الحمد لله رب العالمين
سورة يونس من السور التي تتضمن نبوءات مستقبلية، وهي تلك المشار إليها في بداية السورة بقوله تعالى : تلك آيات الكتاب الحكيم.
والكتاب الحكيم هو القرآن الكريم، فكيف تكون قصص قوم نوح وآل فرعون وقوم يونس آيات الكتاب الحكيم والقرآن الحكيم أنزل من بعدها !!
إذن فهي أمثال ضربت لما سيحدث في عهد الكتاب الحكيم، إنها قصص لها علاقة بالماء.
فقد ضربت قصة قوم نوح مثلا لقوم سيهلكهم الله بالماء ( وما أدرانا أنها قد تكون تحققت بكارثة تسونامي الذي ضرب شرق آسيا مؤخرا !!).
وضربت قصة غرق فرعون مثلا لفرعون آخر سيهلكه الله بالغرق.
ومن رحمة الله تعالى أن بين لهؤلاء طريق الوقاية والنجاة حيث ذكر قصة قوم يونس ليدلنا على أن هؤلاء عليهم أن يقتدوا بقوم يونس فيعودوا إلى الإيمان لينفعهم إيمانهم كما نفع قوم يونس إيمانهم فينجيهم
الله من العذاب ، ولو أنهم أنابوا إلى الله واعترفوا بظلمهم لنجاهم الله
، ولهم في يونس عليه السلام قدوة حسنة إذ نجاه الله من الغرق فبعث الله إليه حوتا ليلتقمه، فلو لم يلتقمه الحوت لما استطاع أن يصمد كثيرا فوق الماء حتى ولو كان يحسن السباحة لأن قواه ستخور إذا كان بعيدا عن الشاطئ ، ثم أنجاه الله مرة أخرى بأن ألقاه الحوت على الشاطئ.
إذن فالسورة سميت بسورة يونس ليقتدي هؤلاء المنبأ بإهلاكهم بالماء بسيدنا يونس وبقومه. .
أخي الكريم / عبدالرحيم
بارك الله فيك ، لهذا السؤال ..
فنحسب خلفه تدبر ، وتعظيم لله سبحانه ..
والحق أن هذا السؤال يبدأ من ثاني سور القرآن :
فان كانت الفاتحة لافتتاح الكتاب بها ! فلم البقرة ؟ ثم آل عمران ثمّ النساء ...ثمّ ... ثمّ محمد!!!
لم يونس أول الكتاب ، و تكون سورة نوح في آخره ؟
وبينهما سورة ابراهيم صاحب الملة والبرهان ؟!
معكم ، في التساؤل .. بارك الله فيكم .
سميت في المصاحف وفي كتب التفسير والسنة سورة يونس لأنها انفردت بذكر خصوصية لقوم يونس أنهم آمنوا بعد أن توعدهم رسولهم بنزول العذاب فعفا الله عنهم لما آمنوا . وذلك في قوله تعالى ( فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين ) . وتلك الخصوصية كرامة ليونس عليه السلام وليس فيها ذكر ليونس غير ذلك . وقد ذكر يونس في سورة الصافات بأوسع مما في هذه السورة ولكن وجه التسمية لا يوجبها
والأظهر عندي أنها أضيفت إلى يونس تمييزا لها عن أخواتها الأربع المفتتحة بـ ( ألر ). ولذلك أضيفت كل واحدة منها إلى نبي أو قوم نبي عوضا عن أن يقال : آلر الأولى وألر الثانية . وهكذا فإن اشتهار السور بأسمائها أول ما يشيع بين المسلمين بأولى الكلمات التي تقع فيها وخاصة إذا كانت فواتحها حروفا مقطعة فكانوا يدعون تلك السور بآل حم وآل ألر ونحو ذلك .
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أخي الفاضل عبد الحميد حسن وفقك الله
أوافقك أن لا فائدة في معرفة اسم امرأة فرعون أو في البحث عن كيفية موتها أو السؤال عن مكان كهف أصحاب الكهف ..و بما أن الله أخفى عناهذه الأمور فلا نشك أن لا فائدة مرجوة في معرفتها و أننا لن نُسأل عن ذلك يوم القيامة . و هذا من باب : علم لا ينفع و جهل لا يضر .
كما أوافقك على أن أسماء السور أمر توقيفي
و لكن
هذا لا يمنع أن نبحث عن سبب تسمية هذه السورة بسورة يونس مثلا . لقد كان السلف يتفكرون في القرآن فكانوا يبحثون عن سبب وجود آية ما بين آيتين مثلا أو عن الرابط بين سورة معينة و التي تليها إلى غير ذلك . مع أنهم كانوا يعلمون أن ترتيب الآي و السور أمر توقيفي .
ألا يدخل هذا في معنى قوله تعالى " أفلا يتدبرون القرآن " ؟
إلى الإخوة الأكارم عبد الرحيم و أبو علي و خالد
بارك الله فيكم على إثارة هذا الموضوع . و قد رأيت من الصالح أن أنقل لكم ما كتبه ابن عاشور في آخر المقدمة الثامنة ( من التحرير و التنوير) و الخاصة باسم القرآن و آياته و سوره و ترتيبها و أسمائها . وهي جديرة بالقراءة و التأمل . فإليكموها مختصرة :
...وتسوير القرآن من السنة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم . فقد كان القرآن يومئذ مقسما إلى مائة وأربع عشرة سورة بأسمائها ولم يخالف في ذلك إلا عبد الله بن مسعود فإنه لم يثبت المعوذتين في سور القرآن وكان يقول " إنما هما تعوذ أمر الله رسوله بأن يقوله وليس هو من القرآن " وأثبت القنوت الذي يقال في صلاة الصبح على أنه سورة من القرآن سماها سورة الخلع والخنع . وجعل سورة الفيل وسورة قريش سورة واحدة .وكل ذلك استنادا لما فهمه من نزول القرآن . ولم يحفظ عن جمهور الصحابة حين جمعوا القرآن أنهم ترددوا ولا اختلفوا في عدد سوره وأنها مائة وأربع عشرة سورة روى أصحاب السنن عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا نزلت الآية يقول : ضعوها في السورة التي يذكر فيها كذا . وكانت السور معلومة المقادير منذ زمن النبي صلى الله عليه وسلم محفوظة عنه في قراءة الصلاة وفي عرض القرآن فترتيب الآيات في السور هو بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك عزا ابن عطية إلى مكي بن أبي طالب وجزم به السيوطي في الإتقان وبذلك يكون مجموع السورة من الآيات أيضا توقيفيا ولذلك نجد في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في الصلاة سورة كذا وسورة كذا من طوال وقصار ومن ذلك حديث صلاة الكسوف وفي الصحيح أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يزوجه امرأة فقال له النبي : هل عندك ماتصدقها ؟ قال : لا فقال : ما معك من القرآن ؟ قال : سورة كذا وسورة كذا لسور سماها فقال " قد زوجتكها بما معك من القرآن " ....
وأما أسماء السور فقد جعلت لها من عهد نزول الوحي والمقصود من تسميتها تيسير المراجعة والمذاكرة وقد دل حديث ابن عباس الذي ذكر آنفا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا نزلت الآية " ضعوها في السورة التي يذكر فيها كذا " فسورة البقرة مثلا كانت بالسورة التي تذكر فيها البقرة . وفائدة التسمية أن تكون بما يميز السورة عن غيرها . وأصل أسماء السور أن تكون بالوصف كقولهم السورة التي يذكر فيها كذا ثم شاع فحذفوا الموصول وعوضوا عنه الإضافة فقالوا سورة ذكر البقرة مثلا ثم حذفوا المضاف وأقاموا المضاف إليه مقامه فقالوا سورة البقرة . أو أنهم لم يقدروا مضافا - وأضافوا السورة لما يذكر فيها لأدنى ملابسة .
وقد ثبت في صحيح البخاري قول عائشة رضي الله عنها " لما نزلت الآيات من آخر البقرة الحديث " وفيه عن ابن مسعود قال قرأ رسول الله النجم . وعن ابن عباس أن رسول الله سجد بالنجم .
وما روى من حديث عن أنس مرفوعا " لا تقولوا سورة البقرة ولا سورة آل عمران ولا سورة النساء وكذلك القرآن كله ولكن قولوا السورة التي يذكر فيها آل عمران وكذا القرآن كله " فقال أحمد بن حنبل هو حديث منكر وذكره ابن الجوزي في الموضوعات ولكن ابن حجر أثبت صحته . ويذكر عن ابن عمر أنه كان يقول مثل ذلك ولا يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ذكره البيهقي في شعب الإيمان وكان الحجاج بن يوسف يمنع من يقول سورة كذا ويقول قل السورة التي يذكر فيها كذا والذين صححوا حديث أنس تأولوه وتأولوا قول ابن عمر بأن ذلك كان في مكة حين كان المسلمون إذا قالوا : سورة الفيل وسورة العنكبوت مثلا هزأ بهم المشركون وقد روى أن هذا سبب نزول قوله تعالى ( إنا كفيناك المستهزئين ) فلما هاجر المسلمون إلى المدينة زال سبب النهي فنسخ وقد علم الناس كلهم معنى التسمية . ولم يشتهر هذا المنع ولهذا ترجم البخاري في كتاب فضائل القرآن بقوله " باب من لم ير بأسا أن يقول سورة البقرة وسورة كذا وسورة كذا " وأخرج فيه أحاديث تدل على أنهم قالوا سورة البقرة سورة الفتح سورة النساء سورة الفرقان سورة براءة وبعضها من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم وعليه فللقائل أن يقول سورة البقرة أو التي يذكر فيها البقرة وأن يقول سورة والنجم وسورة النجم وقرأت النجم وقرأت والنجم كما جاءت هذه الإطلاقات في حديث السجود في سورة النجم عن ابن عباس .
والظاهر أن الصحابة سموا بما حفظوه عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أخذوا لها أشهر الأسماء التي كان الناس يعرفونها بها ولو كانت التسمية غير مأثورة فقد سمى ابن مسعود القنوت سورة الخلع والخنع كما مر فتعين أن تكون التسمية من وضعه وقد اشتهرت تسمية بعض السور في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وسمعها وأقرها وذلك يكفي في تصحيح التسمية .
واعلم أن أسماء السور إما أن تكون بأوصافها مثل الفاتحة وسورة الحمد وإما أن تكون بالإضافة لشيء اختصت بذكره نحو سورة لقمان وسورة يوسف وسورة البقرة وإما بالإضافة لما كان ذكره فيها أوفى نحو سورة هود وسورة إبراهيم وإما بالإضافة لكلمات تقع في السورة نحو سورة براءة وسورة حم عسق وسورة حم السجدة كما سماها بعض السلف وسورة فاطر . وقد سموا مجموع السور المفتتحة بكلمة حم " آل حم " وربما سموا السورتين بوصف واحد فقد سموا سورة الكافرون وسورة الإخلاص المقشقشتين .
واعلم أن الصحابة لم يثبتوا في المصحف أسماء السور بل اكتفوا بإثبات البسملة في مبدأ كل سورة علامة على الفصل بين السورتين وإنما فعلوا ذلك كراهة أن يكتبوا في أثناء القرآن ما ليس بآية قرآنية فاختاروا البسملة لأنها مناسبة للافتتاح مع كونها آية من القرآن وفي الإتقان أن سورة البينة سميت في مصحف أُبي سورة أهل الكتاب وهذا يؤذن بأنه كان يسمى السور في مصحفه . وكتبت أسماء السور في المصاحف باطراد في عصر التابعين ولم ينكر عليهم . قال المازري في شرح البرهان عن القاضي أبي بكر الباقلاني : إن أسماء السور لما كتبت المصاحف كتبت بخط آخر لتتميز عن القرآن وإن البسملة كانت مكتوبة في أوائل السور بخط لا يتميز عن الخط الذي كتب به القرآن ....
....وفي حديث غزوة حنين لما انكشف المسلمون قال النبي صلى الله عليه وسلم للعباس " اصرخ يا معشر الأنصار يا أصحاب السمرة يا أصحاب سورة البقرة " فلعل الأنصار كانوا قد عكفوا على حفظ ما نزل من سورة البقرة لأنها أول السور النازلة بالمدينة وفي أحكام القرآن لابن العربي عن ابن وهب عن مالك كان شعارهم يوم حنين يا أصحاب سورة البقرة
وقد ذكر النحويون في الوقف على تاء التأنيث هاء أن رجلا نادى : يا أهل سورة البقرة بإثبات التاء في الوقف وهي لغة فأجابه مجيب " ما أحفظ منها ولا آية " محاكاة لِـلُـغـته.