سؤال ونقاش عن نطق العين في (كهيعص) و (عسق)

عبدالرحمن الشهري

المشرف العام
إنضم
29/03/2003
المشاركات
19,318
مستوى التفاعل
127
النقاط
63
الإقامة
الرياض
الموقع الالكتروني
www.amshehri.com
01.png


في حديث هاتفي اليوم بعد العصر مع أحد أساتذتي الأجلاء عن كيفية نطق العين في قراءة قوله تعالى في سورة مريم {كهيعص} وكذلك في قوله {عسق} ، فقرأتها له كما أعرف كما أنطق عبارة (زَين) بفتح العين ، فاعترض بأن نطقها بهذه الطريقة يجعل الياء حرفاً من حروف اللين وهي لا تمد ، وأن الأصح لغة في نطقها أن تنطق قريباً من نطق العين في قوله {حور عين} حتى يسوغ ويصح مد الياء .
فلم يحضرني جواب في هذه المسألة ، وأحببت مناقشة الموضوع معكم . وليت واحداً منكم يتكرم باقتطاع نطق هذه الآية من تلاوات القراء المجيدين لنسمعها جميعا هنا ، ونرى وجه الإشكال المطروح .
وفقكم الله لكل خير .
 
السلام عليكم .
ليس هناك إشكال ؛ أولا : نحن نتلفظ بالحروف المقطعة في أوائل السور كما في هجائها ،باستثناء حذف الهمزة في بعض الحروف مثل ( الطاء والهاء والياء ) ؛ لأنه يترتب على إبقائها حكم تجويدي , وهو المد ، ومعلوم أن حرف ( العين ) مفتوح أوله حال هجائه .
ثانيا : الحجة التي احتج بها الأستاذ الجليل وهي أن الياء ستكون حرف لين وحرف اللين لا يمد ؛ مردودة رواية ودراية .
أما الرواية فما هو ثابت في قراءة ابن كثير المكي من مده بعض الكلمات التي فيها الياء حرف لين مثل ( اللذين ) مدا لازما .
أما الدراية فلأنه يمد مع السكون العارض باتفاق سواء كان عارضا للوقف في نحو ( خوف , قريش ) , أو عارضا للإدغام في رواية السوسي فو نحو ( والصيف فليعبدوا ) فمده للسكون اللازم في فاتحتي مريم والشورى من باب أولى .
ثالثا : أن التلقي يرد اجتهاد الأستاذ .
والسلام عليكم​
 
شيخنا الكريم: القراءُ المجيدُون مُطبقونَ على مخالفة هذه النتيجة , والقولُ ما قاله الشيخ أحمد نجاح , وتعليلُ الأستاذ الكريم بأنَّ حرف اللين لا يمد يردُّه ما ذكر الشيخُ أحمد عن قراءة ابن كثير , وينضافُ إليه ما لورشٍ في بعض مواضع اللين المهموزة التي لا تُقرأ له إلا بالمدِّ.
ولعلَّ مثار الإشكالِ عند الشيخِ - وهو بعيدٌ - قول الشاطبي رحمه الله عن هذه العَـين:
وعَنهُم سقُوط المدِّ فيه .....
وهذا لا صلة لهُ بما استتنتَج من أنَّ اللينَ لا يُمدُّ , والله أعلم.
 
محل النزاع في هذه النقاش: هل يشترط للمدّ أن تكون حركة ما قبل حرف المد من جنسه؟
وقد تبيّن بما ذكر الشيخ أحمد نجاح ومن بعده من المشايخ أن هذا ليس شرطا بالإجماع فيسقط الاحتجاج..

ويُضاف أن العربية والتجويد صنوان، فالتجويد إنما هو نطق ألفاظ القرآن الكريم وفق اللسان العربي، وهذه من المسلّمات، فما ثبت في التجويد واتفق عليه علماؤه من أصوله فإنما هو مما لا خلاف فيه في العربية.

وجزاكم الله خيرا على الإثراء والفائدة.​
 
لم يظهر لي جليا كيفية نطق أستاذنا الكريم لصوت العين هنا ؛ هل يكسرها في فاتحة مريم والشورى ليكون مدها سائغا ؟
فقد أجمع اللغويون والقراء على فتحها فيما أعلم .

أما مدّها في هذين الموضعين خاصة ؛ فقد قال ابنُ الجزري (ت 833 ﻫ) رحمه الله :
" اختلف أهل الأداء في إشباعها وفي توسطها وفي قصرها لكل من القراء :
- فمنهم من أجراها مجرى حرف المد فأشبع مدها لالتقاء الساكنين ، ...
- ومنهم من أخذ بالتوسط نظرا لفتح ما قبل ، ورعايةً للجمع بين الساكنين ، ...
- ومنهم من أجراها مجرى الحروف الصحيحة ؛ فلم يزد في تمكينها على ما فيها " . [ النشر ، 1 / 348 ] .

وقال المرعشي (ت 1150 ﻫ) رحمه الله في ذلك أيضا :
" رُوي فيه عن جميع القراء الطول والتوسط ، لكنَّ الطول أفضل كما قال الشاطبي :
... ... ... ... ... ... وفي عين الوجهان والطُّول فُضِّلا
قال : المحققون من شراح الشاطبية على جواز القصر أيضا . انتهى .
أقول : مراده بالقصر هنا ترك المد بالكلية ، وهو ظاهر يُشْعِرُ به أواخر كلامه " . [ جهد المقل / 224 - 225 ] .

وقال الدكتور غانم الحمد وفقه الله :
" ومما يتصل بالمد العارض للسكون الواو والياء الجامدتان إذا سكنتا بعد فتحةٍ ووقع بعدها ساكنٌ ، سواء كان همزة أم غيرها .
فالقراء متفقون في جواز المد وجواز تركه ؛ وذلك لأن الواو والياء إذا انفتح ما قبلهما زال عنهما معظم المد ، وصارا بمنزلة سائر الأصوات الجامدة التي لا مد فيها .
وإنما سوّغ إجراء المد فيهما ما اتصفا به من اللين الذي هو منزلة وسطى بين الأصوات الذائبة والجامدة .
فمن أخذ بالمد نظر إلى ما فيهما من اللين ، ومن تركه نظر إلى كونهما من الأصوات الجامدة ، على أن من أخذ بالمد فيهما فإنه لا يبلغ به مقدار المد في أصوات المد حين تقع قبل همزة أو سكون ، ولا يكون ذلك إلا في الوقف ، أما في الوصل فلا مدَّ فيهما، ويسمى هذا النوع من المد بمد اللين " . [ علم التجويد - دراسة صوتية ميسرة / 153 ] .

قلتُ : فالقول بأن ( حروف اللين لا تمد ) فيه نظر ؛ لأن المد لا يختص بالحروف الذائبة فحسب ، بل كلما اتسع مخرج الصوت كان أكثر قبولا للمد ؛ لذلك يُمد صوت الغُنّة مثلا في جميع الألسن واللغات حال التغني والتطريب بالكلام .

وقد رفعت لكم هنا بعض النماذج لكيفية أداء العين في فاتحة مريم والشورى لأربعة من مشاهير قرائنا المعاصرين وأتقنهم ، برواية حفص عن عاصم ، ولا خلاف بينهم في فتح العين وجواز مدها . والله أعلم .
 
جزاكم الله خيراً.
كنتُ سأكتب شيئاً في هذا الموضوع، لكن رأيتُ مشاركاتكم أتت على المقصود، وسأكتفي بالتعليق على مسألة واحدة، وهي: امتناع المد في حروف اللّين، فقد وجدتُ الإمام ابن أبي مريم الشيرازي (ت بعد565) أشار لذلك في كتابه: (الموضَح في وجوه القراءات وعللها)، وردّ عليه.
قال -رحمه الله-: ((وأما الواو والياء فإذا كانت حركةُ ما قبلهما من جنسهما فهما ممتدّان مُستطيلان، وإذا لم يكونا كذلك فليس فيهما مدّ، غير أنَّ الحُذّاقَ منهم ذهبوا إلى أنهما وإن لم يكنْ حركةُ ما قبلهما من جنسهما فلا يخلوانِ من مدّ، والدليلُ على ذلك أنه لا يجوزُ وقوعُ أحدهما قبل حرف الرَّويّ مع حروف الصِّحّة في القافيةِ السَّليمة، نحو: قَوْل مع أكْل، بل يكون القول مُرْدَفاً، والأكل سليماً، فيُسمى (السِّناد)، وهو عيبٌ في القافية، فلولا ما في الواو من المدّ لجاز مجيئه في القوافي السليمة، وكذلك الياء)). الموضَح 1/176.
 
بارك الله فيكم جميعاً ، فقد اتضحت لي المسألة تماماً ، وقرأت كل ما تفضلتم به في المسألة ، وكررت الاستماع لتلاوات القراء الذين وضعهم أخي حسين وأسأل الله أن يبارك في علمكم ، وأن يجزيكم خيراً . وسوف أعرض هذا على أستاذي وأسمع وجهة نظره فقد أكون أخطأت في توضيح وجهة نظره .
 
عودة
أعلى