جابري محمد
New member
سنة الله في الاستخلاف في الأرض
1- سنة الله في استبدال الشيء من أصله إلى نقيضه :
خلق الله في كونه من كل شيء زوجين ، وجعل قانونا تمضي عليه حركة كل شيء من أصله إلى نقيضه فالصحة قد تنقلب مرضا إن توفرت أسباب ذلك ، والمرض قد ينقلب صحة مع توفر دواعي التغيير والضعف ينقلب قوة ، إن توفرت عوامل التحول، والمستضعف قد ينقلب رئيسا طبعا مع توافر أساليب التغيير.
هذه الحقيقة يسلم بها العقل ، ويمضيها لمعايشته لمقتضياتها ، ولجريان قانونها في واقعه. غير أن ما لا يمكن العقل ضبطه إلا بوسيلة النقل فكا للطلسم سنن الله في كونه ، وبيانا لقانون التغيير في المجتمعات البشرية وإظهارا لمطابقة السنن القرآنية للسنن الكونية هو قانون التغيير الاجتماعي للمجتمعات البشرية.
ومن أجل بيان أشمل أبدأ باستعراض نموذج تاريخي وفق معطيات قرآنية لتغيير نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لواقعه ومن ثم بيان تعميم هذه السنة لكل من سلك مسلك النبي صلى الله عليه وسلم في التغيير الاجتماعي.
وطبعا يتساءل أصحاب الدراسات المنهجية عن الغاية والهدف والمرمى من الجهد حتى إذا اتضحت الأفاق وبان الفضل وخلصت المصلحة هناك يلج الباحث بحر مغامرته لاستخراج الدرر، ومن السليقة أن من عرف ما طلب هان عليه ما وجد من مشقة البحث والتحقيق إرساء لضوابط وثوابت تجاوزها الناس فضلوا وأضلوا عن سبيل الحبيب المصطفى، وفتنوا الناس وقتلوهم من غير وجه الحق ، وبخاصة ما أخذه الله على الذين يعلمونه ليبينونه ولا يكتمونه.
فالتغيير المنشود لا نسلك فيه سبيل القاعدة التي تعمد إلى هدم البنايات على رؤوس أصحابها كفارا كانوا أو مسلمين تترس بهم كافر. – حتى وإن وجدنا من فقهائنا من أجازوا قتل المسلم الذي تترس به الكافر!!! كان الله لنا ولهم يوم لقائه -.
فمعلوم بأن السنة ما كانت سنة إلا لكونها سبيلا عليه تطّرد مجريات الأمور لتمشي الأمور على نفس الوتيرة وبنفس الاطراد مع تغير الأشخاص والظروف .
ومعلوم أيضا بأن عوامل التكامل الزوجي للسنن الله في الكون والقرآن معدودة ومحدودة كأنها تدور في بوتقة مغلقة حيث يتحول كل نقيض إلى نقيضه تماما طبعا إذا تأتت الظروف المناسبة، فالماء ما كان ليتحول بخارا أو لينقلب ثلجا لولا عوامل الحرارة والبرودة المؤثرة فيه. كما أنها تتداخل فيما بينها وتتآزر على وجه تصبح به في تعدادها كما بيّن الجليل جل جلاله :
{وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [27] } لقمان
بهذا يجيب القرآن على تساؤلات أئمتنا الأصوليين كيف لنا أن نحكم نصوصا معدودة ومحدودة في وقائع لا حد لها ولا حصر ؟؟؟
وأستسمح القارئ الكريم على أني سأمضي في بيان سنن التغيير بالفهم المبسط أي بتوضيح كل سنة على حده دون التعرض لتداخل السنن والذي يقتضي منا جهدا مضاعفا وفكرا رياضيا قد يفوق مقدورتي ، فمعذرة .
2- أسس التغيير المنشود على وفق نواميس الكون وتعليمات القرآن، من خلال تحليل لسيرة الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام :
لنعرض لمسألة تاريخية كلنا ندرك تفاصيلها أبا عن جد – لكن من منطلق قرآني يقيني- وهي سيرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في تغيير واقعه من واقع تفشت فيه عبادة الأوثان، والاستبداد والظلم الاجتماعي، سواء تمثل في تطبيق القانون على طائفة دون أخرى أو في الاستبداد الربوي فضلا عن انغماسه في رذيلة الخمور والفجور، وقتل البنات ؛ لكنه كان أقرب ما يكون لمجتمع ديمقراطي إذ كانت دار الندوة مقر البرلمان، فضلا عما بقيت من لحمة تآلف المجتمع وتآزره في رحلة الصيف والشتاء ، وما تميز به المجتمع من ناد للتشاور والتآلف ، وما حلف الفضول وغيره من اتفاقيات الاجتماعية كرحلة الصيف والشتاء المتعارف عليها ، وحلهم نزاعات كبيرة بالتشاور وضع الحجر الأصعد نموذجا.
هنالك اصطفى الله نبيه وحامل رسالته للناس ، لتبدأ جهود التغيير ، ويبدأ الحراك.
في هذا المجتمع بعث النبي صلى الله عليه وسلم وبدأ النبي صلى الله عليه وسلم دعوته الناس سرا ثم جهرا ، وهو يدعو لعبادة ربه وحده لا شريك له، مع غرس مفاهيم خشية الله في نفوس أصحابه ، وعندها بدأت بوادر الصراع تأخذ منازعها وتعمق عداوتها فمن محاولة شراء ذمة النبي صلى الها عليه وسلم إلى محاولة التعدي على كل من أعلن إسلامه ، مما اضطر معه الصحابة الكرام للهجرة إلى الحبشة ، ومضى ردحا من الزمن بمكة داعيا إلى الله بإذنه والمناوشات متتابعة إلى أن جاءه الأمر :
{قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدِّارِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} [الأنعام : 135]
وطبعا يبلغ الرسول صلى الله عليه وسلم الأمر ؛ لكن قريش تدرك جيدا مدى جدية أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم ، وطبعا فما كانوا ليقبلوا بدعوة رفضوها بالأمس أن يقبلوها اليوم مصحوبة بوعيد من نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وثلة من أصحابه بأن عاقبة الدار ستكون لهم ، وطبعا ليس لقريش!!!
- فتصيح قريش:
{ فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنظَرُونَ؟} [الشعراء : 203]
وتأتي توجيهات الحكيم سبحانه وتعالى تعليما لنبيه سنن التاريخ وبشرى للمسلمين :
{أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ [204] أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ [205] ثُمَّ جَاءهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ [206] مَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ [ 207 ] } الشعراء .
ومن الطبيعي والنبي صلى الله عليه وسلم يطالب قريش بالعمل بما في الوسع فالنتيجة واحدة بأن عاقبة مكة ستكون له ، وتخوض قريش في حيص بيص من أمرها وتغريها سنة الاستفزاز للنبي صلى الله عليه وسلم والعقبة الكؤود في وجه ذلك هي جد النبي صلى الله عليه وسلم عبد المطلب أحد أعضاء المشورة ثم عمه، وتخرج قريش بخطة لإنهاء أمر محمد صلى الله عليه وسلم بكل السبل:
وينزل الوحي إخبارا للنبي صلى الله عليه وسلم:
{ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ }[الأنفال : 30]
وفي هذا الإخبار تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم عما هم بصدده من مكر لكون الله أشد مكرا، وهو في حد ذاته إعداد نفسي لأمر ما بالتوكل على الله والاعتماد عليه،ولا يلبث أن جاءه الأمر بالخروج من مكة.
{كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ } [الأنفال : 5]
وهنا قد يقول المحلل السياسي: بأن خروج النبي صلى الله عليه وسلم هذا هو نوع من الفرار بالاستقالة. ويا ويح العقل إن تجرد عن الوحي فلا يمضي إلا للنكوب والنكوص من الطريق.
ويخرج الرسول استجابة لأمر ربه لا يعلم من الخطة لا خططها الإستراتجية ولا تكتيكاتها ؛ لكن وثوقه بربه يتركه يمضي على بيّنة وعلم وكله ثقة بربه لكون ربه لا يفعل إلا خيرا، ويثبت الله المؤمنين وينزل عليه تأكيد وعده:
{إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ مَن جَاء بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ }[القصص : 85]
ويؤسس الرسول الكريم دولة الإسلام بالمدينة المنورة ، وينزل القرآن بعاقبة الاستفزاز ويتنوع الإخبار ليرزقه استقرارا نفسيا : وليحمد الله على ما أنجاه من كيد عدوه:
{وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأَرْضِ لِيُخْرِجوكَ مِنْهَا وَإِذاً لاَّ يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاَّ قَلِيلاً} [الإسراء : 76]
ونستخلص من عبارة القليل من سنن الله في كونه وجريان أمره ببضع سنين وهو ما بينته القواعد الكبرى للسنن الإلهية.
وتأتي غزوة بدر الكبري ويحقق الله وعده الأولي بالعذاب لقريش وتموت فيه بعض صناديد قريش، وبعض بضع سنين من هجرة الرسول يأتي صلح الحديبية ثم فتح مكة وكانت العاقبة للمتقين.
وصدق الوعد وأنجز الله العهد ورد نبيه وعبده لمعاده وانتصرت دولة الإسلام وانتهى أمر قريش.
هكذا بصفة عامة دارت الوقائع.
- 1 اصطفيت قصة النبي صلى الله عليه وسلم لكونها تبين أسس البناء الحضاري وكيف يتأتى التغيير المنهاجي في بضع سنين لبناء مجتمع العمران الأخوي ؛
- 2 لنا أن نتساءل كيف استطاع شخص تغيير واقعه تغييرا شاملا بمجرد اعتماده توجيهات ربه؟
فالله جل وعلا قادر على أن ينصر عبده بكلمة كن فيكون ، لكننا لم نجد لسنة الله تبديلا، ولن نجد لها تحويلا؛ ولا تغييرا؛ ومن هذه القراءة السريعة يمكننا رسم الخطة العملية التي سار عليها الرسول الكريم :
كل هذا بقراءة تحليلية لمضامين النص القرآني وبيان لسنن الله في الكون وتطابقهما ؛ لنجد أن الخطة اقتضت شقين : شق تربوي إيماني ، وهو ما نطلق عليه البعد الإحساني وشق الدفاع والاستماتة على الحق مع كبت اليد ، وهو ما نطلق عليه البعد الاستخلافي وهو المزاحمة في الصراع الحضاري. ولا أقول بانفصال المرحلتين عن بعضهما البعض ؛ بل هما متداخلتان ومتجانستان : خشية لله في أحضان ثبات على المبدأ.
- 3 كيف استطاع شخص الانتقال عبر معايير السنن الإلهية من شخص مهمش منبوذ من قومه إلى أمير دولة الإسلام ؟
من القواعد الكبرى للسنن الإلهية –وهي القواعد التي يبين فيها الحق جل جلاله إرادته في ملكه قوله جل وعلا ، ومعلوم بأن قول الله فعل ، وإن فعله قول:
{ وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ [5] وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ [ 6 [ } القصص
اقتضت إرادة الله المنُّ بالنصر على المستضعفين ورأينا كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون معه يرزحون تحت التعذيب والإهانة إلى أن اضطروا للهجرة بدينهم أولا إلى الحبشة ثم منها إلى المدينة ثم ما كان من عاقبة أمرهم النصر والظفر بمكة وفق ما وعد الله جل جلاله.
هنا نستخلص كيف انقلب المستضعف وارثا ممَّكنا في الأرض : هذا في شأن النبي صلى الله عليه وسلم، ومن هنا قرر العلماء بأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب . فالعهد بالنصرة لكل المستضعفين أيا كان جنسهم ، ودينهم ولغتهم ...
والآية نزلت تخبر بما ستصير إليه الأمور في شأن موسى وقومه حيث كانوا مستضعفين من فرعون وملئه :
{فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ} [يونس : 83]
{إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} [القصص : 4]
ومع عتوه وطغيانه وجبروته تبدو غباوته عندما التقط موسى ليربه في قصره وليكون له عدوا وحزنا:
{ فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ [القصص : 8]
وهنا أتساءل كيف للعقل المجرد أن يتنبه لخطورة ما يقدم عليه في زمن أدرك كهانه أنه آن آوان خروج من يخسف بملكه وعزه العريض ؟ وفعلا لما عزم فرعون على اجتثاث موسى وقومه ليحسم أمرهم حسم الله الأمر لمصلحة موسى ومن معه وأهلك فرعون ومن معه، أرادوها حسما فكانت كذلك لكنها لصالح المستضعفين.
وهكذا تابعنا سنة تبديل المستضعف وارثا ورأينا مثال تغيير النبي صلى الله عليه وسلم واقعه ، ورأينا مثال سيدنا موسى عليه السلام كيف منّ الله عليه من مستضعف إلى وارث مُمَّكن له في الأرض.
المرحلة الإحسانية
وكما سبق القول بعيدا عن فقه تداخل السنن نتساءل كيف تمت مرحلة التربية الإحسانية في مكة وهي كلها عناية بذكر الله وعبادة الله والتماس فضله الكبير ، حفظا لكتابه ، وتطبيقا لتعاليمه ، وتنفيذا لأوامره ، وهي كلها مرحلة ارتباط بالله تعالى دعاء وذكرا وخشية الله في السر والعلن وهذا ما يبينه لنا سبحانه وتعالى :
{ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ [7] جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ [8]} البينة
خشية الله في السر والعلانية منتهى العلاقة الإحسانية وغايتها الكبرى رضوان من الله والفوز يوم لقائه.
المرحلة الاستخلافية :
ونتساءل أهذه السنن هي خاصة بمن سلف ذكرهم أم هي عامة لمن سلك سبيلهم ؟
ويجيب القرآن :
{ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّـكُم مِّنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ [13] وَلَنُسْكِنَنَّـكُمُ الأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ [14]} إبراهيم عليه السلام
ويتضح بأن القاعدة عامة لكل من سلك مسلك النيين وسار على دربهم نال مآلهم.
وقد يقول المتابع هذا وجه للعملة : رأينا كيف ينقلب المستضعف وارثا، فكيف ينقلب الوارث مستضعفا. لك أن تقرأ القراءة عكسية لمن كانوا بالأمس هم الأسياد وكيف انقلبوا أذلة.
هنا يتضح بما لا مزيد عليه كيف ينقلب المستضعف وارثا والوارث مستضعفا.؟ ورأينا بأنها سنة لكل من جاء على دربها وصل نتيجتها.
وما كانت سنة إلا بتكرار الفعل لكل وارد على نفس الدرب. فهل بان الأمر واتضح جليا لكل راغب في ركوب قطار التغيير القادم بإذن ربه للحصول على رضوان الله ثم للمضي على سنة الاستخلاف في الأرض؟
إن سنن التغيير تتطلب صبرا ومصابرة ، وكفا للأيدي مع طول نفس ، وركوعا لله الواحد الأحد ، في امتثال لأوامره وطلبا للغاية الإحسانية أن نعبد الله كأننا نراه ، وكل استعجال لثمرة الاستخلاف قبل أوانها يعاقب المرء عليه بحرمان نتائجها.
هدانا الله سواء السبيل.