سؤال

إنضم
12/05/2015
المشاركات
83
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الإقامة
إندونيسيا
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام علي سيدنا ونبينا محمد وعلي آله وصحبه ومن تبعه الي يوم الدين.
وبعد فيقول المولي عز وجل في كتابه العزيز
(وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَىٰ ۚ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ)
[Surat Al-An'am 35]

السؤال هو مالذي جهله رسول الله صلى الله عليه وسلم حتي يعظه الله الا يكون من الجاهلين؟
وجزاكم الله خيرا
 
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وسلم تسليما

أخي الحبيب،
أما الجهل فلم يصفه الله تعالى به في هذه الآية. إنما نهاه عن أمر حتى لا يبلغ درجة الجهل.
ولعلك تفهم الآية مما سبقها من الآيات. يقول تعالى: قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون.
ثم قال تعالى: ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله... الآية
ثم بعدها جاءت هذه الآية.
فالنبي صلى الله عليه وسلم من رحمته بهذه الأمة طمع في إيمان هؤلاء الذين عاندوا وسبق في علم الله تعالى أنهم لن يؤمنوا مهما نزلت عليهم من آيات.
والله تعالى في هذه الآيات يخفف عن نبيه حزنه على بعض قومه ممن كفر ولم يؤمن، ويذكره أن الرسل من قبله قد كذبوا مثله وأوذوا وما عليه إلا أن يصبر كما صبروا.
ثم ذكر له أنه إن كبر عليك إعراضهم فافعل ما يأمرك به الله تعالى. فإن الآيات بيد الله لا بيدك وإن الهداية بيد الله لا بيدك وما عليك إلا البلاغ ولا يحزنك قول من لم يؤمن، فإن مثل ذلك يعتبر جهلا بما علمتك. وهذا الكلام ينبغي أن يوجه أيضا للدعاة اليوم، فإن كثيرا منهم يظن نفسه أرحم على الناس من الله ورسوله وأحرص على هداية الناس من الله ورسوله، فيكذب في الدين باسم الدعوة إلى الله، وينبطح ويذل للكفار باسم الدعوة إلى الله والطمع في إيمانهم. فيسمي الأشياء بغير مسمياتها، وينزعج إذا قيل أمامه أن المسيحيين مثلا كفار، ويلتوي إذا سئل مثل هذا السؤال، ويتحدث عن الإسلام أنه السلام ويتجنب ذكر أن الإسلام دين العزة والقوة والوحدة. فالله تعالى نهى نبيه أن ينزل إلى درجة مثل هؤلاء القوم وهو نهي أيضا لأهل الإسلام المتبعين لسنة نبيهم أن يكونوا كذلك لأن ذلك هو الجهل بعينه.
وإنما كانت الآية تحذيرا للنبي صلى الله عليه وسلم ومن بعده حتى لا يقع في مثل ذلك الجهل، تحذير لا يوجب أنه وقع فيه.
فلما حذره بين له في الآية بعدها مفاد التحذير فقال تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله... الآية
فبين أن مثل هؤلاء لا يصح أن ننشغل بهم وان نشغل حياتنا بتذكير من يسمع أما من يستمع فقط فمثلهم كمثل الموتى. وقد أمرنا بالإنشغال بدعوة الأحياء لا الموتى.
ولعلك لو دققت في معنى يستجيب والفرق بينها وبين يجيب مع اشتراكهما في معنى الإجابة، ولو دققت أكثر في الفرق بين يستمع في الآية التي جاءت قبل الآية التي ذكرت في سؤالك، وهي قوله تعالى: ومنهم من يستمع إليك.. ويسمعون التي جاءت بعدها مباشرة لتبين لك أن الأمر لا يحمل معنى أن النبي صلى الله عليه وسلم وقع في الجهل وإنما هو على سبيل التحذير.
والله تعالى أعلم

د. عمارة سعد شندول

(السنة الثانية من الماستر في العلوم الإسلامية)
 
جزيت خيرا د.عمارة ..
إن التحذير من الوقوع في الجهل يرتبط بما قبله من مشيئة الله في جمعهم علي الهدي.
فلعل الجهل كل الجهل أن لا يدرك الإنسان أن شرط الدعوة والهدي هو تحقيق اسم الله العزيز وصفة عزته لدعوة البشر لصراط الله المستقيم.
ولذلك قال سبحانه لا إكراه في الدين لأن الإكراه لا يحقق صفة العزة وكذلك المعجزات المعجزات لن توفي الغرض الأساسي الذي به تتحقق جميع الشروط لجمعهم علي الهدي.
وهذا يبرز أهمية فهم أسماء الله الحسني وصفاته والعمل علي تحقيقها في أرضه لتأذن وتوافق المشيئة الالهيه .
والله تعالي اعلم
 
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وسلم تسليما

أحسن الله إليك..
قلت :
وكذلك المعجزات لن توفي الغرض الأساسي الذي به تتحقق جميع الشروط لجمعهم علي الهدي.
وهذا من أجمل ما ينبغي فهمه حتى حين ندرس مسألة الإعجاز. فإن الله تعالى مع أنه تحدى بكتابه الناس فإنه جعل الأصل في الكتاب الهدى. فلما كان الأصل في الكتاب الهدى غفل بعض الناس عن جملة المعجزات التي فيه وأنكروا حقائق العلم الذي يحتويه، وغالى آخرون بدون علم أو بقليل فهم فتكلموا وهما. ولو تحققوا لوجدوا أن الحق والخير في دراسة القرآن وتدبره في اتباع من أنزل عليه.
فإنه كما نطق بالدعوة والهدي نطق أيضا بصحيح العلم ودقيقه وقوله في حياة الجنين مشهور وحديثه في البرق لا يخفى عن متأمل.
ثم إن الله تعالى أوسع آياته حتى لا تختص قوما معينين ولو كانوا قوم النبي صلى الله عليه وسلم. فأحال سامع القرآن إلى الكون والخلق. ولعلك تفقه ذلك في الآيات بعدها، قال تعالى: وما من دابة في الأرض... الآية، فدل ذلك أن الله تعالى قدم الآيات لهم ولغيرهم لمن شاء أن يستقيم.
هذا والله تعالى أعلم
يغفر الله لي ولكم

د. عمارة سعد شندول

(السنة الثانية من الماستر في العلوم الإسلامية)
 
الأخ الكريم\ هذه المسألةُ ناقشها ابن عطية رحمه الله في تفسير المحرر الوجيز- وضم إليها قوله تعالى في سورة هود قولَه تعالى لنبيه نوح عليه السلام {إني أعظك أن تكون من الجاهلين }وأحسنَ رحمه الله كعادته في تفسيره الرائع -قائلا بأن الخطابَ هنا باعتبار القضيتينِ المعروضتينِ لا باعتبارِ النبيينِ الكَريمينِ -وما قاله الدكتور عمارة هو كلامٌ طيبُ الأصلِ والفرعِ -وكذلك تعرَّض الزمخشري وصاحبُ تفسيرِ اللبابِ لقوله تعالى {عبس وتولى}-ففيه بيانُ لطفهِ تعالى بنبيهِ -فكأنه يتحدثُ عن غيره- فلم يوجه له الخطابَ مباشرةً بقوله {عبستَ} أمَّا الشوكاني رحمه الله وآخرون-فقد استدلوا بهذه الآية وأخواتِها على أنَّ القرآنَ ليسَ من عند النبي الكريم- إذ لوكان ذلك لما قال ذلك لنفسه.
 
بارك الله فيك أخ بشير علي هذا النقل المبارك والتوضيح القيم لكني أتناول واتطرق لعمق هذا الذي حذر الله منه نبينا صلي الله عليه وسلم . فمضاد كلمة الجهل هو العلم أي انه من الواجب العلم وعدم الجهل بأسباب عدم جمع الناس جميعا علي الهدي.
والقضيتان حتما مختلفان ففي قصة نبي الله نوح عليه السلام كانت قضية الولاء والبراء لله وضرب لنا الله عزوجل مثلا ليكون لنا أسوة في خليله إبراهيم عليه السلام إذ تبرأ من أبيه آزر لكفره وشركه .
إنما القضية هنا هي أشمل وأعمق وأكبر إذ أن الله ذكر هنا المشيئة وأشار إلي أن الآيات والمعجزات ليست هي القضيه وليست هي الحل في هداية البشر إذ أن الله سبحانه وتعالى بالغ القدرة في إظهار آياته ومعجزاته
(إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ)
[Surat Ash-Shu'ara 4]
ولكن المعجزات قد تضيع عليهم فرصة الهدي لوكذبوا بها فتقوم الحجة بسبب ذلك ثم لا ينظرون. فلا سبيل بعدها إلا العذاب الأليم كما في معجزة ناقة صالح عليه السلام .
(وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ ۚ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا ۚ وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا)
[Surat Al-Isra' 59]
فالله سبحانه وتعالى عزيز رحيم وهاتين الصفتين يؤثران تأثيرا كبيرا في مشيئة الله عزوجل.
(إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)
[Surat Ash-Shu'ara 190 - 191]
وإن ربك لهو العزيز الرحيم ..
والله تعالي أعلم
 
عودة
أعلى