سلسلة محاضرات في الوقف على [كلا] في القرآن الكريم

إنضم
22/05/2006
المشاركات
2,552
مستوى التفاعل
11
النقاط
38
العمر
59
الإقامة
الرياض
سلة محاضرات في الوقف على [كلا] في القرآن الكريم

اهتم العلماء والنحويون بالكلام على كلا(ا) والوقف عليها، بل وأفردوا لها كتبًا خاصة كان من أبدعها وأكثرها قبولاً وتداولاً لدى أهل العلم رسالة "كلا وبلى ونعم " للإمام مكي رحمه الله، وكان ممن تأثروا بهذه الرسالة العلامة الزركشي في البرهان وابن هشام النحوي .

قال الإمام ابن الجزري: ثم إن علماءنا اختلفوا في الوقف عليها، فكان بعضهم يجيز الوقف عليها مطلقًا وبه قرأت على شيخنا أمين الدين عبد الوهاب، الشهير بابن السلار، ومنهم من منع الوقف عليها مطلقًا، وهو اختيار شيخنا سيف الدين ابن الجندي، ومنهم من فصَّل، فوقف على بعضها لمعنى، ومنع الوقف على بعضها لمعنى آخر، وهو اختيار عامة أهل الأداء، كمكي وعثمان بن سعيد، وغيرهما، وبه قرأت على شيوخي . اهـ التمهيد/ 179 .

قال الإمام مكي رحمه الله: وذهبت طائفة إلى تفصيلها، فيوقف عليها إذا كان ما قبلها يُردُّ ويُنكَر، ويُبتدأ بها إذا كان ما قبلها لا يرد ولا ينُكر، وتوصل بما قبلها وما بعدها إذا لم يكن قبلها كلام تام، نحو:  ثُمَّ كَلا سَوْفَ تَعْلَمُونَ التكاثر: 4.
وهذا الوقف أليق بمذهب القراء وحذَّاق النظر، وهو الاختيار وبه آخذ . اهـ(2)
قلت: والرأي الأخير هو المعتمد لدينا في هذه الرسالة، وقد اقتفيت أثرالإمام مكي في تبريراته في رسالته " كلا وبلى ونعم " وقد كان الباعث لذلك ما يلي:

1- أن اختيار مكي هو اختيار عامة أهل الأداء والنحويين .

2- أن أغلب المصاحف الموجودة بين أيدينا نحت منحى الإمام مكي .
3- أنه أسهل للمتعلم أن يسلك طريقًا واحدًا حتى لا يتشتت ذهنه باختلاف الآراء، فإن قويت ملكة الترجيح عنده رجَّح أحدها .
وقد عرضت في الهامش نماذج من تبرير مَن رأى الوقف عليها.
أين وقعت كلا ؟
وقعت كلا في القرءان في ثلاثة وثلاثين موضعًا في خمس عشرة سورة كلها مكية، ليس في النصف الأول من القرءان منها شيء .

معاني كــــلا:
1- تأتي بمعنىالنفي أوالزجرلما قبلها والتقدير: ليس الأمر كذلك .
2- تأتي بمعنى "حقًا" ؛ تأكيدًا لما بعدها.
3- تأتي بمعنى "ألا" الاستفتاحية .
4- وقد تجمع جواز المعنيين " حقًا - ألا " .
5- وقد ينفرد أحدهما إذا جاء بعد كلا إن المكسورة الهمزة ؛ فإنه لايبتدأ بها على معنى " حقًا " وإنما على معنى ألا .


متى يوقف على كلا ويبتدأ بها ؟

1- يحسن الوقف على "كلا" إذا كانت بمعنى الردع أو الزجر.
2- يحسن الابتداء بـ"كلا" إذا كانت بمعنى"حقًا – أو ألا الاستفتاحية " .

الابتداء بكلا عن طريق الوحي

أقرأ جبريل الرسول صلى الله عليه وسلم خمس آيات من سورة العلق، فلما قال: عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ  العلق: 5، قطع القراءة، ثم نزل بعد ذلك  كَلا إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى، فدل ذلك على أن الابتداء بـ "كلا" هنا عن طريق الوحي .


(ا) التمهيد: لابن الجزري ص/ 177، " شرح كلا وبلى ونعم" للعلامة أبى محمد مكي بن أبي طالب نهاية القول المفيد: والاتقان في علوم القرءان: للسيوطي، والبرهان في علوم القرآن: للزركشي، ومنار الهدى: للأشموني، ومعالم الاهتداء في معرفة الوقف والابتداء: للحصري، والمرشد: لزكريا الأنصاري .
(2) الوقف على كلا وبلى ونعم للإمام مكي بن أبي طالب .



من كتاب زاد المقرئين رسالة أضواء البيان في معرفة الكتاب لـ جمال القرش
 
تابع بإذن الله :
أقسام كــلا



قال الإمام مكي: تنقسم إلى أربعة أقسام(1) :

القسم الأول:
يحسن الوقف عليها على معنى، ويجوزالابتداء بها على معنى آخر. وذلك في أحد عشر موضعًا .

القسم الثاني:
لا يحسن الوقف عليها ويحسن الابتداء بها، وذلك في ثمانية عشر موضعًا .

القسم الثالث:
لا يحسن الوقف عليها، ولا الابتداء بها، بل توصل بما قبلها، وبما بعدها في موضعين .

القسم الرابع:
يحسن الوقف عليها ولايجوز الابتداء بها، بل توصل بما قبلها، وذلك في موضعين .
وسأقوم بعون الله في هذا البحث بعرض تبريرات الإمام مكي في المواضع المذكورة مع عمل مقارنة بين هذا الرأي وبين ما اختارته المصاحف لتمام الفائدة، وكذلك رأي الفريق المخالف لرأيه كلما أمكن، والله المستعان .

(1) "الوقف على كلا وبلى ونعم" للإمام: مكي بن أبي طالب، تحقيق الدكتورأحمد حسن فرحات .
 
تابع بإذن الله :


القسم الأول
ما يحسن فيه الوقف على كلا بمعنى الردع
ويجوز الابتداء بها على معنى "ألا أو حقًّا" في أحد عشر موضعًا

ويستثنى من ذلك كل موضع كسرت فيه همزة إنَّ بعد كلا فلا يبتدأ فيها بمعنى حقًّا، إنما بمعنى " ألا " .

علامات المصاحف

من خلال استقراء بعض المصاحف لوحظ أن أغلبها وضع علامة "ج" بعد "كلا " في أربعة مواضع وهي: "موضعان في مريم، وموضع في المؤمنون، وموضع في سبأ " وباقي المواضع "صلى" وبذلك تتفق أغلب المصاحف مع رأي الإمام مكي .

الموضع الأول: {سورة مريم: 78: 79}

قال تعالى:  أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا * كَلاَ* سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا .
يحسن الوقف على معنى الردع، أي: فليرتدع هذا الكافر عن التفوه بمثل هذه المقالة الشنعاء، فإنه لم يطلع الغيب ولم يتخذ عند الله عهدًا .
ويجوز الابتداء على معنى " حقا سنكتب أو ألا" .

الموضع الثاني: {سورة مريم: 82}

قال تعالى:  وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا * كَلاَ* سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا .
يحسن الوقف على معنى: فليرتدع هؤلاء الكفارعن عبادتهم للأصنام وعن اعتقادهم فيها العزة والنصرة، ويجوز الابتداء على معنى حقا أو "ألا" .
الموضع الثالث: {سورة المؤمنون: 99: 100}

قال تعالى:  حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ* لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ *كَلاَ * إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ .
يحسن الوقف على معنى فليرتدع هذا الكافر عن طلب الرجوع إلى الدنيا، ويبتدأ على معنى: ألا إنها كلمة، ولا يبتدأ على معنى حقًا لكسر همزة إن بعدها .

الموضع الرابع: {سورة سبأ: 27}

قال تعالى:  قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ* كَلاَ* بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ .
يحسن الوقف على معنى: ارتدعو عن زعمكم أن الأصنام شركاء لله، ويبتدأ بها على معنى: ألا بل هو الله، وحقا بل هو الله .

الموضع الخامس: {سورة المعارج {11- 15 }

قال تعالى:  يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيه* وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ * وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ* كَلاَ* إِنَّهَا لَظَى  .
يحسن الوقف على معنى: فليرتع هذا المجرم عن تنميه الفداء من العذاب .
ويبتدأ بها على معنى: ألا إنها لظى .

الموضع السادس: {سورة المعارج: {38- 39}

قال تعالى: أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ* كَلاَ* إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ .
فليرجع هذا الكافر عن الطمع في زيادة نعمة الله عليه إنه لم يقدم ما يستحق به هذه الزيادة، ويبتدأ بها على معنى: ألا إنا خلقناهم.. .
الموضع السابع: {سورة المدثر 15: 16}

قال تعالى:  ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ * كَلاَ* إِنَّهُ كَانَ لآيَاتِنَا عَنِيدًا .
فليرجع هذا الكافر عن الطمع في زيادة نعمة الله عليه، فإنه لم يقدم ما يستحق به هذه الزيادة .
ويبتدأ بها على معنى: ألا إنه كان .

الموضع الثامن: {سورة المدثر { 51:54}

قال تعالى: بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً* كَلاَ* بَلْ لا يَخَافُونَ الآخِرَةَ * كَلاَ إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ .
فليرتدع هذا الكافر عن إرادته أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً .

الموضع التاسع: {سورة المطففين: {13- 14}

قال تعالى: إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ* كَلاَ* بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ .
ارتدع أيها المعتدي الأثيم عن رمي آيات الله بأنها أساطير الأولين .

الموضع العاشر: {سورة الفجر 16: 17}

قال تعالى: وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاَهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ* كَلاَ* بَل لاَ تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ .
فليفهم الإنسان بأن كثرة المال ليست إكرامًا كما أن قلته ليست إهانة .

الموضع الحادي عشر: {سورة الهمزة {3: 4}

قال تعالى:  يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ* كَلاَ لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ .
فليرتدع الإنسان عن ذلك الحسبان الباطل، أو جمع المال أو اللمْز أو الهمْز
 
تابع بإذن الله :

القسم الثاني

الوقف عليها لا يحسن لأنها ليست بمعنى الردع
ويجوز الابتداء بها على معنى: ألا أو حقًّا، في ثمانية عشر موضعًا
ويستثنى من ذلك كل موضع وردت فيه "إن" المكسورة الهمزة بعد كلا، فلا يبتدأ فيها بمعنى حقًّا، إنما بمعنى "ألا".

علامات المصاحف

أغلب هذه المواضع لم يوضع عليها علامة وقف، سوى أربعة مواضع
" القيامة 11، الفجر: 21، العلق: 15-19 .

الموضع الأول: {سورة المدثر: 31: 32}

قال تعالى:  وَمَا هِيَ إِلاَ ذِكْرَى لِلْبَشَرِ* كَلاَ وَالْقَمَرِ .
لئلا يوهم الوقف رد ما قبلها، وما قبلها لايرد، فكأنها ليست ذِكْرَى لِلْبَشَرِ .
ويبتدأ بها على معنى: حقًا والقمر، أو ألا والقمر .

الموضع الثاني: [ سورة المدثر آية 54] كلا الثانية

قال تعالى:  كلا بَلْ لا يَخَافُونَ الآخِرَةَ * كَلا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ .
لئلا يوهم الوقف نفى ماحكى عنهم من أنهم لا يَخَافُونَ الآخِرَةَ(1).
ويبتدأ بها على معنى "ألا" ولا يبتدأ على معنى "حقًا" كما هو معلوم .
1) قال الإمام مكي: ومنهم من يجعلها ردعًا وتأكيدًا لـ"كلا" الأولى فيقف عليها بمعنى النفي، وهو بعيد لأنه نفى مانفته الآية الأولى لأن المؤكَد لا يفرق بينه وبين المؤكِد " الوقف على كلا ونعم ص/43، أو ردعًا عن عدم خوفهم الآخرة

من كتاب سلسلة الوقف والابتداء رسالة كلا وبلى ونعم لـ جمال القرش
 
تابع بإذن الله :


الموضع الثالث: [ سورة القيامة آية 11]

قال تعالى:  يَقُولُ الإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ * كَلا (صلى) لا وَزَرَ* إلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ .
لئلا يوهم الوقف نفي قول الإنسان يوم القيامة أَيْنَ الْمَفَرُّ (1) .
ويبتدأ على معنى : حقًا لا وَزَرَ ، أو : ألا لا وَزَرَ .

الموضع الرابع: [ سورة القيامة آية 20]

قال تعالى:  ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ * كَلا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ .
لا يحسن الوقف لئلا يوهم نفي ماضمنه الله لنا من بيان كتابه(2) .
ويبتدأ بها على معنى " ألا بَلْ " أو " حقا بَلْ" .

الموضع الخامس: [ سورة القيامة آية 26]

قال تعالى:  وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ * تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ * كَلا إِذَا بَلَغَتْ التَّرَاقِي .
لئلا يوهم الوقف نفي عبس الكفار يوم القيامة (3) .
ويبتدأ بها على معنى " حقًا إِذَا "، وعلى معنى " ألا إِذَا " .
(1) ومن أجاز الوقف عليها كانت للردع عن طلب الفرار وتمنيه، أو النفي على تقدير " لا وزر ولا منجى من النار .
(2) ومن أجاز الوقف عليها كانت للردع لمن أنكر البعث، أو إرشاد للرسول وأخذ به عن العجلة، أوللنفي، والتقدير:ليس الأمر كما زعمتم، فأنتم قوم غلبت عليكم الشهوات .
(3) ومن أجاز الوقف عليها كانت على معنى: ليس الأمر على مايظن هؤلاء المشركون أنهم لن يعاقبوا على شركهم
 
تابع بإذن الله :

الموضع السادس: [سورة النبأ آية 4]

قال تعالى:  عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ * عَنْ النَّبَإِ الْعَظِيمِ* الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ * كَلا سَيَعْلَمُونَ .
لئلا يوهم الوقف نفي ماحكى الله من اختلافهم في النبأ وهوالقرءان(1) أو البعث
ويبتدأ بها على معنى "ألا " وكونها على معنى " حقًا " أحسن ليؤكد بها وقوع العلم منهم ويحقق بها لفظ التهديد .

الموضع السابع: [ سورة عبس آية 11]

قال تعالى:  وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى* وَهُوَ يَخْشَى * فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى* كَلا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ  .
لئلا يوهم الوقف نفي ماحكى الله من أمر النبى صلى الله عليه وسلم مع ابن أم مكتوم (2).
ويبتدأ بها على معنى ألا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ ولايبتدأ على معنى "حقًا" .

الموضع الثامن: [سورة عبس آية 23]

قال تعالى:  ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ* كَلا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ .
لئلا يوهم الوقف نفي إحياء الله للإنسان(3) ويجوز الابتداء على معنى ألا أوحقًا
(1) ومن أجاز الوقف عليها كانت ردعًا للكفار، أي: فليرتدعوا، ولينـزجروا عن اختلافهم في أمر البعث، أو القرآن، أو التساؤل عنه على سبيل الاستخفاف .
(2) ومن أجاز الوقف عليها كانت على معنى لا تعرض عن هذا وتقبل على هذا، أو لا تفعل بعدها مثلها، قال مكي: وهو وجه صالح، لكن الوقف عليها أمكن وأبين. الوقف على كلا /51 .
 
تابع بإذن الله :

الموضع التاسع: [سورة الانفطار آية 9]

قال تعالى:  فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ * كَلا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ .
لئلا يوهم الوقف نفي تصوير الله للإنسانفِي أَيِّ صُورَةٍ (1).
ويجوز الابتداء على معنى ألا أوحقًا .

الموضع العاشر: [ سورة المطففين آية 7 ]

قال تعالى:  يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ * كَلا إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ لئلا يوهم الوقف نفى قيام الناس  لِرَبِّ الْعَالَمِينَ .
يجوز الابتداء على معنى "ألا"، ولا يجوز على معنى "حقًا"، لكسر همزة إن .

الموضع الحادي عشر: [ سورة المطففين آية 15]

قال تعالى:  كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * كَلا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ .
لئلا يوهم الوقف نفي غلبة الذنوب والمعاصى على قلوبهم(2).
ويجوز الابتداء على معنى "ألا"، ولا يجوز الابتداء بـ"حقًا"، لكسر همزة إن .

الموضع الثاني عشر: [ سورة المطففين آية 18]
قال تعالى:  ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ * كَلا إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ  .
لئلا يوهم الوقف نفي قول الله للكفار يوم القيامة: هَذَا الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُون(3)

(1) ومن أجاز الوقف عليها كانت على معنى: ليس الأمر أيها الكافرون على ما تقولون من أنكم على الحق في عبادتكم .
(2) ومن أجاز الوقف عليها كانت على معنى: لا يؤمنون برين الذنوب على قلوبهم .
(3) ومن أجاز الوقف عليها كانت على معنى: لا يؤمنون بالعذاب والجزاء .
 
تابع بإذن الله :

الموضع الثالث عشر: [ سورة الفجر آية 41].

قال تعالى:  وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلا لَمًّا * وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا * كَلا إِذَا دُكَّتْ الأَرْضُ دَكًّا دَكًّا .
لئلا يوهم الوقف نفي ماحكاه الله من كثرة حبنا للمال (1).
ويبتدأ بها على معنى: " ألا أو حقا " .

الموضع الرابع عشر: [ سورة العلق آية 6]

قال تعالى:  عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ * كَلا إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى .
لئلا يوهم الوقف نفى أن الله علمنا مالم نعلم (2).
ويبتدأ بها على معنى " ألا " .

الموضع الخامس عشر: [ سورة العلق آية 15]

قال تعالى:  أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى*كَلا(صلى) لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَا بِالنَّاصِيَةِ . حتى لا يوهم الوقف نفي رؤية الله لأعمال العباد (3).
ويبتدأ بها على معنى " ألا " أو " حقا " .


1) ومن أجاز الوقف كانت على معنى: فلينـزجر العباد عن حب المال وعدم إكرام اليتيم .
(2) ومن أجاز الوقف عليها كانت على معنى ما هكذا ينبغي أن يكون الإنسان ينعم عليه ربه بتعليمه ما لم يكن يعلم ثم يكفر به .
(3) ومن أجاز الوقف عليها كانت ردعًا لأبي جهل عن نهيه الناس عن عبادة الله، والمعنى: لم يعلم أبو جهل بذلك ، ورد مكي بقوله: وهذا بعيد، إنما يكون " كلا" نفيًا لما يليها دون ما بعد عنها وأيضا فإنه لا يدري أي شيء نفت أكلامًا يليها أم ما بعد منها . الوقف على كلا ونعم: ص / 62 .
 
تابع بإذن الله :
الموضع السادس عشر: [ سورة العلق آية 19]

قال تعالى:  فَلْيَدْعُ نَادِيَه * سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ * كَلا(صلى)لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (1) لئلا يوهم الوقف نفي دعاء الله يوم القيامة للزبانية .
ويبتدأ بها على معنى: " ألا أو حقا " .

الموضع السابع عشر: [ سورة الكاثر آية 13]

قال تعالى:  أَلْهَاكُمْ التَّكَاثُرُ* حَتَّى زُرْتُمْ الْمَقَابِرَ* كَلا سَوْفَ تَعْلَمُونَ(2) .
لئلا يوهم الوقف نفي ما قبله، ونفيه لايجوز، ويبتدأ بها بمعنى: " ألا أو حقا "

الموضع الثامن عشر: [سورة التكاثر آية 6]

قال تعالى:  كَلا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ * لَتَرَوْنَ الْجَحِيمَ.
لئلا يوهم الوقف نفي وقوع العلم منهم في الآخرة(3) .
ويبتدأ بها على معنى: " ألا أو حقا " .
(1) ومن أجاز الوقف عليها كانت ردعًا بعد ردع لأبي جهل ، بمعنى:ليس الأمر على ما يقول أبو جهل في نهيه إياك يامحمد عن الصلاة وطاعة ربك .
(2) ومن أجاز الوقف عليها كانت على معنى:ما هكذا ينبغي أن يلهيكم التكاثر عن الآخرة .
(3) ومن أجاز الوقف عليها كانت على معنى:لا يؤمنون بهذا الوعيد، أو ردعًا لهم على عدم علمهم بما نطقت به البراهين الساطعة .
 
يتابع محاضرات في الوقف على (كلا)
القسم الثالث: ما لا يحسن الوقف فيه على (كلا) ولا يحسن الابتداء بها (في موضعين)
الموضع الأول : [ سورة النبأ آية 5] كلا الثانية
قال تعالى: + عَمَّ يتساءلونَ عنِ النَّبأ العظيمِ الذِّي هُمْ فيه مُختلفون كَلا سَيَعْلَمُونَ* ثُمَّ كلا سَيَعْلَمُونَ " .
لا يحسن الوقف: على + كلا " ، لئلا يوهم نفي ما مضى من الوعيد والتهديد ونفي وقوع العلم منهم .
ومما يؤيده اتفاق أكثر المصاحف على عدم وضع علامة وقف هنا .
ولا يحسن الابتداء بها لأن قبله حرف عطف، ولا يوقف بين العطف والمعطوف .
ولم يذكر : النحاس ، والداني والسجاوندي وقفًا لـ+كلا " هنا ، إلا أنهم تكلموا عنها في الموضع الأول (1) .
(1) قال مكي : والوقف عل ( كلا) لا يجوز لأنك كنت تنفي ما مضى من التهديد والوعيد ، وتنفي عنهم وقوع العلم منهم ، فإن جعلت (كلا) بمعنى (حقًا ) وجعلتها تأكيدا وتكريرًا ، لـ (كلا) لم يحسن الوقف عليها أيضًا ، لأن +سيعلمون" تكون أيضًا تأكيدًا ، وتكريرًا لـ +سيعلمون" الأولى ، ولا يفرق بين بعض التأكيد وبعض ، .. والاختيار أن تصل فلا تقف . انظر : شرح كلا وبلى : (49) .
انظر: القطع: (556) ، والمكتفى: (604) والعلل ، (3/1080) .
قلت: والمتأمل في الآراء يلاحظ أن هذا الموضع يكاد يكون عليه اتفاق بين المصاحف على عدم الوقف ، والراجح عند أهل الوقف ترك الوقف على +كلا"
الموضع الثاني: [ سورة التكاثر آية 4] (كلا) الثانية
قال تعالى: + ألهاكمُ التكاثرُ * حَتى زرتمُ المقابرَ * كَلا سَيعلمُونَ * ثُمَّ كلا سَيَعْلَمُونَ " .
لا يحسن الوقف: على + كلا " ، لئلا يوهم نفي ما مضى من الوعيد والتهديد .
ومما يؤيده اتفاق أكثر المصاحف على عدم وضع علامة وقف هنا .
ولا يحسن الابتداء بها لأن ما قبلها حرف العطف ، ولا يوقف عليها دون المعطوف.
لم يذكر النحاس ، والداني والسجاوندي وقفًا لـ +كلا" الثانية ، وإنما ذكروا لـ+ كلا " الأولى (1).
(1) قال مكي : والوقف على (كلا) في جميع السورة لا يحسن شيء منها ألبته ، لأنك لو وقفت على الثاني لنفيت وقوع العلم منها بحقائق الأمور في الآخرة ، وذلك لا يجوز ، انظر : شرح كلا وبلى : (64) .
وقال رحمه الله : فإن جعلت (كلا) الثانية تأكيد للأولى ،وجب أن يكون +سوف تعلمون" تأكيدا لـ +سوف تعلمون" ، الأولى ، فتكون الجملة كلها تأكيدا للجملة الأولى ، ولا يفرق بين التأكيد وبعض ، وكذلك القول في الثالثة . انظر : شرح كلا وبلى : (64) .
انظر: القطع : (578) ، و المكتفى : (628) والعلل ، (3/1080) .
قلت: والمتأمل في الآراء يلاحظ أن هذا الموضع يكاد يكون عليه اتفاق بين المصاحف على عدم الوقف ، والأظهر عند أهل الوقف ترك الوقف على +كلا" .
المرجع / كتاب كلا وبلى ونعم لـ جمال القرش
 
من البحوث المقترحة
أثر دلالات الوقف والابتداء على كلا في المعنى من خلال كتاب الطبري وابن كثير دراسة مقارنة
 
عودة
أعلى