بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
سأبدأ إن شاء الله تعالى عرض شرح الأصول الثلاثة مطولًا على هيئة حلقات , سائلًا الله جل وعلا أن ينفعني به يوم ألقاه , وأن ينفع به , وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا إنه ولي ذلك والقادر عليه .
[FONT="]الحَمْدُ للهِ وَكَفَى , وَصَلَاةٌ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى لَاسِيَّمَا عَبْدِهِ المُصْطَفَى وَآلِهِ المُسْتَكْمِلِينَ الشَّرَفَا .[/FONT]
[FONT="]أَمَّا بَعْدُ ...[/FONT]
[FONT="]فَإِنَّ أَصْدَقَ الحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ , وَأَحْسَنَ الهَدْيِّ هَدْيُّ مُحَمَّدٍ , وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا , وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ , وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ , وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ .[/FONT]
[FONT="]لَمَّا كَانَ مِن مَقَاصِدِ التَّأْلِيفِ وَالتَّصْنِيفِ الَّتِي عَدَّهَا أَبُو حَيَّانَ : [/FONT]
[FONT="](جَمْعِ مُفْتَرِقٍ) – وَذَكَرَ سَبْعَةً غَيْرَهُ وَهِيَ: اخْتِرَاعَ مَعْدُومٍ , أَوْ تَكْمِيلَ نَاقِصٍ , أَوْ تَفْصِيلَ مُجْمَلٍ , أَوْ تَهْذِيبَ مُطَوَّلٍ , أَوْ تَرْتِيبَ مُخَلَّطٍ , أَوْ تَعْيِينَ مُبْهَمٍ , أَوْ تَبْيِينَ خَطَأٍ - كَانَ هَذَا تَجْمِيعُ شُرُوحِ مَتْنِ الأُصُولِ الثَّلَاثَةِ وَأَدِلَّتِهَا , جَمَعْتَهَا مِن وَقْعِ شُرُوحٍ لِمَشَايِخٍ كِبَارٍ مَشْهُودٍ لَهُمْ بِالْعِلْمِ وَسَلَامَةِ المَنْهَجِ – نَحْسَبُهُمْ كَذَلِكَ وَاللهُ حَسِيبُهُمْ – وَإِنْ كَانَ أَغْلَبُ مَا فِي الشَّرْحِ مُسْتَفَادًا مِن دُرُوسِ شَيْخِنَا الهُمَامِ / أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ الحَازِمِيِّ – حَفِظَهُ اللهُ وَنَفَعَ بِهِ – كَمَا أَدْرَجْتُ مَعَهُ بَعْضَ تَعْلِيقَاتٍ لِلْشَّيْخِ العَلَامَّةِ / مُحَمَّدِ بنِ صَالِحِ بنِ العُثَيْمِيِّنَ – رَحِمَهُ اللهُ – كَمَا كَانَ الشَّيْخُ الحَازِمِيُّ يَعْتَمِدُ تَعْلِيقَاتَهُ أَثْنَاءَ شَرْحِهِ , كَمَا أَخْبَرَ هُوَ فِي ثَنَايَا الشَّرْحِ , وَكَذَلِكَ أَفَدتُكَ تَعْلِيقَاتٍ مِن أَصْحَابِ الفَضِيلَةِ : [/FONT]
[FONT="]الشَّيْخِ / صَالِحِ الفَوْزَانَ (حَفِظَهُ اللهُ وَنَفَعَ بِهِ) .[/FONT]
[FONT="]الشَّيْخِ / صَالِحِ آلَ الشَيْخِ (حَفِظَهُ اللهُ وَنَفَعَ بِهِ) .[/FONT]
[FONT="]الشَّيْخِ / عَبْدِ اللهِ الفَوْزَانَ (حَفِظَهُ اللهُ وَنَفَعَ بِهِ) .[/FONT]
[FONT="]فَجَمَعْتُ الفَوَائِدَ وَرَتَّبْتَهَا , وَمَا كَانَ لِي مِن عَمَلٍ غَيْرِ ذَلِكَ , وَاللهَ أَسْأَلُ أَن يَرْزُقَنِي الإِخْلَاصَ , وَأَن يُبَارِكَ فِي هَذَا العَمَلِ وَيَنْفَعَنِي بِهِ وَيَنْفَعَ بِهِ غَيْرِي , وَأَن يَرْزُقَنِي بَرَكَةَ العِلْمِ المَنُوطَةَ بِعَزْوِهِ لِأَهْلِهِ , وَأَعُوذُ بِاللهِ مِن ثَوْبَيِّ الزُّورِ , وَأَن يَرْزُقَنِي اعْتِقَادًا صَحِيحًا خَالِصًا , وَاتِّبَاعًا صَوَابًا مُجَرَّدًا , إِنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ وَالقَادِرُ عَلَيْهِ .[/FONT]
[FONT="]وَهَذَا فَصْلٌ فِي أَهَمِيَّةِ العِلْمِ وَضَرُورَتِهِ وَفَضْلِهِ , وَالحَثِّ عَلَى تَوْجِيهِ مَعَالِي الهِمَمَ لِطَلَبِهِ[/FONT][FONT="] , [/FONT][FONT="]أُقدِّمُ بِهِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي المَقْصُودِ مِن شَرِحِ المَتْنِ , ألَّا يَسْتَثْقِلَ الطَّالِبُ طُولَ الشَّرْحِ وَتَفْرِيعَاتَهُ ؛ إِذْ فَشَى – وَلَا حَولَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ – بَيْنَ طَلَبَةِ العِلْمِ الاهْتِمَامُ بِالدُّرُوسِ العَامَةِ فَقَط دُونَ المَنْهَجِيِّ مِنْهَا , وَأَصْبَحَ الطُّلَّابُ لَا تَنْبَعِثُ هِمَمَهُم إِلَّا لِلَّطِيفِ مِنَ الدُّرُوسِ القَصَصِيةِ وَالوَعْظِيةِ العَامَّةِ – مَعَ عَدَمِ التَّقْلِيلِ مِن شَّأْنِ الوَعْظِ ؛ لَكِنْ لَا يَكُونُ هُوَ الأَصْلُ وَالأَسَاسُ الَّذِي يَنْشَطُ لَهُ الطُّلَّابُ عَلَى حِسَابِ الدُّرُوسِ المّنْهَجِيَّةِ الَّتِي تُؤَصِّلُ المَسَائِلَ وَتُحَرِّرُهَا – فَتَرَى الحُضُورَ فِي هَذِهِ الدُّرُوسِ كَثِيرًا وَللهِ الحَمْدُ , وَإِذَا نَظَرْتَ لِلدُّرُوسِ التَّأْصِيلِيَّةِ العِلْمِيَّةِ تَكَادُ تَرَى المَسْجِدَ خَالِيًا , وَإِلى اللهِ المُشْتَكَى , وَهَذِهِ لَيْسَتْ بِقَاعِدَةٍ عَامَّةٍ ؛ بَلْ هُنَاكَ الكَثِيرُ مِنَ الأَمَاكِنِ وَالمَسَاجِدِ مَا تَكْتَظُ بِطَلَبَةِ العِلْمِ المُجْتَهِدِينَ فِي الطَّلَبِ وَالمُثَابِرِينَ عَلَيْهِ , أَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْهُم ؛ وَإِن كُنَّا لَسْنَا أَهْلًا لِذَلِكَ ؛ وَلَكِنَّ الفَضْلَ عِنْدَ الكِرَامِ مَأْمُولُ , وَلَا أَكْرَمَ مِنَ المَلِكِ سُبْحَانَهُ وَبِحَمْدِهِ .[/FONT]
[FONT="]عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله : ((طلب العلم فريضة على كل مسلم)) .[/FONT] [FONT="]أخرجه من أصحاب الكتب الستة ابن ماجة : (1/81)، وأخرجه أبو يعلى في "مسنده" : (رقم : 2837)، والطبراني في "الأوسط" : (1/33) ، وغيرهم كثيرون ، وقد اختلف أهل العلم في هذا الحديث، فمنهم من صححه ومنهم من ضعفه , وممن صححه الألباني في "تخريج أحاديث مشكلة الفقر" وقال بعد أن تكلم عن طرقه : (إن طرقه يقوي بعضها بعضاً، بل أحدها حسن، فالحديث بمجموع ذلك صحيح بلا ريب عندي) .[/FONT]
[FONT="]وعن إسحاق بن منصور الكوسج قال: سمعت إسحاق بن راهوية يقول: (طلب العلم واجب , ولم يصح فيه الخبر , إلا أن معناه أن يلزمه طلب علم ما يحتاج إليه من وضوئه وصلاته , وزكاته إن كان له مال , وكذلك الحج وغيره ...) [/FONT]
[FONT="]قال أبو عمر (ابن عبد البر) : (يريد إسحاق – والله أعلم – أن الحديث في وجوب طلب العلم في أسانيده مقال لأهل العلم بالنقل , ولكن معناه صحيح عندهم , وإن كانوا قد اختلفوا فيه اختلافًا متقاربًا) .[/FONT]
[FONT="]وقال أبو عمر : قد أجمع العلماء على أن من العلم ما هو فرضٌ متعينٌ على كل امرئ في خاصة نفسه , ومنه ما هو فرضٌ على الكفاية إذا قام به قائم سقط فرضه عن أهل ذلك الموضع .[/FONT]
[FONT="]واختلفوا في تلخيص ذلك , والذي يلزم الجميع فرضٌ من ذلك ما لا يسع الإنسان جهله من جملة الفرائض المفترضة عليه نحو الشهادة باللسان والإقرار بالقلب بأن الله وحده لا شريك له , ولا شبه له , ولا مثل له ......[/FONT]
[FONT="]وأن القرآن كلام الله , وما فيه حق من عند الله يلزم الإيمان بجميعه , واستعمال محكمه , وأن الصلوات الخمس فريضة , ويلزمه من علمها علم ما لا تتم إلا به , من طهارتها وسائر أحكامها , وأن صوم رمضان فرض , ويلزمه علم ما يفسد صومه , وما لا يتم إلا به ......[/FONT]
[FONT="]إلى أشياء يلزمه معرفة جُمَلها , ولا يُعذر بجهلها , نحو تحريم الزنا , وتحريم الخمر , وأكل الخنزير , وأكل الميتة , والأنجاس كلها , والسرقة , والربا , والغصب , والرشوة في الحكم , والشهادة بالزور , وأكل أموال الناس بالباطل ...... [/FONT]
[FONT="]وما كان مثل هذا كله مما نطق به الكتاب , وأجمعت الأمة عليه , ثم سائر العلم وطلبه والتفقه فيه , وتعليم الناس إياه , وفتواهم به في مصالح دينهم ودنياهم , والحكم به بينهم فرض على الكفاية , يلزم الجميع فرضه , فإذا قام به قائم سقط فرضه عن الباقين , لا خلاف بين العلماء في ذلك , وحجتهم فيه قول الله عز وجل : ﴿وَمَا[/FONT][FONT="]كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِينفرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِن كُلِّ[/FONT][FONT="]فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لّيِتَفَقَّهُوا فِي الدّيِنِ وَلِيُنذِرُوا[/FONT][FONT="]قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِليْهِمْ[/FONT][FONT="]﴾ . فألزم النفيرَ في ذلك البعضَ دون الكل , ثم ينصرفون فيعلمون غيرهم , والطائفة في لسان العرب: الواحد فما فوقه .[/FONT]
[FONT="]وعن سفيان بن عيينة قال: سمعت جعفر بن محمد يقول: (وجدنا علم الناس كله في أربع: أولها: أن تعرف ربك , والثاني: أن تعرف ما صنع بك , والثالث: أن تعرف ما أراد منك , والرابع: أن تعرف ما تخرج من دينك ؛ وقال بعضهم: ما يُخرجك من دينك) . اهـ [/FONT][FONT="](بتصرف يسير من صحيح جامع بيان العلم وفضله)[/FONT]
[FONT="]وفي تفضيل العلم والتعليم على نوافل العبادات[/FONT][FONT="] , [/FONT][FONT="]جاء حديث عبد الله بن سعد الأنصاري , ولبعضه شاهد من حديث أبي ذر مرفوعًا , وكلاهما لم يصح إسناده , ولكن له أصل من كلام ابن مسعود موقوفًا عليه من طرق بألفاظ مختلفة , قال : ((إنكم أصبحتم في زمان كثيرٌ فقهاؤه قليل خطباؤه , قليلٌ سائلوه كثيرٌ معطوه , العمل فيه خير من العلم , وسيأتي على الناس زمان قليلٌ فقهاؤه كثيرٌ خطباؤه , قليلٌ معطوه كثيرٌ سائلوه , العلم فيه خير من العمل)) .[/FONT]
[FONT="]وقال ابن وهب : كنت عند مالك بن أنس فجاءت صلاة الظهر أو العصر وأنا أقرأ عليه , وأنظر في العلم بين يديه , فجمعت كتبي وقُمتُ لأركع , فقال لي مالكٌ: (ما هذا؟ قلت: أقوم للصلاة . قال: إنّ هذا لعجيب , فما الذي قُمتَ إليه بأفضل من الذي كنت فيه ؛ إذا صحت النيةُ فيه) .[/FONT]
[FONT="]وعن الربيع بن سليمان يقول: سمعت الشافعي يقول : (طلب العلم أفضل من الصلاة النافلة) .[/FONT]
[FONT="]ولكن هذا ليس مطلقًا بمعنى أن تُترك النوافل كلها لطلب العلم ؛ إذ الغاية من طلب العلم العمل به , فإن لم يعمل فلا ثمرة لعلمه هذا وساوى الجاهل في العمل بعلمه , فلا يسمى عالمًا , [/FONT][FONT="]فعن أبي عصمةَ عاصمِ بن عصامٍ البيهقي قال ( بتُّ ليلة عند الإمام أحمد فجاء بالماء[/FONT][FONT="]فلما أصبح نظر إلى الماء فإذا هو كما كان , فقال : سبحان الله , رجل يطلب العلم[/FONT][FONT="]لا يكون له وِرد بالليل)[/FONT][FONT="].[/FONT]
[FONT="]أنشد[/FONT][FONT="]عَمْرُو بْنُ الْجَاحِظِ[/FONT][FONT="]لِصَالِحِ بْنِ جَنَاحٍ فِي الْعِلْمِ[/FONT] :
[FONT="] مِنَ الْحُلَّةِ الْحَسْنَاءِ عِنْدَ التَّكَلُّمِ[/FONT]
[FONT="]وكان الثوري يقول : (لا أعلم من العبادة شيئًا أفضل من أن تعلِّم الناس شيئًا) [/FONT]
[FONT="]وفي الحض على استدامة الطلب , والصبر فيه على اللأواء والنصب[/FONT][FONT="] , [/FONT][FONT="]وكان أبو بكر الخياط يدرس جميع أوقاته , حتى في الطريق , وكان ربما سقط في جُرُفٍ أو خبطته دابة.[/FONT]
[FONT="]وكان بعضهم يقول: (متى تبلغ من العلم مبلغًا يُرضي؟ وأنت تؤثر النومَ على الدرس , والأكلَ على القراءة) .[/FONT]
[FONT="]قال الشيخ أبو الأشبال : هذا – والله – الحرص والاجتهاد , ولم يبلغ القوم ما بلغوا إليه إلا بعد بذل الجهد الشديد , والدأب في التحصيل والتعب الكثير , وسهر الليالي الطوال حتى حازوا ذلك الفضل والجاه العريض الباقي على أعقاب الليالي والأيام , ومن جَدَّ وجد .[/FONT]
[FONT="]كان مالك بن أنس يقول: (لا ينبغي لأحد يكون عنده العلم , أن يترك التعلُّم) .[/FONT]
[FONT="]قال ابن أبي غسان : (لا تزال عالمًا ماكنت متعلمًا , فإذا استغنيت كنت جاهلًا) .[/FONT]
[FONT="]وعن أبي الدرداء رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ[/FONT][FONT="]يقول: (من سلك طريقاً يبتغي فيه علماً سهل اللَّه له طريقاً إلى الجنة،[/FONT][FONT="]وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع، وإن العالم ليستغفر[/FONT][FONT="]له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على[/FONT][FONT="]العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن[/FONT][FONT="]الأنبياء لم يورّثوا ديناراً ولا درهماً إنما ورّثوا العلم، فمن أخذه أخذ[/FONT][FONT="]بحظ وافر) رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ وَالتِّرمِذِيُّ[/FONT].
[FONT="]قال ابن القيم في (مفتاح دار السعادة) : [/FONT]
[FONT="]وقوله ((وإن العلماء ورثة الأنبياء)) هذا من أعظم المناقب لأهل العلم , فإن الأنبياء خير خلق الله فورثتهم خير الخلق بعدهم , ولما كان كل موروث ينتقل ميراثه إلى ورثته ؛ إذ هم الذين يقومون مقامه من بعده , ولم يكن بعد الرسل من يقوم مقامهم في تبليغ ما أرسلوا به إلا العلماء , كانوا أحق الناس بميراثهم , وفي هذا تنبيه على أنهم أقرب الناس إليهم , فإن الميراث إنما يكون لأقرب الناس إلى الموروث , وهذا كما أنه ثابت في ميراث الدينار والدرهم , فكذلك هو في ميراث النبوة , والله يختص برحمته من يشاء.[/FONT]
[FONT="]قوله ((فمن أخذه أخذ[/FONT][FONT="]بحظ وافر)) أعظم الحظوظ وأجداها ما نفع العبد ودام نفعه له , وليس هذا إلا حظه من العلم والدين , فهو الحظ الدائم النافع الذي إذا انقطعت الحظوظ لأربابها , فهو موصول له أبد الآبدين , وذلك أنه موصول بالحي الذي لا يموت , فلذلك لا ينقطع ولا يفوت , وسائر الحظوظ تعدم وتتلاشى بتلاشي متعلقاتها , كما قال تعالى: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا﴾ ؛ فإن الغاية لما كانت منقطعة زائلة تبعتها أعمالهم فانقطعت عنهم أحوج ما يكون العامل إلى عمله وهذه هي المصيبة التي لا تجبر عياذًا بالله , واستعانةً به , وافتقارًا إليه , وتوكلًا عليه و ولا حول ولا قوة إلا بالله .[/FONT]
[FONT="]وقوله موت العالم مصيبة لا تجبر , وثلمة لا تسد , ونجم طمس , وموت قبيلة أيسر من موت عالم , لمَّا كان صلاح الوجود بالعلماء ولولاهم كان الناس كالبهائم , بل أسوأ حالًا , كان موت العالم مصيبة لا يجبرها إلا خَلْفُ غيره له .[/FONT]
[FONT="]قال أبو الدرداء : ((من رأى الغدو والرواح إلى العلم ليس بجهاد , فقد نقص عقله ورأيه)) , قال ابن القيم : فقوام الدين بالعلم والجهاد ؛ ولهذا كان الجهاد نوعين: جهاد باليد والسنان , وهذا المشارك فيه كثير , والثاني: الجهاد بالحجة والبيان , وهذا جهاد الخاصة من أتباع الرسل , وهو جهاد الأئمة , وهو أفضل الجهادين , لعظم منفعته , وشدة مؤنته , وكثرة أعدائه . قال تعالى : ﴿وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا[/FONT][FONT="] * فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا﴾ فهذا جهاد لهم بالقرآن , وهو أكبر الجهادين , وهو جهاد المنافقين أيضًا ؛ فإن المنافقين لم يكونوا يقاتلون المسلمين , بل كانوا معهم في الظاهر , وربما كانوا يقاتلون عدوهم معهم , ومع هذا فقد قال تعــالى : ﴿يَا[/FONT][FONT="]أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ﴾ [/FONT][FONT="]ومعلوم أن جهاد المنافقين بالحجة والبرهان .[/FONT]
[FONT="]والمقصـود : أن سبيل الله هي: الجهاد وطلب العلم ودعوة الخلق به إلى الله , ولهذا قال معاذ : (عليكم بطلب العلم , فإن تعلمه لله خشية , ومدارسته عبادة , ومذاكرته تسبيح , والبحث عنه جهاد) ؛ ولهذا قرن الله بين الكتاب المنزل والحديد الناصر , كما قال تعالى : [/FONT][FONT="]﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا[/FONT][FONT="]بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ[/FONT][FONT="]لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ[/FONT][FONT="]شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ[/FONT][FONT="]وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ[/FONT][FONT="]﴾ فذكر الكتاب والحديد إذ بهما قوام الدين , كما قيل:[/FONT]
[FONT="]قال كعب الأحبار: طالب العلم كالغادي الرايح في سبيل الله عز وجل , وجاء عن بعض الصحابة رضي الله عنهم: إذا جاء الموتُ طالبَ العلم وهو على هذه الحال مات وهو شهيد, وقال سفيان بن عيينة: من طلب العلم فقد بايع الله عز وجل .اهـ[/FONT]
[FONT="]في الحال التي يُسأل (يُطلب) بها العلم[/FONT][FONT="] , [/FONT][FONT="]الإخلاص الإخلاص , [/FONT][FONT="]فقد روى مسلمٌ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت[/FONT][FONT="]رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن أول من تُسعر بهم النار يوم القيامة[/FONT][FONT="]ثلاثة , فذكرهم وذكر منهم رجلاً تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن , فأُتي به[/FONT][FONT="]فعرَّفه نعمه فعَرَفها , قال فما عملت فيها ؟ قال : تعلمت العلمَ وعلمته وقرأت[/FONT][FONT="]فيك القرآن , قال : كذبت , ولكنك تعلمت العلم ليقال : عالم , وقرأت القرآن[/FONT][FONT="]ليقال : هو قارئ . فقد قيل . ثم أُمر به فيسحب على وجهه حتى أُلقي في النار...[/FONT] ([FONT="].[/FONT]
[FONT="]وقال الحافظ البغدادي في (الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع) : (وليحذر أن يجعله سبيلاً إلى نيل الأعراض وطريقاً إلى أخذ الأعواض[/FONT] , [FONT="]فقد جاء الوعيد لمن ابتغى ذلك بعلمه .. ) ثم قال ( وليتق المفاخرة والمباهاة[/FONT][FONT="]به , وأن يكون قصده نيل الرئاسة واتخاذ الأتباع , وعقد المجالس , فإن الآفة[/FONT][FONT="]الداخلة على العلماء أكثرها من هذا الوجه) , وقال أيضاً ( وليجعل حفظه حفظ رعاية لا حفظ رواية , فإن رواة العلوم كثير[/FONT] , [FONT="]ورعاتها قليل , ورب حاضر كالغائب , وعالم كالجاهل , وحامل للحديث ليس معه منه شيء[/FONT][FONT="]...)[/FONT]
[FONT="]ثم ذكر الحسن البصري قوله ( همة العلماء الرعاية وهمة السفهاء[/FONT][FONT="]الرواية[/FONT][FONT="])[/FONT][FONT="] .اهـ[/FONT]
[FONT="]وعن أبي الدرداء قال: ((العلم بالتعلم)) .[/FONT]
[FONT="]وقال الريَّاشيُّ: سمعت الأصمعي وقد قيل له : حفظتَ ونسي أصحابك , قال: (درستُ وتركوا) .[/FONT]
[FONT="]وقال رجل لأبي هريرة : إني أريد أن أتعلم العلم , وأخاف أن أضيعه , فقال أبو هريرة: (كفى بتركك له تضييعًا) .[/FONT]
[FONT="]وقال الفرَّاء: (لا أرحم أحدًا كرحمتي لرجلين : رجل يطلب العلم ولا فهم له , ورجل يفهم ولا يطلبه , وإني لأعجب ممن في وسعه أن يطلب العلم ولا يتعلم) .[/FONT]
[FONT="]وكان يُقال : (علم علمك من يجهل , وتعلم ممن يعلم , إذا فعلت ذلك علمت ما جهلت , وحفظت ما علمت) .[/FONT]
[FONT="]وعن عشق العلم , وأخذه بتلابيب العقول[/FONT][FONT="] , [/FONT][FONT="]عن محمد بن أحمد الواعظ قال : (قام أبو بكر الباغندي يصلي , فكبر , ثم قال : ((حدثنا محمد بن سليمان)) , فسبحنا به , فقال : ﴿[/FONT] [FONT="]بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم * الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِين ﴾) .[/FONT]
[FONT="]وروي عنه أيضًا قال : (قد حبب إلي الحديث , رأيت النبي , فلم أقل((ادع الله لي)) وقلت له : ((يارسول الله أيهما أثبت في الحديث : منصور أو الأعمش ؟ )) فقال لي: ((منصور , منصور)) ) , وقال ابن كثير : (إنه ربما يسرد بعض الأحاديث بأسانيدها في الصلاة والنوم , وهو لا يشعر) .[/FONT]
[FONT="]وختامًا أقول كما قال الراجز: [/FONT]
سأبدأ إن شاء الله تعالى عرض شرح الأصول الثلاثة مطولًا على هيئة حلقات , سائلًا الله جل وعلا أن ينفعني به يوم ألقاه , وأن ينفع به , وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا إنه ولي ذلك والقادر عليه .
[FONT="]بِسْـمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ[/FONT]
[FONT="]الحَمْدُ للهِ وَكَفَى , وَصَلَاةٌ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى لَاسِيَّمَا عَبْدِهِ المُصْطَفَى وَآلِهِ المُسْتَكْمِلِينَ الشَّرَفَا .[/FONT]
[FONT="]أَمَّا بَعْدُ ...[/FONT]
[FONT="]فَإِنَّ أَصْدَقَ الحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ , وَأَحْسَنَ الهَدْيِّ هَدْيُّ مُحَمَّدٍ , وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا , وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ , وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ , وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ .[/FONT]
[FONT="]لَمَّا كَانَ مِن مَقَاصِدِ التَّأْلِيفِ وَالتَّصْنِيفِ الَّتِي عَدَّهَا أَبُو حَيَّانَ : [/FONT]
[FONT="](جَمْعِ مُفْتَرِقٍ) – وَذَكَرَ سَبْعَةً غَيْرَهُ وَهِيَ: اخْتِرَاعَ مَعْدُومٍ , أَوْ تَكْمِيلَ نَاقِصٍ , أَوْ تَفْصِيلَ مُجْمَلٍ , أَوْ تَهْذِيبَ مُطَوَّلٍ , أَوْ تَرْتِيبَ مُخَلَّطٍ , أَوْ تَعْيِينَ مُبْهَمٍ , أَوْ تَبْيِينَ خَطَأٍ - كَانَ هَذَا تَجْمِيعُ شُرُوحِ مَتْنِ الأُصُولِ الثَّلَاثَةِ وَأَدِلَّتِهَا , جَمَعْتَهَا مِن وَقْعِ شُرُوحٍ لِمَشَايِخٍ كِبَارٍ مَشْهُودٍ لَهُمْ بِالْعِلْمِ وَسَلَامَةِ المَنْهَجِ – نَحْسَبُهُمْ كَذَلِكَ وَاللهُ حَسِيبُهُمْ – وَإِنْ كَانَ أَغْلَبُ مَا فِي الشَّرْحِ مُسْتَفَادًا مِن دُرُوسِ شَيْخِنَا الهُمَامِ / أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ الحَازِمِيِّ – حَفِظَهُ اللهُ وَنَفَعَ بِهِ – كَمَا أَدْرَجْتُ مَعَهُ بَعْضَ تَعْلِيقَاتٍ لِلْشَّيْخِ العَلَامَّةِ / مُحَمَّدِ بنِ صَالِحِ بنِ العُثَيْمِيِّنَ – رَحِمَهُ اللهُ – كَمَا كَانَ الشَّيْخُ الحَازِمِيُّ يَعْتَمِدُ تَعْلِيقَاتَهُ أَثْنَاءَ شَرْحِهِ , كَمَا أَخْبَرَ هُوَ فِي ثَنَايَا الشَّرْحِ , وَكَذَلِكَ أَفَدتُكَ تَعْلِيقَاتٍ مِن أَصْحَابِ الفَضِيلَةِ : [/FONT]
[FONT="]الشَّيْخِ / صَالِحِ الفَوْزَانَ (حَفِظَهُ اللهُ وَنَفَعَ بِهِ) .[/FONT]
[FONT="]الشَّيْخِ / صَالِحِ آلَ الشَيْخِ (حَفِظَهُ اللهُ وَنَفَعَ بِهِ) .[/FONT]
[FONT="]الشَّيْخِ / عَبْدِ اللهِ الفَوْزَانَ (حَفِظَهُ اللهُ وَنَفَعَ بِهِ) .[/FONT]
[FONT="]فَجَمَعْتُ الفَوَائِدَ وَرَتَّبْتَهَا , وَمَا كَانَ لِي مِن عَمَلٍ غَيْرِ ذَلِكَ , وَاللهَ أَسْأَلُ أَن يَرْزُقَنِي الإِخْلَاصَ , وَأَن يُبَارِكَ فِي هَذَا العَمَلِ وَيَنْفَعَنِي بِهِ وَيَنْفَعَ بِهِ غَيْرِي , وَأَن يَرْزُقَنِي بَرَكَةَ العِلْمِ المَنُوطَةَ بِعَزْوِهِ لِأَهْلِهِ , وَأَعُوذُ بِاللهِ مِن ثَوْبَيِّ الزُّورِ , وَأَن يَرْزُقَنِي اعْتِقَادًا صَحِيحًا خَالِصًا , وَاتِّبَاعًا صَوَابًا مُجَرَّدًا , إِنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ وَالقَادِرُ عَلَيْهِ .[/FONT]
[FONT="]وَهَذَا فَصْلٌ فِي أَهَمِيَّةِ العِلْمِ وَضَرُورَتِهِ وَفَضْلِهِ , وَالحَثِّ عَلَى تَوْجِيهِ مَعَالِي الهِمَمَ لِطَلَبِهِ[/FONT][FONT="] , [/FONT][FONT="]أُقدِّمُ بِهِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي المَقْصُودِ مِن شَرِحِ المَتْنِ , ألَّا يَسْتَثْقِلَ الطَّالِبُ طُولَ الشَّرْحِ وَتَفْرِيعَاتَهُ ؛ إِذْ فَشَى – وَلَا حَولَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ – بَيْنَ طَلَبَةِ العِلْمِ الاهْتِمَامُ بِالدُّرُوسِ العَامَةِ فَقَط دُونَ المَنْهَجِيِّ مِنْهَا , وَأَصْبَحَ الطُّلَّابُ لَا تَنْبَعِثُ هِمَمَهُم إِلَّا لِلَّطِيفِ مِنَ الدُّرُوسِ القَصَصِيةِ وَالوَعْظِيةِ العَامَّةِ – مَعَ عَدَمِ التَّقْلِيلِ مِن شَّأْنِ الوَعْظِ ؛ لَكِنْ لَا يَكُونُ هُوَ الأَصْلُ وَالأَسَاسُ الَّذِي يَنْشَطُ لَهُ الطُّلَّابُ عَلَى حِسَابِ الدُّرُوسِ المّنْهَجِيَّةِ الَّتِي تُؤَصِّلُ المَسَائِلَ وَتُحَرِّرُهَا – فَتَرَى الحُضُورَ فِي هَذِهِ الدُّرُوسِ كَثِيرًا وَللهِ الحَمْدُ , وَإِذَا نَظَرْتَ لِلدُّرُوسِ التَّأْصِيلِيَّةِ العِلْمِيَّةِ تَكَادُ تَرَى المَسْجِدَ خَالِيًا , وَإِلى اللهِ المُشْتَكَى , وَهَذِهِ لَيْسَتْ بِقَاعِدَةٍ عَامَّةٍ ؛ بَلْ هُنَاكَ الكَثِيرُ مِنَ الأَمَاكِنِ وَالمَسَاجِدِ مَا تَكْتَظُ بِطَلَبَةِ العِلْمِ المُجْتَهِدِينَ فِي الطَّلَبِ وَالمُثَابِرِينَ عَلَيْهِ , أَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْهُم ؛ وَإِن كُنَّا لَسْنَا أَهْلًا لِذَلِكَ ؛ وَلَكِنَّ الفَضْلَ عِنْدَ الكِرَامِ مَأْمُولُ , وَلَا أَكْرَمَ مِنَ المَلِكِ سُبْحَانَهُ وَبِحَمْدِهِ .[/FONT]
[FONT="]عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله : ((طلب العلم فريضة على كل مسلم)) .[/FONT] [FONT="]أخرجه من أصحاب الكتب الستة ابن ماجة : (1/81)، وأخرجه أبو يعلى في "مسنده" : (رقم : 2837)، والطبراني في "الأوسط" : (1/33) ، وغيرهم كثيرون ، وقد اختلف أهل العلم في هذا الحديث، فمنهم من صححه ومنهم من ضعفه , وممن صححه الألباني في "تخريج أحاديث مشكلة الفقر" وقال بعد أن تكلم عن طرقه : (إن طرقه يقوي بعضها بعضاً، بل أحدها حسن، فالحديث بمجموع ذلك صحيح بلا ريب عندي) .[/FONT]
[FONT="]وعن إسحاق بن منصور الكوسج قال: سمعت إسحاق بن راهوية يقول: (طلب العلم واجب , ولم يصح فيه الخبر , إلا أن معناه أن يلزمه طلب علم ما يحتاج إليه من وضوئه وصلاته , وزكاته إن كان له مال , وكذلك الحج وغيره ...) [/FONT]
[FONT="]قال أبو عمر (ابن عبد البر) : (يريد إسحاق – والله أعلم – أن الحديث في وجوب طلب العلم في أسانيده مقال لأهل العلم بالنقل , ولكن معناه صحيح عندهم , وإن كانوا قد اختلفوا فيه اختلافًا متقاربًا) .[/FONT]
[FONT="]وقال أبو عمر : قد أجمع العلماء على أن من العلم ما هو فرضٌ متعينٌ على كل امرئ في خاصة نفسه , ومنه ما هو فرضٌ على الكفاية إذا قام به قائم سقط فرضه عن أهل ذلك الموضع .[/FONT]
[FONT="]واختلفوا في تلخيص ذلك , والذي يلزم الجميع فرضٌ من ذلك ما لا يسع الإنسان جهله من جملة الفرائض المفترضة عليه نحو الشهادة باللسان والإقرار بالقلب بأن الله وحده لا شريك له , ولا شبه له , ولا مثل له ......[/FONT]
[FONT="]وأن القرآن كلام الله , وما فيه حق من عند الله يلزم الإيمان بجميعه , واستعمال محكمه , وأن الصلوات الخمس فريضة , ويلزمه من علمها علم ما لا تتم إلا به , من طهارتها وسائر أحكامها , وأن صوم رمضان فرض , ويلزمه علم ما يفسد صومه , وما لا يتم إلا به ......[/FONT]
[FONT="]إلى أشياء يلزمه معرفة جُمَلها , ولا يُعذر بجهلها , نحو تحريم الزنا , وتحريم الخمر , وأكل الخنزير , وأكل الميتة , والأنجاس كلها , والسرقة , والربا , والغصب , والرشوة في الحكم , والشهادة بالزور , وأكل أموال الناس بالباطل ...... [/FONT]
[FONT="]وما كان مثل هذا كله مما نطق به الكتاب , وأجمعت الأمة عليه , ثم سائر العلم وطلبه والتفقه فيه , وتعليم الناس إياه , وفتواهم به في مصالح دينهم ودنياهم , والحكم به بينهم فرض على الكفاية , يلزم الجميع فرضه , فإذا قام به قائم سقط فرضه عن الباقين , لا خلاف بين العلماء في ذلك , وحجتهم فيه قول الله عز وجل : ﴿وَمَا[/FONT][FONT="]كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِينفرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِن كُلِّ[/FONT][FONT="]فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لّيِتَفَقَّهُوا فِي الدّيِنِ وَلِيُنذِرُوا[/FONT][FONT="]قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِليْهِمْ[/FONT][FONT="]﴾ . فألزم النفيرَ في ذلك البعضَ دون الكل , ثم ينصرفون فيعلمون غيرهم , والطائفة في لسان العرب: الواحد فما فوقه .[/FONT]
[FONT="]وعن سفيان بن عيينة قال: سمعت جعفر بن محمد يقول: (وجدنا علم الناس كله في أربع: أولها: أن تعرف ربك , والثاني: أن تعرف ما صنع بك , والثالث: أن تعرف ما أراد منك , والرابع: أن تعرف ما تخرج من دينك ؛ وقال بعضهم: ما يُخرجك من دينك) . اهـ [/FONT][FONT="](بتصرف يسير من صحيح جامع بيان العلم وفضله)[/FONT]
[FONT="]وفي تفضيل العلم والتعليم على نوافل العبادات[/FONT][FONT="] , [/FONT][FONT="]جاء حديث عبد الله بن سعد الأنصاري , ولبعضه شاهد من حديث أبي ذر مرفوعًا , وكلاهما لم يصح إسناده , ولكن له أصل من كلام ابن مسعود موقوفًا عليه من طرق بألفاظ مختلفة , قال : ((إنكم أصبحتم في زمان كثيرٌ فقهاؤه قليل خطباؤه , قليلٌ سائلوه كثيرٌ معطوه , العمل فيه خير من العلم , وسيأتي على الناس زمان قليلٌ فقهاؤه كثيرٌ خطباؤه , قليلٌ معطوه كثيرٌ سائلوه , العلم فيه خير من العمل)) .[/FONT]
[FONT="]وقال ابن وهب : كنت عند مالك بن أنس فجاءت صلاة الظهر أو العصر وأنا أقرأ عليه , وأنظر في العلم بين يديه , فجمعت كتبي وقُمتُ لأركع , فقال لي مالكٌ: (ما هذا؟ قلت: أقوم للصلاة . قال: إنّ هذا لعجيب , فما الذي قُمتَ إليه بأفضل من الذي كنت فيه ؛ إذا صحت النيةُ فيه) .[/FONT]
[FONT="]وعن الربيع بن سليمان يقول: سمعت الشافعي يقول : (طلب العلم أفضل من الصلاة النافلة) .[/FONT]
[FONT="]ولكن هذا ليس مطلقًا بمعنى أن تُترك النوافل كلها لطلب العلم ؛ إذ الغاية من طلب العلم العمل به , فإن لم يعمل فلا ثمرة لعلمه هذا وساوى الجاهل في العمل بعلمه , فلا يسمى عالمًا , [/FONT][FONT="]فعن أبي عصمةَ عاصمِ بن عصامٍ البيهقي قال ( بتُّ ليلة عند الإمام أحمد فجاء بالماء[/FONT][FONT="]فلما أصبح نظر إلى الماء فإذا هو كما كان , فقال : سبحان الله , رجل يطلب العلم[/FONT][FONT="]لا يكون له وِرد بالليل)[/FONT][FONT="].[/FONT]
[FONT="]أنشد[/FONT][FONT="]عَمْرُو بْنُ الْجَاحِظِ[/FONT][FONT="]لِصَالِحِ بْنِ جَنَاحٍ فِي الْعِلْمِ[/FONT] :
[FONT="]تَعَلَّمْ إِذَا مَا كُنْتَ لَيْسَ بِعَالِمٍ[/FONT]
[FONT="]فَمَا الْعِلْمُ إِلا عِنْدَ أَهْلِ التَّعَلُّمِ[/FONT]
[FONT="]تَعَلَّمْ فَإِنَّ الْعِلْمَ زَيْنٌ لأَهْلِهِ[/FONT]
[FONT="]وَلَنْ تَسْتَطِيعَ الْعِلْمَ إِنْ لَمْ تُعَلَّمِ[/FONT]
[FONT="]تَعَلَّمْ فَإِنَّ الْعِلْمَ أَزْيَنُ بِالْفَتَى[/FONT]
[FONT="]وَلا خَيْرَ فِيمَنْ رَاحَ لَيْسَ بِعَالِمٍ[/FONT]
[FONT="]بَصِيرٍ بِمَا يَأْتِي وَلا مُتَعَلِّمِ[/FONT]
[FONT="]العلمُ فيه حياةٌ للقلوبِ كما[/FONT]
[FONT="]تحيا البلادُ إذا ما مَسَّها المطرُ[/FONT]
[FONT="]والعلمُ يجلو العمى عن قلبِ صاحِبِهِ[/FONT]
[FONT="]كما يجلى سوادُ الظلمةِ القمرُ[/FONT]
[FONT="]وكان بعضهم يقول: (متى تبلغ من العلم مبلغًا يُرضي؟ وأنت تؤثر النومَ على الدرس , والأكلَ على القراءة) .[/FONT]
[FONT="]قال الشيخ أبو الأشبال : هذا – والله – الحرص والاجتهاد , ولم يبلغ القوم ما بلغوا إليه إلا بعد بذل الجهد الشديد , والدأب في التحصيل والتعب الكثير , وسهر الليالي الطوال حتى حازوا ذلك الفضل والجاه العريض الباقي على أعقاب الليالي والأيام , ومن جَدَّ وجد .[/FONT]
[FONT="]كان مالك بن أنس يقول: (لا ينبغي لأحد يكون عنده العلم , أن يترك التعلُّم) .[/FONT]
[FONT="]قال ابن أبي غسان : (لا تزال عالمًا ماكنت متعلمًا , فإذا استغنيت كنت جاهلًا) .[/FONT]
[FONT="]وعن أبي الدرداء رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ[/FONT][FONT="]يقول: (من سلك طريقاً يبتغي فيه علماً سهل اللَّه له طريقاً إلى الجنة،[/FONT][FONT="]وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع، وإن العالم ليستغفر[/FONT][FONT="]له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على[/FONT][FONT="]العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن[/FONT][FONT="]الأنبياء لم يورّثوا ديناراً ولا درهماً إنما ورّثوا العلم، فمن أخذه أخذ[/FONT][FONT="]بحظ وافر) رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ وَالتِّرمِذِيُّ[/FONT].
[FONT="]قال ابن القيم في (مفتاح دار السعادة) : [/FONT]
[FONT="]وقوله ((وإن العلماء ورثة الأنبياء)) هذا من أعظم المناقب لأهل العلم , فإن الأنبياء خير خلق الله فورثتهم خير الخلق بعدهم , ولما كان كل موروث ينتقل ميراثه إلى ورثته ؛ إذ هم الذين يقومون مقامه من بعده , ولم يكن بعد الرسل من يقوم مقامهم في تبليغ ما أرسلوا به إلا العلماء , كانوا أحق الناس بميراثهم , وفي هذا تنبيه على أنهم أقرب الناس إليهم , فإن الميراث إنما يكون لأقرب الناس إلى الموروث , وهذا كما أنه ثابت في ميراث الدينار والدرهم , فكذلك هو في ميراث النبوة , والله يختص برحمته من يشاء.[/FONT]
[FONT="]قوله ((فمن أخذه أخذ[/FONT][FONT="]بحظ وافر)) أعظم الحظوظ وأجداها ما نفع العبد ودام نفعه له , وليس هذا إلا حظه من العلم والدين , فهو الحظ الدائم النافع الذي إذا انقطعت الحظوظ لأربابها , فهو موصول له أبد الآبدين , وذلك أنه موصول بالحي الذي لا يموت , فلذلك لا ينقطع ولا يفوت , وسائر الحظوظ تعدم وتتلاشى بتلاشي متعلقاتها , كما قال تعالى: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا﴾ ؛ فإن الغاية لما كانت منقطعة زائلة تبعتها أعمالهم فانقطعت عنهم أحوج ما يكون العامل إلى عمله وهذه هي المصيبة التي لا تجبر عياذًا بالله , واستعانةً به , وافتقارًا إليه , وتوكلًا عليه و ولا حول ولا قوة إلا بالله .[/FONT]
[FONT="]وقوله موت العالم مصيبة لا تجبر , وثلمة لا تسد , ونجم طمس , وموت قبيلة أيسر من موت عالم , لمَّا كان صلاح الوجود بالعلماء ولولاهم كان الناس كالبهائم , بل أسوأ حالًا , كان موت العالم مصيبة لا يجبرها إلا خَلْفُ غيره له .[/FONT]
[FONT="]قال أبو الدرداء : ((من رأى الغدو والرواح إلى العلم ليس بجهاد , فقد نقص عقله ورأيه)) , قال ابن القيم : فقوام الدين بالعلم والجهاد ؛ ولهذا كان الجهاد نوعين: جهاد باليد والسنان , وهذا المشارك فيه كثير , والثاني: الجهاد بالحجة والبيان , وهذا جهاد الخاصة من أتباع الرسل , وهو جهاد الأئمة , وهو أفضل الجهادين , لعظم منفعته , وشدة مؤنته , وكثرة أعدائه . قال تعالى : ﴿وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا[/FONT][FONT="] * فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا﴾ فهذا جهاد لهم بالقرآن , وهو أكبر الجهادين , وهو جهاد المنافقين أيضًا ؛ فإن المنافقين لم يكونوا يقاتلون المسلمين , بل كانوا معهم في الظاهر , وربما كانوا يقاتلون عدوهم معهم , ومع هذا فقد قال تعــالى : ﴿يَا[/FONT][FONT="]أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ﴾ [/FONT][FONT="]ومعلوم أن جهاد المنافقين بالحجة والبرهان .[/FONT]
[FONT="]والمقصـود : أن سبيل الله هي: الجهاد وطلب العلم ودعوة الخلق به إلى الله , ولهذا قال معاذ : (عليكم بطلب العلم , فإن تعلمه لله خشية , ومدارسته عبادة , ومذاكرته تسبيح , والبحث عنه جهاد) ؛ ولهذا قرن الله بين الكتاب المنزل والحديد الناصر , كما قال تعالى : [/FONT][FONT="]﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا[/FONT][FONT="]بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ[/FONT][FONT="]لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ[/FONT][FONT="]شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ[/FONT][FONT="]وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ[/FONT][FONT="]﴾ فذكر الكتاب والحديد إذ بهما قوام الدين , كما قيل:[/FONT]
[FONT="]فما هو إلا الوحيُ أو حدُّ مُرهَفٍ[/FONT]
[FONT="]تقيم ظباهُ أخدعًا كلَ مائلٍ[/FONT]
[FONT="]فهذا دواءُ الداءِ من كلِ جاهلٍ[/FONT]
[FONT="]و هذا دواءُ الداءِ من كلِ عاقلٍ[/FONT]
[FONT="]في الحال التي يُسأل (يُطلب) بها العلم[/FONT][FONT="] , [/FONT][FONT="]الإخلاص الإخلاص , [/FONT][FONT="]فقد روى مسلمٌ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت[/FONT][FONT="]رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن أول من تُسعر بهم النار يوم القيامة[/FONT][FONT="]ثلاثة , فذكرهم وذكر منهم رجلاً تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن , فأُتي به[/FONT][FONT="]فعرَّفه نعمه فعَرَفها , قال فما عملت فيها ؟ قال : تعلمت العلمَ وعلمته وقرأت[/FONT][FONT="]فيك القرآن , قال : كذبت , ولكنك تعلمت العلم ليقال : عالم , وقرأت القرآن[/FONT][FONT="]ليقال : هو قارئ . فقد قيل . ثم أُمر به فيسحب على وجهه حتى أُلقي في النار...[/FONT] ([FONT="].[/FONT]
[FONT="]وقال الحافظ البغدادي في (الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع) : (وليحذر أن يجعله سبيلاً إلى نيل الأعراض وطريقاً إلى أخذ الأعواض[/FONT] , [FONT="]فقد جاء الوعيد لمن ابتغى ذلك بعلمه .. ) ثم قال ( وليتق المفاخرة والمباهاة[/FONT][FONT="]به , وأن يكون قصده نيل الرئاسة واتخاذ الأتباع , وعقد المجالس , فإن الآفة[/FONT][FONT="]الداخلة على العلماء أكثرها من هذا الوجه) , وقال أيضاً ( وليجعل حفظه حفظ رعاية لا حفظ رواية , فإن رواة العلوم كثير[/FONT] , [FONT="]ورعاتها قليل , ورب حاضر كالغائب , وعالم كالجاهل , وحامل للحديث ليس معه منه شيء[/FONT][FONT="]...)[/FONT]
[FONT="]ثم ذكر الحسن البصري قوله ( همة العلماء الرعاية وهمة السفهاء[/FONT][FONT="]الرواية[/FONT][FONT="])[/FONT][FONT="] .اهـ[/FONT]
[FONT="]وعن أبي الدرداء قال: ((العلم بالتعلم)) .[/FONT]
[FONT="]وقال الريَّاشيُّ: سمعت الأصمعي وقد قيل له : حفظتَ ونسي أصحابك , قال: (درستُ وتركوا) .[/FONT]
[FONT="]وقال رجل لأبي هريرة : إني أريد أن أتعلم العلم , وأخاف أن أضيعه , فقال أبو هريرة: (كفى بتركك له تضييعًا) .[/FONT]
[FONT="]وقال الفرَّاء: (لا أرحم أحدًا كرحمتي لرجلين : رجل يطلب العلم ولا فهم له , ورجل يفهم ولا يطلبه , وإني لأعجب ممن في وسعه أن يطلب العلم ولا يتعلم) .[/FONT]
[FONT="]وكان يُقال : (علم علمك من يجهل , وتعلم ممن يعلم , إذا فعلت ذلك علمت ما جهلت , وحفظت ما علمت) .[/FONT]
[FONT="]وعن عشق العلم , وأخذه بتلابيب العقول[/FONT][FONT="] , [/FONT][FONT="]عن محمد بن أحمد الواعظ قال : (قام أبو بكر الباغندي يصلي , فكبر , ثم قال : ((حدثنا محمد بن سليمان)) , فسبحنا به , فقال : ﴿[/FONT] [FONT="]بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم * الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِين ﴾) .[/FONT]
[FONT="]وروي عنه أيضًا قال : (قد حبب إلي الحديث , رأيت النبي , فلم أقل((ادع الله لي)) وقلت له : ((يارسول الله أيهما أثبت في الحديث : منصور أو الأعمش ؟ )) فقال لي: ((منصور , منصور)) ) , وقال ابن كثير : (إنه ربما يسرد بعض الأحاديث بأسانيدها في الصلاة والنوم , وهو لا يشعر) .[/FONT]
[FONT="]وختامًا أقول كما قال الراجز: [/FONT]
[FONT="]إن لم تكونوا مثلَهم فتشبهوا[/FONT]
[FONT="]إن التشبه بالكرام فلاحُ[/FONT]