سلسلة انهيار شرفات الاستشراق (7) /اقرأ ... أول وعد حق

طارق منينة

New member
إنضم
19/07/2010
المشاركات
6,330
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
دعونا قبل أن نمضي بعيدا في طريقنا ونحن نشاهد انهيار البناء العلماني الضخم والهش في آن واحد ومعه الشرفات المزخرفة للاستشراق الكاذب بألوانه وأطيافه واساطيره المختلقة والملفقة، أن نسأل سؤالا عصريا وموضوعيا وتاريخيا ألا وهو: من ذا الذي يمكنه أن يطلق وبثقة تامة عشرات بل مئات الوعود والنبوءات المستقبلية (القريبة والبعيدة) المؤكدة بأنواع التوكيد البينة، والمقسم عليها بأنواع القسم الملفتة للنظر، فأغلبها قَسَم بسنن الكون المصورة تصويرا علميا بديعا ودقيقا، ومعلوم ان القَسَم نوع من أنواع التوكيد عند العرب ما يزيد المُقْسَم عليه توكيدا واستيقانا، من ذا الذي يقسم ويصدق في ذلك كله على أنه منتصر على امبراطوريات وقوى باطشة متمكنة محلية واقليمية قبل ان يموت الجيل الذي يسمع الخبر الواعد؟ من ذا الذي يستطيع ان يعلن هذا في كتاب مسطور وألواح وصدور وتبلغ وعوده العدو والصديق ويسمعه كل يوم القريب والبعيد والصغير والكبير في تلاوات خالدة واعلانات متنقلة سارية في التاريخ؟
ثم مع ذلك لا يكتفي بتلك الوعود، وإنما يخبرهم بأن المستضعفين منهم هم من سيحقق بهم الوعد الحق وتنفذ بهم الارادة القول الصدق وسوف يشاهدون ويعلمون ويلمسون ويحسون وقع الصدق في الخبر!! ثم ان هؤلاء كانوا يعلمون انه لا يقدر على هذه الاعلانات الا من له القدرة الشاملة القاهرة، وهو الامر الذي تعجز عنه جيوش ودول وقوى مادية مجتمعة، بل وامبراطوريات وقد رأوها تتحارب ولا تقضي احداها على الأخرى! ومعلوم ان كثير من الادعاءات والوعود تطلق اليوم ومن اجهزة ومؤسسات ضخمة تنفق عليها الدول العظمى البلايين لكنها تفشل!! كما نرى اليوم في اعلانات نهاية التاريخ وبدايات عصور خالصة من الشيوعية والليبرالية والسوبر بروسية (ماركس- فوكوياما- هيجل- ماكس فيبر).
ثم من ذا الذي يجمع القلوب المتفرقة المختلفة ويجعلها أخوة متحابة، وقوة صادقة، وصفّا قويا أمينا لو أنفقت ما في الارض جميعا ما ألفت بينهم، مهما كانت قدرتك وخطتك! ومن ذا الذي يدّعي النبوة على هذا كله مدعيا تغيير التاريخ وغلبة القوى العظمى في زمنه وفي وقت مذهل! ومعلوم ان خطأ واحد وكذبة واحدة في هذا الشأن تقدح في النبوة وتثبت زيفها؟!
ان الشيء الذي يخفيه العلمانيون والمستشرقون هو: ان مصدر الوحي القرآني أعلن هذه النبوءات والوعود المؤكدات في كافة السور القرآنية، وعلى لسان سفير الوحي ورسول البعثة الربانية محمد رسول الله وانها كلها قد تحققت، وعبر عن تحققها عقلاء البشر بانها امر مذهل عجيب مدهش فوق الطاقة صعب التصديق لولا شهادة التاريخ والواقع!
والشيء المثير أن يبدأ الرب اعلاناته الاولى بعد الدعوة لقراءة سنة العلق، والتعليم بالقلم بقراءة الوعد الأول، الوعد بهلاك فرعون هذه الامة اي عمرو ابن هشام (ابو جهل)، وهو البلاغ الذي طولب سفيره ورسوله ان يقوم بقراءته على التاريخ البشري، كما طولب بقراءة ما يتعلق بآياته في الحضارات والامم والقرى والافراد، كفرعون وهامان والنمرود وقارون والسامري كنماذج على الاسراف والاستغناء والطغيان.
ففي سورة العلق نقرأ قول الله تعالي "كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى (7) إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (8) أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (10) أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (12) أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (13) أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (14) كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16) فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18) كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)". ان القيومية الربانية التي ينكرها العلمانيون افتتحت الوحي بألفاظ لها مغزى جديد لبناء حضارة بشرية بأدوات معرفية غفلت عنها الفلسفات الضائعة والحضارات البائدة، كما أنها أظهرت قدرتها الكاملة في الإعلانات الصادقة والاخبار المتتابعة في كافة سور القرآن عن وعود نافذة تتحدى القوى الباطشة كافة، بأن تواجه حقائقها المقررة قدرا وقضاء بما تستطيع من قواها المتمكنة وسلطانها المتبجح المغرور بزخرف باطله وزينة ملكه.
هنا في هذه السورة الأولى "سورة اقرأ" تعريف للبشرية بالكمال الإلهي وان الرب تعالى قادرعلى الطاغية الفرد كما انه تعالى قادرعلى امبراطوريات القهر المخوفة، فالقدر الإلهي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء. ضرب الله في سورة العلق مثلا بفرعون هذه الأمة -الذي قتل سمية وزوجها ياسر من صحابة النبي- وهو عمرو بن هشام الذي نزلت فيه هذه الآيات كمثالا على الاستغناء والطغيان. وقد أورد الطبري وابن كثير الرواية في سبب نزول الآيات "قال أبو جهل: لئن عاد محمد يصلي عند المقام لأقتلنه فأنزل الله اقرأ باسم ربك" حتى بلغ هذه الآية (لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ. نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ. فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ. سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ)" (الطبري 24 |539) وقد حاولت هذه الناصية الخاطئة قتل محمد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أكثر من مرة وقد استمرت المحاولات حتى بعد هجرة الرسول الى المدينة ولم تنجح محاولة واحدة منها! بعد هجرة النبي سرا الى المدينة وهجرة صحابته اليها، وفي السنة الثانية من الهجرة خرج ابو جهل ومعه قواته المنتفشة وعسكره المغرور فاهلكه الله كما وعد المستضعفين المؤمنين، حتى ان اصغرهم قامة واضعفهم بنية جثم على صدره يذكّره بوعد الله تعالى، وهو عبد الله بن مسعود رضي الله عنه! وقبل ان يمضي هذا الجيل نفسه كانت امبراطوريتي القهر(امبراطورية فارس وامبراطورية الروم) قد خرّتا كفقاعة هواء فارغة بين ايديهم كما وعد الرب تعالى.
فهل من علماني قارئ للقرآن قراءة واعية من بداية "اقرأ" الربانية؟!
 
حياكم الله اخي الخلوصي
ماهي الرشحات-ابتسامة
مع العلم اني فعلا لااعرف معناها.
 
حياكم الله اخي الخلوصي
ماهي الرشحات-ابتسامة
مع العلم اني فعلا لااعرف معناها.
و حيّاكم الله أخي الكريم .. و بارك بجهودكم .
أما الرشحات فهنا بعضها أستاذي العزيز ... خذ منها ما شئت فلدي المزيد
icon7.gif
:


http://vb.tafsir.net/showthread.php?t=18999
 
عودة
أعلى