا هو الأفضل هذا هو المحفوظ المعروف لكن لا مانع من مراجعة رواية البيهقي وما جاء معناها للتثبت في الأمر لان كونه صلى الله عليه وسلم
مسح رأسه بماء مستقل لا يمنع من مسح أذنيه بعض الأحيان بماء جديد إذا ثبت به السند
* وقد سبق لك أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد يخلل لحيته بعض الأحيان ويتركها في بعض الأحيان لبيان السنة وأن التخليل ليس بواجب
وهكذا تخليل أصابع اليدين والرجلين تقدم أنه سنة لأنه لم يكن يخلل في كل الأحاديث وفي ظاهر كثير من الأحاديث أنه يغسل القدمين والذراعين غسلة واحدة من دون ذكر التخليل لبيان الجواز وأن المرة تكفي والثنتان أفضل والثلاث أفضل من ذلك كله
***
الحديث التاسع والأربعون : وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (( إن أمتي يأتون يوم القيامة غرا محجلين من أثر الوضوء فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل )) متفق عليه واللفظ لمسلم .
ش / وفي رواية ( غرته وتحجيله فليفعل )
هذا يدل على فضل الوضوء وأن هذه الأمة تأتي يوم القيامة وعلامتها أنها غر محجلة يعني من آثار الوضوء
لأن الله تعالى قد خصها بهذا الأمر العظيم وجعله علامة عليها . وهذا يدل على فضل الوضوء وأن هذه الأمة لها ميزة ولها علامة يوم القيامة وهي أنها تأتى غرا محجلة بسبب وضوئها الذي شرعه الله لها جل وعلا
أما قوله ( من استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل ) وفي رواية ( وتحجيله فليفعل )
فاختلف الناس في ذلك فقال قوم من أهل الحديث أنه محفوظ وأنه مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم واستحبوا إطالة الغرة والتحجيل 0
* وإطالة الغرة : أن يأخذ بعض الرأس في غسل الوجه
وإطالة التحجيل : أن يأخذ بعض العضدين وبعض الساقين وما زاد من ذلك فهو أفضل وجاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان يمد في غسل ذراعيه إلى الإبطين وفي غسل رجليه إلى الركبة ولا سيما إذا خلا ولا يفعله إذا كان عنده أحد هذا من اجتهاده رضي الله عنه وأرضاه ويتأول هذه الرواية
* وقال آخرون : ليس هذا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم بل هذا مدرج من كلام أبي هريرة رضي الله عنه فهمه من قوله ( غرا محجلين ) فزاد من كلامه ( فمن استطاع منكم ....) إلى آخر الحديث وأن هذا من كلامه الموقوف المدرج وليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم لأن إطالة الغرة غير متيسرة لأن الوجه مستقل والرأس مستقل فإذا أطال وزاد أخذ من الرأس ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحفظ عنه أنه أطال التحجيل ولا الغرة بل كان يغسل الذراعين فقط والمرفقين ثم يشرع في العضد لإدخال المرفق ويشرع في الساقين لإدخال الكعب فقط كما رواه مسلم في الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه 0
كان إذا توضأ غسل ذراعيه حتى يشرع في العضد وإذا غسل الرجلين شرع في الساق
وهذا للدلالة على إدخال المرفقين والكعبين في الوضوء وأنهما مغسولان تبع الذراع وتبع القدم
أما أن يمد الذراع إلى الإبط أو ما حول ذلك فلا وهكذا في الساق لم ينقل عنه أنه كان يمد في غسل الساق فدل ذلك على أنه من كلام أبي هريرة رضي الله عنه وأنه مدرج ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وقد أطال في هذا العلامة ابن القيم رحمه الله وبسط القول وأيد هذا القول0
وفي رواية للإمام أحمد رحمه الله عن نعيم المجمر الراوي لهذا الحديث أنه يشك هل هذه الكلمة من كلام النبي صلى الله عليه وسلم أو من كلام أبي هريرة رضي الله عنه
ورواه عدد وجماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكروا هذه الزيادة ( من استطاع منكم ) بل اقتصروا على قوله ( من آثار الوضوء ) وهذا يؤيد أن الزيادة من كلام أبي هريرة لا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وهذا هو الأرجح والأظهر أنه ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم بل هو من كلام أبي هريرة رضي الله عنه أدرجها في الحديث 0 وأنه لا يستحب أن يطيل في غسل الساق ولا في غسل العضدين ولكن يغسل المرفقين مع الذراع ويغسل الكعبين مع القدم كما ثبت في الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك 0
* ويكون معنى ( إلى ) بمعنى ( مع ) ( إلى المرفقين ) أي مع المرفقين ( إلى الكعبين ) أي مع الكعبين
فالسنة تفسر القرآن وتوضح معنى القرآن الكريم
وهذا مثل قوله جل وعلا ( ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم ) أي مع أموالكم 0
***
الحديث الخمسون : وعن عائشة رضي الله عنهما قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم (( يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله )) متفق عليه وفي رواية أخرى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب التيمن ...... الخ
ش / هذا يدل على شرعية التيامن في الأشياء وعدم البداءة باليسار وأن الأفضل هو التيمن في التنعل فيبدأ باليمنى حين ينتعل ، ويبدأ بالشق الأيمن حينما يترجل يرجل رأسه ، وحين يحلق كما في الصحيح أنه بدا بالشق الأيمن لما حلق في حجة الوداع 0
وهكذا في طهوره يبدأ باليمنى في يديه وفي رجليه وشقه الأيمن في الغسل
( وفي شأنه كله ) وهذا يدل على أن الأفضل البداءة باليمين في كل شيء مقصود له شأن بخلاف غير المقصود المفضول بخلاف المستقذر بخلاف إزالة النجاسات والأوساخ فإنها تبدأ باليسار هذا هو المعروف من سنته علي الصلاة والسلام 0
الشيء الأفضل يكون باليمين كالنعلين والخفين والقميص والسراويل يبدأ بالأيمن عند اللبس وعند الخلع يبدأ بالأيسر حتى تكون اليمنى أول ما تنعل وآخرهما تخلع وهكذا في القميص والسراويل ونحو ذلك وهكذا في دخول المسجد يقدم اليمين بخلاف الخروج0
وعكسه في دخول محل قضاء الحاجة فإنه مستقذر مرذول فيبدأ باليسار وسيأتي هذا في أحاديث كثيرة كون اليمنى لأكله وشربه وطهوره وأخذه وعطائه إلى غير ذلك والطهور كذلك مقصود فيبدأ بالأيمن 0
أما ما يستقذر كالاستنثار يكون باليسار وكإزالة النجاسة تكون باليسار وكالاستنجاء والاستجمار يكون باليسار فإنه مستقذر هذا هو الجمع بين نصوص الباب وهو كون اليمين للأفضل والمقصود، واليسار لغير المقصود ولغير الأفضل وللمستقذر
وإذا جمعت أحاديث الباب وجدتها تدور على هذا 0
والله سبحانه وتعالى أعلم 0
***
الحديث الواحد والخمسون : وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إذا توضأتم فابدأوا بميامنكم ) أخرجه الأربعة وصححه ابن خزيمة
ش / هذا يدل على وجوب البداءة باليمين مما له يسار، في يديه وفي قدميه وهذا هو المعلوم من فعله صلى الله عليه وسلم فإنه صلى الله عليه وسلم كان يبدأ باليمنى في يديه ورجليه قبل اليسرى وهذا هو المحفوظ عنه صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة من حديث عثمان رضي الله عنه ومن حديث عبد الله بن زيد بن عاصم ومن حديث علي رضي الله عنه وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص وغيرهم رضي الله عنهم ـ
وفعله يفسر قوله جل وعلا (( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين )) فكما أنه يفسر الترتيب والموالاة فهو يفسر أيضا الترتيب بين اليدين والقدمين وفعله e مفسر لما أجمل في القرآن الكريم في الوضوء والغسل وغير ذلك مما أجمل في كتاب الله عزوجل في الصلاة والزكاة والحج وغير هذا فكذلك الوضوء وهذا هو الذي عليه أهل العلم وهو ظاهر السنة وظاهر القرآن فإن السنة تفسر القرآن وتبين معناه 0
وذهب بعضهم إلى أن ذلك للسنية فقط وإن الترتيب بين اليمنى واليسار للأفضلية فقط وهو قول مرجوح والصواب الأول وأنه للوجوب وهو ظاهر السنة وهذا هو المستفيض عنه عليه الصلاة والسلام لهذا الحديث وما جاء في معناه 0
وزاد البيهقي وغيره ( إذا توضأتم ولبستم )) وهذا كما تقدم في حديث عائشة رضي الله عنهما أن السنة البداءة باليمين (( كان يعجبه التيمن في تنعله وترجله وفي طهوره وفي شأنه كله )) والسنة فيما له يمين ويسار البداءة باليمين في اللبس والبداءة باليسار في الخلع كالقميص والسراويل والخفين والنعلين وغير ذلك مما له يمين ويسار يبدأ باليمين في اللبس وباليسار في الخلع هذا من سنته صلى الله عليه وسلم والآداب الشرعية التي جاء بها المصطفى صلى الله عليه وسلم كما يبدأ باليمين في الأكل والشرب والمصافحة والأخذ والعطاء ونحو ذلك 0
***
الحديث الثاني والخمسون : وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح بناصيته وعلى العمامة والخفين ) أخرجه مسلم
المغيرة بن شعبة الثقفي رضي الله عنه وأرضاه ( فمسح بناصيته وعلى العمامة والخفين )هذا يدل على شرعية المسح على الخفين وعلى العمامة وهذا سنة قد جاءت بها أحاديث كثيرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم روى المسح عن النبي e جماعة كثيرة من الصحابة رضي الله عنهم من قوله وفعله عليه الصلاة والسلام حتى قال بعضهم أنهم بلغوا سبعين صحابياً ما بين ناقل للفعل وبين ناقل للقول 0
لأن المسح على الخفين قد تواترت به السنة وذكره أهل السنة في العقائد خلافاً للرافضة فإن الرافضة لا يمسحون بالخفين ويمسحون على القدمين خالفوا أهل السنة في الأمرين جميعاً أما أهل السنة والجماعة فقد عملوا بالكتاب والسنة وتابعوا ما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم فعلا وتركا فهم أولى الناس بكل خير خلاف أهل البدع .
والمسح مؤقت وليس مطلقا ، بل هو يوم وليلة للمقيم وثلاثة بلياليها للمسافر .
* وقد احتج بعض الناس بهذا الحديث على الاكتفاء ببعض الرأس والمؤلف ذكره هنا لهذا الغرض وإلا فالمسح على الخفين وعلى العمامة له باب يأتي ولكن لا حجة فيه لمن زعم ذلك كالشافعية والحنفية يرون الاكتفاء ببعض الرأس .
وذهب الإمام مالك رحمه الله وأحمد وجماعة من أهل الحديث والفقهاء إلى وجوب تعميم الرأس بالمسح وهذا هو الصواب كما في حديث عبد الله بن زيد وحديث عثمان وغير هما فإن الرسول صلى الله عليه وسلم مسح الرأس وعمم بدأ بمقدم الرأس ثم ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه وهذا هو المشروع التعميم وعدم الإكتفاء بالبعض .
وأما حديث المغيرة فليس فيه الإكتفاء بالبعض فإنه صلى الله عليه وسلم مسح على الناصية وكمل على العمامة فلم يقتصر على الناصية حتى يحتج به على جواز المسح للبعض . فإذا كان عليه عمامة مسح بعض رأسه وعلى العمامة .
وإذا كان الرأس مكشوفا مسحه كله هكذا جاءت السنة عن الرسول عليه الصلاة والسلام وليس لمن اكتفى بالبعض حجة يحسن المصير إليها .
بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من التعميم لمسح الرأس .
والواجب هو الأخذ بما ثبت من التعميم عن الرسول صلى الله عليه وسلم لمسح الرأس . إلا إذا كان عليه عمامة شرعية فإنه يمسح ما ظهر من الناصية ويكتفي بمسح الباقي فوق العمامة جمعا بين السنتين .
وأما الخفان فيمسح ظاهرهما بيديه اليمنى على اليمنى واليسرى على اليسرى وكيف مسح أجزأ كما سيأتي إن شاء الله .
***
الحديث الثالث والخمسون : وعن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم قال صلى الله عليه وسلم ( ابدأوا بما بدأ الله به) أخرجه النسائي هكذا بلفظ الأمر وهو عند مسلم بلفظ الخبر .
ش / جابر بن عبد الله بن حرام الأنصاري وهو صحابي ، وأبوه صحابي وأبوه قتل يوم أحد شهيدا رضي الله عنه وأرضاه .
وجابر أحد المكثرين من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث الحج روى غالب ما جاء في الحج رضي الله عنه وأرضاه . وحديثه في الحج منسك مستقل وسيأتي في محله في كتاب الحج إن شاء الله
ومن ذلك أنه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( ابدأوا بما بدأ الله ) هكذا رواه النسائي بلفظ الأمر ورواه مسلم بلفظ الخبر ( أبدأ بما بدأ الله به ) لما أتى الصفا رقيها ( إن الصفا و المروة من شعائر الله ) قرأ الآية وأول الآية . ـ ثم قال أبدأ بما بدأ الله به وفي لفظ آخر ( نبدأ بما بدأ الله ) ولفظ النسائي وأبي داوود ( ابدأوا بما بدأ الله ) .
احتج بهذا على أن ما ذكره الله قولا وبدأ به نبدأ به فعلا فكما بدأ في الوضوء بالوجه
( فاغسلوا وجوهكم ) نبدأ بالوجه بالوضوء فعلا
بدأ به ربنا سبحانه وتعالى ذكرا وخبرا وأمرا فنبدأ به فعلا . لولا أنه هو الأهم لما بدأ به في أمره جل وعلا في قوله تعالى ( إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم )) الآية . فنبدأ بما بدأ الله به نغسل الوجه أولا ثم اليدين ثم مسح الرأس ثم الرجلين وهكذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم فإنه رتبها هكذا كما بدأ الله عزوجل فوجب علينا التأسي به صلى الله عليه وسلم والسير على ما سار عليه والترتيب كما رتب عليه الصلاة والسلام 0
***
الحديث الرابع والخمسون : وعنه رضي الله قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم ((إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه )) أخرجه الدارقطني بإسناد ضعيف 0
ش / أخرجه الدارقطني بإسناد ضعيف لأن في إسناده من لا يحتج به 0
والمؤلف ذكره هنا ليعلم حاله وأنه ضعيف لكنه رحمه الله لم يذكر ما يقوم مقامه في الدلالة على أن المرفقين وأن الكعبين داخلان في الغسل فذكر هذا الحديث الضعيف ولم يذكر ما يقوم مقامه في الدلالة على هذا الأمر وقد روى مسلم في الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه أنه توضأ فلما غسل يديه أشرع في العضد ولما غسل رجليه أشرع في الساق وقال هكذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ ـ عليه الصلاة والسلام فهذا يدل على أن المرفق مغسول وأن الكعب مغسول وأن قوله ( إلى الكعبين ) ( إلى المرافق ) بمعنى ( مع ) أي مع المرفقين ومع الكعبين 0 كما في قوله عزوجل ( ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم ) أي مع أموالكم 00
فالسنة تفسر القرآن وتبين أن (إلى) داخل ما بعدها فيما قبلها، والقاعدة أن مابعد (إلى) لا يدخل فيما قبلها بل هي للنهاية، ما بعدها غير داخل فيما قبلها إلا بدليل كما في قوله جل وعلا ( ثم أتموا الصيام إلى الليل ) الليل ليس محلا للصيام إذا جاء الليل أفطر الصائم أما هنا فما بعدها داخل فيما قبلها ( وأيديكم إلى المرافق ) أي مع المرافق , وأرجلكم إلى الكعبين أي مع الكعبين بدليل فعل النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يشرع في العضد وفي الساق فدل على أنها أن الكعبين والمرفقين مغسولان والله سبحانه وتعالى .
***
الحديث الخامس والخمسون : وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه )) أخرجه احمد وأبو داوود و ابن ماجه بإسناد ضعيف .
ش / وهذا الحديث له طرق وألفاظ منها ( لا صلاة إلا بوضوء ولا وضوء لمن يذكر اسم الله ) ولكنها كلها ضعيفة عند أهل العلم وكذلك حديث سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ابن عم عمر بن الخطاب رضي الله تعالى وحديث أبي هريرة رضي الله عنه لكنها كلها مدارها على ضعفاء فلهذا قال أهل العلم رحمهم الله تعالى :
لا يثبت في هذا الباب شيء أي لا يثبت في باب نفي الوضوء لمن يذكر اسم الله عليه شيء ومن أجل هذا ذهب الجمهور إلى أن التسمية لا تجب وإنما تستحب فقط لأن الأحاديث فيها ضعيفة .
وذهب قوم إلى وجوب التسمية مع الذكر وسقوطها مع النسيان أخذا بهذه الأحاديث التي جاءت وإن كان فيها ضعف لكنها كثيرة
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله : مجموعها يقضى بأن لها أصلا وأن الحديث حسن من أجل تعدد الطرق .
وقد قالوا في الضعيف الذي لا تصل درجته إلى السقوط ليس ضعفه من أجل شذوذه ولا من أجل أن فيه كذابين متروكين وإنما ضعفه من أجل سوء حفظ بعض الرواة قالوا : أنه إذا تعددت طرقه يرتفع إلى درجه الحسن والقبول
كما قال الحافظ ابن حجر في النخبة :
ومتى توبع السيء الحفظ بمعتبر وكذا المستور والمرسل والمدلس صار حديثهم حسنا لا لذاته بل بالمجموع
وقال الحافظ العراقي في الألفية :.
فإن يُقل يُحتج بالضعيف فقل إذا كان من الموصوف
رواته بسوء حفظ يجبر بكونه من غير وجه يُذكر
وإن يكن لكذب أو شذا أو قوى الضعف فلم يجبر ذا
فالمقصود أنه إذا كان لسوء لحفظ انجبر بطرق وارتفع إلى درجة المقبول لأن المقبول عند أهل الحديث أربعة أقسام :
القسم الأول : الصحيح لذاته وهو الذي استقامت طرقه لأنه رواية جيدة من طريق الثقات الأثبات مع اتصال السند ومع تمام الحفظ ومع عدم الشذوذ والعلة هذا يقال له الصحيح لذاته لأنه جاء من رواية عدل عن عدل تام الضبط متصل السند غير معلل ولا شاذ
- والثاني : الحسن لذاته وهو مثل الصحيح لذاته إلا أن رواته في الحفظ دون رواة الصحيح يعني حفظهم أقل مع كونهم ضباطا حافظين .
والثالث : الصحيح لغير ذاته وهو الحسن إذا تعددت طرقه فهو الصحيح لغير ذاته بل لغيره
والرابع : الحسن لغير ذاته بل لغيره إذا تعددت الطرق فهي أربعة أقسام وهذا القسم الرابع محل نظر كثير ما تلتبس فيه الآراء لاختلاف الطرق التي تعددت فلهذا تجد بعضهم يحسنه وبعضهم يضعفه بحسب ما وصل إليه من العلم في ضبط الراوي وعدم ضبطه وفي اتصال السند وعدم اتصاله وفي جهالة الراوي وفي عدم جهالته فمن أجل ذلك تختلف آراؤهم رحمة الله عليهم في هذا القسم الرابع .
فهو مما يستشهد به ولكن لا يعتمد عليه في الأصول فهي من قبيل أحاديث الترغيب والترهيب ومن قبيل الإعتضاد والاستشهاد هذا هو أحسن ما قيل فيه .
ولهذا فالوضوء ينبغي فيه التسمية ولكنها وجوبها فيه نظر مع الذكر وذهب أحمد رحمه الله في رواية تجب مع الذكر وتسقط مع النسيان وذهب الجمهور مالك والشافعي وأبو حنيفة وغيرهم إلى أنها لا تجب لضعف هذه الأحاديث كما عرفت وأنها لا تثبت كما قال أحمد بسبب ما اعترى أسانيدها من ضعف وبهذا يكون أعدل الأقوال أن التسمية متأكدة وأما الوجوب فمحل نظر ولكنها متأكدة ولا يحسن تعمد تركها بل يشرع له أن يأتي بها في أول الوضوء هذا هو الأحوط والأولى فإن تركها فالصواب عدم بطلان الوضوء فالوضوء صحيح ولكن ترك ما ينبغي فعله إذا تعمد ذلك .
***
والحديث الثاني : حديث طلحة بن مصرف اليماني
الحديث السابع والخمسون : وعن طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفصل بين المضمضة والاستنشاق أخرجه أبو داوود بإسناد ضعيف .
طلحه إمام معروف ثقة عند الشيخين . لكن مصرفا أبوه مجهول عند أهل العلم لا يعرف ولهذا ضعف الأئمة رواية طلحة عن أبيه عن جده وقالوا إنها رواية منكره مجهولة لا تعرف وهذا السند ليس بشيء عند أهل العلم وإن كان نفس طلحة جيد وثقة معروف لكن روايته عن أبيه وعن جده ليست بشيء عند أهل العلم لأن أباه غير معروف بل هو مجهول فتكون الرواية ضعيفة ولهذا قال المؤلف رحمه الله بإسناد ضعيف . لأجل جهالة مصرف والد طلحة وعدم معرفة أهل العلم له وعدم توثيقهم له فهو حديث ضعيف
وفيه أنه كان يفصل بين المضمضة وبين الاستنشاق يعني النبي صلى الله عليه وسلم . والفصل بينهما أن يأخذ للمضمضة غرفة وللاستنشاق غرفة هذا هو الفصل يعني يمضمض من كف لهذا ومن كف لهذا هذا هو الفصل .
فيكون للمضمضة ثلاث غرف وللاستنشاق ثلاث غرف الجميع ست إذا كمل الغسلات ثلاثا هذا على رواية الفصل .
وإما على رواية علي فإن المتوضئ يمضمض بكف واحدة ويستنشق بكف واحدة بعض الكف للمضمضة وبعضها للاستنشاق
. وفي حديث عبد الله بن زيد صراحة في ذلك . إذا توضأ استنثر ثلاثا بثلاث غرفات هذه واضح في أن كل غرفه بعضها للمضمضة وبعضها للاستنشاق هذا هو معنى حديث عبد الله بن زيد في الصحيحين
وحديث على بمعناه ومن جنسه إلا أن رواية على رضي الله عنه قد يستشعر منها أنها كف واحدة ثلاث مرات وبهذا قال بعض أهل العلم أن تمضمض واستنشق بكف واحدة ثلاث مرات بغرفة واحدة وهذا مستبعد جدا وحمله على هذا المعنى فيه بعد جدا فإن المتوضئ من غير الممكن أن يتمضمض ويستنشق من كف واحدة ثلاث مرات لأن الماء يسقط ويذهب من اليد ولا يبقى للثانية والثالثة 0
فالأقرب والله أعلم أنه في حديث علي من جنس حديث عبد الله بن زيد والمعنى يتمضمض ويستنشق ثلاثا يعني يعيدها يتمضمض ويستنشق بكف واحدة الأولى ثم ثانيا يعيدها ثم ثالثا .
وليس المعنى أنه يستنشق ويتمضمض من كف واحدة يكررها ثلاثا من الكف فإن الماء لا يبقى ولا يستقر .
أما رواية الفصل فقد عرفت أنها ضعيفة وقال صاحب عون المعبود أن أبا يعلى روى في صحاحه الفصل كما في رواية طلحة هذا ينظر فيه فإن ثبت ما رواه أبو يعلى أو غيره من الفصل فتكون صفة ثانيه في المضمضة والاستنشاق وأنه يتمضمض ويستنشق ثلاثا بكل واحدة
يتمضمض ثلاثا بثلاث غرفات وللاستنشاق منها ثلاث غرفات هذا هو الأفضل وأن اكتفى بواحدة أو اثنتين فلا بأس كما تقدم . لأن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة ومرتين مرتين وثلاثا ثلاثا وكله سنة ولكن الكمال ثلاثا هذا هو الكمال . وإن تمضمض واستنشق مرة فقط أو مرتين فقد حصل على السنة وأدى الواجب .
وإن تمضمض تارة مرتين وتارة ثلاثا وتارة مرة فلا بأس كل هذا فعله النبي صلى الله عليه وسلم والله سبحانه أعلم .
***
الحديث الستون : وعن أنس رضي الله عنه قال : رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا وفي قدمه مثل الظفر لم يصبه الماء فقال : أرجع فأحسن وضوءك )) أخرجه أبو داوود النسائي .
أنس بن مالك بن النضر الأنصاري الخزرجى المعروف خادم النبي صلى الله عليه وسلم كانت وفاته سنة 92 أو 93 هـ في آخر القرن الأول ومتعه الله وعمره فوق المائة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في قدم إنسان مثل الظفر لم يصبه الماء فقال: ارجع فأحسن وضوءك )) أخرجه أبو داوود والنسائي بإسناد جيد . وهكذا رواه مسلم
أيضا في صحيحه عن جابر عن عمر رضي الله عنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا في قدمه مثل الظفر لم يصبه الماء فقال ارجع فأحسن وضوءك . فرجع فتوضأ وفي لفظ أن عمر رضي الله عنه نفسه هو الذي رأى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك عليه .
وفي مسند احمد وسنن أبي داوود عن خالد بن معدان عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا في قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء فأمره أن يعيد الصلاة والوضوء هكذا أخرجه أبو داوود / وأخرجه احمد بلفظ أن يعيد الوضوء وسنده جيد عند احمد فإنه من رواية بقية بن الوليد وهو مدلس ولكنه صرح بالسماع عن شيخه بخيت بن سعد عن خالد بن معدان عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم .
هذه الأحاديث الثلاثة وما جاء في معناها عن أنس عند أبي داود والنسائي وحديث عمر عند مسلم وحديث بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عند أحمد وأبي داود كلها تدل على وجوب الموالاة وأن الواجب في الوضوء الموالاة لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر من تخلف بلمعة أن يعيد الوضوء وأن يحسن وضوءه ولم يقل له أغسل هذه اللمعة فقط ويكتفي بذلك فدل على أن الموالاة لا بد منها وأن يكون الوضوء متواليا أعضاؤه متوالية في الغسل ولهذا أمره أن يعيد الوضوء وهذا والله أعلم كان بعد طول المدة كان قد مضى وقت حتى حكم عليه بأنه فاتته الموالاة ولهذا أمر بإعادة الوضوء والصلاة أما لو تنبه في الحال على اللمعة التي في قدمه فإنه يغسلها في الحال ويكفي .. إذا كان الوضوء متواليا كفى لكن إذا طال الأمد ويبست الأعضاء وطال الوقت عرفا فإنه يأتي به من أوله لهذه الأحاديث الثلاثة وما جاء في معناها وهي حجة لقول من قال باشتراط الموالاة في الوضوء وهو القول الصواب كما يشترط الترتيب في الوضوء فهكذا الموالاة بين أعضائه حال الغسل ..
وعنه أيضا رضي الله تعالى عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بمد ويغتسل بالصاع إلى خمسة إمداد متفق عليه .
هذا يدل على اقتصاده صلى الله عليه وسلم في الوضوء والغسل وأنه كان يقتصد والسنة الاقتصاد في الماء وعدم الإسراف والكثرة ولو كان الماء ميسرا ولو كان على ساقية أو نهر فالسنة الاقتصاد وعدم الغرف الكثير الذي لا حاجة إليه بل يقتصد في الوضوء والغسل أيضا هذا هو السنة ولهذا كان يغتسل بالمد . والمد معروف وهو ربع الصاع وهو حفنة اليدين الممتلئتين 0 والإناء الذي يسع حفنة اليدين يقال له مد والإناء الذي يسع أربع حفنات يقال له صاع هـ
وكان يتوضأ بالصاع إلى خمسة أمداد يعني قد يكتفي بالصاع وقد يزيد مدا خمسة أمداد .
جاء عن عائشة رضي الله عنه قالت كنا نغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء يقال له الفرق وهذا يسع ثلاثة آصع ولا يلزم أن يكون ممتلئا .
الحاصل أن غسل النبي صلى الله عليه وسلم كان بهذا المقدار صاع إلى خمسة أمداد أو ما يقارب ذلك و وضوؤه كان بالمد وما يقاربه 0 وتقدم الحديث في الصحيح أنه توضأ بثلثى مد أي مد إلا ثلثا 0
فدل ذلك على أنه كان يقتصد غايةً في الوضوء عليه الصلاة والسلام 0
وسبق لك أنه توضأ مرة مرة ومرتين ومرتين وثلاثا وثلاثا 0 أو مختلفا غسل بعض الأعضاء مرتين وبعضها ثلاثا 0 فدل على التوسعة في ذلك وأنه ينبغي للمؤمن أن يراعي الاقتصاد وعدم الإسراف في وضوئه اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم 0
***
الحديث الثاني والستون : وعن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم يقول : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له 0 وأشهد محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء ))أخرجه مسلم والترمذي 0 0
وزاد ( اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين)
عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمير المؤمنين الخليفة الراشد المعروف الملقب بالفاروق لأنه فرق الله به بين الحق والباطل قال فيه صلى الله عليه وسلم يا ابن الخطاب ما سلكت فجا إلا سلك الشيطان فجا غير فجك 0 وهو أفضل الخلفاء بعد الصديق رضي الله عنه وثاني الخلفاء الراشدين وثاني العشرة المشهود لهم بالجنة رضي الله عنهم وأرضاهم 0
يقول أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول (( ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء أي يبلغ الوضوء و يكمله ثم يقول ( أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له الأبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء ))
هذا يدل على فضل هذه الشهادة وأنه يستحب للمؤمن أن يقول هذه الشهادة وهذا في حق من قالها بصدق وإخلاص وإيمان بمعناها أن الله سبحانه وتعالى هو الواحد لا شريك له جل وعلا وأن محمدا هو رسول الله حقا عليه الصلاة والسلام ومن قال هذه الشهادة بصدق وإخلاص كانت سببا في دخول الجنة ونجاته من النار إذا مات عليها .
وفي قولها صادقا مخلصا تفتح له أبواب الجنة هذا يدل على فضل هذه الشهادة العظمية وأنها من أسباب دخول الجنة لمن أتى بها صادقا مخلصا لأن الصدق فيها يستلزم أداء فرائض الله واجتناب محارم الله والوقوف عند حدود الله . ولأن ذكرها والكلام فيها من أسباب التذكير بالحق وأسباب تحريك القلب إلى طاعة الله ورسوله . فهي أصل الدين وأساس الملة ولهذا رتب الله عليها من الخير مالم يرتب على غيرها . لكونها هي الأساس العظيم الذي متى صلح صلحت الأعمال ومن فسد فسدت الأعمال .
# زاد الترمذي رحمه الله في روايته بعد الشهادتين ( اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين )) وهذه الرواية عند الترمذي سند ها جيد صحيح عند الترمذي . فيستحب أن يقول المؤمن عند فراغه من الوضوء (( أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين ) كما يستحب له ويشرع له التسمية عند أوله . هذا هو الثابت في الوضوء يسمي في أوله ويتشهد في آخره .
أما ما يقوله بعض الناس من الدعوات عند أعضاء الوضوء عند غسل وجهه يقول اللهم بيض وجهي وعند غسل يديه يقول اللهم اجعل كتابي بيميني وعند مسح رأسه يقول اللهم .... وعند غسل قدميه يقول ثبت قدمي عند الصراط هذا لا أصل له هذه الدعوات لا أصل لها من السنة ولم ترد ذكر بعض العلماء كابن القيم وغيره أنها كلها باطلة موضوعة ليس لهذا أصل لهذه الدعوات عند هذه الأعضاء
بل المشروع المحفوظ أن يسمى الله في أول الوضوء ويتشهد في آخره ويقول اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين هذا هو المحفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم
***
الحديث الثامن والستون : وعن ثوبان رضي الله عنه قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم
سرية فأمرهم أن يمسحوا على العصائب يعني العمائم والتساخين يعني الخفاف .
رواه أحمد وأبو داود وصححه الحاكم .
ش / ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم
هذا من دلائل المسح على الخفين والعمائم وأنها من السنة كما تقدم في حديث المغيرة بن شعبة ومن حديث صفوان وحديثي علي رضي الله تعالى عنهم هذه الأحاديث الأربعة المتقدمة كلها تدل على شرعية المسح على الخفاف وتقدم لك أنه قول أهل السنة والجماعة وأنه جاء فيه من السنة من الأقوال والأفعال ما يقارب سبعين أثرا وحديثا وأنه من الأمور المتواترة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي تلقاها أهل السنة بالقبول وعدوها في العقائد من أجل خلاف الشيعة الذين أنكروا المسح وفي هذا يؤيد ما تقدم من شرعية المسح على الخفين وهي التساخين . جمع تسخان مثل تماثيل جمع تمثال والأخفاف لها أسماء : الخفين والموقين والتساخين وغير ذلك ومن الأسماء الجديدة الزرابيل والجرموقين فالمقصود أنها تسمى بعدة أسماء .
وبعضهم يجعل بينها وبين بعضها اختلاف في الصفات بجمع بينها أنها من الجلد . بخلاف الجوارب فإنها من القطن أو الصوف
أما الأخفاف والتساخين والموق فكلها من الجلد ولكن بعضها يكون ظاهر كثيرا وبعضها تغطى الكعبين تختلف في كيفياتها وصفاتها مع كونها مجتمعة في حد ذاتها على أنها تستر القدمين مع الكعبين ويتقى بها برد الأرض وحرها ويتقى بها الأشواك التي في الأرض والوعورة في الأرض 0
والجوربان كذلك تقوم مقامها مع النعلين في اتقاء حر الأرض وبردها ونحو ذلك
وتقدم أنه ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه مسح على الخفين والجوربين ومسح على ذلك جماعة من الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم وهو الحق خلافا لمن أنكر ذلك
# وأما العصائب فهي العمائم سميت عصائب لأنها تدار على الرأس كلما أدرته على شيء فهي عصابة
والمشهور عند العلماء أن العصائب التي تمسح هي التي تحنك تدار على الحنك فهي محنكة بخلاف العصائب التي مثل الطاقية فإنها على الرأس فقط فيقال لها مقعطة هذه لا يمسح عليها لأنها ليست العمائم المعروفة عند العرب ولأنه لا يشق نزعها فإن نزعها أسهل شيء بخلاف التي تدار وتربط على الرأس فإنه قد يشق على صاحبها حلها وتعوقه عن بعض الشيء كما أن خلع الخفين ممكن لكن فيه بعض المشقة فرحم الله عباده وشرع المسح تخفيفا وتيسيرا
والحديث ليس فيه ذكر التوقيت لكن تقدم ذكر التوقيت في حديث علي وصفوان كما تقدم
***
الحديث التاسع والستون : وعن عمر رضي الله عنه ـ موقوفا وعن أنس مرفوعا (( إذا توضأ أحدكم ولبس خفيه فليمسح عليهما وليصل فيهما ولا يخلعهما إن شاء إلا من جنابة )) أخرجه الدارقطني والحاكم وصححه .
ش /
إذا قيل ( موقوف ) فالمراد أنه من كلام الصحابي ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم هذه قاعدة أهل الحديث إذا قيل جاء الخبر عن فلان موقوفا يعني من كلامه ـ عن عمر موقوفا ـ عن أنس موقوفا عن عمر موقوفا أي من كلامه
وإذا قيل مرفوعا أو رواية أو ينميه أو يبلغ به فالمراد به أنه مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم
كما قال الحافظ العراقي رحمه الله وقوله :ـ
وقولهم يرفعه يبلغ به رواية يَنْميه رفعٌ فانتبه
فأهل الحديث ذكروا هذه الألفاظ فإذا قيل موقوفا أو وقفه على فلان أو قصره على فلان فهذا من كلامه (( إذا توضأ أحدكم )) روى هذا اللفظ موقوفا ومرفوعا (( إذا توضأ أحدكم فلبس خفية فليصل فيهما ولا يخلعهما إن شاء إلا من جنابة )
هذا يدل على أن المسح إنما يكون بعد الوضوء بخلاف الذي يلبسهما على طهارة فإنه لا يمسح وقد تقدم هذا لقوله للمغيرة عند ما أراد خلعهما . دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين يشترط للمسح أن يكون لبسها على طهارة فإذا لبسهما على طهارة فإنه يمسح عليهما ويصلى فيها فضلا من الله ورحمة منه وتخفيفا وتسهيلا ولا يخلعهما إن شاء إلا من جنابة
قوله ( إن شاء ) لبيان أنه ليس بواجب لو خلع فلا بأس به لكن إذا أبقاهما مدة المسح فلا بأس من باب التيسير والرفق وإن خلعهما وأحب أن يغسل رجليه قبل أن تتم المدة فلا بأس فلو لبسها مثلا الضحى ومسح عليهما الظهر والعصر ثم أحب أن يخلعها العصر فهو مخير إن شاء كمل المدة وإلا خلع
ولهذا قال
( ولا يخلعهما إن شاء إلا من جنابة) أي لا يخلعهما مدة المسح ( إن شاء ) فالأمر بالخيار أما الجنابة فلابد من الخلع وهكذا الحيض والنفاس لا يمسح الخفين ولا في العمامة للجنابة وتقدم هذا في حديث صفوان بن عسال ( ولكن من غائط وبول ونوم ) يعني من الحدث الأصغر
أما لو تطهرت الحائض والنفساء قبل الحيض وقبل النفاس ولبست خفيها على طهارة ثم حاضت أو ثم نفست ثم طهرت 0
فلا تغتسل والخفان في رجليها . وإن كان هذا لا يقع لأن الحيض يتجاوز المدة في الغالب مدة ثلاث ليال في السفر
والنفاس أكثر وأكثر ولكنه قد يقع هذا في الحيض قد تلبس الخفين على طهارة ثم تحيض لمدة يومين والمدة ثلاث ليال ما تمت
لكن الذي يقع كثيرا الجنابة
ولهذا ذكر الجنابة لأنها هي التي تقع للمسافر وغير المسافر فبين عليه الصلاة والسلام أنه يخلع ولا يمسح من الجنابة
وهذه الأحاديث ليس فيها توقيت ولكنها مطلقه وحديث علي المتقدم وحديث صفوان فيها التقييد والتوقيت
هكذا حديث أبي بكرة الثقفي
***
الحديث السبعون : وعن أبي بكرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم (( أنه رخص للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن ، وللمقيم يوما وليلة إذا تطهر فلبس خفيه أن يمسح عليها )) أخرجه الدار قطني وصححه أبن خزيمة .
أبو بكره الثقفي و إسمه نفيع بن مسروح أو بن الحارث . وهو صحابي جليل أسلم عام الطائف ، لما حاصر النبي صلى الله عليه وسلم الطائف نزل من بعض حصون الطائف فأتى النبي صلى الله عليه وسلم وكان رقيقا فأعتقه النبي صلى الله عليه وسلم . وأسلم وحسن إسلامه وله ذرية وله أولاد صلحاء أخيار علماء
أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للمسافر أن يمسح خفيه ثلاثة أيام وللمقيم يوما وليله إذا أتطهر ولبس خفيه
/ هذا يبين لك أن المسح مؤقت وأنه بعد الطهارة فيقيد ما تقدم من حديث عمرو وثوبان وأنس وما جاء في معناها وأنها مقيدة بالمدة وهذا هو قول جمهور أهل العلم
وذهب مالك وجماعة إلى عدم التوقيت والصواب قول الجمهور وأنه لا بد من التوقيت لأن أحاديث التوقيت صحيحه ليس لها معارض وما جاء مطلق فيقيد بها على القاعدة المعروفة عند أهل العلم في الأصول وفي المصطلح أن المطلق يحمل على المقيد جمعا بين الأخبار
الحديث الواحد والسبعون : وعن أبي بن عمارة رضي الله عنه أنه قال:قلت: يا رسول الله أمسح على الخفين ؟ قال (( نعم )) قال : يوما قال (( نعم )) قال : ويومين ؟ قال (( نعم )) قال وثلاثة أيام قال (( نعم )) وما شئت )) أخرجه أبو داوود وقال ليس بالقوي .
أبي ابن عمارة المدني ثم المصري وهو بكسر العين والمعروف عند أهل العلم في أسماء الرجال عُمارة ، بالضم هذا هو الأكثر في الروايات في الصحابة وغير هم
لكن عمارة بالكسر في هذا الرجل وفي الحسن أبن عمارة القاضي المعروف هذا هو المشهور وماسواهما فهو بالضم
وقيل في هذا بالضم أيضا في أبي هذا وفي الحسن فالحاصل أن المعروف في الروايات بالضم في أسماء الرجال ماعدا هذا فإن الأكثر فيه على كسر العين
أنه قال أمسح يوما . . . . الخ .
الحديث هذا ظاهرة عدم التوقيت وأنه يمسح متى شاء وكيف شاء ولكن حكم عليه بعض أهل العلم بأنه غير صحيح بل هو مضطرب الإسناد مضطرب المتن .
قال أحمد رجاله لا يعرفون ، وقال البخاري رحمه الله وأبن عبد البر والشافعي وجماعة رحمهم الله : بأنه مضطرب الإسناد وهكذا قال الحافظ في التلخيص وغيره حتى بالغ الحافظ أبن الجوزي رحمه الله فعده في الموضوعات وبهذا تعرف أن الحديث مضطرب الإسناد والمتن لا يعول عليه عند أهل العلم في معارضة الأحاديث الصحيحة المثبته للتوقيت في المسح على الخفين
والصواب أن التوقيت ثابت ومحكم وأما أحاديث أبي هذا وما جاء في معناها فهي أحاديث ضعيفة لا يلتفت إليها وما كان مطلقا فهو مقيد بأحاديث التوقيت والله سبحانه وتعالى أعلم . . .
س / من منع المسح على النعلين و الجور بين فما حجته ؟
ج / حجته أن الأحاديث ورد فيها الخف في أحاديث كثيرة والجورب أضعف منها فلا يقاس عليها والجواب عن ذلك من وجهين :
أحدهما : أنه لا اعتراض ولا رأى لأحد مع السنة ما دام ثبت في السنن الأربع ومسند أحمد عن المغيرة بسند جيد أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الجوربين والنعلين فلا كلام ولا معارضة 0 روى هذا وهذا فما المانع رأى النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين وعلى الجوربين 0
الوجه الثاني : أن الحكم معلل ومعروف الحكمة وأن المقصود من ذلك رحمة الإنسان والرفق بالإنسان إذا سار في أرض حارة أو باردة أو وعرة فالخف ينفعه والجورب كذلك إذا لبس الجورب ينفعه بعض النفع وإذا كان مع النعل فنفعه تام 0
فالحكمة التي من أجلها شرع الله المسح على الخفين موجودة في الجوارب 0
ثم هناك وجه ثالث أن الصحابة أعلم الناس بالسنة وأعلمهم بمقاصد الرسول صلى الله عليه وسلم وقد مسحوا على الجوارب كما نقل ذلك أبو داود عن جماعة منهم ابن عمر وجماعة 0
فلما فهموا أن الجورب في حكم الخف وجب الأخذ بفهمهم و تأييدهم في فهمهم مع ما جاءت به السنة ومع ما عرف من المعنى فلم يبق قول لأحد بعد ذلك لهذه الأمور الثلاثة لأن المعارض مخالف للسنة مخالف للقياس الصحيح ومخالف لأكثر الصحابة فلا يلتفت إلى قوله 0
س / لو غسلت رجلا واحدة وأدخلتها في الخف قبل أن أكمل الطهارة ثم غسلت الثانية وأدخلتها 0
ج / فيه خلاف بين أهل العلم :
بعض أهل العلم يرى أنه لا يمسح حتى يخلع اليمنى ثم يعيد لبسها بعد غسل اليسرى حتى يكون لبسها على طهارة كاملة 0 والنبي صلى الله عليه وسلم لبسها على طهارة كاملة هذا حسن احتياط 0
والصواب أنه لو لم يفعله فطهارته صحيحة لأنه لبس اليمنى على طهارة تامة لأن طهارته معلقة على اليسرى وقد طهرت اليسرى وتمت الطهارة وهذا اختيار شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله أنه لا بأس ولا حرج 0
لكن الأولى أنه لا يعجل 0 لا يلبس اليمنى حتى يغسل اليسرى 0 أو أن لبسها لأجل الحاجة إلى لأن المكان لا يتيسر له عدم اللبس فيه فيخلعها ثم يعيدها 0 حتى يكون لبسها على طهارة 0
س / هل ما يقوم مقام الخفين يجوز المسح عليه ؟
ج / نعم ما لم يكن لفائف فاللفائف فيها خلاف كبير فالأحوط عدم مسح اللفائف لكن يمسح شيئا محيطا لأنه أشبه بالخف 0
س / هل يجوز خلع الخف قبل تمام المدة وغسلها ؟
ج / لا بأس لكن لا لاعتقاد أن المسح أفضل فإذا خلعتها لحاجة كما لو مللت من الخفين أو لأسباب أخرى أما إن يخلعها لأجل أن يغسل لاعتقاد أن الغسل أولى فلا 0
س / ....... في أثناء مدة المسح يقول يجوز فسخ هذه الخفاف ؟
ج / هذا قول ضعيف 0 لكن جمهور أهل العلم يرى أنه إذا خلعها بطلت الطهارة إذا خلعها بعد الحدث وأما قياس ذلك على حلق الشعر من الرأس فهذا ليس بشيء فالصواب قول كثير من أهل العلم بل هو كالإجماع من أهل العلم أنه متى خلع الخف بطلت الطهارة 0
وأما قياس على الشعر وأنه يحلق الشعر متى شاء ومع ذلك يمسح فنقول أن مسح الرأس ليس مؤقتا بل يمسح دائما سواء كان عليه شعر أو كان أصلع 0
س / هل المسح في الحضر 0
ج / ظاهر النصوص أنه مسح صلى الله عليه وسلم في الحضر وفي السفر لأنها مطلقة والإتفاق قائم على أنه يجوز المسح في الحضر وفي السفر جميعا 0
س / هل تشترط الطهارة للمسح على الجبيرة ؟ وهل يجمع بين التيمم والغسل ؟
ج / الجواب يمسح على الجبيرة ولا تشترط وضعها على طهارة لأن جرحه ليس بهواه قد يكون بحال ليس بطاهر فيها 0
والصحيح أنه يكفي المسح ولا حاجة إلى التيمم 0 وليس لها أصل الجمع بين الغسل و التيمم وأن ذكره بعض فقهاء الحنابلة وغيرهم ولكن لا أصل لها أما أن يغسل وأما أن يمسح 0 فإن لم يتيسر هذا ولا هذا فالتيمم 0
بإمكانكم قراءة الشرح لماسبق من الدروس في هذا الملتتقى وكذلك من الرابط التالي
http://www.hedayaway.net/vb/showthread.php?t=467
اخوكم أبو يوسف إمداد