الأخ عبد العزيز الضامر، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
هذه نبذة مختصرة عن البروفيسور عبد الله الطيب، وقد كان الرجل عميداً للأدب العربي بحقّ غير أنّ الإعلام لم يبرزه كما ينبغي، وكان ثروة علمية في اللغة العربية لم يعرف قدرها إلا أولئك الذين كرموه في المملكة العربية السعودية.
والرّجل عليه رحمة الله صاحب استشهادات وحجج قويّة في تفسير القرءان من ناحية المباحث اللغويّة، وهو مُجيدٌ قوي الحافظة من ناحية سرد الشواهد شعراً ونثراً.
للرجل له برنامج مشوّق يفسر فيه القرءان الكريم ويكثر فيه من الاستشهاد بالعاميّة السودانية لكنه برنامج يستهدف المستمع البسيط.
وهذه ترجمة مختصرة انتزعنها مما كتبه مروان الجبوري وهو كاتب عراقي مقيم في السودان. وهي على الرابط:
http://www.islamonline.net/arabic/famous/2005/01/article03.SHTML
أخي الحبيب: سأحاول – قدر طاقتي – أن أحصل لك على معلومات متكاملة حول الأمر الذي سألت عنه.
ولمعلومات أكثر يمكن للراغب البحث على محرك قوقل مع وضع الاسم هكذا بين علامتي تنصيص "عبد الله الطيب"
ولد عبد الله الطيب في الثاني من يونيو عام 1921م في قرية التميراب الواقعة بالقرب من مدينة الدامر في شمال السودان، وهو ينتسب إلى أسرة "المجاذيب" العربية التي اشتهرت بالعلم والأدب حتى سميت مدينة الدامر بـ"دامر المجذوب"، وقد اشتهرت هذه المدينة بأنها كانت مركزا لخلاوي القرآن التي اشتهر بها السودان منذ دخل الإسلام أراضيه.
وقد نشأ الطيب نشأة علمية كعادة أهالي تلك المنطقة فدخل الخلوة وتعلم القرآن وقرأ الشعر العربي القديم. وقد توفي والده وهو صغير ثم فجع بأخيه ثم بوالدته وأختيه وعدد من أقاربه، ولكنه أبى أن تصرفه هذه الظروف القاسية عن التحصيل العلمي، فواصل تعليمه حتى تخرج في كلية الآداب جامعة الخرطوم "كان اسمها حينذاك كلية غوردون" عام 1942م، ثم زار بريطانيا لأول مرة عام 1945م مبتعثا من قبل الحكومة الاستعمارية لإعداد المعلمين.
وفي تلك الرحلة التقى بشريكة حياته "جريزيلدا تريدول" التي كانت زميلة له في معهد التربية بلندن، ثم نال شهادته العلمية من جامعة لندن عام 1948م، وتقدم لنيل الدكتوراة في الأدب العربي من كلية الدراسات الشرقية والإفريقية عام 1950م، ثم عين محاضرا في تلك الكلية.
واستمرت مسيرته العلمية بعد ذلك؛ إذ أصبح بروفيسورا للغة العربية في جامعة الخرطوم ثم عميدا لكلية الآداب ثم مديرا لجامعة الخرطوم. وقد أصبح أستاذا فخريا مدى الحياة في جامعة الخرطوم التي منحته الدكتوراة الفخرية عام 1981م.
هذا بالإضافة إلى جهوده في تطوير المعاهد السودانية ومساهماته الفاعلة في تأسيس العديد من الجامعات في السودان ونيجيريا، وتدريسه في عدد من جامعات بريطانيا والسودان والمغرب ونيجيريا والكويت، وعضويته في العديد من المجامع اللغوية العربية، إضافة إلى رئاسته لمجمع اللغة العربية في السودان ومساهماته الأكاديمية في مختلف أنحاء العالم العربي وإفريقيا.
آثاره الباقية
كتب الدكتور عبد الله الطيب العديد من الكتب والبحوث والدراسات في اللغة العربية كان أشهرها على الإطلاق كتابه "المرشد في فهم أشعار العرب وصناعتها" الذي نال عنه جائزة الملك فيصل للأدب عام 2000 م، والذي كتبه في أربعة مجلدات وهو بحث في موسيقى الشعر العربي والأغراض التي يقال فيها.
كما نشر العديد من الأعمال الشعرية في كتب عدة منها: "أغاني الأصيل"، "أضواء النيل"، "بانات رامة" و"زواج السمر"، بالإضافة إلى كتبه "الحماسة الصغرى" وهي مختارات من الشعر العربي، و"الاتجاهات الحديثة في النثر العربي بالسودان"، و"الأحاجي السودانية"، و"مع أبي الطيب"، مع العديد من الكتب الأدبية والمسرحيات الشعرية، والعشرات من البحوث المجمعية.
وقد كانت له دروس في تفسير القرآن الكريم بإذاعة أم درمان ما بين عامي 1958 و1969م، طبع بعضها كتبا.
خاتمة المطاف
أصيب الدكتور عبد الله الطيب بسكتة دماغية عام 2000م، لم يستطع بعدها الكلام أبدا، حتى آن أوان رحيله في 19 يونيو (نفس شهر مولده) عام 2003م عن عمر ناهز اثنين وثمانين عاما.
وبرحيله فقد العالم العربي قامة سامقة من قامات اللغة العربية قلما تتكرر، فلم يكن العلامة الطيب مجرد شاعر أو أديب، وإنما كان موسوعة ناطقة في اللغة العربية استفاد من مؤلفاته وبحوثه جمع غفير من الأدباء والباحثين اللغويين في شتى أنحاء العالم العربي وخارجه.
وقد بكى عليه السودانيون جميعا ورثاه الرئيس السوداني وزعماء الأحزاب السياسية والطوائف الدينية، وكان موكب تشييع جنازته مهيبا حافلا بالجموع الغفيرة التي توافدت من أنحاء السودان المختلفة تخنقها الدموع والعبرات.
لم يكن عبد الله الطيب مجرد شخصية عابرة مرت وانقضى أثرها، وإنما كان أثرا خالدا وسفرا جليلا من أسفار لغتنا الجميلة التي تعاني عقوق أبنائها.
إن ضعف اللغة العربية وتدهور حالها عند الأجيال الجديدة يستدعي منا صحوة لغوية تبحث في فصاحة وبلاغة القدماء وتواكب روح العصر ولا تعيش في غربة عنه، وتستفيد مما في الآداب الأخرى من روعة وجمال دون الذوبان والانبهار الذي يفقدنا ذاتيتنا ويسلخنا من هويتنا العربية الأصيلة، ولعل هذه كانت رسالة العلامة عبد الله الطيب.