[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم ... والحمد لله رب العالمين ... والصلاة والسلام على حبيبنا المصطفى صلوات ربى وسلامه عليه وعلى آله وصحبه وتابعيه .....
إخوتى فى الله سلام الله عليكم جميعا ورحمته وبركاته .....
كنت اتابع هذا الملتقى الرائع - ما شاء الله لا قوة الا بالله العلى العظيم - واستفدت منه كثيرا جزاكم الله خير الجزاء ...
وكان لى استفسارا حول بعض معانى ايات القرآن الكريم ....
أخرج عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ} قال: قست قلوبهم من بعد ما أراهم الله الآية، فهي كالحجارة أو أشد قسوة ، ثم عذر الحجارة ، فقال { وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ}
وأيضاً : بيّن الله عز وجل بعض صفات الحجارة ليبين وجه كون قلوبهم أشد قسوة منها ؛ فقلوبهم لا تلين ، ولا تخشع ، ولا تتأثر .
أستسمحكم في إضافة بسيطة جوابا على السؤال أعلاه .
فقد طالعت بعض التفاسير فوجدت أن المفسرين عللوا ذكر الأنواع الثلاثة من الحجارة بأمرين :
أولا – الإعذار :
كما سبق أن بينه الأخ نصر – جزاه الله أحسن الجزاء - في المداخلة السابقة .
إذ جاء في تفسير الطبري { جامع البيان }:" معذرة منه جل ثناؤه لها دون الذين أخبر عن قسوة قلوبهم من بني إسرائيل .إذ كانوا بالصفة التي وصفهم الله بها من التكذيب لرسله والجحود لآياته بعد الذي أراهم من الآيات والعبر وعاينوا من عجائب الأدلة والحجج مع ما أعطاهم تعالى ذكره من صحة العقول ومنَََ به عليهم من سلامة النفوس التي لم يعطها الحجر والمدر . ثم هو مع ذلك منه ما يتفجر بالأنهار ومنه ما يتشقق بالماء ومنه ما يهبط من خشية الله . فأخبر تعالى ذكره أن من الحجارة ما هو ألين من قلوبهم لما يدعون إليه من الحق ".
و قد زاد ذلك توضيحا قول أبو السعود في " إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم " :.. والمعنى أن الحجارة ليس منها فرد الا وهو منقاد لأمره عز وعلا آت بما خُـلق له من غير استعصاء وقلوبهم ليست كذلك فتكون أشد منها قسوة لا محالة."
ثانيا – التفضيل :
أي تفضيل قلوب اليهود على الحجارة في القساوة .
قال صاحب الكشاف :" وقوله: { وَإِنَّ مِنَ ٱلْحِجَارَةِ } بيان لفضل قلوبهم على الحجارة في شدّة القسوة، وتقرير لقوله: (أو أشدّ قسوة)."
أما ابن عاشور فقد كتب : " ووجه تفضيل تلك القلوب على الحجارة في القساوة أن القساوة التي اتصفت بها القلوب مع كونها نوعا مغايرا لنوع قساوة الحجارة قد اشتركا في جنس القساوة الراجعة إلى معنى عدم قبول التحول - كما تقدم - فهذه القلوب قساوتها عند التمحيص أشد من قساوة الحجارة لأن الحجارة قد يعتريها التحول عن صلابتها وشدتها بالتفرق والتشقق وهذه القلوب لم تجد فيها محاولة ..... ليتم ظهور تفضيل الحجارة على قلوبهم في أحوالها التي نهايتها الامتثال للأمر التكويني مع تعاصي قلوبهم عن الامتثال للأمر التكليفي " .
و أختم بالتفسير الكبير للرازي الذي يقول فيه : " إنما وصفها بأنها أشد قسوة لوجوه.
أحدها: أن الحجارة لو كانت عاقلة ولقيتها هذه الآية لقبلنها كما قال:{ لَوْ أَنزَلْنَا هَـٰذَا ٱلْقُرْءانَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَـٰشِعاً مُّتَصَدّعاً مّنْ خَشْيَةِ ٱللَّهِ }[الحشر: 21]. وثانيها: أن الحجارة ليس فيها امتناع مما يحدث فيها بأمر الله تعالى وإن كانت قاسية بل هي منصرفة على مراد الله غير ممتنعة من تسخيره، وهؤلاء مع ما وصفنا من أحوالهم في اتصال الآيات عندهم وتتابع النعم من الله عليهم يمتنعون من طاعته ولا تلين قلوبهم لمعرفة حقه وهو كقوله تعالى:{ وَمَا مِن دَابَّةٍ فِى ٱلأرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ }[الأنعام: 38] إلى قوله تعالى:{ وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـايَـٰتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِى ٱلظُّلُمَـٰتِ } [الأنعام: 39] كأن المعنى أن الحيوانات من غير بني آدم أمم سخر كل واحد منها لشيء وهو منقاد لما أريد منه . وهؤلاء الكفار يمتنعون عما أراد الله منهم. وثالثها: أو أشد قسوة، لأن الأحجار ينتفع بها من بعض الوجوه، ويظهر منها الماء في بعض الأحوال، أما قلوب هؤلاء فلا نفع فيها ألبتة ولا تلين لطاعة الله بوجه من الوجوه...
... ثم إنه سبحانه وتعالى فضل الحجارة على قلوبهم بأن بين أن الحجارة قد يحصل منها ثلاثة أنواع من المنافع، ولا يوجد في قلوب هؤلاء شيء من المنافع. " .