الجكني
مشارك نشيط
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ،الذي خلق الزوجين الذكر والأنثى والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
يعتبر ضبط أسماء الكتب أمراً ضرورياً، فهي بمنزلة أسماء الناس والأماكن والبلدان وغيرها0
والذي أعرفه ويعرفه غيري من أهل القراءات أن للإمام أبي معشر الطبري رحمه الله (ت 478) كتاباً في القراءت سماه هو نفسه "الجامع " وزاد عليه غيره من بعض العلماء اسماً آخر هو "سوق العروس"0
وكل من سماه بهذا الاسم الأخير فهو عنده "سوق" بالسين المهملة ،ولم أجد من ذكر غير ذلك إلا الدكتور : عبد الصبور شاهين في كتابه (تاريخ القرآن) حيث قال في الصفحة 222: "وبعد الهذلي بسنوات جاء أبو معشر عبد الكريم الطبري (ت478)فألف كتابه (شوق العروس)في القراءات الشاذة 0انتهى 0
وكنت أظن أن في التسمية تصحيفاً لكن زال هذا الظن مباشرة عند قراءة الحاشية التي جعلها الدكتور نفسه على الكلمة حيث علق بقوله :" ويذكر مصحفاً بالسين المهملة " (حاشية :2 من نفس الصفحة) 0
وحقيقة لم تستوقفني عبارة الدكتور التي جعل فيها "سوق العروس "في القراءات الشاذة بقدر ما استوقفني هذا العنوان الجديد الذي لم يذكر مصدره ،ولم أجد إلى هذه اللحظة من ذكره ،فأحببت أن أعرف مصدر هذه المعلومة ولكن لم أصل لذلك إلى الآن 0
إذن : عندنا عنوانان للكتاب ،فيا ترى أيهما الصواب ؟
لمعرفة ذلك يجب أن نعرف ما هو المعنى اللغوي لكل منهما ،فأقول وبالله التوفيق :
1- سَوق بالسين المهملة المفتوحة: من (ساق الماشية سَوقاً وسِياقة)بالكسر ،ثم استعمل (مجازاً ) فقالوا : ساق إلى المرأة مهرها وصداقها سياقاً : أرسله ،سواء كان دراهم أم دنانير ،وعلَق الزبيدي رحمه الله على هذا بقوله :"أصل الصداق عند العرب :الإبل ،وهي التي تساق فاستعمل ذلك في الدرهم والدينار (وغيرهما ) ،ومنه الحديث أنه قال لعبد الرحمن وقد تزوج بامرأة من الأنصار :ما سقت إليها ،أي :ما أمهرتها ؟(تاج العروس:ساق )
وقال في نفس المادة مما استدركه على القاموس :"السَوق :المهر ،وضع موضعه وإن لم يكن إبلاً أو غنماً "0
2- شوق :بالشين المعجمة : نزاع النفس إلى الشيء بالاشتياق قالوا : قد شاقه حبها شوقاً:هاجه 0
فأي المعنيين قصده أبو معشر عنواناً لكتابه ؟
لو فرضنا عدم وجود الإجماع على تسميته بالسين المهملة لما سميناه إلا بها لأنها هي المناسبة ل (العروس) وهي المعهودة والمشهورة عند كثير من الأدباء 0
وأرى الإمام أبا معشر هنا وكأنه يقدم هذا الكتاب (مهراً) لعروسه ، وبعيد كل البعد – عندي – أن يقصد عروساً من عرائس الدنيا ،وإنما هي عروس من عرائس الآخرة ؛الحور العين ، فهذا الذي يقصده هؤلاء العلماء رحمهم الله تعالى ، وهذا هو الذي يعبرون عنه بعبارات (الغزل ) وذكر( الحسان) وغير ذلك ،وهو ما عناه إمامنا الشاطبي رحمه الله تعالى في منظومته "حرز الأماني ووجه التهاني " المشهورة ب "الشاطبية " حيث قال رحمه الله :
(شفا ) لم تضق نفساً بها رم دوا ضن 0000ثوى كان ذا حسن سآى منه قد جلا
وقوله:
نعم إذ تمشت (زينب ) صال دلها 0000سمي جمال واصلاً من توصلا
وقوله :
وقد (سحبت ) ذيلاً ضفا ظل زرنب 000جلته صباه شائقاً ومعللا
وقوله في خاتمة القصيدة :
وقد كسيت منها المعاني عناية 0000كما عريت عن كل عوراء مفصلا
قال شارحه أبو شامة رحمه الله :عنى بذلك القافية ،جعلها (عروساً ) حسناء ميمونة الجلوة منزهة المفاصل عن العيوب على طولها وصعوبة مسلكها 0
فأرى أن أبا معشر رحمه الله إنما سمَى كتابه (سوق) بفتح السين من هذا الباب ومن هذا المشرب 0والله أعلم
الحمد لله رب العالمين ،الذي خلق الزوجين الذكر والأنثى والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
يعتبر ضبط أسماء الكتب أمراً ضرورياً، فهي بمنزلة أسماء الناس والأماكن والبلدان وغيرها0
والذي أعرفه ويعرفه غيري من أهل القراءات أن للإمام أبي معشر الطبري رحمه الله (ت 478) كتاباً في القراءت سماه هو نفسه "الجامع " وزاد عليه غيره من بعض العلماء اسماً آخر هو "سوق العروس"0
وكل من سماه بهذا الاسم الأخير فهو عنده "سوق" بالسين المهملة ،ولم أجد من ذكر غير ذلك إلا الدكتور : عبد الصبور شاهين في كتابه (تاريخ القرآن) حيث قال في الصفحة 222: "وبعد الهذلي بسنوات جاء أبو معشر عبد الكريم الطبري (ت478)فألف كتابه (شوق العروس)في القراءات الشاذة 0انتهى 0
وكنت أظن أن في التسمية تصحيفاً لكن زال هذا الظن مباشرة عند قراءة الحاشية التي جعلها الدكتور نفسه على الكلمة حيث علق بقوله :" ويذكر مصحفاً بالسين المهملة " (حاشية :2 من نفس الصفحة) 0
وحقيقة لم تستوقفني عبارة الدكتور التي جعل فيها "سوق العروس "في القراءات الشاذة بقدر ما استوقفني هذا العنوان الجديد الذي لم يذكر مصدره ،ولم أجد إلى هذه اللحظة من ذكره ،فأحببت أن أعرف مصدر هذه المعلومة ولكن لم أصل لذلك إلى الآن 0
إذن : عندنا عنوانان للكتاب ،فيا ترى أيهما الصواب ؟
لمعرفة ذلك يجب أن نعرف ما هو المعنى اللغوي لكل منهما ،فأقول وبالله التوفيق :
1- سَوق بالسين المهملة المفتوحة: من (ساق الماشية سَوقاً وسِياقة)بالكسر ،ثم استعمل (مجازاً ) فقالوا : ساق إلى المرأة مهرها وصداقها سياقاً : أرسله ،سواء كان دراهم أم دنانير ،وعلَق الزبيدي رحمه الله على هذا بقوله :"أصل الصداق عند العرب :الإبل ،وهي التي تساق فاستعمل ذلك في الدرهم والدينار (وغيرهما ) ،ومنه الحديث أنه قال لعبد الرحمن وقد تزوج بامرأة من الأنصار :ما سقت إليها ،أي :ما أمهرتها ؟(تاج العروس:ساق )
وقال في نفس المادة مما استدركه على القاموس :"السَوق :المهر ،وضع موضعه وإن لم يكن إبلاً أو غنماً "0
2- شوق :بالشين المعجمة : نزاع النفس إلى الشيء بالاشتياق قالوا : قد شاقه حبها شوقاً:هاجه 0
فأي المعنيين قصده أبو معشر عنواناً لكتابه ؟
لو فرضنا عدم وجود الإجماع على تسميته بالسين المهملة لما سميناه إلا بها لأنها هي المناسبة ل (العروس) وهي المعهودة والمشهورة عند كثير من الأدباء 0
وأرى الإمام أبا معشر هنا وكأنه يقدم هذا الكتاب (مهراً) لعروسه ، وبعيد كل البعد – عندي – أن يقصد عروساً من عرائس الدنيا ،وإنما هي عروس من عرائس الآخرة ؛الحور العين ، فهذا الذي يقصده هؤلاء العلماء رحمهم الله تعالى ، وهذا هو الذي يعبرون عنه بعبارات (الغزل ) وذكر( الحسان) وغير ذلك ،وهو ما عناه إمامنا الشاطبي رحمه الله تعالى في منظومته "حرز الأماني ووجه التهاني " المشهورة ب "الشاطبية " حيث قال رحمه الله :
(شفا ) لم تضق نفساً بها رم دوا ضن 0000ثوى كان ذا حسن سآى منه قد جلا
وقوله:
نعم إذ تمشت (زينب ) صال دلها 0000سمي جمال واصلاً من توصلا
وقوله :
وقد (سحبت ) ذيلاً ضفا ظل زرنب 000جلته صباه شائقاً ومعللا
وقوله في خاتمة القصيدة :
وقد كسيت منها المعاني عناية 0000كما عريت عن كل عوراء مفصلا
قال شارحه أبو شامة رحمه الله :عنى بذلك القافية ،جعلها (عروساً ) حسناء ميمونة الجلوة منزهة المفاصل عن العيوب على طولها وصعوبة مسلكها 0
فأرى أن أبا معشر رحمه الله إنما سمَى كتابه (سوق) بفتح السين من هذا الباب ومن هذا المشرب 0والله أعلم