سلسلة انهيار شرفات الاستشراق (13) /معهود الجابري الجنسي

طارق منينة

New member
إنضم
19/07/2010
المشاركات
6,330
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
لا شك أن لثالوث "ما بعدالحداثة" المركب من ثلاثة أقانيم زيوف وهي "المعهود /نسبية الحقيقة / المعقولية"، دعاة من شياطين الإنس والجن.
يقول أحد سدنتها، وهو (علي حرب) : "لا حقيقة كلية حقيقية ساطعة يمكن القبض عليها"! ( علي حرب في كتابه: أسئلة الحقيقة ورهانات الفكر، دار الطبيعة-بيروت،1994م،ط1، ص8).
وقد رأينا من خدامها ايضا "جورج" وكيف فعلت وسوسته في حس "الجابري"، الذي لم يُخف عن قارئه ان خواطر كانت ترد على ذهنه من حين لآخر لكتابة كتاب عن القرآن، قال : و"لكني كنت أصرفه عن مجال المفكر فيه لدي"! ، يضيف "وإنني الآن بعد الفراغ من أجزاء "نقد العقل العربي ،الأربعة ، أجد نفسي أقدر على التعامل مع مفاتيح هذا الباب مني لو فعلت ذلك قبل" (انظر مدخل الى القرآن للجابري ص14،13).
وقد أشار الى ان منهجية تناوله للقرآن في "مدخله الجديد" والمسمى ب" مدخل إلى القرآن"!، لا تختلف عن منهجيته في "نقد العقل العربي"(ص15)، ولذلك تراه في القسم الثالث من مشروعه الجديد عن القرآن (ص37) يحتج بنص من كتابه (التراث والحداثة) ليؤكد ان المنهج هو هو، قال :"فمن جهة تحرص هذه القراءة على جعل المقروء معاصرا لنفسه على صعيد الإشكالية والمحتوى المعرفي والمضمون الأيديولوجي، ومن هنا معناه بالنسبة لمحيطه الخاص"!.(لاحظ كلمته: لمحيطه الخاص!!) وله نص آخر من نفس المصدر، يقول فيه إن مهمة المنهح هي التحرر من سلطة النص وممارسة السلطة عليه!:"جعله معاصرا لنا بنقله إلينا ليكون موضوعا قابلا لأن نمارس فيه وبواسطته عقلانية تنتمي إلى عصرنا، وهذا هو معنى المعقولية ... إننا بذلك نتحرر من سلطته علينا ونمارس نحن سلطتنا عليه ... تلك هي مهمة المنهج" (ص(47).فهذه اشارات قديمة واضحة ، أحال اليها في مشروعه الجديد بدون أن يستدعيها ، وقد جلبناها للقارئ للتعرف على قصد الجابري من مشروعه الجديد عن القرآن.
فالمنهج الجابري هو كما فكّر فيه وقدّر بعد تحريض "طرابيشي" -بحسب قول الجابري نفسه-هو : "تدبر القرآن بالعقل وبالعقل النقدي" (القسم الثالث من "فهم القرآن الكريم-التفسير الواضح حسب ترتيب النزول للجابري ص 264).وهو نص وحيد سطره الجابري في مشروعه الجديد ( المكون من اربعة أجزاء، كل جزء يتجاوز ال400 صفحة، على خوف من الإنكشاف رغم انه قاله من قبل ولكن بصيغ فلسفية مقاربة في مشروعه القديم عن العقل الإسلامي إلا انه هنا وفي مشروعه المتعجل في نقد القرآن –تحت وسوسة طرابيشي- وجد نفسه في مواجهة مباشرة مع سور القرآن، وبدون اللغة الفلسفية ، المتموجة ،المستخدمة قبلا فلم يستطع تمرير أكثر من نص واحد بهذا الوضوح، ويبدو أنه إكتفي بإشارة واحدة –عن النقد والعقل والنقدي القارئ للقرآن!-بهذا الوضوح يساندها بالتأكيد الصور النقدية الملفوفة التي نعرضها هنا ليعلم القارئ مدى انحطاط الفكر النقدي العلماني وخلوه من اي برهان فضلا عن سخافته وقصوره الظاهر، لكن دعونا قبل ان ننتقل من هذه النقطة نسأل سؤالا منهجيا وهو: كيف طالبه طرابيشي بنقد القرآن –في تحريضه المشهور-وهو يعلم ان الجابري متهم عنده وان منهجيته قائمة على الكذب والتلفيق؟! (انه التحريض المدفوع بأحقاد معروفة)
فقد اتهمه بانه يقوم بعملية تضليل استراتيجية(إشكاليات العقل العربي ص64) ، وفي كتابه "وحدة العقل العربي" اتهمه بتلفيق الأدلة(ص126) والافتراء(ص120)، وفي كتابه "العقل المستقبل في الإسلام" اتهمه بالجهل المطبق (ص17) والتزييف (ص31) ركام الأغلاط المعرفية والتاريخية التي ترزح تحتها الإبستمولوجيا ...الجابرية (ص45)، ويُحرف تحريفا خطيرا (ص112)، ولا يرجع الى النصوص ذاتها، قال طرابيشي: "وهو ذنب مزدوج: اصدار حكم على النص بدون الرجوع الى النص نفسه ... وإعطاء طابع قطعي لهذا الحكم "(ص183). فهل كان "جابري التحريف" في سلسلة "نقد العقل العربي" سيختلف عنه في سلسلة نقد القرآن؟! أم أن أي تشويش على القرآن ،مهما بلغت سخافته ،نافع علمانيا وليبراليا!؟ وانه هدف مرصود أيًا كانت وسائله القذرة، فالغلبة العلمانية لاتتحقق الا بمزيد من الكذب واللغو، وقد أخبرنا الوحي عن هذه النفسية ، القديمة الجديدة فقال "وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ" (سورة فصلت:26).
في تعليقه على قول الله تعالى "فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ" (سورة الطارق:( 5-7) يقول الجابري : "والغالب أن هذا التفسير القديم لصدر المني مستقى من الملاحظة عند الممارسة الجنسية التي تشكل جزءا من معهود العرب التجريبي وبه خاطبهم القرآن" (القسم الأول ص184)، اي أن القرآن لم يذكر حقائق علمية بزعمه وانما ذكر "معهود العرب الجنسي التجريبي"! والسؤال "العصري" للجابري وأمثاله هو : هل كان "العربي" يعرف على وجه التحديد أن ماء الرجل يمثل مالايقل عن 90% من محتويات الماء المنوي ،وباقي المكونات هي عبارة عن مواد ذائبة بما فيها الحيوان المنوي كما يخبرنا أستاذ التكنولوجيا الحيوية الدكتور دسوقي عبد الحليم او كان يعرف اي شيء عن العمليات البيوكيميائية المعقدة التي تهيئ الظروف والبيئة المناسبة والطاقة اللازمة لتدفق الحيوان المنوي وحركته؟ -أليست ألفاظ القرآن صحيحة علميا ودقيقة بيانيا ولايمكن ان تصل ملاحظات العرب ومن هو افضل منهم في صناعة الافتراضات العلمية تجريديا كاليونان قديما الى علوم القرآن ودقة ألفاظها المصورة لحقائق غابت عن القرون الغابرة جميعا وقد يمكن القول انه ربما يغب بعضها عن بعض الانبياء والله تعالم اعلم ؟-
أم هل كان العربي يعرف أي شيء عن الموضع المحدد وغير المنظور بالعين المجردة (بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ)؟ والذي له صلة بتنشئة الماء الدافق اومصادره ووسائل تغذيته ، لقد طلب الوحي النظر إلى مجال ألطف وأوسع من حدود "المعهود الجنسي الجابري!". ان القرآن يتكلم عن مواضع ومراحل علمية تخص خلق الإنسان بتفصيل حكيم خبير.
يقول االدكتور زغلول النجار إن "نشأة الغدد التناسلية في كل من الرجل والمرأة من نفس هذا الموقع‏،‏ واستمرار تغذيتها طيلة حياتها بالدماء والسوائل الليمفاوية والأعصاب من الموقع ذاته‏، مما يجعل هذا الماء يخرج فعلا من بين الصلب والترائب‏" "فكل من الخصية والمبيض في بدء تكوينهما يجاور الكلى ويقع بين الصلب والترائب‏،‏ أي ما بين منتصف العمود الفقري تقريبا‏ ...‏ يعتمدان في نموهما على الشريان الذي يمدهما بالدم‏ ...‏ وهو يتفرع من الشريان الأورطي في مكان يقابل مستوى الكلى الذي يقع بين الصلب والترائب،‏ ويعتمدان على الأعصاب التي تمد كلا منهما ‏... الخصية والمبيض فينشأتهما وفي إمدادهما بالدم الشرياني‏ ..‏ وفي ضبط شؤونهما بالأعصاب‏،‏ قد اعتمدتا في ذلك كله على مكان في الجسم يقع بين الصلب والترائب‏".
حقا إنه كما أخبر الوحي" كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير" هود:1 "وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا"(النمل::93).
 
عودة
أعلى