عبد الله بن حميد الفلاسي
New member
- إنضم
- 17/12/2003
- المشاركات
- 25
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 1
[align=center][color=FF0000]تفسير آيات سورة الفاتحة
للشيخ هشام العارف[/color][/align]
[align=center][color=3300FF]1/ بسم الله الرحمن الرحيم :[/color][/align]
معنى البسملة التي جاءت أول الكتاب الكريم : أن جميع ما جاء في القرآن من الأحكام والشرائع والأخلاق والآداب والمواعظ ، هو من الله ليس لأحد غيره فيه شيء ، وكأنه قال اقرأ يا محمد هذه السورة بسم الله الرحمن الرحيم ، أي اقرأها على أنها منك ، فإنه أنزلها عليك لتهديهم بها إلى ما فيه خيرهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة ، وكذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقصد من تلاوتها على أمته أنه يقرأ عليهم هذه السورة باسم الله لا باسمه أي أنها من الله لا منه ، فإنما هو مبلغ عنه تبارك وتعالى كما جاء في قوله تعالى في سورة النمل : (وأمرت أن أكون من المسلمين (91) وأن أتلوا القرآن فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين(92).
وقال أبو جعفر الطبري ـ رحمه الله ـ :"إن الله تعالى ذكره ، وتقدست أسماؤه ، أدب نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بتعليم تقديم ذكر أسمائه الحسنى أمام جميع أفعاله .. وجعل ما أدبه به من ذلك وعلمه إياه منه لجميع خلقه سنة يستنون بها ، وسبيلا يتبعون عليها في افتتاح أوائل السور منطقهم ، وصدور رسائلهم وكتبهم وحاجاتهم".
ومن هذا ما علم الله نوحاَ عليه السلام من ذكر اسمه سبحانه في بداية ارتحاله قال تعالى في سورة هود : (وقال اركبوا فيها باسم الله مجريها ومرساها) وكذا ما علم سليمان النبي الملك من تصدير رسالته إلى ملكة سبأ بذكر الله العظيم ، قال تعالى في سورة النمل : (إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم). كما وجهنا الله إلى ذكر اسمه على ما نطعم فقال في سورة الأنعام : (فكلوا مما ذكر اسم الله عليه) وأرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذكر البسملة عند الوضوء، وعند الذبح ، وعند الاصطياد ، وعند ابتداء الطعام والشراب ، وللرقية المأثورة من الوجع والمرض ، وعند دخول المسجد والخروج منه ، وعند إتيان الرجل امرأته ، وكلما أصبح المسلم وأمسى ، والتسمية على مرافق البيت عند النوم ، وعند النوم ، وعند الاستيقاظ من النوم ، وعند الخروج من المنزل وعند الدخول .
[align=center][color=3300FF]2/ الحمد لله رب العالمين :[/color][/align]
(الحمد لله ) لم يذكر الله لحمده هنا ظرفاً مكانياً ولا زمانياً ، وذكر في سورة الروم أن من ظروفه المكانية :
السماوات والأرض في قوله : (وله الحمد في السماوات والأرض) ، وذكر في سورة القصص أن من ظروفه الزمانية : الدنيا والآخرة في قوله : (وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة) .
والألف واللام في (الحمد) لاستغراق جميع المحامد ، وهو ثناء أثنى به تعالى على نفسه ، وفي ضمنه أمر عباده أن يثنوا عليه به . فالحمد يكون لله فقط ولا يكون لغيره ، لأنه رب العالمين ، أما الشكر فيكون لله ولغيره قال الله تعالى في سورة لقمان ( أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير).
والحمد كلمة كل شاكر ، وذكر رددته أنبياء الله ورسله ، وتعبدهم به المولى سبحانه ، قال الله عز وجل في سورة المؤمنون لنوح عليه السلام : (..فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين) كما قال تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السلام في سورة إبراهيم : (الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق) ، وقال في قصة داود وسليمان في سورة النمل : (وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين) وقال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم في سورة الإسراء: (وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ) وأهل الجنة يقولون كما في سورة فاطر (الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن ) وقال تعالى في سورة يونس ( وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين).
ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم حامداً لله على كل حال ، فهو صلى الله عليه وسلم قدوتنا في الحمد ، وقد علمنا أن نحمد الله بعد الأكل والشرب ، وعند الاستيقاظ من النوم ، وعند العطاس ، وعند رؤية مبتلى، وبعد الرفع من الركوع في الصلاة ، وبعد الصلاة . وقد ثبت من حديث عمران بن حصين مرفوعاً : "أفضل عباد الله تعالى يوم القيامة الحمادون". أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" ، وصححه الألباني في "الصحيحة" (1584).
(رب) الرب هو المربي جميع العالمين ، وتربيته تعالى لخلقه نوعان : عامة وخاصة، فالعامة : هي خلقه للمخلوقين ورزقهم وهدايتهم لما فيه مصالحهم التي فيها بقاؤهم في الدنيا. والخاصة : تربيته لأوليائه، فيربيهم بالإيمان ، ويوفقهم له ، ويكملهم ، ويدفع عنهم الصوارف ، والعوائق الحائلة بينهم وبينه، وحقيقتها : تربية التوفيق لكل خير ، والعصمة من كل شر ، ولعل هذا المعنى هو السر في كون أكثر أدعية الأنبياء بلفظ الرب ، فإن مطالبهم كلها داخلة تحت ربوبيته الخاصة .
(العالمين) لم يبين هنا ما العالمون ، وبين ذلك في موضع آخر بقوله تعالى في سورة الشعراء (قال فرعون وما رب العالمين ، قال رب السماوات والأرض وما بينهما ).
قال بعض العلماء : اشتقاق العالم من العلامة ، لأن وجود العالم علامة لا شك فيها على وجود خالقه متصفاً بصفات الكمال والجلال . قال تعالى في سورة آل عمران (إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب ) والآية في اللغة : العلامة.
[align=center][color=3300FF]3/ الرحمن الرحيم :[/color][/align]
هما وصفان لله تعالى ، واسمان من أسمائه الحسنى ، مشتقان من الرحمة على وجه المبالغة ، والرحمن أشد مبالغة من الرحيم ، لأن الرحمن هو ذو الرحمة الشاملة لجميع الخلائق في الدنيا، وللمؤمنين في الآخرة ، والرحيم ذو الرحمة للمؤمنين يوم القيامة ، وعلى هذا أكثر العلماء.
وقد ذهب العلامة ابن القيم ـ رحمه الله ـ إلى أن الرحمن دال على الصفة القائمة بالذات ، والرحيم دال على تعلقها بالمرحوم ، ولهذا لم يجء اسم الرحمن متعديا في القرآن قال تعالى : (وكان بالمؤمنين رحيما) ولم يقل رحماناً ، وهذا من أحسن ما قيل في الفرق بينهما .
[align=center][color=3300FF]4/ مالك يوم الدين : [/color][/align]
(مالك) أنه سبحانه وتعالى المتصف بصفة الملك التي من آثارها : أن يأمر وينهى ، ويثيب ويعاقب، ويتصرف بمماليكه بجميع أنواع التصرفات ، وهو مالك يوم القيامة ومن فيه من إنس وجن وملائكة ، وما فيه من جنة ، ونار ، وصراط ، وميزان ، وكتب، وهو وحده يقضي بين عباده.
(يوم الدين) الدين يطلق لغة على الحساب ، وعلى المكافأة ، وعلى الجزاء ، وهو المناسب هنا ، ودليله قوله تعالى : (يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق) وإنما قال: مالك يوم الدين ، ولم يقل : مالك الدين ليعلم أن للدين يوماً معيناً يلقى فيه كل عامل جزاء عمله.
وقد جاء قوله (مالك يوم الدين) إثر قوله (الرحمن الرحيم) ليكون كترهيب بعد ترغيب ،كما وأن يوم الدين لم يبينه الله تعالى هنا وبينه في سورة الانفطار بقوله : (وما أدراك ما يوم الدين، ثم ما أدراك ما يوم الدين، يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً )
وليعلمنا الله أنه تعالى رب عباده بكلا النوعين من التربية ، فهو رحيم بهم ، ومجاز لهم على أعمالهم كما قال في سورة الحجر : (نبيء عبادي أني أنا الغفور الرحيم ، وأن عذابي هو العذاب الأليم).
[align=center][color=3300FF]5/ إياك نعبد وإياك نستعين :[/color][/align]
أفادة الآية مسائل مهمة :
* تقديم العبادة على الاستعانة في الآية من باب تقديم العام على الخاص .واهتماماً بتقديم حقه تعالى على حق عبده. لأن العبد محتاج إليه في كل أحواله . فالعبادة هي الغاية ، والاستعانة هي الوسيلة إليها .
قال ابن القيم في "مدارج السالكين" : وسر الخلق ، والكتب ، والشرائع، والثواب، والعقاب، انتهى إلى هاتين الكلمتين ، وعليها مدار العبودية والتوحيد، حتى قيل : أنزل الله مائة كتاب وأربعة : جمع معانيها في التوراة والإنجيل ، وجمع معاني هذه الكتب الثلاثة في القرآن في الفاتحة في : (إياك نعبد وإياك نستعين).
* قال ابو طالب الثعلبي في تفسيره : وقد جمع الله في هذه الآية إبطال الجبر والقدر معاً ، لأنه وصف عباده بأنهم يعبدون فأثبت لهم كسباً ، وعلمهم الاستعانة ، ولو كان العبد مستطيعاً قبل الإعانة لما احتاج إلى الاستعانة فنفى عنهم القدرة فهو كقوله (وما رميت إذ رميت) .
* أشار الله في هذه الآية الكريمة إلى تحقيق معنى لا إله إلا الله . لأن معناها مركب من أمرين: نفي وإثبات . فالنفي : خلع جميع المعبودات غير الله تعالى في جميع أنواع العبادات ، والإثبات : إفراد رب السماوات والأرض وحده بجميع أنواع العبادات على الوجه المشروع.
* وفي الآية وعدنا الله تعالى إذا نحن لجأنا إليه بإجابة سؤالنا كما قال في سورة غافر : (ادعوني أستجب لكم) ، وأرشد إلى أنه قريب منا يسمع دعاءنا كما قال في سورة ق (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) ، فلا يجوز الاستعانة بقبر ناسك ، أو ضريح عابد لقضاء الإنسان حاجة له ، أو تيسير أمر تعسر عليه ، أو شفاء مريض ، أو هلاك عدو . فمن فعل مثل هذا فقد ضل ضلالاً بعيداً .
* وفي الآية أن الإنسان مهما أوتي من حصافة الرأي ، وحسن التدبير ، وتقليب الأمور على وجوهها لا يستغني عن العون الإلهي واللطف الخفي .
* وفي الآية بيان أن الاستعانة بالله تعالى وحده ترادف التوكل على الله تعالى ، وهي من كمال التوحيد والعبادة الخالصة له تعالى ، وبهذا يكون المرء مع الله عبداً خاضعاً مخبتاً ، ومع الناس حراً كريماً لا سلطان لأحد عليه .
[align=center][color=3300FF]6/ اهدنا الصراط المستقيم :[/color][/align]
الهداية هي الدلالة على ما يوصل إلى المطلوب ، والصراط هو الطريق ، والمستقيم ضد المعوج .
وعلى هذا فالمعنى : ربنا وفقنا إلى الطريق الواضح الذي لا اعوجاج فيه .
وهداية الله للإنسان على ضروب : هداية الإلهام ، وهداية الحواس ، وهداية العقل ، وهداية الأديان والشرائع . وإلى تلك الهدايات أشار الكتاب الكريم في آيات كثيرة كقوله تعالى في سورة البلد : (وهديناه النجدين) أي : طريقي الخير والشر والسعادة والشقاء ، وقوله تعالى في سورة فصلت : (وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى) أي : أرشدناهم إلى طريق الخير والشر فاختاروا الثاني الذي عبر عنه بالعمى.
وهناك نوع آخر من الهداية هو المعونة والتوفيق للسير في طريق الخير ، وهي التي أمرنا الله بطلبها في قوله (اهدنا الصراط المستقيم) إذ المراد ـ دلنا دلالة تصحبها من لدنك معونة غيبية تحفظنا بها من الوقوع في الخطأ والضلال . وهذه الهداية خاصة به سبحانه لم يمنحها أحداً من خلقه ، ومن ثم نفاها عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى في سورة القصص: (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء)، وقال تعالى في سورة البقرة : (ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء) وأثبتها لنفسه في قوله تعالى في سورة الأنعام : (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده).
أما الهداية بمعنى الدلالة على الخير والحق ، مع بيان ما يعقب ذلك من السعادة والفوز والفلاح ، فهي مما تفضل الله بها على خلقه ومنحهموها ومن ثم أثبتها للنبي صلى الله عليه وسلم في قوله في سورة الشورى: (وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم)، وفي هذه الآية دلالة واضحة على أهمية اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم .
هذا و(الصراط المستقيم) هو جملة ما يوصل إلى السعادة في الدنيا والآخرة ، من عقائد وأحكام وآداب وتشريع ديني كالعلم الصحيح بالله والنبوة وأحوال الكون وأحوال الاجتماع.
وقد أرشدنا الله إلى طلب الهداية منه ، ليكون عوناً لنا ينصرنا على أهوائنا وشهواتنا بعد أن نبذل ما نستطيع من الجهد في معرفة أحكام الشريعة ، ونكلف أنفسنا الجري على سَننها ، لنحصل على خيري الدنيا والآخرة .
قال الشيخ السعدي : فالهداية إلى الصراط ، لزوم دين الإسلام ، وترك ما سواه من الأديان ، والهداية في الصراط تشمل الهداية لجميع التفاصيل الدينية علماً وعملاً . فهذا الدعاء من أجمع الأدعية ، وأنفعها للعبد، ولهذا وجب على الإنسان أن يدعو الله به في كل ركعة من صلاته ، لضرورته إلى ذلك.
إذن فمن رحمته عز وجل وهو الرحمن الرحيم أنه سبحانه وتعالى علمنا أن نسأله الصراط المستقيم خالياً من أهله وأصحابه ، فإذا عرفنا الصراط المستقيم عرفنا أهله وأصحابه ، وحينئذ يقول القاريء (صراط الذين أنعمت عليهم) فاعرف الحق تعرف أهله ، فالحق هو الصراط وأهله الذين أنعم الله عليهم .
[align=center][color=3300FF]7/ صراط الذين أنعمت عليهم غير المعغضوب عليهم ولا الضالين :[/color][/align]
(صراط الذين أنعمت عليهم) لم يبين الله تعالى هنا من هؤلاء الذين أنعم عليهم وبين ذلك في سورة النساء بقوله : (فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا). فيؤخذ من هذه الآية صحة إمامة أبي بكر الصديق ، ومريم داخلة في الآية ولقوله تعالى : (وأمه صديقة).
فالله عز وجل أمرنا باتباع صراط من تقدمنا ، لأن دين الله واحد في جميع الأزمان ، يدل عليه قوله تعالى في سورة النساء : (إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده) ، وفي الآية الإشارة إلى الاقتداء بالسلف الصالح .
(المغضوب عليهم) اليهود ، فالغضب خص به اليهود وإن شاركهم النصارى فيه ، لمعرفتهم الحق وإنكاره ويأتون الباطل عمداً .
(ولا) أكد الله بها الكلام ليدل أن ثم مسلكين فاسدين وهما طريقة اليهود وطريقة النصارى.
(الضالين) النصارى ، لأنهم جهلة لا يعرفون الحق فكان الضلال أخص صفاتهم .
[align=center][color=3300FF]السلف الصالح وسورة الفاتحة [/color][/align]
سورة الفاتحة هذه السورة العظيمة التي تعددت أسمائها ، هي درس عظيم لكل مسلم وذلك لعظيم شرفها ولعظيم ما فيها من الفضائل المذكورة في السنن ، فهي فاتحة الكتاب الكريم فسورة الفاتحة اشتملت على أقسام التوحيد الثلاثة : توحيد الربوبية، وتوحيد الإلهية ، وتوحيد الأسماء والصفات ، وفيها من عظيم الثناء على الله تعالى ، ما تعلم السلف منه أن يكونوا من الحمادين ، وتضمنت السورة من إثبات النبوات، وإثبات الجزاء على الأعمال ، وإثبات القدر ، وإخلاص الدين لله ما جعلت السلف الصالح ـ رضوان الله عنهم ـ حجة على الخلق من بعدهم ، فهم ولله الحمد ، اعتنوا بهذه السورة وبغيرها من سور القرآن الكريم عناية فائقة ، ومن عنايتهم فهمهم لمعنى الصراط المستقيم ، الذي هدى له محمد صلى الله عليه وسلم ومن قبله الأنبياء ـ عليهم السلام ـ وقد زكاه الله تعالى من فوق سبع سماوات فقال في سورة الشورى : (وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم ) قال الإمام الطبري : أجمعت الأمة من أهل التأويل جميعاً على أن (الصراط المستقيم) هو الطريق الواضح الذي لا اعوجاج فيه ، وذلك في لغة جميع العرب .
(والصراط المستقيم) هو صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين ، والصديقين ، والشهداء، والصالحين ، وحسن أولئك رفيقا . والسورة ردت على جميع أهل البدع والأهواء الذين خرجوا عن التمسك بالكتاب ، والعمل بما أمره الله به والانزجار عما زجره عنه .
وقد جعل الله تعالى في السورة طائفتين من الناس وحذرنا منهم وهي : طائفة : (المغضوب عليهم) وهم اليهود وطائفة (الضالين) وهم النصارى . وقال في سورة يس (ألم أعهد أليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين ، وان اعبدوني هذا صراط مستقيم ) ، فطريقة أهل الإيمان وعلى رأسهم السلف الصالح مشتملة على العلم بالحق والعمل به ، واليهود فقدوا العمل ، والنصارى فقدوا العلم ، ولهذا كان الغضب لليهود والضلال للنصارى .
فأهل العلم منا إذا ترك العمل بدين الله كان أشبه بالمغضوب عليهم ، وأهل العبادة منا إذا ترك العمل بدين الله كان أشبه بالضالين . لذلك لما فهم السلف الصالح هذه المعاني نقلوها لنا قواعد مهمة في فهم الدين .
[align=center][color=3300FF]بدع واعتقادات فاسدة[/color][/align]
من البدع في استعمالات سورة الفاتحة في غير موضعها :
· قراءتها للأموات .
· قراءتها على القبور .
· قراءتها إلى روح النبي صلى الله عليه وسلم .
· قراءتها إلى روح المسلمين .
· قراءتها عند عقد النكاح ، بدلاً من قراءة خطبة الحاجة .
· قراءتها بعد قراءة القرآن كما هو حاصل عندنا في المسجد الأقصى .
للشيخ هشام العارف[/color][/align]
[align=center][color=3300FF]1/ بسم الله الرحمن الرحيم :[/color][/align]
معنى البسملة التي جاءت أول الكتاب الكريم : أن جميع ما جاء في القرآن من الأحكام والشرائع والأخلاق والآداب والمواعظ ، هو من الله ليس لأحد غيره فيه شيء ، وكأنه قال اقرأ يا محمد هذه السورة بسم الله الرحمن الرحيم ، أي اقرأها على أنها منك ، فإنه أنزلها عليك لتهديهم بها إلى ما فيه خيرهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة ، وكذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقصد من تلاوتها على أمته أنه يقرأ عليهم هذه السورة باسم الله لا باسمه أي أنها من الله لا منه ، فإنما هو مبلغ عنه تبارك وتعالى كما جاء في قوله تعالى في سورة النمل : (وأمرت أن أكون من المسلمين (91) وأن أتلوا القرآن فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين(92).
وقال أبو جعفر الطبري ـ رحمه الله ـ :"إن الله تعالى ذكره ، وتقدست أسماؤه ، أدب نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بتعليم تقديم ذكر أسمائه الحسنى أمام جميع أفعاله .. وجعل ما أدبه به من ذلك وعلمه إياه منه لجميع خلقه سنة يستنون بها ، وسبيلا يتبعون عليها في افتتاح أوائل السور منطقهم ، وصدور رسائلهم وكتبهم وحاجاتهم".
ومن هذا ما علم الله نوحاَ عليه السلام من ذكر اسمه سبحانه في بداية ارتحاله قال تعالى في سورة هود : (وقال اركبوا فيها باسم الله مجريها ومرساها) وكذا ما علم سليمان النبي الملك من تصدير رسالته إلى ملكة سبأ بذكر الله العظيم ، قال تعالى في سورة النمل : (إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم). كما وجهنا الله إلى ذكر اسمه على ما نطعم فقال في سورة الأنعام : (فكلوا مما ذكر اسم الله عليه) وأرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذكر البسملة عند الوضوء، وعند الذبح ، وعند الاصطياد ، وعند ابتداء الطعام والشراب ، وللرقية المأثورة من الوجع والمرض ، وعند دخول المسجد والخروج منه ، وعند إتيان الرجل امرأته ، وكلما أصبح المسلم وأمسى ، والتسمية على مرافق البيت عند النوم ، وعند النوم ، وعند الاستيقاظ من النوم ، وعند الخروج من المنزل وعند الدخول .
[align=center][color=3300FF]2/ الحمد لله رب العالمين :[/color][/align]
(الحمد لله ) لم يذكر الله لحمده هنا ظرفاً مكانياً ولا زمانياً ، وذكر في سورة الروم أن من ظروفه المكانية :
السماوات والأرض في قوله : (وله الحمد في السماوات والأرض) ، وذكر في سورة القصص أن من ظروفه الزمانية : الدنيا والآخرة في قوله : (وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة) .
والألف واللام في (الحمد) لاستغراق جميع المحامد ، وهو ثناء أثنى به تعالى على نفسه ، وفي ضمنه أمر عباده أن يثنوا عليه به . فالحمد يكون لله فقط ولا يكون لغيره ، لأنه رب العالمين ، أما الشكر فيكون لله ولغيره قال الله تعالى في سورة لقمان ( أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير).
والحمد كلمة كل شاكر ، وذكر رددته أنبياء الله ورسله ، وتعبدهم به المولى سبحانه ، قال الله عز وجل في سورة المؤمنون لنوح عليه السلام : (..فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين) كما قال تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السلام في سورة إبراهيم : (الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق) ، وقال في قصة داود وسليمان في سورة النمل : (وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين) وقال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم في سورة الإسراء: (وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ) وأهل الجنة يقولون كما في سورة فاطر (الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن ) وقال تعالى في سورة يونس ( وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين).
ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم حامداً لله على كل حال ، فهو صلى الله عليه وسلم قدوتنا في الحمد ، وقد علمنا أن نحمد الله بعد الأكل والشرب ، وعند الاستيقاظ من النوم ، وعند العطاس ، وعند رؤية مبتلى، وبعد الرفع من الركوع في الصلاة ، وبعد الصلاة . وقد ثبت من حديث عمران بن حصين مرفوعاً : "أفضل عباد الله تعالى يوم القيامة الحمادون". أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" ، وصححه الألباني في "الصحيحة" (1584).
(رب) الرب هو المربي جميع العالمين ، وتربيته تعالى لخلقه نوعان : عامة وخاصة، فالعامة : هي خلقه للمخلوقين ورزقهم وهدايتهم لما فيه مصالحهم التي فيها بقاؤهم في الدنيا. والخاصة : تربيته لأوليائه، فيربيهم بالإيمان ، ويوفقهم له ، ويكملهم ، ويدفع عنهم الصوارف ، والعوائق الحائلة بينهم وبينه، وحقيقتها : تربية التوفيق لكل خير ، والعصمة من كل شر ، ولعل هذا المعنى هو السر في كون أكثر أدعية الأنبياء بلفظ الرب ، فإن مطالبهم كلها داخلة تحت ربوبيته الخاصة .
(العالمين) لم يبين هنا ما العالمون ، وبين ذلك في موضع آخر بقوله تعالى في سورة الشعراء (قال فرعون وما رب العالمين ، قال رب السماوات والأرض وما بينهما ).
قال بعض العلماء : اشتقاق العالم من العلامة ، لأن وجود العالم علامة لا شك فيها على وجود خالقه متصفاً بصفات الكمال والجلال . قال تعالى في سورة آل عمران (إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب ) والآية في اللغة : العلامة.
[align=center][color=3300FF]3/ الرحمن الرحيم :[/color][/align]
هما وصفان لله تعالى ، واسمان من أسمائه الحسنى ، مشتقان من الرحمة على وجه المبالغة ، والرحمن أشد مبالغة من الرحيم ، لأن الرحمن هو ذو الرحمة الشاملة لجميع الخلائق في الدنيا، وللمؤمنين في الآخرة ، والرحيم ذو الرحمة للمؤمنين يوم القيامة ، وعلى هذا أكثر العلماء.
وقد ذهب العلامة ابن القيم ـ رحمه الله ـ إلى أن الرحمن دال على الصفة القائمة بالذات ، والرحيم دال على تعلقها بالمرحوم ، ولهذا لم يجء اسم الرحمن متعديا في القرآن قال تعالى : (وكان بالمؤمنين رحيما) ولم يقل رحماناً ، وهذا من أحسن ما قيل في الفرق بينهما .
[align=center][color=3300FF]4/ مالك يوم الدين : [/color][/align]
(مالك) أنه سبحانه وتعالى المتصف بصفة الملك التي من آثارها : أن يأمر وينهى ، ويثيب ويعاقب، ويتصرف بمماليكه بجميع أنواع التصرفات ، وهو مالك يوم القيامة ومن فيه من إنس وجن وملائكة ، وما فيه من جنة ، ونار ، وصراط ، وميزان ، وكتب، وهو وحده يقضي بين عباده.
(يوم الدين) الدين يطلق لغة على الحساب ، وعلى المكافأة ، وعلى الجزاء ، وهو المناسب هنا ، ودليله قوله تعالى : (يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق) وإنما قال: مالك يوم الدين ، ولم يقل : مالك الدين ليعلم أن للدين يوماً معيناً يلقى فيه كل عامل جزاء عمله.
وقد جاء قوله (مالك يوم الدين) إثر قوله (الرحمن الرحيم) ليكون كترهيب بعد ترغيب ،كما وأن يوم الدين لم يبينه الله تعالى هنا وبينه في سورة الانفطار بقوله : (وما أدراك ما يوم الدين، ثم ما أدراك ما يوم الدين، يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً )
وليعلمنا الله أنه تعالى رب عباده بكلا النوعين من التربية ، فهو رحيم بهم ، ومجاز لهم على أعمالهم كما قال في سورة الحجر : (نبيء عبادي أني أنا الغفور الرحيم ، وأن عذابي هو العذاب الأليم).
[align=center][color=3300FF]5/ إياك نعبد وإياك نستعين :[/color][/align]
أفادة الآية مسائل مهمة :
* تقديم العبادة على الاستعانة في الآية من باب تقديم العام على الخاص .واهتماماً بتقديم حقه تعالى على حق عبده. لأن العبد محتاج إليه في كل أحواله . فالعبادة هي الغاية ، والاستعانة هي الوسيلة إليها .
قال ابن القيم في "مدارج السالكين" : وسر الخلق ، والكتب ، والشرائع، والثواب، والعقاب، انتهى إلى هاتين الكلمتين ، وعليها مدار العبودية والتوحيد، حتى قيل : أنزل الله مائة كتاب وأربعة : جمع معانيها في التوراة والإنجيل ، وجمع معاني هذه الكتب الثلاثة في القرآن في الفاتحة في : (إياك نعبد وإياك نستعين).
* قال ابو طالب الثعلبي في تفسيره : وقد جمع الله في هذه الآية إبطال الجبر والقدر معاً ، لأنه وصف عباده بأنهم يعبدون فأثبت لهم كسباً ، وعلمهم الاستعانة ، ولو كان العبد مستطيعاً قبل الإعانة لما احتاج إلى الاستعانة فنفى عنهم القدرة فهو كقوله (وما رميت إذ رميت) .
* أشار الله في هذه الآية الكريمة إلى تحقيق معنى لا إله إلا الله . لأن معناها مركب من أمرين: نفي وإثبات . فالنفي : خلع جميع المعبودات غير الله تعالى في جميع أنواع العبادات ، والإثبات : إفراد رب السماوات والأرض وحده بجميع أنواع العبادات على الوجه المشروع.
* وفي الآية وعدنا الله تعالى إذا نحن لجأنا إليه بإجابة سؤالنا كما قال في سورة غافر : (ادعوني أستجب لكم) ، وأرشد إلى أنه قريب منا يسمع دعاءنا كما قال في سورة ق (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) ، فلا يجوز الاستعانة بقبر ناسك ، أو ضريح عابد لقضاء الإنسان حاجة له ، أو تيسير أمر تعسر عليه ، أو شفاء مريض ، أو هلاك عدو . فمن فعل مثل هذا فقد ضل ضلالاً بعيداً .
* وفي الآية أن الإنسان مهما أوتي من حصافة الرأي ، وحسن التدبير ، وتقليب الأمور على وجوهها لا يستغني عن العون الإلهي واللطف الخفي .
* وفي الآية بيان أن الاستعانة بالله تعالى وحده ترادف التوكل على الله تعالى ، وهي من كمال التوحيد والعبادة الخالصة له تعالى ، وبهذا يكون المرء مع الله عبداً خاضعاً مخبتاً ، ومع الناس حراً كريماً لا سلطان لأحد عليه .
[align=center][color=3300FF]6/ اهدنا الصراط المستقيم :[/color][/align]
الهداية هي الدلالة على ما يوصل إلى المطلوب ، والصراط هو الطريق ، والمستقيم ضد المعوج .
وعلى هذا فالمعنى : ربنا وفقنا إلى الطريق الواضح الذي لا اعوجاج فيه .
وهداية الله للإنسان على ضروب : هداية الإلهام ، وهداية الحواس ، وهداية العقل ، وهداية الأديان والشرائع . وإلى تلك الهدايات أشار الكتاب الكريم في آيات كثيرة كقوله تعالى في سورة البلد : (وهديناه النجدين) أي : طريقي الخير والشر والسعادة والشقاء ، وقوله تعالى في سورة فصلت : (وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى) أي : أرشدناهم إلى طريق الخير والشر فاختاروا الثاني الذي عبر عنه بالعمى.
وهناك نوع آخر من الهداية هو المعونة والتوفيق للسير في طريق الخير ، وهي التي أمرنا الله بطلبها في قوله (اهدنا الصراط المستقيم) إذ المراد ـ دلنا دلالة تصحبها من لدنك معونة غيبية تحفظنا بها من الوقوع في الخطأ والضلال . وهذه الهداية خاصة به سبحانه لم يمنحها أحداً من خلقه ، ومن ثم نفاها عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى في سورة القصص: (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء)، وقال تعالى في سورة البقرة : (ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء) وأثبتها لنفسه في قوله تعالى في سورة الأنعام : (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده).
أما الهداية بمعنى الدلالة على الخير والحق ، مع بيان ما يعقب ذلك من السعادة والفوز والفلاح ، فهي مما تفضل الله بها على خلقه ومنحهموها ومن ثم أثبتها للنبي صلى الله عليه وسلم في قوله في سورة الشورى: (وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم)، وفي هذه الآية دلالة واضحة على أهمية اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم .
هذا و(الصراط المستقيم) هو جملة ما يوصل إلى السعادة في الدنيا والآخرة ، من عقائد وأحكام وآداب وتشريع ديني كالعلم الصحيح بالله والنبوة وأحوال الكون وأحوال الاجتماع.
وقد أرشدنا الله إلى طلب الهداية منه ، ليكون عوناً لنا ينصرنا على أهوائنا وشهواتنا بعد أن نبذل ما نستطيع من الجهد في معرفة أحكام الشريعة ، ونكلف أنفسنا الجري على سَننها ، لنحصل على خيري الدنيا والآخرة .
قال الشيخ السعدي : فالهداية إلى الصراط ، لزوم دين الإسلام ، وترك ما سواه من الأديان ، والهداية في الصراط تشمل الهداية لجميع التفاصيل الدينية علماً وعملاً . فهذا الدعاء من أجمع الأدعية ، وأنفعها للعبد، ولهذا وجب على الإنسان أن يدعو الله به في كل ركعة من صلاته ، لضرورته إلى ذلك.
إذن فمن رحمته عز وجل وهو الرحمن الرحيم أنه سبحانه وتعالى علمنا أن نسأله الصراط المستقيم خالياً من أهله وأصحابه ، فإذا عرفنا الصراط المستقيم عرفنا أهله وأصحابه ، وحينئذ يقول القاريء (صراط الذين أنعمت عليهم) فاعرف الحق تعرف أهله ، فالحق هو الصراط وأهله الذين أنعم الله عليهم .
[align=center][color=3300FF]7/ صراط الذين أنعمت عليهم غير المعغضوب عليهم ولا الضالين :[/color][/align]
(صراط الذين أنعمت عليهم) لم يبين الله تعالى هنا من هؤلاء الذين أنعم عليهم وبين ذلك في سورة النساء بقوله : (فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا). فيؤخذ من هذه الآية صحة إمامة أبي بكر الصديق ، ومريم داخلة في الآية ولقوله تعالى : (وأمه صديقة).
فالله عز وجل أمرنا باتباع صراط من تقدمنا ، لأن دين الله واحد في جميع الأزمان ، يدل عليه قوله تعالى في سورة النساء : (إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده) ، وفي الآية الإشارة إلى الاقتداء بالسلف الصالح .
(المغضوب عليهم) اليهود ، فالغضب خص به اليهود وإن شاركهم النصارى فيه ، لمعرفتهم الحق وإنكاره ويأتون الباطل عمداً .
(ولا) أكد الله بها الكلام ليدل أن ثم مسلكين فاسدين وهما طريقة اليهود وطريقة النصارى.
(الضالين) النصارى ، لأنهم جهلة لا يعرفون الحق فكان الضلال أخص صفاتهم .
[align=center][color=3300FF]السلف الصالح وسورة الفاتحة [/color][/align]
سورة الفاتحة هذه السورة العظيمة التي تعددت أسمائها ، هي درس عظيم لكل مسلم وذلك لعظيم شرفها ولعظيم ما فيها من الفضائل المذكورة في السنن ، فهي فاتحة الكتاب الكريم فسورة الفاتحة اشتملت على أقسام التوحيد الثلاثة : توحيد الربوبية، وتوحيد الإلهية ، وتوحيد الأسماء والصفات ، وفيها من عظيم الثناء على الله تعالى ، ما تعلم السلف منه أن يكونوا من الحمادين ، وتضمنت السورة من إثبات النبوات، وإثبات الجزاء على الأعمال ، وإثبات القدر ، وإخلاص الدين لله ما جعلت السلف الصالح ـ رضوان الله عنهم ـ حجة على الخلق من بعدهم ، فهم ولله الحمد ، اعتنوا بهذه السورة وبغيرها من سور القرآن الكريم عناية فائقة ، ومن عنايتهم فهمهم لمعنى الصراط المستقيم ، الذي هدى له محمد صلى الله عليه وسلم ومن قبله الأنبياء ـ عليهم السلام ـ وقد زكاه الله تعالى من فوق سبع سماوات فقال في سورة الشورى : (وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم ) قال الإمام الطبري : أجمعت الأمة من أهل التأويل جميعاً على أن (الصراط المستقيم) هو الطريق الواضح الذي لا اعوجاج فيه ، وذلك في لغة جميع العرب .
(والصراط المستقيم) هو صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين ، والصديقين ، والشهداء، والصالحين ، وحسن أولئك رفيقا . والسورة ردت على جميع أهل البدع والأهواء الذين خرجوا عن التمسك بالكتاب ، والعمل بما أمره الله به والانزجار عما زجره عنه .
وقد جعل الله تعالى في السورة طائفتين من الناس وحذرنا منهم وهي : طائفة : (المغضوب عليهم) وهم اليهود وطائفة (الضالين) وهم النصارى . وقال في سورة يس (ألم أعهد أليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين ، وان اعبدوني هذا صراط مستقيم ) ، فطريقة أهل الإيمان وعلى رأسهم السلف الصالح مشتملة على العلم بالحق والعمل به ، واليهود فقدوا العمل ، والنصارى فقدوا العلم ، ولهذا كان الغضب لليهود والضلال للنصارى .
فأهل العلم منا إذا ترك العمل بدين الله كان أشبه بالمغضوب عليهم ، وأهل العبادة منا إذا ترك العمل بدين الله كان أشبه بالضالين . لذلك لما فهم السلف الصالح هذه المعاني نقلوها لنا قواعد مهمة في فهم الدين .
[align=center][color=3300FF]بدع واعتقادات فاسدة[/color][/align]
من البدع في استعمالات سورة الفاتحة في غير موضعها :
· قراءتها للأموات .
· قراءتها على القبور .
· قراءتها إلى روح النبي صلى الله عليه وسلم .
· قراءتها إلى روح المسلمين .
· قراءتها عند عقد النكاح ، بدلاً من قراءة خطبة الحاجة .
· قراءتها بعد قراءة القرآن كما هو حاصل عندنا في المسجد الأقصى .