الحمد لله والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى..وبعد:
أحبابي في الله..وإخوتي الشرفين..
يوجد عدة أحاديث تدل على أن عز وجل يسمع ويبصر..
فهل لي أن أعرفها منكم..
وما هو موقع الأحاديث المصداقة التي لا شك في تحريفها.
أخي الكريم أرجو أن تجد بغيتك في موقع ( الدررالسنية ) ، وهناك كتب كثيرة في هذا الباب من أفضلها للمعاصرين ( صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة ) للشيخ علوي السقاف .
من الأحاديث التي تدل على إثبات صفة السمع لله عز وجل ما ثبت في الصحيح من حديث عائشة رضي الله عنها موقوفاً : الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات ؛ لقد أتت المجادلة تشتكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإني لفي جانب الحجرة يخفى علي بعض حديثها. أو كما قالت رضي الله عنها.
صفةُ السمع عند أهل السنة صفةٌ أزليَّة قائمة بذاته تعالى، تتعلَّق بالمسموعات أو بالموجودات فتدرك إدراكًا تامًا، لا عن طريق التَّخيل والتَّوهم، ولا عن طريق تأثّر حاسَّة ووصول هواء، والبصر صفة أزلية قائمة بذاته تعالى متعلقة بالمبصرات أو الموجودات، فالسمعُ والبصر صفتان ينكشف بهما الشيء ويتضح كالعلم، إلا أنَّ الانكشاف بهما يزيد على الانكشاف بالعلم ( 1)، أمَّا المعتزلة فالراجحُ عندهم أنَّ الله سميع بصير بمعنى أنَّه حيٌّ لا آفةَ به، فالمرجع عندهم إلى أنَّ الله حي، ولا صفة زائدة على ذلك ( 2).
وقد جمع الله تعالى وصف نفسه بالسميع البصير في آيات كثيرة منها: قال تعالى: ]إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ[ [ الحج: الآية 75، المجادلة 1 ]، وقال تعالى: ( إن الله كان سميعا بصيرا) ( النساء: الآية 58) وقال تعالى: ( إن الله هو السميع البصير) ( غافر: الآية 20)ووصف تعالى نفسه بالسميع العليم في آيات كثيرة ، كما وصف نفسه بالبصير في آيات أخرى. والأحاديث جاءت لتأكد هذا الوصف ومنها:
1- حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: كنَّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة فجعلنا لا نصعد شرفًا ولا نعلو شرفًا ولا نهبط في وادٍ إلا رفعنا أصواتنا بالتكبير قال: فدنا منَّا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (( يا أيُّها الناسُ اربَعوا على أنفسكم؛ فإنَّكم لا تدعون أصمّ ولا غائباً إنَّما تدعون سميعًا بصيرًا، ... )) ( 3).
2- حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قال: بسم الله الذي لا يضرُّ مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، لم يضرَّه شيء...)) ( 4).
3- حديث عائشة رضي الله عنها قالتْ : (( الحمد لله الذي وسع سمعُه الأصوات، فأنزل الله تعالى على النَّبي صلى الله عليه وسلم :] قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا[ [ المجادلة: الآية :1] )) ( 5).
4- حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنَّه قرأ:] إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا [ إلى قوله تعالى: ]إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً [[النساء: الآية 58 ] ووضع إبهامه على أذنه والتي تليها على عينه ، قال أبو هريرة رضي الله عنه: (( رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها ويضع إصبعيه)) ( 6).قال البيهقي: " قلتُ: والمراد بالإشارة المروية في هذا الخبر تحققُ الوصف لله عزَّ وجلَّ بالسمع والبصر، وأفاد هذا الخبر أنَّه سميع بصير، له سمع وبصر، لا على معنى أنَّه عليم" (7 ).
5- حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إنَّ الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل النهار، وعمل النهار قبل الليل، وحجابه النور، لو كشفها لأحرقتْ سُبحات وجهه كلَّ شيء أدركه بصره ))(8 ).
فهذه بعض الأحاديث التي يستدلُّ بها على صفتي السمع والبصر لله تعالى، وهي لم تصرح بأنَّ لله سمعًا وبصرًا - إلا ما جاء من كلام السيدة عائشة في الحديث الثالث، أنَّها وصفت الله تعالى بأنَّ سمعه وسع الأصوات، وما جاء في حديث أبي موسى الأشعري " أدركه بصره" ، وهنا يرد اعتراض أورده الدسوقي في حاشيته، والباجوري في تحفة المريد وهو أنَّ الآيات والأحاديث تتكلَّم عن إثبات كونه تعالى سميعًا بصيرًا، وهو غير المدَّعى، فأجاب كل منهما عن ذلك بأنَّ أهل اللغة لا يفهمون من سميع وبصير إلا ذاتًا ثبت لها السمع والبصر؛ لأنَّ إطلاق المشتق وصفًا لشيء يقتضي ثبوت مأخذ الاشتقاق، فثبت المراد بالآية والحديث والإجماع، مع ضميمة ما يفهمه أهل اللغة( 9).
( 1 ) راجع: عبد السلام اللقاني المالكي: شرح الجوهرة ص 88-89 ، والسنوسي : شرح أم البراهين مع حاشية الدسوقي ص 110، 111. فهناك من المعتزلة من أرجع هاتين الصفتين إلى العلم، فقال الجرجاني: فالمسلمون اتفقوا على أنَّه تعالى سميع بصير واختلفوا في معنى ذلك، فقال الكعبي وأبو الحسين البصري: المراد بذلك العلم، وقال جمهور المتكلمين إنَّهما صفتان زائدتان على العلم. ( راجع: الجرجاني: شرح المواقف 8/89).
(2 ) قال أبو رشيد النيسابوري:" فلما علمنا أنَّ القديم تعالى أو غيره لا يكون حيًا بلا آفة إلا وهو سميع بصير، أو لا يكون هو أو غيره سميعا بصيرًا إلا وهو أو غيره حيٌّ لا آفة به، علم أنَّ المرجع بذلك إلى كونه حيا بلا آفة" ( ديوان الأصول ص 570). وراجع أيضًا: القاضي عبد الجبار: المحيط بالتكليف ص 135، 136.
(3 ) أخرجه البخاري : كتاب القدر ، باب لا حول ولا قوة إلا بالله، رقم الحديث 6120 .
( 4 ) أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات ، باب ما جاء في الدعاء إذا أصبح وإذا أمسى.
( 5 ) أخرجه البخاري معلقاً: كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: "وكان الله سميعًا بصيرًا " ، وأخرجه النسائي: كتاب الطلاق، باب الظهار، رقم الحديث 3406 وأخرجه ابن ماجه: كتاب المقدمة، باب فيما أنكرت الجهمية، رقم الحديث 184، وكتاب الظهار، باب الطلاق، رقم الحديث 2053 ، وأخرجه أحمد في المسند: باقي مسند الأنصار، مسند السيدة عائشة، رقم الحديث 23063.
( 6) عند أبي داود بلفظ قريب وفيه زيادة: كان أبو هريرة يقرأ هذه الآية: ] إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا [إلى قوله تعالى: ] سميعًا بصيرًا [ [ النساء الآية 58 ] قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع إبهامه على أذنه والتي تليها على عينه . قال أبو هريرة: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها ويضع إصبعيه . قال ابن يونس: قال المقرئ : يعني:" إن الله سميع بصير" يعني: " أنَّ لله سمعًا وبصرًا " قال أبو داود: وهذا ردٌّ على الجهمية.( أخرجه أبو داود: كتاب السنة، باب في الجهمية ، رقم الحديث 4103 ).
( 7 ) البيهقي:الأسماء والصفات ص 179-180.
( 8) أخرجه مسلم: كتاب الإيمان ، باب في قوله إنَّ الله لا ينام وفي قوله حجابه النور، رقم الحديث 263.
( 9 ) راجع:الدسوقي: حاشية على أم البراهبن ص 170-171، الباجوري: