بسم1
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أظنك ستتفهم السبب إذا قرأت الرسالة إلى نهايتها ..
أولًا: الغالب في طريقة شيخ الإسلام رحمه الله تعالى أنه لا ينفذ إلى المسألة محل البحث مباشرة، وإنما يُقدّم لها ويمهد.
ثانيًا: الغالب في طريقته أيضًا رحمه الله تعالى أنه ينطلق من كتاب الله جل وعلا في مناقشة القضايا والمسائل المتنوعة، وكذلك فإنه رحمه الله يكثر الربط بين صنوف العلوم وبين التزكية وفقه القلوب.
وشيخ الإسلام رحمه الله تعالى انطلق في هذه الرسالة من قوله جل وعلا: {
وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52) لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (53) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (54)}
والله جل وعلا قد جعل القلوب في هذه الآيات ثلاثة أقسام، وكانت هذه الأقسام تبعًا لتعامل تلك القلوب مع (المتشابه) من آيات الله جل وعلا، وهذا هو موضوع الرسالة، فالعلاقة واضحة.
ونظير هذه الآية قول الله تبارك وتعالى: {
هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ }
فالقلوب القاسية والمريضة تغتر بما تلقي الشياطين، فتُفتن بالمتشابه من كتاب رب العالمين سبحانه وتعالى، فيأولونه تأويلًا فاسدًا باطلًا؛ اتباعًا لأهوائهم وأمراضهم.
وأما القلوب المخبتة - قلوب أهل العلم - فإنهم يسلّمون بما جاء من عند ربهم من الحق، ويؤمنون به على مراد ربهم سبحانه وتعالى بغير تأويل ولا تحريف ولا تعطيل ولا تشبيه.
فهذا الرابط بين أقسام القلوب وبين قضية التشبيه والتأويل ليس من عند شيخ الإسلام رحمه الله تعالى، وإنما من عند الله جل وعلا.