(سيماهم في وجوههم من أثر السجود) الأثر المعنوي أم الحسي؟

ابو حنيفة

New member
إنضم
08/05/2004
المشاركات
77
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الموقع الالكتروني
www.qquran.com
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين أما بعد :
يعلم الجميع أن الله قد أكرم عباده المؤمنين ومنّ عليهم بطاعته وجعلها لهم سبيلا للوصول الى غايتهم التي يبتغون الوصول اليها وهي دار الكرامة في جنات النعيم ، ومن ذلك أنه ميّز العابدين القائمين الصائمين عن غيرهم في حسن طليعتهم ، وجمال خلقتهم ، ونضارتهم ...
والمتأمل في الايات يلحظ هذه الدلالة على الأقل في الحياة الآخرة قال سبحانه (وجوه يومئذ ناضرة) ، ( وجوه يومئذ ناعمة) ( تعرف في وجوههم نضرة النعيم).
وفي الدنيا مشاهد وملاحظ مابين الصالحين من عباد الله وغيرهم من أهل الفسق والفجور من اختلاف في البهاء النضارة ..ولايتنازع فيه اثنان.
وحينما قرأت قوله تعالى ( سيماهم في وجوههم من أثر السجود) تذكرت مارأيت من اثر في وجوه الصالحين والعبّاد فوجدت أن هناك أثرا مثل ركبة العنز ، غير أني لم أجده في آخرين فبحثت في كتب التفسير فوجدت عدة أقوال لم أوفق في تمييزها والتوصل الى تفسير واضح فأحببت أن أرود هذا الجمع لبعض أقوال أهل التفسير بين يدي الباحثين في هذا الملتقى المبارك لعلي أجد توضيحا منهم.
[align=center]من جامع البيان عن تأويل آي القران للإمام الطبري ت 310هـ[/align]
وقوله : { سيماهم في وجوههم من أثر السجود } يقول : علامتهم في وجوههم من أثر السجود في صلاتهم . ثم اختلف أهل التأويل في السيما الذي عناه الله في هذا الموضع .
1/فقال بعضهم : ذلك علامة يجعلها الله في وجوه المؤمنين يوم القيامة , يعرفون بها لما كان من سجودهم له في الدنيا . ذكر من قال ذلك عن ابن عباس { سيماهم في وجوههم من أثر السجود } قال : صلاتهم تبدو في وجوههم يوم القيامة. و عن خالد الحنفي , قوله : { سيماهم في وجوههم من أثر السجود } قال : يعرف ذلك يوم القيامة في وجوههم من أثر سجودهم في الدنيا , وهو كقوله : { تعرف في وجوههم نضرة النعيم } وعن عطية , في قوله : { سيماهم في وجوههم من أثر السجود } قال : مواضع السجود من وجوههم يوم القيامة أشد وجوههم بياضا . وعن مقاتل بن حيان , قال : { سيماهم في وجوههم من أثر السجود } قال : النور يوم القيامة . قال علي بن المبارك : سمعت غير واحد عن الحسن , في قوله : { سيماهم في وجوههم من أثر السجود } قال : بياضا في وجوههم يوم القيامة .
2/ وقال آخرون : بل ذلك سيما الإسلام وسمته وخشوعه , وعنى بذلك أنه يرى من ذلك عليهم في الدنيا .ذكر من قال ذلك عن ابن عباس , في قوله : { سيماهم في وجوههم } قال : السمت الحسن ., عن ابن عباس , في قوله : { سيماهم في وجوههم من أثر السجود } قال : أما إنه ليس بالذي ترون , ولكنه سيما الإسلام وسحنته وسمته وخشوعه . عن مجاهد { سيماهم في وجوههم من أثر السجود } قال : الخشوع والتواضع . * عن مجاهد { سيماهم في وجوههم من أثر السجود } قال : الخشوع . عن مجاهد , في هذه الآية { سيماهم في وجوههم من أثر السجود } عن مجاهد , في قوله : { سيماهم في وجوههم من أثر السجود } قال : هو الخشوع , فقلت : هو أثر السجود , فقال : إنه يكون بين عينيه مثل ركبة العنز , وهو كما شاء الله .
3/ وقال آخرون : ذلك أثر يكون في وجوه المصلين , مثل أثر السهر , الذي يظهر في الوجه مثل الكلف والتهيج والصفرة , وأشبه ذلك مما يظهره السهر والتعب في الوجه , ووجهوا التأويل في ذلك إلى أنه سيما في الدنيا . ذكر من قال ذلك : عن الحسن { سيماهم في وجوههم من أثر السجود } قال : الصفرة . حدثنا ابن عبد الأعلى , قال : ثنا المعتمر , عن أبيه , قال : زعم الشيخ الذي كان يقص في عسر , وقرأ { سيماهم في وجوههم من أثر السجود } فزعم أنه السهر يرى في وجوههم. عن شمر بن عطية , في قوله : { سيماهم في وجوههم } قال : تهيج في الوجه من سهر الليل .
4/وقال آخرون : ذلك آثار ترى في الوجه من ثرى الأرض , أو ندى الطهور . ذكر من قال ذلك : عن سعيد بن جبير , في قوله : { سيماهم في وجوههم من أثر السجود } قال : ثرى الأرض , وندى الطهور . وعن عكرمة يقول : { سيماهم في وجوههم من أثر السجود } قال : هو أثر التراب .
الراجح عن الطبري
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : إن الله تعالى ذكره أخبرنا أن سيما هؤلاء القوم الذين وصف صفتهم في وجوههم من أثر السجود , ولم يخص ذلك على وقت دون وقت . وإذ كان ذلك كذلك , فذلك على كل الأوقات , فكان سيماهم الذي كانوا يعرفون به في الدنيا أثر الإسلام , وذلك خشوعه وهديه وزهده وسمته , وآثار أداء فرائضه وتطوعه , وفي الآخرة ما أخبر أنهم يعرفون به , وذلك الغرة في الوجه والتحجيل في الأيدي والأرجل من أثر الوضوء , وبياض الوجوه من أثر السجود . وبنحو الذي قلنا في معنى السيما قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : عن قتادة { سيماهم في وجوههم من أثر السجود } يقول : علامتهم أو أعلمتهم الصلاة .
[align=center]جامع أحكام القران للقرطبي ت671هـ[/align]
السيما العلامة , وفيها لغتان : المد والقصر , أي لاحت علامات التهجد بالليل وأمارات السهر . وفي سنن ابن ماجه عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار ] . وقال ابن العربي : ودسه قوم في حديث النبي صلى الله عليه وسلم على وجه الغلط , وليس عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه ذكر بحرف . وقد روى ابن وهب عن مالك " سيماهم في وجوههم من أثر السجود " ذلك مما يتعلق بجباههم من الأرض عند السجود , وبه قال سعيد بن جبير . وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم : صلى صبيحة إحدى وعشرين من رمضان وقد وكف المسجد وكان على عريش , فانصرف النبي صلى الله عليه وسلم من صلاته وعلى جبهته وأرنبته أثر الماء والطين . وقال الحسن : هو بياض يكون في الوجه يوم القيامة . وقاله سعيد بن جبير أيضا , ورواه العوفي عن ابن عباس ; قاله الزهري . وفي الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة , وفيه : [ حتى إذا فرغ الله من القضاء بين العباد وأراد أن يخرج برحمته من أراد من أهل النار أمر الملائكة أن يخرجوا من النار من كان لا يشرك بالله شيئا ممن أراد الله أن يرحمه ممن يقول لا إله إلا الله فيعرفونهم في النار بأثر السجود تأكل النار ابن آدم إلا أثر السجود حرم الله على النار أن تأكل أثر السجود ] . وقال شهر بن حوشب : يكون موضع السجود من وجوههم كالقمر ليلة البدر . وقال ابن عباس ومجاهد : السيما في الدنيا وهو السمت الحسن . وعن مجاهد أيضا : هو الخشوع والتواضع . قال منصور : سألت مجاهدا عن قوله تعالى : " سيماهم في وجوههم " أهو أثر يكون بين عيني الرجل ؟ قال لا , ربما يكون بين عيني الرجل مثل ركبة العنز وهو أقسى قلبا من الحجارة ولكنه نور في وجوههم من الخشوع . وقال ابن جريج : هو الوقار والبهاء . وقال شمر بن عطية : هو صفرة الوجه من قيام الليل . قال الحسن : إذا رأيتهم حسبتهم مرضى وما هم بمرضى . وقال الضحاك : أما إنه ليس بالندب في وجوههم ولكنه الصفرة . وقال سفيان الثوري : يصلون بالليل فإذا أصبحوا رئي ذلك في وجوههم , بيانه قوله صلى الله عليه وسلم : [ من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار ] . وقد مضى القول فيه آنفا . وقال عطاء الخراساني : دخل في هذه الآية كل من حافظ على الصلوات الخمس .
[align=center]تفسير القران العظيم للحافظ ابن كثير ت 701هـ[/align]" وقوله جل جلاله " سيماهم في وجوههم من أثر السجود " قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما سيماهم في وجوههم يعني السمت الحسن وقال مجاهد وغير واحد يعني الخشوع والتواضع وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا علي بن محمد الطنافسي حدثنا حسين الجعفي عن زائدة عن منصور عن مجاهد " سيماهم في وجوههم من أثر السجود " قال الخشوع قلت ما كنت أراه إلا هذا الأثر في الوجه فقال ربما كان بين عيني من هو أقسى قلبا من فرعون وقال السدي الصلاة تحسن وجوههم وقال بعض السلف من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار وقد أسنده ابن ماجه في سننه عن إسماعيل بن محمد الصالحي عن ثابت بن موسى عن شريك عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار " والصحيح أنه موقوف وقال بعضهم إن للحسنة نورا في القلب وضياء في الوجه وسعة في الرزق ومحبة في قلوب الناس وقال أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه ما أسر أحد سريرة إلا أبداها الله تعالى على صفحات وجهه وفلتات لسانه والغرض أن الشيء الكامن في النفس يظهر على صفحات الوجه فالمؤمن إذا كانت سريرته صحيحة مع الله تعالى أصلح الله عز وجل ظاهره للناس كما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : من أصلح سريرته أصلح الله تعالى علانيته وقال أبو القاسم الطبراني حدثنا محمود بن محمد المروزي حدثنا حامد بن آدم المروزي حدثنا الفضل بن موسى عن محمد بن عبيد الله العرزمي عن سلمة بن كهيل عن جندب بن سفيان البجلي رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم" ما أسر أحد سريرة إلا ألبسه الله تعالى رداءها إن خيرا فخير وإن شرا فشر " العرزمي متروك وقال الإمام أحمد حدثنا حسن بن موسى حدثنا ابن لهيعة حدثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " لو أن أحدكم يعمل في صخرة صماء ليس لها باب ولا كوة لخرج عمله للناس كائنا ما كان" وقال الإمام أحمد حدثنا حسن حدثنا زهير حدثنا قابوس بن أبي ظبيان أن أباه حدثه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن الهدي الصالح والسمت الصالح والاقتصاد جزء من خمسة وعشرين جزءا من النبوة " ورواه أبو داود عن عبد الله بن محمد النفيلي عن زهير به فالصحابة رضي الله عنهم خلصت نياتهم وحسنت أعمالهم فكل من نظر إليهم أعجبوه في سمتهم وهديهم وقال مالك رضي الله عنه بلغني أن النصارى كانوا إذا رأوا الصحابة رضي الله عنهم الذين فتحوا الشام يقولون والله لهؤلاء خير من الحواريين فيما بلغنا وصدقوا في ذلك فإن هذه الأمة معظمة في الكتب المتقدمة وأعظمها وأفضلها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد نوه الله تبارك وتعالى بذكرهم في الكتب المنزلة والأخبار المتداولة.

[align=center]من التحريروالتنوير للطاهر بن عاشور ت1393هـ[/align]
والسيما: العلامة، وتقدم عند قوله تعالى )تعرفهم بسيماهم( في البقرة وهذه سيما خاصة هي من أثر السجود.
واختلف في المراد من السيما التي وصفت بأنها من أثر السجود على ثلاثة أنحاء :
الأول: أنها أثر محسوس للسجود.
الثاني أنها من الأثر النفسي للسجود.
الثالث أنها أثر يظهر في وجوههم يوم القيامة.
فبالأول فسر مالك بن أنس وعكرمة وأبو العالية قال مالك: السيما هي ما يتعلق بجباههم من الأرض عند السجود مثل ما تعلق بجبهة النبي صلى الله عليه وسلم من أثر الطين والماء لما وكف المسجد صبيحة إحدى وعشرين من رمضان. وقال السعيد وعكرمة: الأثر كالغدة يكون في جبهة الرجل.
وليس المراد أنهم يتكلفون حدوث ذلك في وجوههم ولكنه يحصل من غير قصد بسبب تكرر مباشرة الجبهة للأرض وبشرات الناس مختلفة في التأثر بذلك فلا حرج على من حصل له ذلك إذا لم يتكلفه ولم يقصد به رياء.
وقال أبو العالية: يسجدون على التراب لا على الأثواب.
والى النحو الثاني فسر الأعمش والحسن وعطاء والربيع ومجاهد عن ابن عباس وابن جزء والضحاك. فقال الأعمش: من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار. وقريب منه عن عطاء والربيع بن سليمان. وقال ابن عباس: هو حسن السمت.
وقال مجاهد: هو نور من الخشوع والتواضع. وقال الحسن والضحاك: بياض وصفرة وتهيج يعتري الوجوه من السهر.
والى النحو الثالث فسر سعيد بن جبير أيضا والزهري وابن عباس في رواية العوفي والحسن أيضا وخالد الحنفي وعطية وشهر بن حوشب: أنها سيما تكون لهم يوم القيامة، وقالوا: هي بياض يكون في الوجه يوم القيامة كالقمر ليلة البدر يجعله الله كرامة لهم.
وأخرج الطبراني وابن مردويه عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله في قوله تعالى )سيماهم في وجوههم من أثر السجود(: النور يوم القيامة، قيل وسنده حسن. وهو لا يقتضي تعطيل بقية الاحتمالات إذ كل ذلك من السيما المحمودة ولكن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أعلاها.
والله ولي التوفيق واهو أرحم الراحمين
 
الصحيح حمل السيما في الآية على العموم, فجميع آثار السجود الحسية والمعنوية, في الدنيا والآخرة, داخلة في معنى الآية, واختاره قتادة(ت:117), وعطاء الخراساني(ت:135), وابن جرير(ت:310).
 
عودة
أعلى