سارعوا بالاستغفار والتوبة ... وأبشروا

إنضم
11/01/2012
المشاركات
3,868
مستوى التفاعل
11
النقاط
38
العمر
67
الإقامة
الدوحة - قطر
روى أحمد والشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربه قال : " أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا فَقَالَ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي ، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا ، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ ؛ ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ ، فَقَالَ : أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي ، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْبًا ، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ ؛ ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ ، فَقَالَ : أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي ؛ فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا ، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا ، يَغْفِرُ الذَّنْبَ ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ ، اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ " ، لفظ مسلم ؛ والمعنى : مادمت تذنب ، ثم تتوب مقرًّا بالذنب ، غير مصر عليه ، غفرت لك .
قال القرطبي في ( المفهم على صحيح مسلم ) : يدل هذا الحديث على عظيم فائدة الاستغفار ، وعلى عظيم فضل الله وسعة رحمته وحلمه وكرمه ، لكن هذا الاستغفار هو الذي ثبت معناه في القلب مقارنًا للسان ، لينحل به عقدة الإصرار ، ويحصل معه الندم ، فهو ترجمة للتوبة ، ويشهد له حديث : " خياركم كل مفتن تواب " ، ومعناه : الذي يتكرر منه الذنب والتوبة ، فكلما وقع في الذنب عاد إلى التوبة ، لا من قال : أستغفر الله بلسانه ، وقلبه مصر على تلك المعصية ، فهذا الذي استغفاره يحتاج إلى استغفار .
وفائدة هذا الحديث : أن العود إلى الذنب ، وإن كان أقبح من ابتدائه ؛ لأنه انضاف إلى ملابسة الذنب نقض التوبة ، لكن العود إلى التوبة أحسن من ابتدائها ، لأنه انضاف إليها ملازمة الطلب من الكريم ، والإلحاح في سؤاله ، والاعتراف بأنه لا غافر للذنب سواه .ا.هـ.
وقال النووي في ( شرح مسلم ) : لو تكرر الذنب مائة مرة ، أو ألف مرة ، أو أكثر ، وتاب في كل مرة ، قبلت توبته ، ولو تاب عن الجميع توبة واحدة بعد جميعها ، صحت توبته . ا.هـ.
قال مقيده - عفا الله عنه : دليل الأول حديث أبي هريرة المتقدم ، ودليل الثاني حديث الذي قتل مائة نفس .
* وروى الحاكم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قال : أستغفر الله العظيم ، الذي لا إله إلا هو ، الحي القيوم ، وأتوب إليه ، غفرت له ذنوبه وإن كان فارًّا من الزحف " ؛ والمراد - كما سبق - أن يقولها تائبا نادمًا ، لا مصرًّا على الذنب .
* وروى أحمد والأربعة عن علي رضي الله عنه قال : إني كنت رجلا إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثًا ، نفعني الله منه بما شاء أن ينفعني به ، وإذا حدثني رجل من أصحابه استحلفته ، فإذا حلف لي صدقته ، وإنه حدثني أبو بكر ، وصدق أبو بكر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " مَا مِنْ عَبْدٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا ، فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ ، إِلا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ؛ ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ : { وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ } إِلَى آخِرِ الآيَةِ ( آل عمران : 135 ) "
 
السَّلَامُ عَلَيْكَ أَخ مُحَمَّد أَنْتَ رَجُلٌ مَحْمُودٌ
وَ إِنَّنِي قَبْلَ إِشْتِرَاكِي فِي هَذَا المَوْقِع كُنْتُ أَرَى وَ أَقْرَأُ بَعْضَ كَتُبِكَ هُنَا
أََرَى أَنّكَ إِعْتَزَلْتَ أَقْسَامَ القُرْآنِ وَ تَرَكْتَ الجِدَالَ و الإِخْتِلَافَ
وَ إِتَّخَذْتَ لِنَفْسِكَ جَانِبًا لَا يَهُمُّكَ فِيهِ عَدَدُ المُشَارَكَاتِ و لَا الزِّيَارَاتُ وَ نَاحِيَةً فِي المَوْقِعِ جَعَلْتَهَا مِثْلَ المِنْبَرِ تَرْتَفِعُ عَلَيْهِ وَحْدَكَ تَذَكِّرُ فِيهِ إِخْوَانَكَ المُؤْمِنِينَ بِالإِسْتِغْفَارِ و فَوَائِدِ الذِّكْرِ
و تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتٍ مِنْ آيَاتِ الحَبِيبِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ و سَلَّمَ عَاضًّا بِأَصْلِ شَجَرَةٍ وَ إِنِّي لَا أُحُبُّ المَدْحَ و لَا أُحِبُّ المَدَّاحِينَ لَكِنَّنِي أُحِبّ فِيكَ عُزْلَتَكَ وَ وَقَارَكَ و حِلْمَكَ و سُكُونَ كَلِمَاتِكَ

أَمَّا بَعْدُ فَأَتَمَنَّى أَنْ لَا أُزْعِجَكَ وَ لَا يُغْضِبَنَّكَ عَمَلِي أَنْ أَعْرِضَ عَلَيْكَ بَعْضَ الأَقْوَالِ فِي صِحَّةِ بَعْضِ الأَحَادِيثِ التِّي ذَكَرْتَهَا
عَلَّنِي أُعِينُكَ وَ أُصَحِّحَ لَكَ إِنْ كُنْتَ مُخْطِئًا
أَوْ تُصْلِحَ لِي وَ تَهْدِينِي إِنْ كُنْتَ صَائِبًا

يقُولُ المَثَلُ:"إِنْ زَلَّ عَالِمٌ زَلَّ بِزَلَّتِهِ عَالَمٌ" مَجْمَعُ الأَمْثَالِ

بِالنِّسْبَةِ لِحَدِيثِ وِ إِنْ كَانَ فَارًّا مِنَ الزَّحْفِ فَقَدْ أَخْرَجَهُ الحَاكِمُ وَ التّرْمذِيُّ و أُبُو دَاودَ و الطَّبَرَانِيُّ و أَبُو نَعِيمٍ فِي مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ و البَيْهِقِيُّ فِي الأَسْمَاءِ و الصِّفَاتِ وَ إِبْنِ سعْدٍ فِي الطَّبَقاتِ إِلَّا أَنَّ لَهُ طُرُقًا مُخْتَلِفَةً

طَرِيقُ إِبْنِ مَسْعُودٍ أَخْرَجَهُ الحَاكِمُ و إِبْنِ أَبِي شِيبَةَ
قَال عَنْهُ الحَاكِمُ حَديثٍ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَ لَمْ يُخْرِجَاهُ
بَيْدَ أَنَّهُ أَخْطَأَ أَوْ سَهَى أَوِ إِضْطَرَبَ فَهُنَالِكَ رَاوِيَانِ فِي الحَدِيثِ لَمْ يُخْرِجْ لَهُمَا لَا البُّخَارِيُّ وَ لَا مُسْلِمُ

أَمَّا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شِيبَةَ فَأَخْرَجَهُ فِي مُصَنَّفِهِ مِنْ طَرِيقٍ مُخْتَلِفَةٍ مَوْقُوفًا عَلَى إِبْنِ مَسْعُودٍ وَ فِيهِ إِخْتِلَافٌ فِي اللّفْظٍ "من قال...ثَلَاث مَرَّاتٍ" وَ فِيهِ عِلّةُ عَدَمِ سَمَاعِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحاقَ القَاضِي مِنْ ضِرَارٍ بْنِ مرَّة أَبُو سنَانَ

أَمَّا البَقِيَّةُ فَقَدْ أَخْرَجُوهُ عَنْ طَرِيقٍ وَاحِدٍ هُوَ طَريقُ بٍِلَالَ بْنِ يَسَارِ بْنِ زَيْدٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ،
قَالَ : سَمِعْتُ
أَبِي يُحَدِّثُ ، عَنْ جَدِّي
أُبُوهُ هُوَ يَسَارُ بْنُ زَيْدٍ و جَدَّهُ هُو
َ زَيْدٌ بْنُ بُولَا النُّوبِي
قَالَ عَنْهُ أَبُو عِيسَى التّرْمذيّ غَريبٌ
و الحَدِيثُ لَا يَصِحُّ لِجَهَالَةِ يَسَارٍ بْنِ زَيْدٍ و بِلَالِ بْنِ زَيْدٍ بْنِ
يَسَارٍ

فَلَا يَرْوي هَذَا الحَديثَ إِلَّا زَيْدٌ بْن بُولَا النُّوبِي وَ لَا يَرْويهِ عَنْهُ إَلَّا يَسَارُ بْنُ زَيْدٍ و لَا يَرْويهِ عَنْ يَسَارٍ إَلَّا إِبْنُهُ يَسَارٌ بْنُ زَيْدٍ
وهَؤُلاَءِ الثَّلَاثَةُ لَا يَرْوُونَ إِلَّا هَذَا الحَدِيثَ

قَالَ بَعْضُ العُلَمَاءِ أَنَّ لِهَذَا الحَدِيثِ شَواهِدٌ لَكِنْ كُلُّ شَوَاهِدِهِ بَاطِلَةٌ فِيهَا مَنْ يَرْوِي عَنِ الإِسْتِغْفَارِ دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ و مَنْ يُقُولُهُ إِذَا آوَى إِلَى فِرَاشِهِ

أمَّا الحَدِيثُ الثَّانِي حَدِيثُ رَكْعَتَيْ الإِسْتِغْفَارِ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدٌ فِي المُسْنَدِ( تَفَرَّدَ بِلَفْظِ الآيَتَيْنِ ) و فِي فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ
و أَخْرجَهُ أَبُو دَاودَ و التّرْمذيُّ و إِبْنُ مَاجَهْ و الطَّيَالِيسِي وِ إِبْنُ مُبَارِكٍ فِي الزُّهْدِ و الرَّقَائِقِ و عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُبيرِ الحَمِيدِيِّ فِي مُسْنَدِهِ المَعْرُوفِ بِإسْمِ مُسْنَدِ الحَمِيدِي و أَخْرَجَهُ
إِبْنُ شِيبَةَ و المَرُوزِيُّ فِي مُسْنَدِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقُ
و البَزَارُ فِي مُسْنَدِهِ البَحْر الزَّخَّارُ

تَارَةً يَنْسِبُونَ رِوَايَتَ الحَدِيثُ لِعَلِيٍّ وَ تَاَرَةً أُخْرَى لَأَبِي بَكْرٍ لَكِنَّ هَاذَانِ الطَّّرِيقَانِ يَمُرَّانِ عَبْرَ أَسْمَاءَ بْنُ الحَكَمِ الفَزَارِيُّ قَالَ عَنْهُ البَزَارُ مَجْهُولٌ قَال عَنْهُ البُخَارِيُّ لَا يُتَابَعُ عَلَى حَدِيثِهِ وَ ذَكَرَ هَذَا الحَديثَ فِي التَّارِيخِ الكَبِيرِ ص54 جزء 2 لَكِنْ لَمْ يُخْرِجْهُ و لَمْ يَرْوِ هَذَا الحَدِيثَ عَنْ عَلِيٍّ إَلَّا أَسْمَاءُ وَ أَسْمَاءُ لَا يَرْوِي إِلَّا هَذَا الحَدِيثَ وَ لَا يَرْوِيهِ عَنْهُ إِلَّا عَلِيٌّ بْنُ رَبِيعَةَ
(قَالَ التّرمذِيُّ مِثْلَ هَذا الكَلَامِ) و قَالَ البَزَارُ أَنَّ كُلَّ أَسَانِيدِ الحَدِيثِ مَعْلُولَةٌ في كِتَابِهِ البَحْرُ الزَّخَّارُ الصَّفْحَةُ 188

و الأصحُّ فِي بَابِ الوُضُوءِ وَ الرَّكْعَتَانِ هُوَ حَدِيثُ عُثْمَانَ بْنُ عَفَّانَ -أَلْحَقَنَا اللَّهُ بِهِ فِي الجَنَّةِ- فِي صَحِيحِ مُسْلِمَ
سَمِعْتُ النَّبِيَّ يَقُولُ:
​​​​​​​"لا يَتَوَضَّأُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ فيُحْسِنُ الوُضُوءَ فيُصَلِّي صَلاةً إلَّا غَفَرَ اللَّهُ له ما بيْنَهُ وبيْنَ الصَّلاةِ الَّتي تَلِيها."
وَ حَدِيثُ عُقْبَةَ بْنُ عَامِرٍ فِي مُسْلِم سَمِعْتُ النَّبِيَّ قَائِمًا يُحَدِّثُ فِي النَّاسِ وَ مَا أَدْرَكْتُ مِنْ حَدِيثِهِ "ما مِن مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأُ فيُحْسِنُ وُضُوءَهُ، ثُمَّ يَقُومُ فيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، مُقْبِلٌ عليهما بقَلْبِهِ ووَجْهِهِ، إلَّا وجَبَتْ له الجَنَّةُ"

سَنَكْتُبُ لَكَ بإِذْنِ اللَّهِ عَنْ أَحَادِيثَ أُخْرَى فِي مَوْضُوعِ القَلْبِ

إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَا يُشْكِلَنَّ عَلَيْكَ قَوْلُنَا و تَتَقَبَّلُهُ بِقَبُولٍ حَسَنٍ
و كَمْ نَتَمَنَّى لَوْ كُنَّا أَقْرَبَ لُنُضِيِّفَكَ تُفْطِرَ مَعَنَا
لَا تَوْجَلْ نَحْنُ لَا نَخَافُ كُورُونَا

و السَّلَامُ عَلَيْكُمْ

 
الفاضل / عبد الله بن بشر
شكر الله لك حرصك وزادك حرصا ... ولكن هناك أمور للحكم على الحديث تتعلق بطرقه وإن كان فيها ضعف ، ولذا نجد الشيخ الألباني رحمه الله صحح حديث ابن مسعود في الصحيحة ( 2727 ) ؛ وحديث صلاة التوبة قال الألباني : حسن صحيح ـ ((صحيح أبي داود)) (1361)، ((المشكاة)) (1324) .
وعلى كل حال مسألة التصحيح والتضعيف من مسائل الاجتهاد ... فلا حرج على من يأخذ برأي مجتهد في هذا العلم ... دمت بخير .
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
 
عودة
أعلى