سؤال حول الناسخ والمنسوخ (نرجو المشاركة)

سيف الدين

New member
إنضم
13/01/2006
المشاركات
126
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
سؤال: القرآن الكريم هو كلام الله ... والنسخ عند البعض هو رفع حكم آية بحكم آية اخرى ... والذين يقولون ان آية ما نسخت آية اخرى فانما يقولون ذلك وفق اجتهاد يقومون به , حيث يصعب عليهم التوفيق بين نصين فيكون المخرج عندهم القول بأن هذه الاية نسخت تلك ... ولو تأملنا القرآن الكريم من الدفة الى الدفة لما وجدنا كلمات صريحة تقول ان الاية هذه قد نسخت بالاية تلك, الامر الذي يثير شكا كبيرا ان مدار النسخ عند من قالوا بالنسخ هو اجتهاد ... فقد يقرأ القارىء في كتاب الله آيتين فيخيل اليه ان هناك تعارض لا ينفك الا بأن يقول بأن احدى الايتين نسخت الاخرى ... والسؤال الذي يؤرقني حقيقة, والذي أرجو ممن عنده اجابة شافية ان لا يبخل بها: ان الذين قالوا بالنسخ, انما نسخوا الايات باجتهادهم وليس بنص صريح من القرآن الكريم ... هل هذا الكلام كلام قويم؟ الاكثر ارباكا في الموضوع ان النسخ بهذا المعنى ان يرفع حكم آية انزلها الله عز وجل لفهم قاصر ... ولأزيد الموضوع ايضاحا نقول: هب ان هناك اية تعارضت بوجه من الوجوه مع العلم الحديث, فهل نشكّك في فهمنا للموضوع ام نتنازل للعلم؟ بالطبع لا احد يشك في اننا سوف نشكك في افهامنا ولا نقبل القول بالتعارض ... وشيء من هذا الوجه يحدث عندما نرى ايتين متعارضتين .. الا يجوز ان يكون التعارض هو في افهامنا فقط؟ لماذا نلجأ بسرعة الى القول بالنسخ؟ لماذا لا نرجىء المسألة الى من قد يحل الالتباس في وقت من الاوقات؟ لماذا نصر على ان افهامنا قد احاطت بكل شيء علما وانه لا سبيل الا بالقول بالتعارض ومن ثم بالنسخ؟

أرجو ان أكون قد أحسنت السؤال ... وارجو ألا يبخل من يملك الاجابة بالجواب او المناقشة

ولو اخذنا مثالا حديث : لا وصية لوارث .. البعض لم يستطع التوفيق بينه وبين اية المواريث, فلجأ الى القول بأن الحديث ينسخ القرآن وليس له سند الا هذا التعارض - في ذهنه - بين الحديث واية المواريث ... غير اننا نرى ان هناك من وفق بين الحديث والاية من دون اللجوء الى القول بالنسخ ... وهنا اتعجب اشد العجب: كيف يخوّل احد لنفسه ان يرفع حكما انزله الله في كتابه لمجرد انه لم يستطع ان يحل ارباكا ذهنيا واهم؟
 
الأخ الفاضل سيف دين جعلك الله سيفا على الظالمين
هذه المسألة أصولية دقيقة والجواب عليها بحاجة لجلسات ونقول وتمثيل لكن أجيبك بكلمات معدةدة يسيرة لعله يكون فيها نفع
أخي مسألة النسخ فهمها يتطلب تحقيقا دقيقا بها
لكن عليك التنبه أولا أن بعض (وقلت لك بعض) المتقدمين يطلقون النسخ على التخصيص لذا لا تحمل أقوالهم على انه نسخ بل هو تخصيص لعموم الآية
ثم أخي مسألة النسخ للآيات فإن إنزالها يكون بطريقين:
إما بالتصريح على أن الآية كذا ناسخة لما قبلها كآيتا المصابرة (الآن خفف الله عنكم) ففيها تنصيص صريح أخي على النسخ
وهناك طريقة أخرى بالإجتهاد أن يرى انه لا يمكن الجمع بين الآيتين ويعلم التاريخ فيقول بالنسخ، لكن للاسف كثيرا ما يتوسعون في هذا الباب بتوسع ليس بمحله، فمثلا يقولون أن آية السيف نسخت ما يزيد عن مئة وبضعة عشرة آية لانهم وجدوا تعارضا ظاهريا ، لكن بعض المحققين قال لا نلجأ للنسخ بل للجمع وللشيخ العثيمين كلام جميل في هذا في شرحه على الأصول
لذا الواجب على العالم أن لا يلجأ إلى النسخ إلى إذا بالفعل تيقن ان الاية فيها نسخ بالقرائن الملازمة للسياق والله تعالى أعلم
وإن يسر الله لي عودة للتفصيل بما بقي
 
إذا ثبت في نفوسنا أن الله عز وجل هو الحافظ لدينه وكتابه من كل تحريف، فلا شك سيثبت كذلك أنه لن يضيع حكم شرعي باجتهادٍ قاصرٍ، ولا بفهمٍ سقيم.
من هذه القاعدة علينا أن ننطلق في حكمنا على أمور ديننا، وإذا وجدنا أمراً مُشْكِلاً لا ينسجم مع هذه القاعدة، أو أيٍّ من أساسيات فكر المسلم فيجب أن نعترف ـ حينئذٍ ـ بقلة علمنا، ولا نقف عند هذا الاعتراف، بل نسارع إلى التعلم وكسر الحواجز التي بيننا وبين كتب العلم، فالعلم يطفئ الظمأ، ويعالج الأرق، وبارك الله في الأخ سيف الدين إذ سأل عن أمر يبدو أنه يؤرقه فعلاً ـ كما قال ـ، مما حثّني على القراءة والبحث، لعلي أستطيع أن أفيده بإذن الله، فيتصالح مع هذا الموضوع الشائك، فليس العيب أن نجهل، ولكن العيب أن نرضى بالجهل ونسكت.

أتفق مع ما تفضل به الأخ خادم الكتاب والسنة، وبما أنه لم يتمكن من التفصيل فأنا سأقوم به من خلال الإجابة على الأسئلة التالية التي استخرجتُها من مشاركة الأخ سيف الدين، سائلة الله التوفيق:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. هل القول بالنسخ يقوم على الاجتهاد؟
2. هل هناك آيات صريحة تبين أن هذا الحكم نُسخَ بذاك؟
3. إذا لم يكن، فما هو السبيل لمعرفة الحكم الشرعي بأنه ناسخ أو منسوخ؟
4. هل يجوز للقارئ إذا بدا له تعارض بين حكمين أن يسرع إلى القول بالنسخ؟ أم أن هذا من اختصاص العلماء الذين يستندون إلى حجة؟
5. هل يمكن أن نوفق بين قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا وصية لوارث"، وبين آية المواريث؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا يخفى أن النسخ هو رفع حكم شرعي بدليل شرعي متراخٍ عنه، من هنا تكمن خطورة النسخ؛ ذلك أنه يتعلق بإثبات أحكام شرعية وإزالة أحكام أخرى، وتترتب على هذا أفعال المكلَّفين التي يحاسبون عليها، ولذلك نجد أن موضوع النسخ موضوع مشترك بين (علوم القرآن) و(أصول الفقه)؛ إذ إن معرفة ناسخ القرآن ومنسوخه مما تُبنى عليه الأحكام الفقهية.
"إن أهمية النسخ وما يترتب عليه من نتائج أمرٌ لا بد فيه من الحيطة؛ لذا فإن الحكم على أحد النصين بأنه ناسخ أو منسوخ لا يخضع لاجتهاد المجتهدين، كما لا يؤخذ فيه بقول لا يستند إلى حجة، كما أن طريق النسخ لا يكون بالاجتهاد فإنه لا يُقبل فيه قول مُفسِّر حتى قول الصحابي ما لم يثبت بطريق صحيح، ويكون هذا القول مؤيداً بقرائن". [إتقان البرهان في علوم القرآن، د.فضل عباس، (11:2)].

أرأيت مدى الحرص والحيطة في الأمر، فالذي يقول بالنسخ وفق اجتهاد منه قوله مردود عليه ولا يلزمك الأخذ به.
"كما أنه ليس من طرق معرفة النسخ تقدُّم الآية أو تأخرها في كتاب الله، بحيث يقال إن الآية المتقدمة منسوخة، والمتأخرة ناسخة؛ لأننا نعلم أن ترتيب القرآن في المصحف يختلف عن ترتيب النزول.
ألا ترى إلى قوله تعالى: (والذين يُتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً) [البقرة:234] جاءت قبل قوله سبحانه: (والذين يُتوفون منكم ويذرون أزواجاً وصية لأزواجهم متاعاً إلى الحول..) [البقرة:240] والآية الأولى ناسخة والثانية منسوخة". [إتقان البرهان، (12:2)].

إذن فما هو السبيل لمعرفة الناسخ من المنسوخ؟
من طرق معرفة النسخ:
أولاً: أن يكون أحد النصين فيه دلالة على تأخره عن النص الآخر، وذلك مثل قوله تعالى: (آلان خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفاً فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين) [المائدة:66]، فإن في هذا النص دلالة على أنه متأخر عن قوله تعالى: (إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين) [الأنفال:65]، .. كذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها)، فإنه دالٌّ على تأخر الإباحة عن النهي.
ثانياً: من طرق معرفة النسخ الإجماع على تعيين المتقدم من النصين والمتأخر عنهما.
ثالثاً: أن يرد بطريق صحيح عن أحد الصحابة ما يفيد تعيين أحد النصين المتعارضين للسبق على الآخر، أو التراخي عنه، كأن يقول: نزلت هذه الآية بعد تلك الآية، أو نزلت هذه الآية قبل تلك الآية، او يذكر العام الذي نزلت فيه الآيتين.
أما قول الصحابي: هذا ناسخ وذاك منسوخ فلا ينهض دليلاً على النسخ، لجواز أن يكون صادراً في قوله هذا عن اجتهاد، بخلاف تعيين وقت النزول.
[انظر: مناهل العرفان، الزرقاني، (225:2)].

ولا يكون للقول بالنسخ محل إلا إذا استحال الجمع بين الدليلين؛ لأن الجمع أولى، فإعمال الدليلين أولى من إهمال أحدهما، كما هو معروف، وطبعاً العلماء هم الذين يبينون هذا الأمر، وقد يحكمون بالنسخ باتباع الطرق السابقة الذكر لا بالاجتهاد، وليس كل تعارض ظاهري بين الأدلة يقال بناء عليه: إن الجمع مستحيل، فالتعارض قد يكون بسبب خلل في أفهامنا، والتوفيق بين الأدلة من الأمور الدقيقة التي تحتاج إلى تدبر وعلم.

من وسائل الجمع بين الدليلين القول بالتخصيص، وهو قصر العام على بعض أفراده، فقد يُدفع التعارض بالحكم على أحد الدليلين بأنه مُخَصِّص للآخر، لا أنه ناسخ له، وبهذا يكون كلا الدليلين قد تم العمل بهما، مثاله قوله تعالى: (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) [البقرة:221]، وقوله تعالى: (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم) [المائدة:5]، قد يبدو التعارض هنا بأن الآية الأولى منعت الزواج من المشركات، ووصف الشرك يصدق على الكتابيات، والآية الثانية أحلت الزواج من الكتابيات، ولكنه تعارض ظاهري، يمكن دفعه بالقول بالتخصيص، ولا يجوز التسرع بالقول بالنسخ حتى لا يتم إهمال أحد الدليلين، فيصير الحكم أن الزواج من المشركات لا يجوز، ويخرج من هذا الكتابيات.

مما تقدم يتبين أن القول بالنسخ ليس أمراً بلا ضوابط، وليس أمراً ممتد الأطراف كما قد يُخيَّل إلى البعض، فهو علم له ضوابط، وكثير مما نُسب إلى النسخ يثبت بعد التمحيص والبحث أنه ليس منه، وقد قام الأستاذ العلامة فضل حسن عباس ـ نفع الله به ـ بمناقشة الآيات التي قيل بنسخها، ووجد بعد التحقيق ودراسة ما استند إليه القائلون بالنسخ أن عدد الآيات المنسوخة بضع آيات لا يتجاوز السبع. [للتوسع انظر: اتقان البرهان، (29:2،36)].

من هذه الآيات المنسوخة آية الوصية: (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقاً على المتقين) [البقرة:180]، والجمهور على أنها منسوخة بآية المواريث: (يوصيكم الله في أولادكم) [النساء:11]، والحديث: (لا وصية لوارث) يؤيد آية المواريث، ليس ناسخاً لآية الوصية [خروجاً من الخلاف: هل السنة تنسخ القرآن]: "أما القول بإحكامها فتكلُّف ومشيٌ في غير سبيل، لأن الوالدين ـ وقد جاء ذكرهما في الآية ـ لا يحرمان من الميراث بحال، ثم إن أدلة السنة متوافرة على عدم جواز الوصية لوارث، محافظة على كتلة الوارثين أن تتفتت، وحماية للرحم من القطيعة،.." [مناهل العرفان، (276:2)].

والله تعالى أعلم بالصواب
 
شكراً للأخت باحثة على جوابها . وليت الأخ الكريم سيف الدين نظر في الموقع قبل طرح سؤاله المكرر (حيث سبق أن طرحه هنا ) ليجد تفاصيل موضوع النسخ ، وقد بحثتُ سريعاً عن كلمة (النسخ) فظهر لي عدد كبير من الموضوعات المتعلقة بالنسخ ، والتي تعرضت لشروط النسخ وضوابطه ، والطريقة الصحيحة للتعامل معه ، وأن الأمر فيه ليس متروكاً لاجتهاد أي أحد كما يظهر لي من سؤال الأخ سيف الدين. بل للعلماء فحسب.
ومن هذه الموضوعات :

- مجالس في دراسة بعض موضوعات علوم القرآن(المجلس الخامس : وقفات حول النسخ في القرآن )
- الآيات المنسوخة في القرآن الكريم .
- مفهوم النسخ عند الطبري وأثره على تعليقاته على تفسير السلف ، مع بيان مصطلحهم في ذلك .
- النسخ في القرآن - رأي آخر .

وأنصح إخواني بمراجعة الموضوعات السابقة في الملتقى قبل طرح أسئلتهم تجنباً للتكرار.
 
أشكر الاخوة والاخوات الكرام على هذه المساهمات الطيبة, وارجو منهم ان تتسع صدورهم ما سأقول .. فاني والله لا اقول هذا الكلام معاندا وانما طلبا للحق فيما بلغ فهمي ..


لقد قرأت ما كتب الاخوة, غير اني لم اجد في ثنايا ما كتبوا جوابا عن السؤال الذي طرحت ... بل اجد ان الاخت الباحثة قد وافقتني الرأي فيما ذهبت اليه من ان تحديد وجود نسخ في قضية ما يرتبط بالاجتهاد – اجتهاد كبار العلماء ...

لقد بدأت الاخت الباحثة ما كتبت بنفي ان يكون النسخ يرتكز على الاجتهاد فاقتبست قائلة:

" إن أهمية النسخ وما يترتب عليه من نتائج أمرٌ لا بد فيه من الحيطة؛ لذا فإن الحكم على أحد النصين بأنه ناسخ أو منسوخ لا يخضع لاجتهاد المجتهدين"

غير انها رجعت واكدت انه لا سبيل الى الحكم بوجود نسخ الا عن طريق اعمال العقل, اي بالاجتهاد .. تقول الاخت الباحثة:

"ولا يكون للقول بالنسخ محل إلا إذا استحال الجمع بين الدليلين؛ لأن الجمع أولى، فإعمال الدليلين أولى من إهمال أحدهما، كما هو معروف، وطبعاً العلماء هم الذين يبينون هذا الأمر، وقد يحكمون بالنسخ باتباع الطرق السابقة الذكر لا بالاجتهاد، وليس كل تعارض ظاهري بين الأدلة يقال بناء عليه: إن الجمع مستحيل، فالتعارض قد يكون بسبب خلل في أفهامنا، والتوفيق بين الأدلة من الأمور الدقيقة التي تحتاج إلى تدبر وعلم."

وبهذا تكون الاخت الباحثة قد نفت ما بدأت به من ان النسخ لا يخضع الى اجتهاد المجتهدين .. ولقد ذهب فكري الى ان ما عنته الاخت الباحثة هو ان تعيين الناسخ من المنسوخ هو قضية لا يدخل فيها اجتهاد .. واذا كان الامر كذلك, فاني اعود الى القول بأن القضية التي اثارها سؤالي ليس التفرقة بين الناسخ والمنسوخ, اي ليس تحديد الاية الناسخة والاية المنسوخة, بل هو التشكيك في وجود النسخ الا عن طريق الاجتهاد .. وما اقصده هو انه لا يوجد في القرآن الكريم عبارة مثلا: "ان الاية التي قالت كذا وكذا نسختها الاية التي تقول كذا وكذا"

ولقد قرأت ما قاله الاخ خادم الكتاب والسنة وقد استدل بالاية {الان خفف الله عنكم} على التصريح بالنسخ .. وقد اطلعت على تفاسير لا تذهب ما ذهب اليه الاخ كتفسير سيد قطب واقوال في "الناسخ والمنسوخ للنحاس ص470" واقوال في "الناسخ والمنسوخ للكرمي ص114" .. فهناك اقوال لم تقرّ بوجود النسخ في هذه الايات .. وهنا انا لا اناقش وجود النسخ في هذه الايات او عدمه, وانما اناقش استدلال الاخ خادم الكتاب والسنة على وجود تصريح بالنسخ في شاهده, وقد وجدت ان المسألة خلافية اي هي مسألة اجتهادية مجددا.. فهل هناك من الفاظ تدل على التصريح بالنسخ غير ما أشرت اليه ايها الاخ الكريم؟

لذا اسمحوا لي ايها الاخوة والاخوات ان اعيد صياغة سؤالي فلعلي لم اوفق في صياغته سابقا:

ان القرآن الكريم هو كلام الله المنقول تواترا عن الرسول عليه الصلاة والسلام ..... والقول بالنسخ هو تعطيل لاحد ايات القرآن , واحسب اني لا استطيع ان اقول بذلك – أي بالنسخ - الا بحجة تقوم مقام النقل المتواتر, لأن القول بالنسخ هو ان تنسب الى الله عز وجل رفعا لحكم أنزله في كتابه, وهذا اكثر ما يخيفني في النسخ, هو ان اقول للناس ان الله عز وجل قد رفع حكم هذه الاية وبقي لفظها للتبرك .. لذا ارى ان الذي يقول بالنسخ لا يستقيم دليله الا بالنقل المتواتر وليس بالفهم .. اي بالنقل المتواتر القطعيّ الدلالة .. ولا اقصد بالنقل هنا النقل الذي يفرق بين الناسخ والمنسوخ بل النقل الذي يقرّ بوجود النسخ اقرارأ صريحا (وهذا بالضبط هو محور تساؤلى)

ثم اسمحي لي ايتها الاخت الباحثة بالتفريق بين التعميم والتخصيص والاطلاق والتقييد من جهة وبين النسخ من جهة اخرى ... فاني اوافقك الرأي على ان التعميم والتخصيص والاطلاق والتقييد هو محاولة فهم عميق, وهي محاولة الجمع بين ما قد يظهر انه متناقض وهو ليس كذلك .. اوافق مطلقا على هذا القول ..
غير ان النسخ هو عملية هروب من التوفيق.. هو اقرار بأن هناك نصان لا يمكن الجمع بينهما بأي وجه من الوجوه, الا باسقاط احدهما وابقاء الاخر ... فان كان في التعميم والتخصيص والاطلاق والتقييد ابداع في الفهم, وتعمق في الرؤية, فان النسخ يقف على النقيض من ذلك ليقول - اجتهادا - بأن احد النصين قد رفع حكمه .. لذا رأينا ان النسخ قد يتضخم عند احد المفسرين, ويتضاءل عند اخرين .. ولست ارى ان ذلك يرجع الا لامر واحد: وهو ان النسخ هو محاولة اجتهادية, ولو كانت توقيفية, لما رأينا هذا الاختلاف الكبير..

أرجو من الاخوة والاخوات الا يبخلوا بردودهم او ملاحظاتهم .. واسأل الله الهداية
 
الأخ سيف الدين حفظه الله،

اقتباس من مشاركة لي سابقة:
"ولا يكون للقول بالنسخ محل إلا إذا استحال الجمع بين الدليلين؛ لأن الجمع أولى، فإعمال الدليلين أولى من إهمال أحدهما، كما هو معروف، وطبعاً العلماء هم الذين يبينون هذا الأمر، وقد يحكمون بالنسخ باتباع الطرق السابقة الذكر لا بالاجتهاد، وليس كل تعارض ظاهري بين الأدلة يقال بناء عليه: إن الجمع مستحيل، فالتعارض قد يكون بسبب خلل في أفهامنا، والتوفيق بين الأدلة من الأمور الدقيقة التي تحتاج إلى تدبر وعلم."
حين نقول إن هناك طرقاً لمعرفة الناسخ والمنسوخ وهي كذا وكذا.. ألا نحتاج إلى عقول لاستخدام هذه الطرق وتطبيقها على الآيات، أليس هذا اجتهاداً؟

ولكن، الذي يتبادر إلى الذهن أن الأمرلا يخضع للاجتهاد المطلق الذي لا يستند إلى حجة ودليل، فالأساس الذي يُعتمد عليه للقول بالنسخ هو الدليل، ودائرة إعمال العقل محصورة بكيفية استخدام الأدلة.

فحين ينظر المفسر إلى آيتين قد يرى بينهما تعارضاً، يحاول أولاً التوفيق بينهما وإعمال أحد الدليلين قبل أن ينتقل للقول بالنسخ، هو الآن في مرحلة اجتهاد قبل أن يخوض في النسخ، لذلك فالتوفيق بين الأدلة يحتاج إلى تدبر، لأنه ما زال خارج دائرة النسخ.
قد يجد أحد المفسرين وجهاً للجمع بين الآيتين لا يظهر لآخر، فينفي الأول النسخ، ويبحث الثاني عن طريق يتبعه ليعتمد عليه في إثبات النسخ، من هنا يظهر التفاوت بين الأقوال، بسبب التفاوت في القدرات العقلية والعلمية.
ولكن، أحدهما بلا شك هو المصيب، وهو الذي يستند إلى حجة أقوى، فإن كان الثاني (القائل بالنسخ) فلن يثبت قوله بسبب اجتهاده، ولكن بسبب عدم إمكان الجمع أولاً، ثم بسبب وجود دليل على النسخ، فلولا الدليل فلن يقبل رأيه مهما اجتهد، إذن الدليل هو الأصل.

وأتمنى عليك أخي أن تراجع المشاركة التي قام بها الدكتور أبو مجاهد العبيدي مجالس في دراسة بعض موضوعات علوم القرآن(المجلس الخامس : وقفات حول النسخ في القرآن )، ومشاركة الأخ فاروق: تساؤل حول قوله تعالى(ما ننسخ من آية أو ننسها)، ففيهما إجابات على كثير من الأسئلة التي طرحتها في مشاركتك الأخيرة. فلا داعي للتكرار.

هذا ما أفهمه، لا أدري إن كنت أصبت فيه أم لا، وأرجو أن أكون قد تمكنت من إيصال المعنى الذي أريد، ولم يخني التعبير.
 
بسم الله الرحمن الرحيم..
دعوة إلى أخي الكريم..!

أخي سيف الدين إن السؤال الذي طرحته هو محل تساؤلي وهو فعلا يؤرقني كما يؤرقك، حبذا لوانضممت إلينا أعلاه ،حتى نتجنب التكرار ولا نشتت جهود الأساتذة الكرام..
فلقد بدأنا مناقشة الآيات التي قيل بأنها نسخت...(آيات المواريث)
 
عودة
أعلى