حسن التخلص من دقيق البلاغة ، وقد ذكره بعض علماء البلاغة ، وأنقل لك ما ذكره البغدادي في كتابه النفيس ( خزانة الأدب ) ، قال : ( حسن التخلص : هو أن يستطرد الشاعر المتمكن من معنى إلى معنى آخر يتعلق بممدوحه بتخلص سهل يختلسه اختلاسا رشيقا دقيق المعنى بحيث لا يشعر السامع بالانتقال من المعنى الأول إلا وقد وقع في الثاني لشدة الممازجة والالتئام والانسجام بينهما حتى كأنهما أفرغا في قالب واحد
ولا يشترط أن يتعين المتخلص منه بل يجري ذلك في أي معنى كان فإن الشاعر قد يتخلص من نسيب أو غزل أو فخر أو وصف روض أو وصف طلل بال أو ربع خال أو معنى من المعاني يؤدي إلى مدح أو هجو أو وصف في حرب أو غير ذلك ولكن الأحسن أن يتخلص الشاعر من الغزل إلى المدح
والفرق بين التخلص والاستطراد أن الاستطراد يشترط فيه الرجوع إلى الكلام الأول أو قطع الكلام فيكون المستطرد به آخر كلامه والأمران معدومان في التخلص فإنه لا يرجع إلى الأول ولا يقطع الكلام بل يستمر على ما يتخلص إليه ) .
ثم قال :
(وهذا النوع البديع ما اعتنى به غير حذاق المتأخرين وما نسجوه جميعه إلا على المنوال المذكور
ولعمري إنها طريقة بديعة ونوع من السحر يدل على رسوخ القدم في البلاغة وتمكن الذهن من البراعة وإن لم يكن كذلك لم يعد من أنواع البديع والقرائح تختلف فيه وتتفاوت ) .