( سلسلة انهيار شرفات الاستشراق (1) / أساطير لحجب النبوة )

طارق منينة

New member
إنضم
19/07/2010
المشاركات
6,330
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
سلسلة انهيار شرفات الاستشراق على طريق السور المكية
أساطير لحجب النبوة
طارق منينة

لم تكن اتهامات قريش للرسول من أنه " إنما يعلمه بشر" وان ما معه صلى الله عليه وسلم ،إنما هو "أساطير الأولين"، اتهامات (عقلانية) كما يزعم العلمانيون الماديون وانما كانت اتهامات طائشة لاعقل لها وهم يعلمون كذبها، فالعقلانية لم تكن منهج "الدهرية" التي يسميها شاكر النابلسي "الدهرية العلمانية"،والعجيب ان شاكر النابلسي وغيره مرة يقولون بان قريش كانت لا يعنيها الدين في شيء وانما مصالحها المادية فقط، ومرة يصفونها بالعقلانية والتنويرية، ومعلوم ان هذا نهج يهودي فهؤلاء يرجحون الدهرية على الاسلام كما رجح اليهود الوثنية عليه وقد نزل في هذا الشأن قرآنا يتلى.
قال تعالى" ألم ترى إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت يقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا"(سورة النساء:51)
ان نفس هذا الدافع النفسي لزعماء مكة هو نفسه الذي اشتعل في العقل العلماني الحديث كما اكتوى به الشعور الاستشراقي القديم واحترق به خياله، ماادى الى إنتاج اساطير خائبة وسيناريوهات (الهوى) العلماني التي حجبت حقيقة القراءة القرآنية الرحمانية للكون
والاعلان الالهي الذي جاءت به الايات الخمس الاولى من الوحي القرآني وما تلاها من تلاوات كانت اعظم الفتوحات للانسان في مجالات العلوم من "العلق" و"الفلق" الى"الآفاق والفلك" والتي شاهد الغرب آثارها واستفاد من نتائجها وغفل عن مصادرها الاصلية او كتم اصولها.
لقد كانت الاساطير الاستشرافية القديمة عدائية بصورة "ساذجة" وصارخة كما سيأتي عرضه في سياق الكلام عن أسباب اهمالها من قبل الاستشراق الجديد الذي يصفه جوزيف شاخت في كتابه تراث الاسلام (1-63)( بالاستشراق العلماني). ومعلوم ان الكنيسة في العصور الوسطي قد سقطت بفعل الحراك المعرفي الذي اشيع في ربوع الاندلس، بيد ان العلمانية تملكت زمام الامور فيما بدات الاساطير القديمة "الساذجة" تختفي رويدا رويدا الا بقايا لها أدخلتها الماكينة العلمانية المهيمنة والحديثة -من القرن التاسع عشر الميلادي في نشاطاتها الفكرية الخيالية والاسطورية في آن، والتي أنشات أساطيرها الخاصة تجاه "أصل الحياة" و"أصل الوحي" و"أصل الانسان"و"مصدر القرآن ".
وظهرت الاساطير الكاذبة هذه المرة ضد النبي محمد صلى الله عليه وسلم في صور وضعية واكاديمية ظهر ذلك في كتابات عديدة، منها تاريخ القرآن لنولدكه وكتب مونتجمري واط ومكسيم رودنسون وغيرهم. بيد ان الامر هنا يستدعي على عجالة عرضا مختصرا لما انتجته الذهنية العلمانية العربية (الاستشراقية كما سماها أحدهم وهو هادي العلوي) تجاه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ان فشلت كل المحاولات الاخرى لاختطاف الاسلام والتغطية على الحضارة المنبثقة من القرآن.
فبعد ان فشل العلمانيون العرب في ترويج مشاريعهم في مواضيع " الدولة في الاسلام" و"التراث والمعاصرة" ومحاولة احياء" الفرق الضالة" وتشويه " تاريخ الصحابة" ذهبوا يفتشون فيالاساطير الاستشراقية والعلمانية بحثا عن "نتف" يقيمون بها مشاريعهم الجديدة، للطعن فيمن أنزل عليه القرأن وهو النبي محمد فوجدوا بغيتهم في اساطيرها والتي انطلقت هذه المرة من "المذهب المادي" القاصر في تفسير النبوة والوحي.
كان الاستاذ فهمي هويدي قد كشف عقم خيال أحد هؤلاء الماديين وهو سيد القمني في الزعم بان رسول الله كان يسعى الى تمكين ما أسماه بـ(الحزب الهاشمي) في الجزيرة العربية باعتبار انه "حلم اجداده!" (مقالة بعنوان "التعدد لا التعدي" الاهرام 23 مارس 1989).
وأشارالاستاذ هويدي الي ان هذه الكتابات أخطر وأسوأ من رواية سلمان رشدي بعد ذلك كتب خليل عبدالكريم كتابه "قريش من القبيلة الى الدولة المركزية" ليجعل طموح النبي أكبرمن حزب هاشمي ليكون في الاسطورية الجديدة "امبراطورية قرشية"! والشيء اللافت للنظر ان خليل عبدالكريم نفسه كتب كتابه "فترة التكوين" وقد رسم فيه سيناريو للرسول يناقض السيناريو الذي رسمه في كتابه "قريش من القبيلة"
ففي هذا الكتاب الاخير جعل من النبي شخصا يطمح الى الملك ويسعى في وعي كامل الى هدف تأسيس "امبراطورية قرشية" وفي كتابه الاخر (فترة التكوين) يجعله لا يعرف شيئا عن اي مخطط او هدف، بل هو في فترة التكوين لخليل عبد الكريم طيع خاضع بين يدي خديجة وورقة بن نوفل -بمساعدة قساوسة من بُعْد- ولمدة خمسة عشر عاما في دراسة لاهوتية من العشاء حتى الفجر حتى نحجت تجربة قساوسة التجريب والتصنيع في اخراج نبي اسطوري!! (كيف يجتمع في رأس مفكر-علماني- نقيضين بهذه الصورة الفاضحة –كل سيناريو في كتاب!-الا اذا كانت النفسية كما وصفها الله جل علاه) ولاتنسي ان هذا الرجل هاجم الفتوحات الاسلامية والشريعة الالهية والصحابة، وقام بالاستهزاء الممنهج المختلط بالطعن في النبي خصوصا في كتابه فترة التكوين.
اما الدكتور طيب تيزيني فقد سبق خليل عبدالكريم في اختراع اسطورة مصطنعة بجداره لجعل النبي خاضع عن طريق زوجته المأمورة من "تنظيم دولي" ينطلق من روما ويمر بالاسكندرية وله سيطرة فكرية على مكة والحجاز! ما أدى بتيزيني الى اطلاق "فاعلية تاريخية" لمحمد افرزتها الظروف المادية وقتذاك! رصد تيزيني مشروعه المادي الجدلي من 12 مجلدا وهو مشروع "رؤية جديدة للفكر العربي.." ورصد لتسجيل اأسطورته العلمانية عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم ،الجزء الرابع منه وهو "مقدمات اولية في الاسلام المحمدي الباكر: نشأة وتأسيسا". كما صنع هشام جعيط المفكر التونسي اسطورته عن النبي في كتابه تاريخية الدعوة المحمدية، وفيه زعم ان الرسول كان يسافر،على فترات، تطول وتقصر!، الى سوريا، للدراسة اللاهوتية فقط!، مسلحا بلغات مختلفة عربية وسريانية ما نتج عنه القرآن الأولي بزعمه!
 
أهلا وسهلاً بالأستاذ الكريم طارق منينة في هذا الملتقى، وأشكره على كتابته، ونتطلع لمزيد من هذا العطاء .
اسأل الله أن يبارك في علمكم وأن ينفع بكم .
 
مرحبا اخي حاتم القرشي
وجدت الموقع عندكم جميل الموقع، حسن المادة ، حسن الفائدة والإفادة بل والوفادة
فالحمد لله على ذلك
 
بدوري أحيي الأخ طارق، واشكره على إسهامه هذا، واسأل الله أن يبارك في جهده وعلمه وفكره.
 
وفقكم الله أخي طارق ونفع بكم.
لا ينقضي عجبي من صَبْر وجَلَدِ هؤلاء الكُتَّاب على تسطير هذا الكذب والبهتان والأوهام والعجائب التي لا تستند إلى أي دليل، ويخرجون في ذلك مجلدات ضخمة منزوعة الدَّسم لا بركة فيها ولا فائدة علميَّة، ويجدون مع ذلك تبجيلاً واحتفاء في الصحف والمَجلات، وقد استمعتُ إلى بعضهم في بعض القنوات فلم أستطع أن أخرج بفائدة من كلامهم الطويل ! نعوذ بالله من الضلال وأهله، ونسأل الله الثبات على الحق والهدى .
وجزاكم الله خيراً على جهادكم في بيان الحق بالحكمة والموعظة الحسنة في مقالاتكم .
 
أخي أحمد بوعود شكرا استقبالك ودعاءك ربنا يكرمك ويكرم بك
اخي عبد الرحمن الشهري وفقكم الله وسددكم
هم يصبرون اخي على علمانيتهم ومذاهبهم ولاشك ان المناخ الجماعي الذي يعيشونه والصحبة تربط بعضهم ببعض نوعا ما ولكن عند حلول المصائب يهرب اكثرهم ولايجد احدهم سندا كما حدث مع الروائية الكويتية المعروفة.
لاشك اخي ان جو "النبلاء!" الذي يترفعون به على الناس ويعطيهم شعور بالإكتفاء والإستغناء ،رجال ونساء!، يباعد بينهم وبين المجتمع درجات ومن هنا ومن هذه المسافة يستطيعون الكتابة وهم في مـأمن من تأنبيب الضمير!
وكلما انعزلوا ليلتحموا او يلتحقوا ب او مع اهل الكلام من المستشرقين والاساتذة العلمانيين وليسهروا (وهذا يحدث غالبا مع الشباب منهم!-مع الرومانسيين والعازفين والراقصين احيانا-قد يكون رقص صحبة وقعدة!- كلما انفتح لهم المجال للكتابة الحرة(بين قوسين) المدعومة بشعور "السند المعنوي" في نقد القرآن أو المقدسات فتتنزل عليهم الشياطين فعلا وتزل اقلامهم واقدامهم بعد ان صاروا محلا قابلا!، خفيف بالرقص والطيش خفيف بمايحمل من غثاء الافكار
ومع الاطلاع على النظريات الجديدة واستقبال علماء الغرب لهم احسن استقبال كلما فتنوا وانعزلوا انعزالا معنويا عن عقيدتهم ودينهم ومجتمعاتهم
وعندما تكثر القراءة تكثر الكتابة
وعندما يشعرون ان الاسلامي بدائي ومتخلف وانه سبب البلاء-بحسب مايوحي خيالهم لهم- فان اقلامهم تنفتح لها طاقة ابليسية وبها يمكنهم القيام بنقد خفي او نقد علني
ويتدخل مع ذلك الهوى ويزداد تحرشه حتى يقلب الصغير كبير والشاذ أصيل والفرع يصير الاصل كما رأينا مثلا نصر ابو زيد ياتي لنا من التفاسير ببعض الاسرائليات التي رفضها كل العلماء حتى العلماء الذين سطروها في تفاسيرهم وقد يكونون قد نبهوا عليها ايضا، الا انك تجد العلماني ينتقي ماهو خارج الدين اصلا مثل الاسرائليات المرفوضة ويصنع منها قاعدة او ينطلق منها لنقد ويستعين على ذلك-على هدم الاصل المنقود- بما ارتبط بالنص الاسرائيلي من حق رُبط به وليس منه! او نص لاصلة له في الاسلام به مثل ماقالوه عن اللوح المحفوظ مما لم يرد عن النبي ،ويبنوا اتهاماتهم للإٍسلام على ماهو خارجه اصلا وفصلا ، ويربط ذلك كله بالأساطير(الاسرائيلية والوثنية القديمة) ثم يستخلص نتيجة ان-مثلا- اللوح المحفوظ غيب خرافي وضع ليبعدك عن تاريخية النص وموضعته في الواقع بل وانبثاقه منه! وبكشفه وارجاع مصدره الى ظروف مادية يشعر العلماني بالاكتفاء وانه استطاع تمحيص التاريخ والوصول الى اعماق الوقائع!
ويصنع من ذلك مجلدات ضخمة كما قلت اخي
ولاشك ان هؤلاء عندهم طاقة وذكاء والا ماسطروا صفحة كاملة
لكن اجتماع فتنة الذكاء مع الهوي المتنامي المتراكم مع الوقت الذي يزداد تميعا وصلابة في آن
اجتماعهما مع القدرة على الكتابة مع وسوسة الكبراء القدماء منهم وحلاوة السهرة وانتعاشة العلاقة كل ذلك يعمل على استمرار الكتابة واختراع النظرية والفرضية وادعاء العلمية والموضوعية
انا في الحقيقة بسلسلتي احاول ان امسك بتلابيب الخداع وجلباب التدليس واضع تصويري على مواضع اقدام الجناة وآثار نفثات العداة
كما انني اترك كل مايحتمل التأويل وماكتب للف والدوران وكتب للتملص منه وقت الحاجة فهذا لايفيد في الكشف كثيرا لاني اذا فعلت اجد انه حتى من الجانب الاسلامي من يقول لي :الرجل لم يقصد مااستنتجته وماأولته من كلامه!
ولذلك اتعب كثيرا في الوصول-مع الذين يلعبون من داخلنا الاسلامي- على نصوص قالوها متعمدين واضحين مباشرين لو صح التعبير، لانها النصوص الفاصلة والتي لاتحتمل احتمالات ولا من وضعها من المؤلف فتن من فتن من الجانبين الاسلامي- الذي لايعرف القصة!- والعلماني الذي يبتسم من الحيلة!
فعند ايرادي للنص الصافي من التلاعب والمباشر في النقد يقف عقل الاسلامي الذي فتنه لف ودوران متعمد ، وعقل العلماني الذي كان يبتسم فلاتتحرك قسمات وجهه بانبساطة وانما تصيبه الدهشة من عظم الكشف الذي لامرد لهم منه بتأويل او لف وتدوير !
ويمكن للقارئ الذكي ان يلاحظ انني لااستدعي كلام للشيخ الحوالي مثلا او القرضاوي او الشريف او الخراشي او الغزالي اوالبهنساوي او محمود شاكر او استدعي نصوصا من الردود على العلمانيين والمستشرقين وهي كثيرة جدا ومن السهل استدعاء اي نص للمراغمة العلمية او للمعاضدة الاسلامية ولكني افضل غالبا-لا دائما- استدعاء نصوص العلماني في العلماني خصوصا العلماني الاكبر فيمن هو تحته!او استدعاء نصوص الغربي المسلم او غير المسلم للغربي!
من هنا سيتعرف الاسلامي-لو صح التعبير- الذي ربما فتن ببعض العلمانيين - او لم تتضح له الصورة (وفيهم فضلاء كبار)كما لم تتضح لشيخ الاسلام بن تيمية الصورة الصحيحة في البداية عن ابن عربي ثم اتضحت مع الدراسة وقد اخبر هو عن ذلك!-على مايقوله لا الاسلامي وانما العلماني فيه بل والعلماني الكبير المقدم غالبا والذي لايظن فيه انه سيقول مثل هذا القول الذي اوردته انا سيقوله في العلماني الذي نحن بصدد تفكيكه واستخراج خداعه او اظهار آليته وطريقته، او موضعه وموقعه الحقيقى، وموقفه الفعلي من الاسلام والوحي الرباني ورسول الله.
لااعرف هل استطعت توصيل الفكرة التي اردت عرضها ام لا لكنه جهد المقل الذي باعه من العربية قليل ومن حب الله على ماازعم كثير غفير
 
عودة
أعلى