سؤال عن "إِذَا قَضَى "

مصطفى سعيد

New member
إنضم
07/08/2007
المشاركات
788
مستوى التفاعل
4
النقاط
18
السلام عليكم
قوله تعالى " وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُّبِيناً " الأحزاب 36
جاء فى سياق مسألة التبنى مما قد يدل على أن قضى فى الآية تعنى حكم ؛
فهل يستدل بالآية عند الكلام عن الغيب الذى لم يقض بعد .
 
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

القضاء يطلق في النصوص ويراد به تارة القضاء الشرعي الديني الذي هو الأمر والنهي
ويطلق تارة أخرى ويراد به القضاء الكوني الذي هو نافذ الوقوع
فالقضاء الشرعي الذي هو الأمر والنهي يجب على العبد فيه الطاعة والتسليم وليس له خيرة في المخالفة كما هو مدلول هذه الآية الكريمة.
وأما القضاء الكوني فهو كائن لا محالة، ولا اختيار للعبد فيه
ولا يعلم العبد بذلك إلا من طريقين:
الطريق الأول: طريق الوحي فإذا صح الخبر بوقوع أمر آمنا بذلك وصدقنا كالأخبار عن علامات الساعة والفتن والملاحم ونحو ذلك مما صح في النصوص أنه سيقع، وقد وقع شيء من ذلك هو من دلائل صدق الوحي وأنه حق.
الطريق الثاني: ما وقع فعلاً، فكل أمر وقع فهو بقضاء وقدر، حتى الشوكة يشاكها العبد، وحتى تساقط الأوراق من الأشجار كل في كتاب مبين.

وعليه فإن كان المراد بالغيب في السؤال هو ما قضى الله عز وجل أنه سيكون مما لا علم لنا به فهذا لا يتعلق به حكم على المكلف إلا الإيمان بأن الله فعال لما يريد وأنه الملك الحق الحكيم.
وأما القضاء الشرعي فقد اكتمل باكتمال شريعة الإسلام ويتفاوت علم الناس بأحكام الشريعة بحسب ما تبلغه علومهم وفهومهم والواجب في حقهم أنهم متى ما علموا حكم الله عز وجل وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم في مسألة من المسائل أن يقولوا: سمعنا وأطعنا.

فهذا جواب سؤالك إن أحسنتُ فهمه.


فائدة:
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: (اختيار الرب تعالى لعبده نوعان :
أحدهما : اختيار ديني شرعي فالواجب على العبد أن لا يختار في هذا النوع غير ما اختاره له سيده قال تعالى : {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم} فاختيار العبد خلاف ذلك مناف لإيمانه وتسليمه ورضاه بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد رسولاً
النوع الثاني : اختيار كوني قدري لا يسخطه الرب كالمصائب التي يبتلى الله بها عبده فهذا لا يضره فراره منها إلى القدر الذي يرفعها عنه ويدفعها ويكشفها، وليس في ذلك منازعة للربوبية، وإن كان فيه منازعة للقدر بالقدر.
فهذا يكون تارة واجباً، وتارة يكون مستحباً، وتارة يكون مباحاً مستوى الطرفين، وتارة يكون مكروهاً، وتارة يكون حراماً.
وأما القَدَر الذي لا يحبه ولا يرضاه مثل قَدَرِ المعائب والذنوب فالعبد مأمور بسخطها ومنهي عن الرضى بها.
وهذا هو التفصيل الواجب في الرضى بالقضاء وقد اضطرب الناس في ذلك اضطراباً عظيماً ونجا منه أصحاب الفرق والتفصيل).
 
السلام عليكم
بارك الله بك ؛ لقد أفدت وبينت

وأما القضاء الشرعي فقد اكتمل باكتمال شريعة الإسلام ويتفاوت علم الناس بأحكام الشريعة بحسب ما تبلغه علومهم وفهومهم والواجب في حقهم أنهم متى ما علموا حكم الله عز وجل وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم في مسألة من المسائل أن يقولوا: سمعنا وأطعنا.
والسؤال عن المسائل التى اختلف فيها العلماء هل لطرف أن يؤيد كلامه بمنطوق الآية
وخاصة فى الخبر بوقوع أمر ما
كنا نتحاور فى سماع الموتى ؛ ووضع محاورى نص الآية فتساءلت لأننى رأيت أن موضوع حوارنا ليس موضع استدلال بالآية ؛
جزاكم الله خيرا
 
السلام عليكم
بارك الله بك ؛ لقد أفدت وبينت
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

وبارك الله فيك ونفع بك


والسؤال عن المسائل التى اختلف فيها العلماء هل لطرف أن يؤيد كلامه بمنطوق الآية
وخاصة فى الخبر بوقوع أمر ماكنا نتحاور فى سماع الموتى ؛ ووضع محاورى نص الآية فتساءلت لأننى رأيت أن موضوع حوارنا ليس موضع استدلال بالآية ؛
جزاكم الله خيرا

مسألة سماع الموتى من المسائل الغيبية، ولأهل السنة فيها ثلاثة أقوال
والتحقيق في هذه المسألة أنها مرتبطة بالمشيئة فمن شاء الله أن يسمعه من الموتى أسمعه ، ومن لم يشأ الله أن يسمعه فلن يستطيع أحد إسماعه كما قال تعالى: (إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من القبور)
فالله تعالى يسمع من يشاء من الموتى وغيرهم فدلت الآية على ربط هذا الإسماع بالمشيئة.
وهذه المسألة لها نظائر كثيرة تبينها
منها: حديث الأرواح في المنام، فإن النوم موتة صغرى، فمن شاء الله أن يبلغه في منامه حديث روح أخرى من عالم الأحياء أو الأموات أبلغه
وليس للعبد في ذلك مشيئة ولا اختيار، ولذلك كان القول الصحيح في وصية الميت إذا رؤي في المنام بشيء يتعلق بذمته بعد موته من إقرار بدين أو دلالة على مال ونحو ذلك أنها معتبرة بالتحري كما أجاز أبو بكر رضي الله عنه العمل بوصية ثابت بن قيس بعد موته
وكذلك ما يبلغ بعض الأحياء في منامهم من أحوال بعض الأموات إنما هو بإبلاغ الله تعالى فيسرون بما يكونون عليه من حال حسنة
وليس هذا في مقدور الرائي واختياره وإنما هو من إبلاغ الله تعالى له
وكان عبد الله بن عمر يسأل الله تعالى أن يريه والده في المنام بعد مقتله
ولا يلزم منه أن الرائي يعلم جميع أحوال الميت، فكذلك مسألة السماع لا يلزم ثبوت السماع في مسائل أن يسمع الميت سماعاً كاملاً، وإنما يسمع بمقدار ما يسمعه الله
ولذلك كان قول أكثر أهل السنة أن الأصل عدم سماع الموتى وأن ما يكون من سماع دلت عليه النصوص مخصوص من النفي العام وهذه طريقة في الاستدلال يغني عنها ما تقدم من التقرير وإن كان المؤدى واحداً.

ومن نظائرها أيضاً: قول الله تعالى : (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) فالرمي المثبت غير الرمي المنفي
وكذلك قوله تعالى: (فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم)
فاختلاف جهة الإثبات عن جهة النفي تفيدك بحقيقة المعنى المراد
فالذي يسلم على الميت ويخاطبه لا يسمعه بذلك، وإنما الذي يسمعه هو الله
وأما كيف يكون ذلك الإسماع فهو أمر غيبي لا نعلم كيفيته.

والله تعالى أعلم
 
عودة
أعلى