سؤال عن طالوت؟؟

أبو عاتكة

New member
إنضم
20/05/2004
المشاركات
260
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
يقول الله تعالى [color=33CC00](( فلما فصل طالوت بالجنود قال إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده......) )[/color] الآية هل طالوت أخبر عن هذا النهر عن طريق نبي قومه الذي كان معه أم أن طالوت هو نفسه نبي ؟ قد يقال أنه لا فائدة ترجى من معرفة ذلك لكنه ورد على خاطري عند قراءة هذه الآيات فأحببت أن أستفيد من علمكم وأتمنى أن تتحملوا أسألتي التي ربما ستكون كثيرة تحتاج منكم إلى صبر وطول بال !
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أخي أبا عاتكة، لعلي أرى أن سؤالك منه نفع كبير، لأنه إن ثبت أن طالوت هو الذي أمر قومه هذا الأمر، فسيترتب عليه سؤال آخر: طالوت ملك وليس بنبي، فكيف يوحى إليه بحكم شرعي؟ لأن الوحي بالأمر الشرعي لا يكون إلا لنبي.
فإن قيل أنه هو الآمر - وهو المتبادر - فهذا إشكال ظاهر.
لكن يمكن - والله أعلم - أن يقال هو لم يوح إليه بذلك من الله تعالى، لكن هو قد صنع هذا الاختبار من تلقاء نفسه اختباراُ لجنده، ونسب الأمر لله تعالى فقال: ( إن الله مبتليكم بنهر ) لأن الله تعالى أمرهم بطاعة الأمير، فكانت طاعته ابتلاء لهم من الله تعالى، كغيرها من الأوامر.
وهذه المسألة مهمة، لأنه لو قلنا بجواز الوحي بأمر شرعي إلى غير نبي، لهلل الصوفية ولكبروا، ليستدلوا علينا بما يوحي الشياطين إلى رؤوسهم، ويسمونه كشفاً أو إشراقاً أو مناماً أو غيرها.
والله أعلم.
 
بسم الله الرحمن الرحيم

قال ابن عطية : ( وظاهر قول طالوت إن الله مبتليكم هو أن ذلك بوحي إلى النبي وإخبار من النبي لطالوت ويحتمل أن يكون هذا مما ألهم الله طالوت إليه فجرب به جنده وجعل الإلهام ابتلاء من الله لهم .)

وقال القرطبي : ( استدل من قال إن طالوت كان نبيا بقوله إن الله مبتليكم وأن الله أوحى إليه بذلك وألهمه وجعل الإلهام ابتلاء من الله لهم ومن قال لم يكن نبيا قال أخبره نبيهم شمويل بالوحي حين أخبر طالوت قومه بهذا وإنما وقع هذا الابتلاء ليتميز الصادق من الكاذب .)
 
توجيه جيد أخي فيصل لمسألة كون الآمر طالوت نفسه وهو ملك وليس بنبي ولكن ألا يشكل على هذا كونه ترتب على معصية هذا الأمير انقسامهم إلى مؤمنين وغير مؤمنين إذ قال الله تعالى [color=33CC00](( فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه ...))[/color] فدل على أن الذين لم يجاوزوه لم يكونوا مؤمنين وهذا الأمر لا يتأتى بمعصية الأمير إنما هو متعلق بحكم من الله تعالى . فما رأيك ؟
 
السلام عليكم أخي أبا عاتكة،
أما الإشكال الذي طرحته بارك الله فيك، فهو حاصل سواء قلنا أن الأمر كان من الله مباشرة، أو بأن الله أمرهم بالائتمار لأمر طالوت. لأنهم على الأول خالفوا أمر الله، وهذه معصية، والمعصية لا تستلزم الكفر. وعلى الثاني كذلك.
لكن يمكن دفعه بأن الإيمان المقصود هنا هو الإيمان الكامل الكمال الواجب، كما في نفي الإيمان في قوله تعالى: ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بيننهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً ). فالنفي هنا ليس نفياً لمطلق الإيمان ( أي أصل الإيمان ) ولكنه نفي للإيمان المطلق ( أي كمال الإيمان الواجب ).
ونحو ذلك في القرآن والسنة كثير. ومن السنة قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ).
وهذا هو الأصل في نفي المسميات الشرعية في الكتاب والسنة، أنه لنفي الكمال الواجب. كما في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ( من سمع النداء فلم يجبه، فلا صلاة له إلا من عذر ) فهنا نفى عنه مسمى الصلاة، والمنفي بذلك إنما هو الكمال الواجب، لا أصل الصلاة، فيكون الحكم به الإثم مع صحة الصلاة، لا بطلان الصلاة. ونحو ذلك.
ونحو هذا ذكره شيخ الإسلام في كتاب الإيمان الكبير على ما أذكر، والله أعلم.
هذا وأذكر أخي أن ما طرحتُه من جواب سابق هو - كما ذكرت - أنه يمكن ولا يمتنع، ولا أجزم به. والله أعلم بمراده.
ولعل شيخنا الفاضل أبا مجاهد بارك الله فيه، قد كفى ووفى بالنقل عن مفسرين كبار، وفي كلامهم نحو الذي ذكرتُ، وفي نقله جزاه الله خيراً الغنية إن شاء الله.
 
عودة
أعلى