الأخ الفاضل أحمد نجاح..
أبَيْتَ إلا أن تُلجِئَنا للتَّحكيم!
قد ارتضيتُ ذلك، على أن يكون الحكَم أديبًا أريبًا مُنصفًا.
وذلك يدعونا إلى إجراء مقارنة للتحكيم :
قولك :" مفضلا " أعطت معنى أشرت إليه وهو أن ابن كثير يصلها وحده زائدا بذلك عن جميع القراء ،وهذه فائدة معتبرة ،
الحمد لله.
هذه لي.
وقولي :" أشبع موصلا " فيه فائدة قد أشرت إليها أن ابن كثير له الإشباع وصلا فقط أم في الوقف فتسقط الصلة ، وهذه فائدة معتبرة أيضا، وليس إحداهما أولى من الأخرى
فائدتُك يا سيدي ليستْ معتبرة ... بل هي موهِمة بحقّ.
أمَّا أنها غير معتبرة، فإن الإمام الشاطبي لم يُشِرْ إليها عند ذِكر الصِّلة ... سواءٌ صِلة ميم الجمع أو صلة هاء الكناية.
قال:
وصِلْ ضمَّ ميمِ الجمعِ قبل محرَّكٍ * * دِراكًا وقالونٌ بتخْييرِهِ جلا
ومن قبل همزِ القطْعِ صِلْها لورْشِهم * * وأسكنها الباقون بعدُ لتكمُلا
لم يذكر الإمام الشاطبي أنَّ ابن كثيرٍ وقالون وورشًا إنَّما يصِلون في حالة الوصل فقط، وأنهم يقفون بالإسكان .. فهذا لا يحتاج لتنبيه.
وحسبُه أنه ذكر أنَّ ابن كثير يصِلُ ضمَّ ميم الجمع قبل المحرَّك، وكذلك قالون بتخيير.
وأنَّ ورشًا يصِلُها قبل همز القطع ... فعند الوقْف لن يكون هناك محرَّك ولا همز قطْع مُباشر لميم الجمع.
وكذلك الحال مع هاء الكناية.
قال:
ولم يصِلوا ها مُضمَرٍ قبلَ ساكنٍ * * وما قبله التَّحريكُ للكُلِّ وُصِّلا
إلى آخر الباب.
ولم يذكر أنَّ وصْلهم لما قبلَه التحريك إنَّما هو في حالةِ الوصل لا الوقْف.
وهكذا في ذِكر الصلة في جميع الباب.
إلى أن قال في (أرجه): وصِلْها جوادًا دُون رَيبٍ لِتُوصَلا
لم يُبيِّن أنَّ ذلك حالة الوصل.
وقال: وفي الهاءِ ضمٌّ لفَّ دعواهُ حَرملا .... لم يقل إن ذلك حالة الوصل.
وقال: وأسكن نصيرا فاز ... لم يقل إن ذلك في حالتي الوصل والوقف.
وقال: واكسر لغيرهم ... لم يقل إن ذلك حالة الوصل.
كأنَّ الإسكان حالة الوقف أمرٌ مفروغٌ منْه... تُسكَّن الهاء إن كانت مضمومة أو مكسورة، وكذلك تُحذف الصلة.
= = =
أمَّا الإيهام، ففضيلتُك تُريدُ أن تنبِّه أنَّ ابنَ كثير (يُشبع موصلا) ... وموصلا هذه للمفرد .. كأنَّه اختص بأن هذه الصلة تكون في حالة الوصل فقط، ولم تذكُر هذا التنبيهَ مع ما يصِلُه غيرُه...
أرجو أن تتقبَّل مني هذا الاعتراض، وتعذُرني؛ فلستُ أجاريك في دماثة أخلاقك التي تبين عنها كلماتُك العذبة، وابتساماتُك.