[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]
أخي العزيز طالب المعالي وفقه الله
كانت الحلقة عن مبادئ علم التجويد ، ودعوت فيها بعد طول تدريسي لهذه المادة إلى التجديد والابتكار في تدريسها باستخدام الأجهزة التقنية الحديثة التي يستخدمها علماء الأصوات والأطباء المتخصصون في الصوتيات (الحنجرة والأحبال الصوتية) . والذي دعاني لذلك أسباب :
- عدم القدرة على إيصال وصف مخارج الحروف وصفات الحروف لأذهان الطلاب ، وبالتالي عدم استيعاب الطلاب للموضوع . وهذا يقع بنسبة كبيرة.
- عدم وجود حيوية في تدريس هذه المادة بشكلها النظري بخلاف دراستها بطريقة تطبيقية عملية.
- أن هذه الطريقة في التدريس مطبقة بصرامة في تدريس مادة اللغة الانجليزية وغيرها ، وتهيئ معامل صوتية في هذه الكليات والأقسام ، بخلاف أقسام علوم القرآن مع أنهما في جامعة واحدة غالباً. فما الذي جعلنا نحرص على مخارج الحروف الانجليزية مع عدم ارتباطها بكتاب مقدس عندنا ، واللحن في مخارج حروفها لا يترتب عليه حكم شرعي ، ونهمل دراسة مادة التجويد بهذه الطرقة الممتعة مع أنه ألصق علوم القرآن بالقرآن لارتباطه بلفظه ؟
وقد كنت بدأت في محاولة عملية لتدريس هذه المادة مستعيناً في ذلك ببعض الأجهزة المتاحة في كلية اللغة العربية في جامعة الملك خالد عندما كان قسم اللغة الانجليزية تابعاً لها ، ثم انفصلت كلية اللغات والترجمة عن كلية اللغة العربية فابتعدت المعامل عن كلية الشريعة فتركت الأمر إلى حين . ثم لما طرحت هذه الأفكار في البرنامج ، أردت العودة لكتابة مقالة موسعة في ملتقى التفسير هذين اليومين حول الموضوع ، وسأفعل إن شاء الله ، بيد أن سؤالك دعاني لتقديم هذه اللمحة الموجزة ، تلبية لطلبك ، فاقبل هذه اللمحة الموجزة
وقد وجدت بعض الأجهزة التي يمكن الاستفادة منها في هذا الغرض ، في معرفة مخارج الحروف بدقة ، ومعرفة صفات هذه الحروف من الشدة والجهر ونحوها ، ثم معرفة مقادير الغنة ومخرجها ، ومدى الإخفاء في النون الساكنة والتنوين عندما يليها حرف من حروف الإخفاء الخمسة عشر ، فإن علماء التجويد قد تنبهوا لهذا قديماً ، فقالوا : إن إخفاء الغنة في حروف الإخفاء ليس على درجة واحدة . وإنما هو يزيد وينقص بالنظر إلى مخرج الحرف الذي يلي النون .
ومن الشركات التي رأيتها عنيت بتصنيع هذه الأجهزة شركة KayPENTAX ، وهي شركة أمريكية تعمل في هذا المجال منذ أكثر من أربعين عاماً ، ولها موقع على الانترنت به صور للأجهزة وكيفية استعمالها ، وهذا موقعها :
http://www.kayelemetrics.com/ . وخاصة تحت Product Information .
[line]
ومن الأجهزة التي تنفعنا في هذا :
1- جهاز Stroboscopy لتصوير الحنجرة . وهذه صورته .
[align=center]
[/align]
وهذا يساعد على معرفة مخارج الحروف الحلقية ، وتحقيق كلام العلماء في ذلك ومدى دقته ، ومعرفة معنى قولهم : أقصى الحلق ، ووسطه ، وأدناه ، ويكشف هذا الجهاز عن وضع الأوتار الصوتية أثناء الكلام ، مما يساعد في معرفة كيفية حدوث صفة الجهر والهمس . وكيف تكون هذه الصفات. ومن أفضل ما رأيته في هذا الجهاز أيضاً أنه يكشف عن وضع غضروف الحنجرة المسمى بالغلصمة أثناء نطق الحروف المفخمة كالصاد والظاء ، واسمه بالانجليزية (Epiglottis) .
حيث يذهب علماء الصوتيات الحديثة إلى أن التفخيم للحروف يحدث بتقعر لوسط اللسان مع تضييق في الحلق ، وكشف منظار الحنجرة أن مكان هذا التضييق يكون عند غضروف الغلصمة هذا. ولهذا الجهاز فوائد تظهر بالتجربة والتطبيق ، وله صور واضحة جداً لكل هذه المراحل التطبيقية. ومما أعجبني أن هناك تفاوت طفيف في نطق الحرف الواحد عند المتكلمين ، بحسب درجة الصوت. ولعلي إن شاء الله في بحث موسع أبين هذا بالصور الموضحة ، والجداول المبينة في المستقبل.
[line]
2- جهاز Nasometer وهو مفيد لقياس الغنة ومخرجها ، وهو من أهم الأجهزة لمعرفة مقادير الغنة في الحروف الأنفية كالميم والنون ، وفي معالجة بعض العيوب النطقية كمن يتكلم من أنفه ، أو يخرج بعض الحروف غير الأنفية مختلطة بالغنة. كما يساعد وهذه من أهم وظائفه في تحديد نسة غنة النون عند حروف الإخفاء الخمسة عشر ، وقد أشار المتقدمون إلى تفاوت غنة النون عند حروف الإخفاء الخمسة عشر بحسب قرب هذه الحروف إلى النون أو بعدها عنها. قال أبو عمرو الداني:(وإخفاؤهما على قدر قربهما وبعدهما ، فما قربا منها كانا عنده أخفى مما بعدا عنه)[التحديد في الإتقان والتجويد 115]. وفي هذا تجارب ممتعة يسر الله كتابتها وبيانها.
[line]
3- جهاز Palatometer لقياس مخارج حروف الحنك اللسانية ، وهو مخرج القاف والكاف والجيم والشين والياء . والجهاز موجود في موقع الشركة السابق.
[line]
4- جهاز Spectrogram لتحليل الطيف. وهو من أهم الأجهزة التي تساعد في عملية تصحيح النطق وتجويد الحروف ، حيث يقوم بعرض صورة مرئية للنطق تكشف عن خصائص الكلمة المنطوقة . وهذا ينفع في معرفة صفات الحروف وخاصة التفخيم والترقيق ولإطباق ونحوها.
ولا أشك أن هناك أجهزة أخرى مهمة في هذا الموضوع ، وبعضها ربما يكون يجمع هذه الوظائف كعادة الشركات التي أصبحت تصنع جهازاً يجمع وظائف متعددة كما نرى في الطابعات التي تشتمل على فاكس وآلة تصوير وسكانر معاً .
وقد تحدثت مع أحد الزملاء في كلية اللغات والترجمة ممن تخصصوا في هذا الجانب الصوتي للغة الانجليزية ، فسعد بهذا سعادة غامرة ، ووعدني بأن يشرح لي كيفية عمل الأجهزة المتوفرة لديهم في الكلية ، والبحث عن أفضل الطرق للاستفادة منها في باب تدريس التجويد ، وقال : لقد كنت أتعامل مع هذه الأجهزة تعاملاً آلياً من قبل هذا ، ولم يخطر ببالي توظيفها في تدريس تجويد القرآن ، فلعلك تفتح لنا باباً إلى هذا النفع . قلت : نسأل الله التوفيق والعون ، ولا أشك أن غيري من الفضلاء قد سبقني إلى بحث مثل هذه المسائل ، وللدكتور غانم قدوري الحمد قصب السبق في هذا الجانب ، وكل من تصدى بعده لإنشاء مقامة ، ولو أوتي بلاغة قدامة ، لا يغترف إلا من فُضالته ، ولا يسري ذلك المسرى إلا بدلالته ، وكنت عزمت على عرض كتابه القيم (الدراسات الصوتية عند علماء التجويد) في الحلقة التي عرضت في قناة المجد ، ولكن ضاق الوقت عن ذلك وعن غيره فالحمد لله.
وأختم جوابي المختصر لأخي طالب المعالي بالإشارة إلى كتاب قيم في هذا الموضوع ، اطلعتُ عليه على عجل ، وأنوي إعادة دراسته لعرضه عرضاً دقيقاً ، عنوان :
[align=center]التجويد القرآني - دراسة صوتية فيزيائية
للدكتور محمد صالح الضالع
أستاذ علم الصوتيات بكلية الآداب بجامعة الاسكندرية[/align]
وقد صدرت طبعته الأولى عن دار غريب للنشر بالقاهرة عام 2002م . وهذه صورة غلافه .
[align=center]
[/align]
ويضم هذا الكتاب أربع دراسات تناولها الباحث على مدى سنوات من العمل والتطبيق ، وهي :
- الغنة .
- الإخفاء .
- القلقلة .
- الاختلاس.
ولنا عودة له إن شاء الله إن كتب الله في العمر بقية .