شبهة الجنس النبوي

إنضم
24/03/2012
المشاركات
36
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
العمر
43
الإقامة
فرنسا
من الشبهات التي تثار حول النبي صلى الله عليه و سلم , شبهة : الجنس , تقول الشبهة أن النبي صلى الله عليه و سلم - حاشاه - كان جنسيا و عارم الشهوة , و لذلك عدد النساء , و بهذا ينفون نبوته و ينتقصون مقامه .. و في المقابل يجئ الإخوة و الأخوات بالرد على هذا التهافت بالقول بأنه صلى الله عليه و سلم كان اطهر من هذا و آية ذلك , أنه صلى الله عليه و سلم لم يتزوج بكرا غير السيدة عائشة رضي الله عنها ,بل و أنه تزوج و هو في عنفوان الشباب حيث تكون الشهوة في اوج عرامتها بامرأة تكبره بخمس عشرة سنة و هي السيدة خديجة رضي الله عنها , و يضيفون ان الزواج باكثر من واحدة و اكثر من اربعة كما شرع الاسلام كان وراءه دوافع سياسية من جهة اي تأليف القبائل و دوافع عرفان و امتنان كما حدث مع صاحبيه ابي بكر و عمر رضي الله عنه و قد يستدلون بزهده و قوة رغبته في الاخرة و تساميه عن الدنيا و زينتها .. ثم يكتفون بهذا .
و نحن نجمل القول حول هذه الشبهة المتداعية في التالي :
1/ هذه الشبهة - افتراضا أنها منبعثة عن صدق رأي و ليس عن سوء نية - منبثقة عن الفكر المسيحي الرهباني الممزوج بالفكر المتفلسف الوثني الإشراقي القديم و المتصور حياة الإنسان الفاضل هو الإنسان المتشبه بالإله و بالتالي البعيد عن الشهوة الجنسية انقطاعا للتعبد و التبتل و طلبا للتزكي و التسامي, و من ثم أسقط المسيحيون هذه الصورة المنبثقة عن فكرهم المختلط بالفلسفات القديمة و حياة الرهبان في تاريخهم على النبي صلى الله عليه و سلم .. و كذلك الرد عليهم من قِبل الإخوة و الأخوات أكاد أشم منه و لو من بعيد تلك الصورة التي رسمها الفكر الصوفي في الخيال الإسلامي و هي : الإرتقاء و التسامي الروحي يعني بالضرورة البعد ما أمكن عن الحياة الجنسية و قد كان من تعاليم الصوفية : لا للزواج , و من تزوج فقد تبطل و لن يصل إلى مراده في الطريق .. هذه الصورة في الفكر الرهباني و الفكر الصوفي ناتجة عن وهم الخيال و ليس عن منطق الفطرة و حقائق العقل , كما سيتضح لاحقا .
2/ الإنسان خلق عجيب , فيه طاقات سامية جدا و طاقات منحطة جدا من حيث النظر الفاصل بينهما , و هو بتينك الطاقتين فقط يمكنه أن يحقق معنى إنسانيته في بُعدها الكلي الفاضل , على أن الحقيقة أن هاتين الطاقتين المشكلتين لحقيقة الوجود الإنساني تختلف من شخص لآخر من حيث الظهور و البروز .. فهناك حالاتان لهما : * التعادل , أي تكون كلتا الطاقتين متعادلة مع الأخرى في نفس صاحبها و هذا هو الإنسان الكامل .. اي لديه قدرة عظيمة على الرنو إلى جهة السماء بعقله و روحه و تأملاته في نفس الوقت الذي يستطيع التفاعل مع الأرض و دوافع الجسد فلا يصده هذا عن ذاك و لا ذاك عن ذا * التجاذب , أي وقوع التدافع بينهما مهما غلبت احداهما كان الحكم لها و هكذا يتراوح هذا الشخص بينهما .. و لما كان الإسلام إنما غايته هي تثوير معاني الإنسانية كأقصى ما يمكن في الإنسان , ما زال يحض اتباعه على الدنو من مستوى التعادل في طاقات الروح و طاقات الجسد حتى يستطيع ممارسة مهمته في الحياة كأحسن ما يكون .. و لهذا كان الأنبياء و الصالحون أعظم الناس اشراقا في النفس و صفاء في العقل و احسانا للتعامل مع دوافع الجسد و رغائبه . لاجل تعادل القوتين فيهم .
3/ ممارسة الجنس ليست عيبا و لا نقصية في حد ذاتها , و من ثم ليس يضير لا نبي الإسلام صلى الله عليه و سلم و لا غيره من الأناسي أن يمارس الجنس بكثرة .. إنما الضير كل الضير هو الانشغال به عن معاني النفس الأخرى و متطلبات الإجتماع أي عن حقائق مهمة هذا الإنسان في الحياة .. فالجنس غريزة من الغرائز المكونة للشخصية الإنسانية مثل الاكل و الشرب و النوم , فكما أنا لا يمكننا رمي الشخص الذي ياكل و يشرب بحسب ما تقتضيه طاقته الجسمية و طبيعة حركته في الحياة بالعيب و النقصية , فكذلك ليس يمكننا رمي الممارس لغريزة الجنس بحسب ما تقتضيه قدرته الجنسية قوة و ضعفا . و على اساس هذا نقول : مارس النبي صلى الله عليه و سلم الجنس و استجاب لغريزته و دوافعه , و لكن : هل فرط - حاشاه صلى الله عليه و سلم - في شئ من معاني النفس و أشواق الروح و متطلبات النبوة في نظام الإجتماع ؟؟ إن قلنا : لا , فلم العيب اذن و اتهامه صلى الله عليه و سلم - و ليس أهلا للتهمة - بالعرامة الجنسية بُغية التنقص من قدره و جلال منزلته ؟؟ و ان قلنا : نعم , فأين الدليل على هذا التفريط ؟؟
4/ عندما ننظر في فوائد الجنس كما يذكرها العلم المعاصر , تنتفي هذه التهمة المتهافتة , فاليوم يقولون للجنس فوائد منها :
1/ الجنس علاج للأرق ليلا فالجماع أحسن قرص منوم .
2 / الجنس يهدأ القلق و يخفف الإحباط .
3 / النشوة الجنسية أحسن علاج للاكتئاب النفسي وأفضل وسيلة للاستمتاع بالحياة .
4 / الجنس يخفف إضطرابات الحيض ويخفف آلام وعسر الطمث ( طبعا يكون في وقت طهر الزوجة ولكن أثره يبقى ) .
5 / الجنس المنتظم يساعد على تألق البشرة ونضارتها .
6 / يمنع تساقط الشعر وتقصفه .
7 / الجماع المنتظم ينظم الدورة الشهرية ويفرز هرمون البرومسترون الذي يزيد من خصوبة الزوجة العاقر .
8 / يخفف الألم العضلي لأنه يؤدي للاسترخاء العضلي العميق .
9 / الأورجازم (قمة النشوة الجنسية) أحسن علاج لآلم الظهر والسبب أن ممارسة الجنس تتسبب في إفراز هرمون الأندرفين القاتل للألم أفضل من الأسبرين .
10 / ممارسة الجنس أحسن من ممارسة الرياضة أو الرجيم فهي تساعد على تنشيط الدورة الدموية وتقوية العضلات .
11 / النشاط الجنسي يعزز وظائف جهاز المناعة مما يساعد على سرعة الشفاء من الأنفلونزة والنزلة البردية .
12 / يخفف معظم العلل السيكوسوماتية من الحموضة وعسر الهضم والتوتر والوساوس .
13 / يقوي الجهاز العضلي فهو يقي من هشاشة العظام في النساء بعد سن اليأس لأنه يساعد على إفراز هرمون الأستروجين .
14 / يؤخر الشيخوخة الشكلية لدى النساء بعد سن الأربعين .
15 / يساعد الجسم على إفراز هرمونات ومواد كيماوية مما يعزز خلايا T -cell المقاومة لسرطان الثدي والرحم .
16 / يخفف الأمراض الناتجة من التوتر كآلام الصداع والشقيقة وعسر الهضم وقرحة المعدة وآلام العنق ومشاكل الخصوبة وأمراض القلب لأنه يساعد على الاسترخاء العضلي والعصبي .
17 / الجنس يقوي التفكير الإبداعي فممارسة الجنس تحسر الهوة بين المخ الأيمن والأيسر مما يقوي ملكة التفكير الإبداعي .
و لا علينا أن تكون كل هذه " الفوائد " فوائد حقا و صدقا و لكن كثرة الدراسات المعاصرة حول فوائد الجنس توحي بأنه له فعلا فوائد شتى سواء على الصحية النفسية أم الصحية الجسدية .. و بقي أن نقول لما كانت للنبي صلى الله عليه و سلم دوافع معينة من كثرة الزواج كما قلنا آنفا كان لزاما أن تكون قوته الجنسية تضارع هذه الكثرة كيما يستطيع من اعفاف نسائه , و معلوم أنه ليس يعزز شعور المرأة بقيمتها كأنثى و يتفتق فيها معاني الإنسانية أكثر و أعظم من إعفافها إن من حيث الجنس و إن من حيث الشعور , و كيف لا ؟ و النبي صلى الله عليه و سلم نفسه يقول : خيركم خيركم لأهله و أنا خيركم لأهلي , و الخيرية هنا تشمل الجانب المادي ( من ضمنه الجنس) و المعنوي (الشعور) .
و الله تعالى أعلم .
 
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه . . .

أما بعد ،

قال القرطبي رحمه الله ونقله عنه ابن حجر في فتح الباري ووافقه عليه : (( هذا قول أبرزه الدلال والغيرة , وهو من نوع قولها ما أحمدكما ولا أحمد إلا الله , وإلا فإضافة الهوى إلى النبي صلى الله عليه وسلم لا تحمل على ظاهره , لأنه لا ينطق عن الهوى ولا يفعل بالهوى , ولو قالت إلى مرضاتك لكان أليق , ولكن الغيرة يغتفر لأجلها إطلاق مثل ذلك )) .

قلت : بل نطقت عائشة رضي الله عنها بالصواب ، فالله شرع لنبيه الذي وافق ما يهواه ويشتهيه , فأي سوء عبارة في ذلك ؟!

والحديث في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( كنت أغار على اللاتي يهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم , وأقول : أتهب المرأة نفسها ؟!
فلما أنزل الله تعالى : { ترجي من تشاء منهن وتؤوي من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك }
قلت : ما أرى ربك إلا يسارع في هواك !!)

وبعض المسلمين المتصدين للرد على الشبهات يجردون رسول الله صلى الله عليه وسلم من رجولته وفحولته التي هي من صفات الكمال البشري التي تحمدها العرب ظنًا منهم أنهم بذلك ينزهونه صلى الله عليه وسلم عما يشين مقام النبوة فيجعلونه كالعنين ناقص الذكورة الذي لا يهوى ولا يشتهي النساء .. فهذا مسلك غير حميد ؛ لأنه يخرج النبي صلى الله عليه وسلم عن آدميته ويجعله في مقام من لا تميل نفسه إلى شهوة مباحة أبدًا ، وبعد هذا يظن أنه ينزهه فيكون قد أعطاه صفة سلب لا مدح فيها .

ثم إنه ينبغي التفريق بين أمرين :
1- الهوى والشهوة المستقرة في النفس البشرية وهي مجبولة عليها .
2- اتباع الهوى ومخالفة الشرع في ذلك .

فأما النوع الأول فليس بمذموم لأنه ليس للأنسان يدٌ في ذلك البتة , فكيف يذم في شيء قد ركز في الطباع ؟
بل أذهب أبعد من ذلك - ولست أبالغ - , أن من لم يكن ذا شهوة فهو ناقص عن أقرانه , فمن لا يشتهي النساء رجل ناقص الذكورة ؛ فلا يمدح بذلك عرفًا ولا يرغبه الناس , بل هو عيب يحق للقاضي أن يفرق بين الزوجين بسببه وهو ما يسمى العنين .. فإذا كان نقص هذه الشهوة عيب ، فما يقابلها كمال بشري يمدح صاحبها .

وأما النوع الثاني وهو اتباع الهوى ومخالفة الشرع في ذلك ؛ فهذا هو المذموم وقد جاءت النصوص بذلك كما هو معلوم .

لهذا يجب فهم قول عائشة رضي الله عنها في ضوء هذا التفريق لأن ما فهمه الصحابة والمسلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم بشر يتزوج ويشتهي النساء كبقية البشر وليس في ذلك تثريب - كما تقدم - , وأما الكفار فهم الذين ذكر الله عنهم أنهم يستنكرون هذا على رسل الله , فأجابهم الله بقوله : { ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك وجعلنا لهم أزواجاً وذرية } [الرعد:38].
قال ابن الجوزي رحمه الله : (( سبب نزولها أن اليهود عيروا رسول الله صلى الله عليه وسلم بكثرة التزويج، وقالوا: لو كان نبياً كما يزعم ، شغلته النبوة عن تزويج النساء ، فنزلت هذه الآية، قاله أبو صالح عن ابن عباس )) زاد المسير (4/336) .
فأهل القلوب المريضة هم الذين يجعلون هذا طعناً في النبوة , أما أهل الفطر السليمة والعقول المستقيمة , فيعلمون ان ذلك لا يضر الرسالة بأدنى ضرر.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
 
الحمد لله رب العالمين وبه نستعين . . .

ليس في الزواج ما يخزي أو يخجل بل هو عين الطهارة لما فيه من تحصين المرء ، وإعانته على تقوى رب العالمين ؛ فشهوة النكاح هي من أشد الشهوات . ولذلك كان أكثر افتتان الناس بها ، لهذا كان قضاؤها وأمن غائلتها بالطريق الحلال المصطلح عليه في الشريعة أولى في العقل من التعرض بتركها لمعصية الرحمن وطاعة الشيطان .

وهذا الغرض منه هو أن يتفرغ خاطر النبي صلى الله عليه وسلم تفرغًا كليًا لأداء الرسالة ، والقيام بأعبائها ، كما يتفرغ الجائع بالأكل لأداء العبادات ؛ فالجائع إن قام يصلي غلبه جوعه وألح على عقله وخواطره فلا يمكنه التركيز في الصلاة ، كذلك المرء إن لم يكن محصنًا شغلته الشهوة عن التركيز في العبادات .

وكل هذا مراعاة لاجتماع الخواطر في طاعة الله تعالى ، وحذرًا من تفرق الهمم فيها ، ونظائر هذا في الشريعة مطلوب كالنهي عن الصلاة مع مدافعة البول أو الغائط ، وكل ما يلهي .

وبالجملة : فكل عبادة لله سبحانه وتعالى ينبغي للإنسان أن لا يدخل فيها حتى يحسم مواد اشتغال قلبه عنها ما أمكن ، وقريبًا من هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم : "لا يقضي القاضي وهو غضبان" لأن القضاء عبادة ، والغضب يشغل عنه ، وكذلك كل ما هو في معنى الغضب من مرض أو حر أو برد أو شبق ونحو ذلك .

ثم بعون الله نقول :

لو كانت شهوة النكاح والتكثير من الزوجات تقتضي الفضيحة والخزي والعار كما يصورها لنا العضو النصراني لافتضح بها الأنبياء كلهم ، بل جميع الخلق كآدم ونوح وإبراهيم ، وخصوصًا إسرائيل وداود وسليمان فإنهم كانوا كثيري النساء والسراري ، وكثرة تشاغل إبراهيم عليه السلام وبنيه بالجماع هو الذي أوجب كثرة نسلهم وانتشار الشعوب منهم ، لأن الجماع سبب النسل ، وكثرة المسبب يدل على كثرة السبب .

فإذا احتج علينا بترك عيسى عليه السلام للزواج ، نحتج عليه في فضل الزواج بفعل جميع الأنبياء له ، وليس المسيح بن مريم بخير من جميع الأنبياء عليهم السلام ، إلا على هذيان النصارى بأنه الله وابن الله ! ثم إن المسيح لو تأسى بسائر الأنبياء في الزواج والنسل لكان ذلك أكمل له ، وربما تركه لخاصية لا يضرنا خفاها عنّا .

وعمومًا لا يجوز لنا أن نقتدي به في ترك الزواج إلا إذا قال أمركم الله ألا تزاوجوا مثلاً ، وهذا غير موجود . فضلاً عن أنه ليس لدينا دليل صريح صحيح على أن عيسى لم يتزوج لا عند النصارى ولا عند المسلمين ، بل في آية الرعد 38 ما يدل على تزوج كل الرسل والله أعلم .

وبالجملة : نرد على العضو النصراني بأننا لا نسلم بكون النكاح يجلب الخزي والخجل للأنبياء لأن فيه مصالح منها ما تقدم ، وغض البصر ، وكف النفس ، والقدرة على العفة من الحرام، وتحصيل ذلك للزوجة ، فهو نفع لهما في الدنيا والآخرة . وشيء هذه مصالحه وهو مشروع للأنبياء وقد فعلوه ويحبونه يحمل المرء على الاقتداء بهم لتحصيل هذه المنافع .

في الخاتمة بعون الله نقول : إن من جعل شهوة النكاح عارًا ، فقد ألحق العار بسائر الأنبياء والصديقين والصالحين وعباد الله أجمعين . وإن عارًا يتلبس به كل هؤلاء ليس بعار ، ولولا هذه الشهوة لما وجد الأنبياء وشرائعهم ، وإنما هي عار على من اعتقدها عارًا ، ولولا هذا العار لما صار إلى النار .

والسلام على من اتبع الهدى .
 
عودة
أعلى