محمد بن إبراهيم الحمد
New member
الحزم مع النفس صفة عظماء الرجال الذين يحترمون أنفسهم، ويتدبرون عواقب أمورهم، فهم ينجزون أعمالهم، ويَفُون بمواعيدهم، ولا يدعون للمفاجآت سبيلاً إليهم.
ولا ريب أن ذلك مظهر من مظاهر العظمة الحقة، التي تجعل نصيب صاحبها من الاحترام موفىً غير منقوص.
والذي يلاحظ على ثقافة كثير من مجتمعاتنا أنها لا تحسب حساباً للمستقبل، إنما تنظر إلى يومها الحاضر فحسب.
والنظر إلى الحاضر، وجمع الهمة عليه أمر محمود، ولكن ذلك لا ينافي النظر إلى المستقبل، وأخذ الأهبة لما سيأتي من أمور.
ولا أريد ههنا أن أسترسل في هذا الشأن، وإنما أود الإشارة إلى أمر يقع فيه فئام منا؛ حيث يؤجلون كثيراً من أعمالهم التي تنتظر الحسم؛ فإذا جاءت ساعة الصفر، وقرب الموعد الذي لا بد فيه من إنجاز العمل _ صاروا يخبطون خبط العشواء، ويوقعون أنفسهم في حرج شديد، وربما أخفقوا أو قصروا في إنجاز ذلك العمل.
والسبب أنهم فرطوا في أوقات السعة؛ فكانت تلك هي النتيجةَ الحتميةَ.
وأمثلة ذلك في حياتنا اليومية كثيرة جداً، ومنها ما يحدث عند بعض الطلاب، فتراه طيلة وقت الدراسة يمرح ويؤجل، ويُسَوِّف في المذاكرةِ، وكتابة الأبحاثِ المطلوبة منه.
فإذا قرب وقت الامتحان استنفر قواه، وأجهد نفسه، وربما كان ذلك على حساب صحته، وتحصيله.
بل إنك لتعجب من الطلاب حين تراهم قبل الامتحان بدقائق وهم أمام قاعة الامتحان لا يكاد أحدهم يرفع طرفه من كتابه؛ رغبةً في اغتنام ما بقي من وقت، ولا يكاد يدخل القاعة إلا بعد التي واللُّتَيَّا.
ولو أنه استعد قبل ذلك لكان خيراً له، وأحسن تأويلاً.
ومن الأمثلة على ذلك ما يكون في أيام المواسم كالأعياد مثلاً؛ فتجد أكثر الناس لا يستعد للعيد قبل مجيئه بأيام ولو كانت قلائل، بل تراه يؤجل، حتى إذا جاءت ساعة الصفر، ولم يبق على العيد إلا ساعات دخل في معترك السوق، ولقي الأَمَرَّين من جراء الزحام الشديد، وربما لم يحصل على جميع ما يريد.
ومن هذا القبيل ما يكون من حاجيات الأولاد، وطلباتهم، فقد تُفَاجأ بابنك إذا أردت إنزاله عند باب المدرسة وهو يعطيك تقريره الدراسي يريد منك الاطلاع عليه، وكتابة توقيعك.
وقد تأتي إلى المنزل في ساعة متأخرة من الليل، فيقال لك: إن حليب الطفل قد انتهى، ولا بد من إحضار الحليب هذه الساعة.
وقل مثل ذلك في شأن مواعيد المطارات، والولائم، وتسليم البحوث الطلابية، ومراجعة الدوائر الحكومية، وبداية الموسم الدراسي، وما جرى مجرى تلك الأمور.
وكذلك ما يكون من حال كثير من الموظفين في المؤسسات الحكومية وغيرها؛ حيث التأخر عن الدوام، وتعطيل المصالح العامة، وما سبب ذلك في الغالب إلا التكاسل، والرغبة في كسب دقائق للنوم والراحة؛ فإذا جاءت ساعة الصفر هبَّ الموظف كالمذعور، وربما خرج دون تناول إفطاره إذا كان الوقت صباحاً، أو يتناوله على عجل، وربما سار بسرعة جنونية، وربما تجاوز إشارات المرور الحمراء؛ فَيَصِلُ وهو ثائر النفس، مشدود الأعصاب، فيَلْقى ما يَلْقى من اللوم، أو الحسم، أو النظرات الشَّزِرَة.
وهكذا الحال بالنسبة للصحة، حيث تجد كثيراً منَّا يفرط في صحته، ويدع المبادرة للعلاج؛ كسلاً، وتهاوناً؛ فإذا ساءت صحته دفعَ الثمن أضعافاً مضاعفة من وقته وماله.
ولأضرب لذلك مثالاً واحداً ألا وهو موضوع الأسنان، فالواحد منَّا يدعُ المبادرة لعلاجها، حتى إذا تهالكت راجع الطبيب بعد أن يفوت الأوان.
الأدهى في هذا الباب ما يكون في شأن الفرائض؛ حيث يُلحظ على كثير منا تماديه في الشغل أو النوم حتى إذا قَرُب وقت الصلاة _مثلاً_ نهض بسرعة، وعجَّل في الوضوء، وربما أخلَّ به، فلا يأتي الصلاة إلا وقد فاته ركعة أو ركعات، وربما فاتته الصلاة، بل ربما خرج وقت الصلاة ولمَّا يؤدِّها بَعْدُ.
وهكذا الحال بالنسبة للصيام حتى لتجد من يتشاغل بالكلام، أو النوم، أو بعض الأعمال، حتى إذا قرب وقت الإمساك _ صار يأكل ويشرب بسرعة قد تُضِرُّ بصحته، وربما طلع الفجر ولمَّا يتسحرْ بَعْدُ.
ولا يعني ما مضى أن يكون المرء كالآلة، أو ألا يقع منه الخلل أو التقصير البتة.
وإنما المقصود ألا يكون الخلل، والكسل، والتواني _ دَأْبَه في سائر أحواله وأيامه.
وهذا ما يؤكد لنا ضرورة المعالجة لمثل هذه الأمور، وأن نُعَوِّد أنفسنا ومن تحت أيدينا على البعد عن المضايق، والتصرف في أوقات السعة، وأن نشيع في بيوتنا، ومدارسنا، ومجتمعاتنا عموماً ثقافةَ الحزمِ، والمبادرةِ، واحترامِ المواعيد، وإنجاز الأعمال في أوقاتها.
ولا ريب أن ذلك مظهر من مظاهر العظمة الحقة، التي تجعل نصيب صاحبها من الاحترام موفىً غير منقوص.
والذي يلاحظ على ثقافة كثير من مجتمعاتنا أنها لا تحسب حساباً للمستقبل، إنما تنظر إلى يومها الحاضر فحسب.
والنظر إلى الحاضر، وجمع الهمة عليه أمر محمود، ولكن ذلك لا ينافي النظر إلى المستقبل، وأخذ الأهبة لما سيأتي من أمور.
ولا أريد ههنا أن أسترسل في هذا الشأن، وإنما أود الإشارة إلى أمر يقع فيه فئام منا؛ حيث يؤجلون كثيراً من أعمالهم التي تنتظر الحسم؛ فإذا جاءت ساعة الصفر، وقرب الموعد الذي لا بد فيه من إنجاز العمل _ صاروا يخبطون خبط العشواء، ويوقعون أنفسهم في حرج شديد، وربما أخفقوا أو قصروا في إنجاز ذلك العمل.
والسبب أنهم فرطوا في أوقات السعة؛ فكانت تلك هي النتيجةَ الحتميةَ.
وأمثلة ذلك في حياتنا اليومية كثيرة جداً، ومنها ما يحدث عند بعض الطلاب، فتراه طيلة وقت الدراسة يمرح ويؤجل، ويُسَوِّف في المذاكرةِ، وكتابة الأبحاثِ المطلوبة منه.
فإذا قرب وقت الامتحان استنفر قواه، وأجهد نفسه، وربما كان ذلك على حساب صحته، وتحصيله.
بل إنك لتعجب من الطلاب حين تراهم قبل الامتحان بدقائق وهم أمام قاعة الامتحان لا يكاد أحدهم يرفع طرفه من كتابه؛ رغبةً في اغتنام ما بقي من وقت، ولا يكاد يدخل القاعة إلا بعد التي واللُّتَيَّا.
ولو أنه استعد قبل ذلك لكان خيراً له، وأحسن تأويلاً.
ومن الأمثلة على ذلك ما يكون في أيام المواسم كالأعياد مثلاً؛ فتجد أكثر الناس لا يستعد للعيد قبل مجيئه بأيام ولو كانت قلائل، بل تراه يؤجل، حتى إذا جاءت ساعة الصفر، ولم يبق على العيد إلا ساعات دخل في معترك السوق، ولقي الأَمَرَّين من جراء الزحام الشديد، وربما لم يحصل على جميع ما يريد.
ومن هذا القبيل ما يكون من حاجيات الأولاد، وطلباتهم، فقد تُفَاجأ بابنك إذا أردت إنزاله عند باب المدرسة وهو يعطيك تقريره الدراسي يريد منك الاطلاع عليه، وكتابة توقيعك.
وقد تأتي إلى المنزل في ساعة متأخرة من الليل، فيقال لك: إن حليب الطفل قد انتهى، ولا بد من إحضار الحليب هذه الساعة.
وقل مثل ذلك في شأن مواعيد المطارات، والولائم، وتسليم البحوث الطلابية، ومراجعة الدوائر الحكومية، وبداية الموسم الدراسي، وما جرى مجرى تلك الأمور.
وكذلك ما يكون من حال كثير من الموظفين في المؤسسات الحكومية وغيرها؛ حيث التأخر عن الدوام، وتعطيل المصالح العامة، وما سبب ذلك في الغالب إلا التكاسل، والرغبة في كسب دقائق للنوم والراحة؛ فإذا جاءت ساعة الصفر هبَّ الموظف كالمذعور، وربما خرج دون تناول إفطاره إذا كان الوقت صباحاً، أو يتناوله على عجل، وربما سار بسرعة جنونية، وربما تجاوز إشارات المرور الحمراء؛ فَيَصِلُ وهو ثائر النفس، مشدود الأعصاب، فيَلْقى ما يَلْقى من اللوم، أو الحسم، أو النظرات الشَّزِرَة.
وهكذا الحال بالنسبة للصحة، حيث تجد كثيراً منَّا يفرط في صحته، ويدع المبادرة للعلاج؛ كسلاً، وتهاوناً؛ فإذا ساءت صحته دفعَ الثمن أضعافاً مضاعفة من وقته وماله.
ولأضرب لذلك مثالاً واحداً ألا وهو موضوع الأسنان، فالواحد منَّا يدعُ المبادرة لعلاجها، حتى إذا تهالكت راجع الطبيب بعد أن يفوت الأوان.
الأدهى في هذا الباب ما يكون في شأن الفرائض؛ حيث يُلحظ على كثير منا تماديه في الشغل أو النوم حتى إذا قَرُب وقت الصلاة _مثلاً_ نهض بسرعة، وعجَّل في الوضوء، وربما أخلَّ به، فلا يأتي الصلاة إلا وقد فاته ركعة أو ركعات، وربما فاتته الصلاة، بل ربما خرج وقت الصلاة ولمَّا يؤدِّها بَعْدُ.
وهكذا الحال بالنسبة للصيام حتى لتجد من يتشاغل بالكلام، أو النوم، أو بعض الأعمال، حتى إذا قرب وقت الإمساك _ صار يأكل ويشرب بسرعة قد تُضِرُّ بصحته، وربما طلع الفجر ولمَّا يتسحرْ بَعْدُ.
ولا يعني ما مضى أن يكون المرء كالآلة، أو ألا يقع منه الخلل أو التقصير البتة.
وإنما المقصود ألا يكون الخلل، والكسل، والتواني _ دَأْبَه في سائر أحواله وأيامه.
وهذا ما يؤكد لنا ضرورة المعالجة لمثل هذه الأمور، وأن نُعَوِّد أنفسنا ومن تحت أيدينا على البعد عن المضايق، والتصرف في أوقات السعة، وأن نشيع في بيوتنا، ومدارسنا، ومجتمعاتنا عموماً ثقافةَ الحزمِ، والمبادرةِ، واحترامِ المواعيد، وإنجاز الأعمال في أوقاتها.