لم يظهر لي جليا كيفية نطق أستاذنا الكريم لصوت العين هنا ؛ هل يكسرها في فاتحة مريم والشورى ليكون مدها سائغا ؟
فقد أجمع اللغويون والقراء على فتحها فيما أعلم .
أما مدّها في هذين الموضعين خاصة ؛ فقد قال ابنُ الجزري (ت 833 ﻫ) رحمه الله :
" اختلف أهل الأداء في إشباعها وفي توسطها وفي قصرها لكل من القراء :
- فمنهم من أجراها مجرى حرف المد فأشبع مدها لالتقاء الساكنين ، ...
- ومنهم من أخذ بالتوسط نظرا لفتح ما قبل ، ورعايةً للجمع بين الساكنين ، ...
- ومنهم من أجراها مجرى الحروف الصحيحة ؛ فلم يزد في تمكينها على ما فيها " .
[ النشر ، 1 / 348 ] .
وقال المرعشي (ت 1150 ﻫ) رحمه الله في ذلك أيضا :
" رُوي فيه عن جميع القراء الطول والتوسط ، لكنَّ الطول أفضل كما قال الشاطبي :
... ... ... ... ... ... وفي عين الوجهان والطُّول فُضِّلا
قال : المحققون من شراح الشاطبية على جواز القصر أيضا . انتهى .
أقول : مراده بالقصر هنا ترك المد بالكلية ، وهو ظاهر يُشْعِرُ به أواخر كلامه " .
[ جهد المقل / 224 - 225 ] .
وقال الدكتور غانم الحمد وفقه الله :
" ومما يتصل بالمد العارض للسكون الواو والياء الجامدتان إذا سكنتا بعد فتحةٍ ووقع بعدها ساكنٌ ، سواء كان همزة أم غيرها .
فالقراء متفقون في جواز المد وجواز تركه ؛ وذلك لأن الواو والياء إذا انفتح ما قبلهما زال عنهما معظم المد ، وصارا بمنزلة سائر الأصوات الجامدة التي لا مد فيها .
وإنما سوّغ إجراء المد فيهما ما اتصفا به من اللين الذي هو منزلة وسطى بين الأصوات الذائبة والجامدة .
فمن أخذ بالمد نظر إلى ما فيهما من اللين ، ومن تركه نظر إلى كونهما من الأصوات الجامدة ، على أن من أخذ بالمد فيهما فإنه لا يبلغ به مقدار المد في أصوات المد حين تقع قبل همزة أو سكون ، ولا يكون ذلك إلا في الوقف ، أما في الوصل فلا مدَّ فيهما، ويسمى هذا النوع من المد بمد اللين " .
[ علم التجويد - دراسة صوتية ميسرة / 153 ] .
قلتُ : فالقول بأن ( حروف اللين لا تمد ) فيه نظر ؛ لأن المد لا يختص بالحروف الذائبة فحسب ، بل كلما اتسع مخرج الصوت كان أكثر قبولا للمد ؛ لذلك يُمد صوت الغُنّة مثلا في جميع الألسن واللغات حال التغني والتطريب بالكلام .
وقد رفعت لكم
هنا بعض النماذج لكيفية أداء العين في فاتحة مريم والشورى لأربعة من مشاهير قرائنا المعاصرين وأتقنهم ، برواية حفص عن عاصم ، ولا خلاف بينهم في فتح العين وجواز مدها . والله أعلم .