سلسلة انهيار شرفات الاستشراق (8) /نصر أبو زيد ونَادِيَهُ

طارق منينة

New member
إنضم
19/07/2010
المشاركات
6,330
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
دعونا نقترب اكثر من النصوص التالية من سورة العلق، في الحلقة الأخيرة من التعليق عليها لنتعرف على وقع الكلمات القرانية الربانية وسلطان قائلها على التاريخ أفرادا وجماعات، فهي كلام الله تعالى الذي لم تصنعه تجربة انسانية معاشة او وعي وجودي كما يزعم المفتتن بفلسفة الهرمنيوطيقا (نصر أبو زيد)، فإن هذا لازم كلام البشر المتعرض للنقص والنقد كأي تجربة انسانية تنعكس في رواية او نص يظهر في صور وعلامات لغوية. فكلام الوحي القرآني تقصر المناهج المادية عن بلوغ مراميه وفهم حقائقه وقد فشل نولدكه في كتابه "تاريخ القرآن" وهو الذي اتخذ المنهج اللغوي الالماني أداة في تحليل القرآن وتزييف معانيه، كذلك فشلت مناهج التحليل اللغوية الحاملة للرؤية المادية للعالم مثل فلسفة السيميوطيقا التي تُدخل القران في اطار العلامات والرموز، وهو المذهب الذي أضافه نصر حامد لسلة استعاراته المتعددة والتي يطالبنا بان نجعلها نقطة بداية اصيلة في النظر في تفسير القرآن، مع تعريفه لرؤيته بانها رؤية تفسيرية جدلية مادية!! (انظر كتابه اشكاليات القراءة ص 49)
"كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ" وردت بعد اعلانات السورة كلها، فالمنهج غير المنهج والوثنية -والعلمانية- غير الإسلامية الربانية، والسورة اشارت تحديدا الى شخص معروف "أبي جهل ابن هشام" عرفه المستمع للوحي حالئذ: "أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (10) أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى"
لكنه -كنموذج- يتكرر في التاريخ وبنفس السمات (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى) وقد وردت هذه الآية قبل ورود الآية الخاصة عن أبي جهل القائل "لئن رايت محمدا يصلي عند الكعبة لأطأن عنقه"، وهو من أَمَرَ بوضْع بطن حيوان مذبوح على كتف النبي وهو يصلي (ما يرفع رأسه) الا انه صلى الله عليه وسلم بعد ان انهى صلاته (رفع صوته!) بالدعاء: "اللهم عليك بأبي جهل!"، الذي قتل أول شهيدة في الاسلام وعذّب اتباع محمد بأساليب وحشية هذا غير الاستغلال المادي والإذلال للعبيد في مكة.

ان السورة تثير الاستغراب من هذا النموذج الذي يكتسي دائما ألفاظا وألقابا كبيرة وفخيمة، فقد دُعي بـ"أبي الحكم" من الحكمة!، والآيات تدعوه الى الحكمة والكف عن الأذى للمستضعفين، وتتوعده (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ) فسيؤخذ أخذة قيومية ربانية (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى)؟ ومعلوم انه هدد رسول الله بالقتل فجاء رد الوحي حاسما قاهرا بكلمة (كَلَّا) التي تكررت بشكل لافت ثلاث مرات في السورة، ولم ينفع توعد هذا الطاغية للرسول بقوله: "فوالله لأملأن عليك هذا الوادي ان شئت خيلا جردا" فقد خرج الى موقع بدر مع جنده، فقُتل هناك، وبالصورة التي رسمها القرآن وأعلنتها ألفاظ الوحي قبل عشر سنوات، وزيادة على ذلك حدد الرسول نفسه موقع مقتله قبل المعركة (هذا مصرع فلان غدا إن شاء الله) قال عمر: فوالذي بعثه بالحق ما أخطأوا الحدود التي حد رسول الله صلى الله عليه وسلم!!! فهل التقطت عدسة المادية الحديثة ومذاهبها هذه الألفاظ القرآنية من أول سورة العلق إلى أخرها ومغزاها ومستوياتها الغيبية والتاريخية والواقعية، ام انها مصابة بعمى الالوان العلماني الذي لا يرى الا بعض ظواهر الحياة الدنيا فيحسبها لجة، فيكشف مخدوعا عن عجزه وعرجه وعجره وبجره؟!
"كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ": وِالنَّاصِيَةِ في اللغة هي مقدمة الرأس مكان التدبير والتقدير! والعرب اذا ارداوا اهانة شخص اخذوا بناصيته وألفاظ القرآن مقدرة ومعجزة "لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ " قال الرازي: "كلا، لن يصل ابو جهل الى ما يقوله انه يقتل محمد او يطأ عنقه، بل تلميذ محمد هو الذي يقتله ويطأ صدره" (تفسيرالرازي 32/23)
فالناصية المشار اليها في السورة بلفظ (أَرَأَيْتَ)! والمكررة ثلاث مرات ايضا! هي كاذبة خاطئة وقد جاءت "الناصية" مرة بالوعد بأخذها ومرة بالاشارة الي أنها كاذبة خاطئة والوعد من الرب حق! (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ)!. فهل قرأ علماء السيميوطيقا هذا النظم القراني من الفاظ الوحي الرباني مع ما تقدم من ألفاظ سورة العلق "كَلَّا لَئِنْ..." (لَنَسْفَعًا بـ -- ) (النَّاصِيَةِ نَاصِيَةٍ --) وكما يقول الشوكاني فان (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ) موطئة للقسم " لَنَسْفَعًا": والسفع: الاخذ والقبض على الشيء بشدة. قال الخليل: والسفع ثلاثة أحجار يوضع عليها القدر سميت بذلك لسوادها. قال والسفعة سواد في الخدين. وقد اسود وجهه في المعركة وقتل بالطريقة التي وصف الوعد الحق.
" فَلْيَدْعُ نَادِيَه..." دعه يدعو برلمانه وحزبه!!
"نَادِيَه": النادي في كلام العرب هو المجلس المتجدد للحديث كما يقول الشوكاني. "فَلْيَدْعُ" تحدٍذ
معجز كما بقية الاعلان الالهي في السورة إعجاز العلق والتعليم بالقلم.
واليوم نرى النوادي العلمانية تحتفل بأمثاله من العلمانيين ممن يرمون الاسلام بأبشع التهم، ويعطون الجوائز العالمية المالية والأدبية مثل القمني والعظم والعشماوي وعصفور وحسني ونصر ابو زيد وحنفي ومحفوظ ورشدي، وهؤلاء واهل الإفساد يُدعون للنوادي الأكاديمية والسفارات مثل علاء الأسواني وامثاله.
"سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ" يقول الزركشي ان اصلها "سَنَدْعُو" وحذفت الواو للاعلام بسرعة وقوع الفعل الالهي "فيه سرعة الفعل واجابة الزبانية وقوة البطش، وهو وعيد عظيم ذكر مبدؤه وحذف آخره، ويدل عليه قوله تعالى " وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ"
 
عن الهرمنيوطيقا
خطأ. -ابتسامة-، بل:
مع تعريفه لرؤيته بانها رؤية تفسيرية جدلية مادية!!
هرمنيوطيقا دياليكتيكية مادية أي هرمنيوطيق الدياليكتيك "الصاعد".

يقول محمد رشيد رضا رحمه الله في مقدمة تفسيره المنار: "وَمِنْ ذَلِكَ التَّفْسِيرُ الَّذِي يَنْسُبُونَهُ لِلشَّيْخِ الْأَكْبَرِ مُحْيِي الدِّينِ بْنِ عَرَبِيٍّ. وَإِنَّمَا هُوَ لِلْقَاشَانِيِّ الْبَاطِنِيِّ الشَّهِيرِ، وَفِيهِ مِنَ النَّزَعَاتِ مَا يَتَبَرَّأُ مِنْهُ دِينُ اللهِ وَكِتَابُهُ الْعَزِيزُ".

تعليق خطأ : عن التفسير.
تعليق صحيح: عن التفسير الباطني.
 
خطأ. -ابتسامة-، بل:

هرمنيوطيقا دياليكتيكية مادية أي هرمنيوطيق الدياليكتيك "الصاعد".

يقول محمد رشيد رضا رحمه الله في مقدمة تفسيره المنار: "وَمِنْ ذَلِكَ التَّفْسِيرُ الَّذِي يَنْسُبُونَهُ لِلشَّيْخِ الْأَكْبَرِ مُحْيِي الدِّينِ بْنِ عَرَبِيٍّ. وَإِنَّمَا هُوَ لِلْقَاشَانِيِّ الْبَاطِنِيِّ الشَّهِيرِ، وَفِيهِ مِنَ النَّزَعَاتِ مَا يَتَبَرَّأُ مِنْهُ دِينُ اللهِ وَكِتَابُهُ الْعَزِيزُ".

تعليق خطأ : عن التفسير.
تعليق صحيح: عن التفسير الباطني.

هل ابن عربي مُبرأ من التفسيرات الباطنية؟
 
يقول نصر أبو زيد : « وتعد الهرمنيوطيقا الجدلية عند جادامر بعد تعديلها من خلال منظور جدلي مادي ، نقطة بدء أصيلة للنظر إلى علاقة المفسر بالنص لا في النصوص الأدبية ونظرية الأدب فحسب ، بل في إعادة النظر في تراثنا الديني حول تفسير القرآن منذ أقدم عصوره وحتى الآن » ، إشكاليات القراءة وآليات التأويل لنصر حامد أبو زيد ص49
 
هل ابن عربي مُبرأ من التفسيرات الباطنية؟
لا أدري أخي الكريم، ثم ليس الهدف من نقل الكلام مناقشة صحة نسبة التفسير الباطني لبن عربي. الهدف واضح وهو: عندما نتحدث عن تفسير فـأي تفسير، وعندما نتحدث عن فقه فـأي فقه، وعند الحديث عن التصوف فـأي تصوف، وكذلك العقيدة، والدين، والفلسفة، والكلام، واللغة .. الخ.. ينسب إلى فلاديمير لينين القول بأن الدين أفيون الشعوب، والسؤال: أي دين؟ يُقال أن الفكر الديني يعيق النظر، فالسؤال: أي دين وأي فكر ديني هذا؟
 
أستاذنا طارق؛
لا علاقة لما قاله ناصر حامد في النص أعلاه بالهرمنيوطيقا، ولا بهرمنيوطيقا جادامير (الهرمنيوطيقا الجدلية أو الهرمنيوطيقا الفلسفية)، بل هي هرمنيوطيقا ناصر حامد أبو زيد (الهرمنيوطيقا المادية الجدلية).

بالنسبة لجادامير، هو أراد أن يرفع التأويل إلى مستوى أعلى من نظرية التأويل التي بدورها على مستوى أعلى من مناهج التأويل، والمستوى ذاك هو تفسير التفسير حيث تتلاشى العلاقة الثنائية بين الذات والموضوع (القارئ والنص مثلا) وتتدخل الأطراف الأخرى في عملية الفهم. وهذه طريقة فلسفية.
أنظر: الهيرمينوطيقا وتاريخية الفهم http://vb.tafsir.net/tafsir23314/#.VVSVa5O0ddh
وكذلك: الفصل التاسع (جادامر) في كتاب فهم الفهم مدخل إلى الهرمنيوطيقا، نظرية التأويل من أفلاطون إلى جادامر (الصفحة 274)
 
لا أدري أخي الكريم، ثم ليس الهدف من نقل الكلام مناقشة صحة نسبة التفسير الباطني لبن عربي. الهدف واضح وهو: عندما نتحدث عن تفسير فـأي تفسير، وعندما نتحدث عن فقه فـأي فقه، وعند الحديث عن التصوف فـأي تصوف، وكذلك العقيدة، والدين، والفلسفة، والكلام، واللغة .. الخ.. ينسب إلى فلاديمير لينين القول بأن الدين أفيون الشعوب، والسؤال: أي دين؟ يُقال أن الفكر الديني يعيق النظر، فالسؤال: أي دين وأي فكر ديني هذا؟
أظن أن علماء الإسلام لم يكفروه إلا للوثة في كلامه عليه من الله مايستحق. فقد ضل وأضل ، إلا أن يكون قد تاب والله أعلم.
 
أظن أن علماء الإسلام لم يكفروه إلا للوثة في كلامه عليه من الله مايستحق. فقد ضل وأضل ، إلا أن يكون قد تاب والله أعلم.
نعم لكن تعددت المواقف من بن عربي بين إفراط وتفريط. وتلك الأحكام لا معنى لها إلا في حالة إذا كانت تلك النصوص المنسوبة لبن عربي كالنصوص الفقهية والحديثية والتفسيرية والكلامية والتاريخية.

دور الهرمنيوطيقا هو الكشف عن تاريخية أو أصالة النصوص المنسوبة لبن عربي، وكذلك الكشف عن طبيعة تلك النصوص. نواقض الإسلام موضوع في الفقه عامة والعقيدة بشكل خاص، لكن ما علاقة نصوص بن عربي بالفقه أو الكلام؟ هذا سؤال عن طبيعة النص، فهو سؤال هرمنيوطيقي أصلا.

ننطلق من وصف ابن تيمية لنص فصوص الحكم بالتضارب والخيال، فهل هو نص أدبي خيالي؟
وننظر في كلام الحافظ الذهبي ونسأل عن طبيعة النص: فلسفي، عقائدي (ليصح الحكم على النص بالزندقة والمروق)، أم هو رمزي إشاري (ليصح البحث عن إمكانية الفصل بين الألفاظ والمعاني)، أو هو نص متشابه، أم ماذا؟

مهما يكن، فإن هرمنيوطيقا بن عربي هي نقيض هرمنيوطيقا ناصر أبو زيد، لذلك نجد من الماركسيين من حاول ربط الإشارات الصوفية عند بن عربي بالمواقف السياسية وهو ربط تعسفي لأنهم لم يجدوا غير ذلك في البحث المتهور عن السياق المادي الذي أنتج النص أو السياق المادي الذي خُلق من أجله النص وإن كان إلهاما..
 
إن ثبت أن كلام ابن عربي في فصوص الحكمة -وهو على الأرجح مثبت - فهو كفر جزاف، ولا معنى لكونه نص أدبي ، ولا يجدر بنا أن نعكس الشيء ونقول أن الأحكام على ابن عربي لا معنى لها!

عجيب أمركم في التهوين من أهل الزندقة والانحراف!
تهوين لا يتماشى مع النفس في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
لما قالت اليهود يد الله مغلولة رد الله عليهم مباشرة ( غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا)

ولما أمر عليه الصلاة والسلام الرجل بالأكل بيمينه فقال الرجل : لا أستطيع
رد عليه الصلاة والسلام ( لا استطعت) مباشرة وبدون سفسطة كلامية !

هذا التهوين أمقته.
هذا التهوين هو عينه التهوين الذي جعل في الأمة الإسلامية
قرابة ال٦٠٠٠ آلاف ضريح تعبد من دون الله من قبل الجهلة وبسطاء الناس!

==========
إذا كان هذا المنهج المسمى بالهرمونيطيق يريد تسمية الشيء بغير اسمه ، ليُحسن القبيح ، ولِيُقبح الحسن ، فبىس المنهج هو!
أتراكم لو طبقتموه على كلام اليهود عن رب العزة ، أفتخرجونهم أبراراً؟
هي عقيدة ( السام عليك)
هي مدرسة ( يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب) .

يا أهل التصوف ارجعوا إلى كتاب ربكم ! لن نفلح إن ابتعدنا عنه! ارجعوا إليه على خطى محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه.


===========
شاهدت مناظرات مع الصوفية قرابة العشر ساعات، وكلهم ييبررون أن كلام ذلك الرجل لا يفهمه أحد !
أهو ملاك ؟ أهو من غير جنس البشر ؟ ليكون كلامه لا يفهمه إلا هو ؟!
الرموز والارقام علوم اشتهر بها اليهود ، فضلوا وأضلوا!
لدينا المنبع الصاف ونأبى إلا أن تسبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير.
سبحان الله!
لا عجب ...حذو القذة بالقذة.
 
أخي الفاضل عبدالله الأحمد،
لا أرى العلاقة بين رسالتك وما نحن في صدده، والحكم على شيء فرع عن تصوره، وكيف ستتصور من غير قراءة، لكن كيف تقرأ؟ عندما تقرأ آية قرآنية كريمة بالهرمنيوطيقا الزيدية (هرمنيوطيقا ناصر حامد أبو زيد) فالسؤال يطرح نفسه: لماذا الإنطلاق من الدياليكتيك الصاعد وهل هو صالح لقراءة نص ذو أبعاد متنوعة؟ ونفس الشيء بالنسبة للقراءة الفقهية وهي القراءة التي تستخرج الحكم من النص وربما تم تحليل النص بالمنهج التاريخي في التأويل (الهرمنيوطيقا التقليدية) من خلال الفهم التاريخي للنص، أي ربط النص بأسباب النزول، بالنسخ، بالتدريج في التشريع وبغيرها من مفاهيم المنهج التاريخي. السؤال الذي يطرح نفسه هنا: ما طبيعة النص؟ نص فقهي ؟ نص فقهي حصراََ؟

الأسئلة التي تهتم بها الهرمنيوطيقا كثيرة، والهرمنيوطيقا إتجاهات متنوعة، فلا يستقيم الإختزال ولا الحصر؛ ونفس الشيء بالنسبة للتفسير، لذلك قمت بنقل ما قاله المرحوم رشيد رضا، وهو مفسر يحسب على التيار السلفي، التيار السلفي الإصلاحي بشكل خاص، حيث أشار إلى التفسير الباطني، ولا يرى أن هذا التفسير يصح نسبته للشيخ الأكبر بن عربي. كان بالإمكان نقل نص آخر حتى لا يتحول النقاش حول الإستشراق أو الهرمنيوطيقا إلى نقاش آخر حول بن عربي. فلماذا هذا النقل بالذات؟
أولا، كما هناك إتجاهات في التفسير، هناك إتجاهات في الهرمنيوطيقا.
ثانيا، هل طبّق رشيد رضا الهرمنيوطيقا في إيعاز التفسير الباطني (المنسوب لبن عربي) للقاشاني؟

نحن أمام نص مخيلاتي (نص أدبي مثلا)، ونص معقولي (نص فكري كلامي مثلا)، ونص وجداني (نص إشاري مثلا)، ونص منقولي حول التوحيد. قبل أية محاولة للجمع بين هذه النصوص كما فعل الشعراني في اليواقيت والجواهر في مقارنته مثلا بين الطريقة الصوفية والطريقة الكلامية في التعبير عن القضايا الإيمانية، سنظطر إلى تحديد طبيعة النص. وماذا في حالة وجود تناقض ظاهري أو مقاصدي أو ظيفي في النص كما هو الحال في الكتابات المنسوبة لبن عربي؟ سننظر في الطبيعة الغالبة، ونفصل بين النصوص مثل تداخل النص الفلسفي في النص الصوفي، أو الفلسفي في الكلامي، أو المنطقي في الأصولي، وغير ذلك من الإمكانيات. وربما قمنا بحمل المتناقض والمتشابه والغريب على الطبيعة الأصلية أي الطبيعة الغالبة.

إذن الأحكام لا تهمني شخصيا لأنها تنطلق من تصور ناتج عن طريقة في القراءة وهذه الطريقة تنطلق بدورها من تصور معين لطبيعة النص. والله أعلم.
 
( النص المنسوب لابن عربي) !
وعين الرضا عن كل عيب كليلة!
إن كنتم رضعتم أنه ولي من أولياء الله فكيف سترونه خلاف ذلك؟
=======
المناظرات وسيلة من وسائل كسب العلم ، وهي طريقة استخدمها الرسل عليهم الصلاة والسلام، ومن أجمل مافيها أنها تبين الدجل والدجالين في حينه!

( فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين) ! تصوير رباني يعجز العقل عن وصفه.

ليس هناك مشكلة مع التيارات غير السلفية كما يصورها الصوفية ! بل هي قضية إيمان وكفر . وهي كعادتهم بتسمية الشيء بغير اسمه ، كما قال الضال الجفري ان الطواف ليس عبادة!
كل ذلك ليبرر فعل جهلة النلس عند تلك الاصنام!
هي سنوات خداعات وأسأل الله أن يجيرنا من هذه الفتن.
 
أخي الكريم عبدالله الأحمد: هل لي أن أفهم عن أي شيء يتصل بالموضوع تتحدث؟
ناصر حامد أبو زيد تعامل مع نص قرآني - لا يمكن إختزاله في الإطار المادي - بالمنهج التاريخي المادي الجدلي في التأويل، فهل فعل محمد رشيد رضا نفس الشيء (إختزال وميل عن طبيعة النص) في تعامله مع التفسير المنسوب للشيخ الأكبر بن عربي؟ وهل فعل صاحب التفسير المنسوب لبن عربي نفس الشيء مع النص القرآني، وقبل ذلك هل يمكن إعتبار هذا النص من التفسير، وأي تفسير؟

هذا هو المهم في الموضوع.
 
نعم صدقت.

لكن ألا ترى أن الأهم في كل هذه المواضيع والأطروحات هو الانتصار للقرآن؟.
وأي انتصار للقرآن أجمل من الإيمان به على ما أراد الله ورسوله ؟

إن كانت هذه المناهج ستسوقنا سوق النعاج للكفر به، فما أحسنا بل أسأنا.
مناهج الدجل والتلبيس هي التي قادت بعض هذه الأمة وإلى الآن وإلى هذا العصر؛ ليُنافح عن ضلال الأمة ومنحريفيها. وكان الأولى قول الصدق، وترك هذا الورع البارد الذي لايزيد الأمة إلا ضلالاً !
فعلى سبيل المثال:
الصوفية في نقاشهم وردهم على شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله- لم نسمع منهم مطلقاً هذه الكلمة ( القول المنسوب )، بل يأخذونه مباشرةً ليصبوا جام غضبهم على من عرّا دينهم وأوطأهم حمم الحقق .

وحين يأتي الكلام على أمثال ابن عربي، يأتيهم ورع " أكاديمي" لم يُسمع بمثله، ليقولوا هذا كلام ( منسوب لا بن عربي)!! وهي ليست سابقة بل معروفة عندهم كالدكتور عبدالله كامل! الذي ردد هذه المقولة مراراً وتكراراً !

الأهم يا أخي الفاضل أن الأمة يجب أن تتمايز ! ولا بد أن يحدث هذا التمايز! فالله لن يذر المؤمنين على ماهم عليه حتى يميزهم. لا تخلطوا الحق بالباطل فهي سنة أهل الكتاب!

سوف نجد تقاطاعات كثيرة بين المنهج الصوفي الترميزي والمنهج اليهودي القديم في قراءة أسفارهم واستخدام الرمزيات التي أدت لانحرافهم ثم لغضب الله عليهم ! لذلك لا تعجب من كثرة علوم السحر والشعوذة عن الصوفية!

أسأ الله أن يهدينا للحق جميعاً ويرزقنا اتباعه.
 
فيما يخص عبارة (المنسوب لبن عربي) لا حاجة لعبدالله كامل ولا غيره خارج هذا الملتقى وهذا الموضوع، فهذا ما أشار إليه محمد رشيد رضا رحمه الله في الكلام الذي نقلته للتمييز بين التفاسير، وهذا ما تم الإشارة إليه من قبل في هذا الملتقى http://vb.tafsir.net/tafsir10448/#.VVvC_JO0ddg.

أما الإنتصار للقرآن في هذا الملتقى فهو إنتصار أكاديمي غير طائفي ولا مكان فيه للتعصب ولغة التكفير والتضليل والتدخّل في كل شيء من منطلق عقائدي مذهبي. إذ نحن - وكما قال فضيلة الدكتور حاتم القرشي - لا نريد أن يتحول هذا الملتقى مصدراً للحكم على من انتسب للإسلام أهم كفار أم لا ! (أنظر المشاركة 19 في موضوع http://vb.tafsir.net/tafsir22489/#.VVvDm5O0ddg).

قلنا أن ناصر حامد إختزل النص القرآني في نطاق لا يُختزل فيه فتعامل مع النص المجيد بالهرمنيوطيقا المادية الجدلية، فهل فعل بن عربي نفس الشيء؟ أي هل إختزل بن عربي الآيات القرآنية في البعد الصوفي وتعامل معها وفق هذا المنظور دون النظر إلى الأبعاد الأخرى؟ هذا هو المهم في الموضوع لأن هذا السؤال هو الذي يتصل بالموضوع، لا مناقشة بن عربي والحكم عليه، لكن يمكن مناقشة طريقة الحكم على بن عربي لأن الطريقة هذه إنطلقت ولابد من تصور معين للنص المنسوب لبن عربي، وهذا التصور لا يمكن فصله عن عوامل أخرى، أشرت إلى بعض منها، ويمكن إختصارها في ثلاث خطوات: تصور طبيعة النص، قراءة النص وفق هذا التصور وهي قراءة تلازمها العملية التأويلية وأخيرا الإستنتاج الذي ينبني عليه الحكم.

بالنسبة للإنتصار للقرآن، هناك إنتصار عملي مثل نشر المعرفة الصحيحة أي الفهم الأصح في المعرفة، ولا أظن أن الخلط بين التفاسير معرفة صحيحة، وكذلك الخلط بين إتجاهات الهرمنيوطيقا، كما أن التجديد والتعارف والتواصل مبادئ قرآنية إن نحن قمنا بتطبيقها، نكون قد إنتصرنا عمليا لجانب من جوانب الرسالة القرآنية.
 
((أما الإنتصار للقرآن في هذا الملتقى فهو إنتصار أكاديمي غير طائفي ولا مكان فيه للتعصب ولغة التكفير والتضليل والتدخّل في كل شيء من منطلق عقائدي مذهبي. ))
!!!!
على كل لم أكن أتوقع غير هذا.
نسأل الله أن يجيرنا من الفتن .





 
أخي الكريم عبدالله الأحمد:
كتبت إلى الآن في هذا الموضوع 5 مشاركات ولا واحدة في صلب الموضوع ماعدا المشاركة الأولى، السؤال. أما الذي تتوقعه ولا تتوقعه فشأنك أنت لا دخل لي أنا فيه، والفتنة أن نحول الملتقى إلى سجالات عقيمة، وقد أحلتك إلى ما كتبه الأستاذ الفاضل حاتم القرشي ومن كلامه ستفهم فلسفة الملتقى وهي فلسفة خاصة متميزة عن الملتقيات الطائفية حيث تقرأ التمييز بين الإعتقاد كمبدأ وإقحام هذا الإعتقاد في الحوار أو المشاركات:
- الإقرار بأن التكفير المنضبط شرعياً هو من الدين ولا ينكره من لديه بصيص علم، ولكن ليس هو لكل أحد.
- نحن لا نريد أن يتحول هذا الملتقى مصدراً للحكم على من انتسب للإسلام أهم كفار أم لا !

أنت دخلت في التكفير والتضليل وبلغة طائفية غير أكاديمية أي غير منضبطة لا بالشرع ولا بفلسفة الملتقى ولا بشيء معقول؛ فماذا تريد، بالضبط؟ هل تظن مثلا أنك قادر على إيصال رسالة لي حول التصوف ورجاله؟ إن كنت تحلم فهذا شأنك أيضا مثل الذي تتوقعه ولا تتوقعه إذ لن أشارك في تحويل مهمة الملتقى إلى إصدار الأحكام حول الأمور المختلف فيها بين المسلمين بله تحويله إلى هذه الأمور بالطريقة المذهبية الطائفية. أما إن كنت تريد الوصول إلى فكرة تتعلق بأنواع التفاسير والإتجاهات الهرمنيوطيقة، فإلى حد الآن وأنا أنتظر تلك الفكرة.
 
الرد السادس ودائما خارج الموضوع، ولكن لم أفهم علاقة هذا الرد بالموضوع، ولا علاقته بالمشاركات الخارجة عن الموضوع؛ فهل من توضيح؟
 
ح
تناولات مادية لنصوص القرآن (نصر أبو زيد نموذجاً)
طارق منينة
2015/07/15
اول نصر حامد أبو زيد موضعة الإسلام داخل دائرة التأويل المادية الكبرى؛ للقيام بنقد أصوله، فحوّل الربانية إلى إنسانية وجودية، كما حول حسن حنفي الإلهيات إلى إنسانيات، وهي محاولة تحمل في لغتها العلمانية محدودية ظواهرها، ولو ارتفعت تلك اللغة إلى مستوى أعلى لسقط كل بنائها من أعلاه إلى أسفله؛ ذلك أن وضع العنصر الفوقي السماوي الرباني في لغة التحليل والنظر إلى واقع ما أنتجه بالفعل سيؤدي إلى إثبات حقيقة أن لغة الوحي القرآني مليئة بعلوم هي فوق المؤلف البشري والمجتمع البشري والتجربة البشرية، لغة أتت بجديد على اللغة البشرية قاطبة ومنحت العالم طريقًا وجوديًّا علميًّا وقيميًّا لم يكن من قبل، ومن هنا تكون معطيات الوجودية المعاشة قاصرة.
فتبعًا لفلاسفة التفسير الوجودي للنصوص تم تحويل الوحي المنزل إلى تاريخية صرفة، لا تجاوز الواقع البشري مع أن الوحي حقق وعوده وأتم تشكيل نموذجه الحضاري ماديًّا وروحيًّا.
لقد استعان نصر أبو زيد بمحاور في الفكر الهرمنيوطيقي في فلسفة الوجودية وغيرها حول الذاتي والموضوعي أو الفردي والاجتماعي أو كلام المؤلف والمبدع وإضافته وتطويره في الفكر الجماعي والاجتماعي.
استجمع نصر أبو زيد عُدته المنهجية والمفهومية من داخل بعض هوامش تلك الدوائر بعد أن وضع فرشاة من الماركسية، فكانت «القواعد والمعايير» التي انتقاها انتقاءً لتساير عمليته الهجومية على القرآن.
نشطت تلك العملية من خلال «نطاقات» أو «دوائر»، أو «هوامش» تدور - من الماركسية حتى الهومنيوطيقية - داخل دائرة المركزية الذهنية للتفكير الغربي الحديث، نظر إليها مشدوهًا كما فعل اليونانيون وهم ينظرون مقدسين النجوم والكواكب، غير ناظرين، بل جاهلين أن هناك سُدمًا وراء ذلك، وسموات أبعد ونظامًا أعلى ولطفًا أوسع، اكتفى المسكين بدوائر «الهرمنيوطيقا والسيميولوجيا وتحليل السرد والألسنية والأسلوبية» (كتابه: النص، السلطة، الحقيقة، ص12) وراح يدور حولها: «إن عملية فهم النصوص عملية هرمنيوطيقية تدوار في دائرة» (إشكاليات القراءة وآليات التأويل لنصر حامد أبو زيد ص36) فقام بتوظيف عناصرها اليتيمة وغير الملائمة ولا اللائقة بالتفكير في القرآن.
ومن المعلوم أن تلك العناصر المشكلة في اللغة العلمانية المتحجرة لم تعزل بعملياتها التأويلية حقائق التنزيل فقط ولكن عزلت أيضًا الإنتاج الوجودي - الذي لم يلتفتوا إليه - لما فعله التنزيل في عالم الإنسان وما شكله في العالم من قيمة وعلم وحضارة، فتغيب الغيب فيها وحُجب الأثر الوجودي الناتج عن تنزيله!
راح صاحبهم يعكس تلك الهوامش الفكرية أو المعطيات التحليلية على القرآن باعتباره تراثًا ودينًا من صنع الواقع والتجربة المشتركة: «القضية الأساسية التي تتناولها «الهرمنيوطيقا» بالدرس هي معضلة تفسير النص بشكل عام، سواء كان هذا النص نصًا تاريخيًّا، أم نصًا دينيًّا» (كتابه إشكاليات القراءة وآليات التأويل لنصر أبو زيد ص13).
فالقرآن هو النص المركزي في التراث والثقافة كما ردد في (كتابه النص، السلطة، الحقيقة ص19،27،16): «ومن شأن إدراك هذه التاريخية أن تؤدي إلى نزع القداسة عن وجهه» (النص، السلطة، الحقيقة ص48).
وضع القرآن في قلب المعطى الثقافي المادي!
أما معطيات تلك الهوامش التي صنع منها «شبكة العنكبوت» الواهنة.. استمدها من المفاهيم الهرمنيوطيقية التالية:
- التجربة الوجودية: تجربة الوجود المعاش عند المبدع، من خلال تجربتنا وتجربة النص نفسه فالأساس المشترك بينهما هو «المعاش» (تبعًا لـ ديلثي) (انظر ص28 من إشكاليات القراءة لنصر أبو زيد).
فالتجربة الذاتية لا تنفيها تجربة الحياة المشتركة بين البشر (تجارب متراكمة)، يقول: «إن مهمة الناقد هي تحليل النص بتشكيلاته اللغوية وبيان عناصرها... مقارنة النص بنصوص أخرى تنتمي لنفس النوع الأدبي بهدف الكشف عن دور هذا النص في دائرة التقاليد الأدبية، ماذا أخذ منها وماذا أضاف» (إشكاليات القراءة ص19).
ويرجح شليرماخر، الذي نقل مفهوم النظرية من علم اللاهوت إلى نقد اللاهوت، القيام بالعملية من البدء بالمستوى اللغوي» - التحليل النحوي - هو البداية الطبيعية» (ص22).
هذه العملية تستدعي معرفة كاملة باللغة وهو ما ادعاه نصر حامد حينما راح يحلل النصوص القرآنية من خلال لغتها وأرجع الأمر - بزعمه - إلى لغات كامنة في النص، شكلت الاجتماعي والفردي عند المؤلف! (النوع الواحد)، وهي لغات المعرفي التاريخي الأسطوري للمجتمع العربي بالإضافة إلى نفسية المؤلف بحسب الباحث العلماني.
فتجربة المؤلف عند شليرماخر هي في النص أو من خلال النص، وهي الأصل عنده، باعتبار «النص تعبيرًا عن المؤلف» (ص23).
ويأخذنا نصر أبو زيد على حين غرة حينما يتكلم - في سياق أرضنة الوحي - عن نظريتين الأولى هي المحاكاة التي يقوم بها المؤلف في صلته بالعالم الخارجي الذي لا دور له فيه: «العلاقة بين الإبداع والعالم الواقعي الذي نعيش فيه» (إشكاليات ص17)، ومن ثم «محاولة البحث عن الدلالات الخارجية التي يشير إليها العمل» (إشكاليات القراءة ص17) والرومانسية التي تؤكد دور المبدع على حساب الواقع الخارجي» وأخلت السبيل لمشاعر الفنان وانفعالاته الداخلية» (إشكاليات القراءة ص17،18).
وهذا الكلام استغفال حقيقي للقارئ، ذلك أن الوحي القرآني ليس من فعل مؤلف أو مبدع بشري ولا هو من فعل العالم الواقعي الذي يعيش فيه لا من خلال تجربة ولا معاش فردي أو مشترك.
- المستويات المتراكمة في التاريخ المادي للنص: «اكتشاف الدلالة من خلال تحليل مستويات السياق» (النص، السلطة، الحقيقة ص91) و«ليست النصوص الدينية نصوصًا مفارقة لبنية الثقافة التي تشكلت في إطارها بأي حال من الأحوال» و«المكان التاريخي والاجتماعي» (ص92) «الثقافي يستدعي الاجتماعي بما هو مؤسس عليه» (ص97) فمستويات المعنى في النص، ترجع إلى تاريخ مادي من صنع المؤلف كما ومن صنع التاريخ المحدد، التاريخ الذي حمله نص المؤلف في أحشائه وباطنه واحتفظ بمستوياته لاشعوريًا أي بدون أن يدري المبدع كثيرًا مما شكل فكره وعناصر تجربته المادية ومستوياتها الاقتصادية والثقافية، فهي مستويات كامنة خلف النص أو في باطنه التاريخي كما يقول ريكور.
ونقلًا عن كتابي (أقطاب العلمانية) الصادر عام 2000م، عن دار الدعوة، أُضيف هنا: «فهو عندما يتكلم عن الجن مثلًا - لا يجرؤ أن يقترب بصورة ظاهرة مماثلة من (الله) بنفس الدرجة![1] - فإنه يدعي بأن الجن - أو الملائكة - مفردات ذهنية ليس لها حقيقة أو وجود خارج الذهن! (وإذا كنا ننطلق هنا من حقيقة أن النصوص الدينية نصوص إنسانية بشرية لغة وثقافة(!)، فإن إنسانية النبي بكل نتائجها من الانتماء إلى عصر وإلى ثقافة وإلى واقع لا يحتاج لإثبات (!)... يرى علم اللغة الحديث أن المفردات اللغوية لا تشير إلى الموجودات الخارجية ولا تستحضرها ولكنها تشير إلى المفاهيم الذهنية» (نقد الخطاب الديني ص213). ويدعي أنه كشف ذلك بتحليل مستويات السياق اللغوي! الذي يمتد - بزعمه - إلى ما وراء ذلك - لاحظ فلسفة ريكور وبولتمان المذكورة منذ قليل وكذلك فلسفة ماركس وفرويد ونيتشه -!: «يمتد وراء ذلك لاكتشاف الدلالة (المسكوت عنها) في بنية الخطاب» (النص، السلطة، الحقيقة ص109،110)، ويعطي على ذلك مثالًا: «نكتفي هنا بالإحالة مثلًا إلى السياق اللغوي لسورة (الجن) في القرآن، حيث يبدو من ظاهرة السياق أن النص يتحدث عن ظاهرة (الجن) بوصفها ظاهرة لا يحتاج وجودها لإثبات، لكن وجودها في النص يمثل المعرفي الثقافي الذي تحدثنا عنه في الفقرة الأولى من هذا القسم[2]. من هذه الزاوية يبدو النص متجاوبًا مع المعرفي الثقافي بدلالة المنطوق (!) - أو الملفوظ - لكن على مستوى المسكوت عنه (!) - الذي يبدأ من أنسنة الجن (!) بتقسيمهم إلى مؤمنين وكافرين نتيجة استماعهم للقرآن (لاحظ كيف يحيل النص إلى ذاته في أحداث التقسيم)[3] يؤسس مغايرته - أو اختلافه - مع هذا المعرفي
الثقافي(!)، وتحليل السياق اللغوي إلى مستوى آخر من مستويات المسكوت عنه(!)... إذا أضفنا إلى ذلك قرار مصادرة الجن، أمكننا القول بأن النص يلغي وجود الجن بدلالة المسكوت عنه المستخرجة من تحليل السياق اللغوي(!).. ولا شك أن تحليل مستويات السياق اللغوي في بنية النصوص الدينية بإدخال مستوى المسكوت عنه - ناهيك بمستويات هذا المسكوت عنه المتعددة بتعدد مستويات القراءة يمكن أن تساعد إلى حد كبير في فهم أعمق - وأكثر علمية للنصوص والأهم من ذلك أن هذا العمق في الفهم يقربنا من حدود إنتاج وعي علمي(!) بدلالة النصوص الدينية (المرجع نفسه، ص110).
ومع أنه يعمل حساب للمؤلف في قراءته إلا أنه كما هنا يرجع الأمر لمستويات داخل الثقافة يزعم أنه قدر على كشفها بأفقه المادي، وهكذا وضع القرآن في التجربة البشرية وفي مستويات مزعومة اخترقت النصوص القرآنية كما وضعه في تطبيقات معطيات الوجودية.
- المستتر والغامض في النص الوجودي: إن اللغة عند هيدجر هي التجلي الوجودي للعالم، فالإنسان يكتشف العالم من خلال الفهم والتفسير، إنه «يفهم من خلال اللغة» (ص32) والفهم تاريخي يتغير «ليس فهمًا ثابتًا» (ص32).
العالم لا يدرك عند هيدجر من خلال الإدراك الإنساني ولكن العالم يكشف له عن نفسه، وظهور العالم وانكشافه إنما هو من خلال «اللغة» (انظر ص33) عالم النصوص كمثال كما راح نصر أبو زيد يضيف كالحاوي معنى مستترًا للنص ويدعي أنه اكتشفه من داخله!
وعلى ذلك - تبعًا لهايدجر - فالنص الأدبي ليس تعبيرًا عن «حقيقة داخلية» كمشاعر الشاعر وأحاسيسه ولكنه تجربة وجود ومشاركة في الحياة (انظر ص33) مازال نصر أبو زيد يأخذ المشترك في الفكرة المادية أو الهرمنيوطيقية عن التجربة الوجودية (كما عند هايدجر، انظر ص33) وعلينا بزعمه أن نفهم النص وتفسيره من معرفة أولية عن النص ونوعه تبعًا لهايدجر، فليس النص خارج الزمان والمكان، «بل نلتقي به في ظروف محددة» (ص33) لكن نصر أبو زيد يختار الذاتية وما تضيفه على النصوص التراثية مع الظروف الجماعية والاجتماعية في تشكل النصوص، فليس شيء عنده فوق الواقع وكما قال مرة فالواقع أولًا وثانيًا وأخيرًا!
فهم الوجود فيما يخص النص تبدأ عند هيدجر «من معرفة أولية عن النص ونوعه» (ص33).
فالنص له علاقة بالعالم و«العالم ماثل فيه» (ص34) فالعالم هو الظهور والانكشاف والأرض في مفهوم هيدجر تعني الاستتار والاختفاء والتوتر قائم بينهما في العمل الفني، ويرى هيدجر أن العمل الفني يتشكل من خلال اللغة أو الأحجار أو الألوان أو الأنغام أنها تمثل عمق الوجود وليس مجرد وجودها الطبيعي والمتلقي ينفتح وجوديًّا على العمل وعندما تلتقي اللحظتان يبدأ الحوار: «يبدأ السؤال والجواب الذي تنكشف به حقيقة الوجود، وتتطور - من ثم - تجربتنا الوجودية في العالم. فإذا انتقلنا للنص الأدبي الذي يتجلى فيه العالم من خلال اللغة، وجدنا أنه - مثل العمل الفني - يقوم على التوتر بين الانكشاف والوضوح من جهة، والاستتار والغموض من جهة أخرى. ومهمة الفهم هي السعي لكشف الغامض والمستتر من خلال الواضح والمكشوف، اكتشاف ما لم يقله النص من خلال ما يقوله بالفعل، وهذا الفهم للغامض والمستتر يتم من خلال الحوار الذي يقيمه المتلقي مع النص» (ص36).
ونقلًا عن كتابي (أقطاب العلمانية) الصادر عام 2000م، عن دار الدعوة، أُضيف هنا: «ويدعي أنه كشف ذلك بتحليل مستويات السياق اللغوي! الذي يمتد - بزعمه - إلى ما وراء ذلك - لاحظ فلسفة ريكور وبولتمان المذكورة منذ قليل وكذلك فلسفة ماركس وفرويد ونيتشه! -: «يمتد وراء ذلك لاكتشاف الدلالة (المسكوت عنها) في بنية الخطاب» (النص، السلطة، الحقيقة ص109،110)، ويعطي على ذلك مثالًا: (نكتفي هنا بالإحالة مثلًا إلى السياق اللغوي لسورة (الجن) في القرآن، حيث يبدو من ظاهرة السياق أن النص يتحدث عن ظاهرة (الجن) بوصفها ظاهرة لا يحتاج وجودها لإثبات، لكن وجودها في النص يمثل المعرفي الثقافي الذي تحدثنا عنه في الفقرة الأولى من هذا القسم[4]. من هذه الزاوية يبدو النص متجاوبًا مع المعرفي الثقافي بدلالة المنطوق(!) - أو الملفوظ - لكن على مستوى المسكوت عنه(!) - الذي يبدأ من أنسنة الجن(!) بتقسيمهم إلى مؤمنين وكافرين نتيجة استماعهم للقرآن (لاحظ كيف يحيل النص إلى ذاته في أحداث التقسيم)[5] يؤسس مغايرته - أو اختلافه - مع هذا المعرفي
الثقافي(!)، وتحليل السياق اللغوي إلى مستوى آخر من مستويات المسكوت عنه(!)... إذا أضفنا إلى ذلك قرار مصادرة الجن، أمكننا القول بأن النص يلغي وجود الجن بدلالة المسكوت عنه المستخرجة من تحليل السياق اللغوي(!).. ولا شك أن تحليل مستويات السياق اللغوي في بنية النصوص الدينية بإدخال مستوى المسكوت عنه - ناهيك بمستويات هذا المسكوت عنه المتعددة بتعدد مستويات القراءة يمكن أن تساعد إلى حد كبير في فهم أعمق - وأكثر علمية للنصوص والأهم من ذلك أن هذا العمق في الفهم يقربنا من حدود إنتاج وعي علمي(!) بدلالة النصوص الدينية (المرجع نفسه، نفس ص110).
- امتيازية النص لكنها في بشرية صرفة: فتاريخية النص محددة في المكان والزمان والنص يعبر عن تاريخية محددة لا يتجاوزها والمبدع إنما هو صائغ ومطور في الصور والمعاني الزمكانية لا أكثر ولا أقل.
- اللغة رموز وعلامات: فالنص إما وسيط شفاف ينم عما وراءه أو حقيقة زائفة لا يجب الوثوق بها كما قال نيتشه وفرويد وماركس ومهمة التفسير إزالة المعنى السطحي إلى المعنى المستخفي كتراث شكل النص (وأما نصر أبو زيد فتعامل مع النصوص القرآنية كما ورد هنا فهو من ناحية شفاف وفي باطنه يحوي التاريخي والأسطوري (بولتمان-ريكور)» وعلى هذا فهدف التفسير هو تحطيم الرمز، بل البدء به» (إشكاليات القراءة ص45، يقول أيضًا: «ومعنى ذلك أنه يتابع بولتمان في اعتباره الرمز شفافًا عن معناه الباطن» (ص45)، ويقول: «وهذه الطريقة يمثلها بولتمان..في تحطيمه للأسطورة الدينية في العهد القديم والكشف عن المعاني العقلية التي تكشف عنها الأساطير» (إشكاليات ص44).
- النص ظاهرة لا تفسر نفسها: أُفق القارئ هي الأصل، أي قارئ، وهذا الأصل غير ثابت على الدوام (انظر ص29 من إشكاليات القراءة)» فالنص الأدبي يتسع للعديد من التفسيرات التي تتنوع بتنوع اتجاهات النقاد ومذاهبهم» (إشكاليات ص16) ورؤية النص إنما هي كائنة من خلال أفق القارئ المعاصر! (جادامر)، فإن ذهبت تلك الرؤية المعاصرة إلى أن النص مزيف ظاهريًا - هذا من ناحية أخرى - أو يستر المعنى المعاكس له داخله، أو أن مغزاه في باطن صوره المتراكبة في صخور التاريخ المادي المنعكس في مستويات النص كما يقولون عن النصوص الكتابية والبشرية، فإن أفق القارئ المعاصر في ذلك هي الاكتشاف الحقيقي لما وراء ذلك النص أو نفسية المؤلف أو المبدع أو وجوده وتجربته، أو الوجود المعاش الذي صنع النص ومؤلفه!
- المغزى: مغزى النص مطمور في ماديته أي نفي ما يتجاوز المادة (أخذ مفهوم المغزى من هيرش، ص48).
- المؤلف يطور في الثقافة ويستخدم عناصرها وقد يكون واقعًا تحت تأثير نفسي طفولي كما قد يكون واقعًا تحت تأثير البيئة والمجتمع، فظاهرة الوحي - بحسب وصفه للوحي وزعمه عنه - لم تكن غريبة عن الرسول فهو: «كان يعاني دون شك إحساسًا طاغيًا بالإهمال والضياع» (مفهوم النص ص67) الذي يبدأ بـ{اقْرأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: ١] الفعل «خَلَقَ» ليعوض عن إحساسه بالإهمال الذي لقيه من المجتمع وليختلق له ربًّا!
يقول: «ولا شك أن إحساس محمد الذي تتوجه إليه هذه الرسالة - بأن ربه هو الذي خلق، يتصاعد بذاته وبقيمته وأهميته، ويداوي إحساس اليتم والفقر في أعماقه، ولأن محمدًا لا يعزل نفسه عن الواقع وعن إنسان مجتمعه فإن النص يكرر الفعل «خَلَقَ» كاشفًا لمحمد عن تساؤلاته عن الإنسان»، «إن المتحدث إلى محمد بالوحي ليس غريبًا عنه» (مفهوم النص ص69)، وكأن الأساطير البيزنطية تمر عبر شبكة الاستشراق من خلال الهرمنيوطيقا إلى نصر حامد أبو زيد، (انظر كتابه النص،السلطة الحقيقة، ص100)؛ مثلًا فهو يمرر عبر أدواته في اللغة والوعي والشفرة نفس الاتهامات الاستشراقية عن الحنيفية ونصوص الصعاليك العرب وغير ذلك مما زعم أنه شكل بنية الثقافة عند المؤلف!
- مؤلف النص قارئ كأي قارئ: وضع معنى في النص لكن المغزى للنص هي مهمة قارئ آخر (ريكور انظر إشكاليات ص48)، وعلى ذلك - على قول هيرش - ونحت نصر أبو زيد: «ولا يهمنا - في النص الأدبي - ما يعنيه المؤلف، أو ما كان يقصده، أو ما أراد أن يعبر عنه» (إشكاليات ص48) وفهم علاقة اللغة بالنفس الجماعية أو نفس المؤلف هو اختراق لزمن المؤلف وفهمه أفضل منه كما قال شليرماخر (1843م) «إن مهمة الهرمنيوطيقا هي فهم النص كما فهمه مؤلفه، بل حتى أحسن مما فهمه مبدعه» (إشكاليات القراءة ص22) «أو كما يريد أن يُفهم» (ص17) مع أنهم لم يكتشفوا في علوم الطبيعة والكون وعلوم الأجنة إلا بعد أكثر من عشرة قرون مما ورد حقيقة في النصوص القرآنية المهيمنة علميًّا وقيميًّا.
- وعي الإنسان ليس مفارقًا لموقع الإنسان في طبقة محددة في مجتمع معين (جولدمان، انظر ص47)، قال نصر أبو زيد: «العقائد مرتهنة بمستوى الوعي(!) وبتطور مستوى المعرفة في كل عصر(!) ولا شك أن النصوص الدينية اعتمدت، شأنها شأن غيرها من النصوص على جدلية المعرفي والأيديولوچي في صياغة عقائدها، المعرفي التاريخي يحيل بالضرورة إلى كثير من التصورات الأسطورية في وعي الجماعة التي توجهت لها النصوص بالخطاب» (النص، السلطة، الحقيقة لنصر أبو زيد ص134،135).
- الحقيقة داخل إطار التاريخ المادي لا خارجه: الإطار هو إطار لغوي وتاريخي لا يتعداه «إن جادامر يرفض – مثل هيدجر - الوظيفة الدلالية للغة، ويؤكد على العكس، أن اللغة لا تشير إلى الأشياء، بل الأشياء تفصح عن نفسها من خلال اللغة. وفهمنا لنص أدبي لا يعني فهم تجربة المؤلف، بل يعني فهم تجربة الوجود التي تفصح عن نفسها من خلال النص» (إشكاليات القراءة وآليات التأويل ص42).
وكان ذلك أكبر منحى توجه من خلاله نصر حامد أبو زيد، وذلك حتى يتمكن من تمرير أفكاره المادية وتأويل نصوص القرآن بما يصرفها عن حقيقتها إلى ما ادعى أنه حقيقة ما وراء النص مما اكتشفه من مستويات مزعومة لتاريخ النص، وتاريخ اللغة الأسطورية لما قبل النص في النص. فعملية التفسير عنده كما يقول تقوم على تلبيس النص القرآني ما حملته اللغة المعرفية الخرافية عند العرب، فيزعم أن عمليته التأويلية تقوم على تحليل المعطيات اللغوية للنص» (إشكاليات القراءة وآليات التأويل، ص45).

:: مجلة البيان العدد 338 شوال 1436هـ، يوليو - أغسطس 2015م.
- See more at: مجلة البيان
http://vb.tafsir.net/tafsir44520/#.VjMRBbcvfIU
 
عودة
أعلى