عَوْد الضمير إلى الحوت ، لا البحر
عَوْد الضمير إلى الحوت ، لا البحر
( وإن يونس لمن المرسلين إذ أبق إلى الفلك المشحون فساهم فكان من المدحضين فالتقمه الحوت وهو مليم فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون فنبذناه بالعراء وهو سقيم )
المتأمل لسياق الآيات ونسقها بالفاء التي تفيد ترتيبا وتعقيبا يدرك هذه الأحوال التي مرَّ بها يونس عليه السلام : حالة الإباق ، حالة المساهمة ، حالة التقام الحوتِ يونسَ ، حالة التسبيح في بطن الحوت ، حالة النبذ بالعراء ؛ أي : من بطن الحوت إلى الأرض مباشرة .
وهذه الأحوال موصولة الزمن - كما أفادت الفاء - فليس بها مرحلة مرصودة في المعنى غائبة عن السياق بالتقدير المعروف لدى النحاة : وبذلك تنتفي حالة وجود يونس في البحر بين الالتقام والنبذ إلا إذا تكلفنا القول بأن يونس في بطن الحوت والحوت في البحر فيونس إذن في البحر ، وكيفما جاء التقدير سيكون يونس في الظرف الأقرب إلى بدنه وهو تجويف بطن الحوت ، وهذا الظرف يعود إليه الضمير مادام يونس لا يزال متلبسا بالحالة ولم ينتقل منها إلى غيرها ، وهكذا نجد المفسرين القدامى والمحدثين يروون أنه : لولا التسبيح لجعل الله بطن الحوت قبرًا له إلى يوم يبعثون أي إلى يوم القيامة . والله أعلم .