عمرو الشاعر
New member
- إنضم
- 24/05/2006
- المشاركات
- 128
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 16
- الإقامة
- مصر
- الموقع الالكتروني
- www.amrallah.com
بسم الله الرحمن الرحيم
يشغب كثيرا من أعداء الدين على القرآن بخصوص مسألة البيان فيرون أن القرآن يحتوي كثيرا من السور الغامضة التي لا يفهمها حتى مشائخ الإسلام أنفسهم , وبداهة لا يعرف لها العوام مغزى أو مرادا ! ويضربون على ذلك بعض الأمثلة , وتأتي على رأس هذه الأمثلة سورة العاديات , حيث أنها تمثل النموذج المفضل لهؤلاء المشغبين من شباب الإنترنت فأصبحت مضرب الأمثال ونموذجا للتحدي , فيسأل هؤلاء : ما هو وجه البلاغة والإعجاز في هذه السورة وما هو معناها أصلا ؟
والحق يقال أن السورة تحتوي فعلا كلمتين لم نعد نستعملها هذه الأيام ولم نعد ندرك معناهما بسهولة إلا إذا رجعنا إلى المعاجم وهما " الضبح و الكند " وما عدا ذلك فهو من المعروف المتداول ولكن المشكلة أن السادة المفسرين شغبوا على المعاني المتباردة إلى الذهن ! ولكن هل يعني هذا أن السورة غامضة أو لا تحتوي أوجها بلاغية عظيمة ؟ بداهة هم في هذا واهمون لأنهم ما تدبروا السورة وما نظروا فيها حق النظر , لذا فسنقوم متكلين على الله بالتعرض لهذه السورة لنستخرج لك عزيزي القارئ أوجها بلاغية عظيمة معان إعجازية جليلة وتقسيمات عجيبة لم تخطر على بال هؤلاء الشباب الأغرار, كما أننا سنقدم فهما جديدا في مسألة العاديات الموريات المغيرات المثيرات وحجتنا في هذا أنه لم يأت حديث صحيح مرفوع إلى النبي الكريم في معنى هذه الألفاظ , كما أن الصحابة أنفسهم والتابعون لم يجزموا فيها بمعنى , كما أن كل التفسيرات الواردة فيها لا تتطابق تمام التطابق مع النص القرآني , لذلك احتار المفسرون أيما حيرة في هذه السورة , فتراهم يعرضون الأقوال ولا يستطيعون أن يجزموا فيها بشيء ! لذا فإننا عندما نقدم الجديد لا نكون قد خالفنا إجماعا أو رأيا محتما وإنما نقدم فهما جديدا للنصوص يتطابق مع الألفاظ الواردة في السورة ويجعل السورة كلها وحدة واحدة ذات معنى عظيم .
وعلى عكس المألوف في تعاملنا مع سور القرآن فإنا سنقوم بتقديم التقسيم البلاغي للسورة قبل تعرضنا لها , ونقدم كذلك بعض الأوجه البلاغية ثم نبدأ في التعليق على السورة الكريمة :
نلاحظ أن مبنى هذه السورة الكريمة كلها قائم على الحدث الفردي والتتابع الثنائي له ! وننظر في السورة الكريمة لنر بأعيننا :
فإذا نحن نظرنا في أول السورة وجدنا أن الله تعالى يقسم ب " العاديات ضبحا " فهذا مقسم به فردي , ثم بعد ذلك يأتي وصف تابع لهذا المقسم به وهذا الوصف وصف ثنائي ( موريات قدحا , مغيرات صبحا ) , ثم يأتي بعد ذلك توصيف بالفعل لهذا المقسم به وهو توصيف ثنائي كذلك ( أثرن به نقعا , وسطن به جمعا ) , ثم يأتي بعد ذلك المقسم عليه , فالله أقسم بالعاديات الموصوفة وصفا ثنائيا مثنى ( وصف بالاسم وبالفعل !) والمقسم عليه قوله تعالى " إن الإنسان لربه لكنود " , ونجد كذلك أن التتابع الثنائي يصدق في جواب القسم , فنجد أن الجواب جوابان وهما قوله تعالى " إن الإنسان لربه لكنود " وكذلك " إن ربهم بهم يومئذ لخبير " .
فإذا نحن نظرنا في المقسم عليه وجدنا أن ما يصدق على المقسم به يصدق كذلك في المقسم عليه ! فسنجد أن المقسم عليه وهو " إن الإنسان لربه لكنود " موصوف بوصف ثنائي بقوله " وإنه على ذلك لشهيد وإنه لحب الخير لشديد " ثم بعد ذلك تعلق بجملتين فعليتين وهما قوله تعالى " أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور " . فانظر أخي في الله إلى هذا التقسيم العجيب :
آية يتعلق بها آيتين اسميتين وآيتين فعليتين ثم يتعلق بها إثنان من المقسم عليهما ! ثم نأتي إلى المقسم عليه الأول فنجد أنه كذلك موصوف بجملتين اسميتين ومتعلق به جملتان فعليتان !
فإذا نجن عرضنا لبعض الأوجه البلاغية في السورة نجد التالي :
تقارب بين الضبح والصبح ! وبين العاديات والموريات !
سجع بين " ضبحا و قدحا و صبحا "
سجع بين قوله تعالى " نقعا و جمعا " وقوله " كنود و شهيد و شديد " وكذلك قوله " القبور و الصدور و خبير "
" فأثرن به " وفي الآية التالية " فوسطن به "
تقابل بين البعثرة والتحصيل " بعثر ما " و " حصل ما "
وبعد هذا العرض السريع للتقسيم البديع لهذه السورة الكريمة نبدأ الآن في التعامل مع هذه السورة :
المشهور بين المفسرين أن السورة تدور حول الخيول أو الجمال , ولم نر على حد علمنا تفسيرا آخر للعاديات ! ولكنا نرى أن العاديات ليس لها أي علاقة لا بالخيل ولا بالإبل , وإن كل ما في الأمر هو تقاطع جزئي لمدلولات الآيات مع مدلولات هذه الألفاظ , ونبدأ بتقديم تصورنا للسورة :
تبدأ السورة بقوله تعالى " والعاديات ضبحا " فما هي العاديات وما هو الضبح ؟ العاديات جمع عادية , والعادية اسم فاعل مؤنث من عدو , فما هو ال عدو ؟
إذا نحن نظرنا في المقاييس وجدنا أنه يأتي بالمعنى التالي :
" العين والدال والحرف المعتل أصلٌ واحدٌ صحيحٌ يرجع إليه الفروعَ كلّها، وهو يدلُّ على تجاوُزٍ في الشيء وتقدُّمٍ لما ينبغي أن يقتصر عليه. من ذلك العَدْو، وهو الحُضْر. تقول: عدا يعدو عَدْواً، وهو عادٍ. قال الخليل: والعُدُوُّ مضموم مثقّل، وهما لغتان: إحداهما عَدْو كقولك غَزْو، والأُخرى عُدُوّ
كقولك حُضور وقُعود. قال الخليل: التعدّي: تجاوز ما ينبغي أن يُقْتَصَر عليه.
والعادي: الذي يعدو على الناس ظُلْماً وعُدواناً.
وفلانٌ يعدو أمرَكَ، وما عَدَا أنْ صَنَع كذا............. وتقول: ما رأيت أحداً ما عدا زَيْداً. قال الخليل: أي ماء جاوَزَ زيداً. ويقال: عدا فلانٌ طَورَه.
ومنه العُدْوانُ، قال: وكذلك العَدَاء، والاعتداء، والتعدِّي. .........
قال: والعُدْوان: الظلم الصُّراح . والاعتداء مشتقٌّ من العُدْوَان . فأمَّا العَدْوَى فقال الخليل: هو طلبك إلى والٍ أو قاضٍ أن يُعدِيَك على مَن ظَلَمك أي يَنقِم منه باعتدائه عليك. والعَدْوَى ما يقال إِنّه يُعدِي، من جَرَبٍ أو داء . وفي الحديث: "لا عَدْوَى ولا يُعدِي شيء شيئاً". والعُدَاء كذلك . وهذا قياسٌ، أي إذا كان به داء لم يتجاوزْه إليك. والعَدْوَة عَدوَة اللّصّ وعدوة المُغِير. يقال عدا عليه فأخَذَ مالَه، وعدا عليه بسيفه: ضَرَبه لا يريد به عدواً على رجليه، لكن هو من الظُّلم.
وأما قوله : فإنّه يريد أنّها تجاوَزَتْ حتَّى شغلت. ويقال: كُفَّ عنا عادِيتَك.
والعادية: شُغل من أشغال الدَّهر يَعدُوك عن أمرك، أي يَشغلُك.والعَدَاء: الشُّغْل. ....... وقد يقال العُِدْوة في معنى العَداء، وربما طُرحت الهاء فيقال عِدْوٌ، ويُجمَع فيقال: أعداء النّهر، وأعداء الطريق. قال:
ونقول: عَدَّى [عن الأمر] يعدِّي تعديةً، أي جاوزَه إلى غيره .
وعدّيت عنِّي الهَمَّ، أي نحّيته عنِّي. وعدِّ عنِّي إلى غيري.
وعَدِّ عن هذا الأمر، أي تجاوَزْه وخُذ في غيره. قال النابغة:
فعدِّ عمّا ترى إِذْ لا ارتجاعَ لـه وانمِ القُتود على عَيرانةٍ أُجُدِوتقول: تعدّيت المفازةَ، أي تجاوزتُها إلى غيرها. .......... " اهـ
إذا فالله تعالى يقسم بالعاديات وهي كما قلنا جمع عادية , وهي اسم فاعل مؤنث من العدو, فهل من الممكن أن تكون بمعنى الطامة أو الظالمة أو الغاشية ؟ كما ورد في المقاييس ؟ بداهة هذا المعنى غير مراد على الإطلاق , فالله تعالى لا يقسم بما فيه ضرر وظلم للناس وإنما ينبهم إلى ما فيه كل الخير . فما المراد من العادية هنا إذا ؟ هي كلمة كثيرة المعاني ولكنها تدور كلها بين سرعة الحركة والاعتداء ! فما هو المراد من العاديات في هذه السورة عند استبعاد مدلول الاعتداء؟ الملاحظ أن السادة المفسرين قاطبة يكادون يجمعون أن المراد من العاديات هو الخيل أو الإبل ويستندون في ذلك إلى ما ورد في الأثر :
" ما روى عن علي عليه السلام وابن مسعود أنها الإبل ، وهو قول إبراهيم والقرظي روى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : «بينا أنا جالس في الحجر إذ أتاني رجل فسألني عن العاديات ضبحاً ، ففسرتها بالخيل فذهب إلى علي عليه السلام وهو تحت سقاية زمزم فسأله وذكر له ما قلت ، فقال : ادعه لي فلما وقفت على رأسه ، قال : تفتي الناس بما لا علم لك به ، والله إن كانت لأول غزوة في الإسلام بدر وما كان معنا إلا فرسان فرس للزبير وفرس للمقداد والعاديات ضبحاً الإبل من عرفة إلى مزدلفة ، ومن المزدلفة إلى منى ، يعني إبل الحاج ، قال ابن عباس : فرجعت عن قولي إلى قول علي عليه السلام» اهـ
يتبع .....
يشغب كثيرا من أعداء الدين على القرآن بخصوص مسألة البيان فيرون أن القرآن يحتوي كثيرا من السور الغامضة التي لا يفهمها حتى مشائخ الإسلام أنفسهم , وبداهة لا يعرف لها العوام مغزى أو مرادا ! ويضربون على ذلك بعض الأمثلة , وتأتي على رأس هذه الأمثلة سورة العاديات , حيث أنها تمثل النموذج المفضل لهؤلاء المشغبين من شباب الإنترنت فأصبحت مضرب الأمثال ونموذجا للتحدي , فيسأل هؤلاء : ما هو وجه البلاغة والإعجاز في هذه السورة وما هو معناها أصلا ؟
والحق يقال أن السورة تحتوي فعلا كلمتين لم نعد نستعملها هذه الأيام ولم نعد ندرك معناهما بسهولة إلا إذا رجعنا إلى المعاجم وهما " الضبح و الكند " وما عدا ذلك فهو من المعروف المتداول ولكن المشكلة أن السادة المفسرين شغبوا على المعاني المتباردة إلى الذهن ! ولكن هل يعني هذا أن السورة غامضة أو لا تحتوي أوجها بلاغية عظيمة ؟ بداهة هم في هذا واهمون لأنهم ما تدبروا السورة وما نظروا فيها حق النظر , لذا فسنقوم متكلين على الله بالتعرض لهذه السورة لنستخرج لك عزيزي القارئ أوجها بلاغية عظيمة معان إعجازية جليلة وتقسيمات عجيبة لم تخطر على بال هؤلاء الشباب الأغرار, كما أننا سنقدم فهما جديدا في مسألة العاديات الموريات المغيرات المثيرات وحجتنا في هذا أنه لم يأت حديث صحيح مرفوع إلى النبي الكريم في معنى هذه الألفاظ , كما أن الصحابة أنفسهم والتابعون لم يجزموا فيها بمعنى , كما أن كل التفسيرات الواردة فيها لا تتطابق تمام التطابق مع النص القرآني , لذلك احتار المفسرون أيما حيرة في هذه السورة , فتراهم يعرضون الأقوال ولا يستطيعون أن يجزموا فيها بشيء ! لذا فإننا عندما نقدم الجديد لا نكون قد خالفنا إجماعا أو رأيا محتما وإنما نقدم فهما جديدا للنصوص يتطابق مع الألفاظ الواردة في السورة ويجعل السورة كلها وحدة واحدة ذات معنى عظيم .
وعلى عكس المألوف في تعاملنا مع سور القرآن فإنا سنقوم بتقديم التقسيم البلاغي للسورة قبل تعرضنا لها , ونقدم كذلك بعض الأوجه البلاغية ثم نبدأ في التعليق على السورة الكريمة :
نلاحظ أن مبنى هذه السورة الكريمة كلها قائم على الحدث الفردي والتتابع الثنائي له ! وننظر في السورة الكريمة لنر بأعيننا :
فإذا نحن نظرنا في أول السورة وجدنا أن الله تعالى يقسم ب " العاديات ضبحا " فهذا مقسم به فردي , ثم بعد ذلك يأتي وصف تابع لهذا المقسم به وهذا الوصف وصف ثنائي ( موريات قدحا , مغيرات صبحا ) , ثم يأتي بعد ذلك توصيف بالفعل لهذا المقسم به وهو توصيف ثنائي كذلك ( أثرن به نقعا , وسطن به جمعا ) , ثم يأتي بعد ذلك المقسم عليه , فالله أقسم بالعاديات الموصوفة وصفا ثنائيا مثنى ( وصف بالاسم وبالفعل !) والمقسم عليه قوله تعالى " إن الإنسان لربه لكنود " , ونجد كذلك أن التتابع الثنائي يصدق في جواب القسم , فنجد أن الجواب جوابان وهما قوله تعالى " إن الإنسان لربه لكنود " وكذلك " إن ربهم بهم يومئذ لخبير " .
فإذا نحن نظرنا في المقسم عليه وجدنا أن ما يصدق على المقسم به يصدق كذلك في المقسم عليه ! فسنجد أن المقسم عليه وهو " إن الإنسان لربه لكنود " موصوف بوصف ثنائي بقوله " وإنه على ذلك لشهيد وإنه لحب الخير لشديد " ثم بعد ذلك تعلق بجملتين فعليتين وهما قوله تعالى " أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور " . فانظر أخي في الله إلى هذا التقسيم العجيب :
آية يتعلق بها آيتين اسميتين وآيتين فعليتين ثم يتعلق بها إثنان من المقسم عليهما ! ثم نأتي إلى المقسم عليه الأول فنجد أنه كذلك موصوف بجملتين اسميتين ومتعلق به جملتان فعليتان !
فإذا نجن عرضنا لبعض الأوجه البلاغية في السورة نجد التالي :
تقارب بين الضبح والصبح ! وبين العاديات والموريات !
سجع بين " ضبحا و قدحا و صبحا "
سجع بين قوله تعالى " نقعا و جمعا " وقوله " كنود و شهيد و شديد " وكذلك قوله " القبور و الصدور و خبير "
" فأثرن به " وفي الآية التالية " فوسطن به "
تقابل بين البعثرة والتحصيل " بعثر ما " و " حصل ما "
وبعد هذا العرض السريع للتقسيم البديع لهذه السورة الكريمة نبدأ الآن في التعامل مع هذه السورة :
المشهور بين المفسرين أن السورة تدور حول الخيول أو الجمال , ولم نر على حد علمنا تفسيرا آخر للعاديات ! ولكنا نرى أن العاديات ليس لها أي علاقة لا بالخيل ولا بالإبل , وإن كل ما في الأمر هو تقاطع جزئي لمدلولات الآيات مع مدلولات هذه الألفاظ , ونبدأ بتقديم تصورنا للسورة :
تبدأ السورة بقوله تعالى " والعاديات ضبحا " فما هي العاديات وما هو الضبح ؟ العاديات جمع عادية , والعادية اسم فاعل مؤنث من عدو , فما هو ال عدو ؟
إذا نحن نظرنا في المقاييس وجدنا أنه يأتي بالمعنى التالي :
" العين والدال والحرف المعتل أصلٌ واحدٌ صحيحٌ يرجع إليه الفروعَ كلّها، وهو يدلُّ على تجاوُزٍ في الشيء وتقدُّمٍ لما ينبغي أن يقتصر عليه. من ذلك العَدْو، وهو الحُضْر. تقول: عدا يعدو عَدْواً، وهو عادٍ. قال الخليل: والعُدُوُّ مضموم مثقّل، وهما لغتان: إحداهما عَدْو كقولك غَزْو، والأُخرى عُدُوّ
كقولك حُضور وقُعود. قال الخليل: التعدّي: تجاوز ما ينبغي أن يُقْتَصَر عليه.
والعادي: الذي يعدو على الناس ظُلْماً وعُدواناً.
وفلانٌ يعدو أمرَكَ، وما عَدَا أنْ صَنَع كذا............. وتقول: ما رأيت أحداً ما عدا زَيْداً. قال الخليل: أي ماء جاوَزَ زيداً. ويقال: عدا فلانٌ طَورَه.
ومنه العُدْوانُ، قال: وكذلك العَدَاء، والاعتداء، والتعدِّي. .........
قال: والعُدْوان: الظلم الصُّراح . والاعتداء مشتقٌّ من العُدْوَان . فأمَّا العَدْوَى فقال الخليل: هو طلبك إلى والٍ أو قاضٍ أن يُعدِيَك على مَن ظَلَمك أي يَنقِم منه باعتدائه عليك. والعَدْوَى ما يقال إِنّه يُعدِي، من جَرَبٍ أو داء . وفي الحديث: "لا عَدْوَى ولا يُعدِي شيء شيئاً". والعُدَاء كذلك . وهذا قياسٌ، أي إذا كان به داء لم يتجاوزْه إليك. والعَدْوَة عَدوَة اللّصّ وعدوة المُغِير. يقال عدا عليه فأخَذَ مالَه، وعدا عليه بسيفه: ضَرَبه لا يريد به عدواً على رجليه، لكن هو من الظُّلم.
وأما قوله : فإنّه يريد أنّها تجاوَزَتْ حتَّى شغلت. ويقال: كُفَّ عنا عادِيتَك.
والعادية: شُغل من أشغال الدَّهر يَعدُوك عن أمرك، أي يَشغلُك.والعَدَاء: الشُّغْل. ....... وقد يقال العُِدْوة في معنى العَداء، وربما طُرحت الهاء فيقال عِدْوٌ، ويُجمَع فيقال: أعداء النّهر، وأعداء الطريق. قال:
ونقول: عَدَّى [عن الأمر] يعدِّي تعديةً، أي جاوزَه إلى غيره .
وعدّيت عنِّي الهَمَّ، أي نحّيته عنِّي. وعدِّ عنِّي إلى غيري.
وعَدِّ عن هذا الأمر، أي تجاوَزْه وخُذ في غيره. قال النابغة:
فعدِّ عمّا ترى إِذْ لا ارتجاعَ لـه وانمِ القُتود على عَيرانةٍ أُجُدِوتقول: تعدّيت المفازةَ، أي تجاوزتُها إلى غيرها. .......... " اهـ
إذا فالله تعالى يقسم بالعاديات وهي كما قلنا جمع عادية , وهي اسم فاعل مؤنث من العدو, فهل من الممكن أن تكون بمعنى الطامة أو الظالمة أو الغاشية ؟ كما ورد في المقاييس ؟ بداهة هذا المعنى غير مراد على الإطلاق , فالله تعالى لا يقسم بما فيه ضرر وظلم للناس وإنما ينبهم إلى ما فيه كل الخير . فما المراد من العادية هنا إذا ؟ هي كلمة كثيرة المعاني ولكنها تدور كلها بين سرعة الحركة والاعتداء ! فما هو المراد من العاديات في هذه السورة عند استبعاد مدلول الاعتداء؟ الملاحظ أن السادة المفسرين قاطبة يكادون يجمعون أن المراد من العاديات هو الخيل أو الإبل ويستندون في ذلك إلى ما ورد في الأثر :
" ما روى عن علي عليه السلام وابن مسعود أنها الإبل ، وهو قول إبراهيم والقرظي روى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : «بينا أنا جالس في الحجر إذ أتاني رجل فسألني عن العاديات ضبحاً ، ففسرتها بالخيل فذهب إلى علي عليه السلام وهو تحت سقاية زمزم فسأله وذكر له ما قلت ، فقال : ادعه لي فلما وقفت على رأسه ، قال : تفتي الناس بما لا علم لك به ، والله إن كانت لأول غزوة في الإسلام بدر وما كان معنا إلا فرسان فرس للزبير وفرس للمقداد والعاديات ضبحاً الإبل من عرفة إلى مزدلفة ، ومن المزدلفة إلى منى ، يعني إبل الحاج ، قال ابن عباس : فرجعت عن قولي إلى قول علي عليه السلام» اهـ
يتبع .....