المخطوطات التي لا تضع شيء هل هي نفسها التي تترك فراغ للتمييز بين بداية الآية و نهايتها ؟؟
إن كان الجواب نعم ..
فنقول الفواصل _ أيًا كان نوعها (دائرة - نقطة تشكل دائرة - فراغ)_ كانت موجودة آنذاك إن صحت نسبة هذه المخطوطات .
يجب أن لا يغيب عن الأخت الفاضلة ، وعن الأخوة الأفاضل ، أن الفاصلة قبل أن يُعبّر عنها بأي من هذه الأشكال ، هي موجودة ومحفوظة في الصدور ، وهذا يعني أن فواصل السورة كانت معلومة لدى الصحابة – رضي الله عنهم – بغض النظر عن الشكل الذي صار يدل عليها فيما بعد ، سواء أكان كذا أو كذا . حتى وضع الأرقام في وقت متأخر لا يختلف عن الدائرة أو النقطة أو الفراغ .. وهذا يعني أنه من الخطأ أن يستنتج البعض من عدم وجود أرقام الآيات المستخدمة الآن في زمن كتابة المصحف ، سببا للتشكيك فيها ، وما ينبني عليها من دراسات . فقد كان من السهل استخدام كلمتين فقط هما " قبل وبعد " للدلالة على موقع أي سورة أو آية ..
ولتوضيح هذا الرأي لنأخذ سورة الفاتحة :
سورة الفاتحة مؤلفة من 7 آيات . وحفظها الصحابة على الترتيب الذي وصلتنا عليه في المصحف .
لا توجد في هذه المرحلة أي علامات تدل على الفاصلة ، لا دائرة ولا نقطة ولا رقم .
ولكن الجميع يعرفون أن الآية الأولى في سورة الفاتحة هي : بسم الله الرحمن الرحيم .
الآية التي بعدها : الحمد لله رب العالمين ..
الآية التي بعدها : الرحمن الرحيم . وهكذا ..
فسواء وضعت في نهاية اية " الرحمن الرحيم " دائرة ، أو نقطة ، أو رقم 3 ،( وهو تنوع مرتبط بتقدم المعارف ) فكل ذلك يؤدي معنى واحدا دون أدنى اختلاف ، هو المحفوظ في الصدور – الأصل - : وهو أن آية " الرحمن الرحيم " هي تلك التي تأتي بعد " الحمد لله رب العالمين " .
ولمزيد من التوضيح :
لو سئل أحد زمن نزول القرآن عن موقع الآية " إياك نعبد وإياك نستعين " فمن المتوقع أن يقول أنها التي تأتي بعد قوله تعالى " مالك يوم الدين " ( الأمر يصبح أكثر صعوبة وأوضح لو كان السؤال عن آية ما في سورة البقرة ) ، ولو سئل واحد اليوم عن الآية نفسها ، سيقول أنها الآية رقم 5 . فكلا الجوابين صحيح ، ولا اختلاف بينهما . وبالتالي لا فرق في الدلالة بين الدائرة أو النقطة أو الرقم ، اللهم أن الرقم هو الأكثر دقة في التعبير عن المواقع ، والقابل للقياس والبحث ، وهو بطبيعة الحال الشكل الأكثر تطورا وتعبيرا .