محمد يزيد
Active member
بسم1
داخلُ الملتقى هو إما عالم أو طالب علم.
و العالمُ إما مفسِّرٌ مجتهدٌ سابقٌ أو مفسرٌ مقتصِدٌ.
وطالب العلم إما قديمٌ لم يطرق التفسيرَ بالبحث والتدبر إلا قليلا أو جديدٌ على التفسير بالكلية.
وهذا الأخيرُ يرى في المتخاصمين عجبًا؛ وفي موضوعات الخصومة عجائبَ، فكيف إن كان حديث عهد بدين الله.
وما عليه من عُتبٍ إذْ جهِل دواعي احتدام اللججِ والجدالِ من أطراف النزاعِ؛ حين تقدمَ بهم البحث في مكنونات الكتاب العزيزِ وراموا أجلَّ الفوائد من بعدُ، فكان حالهم كحال كل ذي صنعةٍ عزيزة نفيسةٍ لا يدركُ أسرارها إلا القليل، ومدارُ التفاوتِ في مراتبِ أربابهَا السابقينَ المتقدمين فيها يتأتَّى من المهارةِ والحذق بدقائق المعرفة بها ومتانة الإتقان.
والمحاججاتُ العلميةُ ليستْ موطنَ العجب، لكن بما يرى من فوضى لا حد لها.
إن الخلط وعدم الانتظام في البحث العلمي في القرآن الكريم وقلة الاستفادة العلمية منه هاهنا مردُّه إلى أسبابٍ كثيرةٍ منها جمع المراتب السالفةِ في صعيدٍ واحدٍ؛ ليدليَ الكلُّ بما عنده، وذلك غير مأمون العواقبِ، والدواعي للتنبه لهذا والحدّ من الإكثار منه خُلُقيةٌ وعِلْميةٌ وحِكْمِيَّة.
فأما الخُلُقيةُ فالناسُ ليسوا سواءً؛ وقد يتأذى العلماءُ فيستنكفونَ عن الإدلاء بما ينفع. وهم وإن صبروا واصطبروا فلا طاقة لهم بمجالسَ يُهانونَ فيها فيهان العلم، والأصل في الملتقى العلمي أنه علميٌّ يرتاده المتأدبون بآداب أهل العلم لا دعويٌّ ابتدَاءً لمن عدموها.
والفرق واضحٌ بين من يطلب العلم الشريفَ فيكون لخُلُقه متممًا؛ ومن يطلب العلم ومالَهُ من خلاق.
وأما العلميةُ والحكمية فليس من اللائق الأفيَدِ جمعُ من يختبلُ في الفاعل والمفعولِ وخبر كان مع علماءَ في مسائلَ يلزمها الإحاطة بعلومٍ جمةٍ من علوم القرآن.
وعليه فإنّي أرى أن الملتقى بحاجة إلى تجديد في المستقبل إن أرادت إدارته الكريمة له النماء والمُضيَّ في المستقبل لمواجهته رهانات مدارسة العلم المستقبلية باحترافيةٍ ونجاحٍ؛ وأرى أن يعتمد الاختبارات التقييمية فيه، وتصنيف رواَّده، واعتمادَ تقييداتٍ وفق تلك التقييمات والتصنيفات لمن يحق له المشاركة في منشوراتٍ بعينها، على أن لا تمسَّ التصنيفات الاختلاف المذهبي وأن تراعي اختلاف المدارس الإسلامية في شتى بقاع الأرض.
أقول هذا وقد أحسستُ كما أحسَّ غيري بجهودٍ معتبرةٍ مشكورةٍ لمبادراتٍ قام بها المشرفون حفظهم الله هدفها الانتقائية في المشاركِين أنفسهم والمشارَكاتِ المعروضة. لكني أظنُّ أنَّها تحفيزيةٌ محدودةُ المنخرطين في برامجها –كمثال: دعوة للكتابة على موقع تفسير، ومسابقة قراءة في كتاب-؛ لا إلزاميةٌ مُحَدِّدةٌ مسار النفع والانتفاع.
والله أعلى وأعلمُ، وصلى الله وسلَّم على نبينَا محمد صلى الله عليه وسلم.