بكر أبو الروس
New member
- إنضم
- 14/03/2004
- المشاركات
- 6
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 1
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه الآية رد مفحم على المشبهة والمعطلة
فقد رد الله على المشبهة بقوله : { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ }
ورد على المعطلة بقوله : { وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}
ولكن في سبيل فهم صحيح لآيات القرآن بل لكلمات القرآن بل لحروف القرآن لنا وقفة مع سر وجود الكاف في قوله : {كَمِثْلِه )
وقد ذكر شيخنا الأستاذ الدكتور : محمد عبد الله دراز في كتابه القيم ( النبأ العظيم )
ما يلي :
1- أن أكثر أهل العلم قد قالوا بأن الكاف زائدة لأنها حينئذ تكون نافية الشبيه عن مثل الله فتكون تسليما بثبوت المثل له سبحانه ، أو على الأقل محتملة لثبوته وانتفائه .
2- وقليل منهم من ذهب إلى أنه لا بأس ببقائها على أصلها إذ رأى أنها لا تؤدي إلى ذلك لا نصا ولا احتمالا لأن نفي مثل المثل يتبعه نفي المثل أيضا... وذلك من باب أولى .
ولو أمعنا النظر في الرأي الثاني لوجدناه أنه مصحح فقط لفكرة وجود المثل لله لكنه لا يثبت فائدة للكاف ولا يبن مسيس الحاجة إليه .
ومن هنا فإن تأكيد المماثلة ليس مقصودا أبدا ، وكذلك تأكيد النفي بحرف يدل على التشبيه هو من الإحالة أيضا .
ولكن بمزيد من التدبر والتأمل نجد أن حرف الـ (( الكاف )) في موقعه محتفظا بقوة دلالته قائما بقسط جليل من المعنى المقصود في جملته ، وأنه لو سقط منها لسقطت معه دعامة المعنى أو لتهدَّم ركن من أركانه .
ونبين أهمية هذا الحرف من طريقين :
الطريق الأول : أنه لو قيل : (( ليس مثله شيء )) لكان ذلك نفي للمثل الذي يكافئ الله فحسب ، لكن قد يفهم من ذلك أن هناك من يليه ، لكن وجود هذا الحرف نفي للعالم كله عن المماثلة وعما يشبه المماثلة وما يدنو منها ، كأنه قيل : ليس هناك شيء يشبه أن يكون مثلا لله فضلا عن أن يكون مثلا له على الحقيقة .
الطريق الثاني : أن المقصود الأول من هذه الجملة هو نفي الشبيه ، وكان يكفي أن يقال : ( ليس كالله شيء ) أو ( ليس مثله شيء ) لكن هذا القدر ليس هو كل ما ترمي إليه الآية الكريمة ، بل إنها كما تريد أن تعطيك هذا الحكم تريد في الوقت نفسه أن تلفتك إلى وجه حجته وطريق برهانه العقلي ...
ألا ترى أنك إذا أردت أن تنفي عن إنسان نقيصة في خلقه فقلت : ( فلان لا يكذب ولا يبخل ) أخرجت كلامك عنخ مخرج الدعوى المجردة عن دليلها . فإن زدت فيه كلمة فقلت : ( مثل فلان لا يكذب ولا يبخل ) لم تكن بذلك مشيرا إلى شخص آخر يماثله مبرأ من تلك النقائص بل كان ذلك تبرئة له هو ببرهان كلي ، وهو أن من يكون على مثل صفاته وشيمه الكريمة لا يكون كذلك لوجود التنافي بين طبيعة هذه الصفات وبين ذلك النقص الموهوم .
وعلى هذا المنهج البليغ وضعت الآية الحكيمة قائلة : { مثله تعالى لا يكون له مثل ) تعني أن من كانت له تلك الصفات الحسنى وذلك المثل الأعلى لا يمكن أن يكون له شبيه ولا يتسع الوجود لاثنين من جنسه .
فلا جرم جيء فيها بلفظين كل واحد منهما يؤدي معنى المماثلة ليقوم أحدهما ركنا في الدعوى ، والآخر دعامة لها وبرهانا .
فالتشبيه المدلول عليه ( بالكاف ) لما تصوَّب إليه النفي تأدى به أصل التوحيد المطلوب ، ولفظ ( المثل ) المصرح به في مقام لفظ الجلالة أو ضميره نبَّه على برهان ذلك المطلوب .
وخلاصة القول :
أن الآية بوجود الكاف كأنها تقول لنا : إن حقيقة الإله ليست من تلك الحقائق التي تقبل التعدد والاشتراك والتماثل في مفهومها كلا فإن الذي يقبل ذلك إنما هو الكمال الإضافي الناقص ، أما الكمال التام المطلق – الذي هو قوام معنى الإلهية – فإن حقيقته تأبى على العقل أن يقبل فيها المشابهة والاثنينية لأنك مهما حققت معنى الإلهية حققت تقدما على كل شيء وإنشاء لكل شيء ( فاطر السموات والأرض ) وحققت سلطانا وعلوا فوق كل شيء ( له مقاليد السموات والأرض ) فلو ذهبت تفترض اثنين يشتركان في هذه الصفات لتناقضت ، إذ تجعل كل واحد منهما سابقا مسبوقا منشِئا منشَئا ومستعليا ومستعلى ً عليه .
أو لأحلت الكمال المطلق إلى كمال مقيد فيهما ، إذ تجعل كل واحد منهما بالإضافة إلى صاحبه ليس سابقا ولا مستعليا . فأنَّى يكون كل منهما إلها ؟!!!!
أرأيت كم أفدنا من هذه ( الكاف ) . فسبحان من هذا كلامه .
بكر أبو الروس
هذه الآية رد مفحم على المشبهة والمعطلة
فقد رد الله على المشبهة بقوله : { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ }
ورد على المعطلة بقوله : { وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}
ولكن في سبيل فهم صحيح لآيات القرآن بل لكلمات القرآن بل لحروف القرآن لنا وقفة مع سر وجود الكاف في قوله : {كَمِثْلِه )
وقد ذكر شيخنا الأستاذ الدكتور : محمد عبد الله دراز في كتابه القيم ( النبأ العظيم )
ما يلي :
1- أن أكثر أهل العلم قد قالوا بأن الكاف زائدة لأنها حينئذ تكون نافية الشبيه عن مثل الله فتكون تسليما بثبوت المثل له سبحانه ، أو على الأقل محتملة لثبوته وانتفائه .
2- وقليل منهم من ذهب إلى أنه لا بأس ببقائها على أصلها إذ رأى أنها لا تؤدي إلى ذلك لا نصا ولا احتمالا لأن نفي مثل المثل يتبعه نفي المثل أيضا... وذلك من باب أولى .
ولو أمعنا النظر في الرأي الثاني لوجدناه أنه مصحح فقط لفكرة وجود المثل لله لكنه لا يثبت فائدة للكاف ولا يبن مسيس الحاجة إليه .
ومن هنا فإن تأكيد المماثلة ليس مقصودا أبدا ، وكذلك تأكيد النفي بحرف يدل على التشبيه هو من الإحالة أيضا .
ولكن بمزيد من التدبر والتأمل نجد أن حرف الـ (( الكاف )) في موقعه محتفظا بقوة دلالته قائما بقسط جليل من المعنى المقصود في جملته ، وأنه لو سقط منها لسقطت معه دعامة المعنى أو لتهدَّم ركن من أركانه .
ونبين أهمية هذا الحرف من طريقين :
الطريق الأول : أنه لو قيل : (( ليس مثله شيء )) لكان ذلك نفي للمثل الذي يكافئ الله فحسب ، لكن قد يفهم من ذلك أن هناك من يليه ، لكن وجود هذا الحرف نفي للعالم كله عن المماثلة وعما يشبه المماثلة وما يدنو منها ، كأنه قيل : ليس هناك شيء يشبه أن يكون مثلا لله فضلا عن أن يكون مثلا له على الحقيقة .
الطريق الثاني : أن المقصود الأول من هذه الجملة هو نفي الشبيه ، وكان يكفي أن يقال : ( ليس كالله شيء ) أو ( ليس مثله شيء ) لكن هذا القدر ليس هو كل ما ترمي إليه الآية الكريمة ، بل إنها كما تريد أن تعطيك هذا الحكم تريد في الوقت نفسه أن تلفتك إلى وجه حجته وطريق برهانه العقلي ...
ألا ترى أنك إذا أردت أن تنفي عن إنسان نقيصة في خلقه فقلت : ( فلان لا يكذب ولا يبخل ) أخرجت كلامك عنخ مخرج الدعوى المجردة عن دليلها . فإن زدت فيه كلمة فقلت : ( مثل فلان لا يكذب ولا يبخل ) لم تكن بذلك مشيرا إلى شخص آخر يماثله مبرأ من تلك النقائص بل كان ذلك تبرئة له هو ببرهان كلي ، وهو أن من يكون على مثل صفاته وشيمه الكريمة لا يكون كذلك لوجود التنافي بين طبيعة هذه الصفات وبين ذلك النقص الموهوم .
وعلى هذا المنهج البليغ وضعت الآية الحكيمة قائلة : { مثله تعالى لا يكون له مثل ) تعني أن من كانت له تلك الصفات الحسنى وذلك المثل الأعلى لا يمكن أن يكون له شبيه ولا يتسع الوجود لاثنين من جنسه .
فلا جرم جيء فيها بلفظين كل واحد منهما يؤدي معنى المماثلة ليقوم أحدهما ركنا في الدعوى ، والآخر دعامة لها وبرهانا .
فالتشبيه المدلول عليه ( بالكاف ) لما تصوَّب إليه النفي تأدى به أصل التوحيد المطلوب ، ولفظ ( المثل ) المصرح به في مقام لفظ الجلالة أو ضميره نبَّه على برهان ذلك المطلوب .
وخلاصة القول :
أن الآية بوجود الكاف كأنها تقول لنا : إن حقيقة الإله ليست من تلك الحقائق التي تقبل التعدد والاشتراك والتماثل في مفهومها كلا فإن الذي يقبل ذلك إنما هو الكمال الإضافي الناقص ، أما الكمال التام المطلق – الذي هو قوام معنى الإلهية – فإن حقيقته تأبى على العقل أن يقبل فيها المشابهة والاثنينية لأنك مهما حققت معنى الإلهية حققت تقدما على كل شيء وإنشاء لكل شيء ( فاطر السموات والأرض ) وحققت سلطانا وعلوا فوق كل شيء ( له مقاليد السموات والأرض ) فلو ذهبت تفترض اثنين يشتركان في هذه الصفات لتناقضت ، إذ تجعل كل واحد منهما سابقا مسبوقا منشِئا منشَئا ومستعليا ومستعلى ً عليه .
أو لأحلت الكمال المطلق إلى كمال مقيد فيهما ، إذ تجعل كل واحد منهما بالإضافة إلى صاحبه ليس سابقا ولا مستعليا . فأنَّى يكون كل منهما إلها ؟!!!!
أرأيت كم أفدنا من هذه ( الكاف ) . فسبحان من هذا كلامه .
بكر أبو الروس