أبو الخير صلاح كرنبه
New member
- إنضم
- 18/07/2007
- المشاركات
- 627
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 16
[align=justify]السبت 14 من رجب1428هـ 28-7-2007م الساعة 03:47 م مكة المكرمة 12:47 م جرينتش الصفحة الرئيسة > المستشار > أطفالنا
[align=center]سُهَيْلَة.. والحصن المنيع !! [/align]
مفكرة الإسلام : كالفراشة الرائعة والزهرة اليانعة .. تتحرك يمنة ويسرة فتملأ الجو شذي وعطراً يسعد بها قلبي كلما ذكرتها كما تسعد بها عيني كلما رأيتها وفي يوم من الأيام اعتراها ما يعتري الصغار من أوجاع وأسقام وأخذت الحمى تسري في جسدها الصغير.. إنه احتقان الحلق الذي يتكرر على جميع الصغير تقريبا , ولكن الحّمى أخذت تتزايد وترتفع درجة الحرارة لتصل إلى 41ْ درجة, جرت الأم إلى الطبيب وهي تحمل سهيلة ذات الخمسة أعوام، وفي السيارة أثناء الطريق لم تكف الأم عن الدعاء وترديد الرقى الشرعية وأدعية المرض .. لقد بلغت الحمى بسهيلة درجة الهلوسة فماذا كانت تقول وتردد أثناء هذه اللحظات ؟! كانت تقول:
اقرءوا لي قرآن ... اقرءوا لي قرآن ..من يحبني يقرأ لي قرآن !!
فهل أدركت الصغيرة أن القرآن هو ملاذها فى هذا الموقف العصيب وحصنها الذى تحتمى به وتلجا إليه؟
الموقف قد يتكرر مع الكثيرين منا , فيقرأ الطفل المريض أو المحموم بالذات آيات من القرآن أو يطلب سماعه بإلحاح كما فعلت سهيلة.
˜ فما هي الدلالات التربوية لهذا الموقف ؟
1- مسئولية النقش فى قلوب الصغار:
من أقوى الدلالات التي يثيرها هذا الموقف وينبه عليها: أن قلوب الأحباب الصغار شديدة النقاء والتأثر شديدة القابلية لتلقي ما يطبعه الكبار فيها, مما يجعل مسئوليتهم كبيرة أمام الله تعالى، يقول النبي صلى الله عليه وسلم "إن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ أم ضيّع؟" ويقول الإمام الغزالي :
" الصبي أمانة عند والديه , وقلبه الصغيرة جوهرة طاهرة نفيسة ساذجة خالية من كل نقش وصورة وهو قابل لكل ما نقش فيه , ومائل إلى كل ما يمال به إليه , فإن عُوّد الخير وتعلمه نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة وشاركه في ثوابه والداه وكل معلم له ومؤدب، وإن عُوّد الشر وأُهْمِلَ إهمال البهائم شقي وهلك وكان الوزر في رقبة القيم عليه والوالي له, ومهما كان الأدب يصونه عن نار الدنيا , فبأن يصونه عن نار الآخرة أولي وصيانته بأن يؤدبه ويهذبه."
فالطفل بسلوكه واهتماماته ومظهره إنما هو من نقش والديه، فمن الأمور المسلم بها لدي علماء التربية والأخلاق أن الطفل حين يولد يكون على فطرة التوحيد , وعقيد الإيمان بالله , وعلي أصالة الطهر والبراءة فإذا تهيأت له التربية المنزلية الواعية والخلطة الاجتماعية الصالحة , والبيئة التعليمية المؤمنة نشأ الولد ولاشك على الإيمان الراسخ والأخلاق الفاضلة .
وينشأ ناشئ الفتيان منا=على ما كان عوَّده أبوه
وما دان الفتى بحجىً ولكن=يعلمه التدين أقربوه
2- أهمية السنوات الأولي من عمر الطفل فى عملية التربية وبناء شخصية الطفل:
يتعلم الطفل في سنواته الأولي أكثر بكثير مما يتصوره الآباء , فإن العادات يمكن أن يكتسبها بسهولة كلما كانت سنة أصغر حيث أن 90% من العملية التربوية تتم في السنوات الخمس الأولي، وتتجلى أهمية الطفولة المبكرة «مرحلة ما قبل التمييز، أو مرحلة ما قبل المدرسة» حين نعلم أن الطفولة الإنسانية أطول من أي طفولة في الكائنات الحية، كما تتميز الطفولة الإنسانية بالصفاء والمرونة والفطرية، وتمتد زمناً طويلاً يستطيع المربي خلاله أن يغرس في نفس الطفل ما يريد، وما يتربى عليه الطفل يثبت معه على مدى حياته كلها، وما يتلقاه فى الطفولة المبكرة يرسم الملامح الأساسية لشخصيته المقبلة، ويكون من الصعب جداً إزاحة بعض هذه الملامح مستقبلاً حتى لو كانت غير سوية، تقول مارجريت ماهلر:" إن السنوات الثلاث الأولى من حياة كل إنسان تعتبر ميلاد آخر"
ولأن الله جعل الوالدين مسؤولين عن عقيدة الطفل؛ فإنه جعل الطفل يتلقى من والديه فقط طيلة طفولته المبكرة، وجعله يرى والديه مثلاً أعلى في كل شيء حسن فلا يصدق غيرهما، وذلك ليحصن الله عز وجل الطفل من التأثيرات القادمة من خارج الأسرة في الطفولة المبكرة، كما جعل الله سبحانه وتعالى الطفل يعتمد على والديه في كل شيء خلال هذه المرحلة، وهذا يساعدهما على تنفيذ المهمة الموكلة إليهما.
كما أن الطفل في هذه الفترة يميل إلى إرضاء والده , يحاول أن يستخرج منه عبارات المديح والثناء والإعجاب , فإذا علم الآباء والمربون ذلك كان من البديهي أن يحرصوا كل الحرص على استغلال هذه الفترة في بناء شخصية الولد إيمانياً وحسن تأديبه وتعليمه.
يقول ابن الجوزي رحمه الله تعالي :
" أقَْوَم التقويم ما كان في الصغر , وأما إن ترك الولد وطبعه فنشأ عليه ومرن كان رده صعبا "
قال الشاعر :
قد ينفع الأدب الأحداث في مهل=وليس ينفع في ذي الشيبة الأدب
إن الغصون إذا عدلتها اعتدلت=ولا يلين إذا قومته الخشب
فليطرح الآباء والأمهات والمربون إذن وراء ظهورهم تلك العبارة التي طالما وقفت حجرة عثرة في سبيل تأديب كثير من الأبناء " إنهم مازالوا صغاراً " أو " عندما يكبرون سيعرفون كل شئ ".[/align]
يتبع : =
[align=center]سُهَيْلَة.. والحصن المنيع !! [/align]
مفكرة الإسلام : كالفراشة الرائعة والزهرة اليانعة .. تتحرك يمنة ويسرة فتملأ الجو شذي وعطراً يسعد بها قلبي كلما ذكرتها كما تسعد بها عيني كلما رأيتها وفي يوم من الأيام اعتراها ما يعتري الصغار من أوجاع وأسقام وأخذت الحمى تسري في جسدها الصغير.. إنه احتقان الحلق الذي يتكرر على جميع الصغير تقريبا , ولكن الحّمى أخذت تتزايد وترتفع درجة الحرارة لتصل إلى 41ْ درجة, جرت الأم إلى الطبيب وهي تحمل سهيلة ذات الخمسة أعوام، وفي السيارة أثناء الطريق لم تكف الأم عن الدعاء وترديد الرقى الشرعية وأدعية المرض .. لقد بلغت الحمى بسهيلة درجة الهلوسة فماذا كانت تقول وتردد أثناء هذه اللحظات ؟! كانت تقول:
اقرءوا لي قرآن ... اقرءوا لي قرآن ..من يحبني يقرأ لي قرآن !!
فهل أدركت الصغيرة أن القرآن هو ملاذها فى هذا الموقف العصيب وحصنها الذى تحتمى به وتلجا إليه؟
الموقف قد يتكرر مع الكثيرين منا , فيقرأ الطفل المريض أو المحموم بالذات آيات من القرآن أو يطلب سماعه بإلحاح كما فعلت سهيلة.
˜ فما هي الدلالات التربوية لهذا الموقف ؟
1- مسئولية النقش فى قلوب الصغار:
من أقوى الدلالات التي يثيرها هذا الموقف وينبه عليها: أن قلوب الأحباب الصغار شديدة النقاء والتأثر شديدة القابلية لتلقي ما يطبعه الكبار فيها, مما يجعل مسئوليتهم كبيرة أمام الله تعالى، يقول النبي صلى الله عليه وسلم "إن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ أم ضيّع؟" ويقول الإمام الغزالي :
" الصبي أمانة عند والديه , وقلبه الصغيرة جوهرة طاهرة نفيسة ساذجة خالية من كل نقش وصورة وهو قابل لكل ما نقش فيه , ومائل إلى كل ما يمال به إليه , فإن عُوّد الخير وتعلمه نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة وشاركه في ثوابه والداه وكل معلم له ومؤدب، وإن عُوّد الشر وأُهْمِلَ إهمال البهائم شقي وهلك وكان الوزر في رقبة القيم عليه والوالي له, ومهما كان الأدب يصونه عن نار الدنيا , فبأن يصونه عن نار الآخرة أولي وصيانته بأن يؤدبه ويهذبه."
فالطفل بسلوكه واهتماماته ومظهره إنما هو من نقش والديه، فمن الأمور المسلم بها لدي علماء التربية والأخلاق أن الطفل حين يولد يكون على فطرة التوحيد , وعقيد الإيمان بالله , وعلي أصالة الطهر والبراءة فإذا تهيأت له التربية المنزلية الواعية والخلطة الاجتماعية الصالحة , والبيئة التعليمية المؤمنة نشأ الولد ولاشك على الإيمان الراسخ والأخلاق الفاضلة .
وينشأ ناشئ الفتيان منا=على ما كان عوَّده أبوه
وما دان الفتى بحجىً ولكن=يعلمه التدين أقربوه
2- أهمية السنوات الأولي من عمر الطفل فى عملية التربية وبناء شخصية الطفل:
يتعلم الطفل في سنواته الأولي أكثر بكثير مما يتصوره الآباء , فإن العادات يمكن أن يكتسبها بسهولة كلما كانت سنة أصغر حيث أن 90% من العملية التربوية تتم في السنوات الخمس الأولي، وتتجلى أهمية الطفولة المبكرة «مرحلة ما قبل التمييز، أو مرحلة ما قبل المدرسة» حين نعلم أن الطفولة الإنسانية أطول من أي طفولة في الكائنات الحية، كما تتميز الطفولة الإنسانية بالصفاء والمرونة والفطرية، وتمتد زمناً طويلاً يستطيع المربي خلاله أن يغرس في نفس الطفل ما يريد، وما يتربى عليه الطفل يثبت معه على مدى حياته كلها، وما يتلقاه فى الطفولة المبكرة يرسم الملامح الأساسية لشخصيته المقبلة، ويكون من الصعب جداً إزاحة بعض هذه الملامح مستقبلاً حتى لو كانت غير سوية، تقول مارجريت ماهلر:" إن السنوات الثلاث الأولى من حياة كل إنسان تعتبر ميلاد آخر"
ولأن الله جعل الوالدين مسؤولين عن عقيدة الطفل؛ فإنه جعل الطفل يتلقى من والديه فقط طيلة طفولته المبكرة، وجعله يرى والديه مثلاً أعلى في كل شيء حسن فلا يصدق غيرهما، وذلك ليحصن الله عز وجل الطفل من التأثيرات القادمة من خارج الأسرة في الطفولة المبكرة، كما جعل الله سبحانه وتعالى الطفل يعتمد على والديه في كل شيء خلال هذه المرحلة، وهذا يساعدهما على تنفيذ المهمة الموكلة إليهما.
كما أن الطفل في هذه الفترة يميل إلى إرضاء والده , يحاول أن يستخرج منه عبارات المديح والثناء والإعجاب , فإذا علم الآباء والمربون ذلك كان من البديهي أن يحرصوا كل الحرص على استغلال هذه الفترة في بناء شخصية الولد إيمانياً وحسن تأديبه وتعليمه.
يقول ابن الجوزي رحمه الله تعالي :
" أقَْوَم التقويم ما كان في الصغر , وأما إن ترك الولد وطبعه فنشأ عليه ومرن كان رده صعبا "
قال الشاعر :
قد ينفع الأدب الأحداث في مهل=وليس ينفع في ذي الشيبة الأدب
إن الغصون إذا عدلتها اعتدلت=ولا يلين إذا قومته الخشب
فليطرح الآباء والأمهات والمربون إذن وراء ظهورهم تلك العبارة التي طالما وقفت حجرة عثرة في سبيل تأديب كثير من الأبناء " إنهم مازالوا صغاراً " أو " عندما يكبرون سيعرفون كل شئ ".[/align]
يتبع : =