[FONT="]ثنائية القرية والمدينة[/FONT][FONT="] في سورة الكهف:[/FONT]
[FONT="] ورد ذكر المدينة في قصة أصحاب الكهف عند شراء الطعام, كما ورد وصف المكان الذي يحتوي على كنز الغلامين تارةً باسم القرية, وتارةً ذُكرت باسم المدينة, على لسان العبد الصالح كما في قوله تعالى:[/FONT][FONT="][FONT="])[/FONT][/FONT]
[FONT="]فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا[/FONT][FONT="][FONT="][1][/FONT][/FONT][FONT="][FONT="]([/FONT][/FONT][FONT="]. [/FONT][FONT="]وقوله تعالى:[/FONT]
[FONT="][FONT="])[/FONT][/FONT][FONT="]وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَة[/FONT][FONT="][FONT="][2][/FONT][/FONT][FONT="][FONT="]([/FONT][/FONT][FONT="]. والملاحظة الأولية على هذه الثنائية هي الطعام, فأهل الكهف متخفّون ولا مجال لأن يكونوا ضيوفا ويطلبون الإكرام؛ لذلك وصفوها بالمدينة, وقرروا شراء الطعام. أما العبد الصالح وموسى عليه السلام[/FONT][FONT="] فرأوا أنها قرية من حيث الحجم, وبسبب معرفتهم بطباع أهل القرى استطعموا أهلها, فتبين لهم أن أخلاق أهل تلك القرية تشبه أخلاق أهل المدينة التي يُباع فيها الطعام ويُشترى, ومن هنا جاء احتجاج موسى [/FONT][FONT="]عليه السلام على بناء الجدار- إذ لم يطمع بالمال- بل كانت بغيته شراء الطعام, وهذا ما دعا العبد الصالح –حين علل بناءه للجدار- أن يطلق عليها صفة (المدينة) فهي قرية من حيث الحجم, مدينة من حيث أخلاق أهلها. والفارق هنا هو في الطباع لا في الحجم. ولعل مرد ذلك إلى أسباب بيئية تفرض طباعها على الناس؛ فاسم القرية مأخوذ من (القِرى) وهو الطعام المقدم للضيف. وأهل القرى عموما يكرمون الضيوف والغرباء لأسباب ليس أقلها عدم توفر مرافق الطعام في القرية لصغر حجمها وقلة ساكنيها, وقلة من مرتاديها إذا قورنت بالمدينة. أما المدينة فلا تحتفي بالزائر لسبب بسيط: هو كثرة مرتاديها, مما أوجب أن يستقر في طباع أهلها عدم الاحتفاء بالعابرين والمرتادين. وهذا ما يفسر استطعام العبد الصالح وموسى [/FONT][FONT="][FONT="]عليه السلام[/FONT][/FONT][FONT="]لأنهم على معرفة بأخلاق أهل القرى وحبهم لإكرام المرتادين, ولكن تلك القرية كانت شاذةً عن سنة القرى, وكانت مدينةً من حيث أطباع أهلها لا من حيث حجمها, لأنه لو كان حجمها كبيرا لذُكرت في الحالتين باسم المدينة. والفرق الأصلي بين القرية والمدينة فرق الإكرام, وقد جاءت في سورة يس هذه الثنائية نفسها, قال تعالى: [/FONT][FONT="][FONT="])[/FONT][/FONT][FONT="]
وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءهَا الْمُرْسَلُونَ*** وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى[/FONT][FONT="][FONT="]([/FONT][/FONT]
[FONT="][FONT="][3][/FONT][/FONT][FONT="]. والسبب هو أن الدعاة لم يُكرموا بل هددهم أهل القرية بالرجم والعذاب, لذلك خرج وصف المكان من مفهوم القرية الذي يوحي بالإكرام إلى مفهوم المدينة. [/FONT]
فالمكان حين استبشر به موسى والعبد الصالح والرسل الواردون في سورة يس نُعت بالقرية. وحين قُوبلوا بغير الترحيت نعت بالمدينة.
أما حادثة شراء الطعام فلم يستبشر الفتية بأهل المدينة خيرا بل ذهب أحدهم متخفيا خائفا ليشتري الطعام.
فانظر إلى الرابط بين الاستعمالين تجده ملازما للإكرام أو الاحترام والحفاوة.
والأمر نفسه تكرر في وصف مسكن قوم لوطعليه السلام فقد ذكر باسم القرية في قوله تعالى:ولُوطاً آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَت تَّعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ (الأنبياء : 74 ) وقوله تعالى:{وَلَمَّا جَاءتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ }(العنكبوت : 31 ) . ولكنه حين وصف سوء عمل قومه وعدم إكرامهم للضيوف (الملائكة) وصفها باسم المدينة. قال تعالى: {وقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاء مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ ( 66)وَجَاء أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ (الحجر : 67 )قَالَ إِنَّ هَؤُلاء ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِ} (الحجر : 68 )
--------
[FONT="][FONT="][1][/FONT][/FONT][FONT="] - الكهف: 77[/FONT]
[FONT="][FONT="][2][/FONT][/FONT][FONT="]- الكهف: 82[/FONT]
[FONT="][FONT="][3][/FONT][/FONT][FONT="] - يس : 13
---------------------
[/FONT] [FONT="]من استعمالات لفظة المدينة في القرآن انها تدل على المخالفة في الدين من جهة كما انها تصاحب حركة جماعة من غير الصالحين: كما في قوله تعالى:[/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="]- [/FONT][FONT="]- وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (النمل: 48 )[/FONT]
[FONT="][/FONT]
[FONT="]-
- [/FONT][FONT="]يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ و (المنافقون : 8 )[/FONT]
[FONT="][/FONT]
[FONT="]- [/FONT][FONT="]- لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="](الأحزاب : 60 )[/FONT]
[FONT="][/FONT]
[FONT="]-
- [/FONT][FONT="]وَجَاء رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (القصص : 20 )[/FONT]
[FONT="]-
- [/FONT][FONT="]فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ[/FONT]
[FONT="][/FONT]
[FONT="]- [/FONT][FONT="]- وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ[/FONT]
[FONT="][/FONT]
[FONT="]- [/FONT][FONT="]- وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ (يوسف : 30 )[/FONT]
[FONT="][/FONT]
[FONT="]- [/FONT][FONT="]- مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ اللّهِ وَلاَ يَرْغَبُواْ بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ (التوبة : 120 )[/FONT]
[FONT="][/FONT]
[FONT="]- [/FONT][FONT="]وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ (التوبة : 101 )[/FONT]
[FONT="][/FONT]
[FONT="]- [/FONT][FONT="]قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُم بِهِ قَبْلَ أَن آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَـذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُواْ مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (الأعراف : 123 )[/FONT]